Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

معذبون في كل أرض
معذبون في كل أرض
معذبون في كل أرض
Ebook607 pages3 hours

معذبون في كل أرض

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

على قدر ما تستطيع حاول أن تتذكر ما فعله هتلر والنازية فى الشعوب الأوروبية ثم اضربها فى ثلاثة أو أربعة..وسوف تكون لديك الصورة الأبشع التى رسمها الإنجليز بالحديد والدم والجليد.. فقد كان الألمان بالملايين فى الشوارع جياعا مرضى ممزقين،ويزحفون على بطونهم للتحقيق معهم بعد ان يكونوا قد وقفوا عراة فى الجليد.....واكثر. فليس أبشع من الألمان إلا الإنجليز ، فبعد ان حطموا المدن الكبرى ومسحوها واسكنوا الشعب الألمانى الخنادق وأعادوهم إلى عصر الكهف... وباعوهم واشتروهم بأرخص الأسعار: بسيجارة... بقطعة من الشيكولاتة... وحرموا أطفالهم الصغار أن يقتربوا منهم، بل إنهم حاكموا أحد الضباط لأنه حمل طفلا صغيرا جميلا، وجريمته أنه ماكان من الواجب أن يتصرف هكذا مع طفل برئ ولا يعرف ماذا حدث ولماذا! ليس الألمان هم الوحوش، وإنما الروس والأمريكان والانجليز ايضا!
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2010
ISBN9787229326517
معذبون في كل أرض

Read more from أنيس منصور

Related to معذبون في كل أرض

Related ebooks

Reviews for معذبون في كل أرض

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    معذبون في كل أرض - أنيس منصور

    moazban-0001.xhtml

    معذبــــون

    فـــي كــل أرض

    العنـــــــوان: معذبــــــون فــــي كل أرض

    المؤلـــــــف: أنيـــــس منصـــــور

    إشــراف عـــــام: داليــــا محمــــــد إبراهيـــــم

    جميع الحقوق محفـوظـة © لـدار نهضـة مصـر للنشـر

    يحـظــر طـــبـــع أو نـشـــر أو تصــويـــر أو تخــزيــــن أي جـزء مـن هـذا الكتـاب بأيـة وسيلـة إلكترونية أو ميكانيكية أو بالتصويــر أو خـلاف ذلك إلا بإذن كتابي صـريـح من الناشـر.

    الترقيم الدولـي: 977-14-4289-9

    رقـــم الإيــــــداع: 14167 / 2009

    الطبعـة الأولى: يناير 2010

    moazban-0002.xhtml

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    تليفــون: 33466434 - 33472864 02

    فاكـــس: 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    هــذا الحيــوان الضئيـــل!

    انظر فوق.. فوق إلى السماء من حين إلى حين إذا كنت تعيش في الريف أو في الصحراء.. هذه نصيحة لك. أما أنا فأعرف كيف أفعل ذلك.. فنحن هنا في القاهرة لا نرى إلا الهباب من داخل التراب انتظارا للسحاب الأسود الذي يجيء من الريف، لذلك فليس أمامي إلا أفلام الفيديو عن الكون وإلا المجلات الفلكية والعلمية المصورة، وإلا الإنترنت.

    وأنا لا أعرف الملل إذا نظرت وتأملت وأعدت النظر والتأمل وأغمضت عيني لأعيد التفكير في الذي قرأت عن هذه النقط والبقع البيضاء في الكون على مسافة ملايين وألوف الملايين من الكيلومترات. حاول.. إن هذا الذي تراه دخان وجليد ونار والعة ووحوش تأكل بعضها البعض وهي تنطلق بسرعة هائلة منذ خلقها الله من حوالي 41 ألف مليون سنة.

