Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الإسلام والمناهج الاشتراكية
الإسلام والمناهج الاشتراكية
الإسلام والمناهج الاشتراكية
Ebook393 pages2 hours

الإسلام والمناهج الاشتراكية

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تعد دراسة الكاتبة هذه سبقاً لكل علماء عصره، ففي هذا الكتاب تعديل وضبط لموقف الإسلام من أوضاع الملحدين، فهو يعد دراسة فقهية لكثير من الأسئلة التي ضجت بها لجان وصفحات الفتوي في المؤسسات الدينية، فنجد فيه رفضًا لتسمية الاشتراكية ونقاشًا لقضايا التمليك ونظام الملكية، مع عرض لنظم الفساد وسرد لأدق البحوث في مجال الربا والخصخصة والتأمين، والعلاقة بين صاحب العمل والمسكن الصحيح، كما يتعرض لأنواع الأوقاف الإسلامية التي بدأت تتلاشي بالعالم الإسلامي.. هذا ويعد الكتاب تكملة لكتاب سابق لذات الكاتب وهو الإسلام والأوضاع الاقتصادية.
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2004
ISBN9783545668607
الإسلام والمناهج الاشتراكية

Read more from محمد الغزالي

Related to الإسلام والمناهج الاشتراكية

Related ebooks

Reviews for الإسلام والمناهج الاشتراكية

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الإسلام والمناهج الاشتراكية - محمد الغزالي

    Section00001.xhtml

    الإسلام والمناهج

    الاشتــراكــية

    7

    طبعـة جديـدة محققة

    العنـــوان: الإسلام والمناهج الاشتــــراكــــية

    تأليــــف: الشيـــخ / محمــد الغزالــي

    إشـــراف عـــــام: داليـــا محمـــد إبراهيـــــم

    جميع الحقوق محفـوظـة © لـدار نهضـة مصـر للنشـر

    يحـظــر طـــبـــع أو نـشـــر أو تصــويـــر أو تخــزيــــن أي جـزء مـن هـذا الكتـاب بأيـة وسيلـة إلكترونية أو ميكانيكية أو بالتصويــر أو خـلاف ذلك إلا بإذن كتابي صـريـح من الناشـر.

    الترقيم الدولـي: 978-977-14-2584-6

    رقـــم الإيــــــداع: 2004 / 1668

    الطبعة الرابعة: ينايـــــر 2005

    Section00002.xhtml

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    تليفــون: 33466434 - 33472864 02

    فاكـــس: 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    بِسمِ الله الرَّحمن الرحيم

    ﴿ فِي سَبِيلِ اللَّهِ....................﴾

    ﴿ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ ﴾

    «دراســــة»

    من أول وهلة يتسرب للأذهان ما يرحل بهذا الكتاب لأزمنة سالفة مضت عليها سنون عددًا..

    لقد ألف الشيخ الغزالي هذا الكتاب سنة 1947 تكملة لكتابه الأول «الإسلام والأوضاع الاقتصادية»، ومن ثم فهو امتداد للمؤلف السابق عليه.

    والكتاب صورة حية رائعة لموقف الإسلام من أوضاع أعلنها الملحدون حلًّا للفقر وقلة الحاجة.. حلًّا لأحوال طبقة معينة خاضعة لبعض الأنظمة المستبدة..

    الكتاب تعديل وضبط وتصحيح لتلك الآراء وبيان موقف الإسلام جليًّا بصورة كتب لها الخلود والاستمرار ولم يقدر على تخليد الآراء سوى الشيخ الغزالي.

    وفي الكتاب دراسة فقهية لكثير من الأسئلة تضج بها لجان وصفحات الفتوى في المؤسسات الدينية.

    والشيخ بهذه الدراسة يسبق علماء عصره والسابقين في طريق هذا المجال الصعب، وإن كتب بعده الشهيد سيد قطب والدكتور «مصطفى السباعي» واستعان الدكتور القرضاوي بآراء الشيخ الجديرة بالتسجيل في كتابه الشهير «فقه الزكاة» وغيرهم من أساتذة الجيل ورواد الاقتصاد والفكر الحر.

    ومن الصعب أن نوجه للكتاب نقدًا يستحق التسجيل إلا أن الشيخ نقد نفسه بمنتهى الشجاعة ورفض تسمية «الاشتراكية» وسجل ندم الدكتور مصطفى السباعي -رحمه الله- على استخدامه لفظ الاشتراكية، والسبب أن الاشتراكيين الشيوعيين تركوا رأي الإسلام ومنهجه الاعتدالى واعتبروه دليل مشروعية لمناهجهم الاشتراكية!!

