Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الحق المر ج 5
الحق المر ج 5
الحق المر ج 5
Ebook406 pages2 hours

الحق المر ج 5

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

هذا هو الجزء الخامس من الحق المر، وهى جرعات متنوعه كتبها الشيخ الكبير، وجمعت اوراقا متناثره من مكتبه.
في قرية نكلا العنب التابعة لمحافظة البحيرة بمصر ولد الشيخ محمد الغزالي في (5 من ذي الحجة 1335هـ) ونشأة في أسرة كريمة وتربى في بيئة مؤمنة فحفظ القرآن وقرأ الحديث في منزل والده ثم التحق بمعهد الإسكندرية الديني الابتدائي وظل به حتى حصل على الثانوية الأزهرية ثم انتقل إلى القاهرة سنة 1937م والتحق بكلية أصول الدين وفي أثناء دراسته بالقاهرة اتصل بالأستاذ حسن البنا وتوثقت علاقته به وأصبح من المقربين إليه حتى إن الأستاذ البنا طلب منه أن يكتب في مجلة "الإخوان المسلمين" لما عهد فيه من الثقافة والبيان.

فظهر أول مقال له وهو طالب في السنة الثالثة بالكلية وكان البنا لا يفتأ يشجعه على مواصلة الكتابة حتى تخرج سنة 1941م ثم تخصص في الدعوة وحصل على درجة العالمية سنة 1943م وبدأ رحلته في الدعوة في مساجد القاهرة.

توفي في 20 شوال 1416 هـ الموافق 9 مارس 1996م في السعودية أثناء مشاركته في مؤتمر حول الإسلام وتحديات العصر الذي نظمه الحرس الوطني في فعالياته الثقافية السنوية المعروفة بـ (المهرجان الوطني للتراث والثقافة ـ الجنادرية) ودفن بمقبرة البقيع بالمدينة المنورة. حيث كان قد صرح قبله بأمنيته أن يدفن هناك.
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2003
ISBN9787171921037
الحق المر ج 5

Read more from محمد الغزالي

Related to الحق المر ج 5

Related ebooks

Reviews for الحق المر ج 5

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الحق المر ج 5 - محمد الغزالي

    Section00001.xhtmlSection00001.xhtml

    جرعات جديدة من

    الحق المر

    15

    الجزء الخامس

    العنوان: الحــق المــر (الجزء الخامس)

    المؤلف: الشيـــخ / محمــد الغزالــي

    إشـــراف عـــــام: داليـــا محمـــد إبراهيـــــم

    جميع الحقوق محفـوظـة © لـدار نهضـة مصـر للنشـر

    يحـظــر طـــبـــع أو نـشـــر أو تصــويـــر أو تخــزيــــن أي جـزء مـن هـذا الكتـاب بأيـة وسيلـة إلكترونية أو ميكانيكية أو بالتصويــر أو خـلاف ذلك إلا بإذن كتابي صـريـح من الناشـر.

    الترقيم الدولـي: 978-977-14-2489-0

    رقــــم الإيـــــداع: 2003 / 18478

    الطبعة الخامسة: أغسطس 2005

    Section00002.xhtml

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    تليفــون: 33466434 - 33472864 02

    فاكـــس: 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    مقدمة

    أعلم ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، وذلك قانون إلهي کائن لا محالة.

    ويخالطني الألم والأمة الإسلامية تجتاز مرحلة صعبة من تاريخنا إزاء ما لحق بها من خسائر مادية وأدبية .

    لذلك أحرص دائمًا - في مرصدنا الذي نقف فيه لمشاهدة مراقب المسلمين أن أسجل ما يقع بالمسلمين من مصائب وما يحاك لهم من مكائد وما يقع بينهم من أخطاء، ونصوغ ذلك في سطور قليلة نذكرهم .. ونسائلهم ...

    متى يفيقون؟

    إننا لم نجبن عن تسجيل الأحداث غثها من سمينها ونسجل أمام الله ما علينا ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، لعل في ذلك ما يثقل الميزان .

    والإيجاز مقصود في كلمات مرسلة وسريعة، والمعاني المخبوءة كثيرة ضافية الذيول، ونهجنا في ذلك نهج «ابن الجوزي» في كتابه «صيد الخاطر» . فقد قل كلامه ودل على الصواب .

