Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

دعوة للابتسام
دعوة للابتسام
دعوة للابتسام
Ebook432 pages2 hours

دعوة للابتسام

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

الدنيا كالمرأة ابتسم لها تبتسم لك مؤكد لن يرتفع سعر الإبتسام، ولن تنخفض قيمته ابتسم الآن، فقد لا تقدر على ذلك غدا الابتسامة تضيء العقل وتدفئ القلب إذا لم تستطع أن تبتسم فحاول أن تقلد الذين يفعلون ذلك من يبتسم للناس، لا يلتفتون إلى ملابسه القديمة إذا كان قلبك باسما، ظهر ذلك على وجهك أنت تحتاج الى تحرك 26 عضلة لكي تبتسم و62 عضلة لكي تتجهم.
ابتسام كلمة أولها أب وآخرها أم
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2004
ISBN9785337806822
دعوة للابتسام

Read more from أنيس منصور

Related to دعوة للابتسام

Related ebooks

Reviews for دعوة للابتسام

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    دعوة للابتسام - أنيس منصور

    Section00001.xhtml

    دعوة للابتسام

    العنوان: دعوة للابتسام

    المؤلــــف: أنيـــــس منصــــور

    إشراف عام: داليا محمد إبراهيم

    جميع الحقوق محفـوظـة © لـدار نهضـة مصـر للنشـر

    يحـظــر طـــبـــع أو نـشـــر أو تصــويـــر أو تخــزيــــن أي جـزء مـن هـذا الكتـاب بأيـة وسيلـة إلكترونية أو ميكانيكية أو بالتصويــر أو خـلاف ذلك إلا بإذن كتابي صـريـح من الناشـر.

    الترقيم الدولي: 978-977-14-2666-4

    رقم الإيـداع: 2004 / 5046

    الطـبـعــة الخامسة عشرة: أكتوبر 2013

    Section00002.xhtml

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    تليفــون: 33466434 - 33472864 02

    فاكـــس: 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    كــلــمـــة أولــــى!

    الدنيا كالمرأة ابتسم لها تبتسم لك.

    ***

    مؤكد: لن يرتفع سعر الابتسام، ولن تنخفض قيمته.

    ***

    ابتسم الآن، فقد لا تقدر على ذلك غدًا؟

    ***

    الابتسامة تضيء العقل وتدفئ القلب!

    ***

    إذا لم تستطع أن تبتسم فحاول أن تقلد الذين يفعلون ذلك!

    ***

    من يبتسم للناس لايلتفتون إلى ملابسه القديمة!

    ***

    أنت لست في حاجة إلى أن تعرف اسمي لکي تبتسم لي!

    ***

    إذا كان قلبك باسمًا، ظهر ذلك على وجهك!

    ***

    أنت تحتاج إلى تحريك 26 عضلة لكي تبتسم و62 عضلة لكي تتجهم!

    ***

    (ابتســـام) كلمة أولها: أب وآخرها: أم!

    من كل اللوحات التي رسمها الفنانون في كل الدنيا لم تبقَ إلا لوحة واحدة لسيدة (تبتسم).. هذه الابتسامة حيرت الناس.. الفنانين والموسيقيين وعلماء النفس والمؤرخين، لأي شيء تبتسم هذه السيدة في اللوحة التي رسمها العبقري الإيطالي ليوناردو دافنشي.. السيدة اسمها موناليزا واللوحة

    اسمها (چيو كندا) أي المبتسمة...

    قالوا: إن الفنان كان يأتي لها بالفرق الموسيقية لکي تسمعها وتبتسم..

    قالوا: إن السيدة كانت حاملًا.. وابتسامتها الرقيقة هي دليل سعادتها..

    وقالوا: تستطيع أن تراها من أية زاوية ثم تجدها تبتسم.. وصعوبة هذه اللوحة أن الابتسامة رقيقة لدرجة من الصعب رسمها.. فلا هي ضحكة ولا هي شروع في ابتسامة.. كيف حدث ذلك؟ وكيف استطاع القلم أن يضبط الابتسامة قبل أن تكون ضحكة، أو حتى لا تكون ضحكة؟! وقالوا كثيرًا.. ولكن بقيت الابتسامة لغزًا.. ولكن من المؤكد أنها جميلة بديعة عميقة..