    قل لي من فضلك: إذا كانت هذه الأجسام البعيدة لا تزال تجري وراء بعضها البعض منذ خلقها الله ولم تتوقف، فكم يكون اتساع هذا الكون؟ وإذا كانت هناك نجوم تموت بألوف الملايين ومثلها يولد من جديد، فما معنى الحياة والموت في هذا الكون؟ وكيف ولماذا وإلى متى وما المعنى أن تكــون (الأرض) التي نعيش عليها هي وحدها التي فيها حياة وإنسان ونبات وحيوان وكل شيء يتطور بالفعل إلى ما تراه؟ وإلى ما سوف يكون أعجب.. ولماذا نحن؟ وهل من المعقول ألا تكون هناك حياة عاقلة، أعقل منا أو أقل منا في ألف مليون مكان آخر من الكون؟

    ثم المجلات العلمية التي تتحدث عن أن الإنسان لا يزال يحمل سر حياته.. لا يعرف كيف ينمو.. وكيف يحتفظ بالمعلومات.. وكيف يتذكر.. وكيف يتخيل.. وكيف يخترع؟ كل ذلك نحن نعرفه، لكن كيف يحدث؟ ولا نعرف لماذا هذا الشخص دون أخويه ودون أهل قريته ودون بلده كلها صار عبقريا؟ وما هي العبقرية؟ وما الذي يوجد في مخه يختلف عن بقية الناس؟ وهل يمكن تخليق موهوب أو عبقري؟ إن أحدا لا يدري ولا يعرف.

    وسؤال: لماذا توجد في الصخور التي تدور في الكون من ألوف ملايين السنين كائنات صغيرة ماتت من الحرارة والبرودة، ولكن إذا شمت الأوكسجين انتفضت كالعفريت تدب فيها الحياة وتتوالد بألوف الملايين كيف لم تمت؟ وما الذي فيها جعلها تحتفظ بعناصر الحياة؟ وما الذي بها من القدرات الخرافية جعلها تلد نفسها.. وتحيي نفسها.. وكيف هذا الاستنساخ الذاتي؟

    أعجب ما قرأت أن كائنا صغيرا - واحدا على ألف مليون من الملليمتر - وجدوه مهشما! لكنه استطاع أن يصلح ما به من خلل وأن ينتفض حيا لتخرج منه ألوف ملايين الكائنات.. فسبحان الله العظيم القادر على كل شيء!

    الطــــب البديــــل!

    هناك فن - وليس علما - اسمه: الطب البديل.. أو بدلا من الطب المعروف. فالطب البديل يلجأ الى استخدام الأعشاب الطازجة أو المغلية أو المسحوقة في علاج الأمراض- كل الأمراض..

    ومن المؤكد أن العقاقير بكل أنواعها لها أصل نباتي. ولكن قد اتخذت صورا نقية حديثة محسوبة..

    وفي الطب البديل استخدام الوخز بالإبر. وهناك خريطة للجسم الانساني. ومواقع. أو نقط ارتكاز أو قفز للألم. وهذه النقط هي التي يضغط عليها الطبيب بالإبر.. مستخدما يده المدربة أو الذبذبات الكهربية..

    ويكفي أن تقرأ أوراق البردي الطبية التي تركها لنا الفراعنة لتجد العجب العجاب. ويكفي أيضًا أن تقرأ (ورقة داود).. والتجارب العملية التي أجراها جالينوس وبقراط وابن ميمون.. أما بالنسبة للفحولة الجنسية فعليك بقراءة الصفحات الطويلة المضحكة من كتاب (رجوع الشيخ إلى صباه)..

    والأطباء الحفاة في الصين أو أطباء الحقل يقومون بكل الممارسات الطبية في أي وقت وفي أي مكان دون تخدير.. وإنما يستخدمون الإبر في التخدير قبل وأثناء العمليات الجراحية.. وقد رأيت الأطباء حولي في حالة ذهول لبراعة الطبيب الصيني وهذا الطب البديل..

