Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الحيوانات ألطف كثيرًا
الحيوانات ألطف كثيرًا
الحيوانات ألطف كثيرًا
Ebook443 pages2 hours

الحيوانات ألطف كثيرًا

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

أجمل الكائنات النساء والخيل والغزلان.. والمرأة وحدها هي التي تجمع كل صفات الجمال والعذاب في هذه الدنيا؛ فهي أحيانًا إنسان وأحيانًا حيوان وأحيانًا قاتلة بلا رحمة، والمصيبة أننا لا نجد لها بديلاً.. وكل من عرفها أحبها رغم عيوبها فلا وفاء ولاعهد ولا أمان.. ولكن تبقى دائمًا الحيوانات ألطف كثيرًا!
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2005
ISBN9782026610340
الحيوانات ألطف كثيرًا

Read more from أنيس منصور

Related to الحيوانات ألطف كثيرًا

Related ebooks

Reviews for الحيوانات ألطف كثيرًا

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الحيوانات ألطف كثيرًا - أنيس منصور

    الغلافY01.xhtml

    الحيوانات

    ألطف كثيرًا

    إشراف عام: داليا محمد إبراهيم

    جميع الحقوق محفوظة © لدار نهضة مصر للنشر

    يحظـــــر طـبع أو نشر أو تصوير أو تخزين أي جزء من هــذا الكتاب بأية وسيلة إلكترونية أو ميكانيكية أو بالتصوير أو خلاف ذلك إلا بإذن كتابي صريح من الناشر.

    الترقيم الدولي: 9789771433431

    رقم الإيداع: 2005/22795

    الطبعة السادسة: يناير 2015

    Y00.xhtml

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    تليفون : 33466434 - 33472864 02

    فاكس : 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    كلمة أولى..

    قال لي السفير المصري: يمكنك أن تأكل أي شيء الآن.. وبعد ذلك تتناول عشاءك معنا، ما دمت مصرًّا على الصيام.. واسترحت إلى هذا الحل. فلم أجد سببًا قويًّا يمنعني من الصيام ما دمت قادرًا. ولم أر غروب الشمس ولم أسمع أذانًا من أي مسجد. فمسجد طوكيو بعيد جدًّا. ولا أعرف ما الذي يفعلونه هنا في رمضان. وإن كنت أتمنى أن أرى وأشارك وأعرف وأكتب بعد ذلك. وحسبت فرق التوقيت بيننا وبين القاهرة فوجدته سبع ساعات.. وسألت عن غروب الشمس.. فوجدت أن أمامي نصف ساعة. وجلست أفكر في الطعام والشراب. أما الشراب فأعرفه تمامًا. إنه كوب شاي ساخن. وفتحت الثلاجة الصغيرة فوجدت بها مشروبات كثيرة وبعض الشيكولاتة والبسكويت. ومددت يدي إلى التليفون أطلب أي سندوتشات جبنة. ودار الحوار بيني وبين الجرسونة.. هي تسأل: تريد سندوتشات؟

    - نعم.

    - كم عددها؟

    وتذكرت أنني في اليابان فكل شيء عندهم صغير. فإذا قلت لها: سندوتشات فسوف يكون في حجم علبة السجائر.. وإذا طلبت منها سندوتشًا كبيرًا، فسوف يجيء في حجم الكف وأنا ميت من الجوع.. فقلت لها: أكبر سندوتش عندك.. واحد.. اثنين.. ثلاثة..

    - يعني كم؟

    - يعني ثلاثة سندوتشات كبيرة محشوة بالجبن.. كثير من الجبن..

    - هل عندك طماطم.

    - طازة؟.. مطبوخة؟

    - طازة.. كم واحدة.

    - هل هي صغيرة أو كبيرة؟

    - صغيرة.

    - خمس حبات.

    - هل عندك ليمون؟

    - زجاجة؟ - لا..

    - عصير ليمون طازة.

    - لا أفهم..