    وكان آلهة الإغريق يحسدون البشر على أنهم يموتون، وهم قد زهقوا من الخلود.. وكانوا يحسدون البشر على أنهم يبتسمون.. ويخربون ويمرضون ويحبون ويكرهون.. ولذلك كان آلهة الإغريق يحولون أنفسهم إلى بشر لكي يصرخوا ويتخانقوا ويستمتعوا بما في حياة الناس من تغيرات في السلوك والجوع والعطش والنوم والأرق والحب والكراهية.. والابتسام والاكتئاب.. ولكن الآلهة رغم قدرتهم على كل شيء.. عجزوا عن الابتسام.. إنهم إذا ضحكوا زلزلوا الجبال وأحرقوا الغابات، وإذا صرخوا.. وإذا بكوا.. ولكن الذي لم يقدروا عليه هو أن يبتسموا، أن يضيئوا الوجه.. ويفتحوا نوافذ النفس ويواربوا القلب ويجعلوا للدنيا معنى آخر ولونًا آخر..

    وكانت الملكة فكتوريا مكفهرة مكتئبة لمتاعبها النفسية والجسمية.. وأتوا لها برجل يضحكها لعلها تكون مقبولة لدى الناس.. ولكنها ترى وتسمع ولا تضحك.. بينما الناس حولها یکتمون ضحكهم.. لأنهم لا يريدون أن يعلو صوتهم على صوت الملكة.. وفي يوم قدم مضحك الملكة استقالته لأنه عاجز عن إضحاكها.. ولكن الحاشية طلبوا إليه أن يأخذ إجازة، وفي هذه الإجازة يبذل أقصى ما يستطيع في انتظار نكت ومواقف ترغم الملكة على الضحك، وجاء الرجل في اليوم الموعود ووقف على رأسه ثم على رجليه ثم نام على الأرض وبدأ يخلع ملابسه من تحت والناس يضحكون.. ثم قرر أن يخلع ملابسه كلها والناس يصرخون ويفزعون من الكارثة التي سوف تقع إن هو فعل ذلك.. ثم جلس يبكي على خيبته وانحنى لكي يخرج.. ووقفت الملكة لتقول: ولكن شيئًا لم يعجبني!

    فهي قادرة على أشياء كثيرة إلا على الابتسام!

    ويقال: إن أبا هريرة سأل الرسول ﷺ: یا رسول الله إنك تداعبنا، فقال: «إني وإن داعبتكم لا أقول إلا حقًّا»؟

    وقال أبو الدرداء عن الرسول ﷺ: «ما رأيت رسول الله ﷺ قال شيئًا إلا وهو يبتسم»..

    وقال الرسول ﷺ: «إن الله يحب السهل الطلق»..

    أي الباسم الطلق الوجه.

    وكان الرسول يداعب الأطفال ويجلس إليهم على الأرض، وكان يقول: «إن كان لأحد منكم صبي، فليتصابى له».

    ورغم الأعباء الهائلة التي يحملها الرسول فإنه قادر على الابتسام.. أراد أن يكون قدوة، فمهما كانت الهموم ثقيلة والأعباء جسيمة، والرسالة خطيرة، فمن الممكن أن يبتسم أو من الواجب أن يفعل ذلك تهوينًا لهمومنا، وحرصًا على ألا يفر الناس منا..

    وإذا كان الضحك يطيل العمر، فإن الابتسام يضيف إليه سنوات أخرى.. فالضحكة انفجار مائة ابتسامة معًا.. أو هي تسارع ألوف الابتسامات ونموها وتعاظمها ثم انفجارها على شکل قهقهة عالية..

    وفي تاريخ الأساطير الإغريقية أن رسامًا أسمر (زویکسیس) رسم لوحة لشخص يضحك.. فبعد أن فرغ من اللوحة ظل ينظر إلى هذه اللوحة ويضحك.. ويضحك حتى مات من الضحك.. ولو جعل الرجل يبتسم، لعاش كما عاش دافنشي طويلًا وعاشت لوحته بعده..