    وهناك من يستخدم البندول.. ومن يستخدم المغناطيس.. رقائق المغناطيس أو المغناطيس النحاسي على شكل أساور وأقراط.. أو المغناطيس الذهبي الذي يلتصق بمكان الألم - ويذهب بالألم.

    وفي روسيا عادوا إلى استخدام حشرة العلق في امتصاص الدم الفاسد من الجسم الانساني وهي ممارسة قديمة جدًّا وناجحة أيضًا!

    وفي فرنسا تزعم التشخيص والعلاج بالمغناطيس: الطبيب الفرنسي بارون والطبيب المصري البير طانيوس. وكانت لهما الريادة الناجحة والشفاء أيضًا.

    وبعض المتحمسين للطب البديل يؤكد قدرة هذا النوع من الممارسة الطبية على علاج الأمراض المستعصية مثل: الشيخوخة والإيدز والسرطان!

    ولم يثبت حتى الآن أن أحدًا قد نجح في ذلك ولا يصح له أن يقول!

    أقــــوى مـن الواقـــع..

    في التليفزيون الفرنسي قنوات تعرض أفلام الحرب العالمية الثانية أو أفلاما عن هتلر أو عن عذاب اليهود.. أو كلها تتحدث عن تعذيب اليهود.. بصورة مباشرة أو من بعيد لبعيد.

    وكنت قد رأيت عشرات الساعات في أفلام الفيديو التي عندي.. إنه شيء رائع ومروع أيضًا. فهذه الأفلام العسكرية والخطط العلمية والتنافس النبيل الوبيل في الدفاع عن الأوطان والشرف الرفيع، ولكني تساءلت: ما الذي يجعلني لا أملُّ الفرجة عليها بحرًا وجوًّا وبرًّا؟ كيف لا أشعر بالقرف والضيق وأنا أرى الدماء وأسمع الصرخات وكل شيء ينهار: البيوت والأسلحة.. وقبل ذلك وأثناء ذلك وبعد ذلك الإنسان الذي حارب والذي مات والذى ولد بعد هذه الحرب، ويلقى العقاب أشكالًا وألوانًا على جرائم لم يرتكبها. كم تعذب الشعب الألماني وأهين عشرات السنين على جرائم هتلر.. مع أن أكثر الأحياء لا كان جنديًّا يحمل الصليب المعقوف ولا هتف له رافعا يده اليمنى قائلًا: هايل (يعيش).. فلا أنا دموي أتلذذ بالظلم وأستمتع بالقهر والدمار.. ولا أنا أكره الشعب الألماني.. ولا أحببت الشيوعية ولا النازية ولا الفاشية.. فكلها فلسفات خادعة للإنسان وتمسح به الأرض من برلين إلى موسكو إلى طوكيو..

    ثم وجدت السبب.. فهذه الأفلام الوثائقية التاريخية لم تعد تختلف كثيرا عن الأفلام التاريخية.. بل إن الأفلام التاريخية أقوى وأكثر براعة وحبكة.. وأبطالها ليسوا ضباطًا ولا جنودًا بحق وحقيقي، ولكنهم ممثلون معروفون قد أعجبنا بهم في أفلام أخرى عاطفية وبوليسية وتاريخية.. فنحن معجبون بالأداء.. وفي نفس الوقت لانرى أن الدماء التي تسيل دماء حقيقية وإنما هي (ألوان).. والبيوت التي تنهدم إنما هي واجهات، والطائرات نماذج خشبية وورقية.. يعنى كلها تمثيل في تمثيل!

    بمنتهى الصراحة، لقد فقدت هذه الأفلام الوثائقية تصديقي لها.. فلم يعد هناك فارق كبير بين أفلام الحرب وأفلام (عن) الحرب.. والجرائم وأفلام الجريمة..

