دعوة للابتسام
By أنيس منصور
()
About this ebook
ابتسام كلمة أولها أب وآخرها أم
Read more from أنيس منصور
يا نور النبي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتولد النجوم وتموت Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأعجبني هؤلاء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالماضي يعيش Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمعذبون في كل أرض Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsزى الفل أو أحزان هذا الكاتب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأظافرها الطويلة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإنها كرة الندم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتكلم حتى اراك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنحن أولاد الغجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحيوانات ألطف كثيرًا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأعجب الرحلات في التاريخ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشارع التنهدات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsآه لو رأيت Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsوأنا اخترت القراءة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsانتهى زمن الفرص الضائعة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقلب لا يمتلئ بالذهب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsاللهم إني سائح Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتاريخ أنياب وأظافر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمن أجل عينيها Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالدين والديناميت Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلأول مرة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsليلة فى بطن الحوت Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكيف لا أبكى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقالوا ج ١ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحول العالم في 200 يوم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمن أول السطر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsاتنين.. اتنين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمحمد أعظم الخالدين Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to دعوة للابتسام
Related ebooks
لعلك تضحك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأشباح مرجانة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعبقري آخر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالخروج من الأرض السودا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالكداب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة وراء الباب المغلق Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإنها كرة الندم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsزى الفل أو أحزان هذا الكاتب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة ملك الذباب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة حارس الكهف Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصديقى جلجاميش Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة حلقة الرعب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرصاص لا يقتل العصافير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقيودٌ وأجنحةٌ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsخطاب الى رجل ميت Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsوآخرتها Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة البيت Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفوضى المشاعر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة المومياء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحلواني ثلاثية الفاطميين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشئ من حتى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsوعطرك يبقى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة الرقم المشئوم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشبرا مصر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلماذا جَّنت الأبقار؟ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأَجِنَّة خواطري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورة مملة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسطورتنا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلحظات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكيف لا أبكى Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Reviews for دعوة للابتسام
0 ratings0 reviews
Book preview
دعوة للابتسام - أنيس منصور
دعوة للابتسام
العنوان: دعوة للابتسام
المؤلــــف: أنيـــــس منصــــور
إشراف عام: داليا محمد إبراهيم
جميع الحقوق محفـوظـة © لـدار نهضـة مصـر للنشـر
يحـظــر طـــبـــع أو نـشـــر أو تصــويـــر أو تخــزيــــن أي جـزء مـن هـذا الكتـاب بأيـة وسيلـة إلكترونية أو ميكانيكية أو بالتصويــر أو خـلاف ذلك إلا بإذن كتابي صـريـح من الناشـر.
الترقيم الدولي: 978-977-14-2666-4
رقم الإيـداع: 2004 / 5046
الطـبـعــة الخامسة عشرة: أكتوبر 2013
Section00002.xhtml21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة
تليفــون: 33466434 - 33472864 02
فاكـــس: 33462576 02
خدمة العملاء: 16766
Website: www.nahdetmisr.com
E-mail: publishing@nahdetmisr.com
كــلــمـــة أولــــى!
الدنيا كالمرأة ابتسم لها تبتسم لك.
***
مؤكد: لن يرتفع سعر الابتسام، ولن تنخفض قيمته.
***
ابتسم الآن، فقد لا تقدر على ذلك غدًا؟
***
الابتسامة تضيء العقل وتدفئ القلب!
***
إذا لم تستطع أن تبتسم فحاول أن تقلد الذين يفعلون ذلك!
***
من يبتسم للناس لايلتفتون إلى ملابسه القديمة!
***
أنت لست في حاجة إلى أن تعرف اسمي لکي تبتسم لي!
***
إذا كان قلبك باسمًا، ظهر ذلك على وجهك!
***
أنت تحتاج إلى تحريك 26 عضلة لكي تبتسم و62 عضلة لكي تتجهم!
***
(ابتســـام) كلمة أولها: أب وآخرها: أم!
من كل اللوحات التي رسمها الفنانون في كل الدنيا لم تبقَ إلا لوحة واحدة لسيدة (تبتسم).. هذه الابتسامة حيرت الناس.. الفنانين والموسيقيين وعلماء النفس والمؤرخين، لأي شيء تبتسم هذه السيدة في اللوحة التي رسمها العبقري الإيطالي ليوناردو دافنشي.. السيدة اسمها موناليزا واللوحة
اسمها (چيو كندا) أي المبتسمة...