    والأمر يستلزم ذلك في هذا العصر .. تمشيًا مع طبيعة القراء .. فالملاحظة السريعة أحب إليهم من مقالة مسهبة وكلام ينسي بعضه بعضًا.

    وفي حياتنا قد تلقى الكلمة الكلمة، كما تلقى في الأفق سحابة سحابة، فينشأ من تلاقيها مطر يهمي وبرق يضيء..

    وسأكتب كل خاطرة ما تراخت منیتي ..

    فلنطالع هذه الفصول من «الحق المر» ففيها إن شاء الله ما يكفي ويفي، إنها حلقة من سلسلة تمتد ما بقي الأجل لعل فيها بلاغًا للناس .

    محمد الغزالي

    12 من شوال 1416 هـ

    3 من مارس 1995م

    حسن البنا

    أنا واحد من الذين صحبوا «حسن البنا» وتربوا على يديه وأفادوا من علمه، قد لاحظت في دراستي الطويلة للرجال أن الله جمع في «حسن البنا» مواهب عدد من الزعماء الإسلاميين الكبار أمثال «جمال الدين الأفغاني»، و «محمد عبده»، و «رشید رضا»، فكان إذا تحدث بين الناس التقى في حديثه ما تميز به أولئك الرجال كما تلتقي الأشعة في عدسة صافية تجمع ما تفرق وتضاعف أثره!!

    كان «جمال الدين» أول من أبصر الحقد التاريخي في ضمير الاستعمار الغربي، ونبه المسلمين إلى أن أوروبا لا تزال تحمل ضغائن «بطرس الناسك» في تعاملها مع المسلمين .

    وكان «محمد عبده» أول من أحسَّ حاجة الأمة إلى تربية واعية، تتعهد سلوكها بالعقل المؤمن، وتحرس نظامها بالشورى العامة ..

    وكان «محمد رشيد رضا» ترجمان القرآن وشارة السلفية الصحيحة والمفتي العارف بأهداف الإسلام والمستوعب لآثاره .. .

    شاء الله أن يكون «حسن البنا» وريث هؤلاء فكانت محاضراته في المدن والقرى علمًا وأدبًا وثقافة وكياسة، وقلما يفلت سامع له من التأثر به والانقياد إليه، وعلى هذه الدعائم نهضت جماعة الإخوان المسلمين، وانتشرت في أرجاء العالم الإسلامي، فكانت بمرشدها العام تجديدًا لأمر الدين، وتحصينًا لكيانه من الغزو الثقافي والسياسي الذي نال منه وأساء إليه .

    من الظلم اعتبار جماعة الإخوان حزبًا جُل نشاطه العمل السياسي في وطن من أوطان الإسلام، إن الدائرة التي عمل فيها «حسن البنا» أرحب كثيرًا، إنها تردید لغايات القرآن الكريم التي ذكرها في هذه الآية: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89].

    لقد كان الإمام الشهيد يبعثر العلم في خطبه كما يبعثر الزارع الحب في أرضه، وأعانته على ذلك موهبة لم تعرف في تاريخنا الثقافي إلا لأبي حامد الغزالي، فقد كان «أبو حامد» قادرًا على أن يشرح للعامة أفكار الفلاسفة ويجعل ما تعقد منها كلامًا سهلًا سائغًا، كذلك كان «حسن البنا» رضي الله عنه يلخص لسامعيه حقائق الدين والدنيا، ويوجههم برفق وحب إلى ما يريد من خدمة الإسلام وتجاوز المرحلة التاريخية الصعبة التي يمر بها أو التي كبا فيها ..

    وجهد الإمام الشهيد كان لا بد أن يلفت إليه أعداء الإسلام فاغتالوه لتستريح الشياطين منه..

    وما كان «حسن البنا» ولا الأقربون منه يخدمون الإسلام بالعنف أو ما يسمى الآن بالإرهاب.

    وقد قابلته يوم مقتل الخازندار - مستغربًا ما حدث - وكان القتلة من الإخوان - فأقسم بالله إن القاتل لو كان في السماء لبحث عن طريق يصعد إليه ليمنعه مما فعل!!