    لقد ساعد الفن على إضعاف الواقع ووضعه في الظل.. أما الذي كأنه الواقع وأبرع وأبشع فهو العمل الفني.. ولأنه فن فإننا لا نصدقه. لأن العمل الفني: أكذوبة اتفق عليها المؤلف والمخرج والممثل والمتفرج.

    ..دولــــة إلا قليــلاً!

    معظم شعب إسرائيل يوافق الآن على أن تكون لفلسطين دولة مستقلة، والمتطرفون فقط هم الذين يرفضون. وإذا كان هذا رأي الأغلبية فما الذي يمنع نيتانياهو أن يريح دماغه ودماغنا!

    مستشار نيتانياهو دافيد بار إيلان أعلن أخيرًا أن فلسطين ذات سيادة محدودة ولا جيش لها. تمامًا كالنمسا. غلطة! فالنمسا لها جيش ولكنها ستكون على الحياد في أية حرب.

    وفلسطين الآن دولة ذات سيادة محدودة تمامًا كما كانت إسرائيل قبل سنة 8491. وقد عرضوا على إسرائيل أشكالًا وألوانًا من السيادة ولكنها أصرت على سيادتها الكاملة. إسرائيل يجب الآن ألا تعرقل سيادة الدولة الفلسطينية. وإلا فسوف توافق على ذلك بعد أقرب مذبحة أو بعد الحرب القادمة!

    والمعارضون للدولة الفلسطينية يقولون: نحن نفضل أن تكون دولة منقوصة السيادة على أرض كبيرة بدلاً من أن تكون كاملة السيادة على أرض صغيرة!

    ولابد أن يضحك كل الناس في الدنيا على فكرة نيتانياهو في أن تكون فلسطين دولة ذات سيادة مع احتفاظ إسرائيل بحقها في بناء المستوطنات داخلها!

    ومن المؤكد أن الأسباب التي أدت بإسرائيل إلى الاعتراف بمنظمة التحرير هي نفس الأسباب التي سوف تجعلها تعترف بفلسطين دولة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية!

    أما الذي يمنع زعماء إسرائيل من المجاهرة بذلك فهو الخوف من الفضيحة؛ فقد عارضوا هذه الفكرة طويلاً ثم نجحوا في الانتخابات لأنهم رفضوا دولة فلسطين؛ فإذا وافقوا الآن كان معنى ذلك أنهم خدعوا الناخبين!

    وهناك نكتة يا سيد نيتانياهو للساخر الكبير برنارد شو: فقد عرض على سيدة جميلة قضاء ليلة سعيدة مقابل ألف جنيه. فوافقت ثم عاد يقول لها: ماذا لو دفعت لك عشرة جنيهات فقط؟ فغضبت وقالت: أنت فاكرني مين؟ وكان رده: ولكننا يا سيدتي قد اتفقنا على من تكونين.. والخلاف بيننا فقط على الأجر!

    عجائــــب المطبعــــة!

    وهناك أخطاء مطبعية، وما أكثرها وسوف تبقى في كل الصحف بدرجات مختلفة.. أحيانًا يكون الخطأ في شكل الكلمة. ففي سنة 1591 نشر (الأهرام) في الصفحة الأولى عنوانًا هذا نصه: بيفن يفقس دجًاجا ملونًا. والخطأ في كلمة (بيفن) والصواب (بيض). وبيفن وبيض تحت العيون المرهقة آخر الليل تبدوان شيئًا واحدًا. ففي ذلك الوقت كنا غارقين في مفاوضات مع بيفن الزعيم البريطاني..

    وظهرت صورة في الصفحة الأولى عن الانتخابات في إيطاليا وتحتها هذه العبارة (ويرى المتظاهرون وهم يقضمون السندوتش) وتتأمل الصورة فلا تجد أحدًا يأكل السندوتش. فما الغلطة؟ الغلطة في الترجمة وهي أن المتظاهرين يحملون لافتات على الصدر وعلى الظهر.. ولذلك يسمونهم أولاد (السندوتش) أي كأنهم سندوتش بين لافتتين!