قالوا: إن الفنان كان يأتي لها بالفرق الموسيقية لکي تسمعها وتبتسم..
قالوا: إن السيدة كانت حاملًا.. وابتسامتها الرقيقة هي دليل سعادتها..
وقالوا: تستطيع أن تراها من أية زاوية ثم تجدها تبتسم.. وصعوبة هذه اللوحة أن الابتسامة رقيقة لدرجة من الصعب رسمها.. فلا هي ضحكة ولا هي شروع في ابتسامة.. كيف حدث ذلك؟ وكيف استطاع القلم أن يضبط الابتسامة قبل أن تكون ضحكة، أو حتى لا تكون ضحكة؟! وقالوا كثيرًا.. ولكن بقيت الابتسامة لغزًا.. ولكن من المؤكد أنها جميلة بديعة عميقة..
وكان آلهة الإغريق يحسدون البشر على أنهم يموتون، وهم قد زهقوا من الخلود.. وكانوا يحسدون البشر على أنهم يبتسمون.. ويخربون ويمرضون ويحبون ويكرهون.. ولذلك كان آلهة الإغريق يحولون أنفسهم إلى بشر لكي يصرخوا ويتخانقوا ويستمتعوا بما في حياة الناس من تغيرات في السلوك والجوع والعطش والنوم والأرق والحب والكراهية.. والابتسام والاكتئاب.. ولكن الآلهة رغم قدرتهم على كل شيء.. عجزوا عن الابتسام.. إنهم إذا ضحكوا زلزلوا الجبال وأحرقوا الغابات، وإذا صرخوا.. وإذا بكوا.. ولكن الذي لم يقدروا عليه هو أن يبتسموا، أن يضيئوا الوجه.. ويفتحوا نوافذ النفس ويواربوا القلب ويجعلوا للدنيا معنى آخر ولونًا آخر..
وكانت الملكة فكتوريا مكفهرة مكتئبة لمتاعبها النفسية والجسمية.. وأتوا لها برجل يضحكها لعلها تكون مقبولة لدى الناس.. ولكنها ترى وتسمع ولا تضحك.. بينما الناس حولها یکتمون ضحكهم.. لأنهم لا يريدون أن يعلو صوتهم على صوت الملكة.. وفي يوم قدم مضحك الملكة استقالته لأنه عاجز عن إضحاكها.. ولكن الحاشية طلبوا إليه أن يأخذ إجازة، وفي هذه الإجازة يبذل أقصى ما يستطيع في انتظار نكت ومواقف ترغم الملكة على الضحك، وجاء الرجل في اليوم الموعود ووقف على رأسه ثم على رجليه ثم نام على الأرض وبدأ يخلع ملابسه من تحت والناس يضحكون.. ثم قرر أن يخلع ملابسه كلها والناس يصرخون ويفزعون من الكارثة التي سوف تقع إن هو فعل ذلك.. ثم جلس يبكي على خيبته وانحنى لكي يخرج.. ووقفت الملكة لتقول: ولكن شيئًا لم يعجبني!
فهي قادرة على أشياء كثيرة إلا على الابتسام!
ويقال: إن أبا هريرة سأل الرسول ﷺ: یا رسول الله إنك تداعبنا، فقال: «إني وإن داعبتكم لا أقول إلا حقًّا»؟
وقال أبو الدرداء عن الرسول ﷺ: «ما رأيت رسول الله ﷺ قال شيئًا إلا وهو يبتسم»..
وقال الرسول ﷺ: «إن الله يحب السهل الطلق»..
أي الباسم الطلق الوجه.
وكان الرسول يداعب الأطفال ويجلس إليهم على الأرض، وكان يقول: «إن كان لأحد منكم صبي، فليتصابى له».
ورغم الأعباء الهائلة التي يحملها الرسول فإنه قادر على الابتسام.. أراد أن يكون قدوة، فمهما كانت الهموم ثقيلة والأعباء جسيمة، والرسالة خطيرة، فمن الممكن أن يبتسم أو من الواجب أن يفعل ذلك تهوينًا لهمومنا، وحرصًا على ألا يفر الناس منا..
