Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الماضي يعيش
الماضي يعيش
الماضي يعيش
Ebook185 pages1 hour

الماضي يعيش

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

من خلال قصة لطبيب نفسي يتجول بنا الكاتب بين العديد من الأحداث والمواقف المتنوعة؛ ليحدد لنا ملامح الماضي ودوره في حياتنا، موضحًا أن ما مضى من الزمن لا يمضي، بل يبقى هناك في مكان ما من العقل يمكننا استدعاؤه والنظر إليه بنشوة أو حتى بقرف، فكل ماضٍ يمضي من ناحية ولا يمضي من ناحية أخرى، فالماضي يمضي ويعود من ناحية أخرى. الذكريات الحلوة والذكريات الأليمة كلها أفلام يديرها العقل من أولها ومن آخرها ونتدخل في إخفائها وتعديلها، والتعديل نوع من الندم على ما حدث أو الندم على أنه لم يحدث بالصورة التي بدت بعد ذلك أنها صحيحة
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2004
ISBN9785976891739
الماضي يعيش

Read more from أنيس منصور

Related to الماضي يعيش

Related ebooks

Reviews for الماضي يعيش

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الماضي يعيش - أنيس منصور

    الغلافY01.xhtml

    الماضي يعيش

    إشراف عام: داليا محمد إبراهيم

    جميع الحقوق محفوظــة © لدار نهضة مصر للنشر

    يحظـــــر طـبع أو نشر أو تصوير أو تخزين أى جزء من هــذا الكتاب بأية وسيلة إلكترونية أو ميكانيكية أو بالتصوير أو خلاف ذلك إلا بإذن كتابى صريح من الناشر.

    الترقيم الدولى: 9789771425803

    رقم الإيداع: 2004/1664

    الطبعة السادسة: يوليو 2009

    Section0001.xhtml

    أسسها أحمد محمد إبراهيم سنة 1938

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    تليفون : 33466434 - 33472864 02

    فاكس : 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    الماضي يعيش

    ونحن طلبة كنا ننظر في ساعاتنا في محاضرة اللغة اللاتينية.. ولكن كنا نفاجأ بنهاية محاضرة (علم الاجتماع).. مع أن الزمن المحدد لكل من المحاضرتين واحد.. وهذا معناه: أن هناك زمنين.. الزمن الميكانيكي الذي تسجله عقارب الساعة أو تدقه ساعة الجامعة.. والزمن النفسي.. أي شعورك أنت بالزمن أو باستغراقك في شيء آخر يشغلك عن الشعور بمرور الوقت.. وما من حبيب جلس إلى حبيبته إلا وقد اندهش لمرور الوقت بسرعة..

    ولكن الذي مضى من الزمن لا يمضي.. يبقى هناك في مكان ما من العقل.. ويمكن استدعاؤه والنظر إليه بنشوة أو بقرف.. وكل ما مضى.. يمضي من ناحية ولا يمضي من ناحية أخرى.

    فالماضي يمضي ويعود.. بل دائمًا يعود.. الذكريات الحلوة.. والذكريات الأليمة كلها أفلام يديرها العقل من أولها ومن آخرها.. وتتدخل في إخفائها وتعديلها.. ويكون التعديل نوعًا من الندم على ما حدث.. أو الندم على أنه لم يحدث بالصورة التي بدت لنا بعد ذلك أنها صحيحة. ولكن الماضي لا يمكن تغييره. ما حدث لنا فقد حدث. ويجمد وانتهى.

    والمجانين فقط هم الذين انسحبوا من حاضرهم وأداروا وجوههم إلى ماضيهم واستقروا هناك.. أي أطبقوا عيونهم عن الذي أمامهم وفتحوها على ما كان وصاروا سجناء..

    وهناك الحالمون السلبيون.. والحالمون المبدعون.. فأحلام اليقظة هي نوع من البحث في زمن سوف يجيء.. والأحلام السلبية هي التي تستغرقنا فنظل هكذا نهيم في الذي لم يقع بعد.. دون أن نضيف أو نخرج من ذلك بشيء إلا الهرب من الواقع ورفضه والاحتجاج عليه.. أما المبدعون فهم الذين يعيشون في الزمان المتجدد.. ولذلك يلقون بشباكهم في المستقبل ويصيدون ما يرونه نافعًا لفكرتهم أو فلسفتهم أو مخلوقاتهم الفنية الجديدة.. والعثور على شيء جديد كان الإنسان يبحث عنه عشرات السنين ولم يهتد إليه.. ولكن واحدًا استطاع أن يهتدي إليه، ثم جعله حقيقة واقعة، هذا هو الاختراع العلمي والإبداع الفني..

    وفي حالة أحلام اليقظة السالبة وأحلام اليقظة الموجبة، هناك عنصر الزمن.. الزمن المقبل وقوفًا على رأس الزمن الحاضر الذي يقف على كتفي الزمن الماضي.. ففي كل الحالات هناك زمن.. وحدات من الزمن.. بالساعات والأيام والسنوات..

    وألف ليلة وليلة ليست إلا أحلام طفولة الإنسان العربي والفارسي والهندي.. يحلم بأن يكون قادرًا على تحقيق كل ما يتمنى.. مستخدمًا بذلك العفاريت والجن والسحر أي مستعينًا بقوى أكبر وأعظم.. وهذه القوى ليست هي الأخرى سلبية تمامًا. فهي تطاوع خيال الإنسان واحتياجاته أو تقاوم فتتسلط عليه وتنتقم منه كأن الإنسان لم يعاقب نفسه ويعذبها أيضًا. وأنه يجد لذة في ذلك العذاب..