    وعند زيارة طه حسين إلى مدريد نشرنا في (الأهرام) مقالاً عن استقبال مدير جامعة مدريد لطه حسين في المطار. واسم مدير الجامعة الإسبانية هو السينيور «أُونوريس كاوزا». وبعد أيام جاءني مقال غاضب من أستاذنا د. عبد الرحمن بدوي يقول إن (أونوريس كاوزا) ليس مدير الجامعة وإنما هو تعبير معناه باللاتينية: الدكتوراه الفخرية التي منحتها جامعة مدريد لطه حسين!

    وهي أهون كثيرًا من أخطاء علمية فادحة مخجلة. فقد نشرت إحدى صحفنا اليومية عنوانًا بالخط الأحمر في الصفحة الأولى: طالب يخترع صاروخًا أسرع من الضوء!!

    وظهور هذا الخبر بهذه الصورة معناه:أن رئيس التحرير ومدير التحرير وسكرتير التحرير والمحرر العلمي وقسم المراجعة قد وافقوا عليه. أما سرعة الضوء فهي 350 ألف كيلو متر في الثانية.. بينما سرعة الصواريخ الأمريكية الآن هي 30 ألف كيلو متر في الساعة. فكيف استطاع هذا الطفل المعجزة؟ إنه استطاع أن يؤكد فضيحة هذه الصحيفة وفضيحة مصر كلها.. لأن أحدًا من علماء مصر لم يكلف خاطره بالرد على هذه الغلطة الفظيعة.. وانتظرت يومين وثلاثة وأُسبوعًا.. وكان لابد أن أصحح هذه الغلطة الفادحة والفاضحة أيضًا.

    حيـــــوان (عـــــادي)..

    ونحن في الطريق إلى الكونغو مع قوات الطوارئ المصرية قال لي طبيب دنماركي: لا تصافح أحدًا لأن في هذه البلاد أمراضًا جلدية لا علاج لها. والحل؟ أن أتظاهر بأن ذراعي اليمنى مكسورة. وفعلت. ومنذ أيام وبعد مرور 73 عامًا تزحلقت على الكتب الملقاة في أرض المكتب على ذراعي فانكسرت مرضًا لا تمارضًا. وبسرعة ذهبت إلى مركز د. محمد عبد الوهاب للأشعة وبسرعة إلى مستشفى الصفا حيث وضع الدكتور حازم عبد العظيم ذراعي في كفن من الجبس الأخضر. ودخلت عالم اليد اليسرى. ولم أكن أعرف أنني يميني متطرف إلى هذه الدرجة. فأنا لا أستطيع أن أقرأ أو أكتب أو آكل أو أشرب أو أخلع ملابسي أو أحلق ذقني. فذراعي اليسرى احتياطية غشيمة غير مدربة على عمل أي شيء. وكنت قبل ذلك قادرًا على أن أكتب في الظلام، أما اليوم فإنني عاجز عن الكتابة في النور، فإذا كانت ليدي اليمنى عشرات العيون؛ فاليسرى عمياء غاشمة.

    والإنسان حيوان (عادي) - أي يعيش بحكم العادة. فالعادة سلوك نؤديه بلا تفكير، وكانت حصيلة أفعال قمت بها بالفكر فترات طويلة. وسوف أعيش شهورًا بذراعي اليسرى وفق عادات جديدة. فأنا أحاول. فلا شيء يتوقف. وعلى الرغم من أنني كنت مدرسًا في الجامعة 51 عامًا أملي على الطلبة، فإننى غير قادر على أن أملي مقالاتي. ولكن لابد أن أحاول.

    وحالي أهون كثيرًا من حال الذين كانوا يكتبون واقفين مثل الشاعر جيته والأدباء همينچواي ونابوكسوف والعقاد والرئيس جيفرسون..