وإذا كان الضحك يطيل العمر، فإن الابتسام يضيف إليه سنوات أخرى.. فالضحكة انفجار مائة ابتسامة معًا.. أو هي تسارع ألوف الابتسامات ونموها وتعاظمها ثم انفجارها على شکل قهقهة عالية..
وفي تاريخ الأساطير الإغريقية أن رسامًا أسمر (زویکسیس) رسم لوحة لشخص يضحك.. فبعد أن فرغ من اللوحة ظل ينظر إلى هذه اللوحة ويضحك.. ويضحك حتى مات من الضحك.. ولو جعل الرجل يبتسم، لعاش كما عاش دافنشي طويلًا وعاشت لوحته بعده..
أما زویکسیس فلا عاش ولا عاشت لوحته!
فإن وجدت ما يجعلك تبتسم فيما سوف تقرأ، فذلك يرضيني، وشكرًا..
أنيس منصور
يناير 1996
اضحك حتى تموت
اضحك حتى لا تموت!
هل تعرف من هو أول إنسان في التاريخ بكى حتى كاد يموت لولا أن أدركه الناس ولكن ظل يضحك حتى مات؟
هذا الرجل هو الرسام الإغريقي القديم زویکسیس..
فقد رسم لوحة جميلة لرجل يحمل على رأسه (مشنة) بها برقوق فكانت العصافير تهجم على اللوحة وتنقر البرقوق، و معنی ذلك أن البرقوق كان طبيعيًّا لدرجة أن العصافير ظنته فاكهة حقيقية.. وهذا أعظم تحية للفنان.. ولكن الفنان راح يبكي على خيبته.. لأن الرجل في اللوحة لم يقنع العصافير بأنه حقیقي حتی تخاف منه.. وكادت روحه تطلع من عينيه ولكن أصحابه أدركوه!
أما المرة الثانية فقد رسم لوحة لعجوز لسانها طويل واللسان خارج من شفتيها وأمامها رجل يهددها إن فتحت فمها.. فجف لسانها وسقط منها.. هذه اللوحة جعلته يضحك ويضحك. وعوقب على قطع لسان المرأة بأن جاء عزرائيل فقصف عمره...
وهو الفنان الوحيد الذي يتأثر بأعماله الفنية كأنه إنسان غريب عنها.. كأنه لا تعب ولا زهق في اختيار الألوان واختيار اللوحة ثم اختيار الموضوع ثم نقل أفكاره إليها، وهو ولا شك أستاذ الفنان المثَّال بجماليون، الذي نحت تمثالًا لفتاة جميلة وراح يبكي ويتوسل للآلهة أن تجعلها تنطق فهي في غاية الجمال والحيوية ولا ينقصها إلا أن تدب فيها الحياة، ونظرت إليه الآلهة وأشفقوا عليه وأحيوا الفتاة الجميلة أوفيليا.. وتزوجها الفنان!
وبجماليون هو نموذج للفنان الذي يعشق أعماله الفنية.. أي يعشق نفسه.. وكل الفنانين بجماليون. يحبون فنهم.. أي يحبون أنفسهم وليس فنانًا من لم يكن أنانيًّا.. يقول: أنا.. أنا.. ثم يقف أمام المرآة وينحني لنفسه!
وحتى لو حاول الفنان أن يكون متواضعًا فلا تصدقه..فإنه يرید منك مزيدًا من الإطراء.. والطعام والشراب الذي لا يشبع منه الفنان ولا يرتوي هو المديح..
ومايكل أنجلو هو الذي قال: إنه لا ينحت التمثال من الصخر.. أبدًا.. وإنما التمثال مدفون وهو يكشف عنه الصخر.. أي أن التمثال ليس من إبداعه.. وإنما هو مدفون في الصخر. وكل الذي فعله هو أنه كشف عنه الصخر!
منتهى التواضع! والحقيقة أنه أراد أن يقول: الصخر موجود من ألوف السنين.. ولكن أحدًا لم يوهب مثل الأصابع القادرة على الخلق والإبداع إلا هو.. منتهى الغرور.