    - مش مهم.. مش عاوز ليمون هذا يكفي. شكرًا.

    وطلبتني تسألني: هل أريد السندوتشات؟

    - نعم.

    - ولكنك شكرتني من دون أن أعرف..

    - شكرتك طبعًا.. فماذا فهمت أنت؟

    - ظننت أنك شكرتني على الحديث معك ومحاولة التفاهم..

    - يا ستي هات أي حاجة في عرضك أنا صايم.

    - ماذا تقول؟

    - لم أقل أي شيء.. أريد السندوتشات بسرعة..

    - بسرعة يعني بعد كم من الوقت.

    - كم تحتاجين من الوقت؟

    - ساعة!

    - يا نهار أسود. هات السندوتشات من غير جبنة. أو هات الجبنة من غير سندوتش.. ممكن؟

    - لم أفهم..

    - أين أنت؟

    - في المطعم.

    - وأين هذا المطعم.

    - في الغرفة 11370

    - وأين هذه؟

    - في الدور الحادي عشر..

    - وكيف أصل إليك..

    قالت: أن آخذ الأسانسير إلى الدور الخامس.. وأتجه إلى اليمين، ثم آخذ الأسانسير إلى الدور الثامن.. ثم أتجه إلى اليسار، وآخذ الأسانسير إلى الدور الحادي عشر.. وسوف أجدها في انتظاري..

    سألتها: وكم أحتاج من الوقت لكي أصل إليك؟..

    - نصف ساعة!

    وسألتها: لو أنت جئت فكم تحتاجين من الوقت؟

    قالت: ساعة تقريبًا. فصرخت: لماذا وأنت تعرفين الطريق أكثر مني - نعم.. ولكن لا بد أن أسجل كل ذلك في الأوراق ثم إن هذا النوع من السندوتشات ليس موجودًا هنا.. يجب أن أذهب إلى الفرن..

    - لماذا؟

    -لأننا نتناول هذه الكميات الكبيرة من الطعام.. إنها تكفي لعشرة من اليابانيين وأولادهم!

    - يا بنتي أنا جائع جدًّا.. هات لي سندوتشًا واحدًا. كم تحتاجين من الوقت.

    - ساعتين؟

    - لماذا؟

    - لأنني يجب أن أذهب إلى الفرن وألغي طلباتك كلها.. وأكتب اعترافًا رسميًّا بأنها غلطتي.. وأنا اللي فهمتك خطأ.. وأكتب أنا مستعدة لأن أدفع ثمن هذه السندوتشات. فهي غلطتي.

    - وإذا عدلت عن هذه السندوتشات. وقررت أن أدفع هذه الغرامة نيابة عنك..

    - هذا مستحيل. أنا غلطانة ويجب أن ألقى جزائي!

    - وأنت ما ذنبك؟

    - أنا فهمت غلط. وقد طلبت مني الإدارة من ستة شهور أن أتقن اللغة الإنجليزية. فكذبت عليها وقلت إنني أتقنها!

    - يمكن أنا اللي لغتي الإنجليزية ضعيفة. ولذلك أنتِ لم تفهميني!

    - الزبون على حق دايمًا يا سيدي! وأرجوك ألا تفعل شيئًا من أجلي حتى لا يساء فهمي. وحتى لا تظن الإدارة أنني رجوتك أن تفعل ذلك.

    - ولكنك لم تطلبي مني شيئًا؟

    - أنا فقط التي تعرف ذلك.

    - وإذا فعلت؟

    - فسوف يلقون ملابسي من النافذة.

    - في اليابان يفعلون ذلك؟

    - ولكني لست يابانية!

    - .............

    وانسدت نفسي وضرب المدفع في القاهرة وتوالى صوت الأذان في كل الدول الإسلامية.. وأكلوا وشربوا وناموا وقاموا يستعدون لتناول السحور.. وأنا لم أذق لقمة واحدة، ولا في نيتي أن أفعل ذلك بعد الذي حدث!