    أما زویکسیس فلا عاش ولا عاشت لوحته!

    فإن وجدت ما يجعلك تبتسم فيما سوف تقرأ، فذلك يرضيني، وشكرًا..

    أنيس منصور

    يناير 1996

    اضحك حتى تموت

    اضحك حتى لا تموت!

    هل تعرف من هو أول إنسان في التاريخ بكى حتى كاد يموت لولا أن أدركه الناس ولكن ظل يضحك حتى مات؟

    هذا الرجل هو الرسام الإغريقي القديم زویکسیس..

    فقد رسم لوحة جميلة لرجل يحمل على رأسه (مشنة) بها برقوق فكانت العصافير تهجم على اللوحة وتنقر البرقوق، و معنی ذلك أن البرقوق كان طبيعيًّا لدرجة أن العصافير ظنته فاكهة حقيقية.. وهذا أعظم تحية للفنان.. ولكن الفنان راح يبكي على خيبته.. لأن الرجل في اللوحة لم يقنع العصافير بأنه حقیقي حتی تخاف منه.. وكادت روحه تطلع من عينيه ولكن أصحابه أدركوه!

    أما المرة الثانية فقد رسم لوحة لعجوز لسانها طويل واللسان خارج من شفتيها وأمامها رجل يهددها إن فتحت فمها.. فجف لسانها وسقط منها.. هذه اللوحة جعلته يضحك ويضحك. وعوقب على قطع لسان المرأة بأن جاء عزرائيل فقصف عمره...

    وهو الفنان الوحيد الذي يتأثر بأعماله الفنية كأنه إنسان غريب عنها.. كأنه لا تعب ولا زهق في اختيار الألوان واختيار اللوحة ثم اختيار الموضوع ثم نقل أفكاره إليها، وهو ولا شك أستاذ الفنان المثَّال بجماليون، الذي نحت تمثالًا لفتاة جميلة وراح يبكي ويتوسل للآلهة أن تجعلها تنطق فهي في غاية الجمال والحيوية ولا ينقصها إلا أن تدب فيها الحياة، ونظرت إليه الآلهة وأشفقوا عليه وأحيوا الفتاة الجميلة أوفيليا.. وتزوجها الفنان!

    وبجماليون هو نموذج للفنان الذي يعشق أعماله الفنية.. أي يعشق نفسه.. وكل الفنانين بجماليون. يحبون فنهم.. أي يحبون أنفسهم وليس فنانًا من لم يكن أنانيًّا.. يقول: أنا.. أنا.. ثم يقف أمام المرآة وينحني لنفسه!

    وحتى لو حاول الفنان أن يكون متواضعًا فلا تصدقه..فإنه يرید منك مزيدًا من الإطراء.. والطعام والشراب الذي لا يشبع منه الفنان ولا يرتوي هو المديح..

    ومايكل أنجلو هو الذي قال: إنه لا ينحت التمثال من الصخر.. أبدًا.. وإنما التمثال مدفون وهو يكشف عنه الصخر.. أي أن التمثال ليس من إبداعه.. وإنما هو مدفون في الصخر. وكل الذي فعله هو أنه كشف عنه الصخر!

    منتهى التواضع! والحقيقة أنه أراد أن يقول: الصخر موجود من ألوف السنين.. ولكن أحدًا لم يوهب مثل الأصابع القادرة على الخلق والإبداع إلا هو.. منتهى الغرور.

    وكان الفيلسوف سقراط يقول: إن كل العلوم والأفكار والمعاني موجودة في داخل الإنسان.. وإنه هو يذكره بها فقط.. وإنه يذكره بها عن طريق الحوار معه.. وإن هذه هي مهمته... أي تولید المعاني من عقول الناس. المعاني هناك.. وهو الذي يسحبها بأصابعه ويقول إنه مثل والدته تمامًا.. فأمه كانت (داية) تولد النساء وهو يولد الرجال!