وكان الفيلسوف سقراط يقول: إن كل العلوم والأفكار والمعاني موجودة في داخل الإنسان.. وإنه هو يذكره بها فقط.. وإنه يذكره بها عن طريق الحوار معه.. وإن هذه هي مهمته... أي تولید المعاني من عقول الناس. المعاني هناك.. وهو الذي يسحبها بأصابعه ويقول إنه مثل والدته تمامًا.. فأمه كانت (داية) تولد النساء وهو يولد الرجال!
وكما أن هناك عقولًا تلد فهناك عقول لا تلد، هناك عقول مثل الأرانب لا تكف عن التوالد.. وهناك عقول كالبغال لا تلد، والحديث النبوي يقول: «الناس معادن».
أي حديد ونحاس وذهب وفضة.. وهناك معادن صدئة، وهناك معادن لامعة.. والعقول الإنسانية كالمفاتيح.. والتي تلمع منها هي التي نستخدمها كثيرًا.. ولمعان المفاتيح هو الضحك.. فلا شيء يجعل الوجه والعقل يلمع إلا الضحك، والضحك مثل (المساحات) في مقدمة السيارة.. تغسل وتلمع.. لترى أوضح!
وليس صحيحًا أن الإنسان حیوان ضاحك.. لأن الحيوانات تضحك.. ولكنه حیوان ساخر.. أي يضحك لمعنی.. لموقف.. للوحة فنية فيظل يضحك حتى يموت.
فاضحك أنت حتى لا تموت!
هــؤلاء الشبــان
بغبغانــات وقــرود!
الشاعر كامل الشناوي كان لا يروي النكت، وإنما كان يصنعها، ولم يكن يصنعها من خياله وإنما كان يختار أصدقاءه ویرکب منهم النكتة ويضحك ثم يروي ما حدث لكل الناس في القاهرة ويضيف إلى هذه النكتة التمثيلية كل يوم شيئًا جديدًا.
وقد وصفت كامل الشناوي بأنه الرجل الذي يزغزغ أصدقاءه بسكين! وبقدر حبه للنكت والسخرية فإنه يضيق أن يكون هو موضع سخرية من أحد.. ولم ينس لي ذلك!
ففي يوم كنا مدعوين إلى العشاء عند الموسيقار محمد عبد الوهاب، وكنا نركب سيارتين فتوقفت السيارتان أمام أحد المحلات في الزمالك ونزل وطال وقوفه في المحل.. وخرجنا من السيارتين: عبد الحليم حافظ وكمال الطويل وكمال الملاخ وأحمد رجب وفتحي غانم وأنا، وفجأة ظهر كامل الشناوي ويبدو أنه تشاجر مع أحد أو أحد ضايقه.. فما كان منه إلا أن أعطى كل واحد منا علبة سجائر وحاولنا أن نفهم سر غضبه.. فلم نستطع.. وأبسط شيء فهمناه هو أنه بعد أن اشترى السجائر لم يجد لها مكانًا في ملابسه فوزعها علينا.. وقد اعتدنا على تصرفاته الغريبة.. فلم نعلق بشيء.. وانتظرنا إلى أن نصل إلى بيت محمد عبد الوهاب ونسأله..
وفي بيت عبد الوهاب ظل هو يتكلم ویحکي حکایات ويروي نکتًا ويسخر منا جميعًا... عن طريق حکایات اخترعها فورًا.. أو حکایات قديمة أدخلها في ملابس جديدة.. وهذه قدرته الفذة على الاقتباس والتجديد الفوري..
وعلى الطعام اندفع كامل الشناوي يهاجم شباب هذه الأيام.. وأنه لا يعجب بأفكارهم فليس لديهم أي نوع من الابتكار.. وأنهم كالقرود أو الببغاوات يقلدون بعضهم البعض. واندهشنا لذلك.. فليس هذا رأيه! فهو أول إنسان يشجع الشباب، وهو صاحب فضل علينا جميعًا. ولولا حضانة كامل الشناوي وتشجيعه المستمر لنا؛ لتأخرت مسيرتنا الصحفية.. فهو مثل أب عنده عشرات من الأولاد يحتضنهم حضورًا أو غيابًا.. وهو قد أعد نصيبًا من الحب لكل إنسان. حب جاهز.. تجده في أي وقت.. تمامًا كما تفعل الأم حين تحتفظ بنصيب لكل واحد من أبنائها في الثلاجة ليأكله في أي وقت. وكذلك كامل الشناوي..