    وأرحم كثيرًا من الأديب هكسلي الذي ألجأه ضعف النظر إلى أن يكتب بأنفه. وأهون من الذين كتبوا الروائع في السجون مثل فولتير وسرفانتس وماركوبولو ونهرو وهتلر.. وأي سجن أقسى من سجن طه حسين والمعري وهو ميروس وملتون وبابيني.. والشلل التام لأعظم علماء الفيزياء اليوم ستيفن هوكنج..

    وما تمنيت أن أكون (يساريًّا) إلا هذه الأيام.. فأكتب مثل الرؤساء ريجان وبوش وكلينتون وجميلة الجميلات مارلين مونرو وعبقري الرسم دافنشي.. وأمير أمراء الشعر: المتنبي! حمدًا لله..

    ندخـــــل فـي حـــــوار

    ألقى هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا على أيام الرئيسين نيكسون وفورد محاضرة مهمة في (مركز رابين). ولكن صوت كيسنجر وصداه لم يلق اهتمامًا كبيرًا في إسرائيل ولا في فلسطين ولا في البلاد العربية. مع أن الذي قاله كيسنجر أستاذ (سياسة المكوك) والسلام خطوة خطوة، مهم جدًّا لفلسطين وللسلام ولإسرائيل..

    فبعد اتفاقية كامب دافيد قال لبيجين رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت: إن قيام دولة فلسطين لامفر منه. ولذلك يجب أن نسعى إلى ذلك بسرعة، ولا داعي للدماء ووجع القلب، ولكن بيجين لم يوافق على ذلك..

    وعاد كيسنجر يقول: مادام الفلسطينيون يستمتعون بالحكم الذاتي، فسوف يقف العالم كله وراء الشعب الفلسطيني لكي تكون له دولة مستقلة ذات سيادة. فقيام دولة فلسطين أصبح بديهية سياسية إذن..

    يقول كيسنجر: إذن يجب الدخول في حوار للاتفاق على حدود هذه الدولة.. ومن أجل الاتفاق على تحديد قواتها العسكرية والبوليسية. وإلا أضعنا الوقت وضاعفنا المشاكل وعقدناها على الأجيال القادمة..

    وقال: مادام من المستحيل أن تعود إسرائيل إلى حدود سنة 1967، فلابد من أن نتفاوض على حدود الدولة الجديدة. ويجب ألا نستسلم للركود لأن هذا الركود - أو الهدوء البليد - لن يستمر طويلا.

    وسأل المستمعين: ماهي أهدافكم؟ ماهي خطتكم في المستقبل؟ يجب الإجابة عن هذا السؤال بوضوح.. فإن لم تكن هناك خطة فسوف تزداد المشاكل صعوبة. وفي نفس الوقت يجب أن يعرف الجميع أن هناك في اليسار الأمريكي دعوة إلى العزلة عن مشاكل العالم، وفي اليمين دعوة إلى الحل المنفرد بعيدًا عن أمريكا. فأكثر الشعب الامريكي لا يستوعب مشاكل الدنيا.. ولا يعرف معنى الأحداث ولا الكوارث التي يعرضها التليفزيون والصحف كل يوم.. ثم إن الشعب ليس مشغولاً بذلك.. ولا يثق في حكامه إذا ما فرضوها عليه وطالبوا بمزيد من الاعتمادات المالية والحشود العسكرية!

    فما الحل؟ تساءل كيسنجر وأجاب: الاتفاق على حدود دولة فلسطين من الآن لأن قيامها حتمية تاريخية!

    هنــــاك حلـــول دائمًـــا!

    في كثير من البلاد الآسيوية حلول عجيبة لمشكلاتهم الزراعية والصناعية فكل واحد يستطيع أن يزرع إن لم يكن له حقل، ففي مساحة صغيرة من الأرض يزرع فيها كل احتياجاته من الخضراوات والفواكه وقد تكون قطعة الأرض قيراطًا. ففي هذا القيراط خضراوات وفواكه وأعشاب وخلايا نحل. إنها مساحات صغيرة لكنها غنية بإنتاجها.