    وكما أن هناك عقولًا تلد فهناك عقول لا تلد، هناك عقول مثل الأرانب لا تكف عن التوالد.. وهناك عقول كالبغال لا تلد، والحديث النبوي يقول: «الناس معادن».

    أي حديد ونحاس وذهب وفضة.. وهناك معادن صدئة، وهناك معادن لامعة.. والعقول الإنسانية كالمفاتيح.. والتي تلمع منها هي التي نستخدمها كثيرًا.. ولمعان المفاتيح هو الضحك.. فلا شيء يجعل الوجه والعقل يلمع إلا الضحك، والضحك مثل (المساحات) في مقدمة السيارة.. تغسل وتلمع.. لترى أوضح!

    وليس صحيحًا أن الإنسان حیوان ضاحك.. لأن الحيوانات تضحك.. ولكنه حیوان ساخر.. أي يضحك لمعنی.. لموقف.. للوحة فنية فيظل يضحك حتى يموت.

    فاضحك أنت حتى لا تموت!

    هــؤلاء الشبــان

    بغبغانــات وقــرود!

    الشاعر كامل الشناوي كان لا يروي النكت، وإنما كان يصنعها، ولم يكن يصنعها من خياله وإنما كان يختار أصدقاءه ویرکب منهم النكتة ويضحك ثم يروي ما حدث لكل الناس في القاهرة ويضيف إلى هذه النكتة التمثيلية كل يوم شيئًا جديدًا.

    وقد وصفت كامل الشناوي بأنه الرجل الذي يزغزغ أصدقاءه بسكين! وبقدر حبه للنكت والسخرية فإنه يضيق أن يكون هو موضع سخرية من أحد.. ولم ينس لي ذلك!

    ففي يوم كنا مدعوين إلى العشاء عند الموسيقار محمد عبد الوهاب، وكنا نركب سيارتين فتوقفت السيارتان أمام أحد المحلات في الزمالك ونزل وطال وقوفه في المحل.. وخرجنا من السيارتين: عبد الحليم حافظ وكمال الطويل وكمال الملاخ وأحمد رجب وفتحي غانم وأنا، وفجأة ظهر كامل الشناوي ويبدو أنه تشاجر مع أحد أو أحد ضايقه.. فما كان منه إلا أن أعطى كل واحد منا علبة سجائر وحاولنا أن نفهم سر غضبه.. فلم نستطع.. وأبسط شيء فهمناه هو أنه بعد أن اشترى السجائر لم يجد لها مكانًا في ملابسه فوزعها علينا.. وقد اعتدنا على تصرفاته الغريبة.. فلم نعلق بشيء.. وانتظرنا إلى أن نصل إلى بيت محمد عبد الوهاب ونسأله..

    وفي بيت عبد الوهاب ظل هو يتكلم ویحکي حکایات ويروي نکتًا ويسخر منا جميعًا... عن طريق حکایات اخترعها فورًا.. أو حکایات قديمة أدخلها في ملابس جديدة.. وهذه قدرته الفذة على الاقتباس والتجديد الفوري..

    وعلى الطعام اندفع كامل الشناوي يهاجم شباب هذه الأيام.. وأنه لا يعجب بأفكارهم فليس لديهم أي نوع من الابتكار.. وأنهم كالقرود أو الببغاوات يقلدون بعضهم البعض. واندهشنا لذلك.. فليس هذا رأيه! فهو أول إنسان يشجع الشباب، وهو صاحب فضل علينا جميعًا. ولولا حضانة كامل الشناوي وتشجيعه المستمر لنا؛ لتأخرت مسيرتنا الصحفية.. فهو مثل أب عنده عشرات من الأولاد يحتضنهم حضورًا أو غيابًا.. وهو قد أعد نصيبًا من الحب لكل إنسان. حب جاهز.. تجده في أي وقت.. تمامًا كما تفعل الأم حين تحتفظ بنصيب لكل واحد من أبنائها في الثلاجة ليأكله في أي وقت. وكذلك كامل الشناوي..