    وفي حياتي حكايات أخرى أعجب وأغرب

    أنيس منصور

    كذب المنجمون!!

    لم أكن أعرف قارئ الطالع الإيطالي فردي.. ولكن «نجيب محفوظ» هو الذي قال لي حكايته مع المنجم الإيطالي.. قال لي «نجيب محفوظ» إنه فكر في يوم من الأيام أن ينتحر. لأسباب نفسية وعقلية. فذهب إلى مكان أنيق لكي يلقي بنفسه في النيل. وكان ذلك في الزمالك. وفي اللحظة التي بدأ يستعد لإلقاء نفسه في النيل، وهو ما يزال تلميذًا في كلية الآداب قسم الفلسفة، فوجئ بأحد أصدقائه يسأله: بتعمل إيه هنا يا «نجيب». فقال: رأيت سمكة غريبة الشكل في النيل.

    ولم ينتحر «نجيب محفوظ». واقترح عليه صديقه أن يذهبا معًا إلى «فردي»، الذي يعرف البخت والنصيب من مجرد النظر إلى كرة من الكريستال يضعها بينك وبينه. وكان «فردي» يتقاضى 25 قرشًا. دفعها الصديق. ثم دفعها «نجيب محفوظ». ونظر إليه «فردي» وقال له: تلميذ؟ قال له: نعم..

    ثم نظر إليه «فردي» وقال: إنت كنت عاوز تموت نفسك.. امش اطلع بره.. إنت حتكون أعظم واحد في البلد دي.. امش اطلع بره وخد فلوسك!

    كان ذلك من ستين عامًا!

    وعرفت فردي وصار من أعز أصدقائي. فهو إنسان طيب، نصف مشلول.

    وجلست إليه كثيرًا وقال كثيرًا. وكان كلامه مضبوطًا. كيف؟

    لا أعرف.

    في يوم قال لي: أوه.. أوه.. أنت أمامك طريق طويل جدًّا جدًّا.. حول الكرة الأرضية.. مائة يوم.. 200 يوم.. مش معقول؟

    ولم يكن قد خطر على بالي أنني سوف أقوم برحلة حول الكرة الأرضية.. وكانت رحلتي الأولى سنة 1959 التي استغرقت 228 يومًا.. ثم جاءت رحلتي الثانية سنة 1980 حول الأرض ولكنها استغرقت عشرين يومًا..

    ومرة أخرى قال لي: اسمع يا أنيس أنت ستأخذ جائزة كبيرة من شخص لا تحبه؟

    وأخذتها من الرئيس «جمال عبد الناصر» سنة 1963. وفي يوم جاءني صوت «فردي» باكيًا: وأنزعجت وسألته: مالك؟!

    قال: (وهو يبكي ويتحدث بالإيطالية حتى لا يفهمه الذين حوله).. الحقني.. مصيبة.. أنا لن أبقى في هذا البلد دقيقة واحدة..

    - أين أنت؟

    - في نقطة البوليس هنا..

    - لماذا؟

    - مش عارف تعال..

    - قل لي يا «فردي» بسرعة..

    - إنهم يتهمونني بإدارة بيتي للدعارة.. أنا الزاهد المشلول أنا الذي أعطي أموالي للفقراء.. لن أبقى في هذا البلد دقيقة واحدة!

    واتصلت بـ«ممدوح سالم» رئيس الوزراء. وكان يرحمه الله - رجلًا لطيفًا متحضرًا ونظيفًا.. نظيف اليد واللسان. وبعد دقائق اتصل بي «ممدوح سالم» وقال لي: تقدر تذهب إليه الآن وتأخذه معك.. ونحن آسفون جدًّا لما حدث.. بلِّغه أسفي الشديد!

    وذهبت إلى نقطة البوليس. وكان فردي في حالة سيئة جدًّا. فماذا حدث؟

    لقد جاءته سيدة. وسألته إن كان زوجها على علاقة بامرأة أخرى. ونظر «فردي» - كما هي العادة - إلى الكرة الكريستال وإلى السيدة وقال لها: إحنا مغفلين.. خالص.. إنت جوزك.. مش بيحب واحدة.. ده متجوز واحدة.. وعايشة في نفس الشارع.. ومن سنة.. احنا مغفلين خالص!