    وكذلك الإلياذة والأوديسه عند الإغريق.. فهي نموذج لخيال الإنسان وإبداعه وعظمته في مواجهة الآلهة.. بل إن الآلهة تحاربه وهو ينتصر عليها. وتعاقبه الآلهة ولكنه يستطيع أن يتغلب عليها.. بأن يرفض إطاعة أوامرها.. مثلًا: الفتى سيزيف.. حكمت عليه الآلهة بأن يحمل حجرًا ويرفعه إلى أعلى الجبل فيسقط منه الحجر ثم يعود يرفعه هكذا إلى الأبد.. عقاب أبدي.. ولكن هذا المعذب أبدًا لا يشكو ولا يتململ ولا يركع! وهو حين يرفض الذل ويرفض العذاب لا يشكو ولا يتوسل ولا يتباكى، وهو بذلك يغيظ الذين حكموا عليه، فيؤكد لهم أنه أقوى من العذاب وأكبر من الألم، وأنه ليس كما توقعوا سوف يخرُّ ساجدًا طالبًا الرحمة، ولم يفعل، فأغاظ الآلهة!

    ولم تعرف البشرية بطولات ومغامرات وخرافات لها معنى فلسفي عميق عاشت عليه الحضارة الإنسانية كما وجد في الملاحم الإغريقية: ملل الآلهة، وعظمة الإنسان، ضيق الآلهة بحياتهم الكاملة الأزلية الأبدية والإنسان الذي يعيش يومًا بيوم ويجد لذة في الفقر أو لا يجد.. المهم أنه يشعر وأنه يشكو وأنه يتحدى وأنه ينتصر أو ينكسر، بينما الآلهة حياتهم لا لون لها ولا طعم ولا أول ولا آخر.. ولذلك يحسدون الإنسان على كل ما يطرأ عليه.. يحسدونه على أنه كائن زمني: ماضٍ وحاضر ومستقبل.. ثم عدم بعد ذلك!

    وفي تاريخ الأدب صورة لهذا التحدي الإنساني للزمن.. للزمن الذي وقف بين جدران السجن.. أو جدران غرف الموت.. ففي قصة لأديب النمسا أشتيفان تسفايج أن واحدًا سجنوه، ولم يجد شيئًا يفعله فراح يروي كل ما حفظ من الشعر، حتى فرغ منه فراح يعيد الكلمات مقلوبة حتى فرغ منها.. وبعد ذلك راح يقول كلامًا آخر من عنده.. إنه يرفض أن يكون حبيس الجدران؛ حبيس اللحظة الراهنة، حبيس الزمن الراكد الآسن.. الذي له رائحة العرق وعفونة الزنزانة وبرودة العزلة..

    وقصة أخرى يبدعها الأديب السويسري ديرنمات عن مجموعة من القضاة اختاروا لهم مكانًا في أحد الفنادق النائية على سفح جبل. وفي هذا الفندق كانوا يعيدون قضاياهم التي حكموا فيها.. ويقسمون أنفسهم محامين ومستشارين ومتهمين ومشاهدين.. ويندمجون في هذه القضايا سعداء بما فعلوا وبما اجتهدوا وبما عدلوه من أحكام ظالمة في ذلك الوقت.. أو أحكام مخففة فغلظوا العقوبة.. وفي يوم فوجئ القضاة بمن يدق الباب. إنه صاحب سيارة نفد منها الوقود يريد مساعدتهم. فاستضافوه، ووجدوه فريسة لاستطلاعهم وذكائهم ومهنتهم، وأقاموا له محاكمة، وظل المستشارون يستدرجونه حتى حصلوا منه على اعتراف بأنه ارتكب جريمة، ثم هرب من العدالة، وأمام هذا الاعتراف الخطير حاكموه وأدانوه ونفذوا فيه حكم الإعدام!

    فهم إما أن يعدمهم الزمن أو يعدموا الزمن.. فاختاروا ألا يموتوا وأن يبعثوا الزمن.. أن يبعثوا الماضي وينعشوه ويعيشوه مرة أخرى.. ويستمتعوا مرتين.. مرة بما كان ومرة بالذي أعادوه ونسقوه.. وبذلك عاشوا الزمن مرتين.. مرة كما كان ويستحيل تغييره ومرة أخرى بعد تعديله والإضافة إليه، والذي أسعدهم هو أنهم أفلتوا من الملل.. وحطموا سلاسل الماضي وأقاموه بصورة جديدة هي إبداع لما قد حدث.. صورة محسنة من صنعهم، وليسوا هم من صنعها. وقد أتاح لهم الرجل الضحية هذه المناسبة السعيدة!

    ويعيش الماضي يعيش مسلسل.. فيه شيء من ذلك. وأسهل. إنها حكاية طبيب يعالج المعذبين نفسيًّا. وقد جمع مشاكلهم في ملفات منظمة. وبعد أن اعتزل هذه المهنة. وجد فراغًا هائلًا.. ولكنه قاوم هذا الفراغ.. فعاد إلى عيادته وراح يقلب في الملفات القديمة.. وجلس وحده يدير شريط ذكريات الماضي.. يديرها برفق وبعطف وبدلًا من أن يتفرج على مرضاه راح يعايشهم وينصحهم ويدفعهم. وكأنه يعترض على نفسه.. كأنه يعترض على الطبيب القديم ويفسح المجال أمام الطبيب الجديد الذي صار فنانًا رحيمًا لطيفًا بمرضاه.. حكاية وراء حكاية،

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1