    وفجأة عرفنا المقلب.. فإذا به يقول.. هؤلاء الشبان أعلام مصر في الموسيقا والطرب والأدب.. ليس عندهم شخصية.. وأكبر دليل على ذلك هذه السجائر التي معهم.. فهناك ألف نوع من السجائر.. ولكنهم يقلدون بعضهم البعض.. ويدخنون نوعًا واحدًا ومن حجم واحد!

    وهو الذي اشترى السجائر، وهو الذي وزع علينا.. لنكون نكتة اليوم وغدًا وفي كل القاهرة!

    الزكــام

    يجــيء بالتليفــون!

    أنا أول من يعطس في قارة إفريقيا.. وليس من الضروري أن يكون هناك سبب واحد.. ويكفي أن أسمعك تعطس في التليفون.. أو أن أرى أحدًا يمشي عريان الصدر.. هذا في فصل الصيف. أما في فصل الشتاء فأنا المزكوم الأوحد في مصر..

    وكنت أقول لسكرتيري دائمًا: أي إنسان له أنف أحمر لا يدخل مكتبي. فليس معقولًا أن يصاب الناس بالزكام ويعالجوا وأظل أنا المزكوم الأبدي في مصر!

    وفي يوم دخل واحد يكاد يموت من الزكام والرشح. وقد أسند ظهره للباب فلا أستطيع أن أهرب. وناديت السكرتير الذي قال لي: هذا الخواجة ليس أحمر الأنف، إن وجهه كله أحمر فكيف أعرف أنه مزكوم؟

    وإذا أصابني الزكام دخلت في سجن في داخل سجن.. فإني أرتدي الطاقية الصوف والجورب الصوف.. والفانلة الصوف والبلوفر.. وفي السرير تحتي بطانية صوف وفوقي وفوقها لحاف وفوق اللحاف بطانية أيضًا. ويكون نومي نوعًا من الدفن... أو البيات الصوفي. وقد رويت في التليفزيون المصري کیف أنني كنت في أحد فنادق أستراليا ولم أجد أغطية كافية.. ولم أجد أحدًا أطلب منه مزيدًا من الغطاء.. فنقلت السرير بعيدًا عن الجدران الباردة.. ولكن ظلت الغرفة باردة، فلم أجد إلا حلًّا واحدًا هو أن أنام بين المراتب حتى الصباح!

    وفي يوم كان لا بد أن أقابل الرئيس السادات. فقيل لي: السيد الرئيس ينتظرك فوق في غرفته.. لأنه تعبان شوية!

    ودخلت فوجدت الرئيس في سريره يعطس فقلت له: سلامتك يا ريس؟

    فقال: والله يا أنيس الملعونة مدغدغاني.. يقصد الإنفلونزا.

    فقلت: بلاش النهارده يا ريس.. آجي لحضرتك بكرة!

    فأجاب: لا.. لا... اقعد نتكلم شوية.. اقفل الباب يا أنيس!

    ويمكن أن تتخيل الموقف: الرئيس مزكوم جدًّا. يعطس ويرشح وأحمر العينين. والإنفلونزا قد تمكنت منه تمامًا. والباب مغلق وسوف تنتقل الإنفلونزا إلى أنفي وإلى حلقي. لا شك في ذلك.. وليس في استطاعتي أن أقول للرئيس: يا ريس أنا موسوس.. وأنا سوف أصاب بالإنفلونزا لا شك في ذلك..

    ومضت ساعة واثنتان. وأنا لا أعطس ولا ظهر للإنفلونزا أي أثر.. ونزلت من بيت الرئيس واتجهت إلى الأجزاخانة. وأخذت حقنة ردکسون وحقنة فيتامين. وعدت إلى البيت تحت الغطاء - وبالصورة التي تحدثت عنها من لحظات.. وظللت في انتظار الزكام والعطس والرشح.. ومن العجيب أن الإنفلونزا لم تصبني.. وحاولت أن أفتعل السعال أو العطس.. ولم يحدث شيء.

    ويبدو أن أحد أولاد الحلال قد قال للرئيس إنني موسوس، ففي الصباح الباكر جاء تليفون وكان الرئيس هو الذي يقول: هاها... عملت إيه يا أنيس؟

    - في إيه يا ريس؟

    - في الإنفلونزا هاها.. هاها.. والله أنا مخدتش بالي إنك في حالة رعب.. ما كانش باين عليك امبارح.. على كل حال الإنفلونزا كانت منتظرة الأمر مني.. وأنا أعطيتها أمرًا بأن تدخل في أنفك ولا تخرج... هاها!