    فقد قال الشيخ الغزالي - رحمه الله - «.. أذكر أن صديقى الأستاذ مصطفى السباعي ألف كتابًا عن اشتراكية الإسلام ضمنه حقائق كثيرة لصرف الشباب عن الشيوعية، وقد ندم على العنوان الذي اختاره لكتابه..

    وأنا أعلم سر ندمه لأنني خضت مثله هذه المحنة.. لقد ظهر لنا أن هؤلاء الاشتراكيين العرب يريدون كلمة الاشتراكية وحدها.. ولا يهتمون بعد ذلك للعقائد والعبادات التي هي لباب الإسلام.

    وعندما كنا نبرز لهم من تعاليم الإسلام ما يغني عن المبادئ والتطبيقات التي سحرتهم من ثقافة الغرب والشرق، كانوا يأخذون هذا البدل المعروض ويجردونه من صبغة الإسلام، ثم يمضون في طريقهم دون إسلام أو آخرة أو خُلق.

    ومن هنا وضع الله الشؤم في سياستهم الاقتصادية فما دسوا أصابعهم في خضراء إلا جفت، ولا دخلوا بلدًا إلا نعق بين أيديهم البوم، وعم القشف الأُسر والأفراد..

    إنهم - كما قيل - أفقروا الأغنياء ولم يغنوا الفقراء، وتلك هي حدود اشتراكيتهم، ومبعث كراهية الجماهير لها..

    وقد أظهرت الأيام أن النظام الشيوعى ليس منهاجًا اقتصاديًّا ناجحًا، بل هو أسلوب قاس لمساندة حكم فردي شديد الاستبداد.. ومع هذا كله، فإن الاشتراكية حلم طبقات كثيرة من الناس.. لماذا؟ ألأنهم لا يعرفون مقابحها؟ ربما..

    لكن الذي أرجحه أن الرأسمالية الاستعمارية في الغرب من وراء هذه الأماني الباطنة، فهي رأسمالية تأكل السحت.. وتهوى الاحتكار.

    لهذا كانت رؤية الشيخ في خطأ التسمية بكلمة الاشتراكية..

    أما سعيه الحثيث لبيان موقف الإسلام فقد ذكر عن ذلك قائلًا: «.. والإسلام الذي شرفنا الله به احتوى ثروة هائلة من النصوص والتوجيهات التي تحترم رأس المال، وتصون حق صاحبه فيه، وفي الوقت نفسه تدفع الغنى إلى جعل ماله مصدر بركة للجماعة، وتقيم من الجماعة رقيبًا يمنع الغنى المطغي، والفقر المُنسي سواء بسواء...»(1).

    وأخيرًا يؤلف في كتابه مجموعة من الأفكار والآراء ربطها جميعًا.. فيناقش قضايا التمليك ونظام الملكية ويلمز الفساد السياسي ويجرى أدق بحوث الربا ويسجل رأيه في ما يسمى بالخصخصة الآن والتأمين.. والعلاقة بين العامل وصاحب العمل والمسكن الصحيح..

    وغير ذلك من الآراء التي خلدها بقوة حجته وبراعة استدلاله.

    وقد استدعت الأمانة العلمية أن نورد ما رآه الشيخ جديرًا بالتسجيل وأوردناه في طبعة هذا الكتاب.

    وتبقى كلمة..

    ألا وهي صعوبة التأليف في تلك الفترة التي كانت فيها الرقابة على الصحف والمؤلفات صارمة والتنكيل بأصحاب الرؤى الفكرية والأقلام الحرة، لكن شيخنا لم يخش ذلك، وسلك طريقه المستقيم وصراط ربه السوي.. تعلق بالله وكتب ما كتب.. ولم يبال.

    «المحقق»

    (1) الدعوة الإسلامية تستقبل قرنها الخامس عشر - مكتبة وهبة - ط الثالثة 1990 - ص 110، 111.

    بــــداءة

    المدى واسع بين الظروف التي ألف فيها هذا الكتاب، ونشرت فيها طبعاته الأولى، وبين الأيام التي نحيا فيها الآن، والتى تفتقت فيها الغيوب عن أمور لم تكن في الحسبان!

    لقد زال ملك أسرة! وجلت جيوش غزو! ووضعت بذور وحدة (2)!

    وأخذت تتضح معالم أمة حاولت الليالي طمسها! وطلائع حضارة تريد أن تنمو في مغارسها الأولى، وأن تمتد مع منهاجها القديم...