    هناك حلول للزراعة السمكية ففي استطاعة كل فلاح أن يجعل في الأرض حفرة مترًا في متر أو في مترين، والحفرة قد امتلأت بالماء وفي الماء (زريعة) من الأسماك الصغيرة يأكل منها ويبيع، فلا مشكلة لطعام في كثير من البلاد الآسيوية.

    وفوق السطوح يمكنه أن يربي الطيور لاستهلاكه أو للتجارة فكل شيء في متناول كل واحد، الكميات قليلة ولكنها تكفي وتزيد، المهم أن هناك حلاًّ لكل مشكلة، المشاكل صغيرة والحلول أيضًا ولكن ملايين المشاكل الصغيرة ليست صغيرة بل هي كبيرة جدًّا. ولها حلول في مثل حجمها.

    كنت أزور أحد رجال الدين في مدينة ياندونج بإندونيسيا. الرجل تعلم في الأزهر ويقال إنه رجل غني ولكن لم أجد أثرًا لهذا الثراء في بيته.

    فسألته: أنت غني؟

    قال: عن السؤال!

    قلت: إذن أنت غني حقًّا. كيف؟

    قال: أزرع أرضًا أنا وزوجاتي وأولادي وأحفادي ونأكل ونبيع هذا كل ما هناك.

    قلت: مساحتها كبيرة؟

    قال: ما يعادل خمسة أفدنة.

    ولكن زراعة هذه المساحة الصغيرة علمية متطورة؛ فأولاده متعلمون وبناته وزوجاته أيضًا. وهو يجد كفايته من الطعام والمال، وعندما كبر أولاده طلب من كل منهم أن يضيف أرضًا جديدة له، وليست لوالده، لأن أولاده كثيرون؛ فالأرض التي يملكونها قد اتسعت وصارت بالمئات ثم بالألوف.. فهو فعلاً غني.

    ولما سألني: ولماذا لا تفعلون ذلك في مصر؟

    قلت له: لقد بدأنا.

    فسألني: متى كانت البداية؟

    فكان ردي أنها من سنوات..من عشرين..من ثلاثين. فهز رأسه سعيدًا بأن هذا يكفي لوضع أسس اقتصادية قوية وناجحة أيضًا!

    زلـــــزال المخربيــــن

    من 35 قرنًا ارتكبت جريمة بشعة في داخل (الدير البحري) الذي أقامته الملكة الجميلة حتشبسوت من ملوك الأسرة الثامنة عشرة، فهي ملك أو تريد أن تبدو كذلك بملابس الرجال ولحاهم الطويلة. وحتشبسوت هي ابنة الملك تحتمس الأول ثم زوجته.. وبعد وفاة أبيها تزوجت أخاها تحتمس الثاني. وبعد وفاتها جاء تحتمس الثالث ينتقم لأمه من حتشبسوت زوجة أبيه. فحطم كل تماثيلها ومسح اسمها من جدران معبد الدير البحري.. ولم يكن ذلك استنكارًا لامرأة تحكم الرجال، وإنما انتقامًا لأمه.. وقد حدث بعد ذلك (لشجرة الدر) التي قتلها ابن زوجها انتقامًا لأمه السيدة (أم علي) التي احتفلت بهذا الانتقام فصنعت (الفتة) المعروفة الآن باسم (أم علي).

    وكما أن جريمة تحتمس الثالث للانتقام من حتشبسوت لم تقض على الملكة وآثارها الرائعة.. ولا استطاع أن يمحوها من التاريخ، فكذلك هذه الجريمة البشعة التي ارتكبت لا في داخل المعبد وإنما أمام (الدير البحري).. والذي اهتز لها كل قلب في مصر لدرجة أننا لم نشعر بزلزالين وقعا بالقاهرة في نفس الوقت.. فقد استغرقنا الزلزال الأكبر للقلوب والعقول.. زالزال الغيظ والاحتقار لهذا الذي فعله المخربون المرتزقة.