    اتس.. اتس - والله عطست فعلًا؟

    أربعـة جنيهـات

    عـلاوة قاتـلـة!

    كنت أعمل في (روز اليوسف) في أوائل الخمسينيات إلى جانب عملي في جريدة الأهرام. وكنت أتقاضى مكافأة شهرية 12 جنيهًا. وكنت أنشر أخبار الملك فاروق وكل ما يفعله في أوروبا.. أو ما يفعله في مصر وتنشره الصحف الأوروبية. وكنت أوقع هذه الأخبار بإمضاء صديقة إيطالية هكذا: سلفانا ماريللي..

    وكانت هذه الأخبار حديث الناس. فذهبت إلى إحسان عبد القدوس أطلب زيادة في المكافأة. وكان إحسان لا يستطيع أن يقرر شيئًا. فوالدته السيدة روز اليوسف هي التي تقرر، وكنت أتضايق من هذا الموقف السلبي من صدیقي إحسان عبد القدوس. ولكن يبدو أن والدته أطلقت يده في التحرير، أما الفلوس فهي التي تحكم وتتحكم.

    ولم تكن عندي الشجاعة في مواجهة روز اليوسف. فهي كثيرًا ما زعقت وشتمت.. وهي تشتمنا كأولادها تمامًا.. وكنا نقبل منها ذلك. ونرى أن في ذلك نوعًا من المودة والمحبة... هي أمنا ونحن أولادها.

    وفي يوم قررت أن أفاتحها وذهبت إليها. وقلت: عاجباك أخباري وموضوعاتي؟

    قالت: كويسة قوي، الناس يتكلمون عنها..

    قلت: لماذا لا ترفعين المكافأة؟ إنها قليلة جدًّا..

    قالت: قليلة ازاي؟

    قلت: طبعًا ثلاثة جنيهات في الأسبوع مبلغ تافه جدًّا..

    قالت: أنت تعمل في الأهرام. وتعمل في جريدة الأساس.. وأنت مدرس في الجامعة.. أين تذهب كل هذه الفلوس؟ كفاية عليك كده!

    - ........................

    قالت: ما بتتكلمش ليه..

    قلت: خلاص.. أنا لن أعمل بعد اليوم..

    قالت: غصب عن عينيك سوف تعمل.. هل تستطيع أن تبعد عن إحسان؟ إنه حبيبك.

    قلت: فعلًا.. ولكن..

    قالت: خلاص.. من الشهر الجاي سوف تقبض 16 جنيهًا!

    قلت: شکرًا.

    وفي ذلك الوقت كان العقيد عبد المنعم السباعي يكتب باب «جراح قلب».. وكان مكتبه في الصالة أمام مكتب إحسان عبد القدوس.. وبسرعة سألني: عملت إيه يا أنيس؟

    قلت: 16 جنيهًا من الشهر القادم.

    - يا نهار أسود ومنيل.. الولية زودتك أنت لوحدك عملت لها إيه؟ سحرت لها؟ أربعة جنيهات مرة واحدة.. أنا لازم أرقص حالًا على المكتب ده. ونهض من مقعده.. ووقف في المكتب يرقص فرحًا ودهشة عندما فتحت روز اليوسف باب مكتبها لترى المنظر الغريب فصاحت: بتعمل إيه يا مجنون أنت؟...

    - أنا مجنون!.. طبعًا.. هوه فيه حد في الدنيا يزيد مرتبه أربعة جنيهات مرة واحدة؟! وأنا حافضل أرقص لحد ما أموت! یا نهار مطين.. أربعة جنيهات حتة واحدة..

    قالت: وأنت كمان أربعة جنيهات!

    - أنا كمان!.. صوتوا عليَّ.. أنا مت خلاص.. الله يرحمني.. وخرج إحسان عبد القدوس على زعيق

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1