    وقد شعرت بأن بعض الإسلاميين يفقدون وعيهم أمام بعض الأحداث، ولكن ما ذنب «حسن البنا» وجماعة الإخوان كلها؟

    إن الرسالة التي حمل لواءها «حسن البنا» يجب أن تبقى، وهي رسالة يستحيل أن يكرهها مسلم مخلص لله ورسله ولا تزال جماعة الإخوان بعد عشرات السنين من اغتيال «حسن البنا» أعدل الجماعات الإسلامية .

    ولا يزال التاريخ الإسلامي المعاصر بحاجة إليها، وأحسب أن الذين يهاجمونها إما أبواق لأعداء الإسلام، وإما جهلة لايدرون شيئًا، والمرحلة التي نمر بها خطيرة، وقد قررنا ألا نموت بما نحمل من رسالات الله .

    * * *

    لم يكن شيئًا مذكورًا..

    فكرت قليلاً ماذا كنت من مائة عام، وماذا كان غيري من أترابي؟ أظن عامتهم إلا قليلاً جدًّا كانوا في أطواء العدم! كانت الأرض صفرًا منهم!

    ماذا كانوا؟ وأين؟ ربما كانوا حبات تراب تذروه الرياح، ربما كانوا قطرات مياه تجري في الأنهار! ثم تحولوا بعد ذلك إلى حبوب وبقول وفواكه، أكلها الآباء، ثم جعلتها أجهزتهم العتيدة دماء في العروق، ثم ماء دافقًا تفرزه الغدد المختصة، ثم تمضي السلالات وفق الأطوار المعروفة حتى تُنشأ خلقًا آخر ..

    إننا لم نكن شيئًا، ثم كنا، وقد لفتنا القرآن إلى هذا التاريخ الغامض عندما قال: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴾ [الإنسان: 1]. إن هذا الاستفهام تقریر لواقع ما يستطيع أحدنا إنكاره.

    إلا أن هذا التقرير جاء تمهيدًا لما بعده، لا من حياة أرضية فحسب ؛بل من حياة أخرى تزودنا بمواهب خاصة حتى نبلغها، ونتوزع على أنواعها ودرجاتها: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (٢) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 2، 3].

    لكننا لا نفكر في خلو الحياة منا قبل الميلاد، ولا في خلو الحياة منا بعد الممات، وإن كان الفارق بين الحالين بعيدًا!! الخلو الثاني فناء لأجسامنا وحسب، أما الأرواح التي احتلتها فهي تذهب إلى مصايرها وفق ما صنعت لمستقبلها!

    لكن هذه الأجساد التي خدمناها طويلًا، أين تذهب؟

    الجواب: تذهب من حيث جاءت: ﴿ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ﴾ [طه: 55]، ترى هل ستتحول إلى تراب ثم إلى حبوب وبقول وأشجار وأثمار؟

    إن هذا التساؤل مر بذهن أبي العلاء فقال:

    لكنني أعترض هذا التفكير، وأرى الانسياق معه عقيمًا؛ لأني إنسان بروحي وإدراكي وأخلاقي، لا بشعري وأظافري ولحمي وعظامي، والمهم هو الارتقاء بالروح إلى معرفة الله وتقواه، وعندئذ تظفر بالخلد، وتفتح لها أبواب السماء .

    الشيء الذي يصر الناس على تجاهله، ويرفضون التفكير فيه هو العدم الذي سبقهم، والعدم الذي سيلحق بعدئذ أجسامهم وحدها، ثم تبقى أرواحهم لتواجه أثر التجربة الصعبة في هذه الدنيا ...

    إن الجماهير تحس أنها تحيا، وهي رهينة هذا الإحساس تأبی ما عداه، ثم يفجؤها الموت فتعرف بعد فوات الأوان أنها أضاعت فرصة الاستفادة من العمر المحدود على ظهر هذه الأرض، أي من فترة الاختبار هنا!!

    والحضارة الغربية التي تسود الدنيا الآن تحتقر التفكير في الآخرة ؛ وتركز اهتمامها كله في هذه الدار .

    وقد فشل أهل الكتاب في أوروبا وأمريكا أن يلفتوا الأنظار إلى ما وراء هذه الدار، أما اليهود فلأن توراتهم التي بين أيديهم لم تذكر الجزاء الأخروي قط، وهذا من إضاعتهم للوحي الأعلى، وأما النصارى فإن لهم حديثًا عن الآخرة بالغ الضعف وظاهر أن الشهوات كانت أعتى منه فغطت عليه!!