    يقصد أنها مغفلة..

    وكانت لهذه السيدة شكوك في زوجها. وذهبت إلى البيت الذي تشك في أن زوجها يتردد عليه.. ودقت الباب ففوجئت بزوجها مرتديًا البيجاما وهو الذي فتح الباب. ولم يكد يراها حتى سحبها إلى داخل الشقة. وهات يا ضرب.. ويا ضرب حتى أسال دمها.. وفي مثل هذه الحالات فإن ضباط البوليس يعرفون كيف يوجعون ويسيلون الدماء.. وكان الرجل ضابطًا في الشرطة وسألها عن الذي دلها على البيت. فقالت له: إنه «فردي»!

    فما كان من الزوج إلا أن اتهم الرجل بأنه يدير بيته للدعارة!!

    وعاد «فردي» إلى بيته وابتلع بعض المهدئات ونام. وطلبته بالتليفون عدة مرات لأتأكد أنه بخير..

    وفي الصباح الباكر طلبني «فردي» ليقول لي: أرفدرتشي؟ (إلى اللقاء).

    - إلى أين؟

    - إلى روما.

    - وأين أنت الآن؟

    - في المطار.

    - كيف تسافر دون أن أراك.. متى تقوم الطائرة؟

    - بعد أربع ساعات..

    - ولماذا ذهبت هكذا مبكرًا؟

    - أريد أن أشعر أنني خرجت من مصر (ويبكي).

    وذهبت إليه في المطار.. وكان منظره أليمًا. وعيناه في لون الدم.. حزينًا على الخمسين عامًا التي أمضاها في مصر!

    وكان وداعًا مؤلمًا جدًّا..

    وبعد أسبوع جاءتني برقية من إحدى قريباته.. أنه مات. وكان اسمي آخر الأسماء على لسانه يرحمه الله!

    كيف كانوا يومها؟!

    أما الحزن فعام وشامل.. من يعرف الفقيد ومن لا يعرفه.. فقد رأيت على مسافة شبر وشبرين عددًا كبيرًا من رؤساء الدنيا، جاءوا إلى قمة جبل هرتسل يودعون إسحاق رابين رجل الحرب والسلام..

    أما زميله وصديقه وغريمه شمعون بيريس، فهو يحمل دماغًا كبيرًا ينوء، وهو من أذكى وأبلغ زعماء إسرائيل. كلماته وخطبه هي الذكاء اللفظي واللغوي، وهو أكثر تفاؤلًا وإيمانًا بالسلام من الجميع..

    أما رئيس الدولة «عيزرا فايتسمان» فقد تقدمت به السن بصورة مزعجة. فقد انحنى. وقد رأيته في أوائل هذا العام، عندما كنت ضمن الوفد السياحي الرسمي. ويخيل إليَّ أنه يكبر من عام إلى عام.. ولكنه من ألطف المتحدثين وأخفهم دمًا وأشجعهم أيضًا.

    أما الملك حسين فأكثر شحوبًا مما رأيته بأيام في قمة عمان وواضح الحزن.. أما زوجته الجميلة الملكة نور، فقد التفت هالات بنية قاتمة حول عينيها.. لقد بكت كثيرًا. فهي صديقة لأرملة رابين..

    أما الفتى الحليوة وسيد الكرة الأرضية والكواكب الأخرى كلينتون.. فهو الشاب الطويل الرشيق.. وقد كان واضح الحزن، وجاءت كلمته تحفة أدبية دينية.. أما زوجته هيلاري ببرنيطتها السوداء فقد كان وجهها من غير مكياج وكانت حزينة والدموع في عينيها معظم الوقت.