وفجأة عرفنا المقلب.. فإذا به يقول.. هؤلاء الشبان أعلام مصر في الموسيقا والطرب والأدب.. ليس عندهم شخصية.. وأكبر دليل على ذلك هذه السجائر التي معهم.. فهناك ألف نوع من السجائر.. ولكنهم يقلدون بعضهم البعض.. ويدخنون نوعًا واحدًا ومن حجم واحد!
وهو الذي اشترى السجائر، وهو الذي وزع علينا.. لنكون نكتة اليوم وغدًا وفي كل القاهرة!
الزكــام
يجــيء بالتليفــون!
أنا أول من يعطس في قارة إفريقيا.. وليس من الضروري أن يكون هناك سبب واحد.. ويكفي أن أسمعك تعطس في التليفون.. أو أن أرى أحدًا يمشي عريان الصدر.. هذا في فصل الصيف. أما في فصل الشتاء فأنا المزكوم الأوحد في مصر..
وكنت أقول لسكرتيري دائمًا: أي إنسان له أنف أحمر لا يدخل مكتبي. فليس معقولًا أن يصاب الناس بالزكام ويعالجوا وأظل أنا المزكوم الأبدي في مصر!
وفي يوم دخل واحد يكاد يموت من الزكام والرشح. وقد أسند ظهره للباب فلا أستطيع أن أهرب. وناديت السكرتير الذي قال لي: هذا الخواجة ليس أحمر الأنف، إن وجهه كله أحمر فكيف أعرف أنه مزكوم؟
وإذا أصابني الزكام دخلت في سجن في داخل سجن.. فإني أرتدي الطاقية الصوف والجورب الصوف.. والفانلة الصوف والبلوفر.. وفي السرير تحتي بطانية صوف وفوقي وفوقها لحاف وفوق اللحاف بطانية أيضًا. ويكون نومي نوعًا من الدفن... أو البيات الصوفي. وقد رويت في التليفزيون المصري کیف أنني كنت في أحد فنادق أستراليا ولم أجد أغطية كافية.. ولم أجد أحدًا أطلب منه مزيدًا من الغطاء.. فنقلت السرير بعيدًا عن الجدران الباردة.. ولكن ظلت الغرفة باردة، فلم أجد إلا حلًّا واحدًا هو أن أنام بين المراتب حتى الصباح!
وفي يوم كان لا بد أن أقابل الرئيس السادات. فقيل لي: السيد الرئيس ينتظرك فوق في غرفته.. لأنه تعبان شوية!
ودخلت فوجدت الرئيس في سريره يعطس فقلت له: سلامتك يا ريس؟
فقال: والله يا أنيس الملعونة مدغدغاني.. يقصد الإنفلونزا.
فقلت: بلاش النهارده يا ريس.. آجي لحضرتك بكرة!
فأجاب: لا.. لا... اقعد نتكلم شوية.. اقفل الباب يا أنيس!
ويمكن أن تتخيل الموقف: الرئيس مزكوم جدًّا. يعطس ويرشح وأحمر العينين. والإنفلونزا قد تمكنت منه تمامًا. والباب مغلق وسوف تنتقل الإنفلونزا إلى أنفي وإلى حلقي. لا شك في ذلك.. وليس في استطاعتي أن أقول للرئيس: يا ريس أنا موسوس.. وأنا سوف أصاب بالإنفلونزا لا شك في ذلك..
ومضت ساعة واثنتان. وأنا لا أعطس ولا ظهر للإنفلونزا أي أثر.. ونزلت من بيت الرئيس واتجهت إلى الأجزاخانة. وأخذت حقنة ردکسون وحقنة فيتامين. وعدت إلى البيت تحت الغطاء - وبالصورة التي تحدثت عنها من لحظات.. وظللت في انتظار الزكام والعطس والرشح.. ومن العجيب أن الإنفلونزا لم تصبني.. وحاولت أن أفتعل السعال أو العطس.. ولم يحدث شيء.