    على أن الدين لا يذكر الموت ليعطل الحياة، وإنما يكفكف من غلوائها، ويمنع الافتتان بها، والغرق في حمأتها .

    * * *

    العرب من غير مصر

    شعرت بغضاضة وغضب عندما طلبت طوائف من الأكراد بقاء الجيش الأمریکي على أرض العراق .

    ومع علمي بما نزل بهم من هوان، على أيدي رجال البعث العربي، فإني ضقت بما وقع، وتمنيت أن يكون البديل المطلوب من المظالم السابقة إقامة حكم إسلامي راشد تتآخى في ظله شتى الأجناس وتختفي معه نعرات الجاهلية الأولى ..

    إن استئناف الماضي الطيب ليس شيئًا صعبًا، وقد ذابت الفروق الجنسية في ظل الأخوة الإسلامية قرونًا طوالًا ...

    وبدا لي أن صيحات استبقاء الأمريكيين مفتعلة، ولعلها بإيعاز من بعض دهاتهم!! زيادة في النكال بالعروبة الخائنة لدينها وتاريخها!

    وقد رأيت في المغرب الكبير أن الأوروبيين يبدون عطفًا مستغربًا على البربر والزنوج، ويوجسون خيفة من العروبة ويقظتها، وقد أثاروا فتنًا شتی حول هذه القضية، وخطتهم التي ينبعثون منها تمزيق الأمة الإسلامية، وتوسيع الفجوات بين شعوبها! وجهد المستشرقين والمبشرين وراء هذه الغاية لا ينقطع، وإعلامهم لا يخفت عن بث الوقيعة وإيغار الصدور!!

    ليت شعري، ما أصاب العرب حتی طوتهم هذه اللجة الطامسة لحاضرهم ومستقبلهم؟ لقد استيقنت من أن دسائس أجنبية وراء هذه المحنة تريد جعل هذه الأمة جذاذًا .

    وهناك صحافيون مختبئون في جحورهم ينتظرون الفرص لينفثوا السموم، هناك من يكتب طعنًا مريرًا في المصريين جميعًا!

    ماذا يبغي؟ يبغي خدمة سادته في عزل مصر عن العرب!!

    وما درى هذا الأعمى أن العرب من غير مصر لا يكسبون خيرًا ولا يدركون نصرًا، فهم كما قال حافظ:

    وقد سمعت أن صيحات حمقاء - عند الخلاف في بعض القضايا - انبعثت تطلب هدم السد العالي أو هدم الأهرام!!

    فهل يستريح الحاقدون عندما يتم ذلك .. وهل يكسبون إلا العزلة والحسرة والهزيمة؟

    إنني ما أشك في أن أصحاب هذه الصيحات مستأجرون لجهات استعمارية، ترید القضاء على وادي النيل كله ...

    عندما ذهب أنور السادات إلى بعض بلاد الخليج يريد أن تتعاون معه على سداد دیون مصر، قوبل بألفاظ مقذعة، وشنت حملات مجنونة على المصريين أجمعين، فماذا كسب العرب من اتفاق مخيم داود؟ والصلح مع إسرائيل؟

    لقد اعتقدت أن الذين شنوا هذه الحملات أجراء للصهيونية العالمية يعملون لحسابها، وينفذون مخططاتها، وصدقت الأيام ما رأيت ..

    ويوجد الآن من يشتم شعبًا عربيًّا كاملًا، يبتغي النيل من مكانته وكرامته، وما يعنيني أن يكون هذا الشعب في إفريقيا أو في آسيا، إنما الذي أحس الجزع منه نتائج هذه السفاهة، في زيادة الطين بلة، وزيادة الصف ضعفًا .

    في كل بلد من يحسن ومن يسيء، ومن يخطئ ومن يصيب، فمن كان ناصحًا لله ورسوله، فليتخير ألفاظه، وليتحسس خطاه ..

    وإن عجز عن ذلك فالسكوت فريضة عليه ...

    أناشد جماهيرنا أن تعرف خطورة أوضاعنا، وتكالب أعدائنا، وأطالبها بأن تصم آذانها عن شتائم السفهاء لشعوب بأسرها، فهذا أولًا ظلم، وثانيًا لا يفيد منه إلا الخصوم ..