    والمستشار الألماني كول طويل جدًّا عريض جدًّا.. نموذج للتغذية الجيدة. وقد أصدر كول وزوجته كتابًا عن الطهي منذ شهور.. وفي أول الكتاب يقول: أحب الأكل. ولا أعرف لماذا يضيق الشعب الألماني بأنني بدين.. إن الألمان اختاروني لفكري وليس لمعدتي..

    وظهر كول على التليفزيون يروج لهذا الكتاب، واستخرج من جيبه بعض الشيكولاتة ليؤكد حبه لكل ما هو حلو!

    وككل الألمان ليس واضحًا عليه التأثر..

    أما المستشار هلموت شميت الذي مشى في جنازة السادات، فلم أر في حياتي رجلًا يبكي مثله.. اللهم إلا ممدوح سالم رئيس وزراء مصر.. لقد خرج شميت من الجنازة ودخل العناية المركزة في ألمانيا.

    والرئيس جون ماجور رئيس وزراء بريطانيا.. طويل.. تمامًا كما في الصور ولا أعرف ما الذي يضحكه كثيرًا.. وإلى جواره الأمير تشارلز ولي العهد.. وهو صورة لشاب رياضي رشيق.. ولكنه رجل مهزوم مفضوح وكانت في يده كأس بها ماء، فالدنيا شديدة الحرارة..

    ورأيت رئيسة وزراء تركيا دكتورة تانسو تشيلر، مليانة وأجمل من الصور، وفيها حيوية وفيها ذكاء يبرق في عينيها.. ومتوسطة القامة. وليست طويلة كما تبدو على الشاشة.

    أما صديقي د. بطرس غالي سكرتير الأمم المتحدة فقد كان مرهقًا تمامًا. فقد قال لي أخيرًا إنه يعمل من التاسعة صباحًا حتى النوم.. وإنه غرقان في مشاكل لا أول لها ولا آخر.. والناس يشتمونه في كل مكان، ظنًّا منهم أنه قادر على كل شيء..

    وكان واضح الحزن والأسى على وفاة إسحاق رابين..

    والرئيس الفرنسي شيراك ممشوق القوام واضح الحيوية حاضر البديهة.. يلتفت بكل جسمه إلى كل من يحدثه.. والحزن واضح عليه تمامًا..

    أما السيدة ليا أرملة إسحاق رابين، فأنا أعرفها. وقد زرت رابين في بيته.. وهي شقة من ثلاث غرف يجلس أمامها حارس، وأمامه مروحة ومصباح لكي يقرأ الصحف.. وكانت السيدة ليا هي التي تقدم القهوة وعصير الليمون، وزوجها لا يتوقف عن الكلام.. وهي أشجع امرأة في إسرائيل. لقد روت عذابها الذي لن ينتهي فقد عاش زواجهما 43 سنة، وفجأة لم تجده يجلس قبالها ولن يجلس.. ولن يرد على سؤال لها حتى تموت.. وهي أشجع امرأة تشير بأصابعها إلى الذين قتلوا زوجها. ليس الشاب الذي اغتاله، وإنما المعارضة التي اتهمت زوجها بالخيانة.. حتى قفز من بين الناس شاب أطلق عليه ثلاث رصاصات.. فهذا الشاب قد امتلأ كراهية انطلقت رصاصًا على رجل يحلم بالسلام بعد الحروب الدموية في الشرق الأوسط.. لقد عاش سياسيًّا ومات جنديًّا..

    ولن يكون موت جنود السلام، مثل السادات ورابين وقبل ذلك كيندى وإبراهام لنكولن، هو نهاية الطريق، بل إحدى محطات الخزينة..

    مسموح اللمس!

    من مظاهر المودة أن تلمس أحدًا.. إذا كان بعيدًا فأنت تحاول، أن تقترب وتقترب حتى تلمسه. هذا الاتصال البسيط دليل على أن صلة ما قد تولدت.. أو أنها هي البداية.. وأوضح صورة لذلك عند الأطفال. فكل شيء يريدون أن يلمسوه.. أو يضعوه في أفواههم. وتبدأ تربية الطفل من هذه اللحظة.. فيقال له: هذا لا تلمسه.. وهذا لا تمسكه.. وهذا لا تضعه في فمك.. هذا عيب.. هذا حرام.. هذا ضار.. هذا ليس لك!