    وهي مناسبة كبرى وعاجلة لإصلاح ذات الأمن.. لا في يوم ولا شهر ولا سنة.. وإنما على مهلنا يجب أن ندرس علميًّا ماذا حدث.. وكيف حدث.. وكيف لايحدث مرة أخرى في أي مكان في مصر..

    ويجب ألا نخدع أنفسنا ونتوهم أن تغيير الحراسة وتكثيفها هو الحل. ولا أن نضع سورًا حول الآثار ولا أن نحرس سيارات السياح من أمام ومن خلف ذهابًا وإيابًا. لا ليس هذا هو الحل ولا هو العلاج ولا صمام الأمان.

    المشكلة والحل.. التشخيص والعلاج يجب أن يكون علميًّا.. على أحدث ما وصلت إليه دول أخرى!

    الديـــن: اختـــراع الأغنيــــاء

    أصدر الرئيس يلتسين قرارًا بعودة (الروح إلى العلوم النظرية).

    تفسير هذا القرار: كان العلماء الشيوعيون قد اعتبروا علم النفس كلامًا فارغًا؛ لأن الذي بُنيَ على الفارغ فهو فارغ.. والنفس والروح من وجهة نظر ماركسية لا وجود لهما، وكل ما في داخل الإنسان هو (تفاعلات) بين مواد وأحماض تؤدي إلى نشاط، هذا النشاط عقلي ووجداني.. ولا يوجد شيء اسمه العقل ولا آخر اسمه النفس.. طبعًا لا روح.. ولا حياة بعد الموت ولا جنة ولا نار.. والأديان كلها على بعضها عبارة عن مخدرات يعطيها الأغنياء للفقراء حتى لا يسرقوا أموالهم!! أو بعبارة أوضح: إن الدين وكل العلوم النفسية والروحية من اختراع الأغنياء لتخويف العمال والفلاحين حتى لايمسوا شيئًا من رءوس أموال وإقطاعيات الطبقة البورجوازية. والضمير ليس إلا صوت الممنوعات والمحرمات. فإذا نام الغني مخمورًا في أحضان الغواني، فإن ضمير الفقراء هو الذي يحرسهم ليلاً ونهارًا!

    ولذلك استبعد الشيوعيون كل علوم النفس: الاجتماعي والديني والأخلاقي والصناعي والجمالي.. وكل ما هناك هو (سلوكيات). فإذا خاف الإنسان نشطت الغدة فوق الكلية فأفرزت (الأدرينالين) قوة تضاف إلى الخائف.. ومن الممكن أن يجد رجل مكسح ثعبانًا فإنه يجري بسرعة هائلة. ماذا حدث.. إنها الغدة الكظرية (فوق الكلية) قد أفرزت طاقة.. فجعلت المكسح يجري.. وكل سلوكيات الإنسان فسيولوجية وبيولوجية. والإنسان كالكلب.. كالقط.. كالحمار.. يخضعون جميعًا لقواعد واحدة.. إذا ضرب جرس لكلب فإن لعابه يسيل.. وإذا جمعت ناسًا وأوقفت أمامهم رجلاً بميكروفون وقفوا يستمعون ويهتفون دون أن يعرفوا ما سوف يقول..

    وعلى مدى سبعين عامًا لم يعرف المثقفون الروس ماهي هذه العلوم النفسية والاجتماعية والجمالية والدينية التي تعمق فيها الغرب؛ فارتاد أغوار النفس الإنسانية وأنماط السلوك الاجتماعي والأساطير الشعبية ومعناها قديمًا وحديثًا.. لقد تجاهل السوفيت مئات ألوف الكتب وألوف المفكرين

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1