ويبدو أن أحد أولاد الحلال قد قال للرئيس إنني موسوس، ففي الصباح الباكر جاء تليفون وكان الرئيس هو الذي يقول: هاها... عملت إيه يا أنيس؟
- في إيه يا ريس؟
- في الإنفلونزا هاها.. هاها.. والله أنا مخدتش بالي إنك في حالة رعب.. ما كانش باين عليك امبارح.. على كل حال الإنفلونزا كانت منتظرة الأمر مني.. وأنا أعطيتها أمرًا بأن تدخل في أنفك ولا تخرج... هاها!
اتس.. اتس - والله عطست فعلًا؟
أربعـة جنيهـات
عـلاوة قاتـلـة!
كنت أعمل في (روز اليوسف) في أوائل الخمسينيات إلى جانب عملي في جريدة الأهرام. وكنت أتقاضى مكافأة شهرية 12 جنيهًا. وكنت أنشر أخبار الملك فاروق وكل ما يفعله في أوروبا.. أو ما يفعله في مصر وتنشره الصحف الأوروبية. وكنت أوقع هذه الأخبار بإمضاء صديقة إيطالية هكذا: سلفانا ماريللي..
وكانت هذه الأخبار حديث الناس. فذهبت إلى إحسان عبد القدوس أطلب زيادة في المكافأة. وكان إحسان لا يستطيع أن يقرر شيئًا. فوالدته السيدة روز اليوسف هي التي تقرر، وكنت أتضايق من هذا الموقف السلبي من صدیقي إحسان عبد القدوس. ولكن يبدو أن والدته أطلقت يده في التحرير، أما الفلوس فهي التي تحكم وتتحكم.
ولم تكن عندي الشجاعة في مواجهة روز اليوسف. فهي كثيرًا ما زعقت وشتمت.. وهي تشتمنا كأولادها تمامًا.. وكنا نقبل منها ذلك. ونرى أن في ذلك نوعًا من المودة والمحبة... هي أمنا ونحن أولادها.
وفي يوم قررت أن أفاتحها وذهبت إليها. وقلت: عاجباك أخباري وموضوعاتي؟
قالت: كويسة قوي، الناس يتكلمون عنها..
قلت: لماذا لا ترفعين المكافأة؟ إنها قليلة جدًّا..
قالت: قليلة ازاي؟
قلت: طبعًا ثلاثة جنيهات في الأسبوع مبلغ تافه جدًّا..
قالت: أنت تعمل في الأهرام. وتعمل في جريدة الأساس.. وأنت مدرس في الجامعة.. أين تذهب كل هذه الفلوس؟ كفاية عليك كده!
- ........................
قالت: ما بتتكلمش ليه..
قلت: خلاص.. أنا لن أعمل بعد اليوم..
قالت: غصب عن عينيك سوف تعمل.. هل تستطيع أن تبعد عن إحسان؟ إنه حبيبك.
قلت: فعلًا.. ولكن..
قالت: خلاص.. من الشهر الجاي سوف تقبض 16 جنيهًا!
قلت: شکرًا.
وفي ذلك الوقت كان العقيد عبد المنعم السباعي يكتب باب «جراح قلب».. وكان مكتبه في الصالة أمام مكتب إحسان عبد القدوس.. وبسرعة سألني: عملت إيه يا أنيس؟
قلت: 16 جنيهًا من الشهر القادم.
- يا نهار أسود ومنيل.. الولية زودتك أنت لوحدك عملت لها إيه؟ سحرت لها؟ أربعة جنيهات مرة واحدة.. أنا لازم أرقص حالًا على المكتب ده. ونهض من مقعده.. ووقف في المكتب يرقص فرحًا ودهشة عندما فتحت روز اليوسف باب مكتبها لترى المنظر الغريب فصاحت: بتعمل إيه يا مجنون أنت؟...
- أنا مجنون!.. طبعًا.. هوه فيه حد في الدنيا يزيد مرتبه أربعة جنيهات مرة واحدة؟! وأنا حافضل أرقص لحد ما أموت! یا نهار مطين.. أربعة جنيهات حتة واحدة..
قالت: وأنت كمان أربعة جنيهات!
- أنا كمان!.. صوتوا عليَّ.. أنا مت خلاص.. الله يرحمني.. وخرج إحسان عبد القدوس على زعيق