    ومعنى ذلك أننا نلمس فقط، ما هو لنا أو حق لنا، أو ليس ضارًّا أو حرامًا..

    ومن المناظر المألوفة في كل الدنيا، أن نجد الجماهير تمد يدها إلى الشخصيات العظيمة تحاول أن تلمسها.. أو تصافحها.. وتكون المصافحة دليلًا على المودة أو على الحب.. أو إلغاء الفارق الكبير، بين الملك، والرئيس، والأمير، والعظيم، وبين الناس. ويكون الناس سعداء لأنهم فعلوا ذلك. ويكون العظماء سعداء أيضًا، لأنهم أحسوا بقربهم من الناس.. أو حرص الناس على ذلك..

    وفي بلاد كثيرة نجد الأقليات منبوذة.. حرام أن يلمسها أو تلمس هي أحدًا أو شيئًا. وفي بلاد الهند نجد طبقة لا يمسها الناس ولا تمس الناس.. وكذلك كانت الأقلية في كل التاريخ - اليهود مثلًا.. وعلاقتك بالناس تتحدد باللمس أو المصافحة أو العناق.. فالذي لا تعرفه تصافحه.. والذي تعرفه طويلًا وعميقًا تصافحه وتعانقه.. فعلى قدر مساحة اللمس، وطولها الزمني، وعمقها تكون العلاقة، والمودة، والصداقة، والمحبة، والاحترام، أو الاحتقار والنفور..

    والعظماء عادة بعيدون عن الناس.. أو حتى إذا كانوا قريبين، فهم على مرأى ومسمع، ولكن ليسوا في متناول الأيدي والأحضان. وإذا حدث فأحيانًا قليلة..

    ولذلك فالزعماء - على عكس ما يتصور الحراس - يحبون أن يكونوا بين الناس وأن يلتحموا بهم.. أن يلمسوهم ويلتصقوا بهم ويعانقوا الناس ويعانقهم الناس.. وهذا يؤكد حب الناس وحبهم للناس.. ثم يسبب لهم ما هو أهم من ذلك كله، وهو شعورهم بالأمان.. وأنه لا خوف عليهم من أحد.. فهم في حصن حصين من حب الناس لهم..

    وكان الزعيم النازي «هتلر»، يعانق ويقبل الأطفال الصغار. ويجد متعة كبرى في أن يبدو أبًا رحيمًا عطوفًا. ولا أحد يقاوم حب طفل أو العطف عليه.. وفي ذلك ما يهز قلب الأم والأب وكل الأمهات..

    والرئيس الروسي «يلتسين» يجد متعة في أن يضغط على أجسام وأكتاف، الذين يقابلهم وأحيانًا كثيرة (يقرصهم).. أي يرفع الكلفة بينه وبينهم، لدرجة أنه يتصرف كما لو كان صديقًا أو زميلًا أو أخًا.. ويفعل ذلك مع النساء، وهو يضحك وهن يضحكن أيضًا..

    أما الرئيس «حسنى مبارك» فهو أبسط وأطيب.. وهو في اجتماعات الحزب الوطني، يلتحم بالناس ويتوقف طويلًا.. ويبدى ملاحظات بيديه، بأن فلانًا قد ظهر له كرش.. أو أن هذه البدلة أنيقة.

    ويسأل: من أين لك هذا؟

    ولذلك فمن المألوف أن ينادوا الرئيس «مبارك» قائلين: والله يا ريس إنني أحاول أن أنقص وزني..

    ردًّا على ما سوف يقوله الرئيس، من أن أحدًا قد زاد وزنه، من كثرة الأكل أو قلة الرياضة أو الجلوس

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1