    نحن ننادي بجمع الشمل وتلاقي الأهل .

    لماذا يرهبون المعتدلين ؟!

    لا أستنكر عقوبة على من يساند رأيه بالإرهاب، ويريد إكراه الناس على مذهبه في الحياة!.

    فليس هذا أسلوب القرآن الكريم الذي يقول لنبيه: ﴿ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [يونس: 41].

    أما الذين يعرضون ما عندهم بالرفق والحجة فلا مساغ للقسوة عليهم أو معاملتهم بالعنف.

    وعندما كنت في الجزائر جاءتني شكاة من نحو ستين طالبة وموظفة بأنهن مهددات بالفصل من وظائفهن ومعاهدهن إذا ارتدين الحجاب - وهو شيء آخر غير النقاب - فقلت: لماذا تحاول المتبرجات - بالإرهاب والتهديد - أن يفرضن مسالكهن على الأخريات ويضطررنهن إلى العري؟

    إن الإرهابيين من أتباع الأديان الأخرى مدللون كما يقع في إسرائيل، أو يعاملون بالقانون العادي كما يقع في أقطار أخرى .

    أما في البلاد الإسلامية فإن التهمة بالإرهاب لا تكاد تناقش وتخترع لها محاكمات غريبة وأسباب ملفقة!!

    وقد نشأ عن هذا أن بعض طلاب النجاة أخذ يفر من الانتماء الإسلامي ويخشی على نفسه وأسرته من هذا البلاء ..

    إنه لا وجاهة لمن يشتكي من العدالة!

    أما أن يكون التدين تهمة يقذف بها الناس حتى تثبت براءتهم فذلك مرفوض!

    أريد أن أقول للعرب كلهم شعوبًا وحكومات: إن إسرائيل الصغرى تتهيأ لتكون إسرائيل الكبرى، ويوشك أن يهدم الأقصى ليرتفع مكانه هیکل سلیمان .

    ويوشك طبقًا لتعاليم التوراة أن تكون حدود إسرائيل من الفرات إلى النيل!! وما يقع في العالم العربي اليوم من إرهاصات هذا البلاء.

    والواجب أن نحمي دیننا من العدوان عليه، كما نحميه من العدوان به، إنه لا مكان لإضاعة الصلاة واتباع الشهوات وإشاعة العبث في بلاد يستعد اليهود لإرغامها على الرضا بالدنية، والتسليم بالهزيمة، والانخراط تحت لواء الصهيونية العالمية، ومساندتها في ضرب الإسلاميين.. اعدلوا هو أقرب للتقوى .

    * * *

    الصياح بطلب الحكم!!

    سقطت دولة الإسلام الكبری من سبعين سنة خلال عواصف داخلية وخارجية أظلم معها كل أفق، وخبا كل فكر .

    وليس مستغربًا أن يسعى المسلمون المخلصون خلال هذه المدة کي يرفعوا الراية التي سقطت، ويعيدوا البناء الذي انهدم ...

    وقد تألفت جماعات إسلامية لبلوغ هذه الغاية، كانت جماعة الإخوان بلا ريب طليعتها، وهناك جماعات أخرى، في أقطار شتی تسعى للغرض نفسه، وما يرتاب أحد في نبل الغرض، ولكن حديثنا هنا عن طبيعة الوسائل، فإن البعض ظن طلب الحكم هو الخطة الفريدة لخدمة الإسلام وبناء حكومته ..!

    إن إقامة الدولة المنهدمة لا تصح ولا تتم إلا بإقامة الأمة نفسها، وشفائها من عللها، وهو عمل ينبغي أن يكون الشغل الشاغل للإسلاميين إلى جانب نشاطهم النظري في بناء النظام السياسي للإسلام ...

    وعندي أن طلب الحكم لا يستغرق إلا 1 ٪ من العمل الإسلامي الصحيح، أما التسعة والتسعون جزءًا الأخرى ففي ترميم الكيان الشعبي المنهار في كل مكان .

    وأنا أنظر بريبة شديدة فيمن لا صياح لهم إلا طلب الحكم، وأخاف أن يقع مستقبل الإسلام بين أيديهم ؛ فيكتنف الظلام مستقبل الإسلام .. .

    هناك أعمال

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1