    ومن حق القراء الذين يحتفون بما أكتب أن يستيقنوا من الخطة التي لا نحسن غيرها.

    وهي أننا - من الناحية العلمية - نجتهد في ذكر الحقيقة كاملة غير منقوصة، ونقية غير مشوبة.

    ومن الناحية الخلقية نصارح بذكرها كل إنسان ونعتدها شهادة يجب أداؤها لله دون إيهام أو إشفاق...

    وأملي أن أوفق لخدمة ديني، وأن يقبل مني هذا الجهد!!

    وأحمد الله أن قمت بهذا الواجب حين نكص آخرون ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي﴾ [يوسف: 35].

    وأسأل الله هدى يضيء السبيل، وعونًا يذلل الصعاب.

    محمد الغزالي

    (2) زالت أسرة «محمد علي»، وقامت حركة يوليو 1952، ورحلت جيوش إنجلترا عن مصر.

    مقدمة الطبعة الثانية

    الإسلام في أوطانه

    جرت هذه الكلمة على لسان كثير من الساسة والرؤساء في بلادنا:

    «إن الإسلام يعصمنا من الشيوعية(3)، وفي مبادئه المثلى غناء عن الأفكار التي غزت أقطارًا أخرى من العالم».

    ونحن أعرف الناس بصدق هذه الكلمة.. وأعرف الناس - كذلك - بأن الذين قالوها رجال كذبة، لا يتعصبون للإسلام ولا يسعون لنفع الأمة البائسة بتعاليمه الحانية الرشيدة.

    ويذكرنا موقف هؤلاء الزعماء من الإسلام بموقف المنافقين القدامى من رسوله العظيم: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾(4).

    إن الإسلام حصانة ضد المبادئ المتطرفة حقًّا، ولكن ما هو هذا الإسلام الذي يعصم بلاده ضد الفلسفات الهدامة؟

    أهو هذه الآيات المكتوبة بين دفتي المصحف حبرًا على ورق، لا يسمع لها أمر، ولا يجاب لها نصح؟!

    أهو هذه الأحاديث المهملة من سُنَّة رسوله الكريم، لا يُتخذ منها أسوة، ولا يقترب نحوها خطوة؟!

    ومن هم أولئك الأوصياء على هذا الإسلام؟!

    الذين يملئون أفواههم باسمه، ورطوبة الخمر لا تزال تدور في أشداقهم؟ أو الذين يقضون أعمارهم في الملاهي، ولا يعرفون الطريق أبدًا إلى بيوت الله؟!

    فإذا عرفت لأحدهم صلاة فهي ضريبة أداها مرغمًا ليمسك بها صلته المزورة بهذا الدين المزعوم.

    إن الإسلام حقًّا سياج لأتباعه، يحميهم من كل ما يرزؤهم في معاشهم ومعادهم، لكن متى تتم هذه الحماية ويحكم أمرها؟

    إذا قبلت توصيات الإسلام في نواحي الإصلاح العام، ونفذت بأمانة ودقة.

    أمَّا أن تُقصى التربية الدينية من برامج التعليم.

    أمَّا أن تُقصى التشريعات الإسلامية من ميدان القانون.

    أمَّا أن تُقصى القواعد والمبادئ المالية الإسلامية عن شئون المجتمع.

    أمَّا أن يُعزل الإسلام عن الحكم والتوجيه والقيادة.. ثم يقال: إن الإسلام سوف يحصننا من الشيوعية.. فهذا هو النفاق البارد!!

    إن الإصلاحات التي يقترحها الإسلام لمحاربة الفساد المنتشر في جنبات الأمة الإسلامية، تحارب مثلما تحارب الشيوعية الآثمة أو أشد!

    ومع ذلك فإن انسلاخ الوجوه من قشرة الحياء يسول للساسة الكذبة أن يقولوا: إن الإسلام سيحمي أتباعه من الشيوعية.

    ولــن تقــر عيـن الشيــوعية بشـيء كـأن يكـون خطنـا الدفاعـى بإزائها على هذا الضعف والاضطراب.

    شرف الدعاة إلى الإسلام مهدد:

    يوجد فئات من الناس يعملون لخدمة الإسلام هنا وهناك، في مقدمتهم أو من بينهم العلماء المختصون بالثقافة الإسلامية والعبادات الشخصية.

    والعبء الذي يقع على رجال الأزهر في هذا المضمار كبير، وحسابهم عليه عسير.

    والمعروف من نصوص الإسلام أنه يحارب المنكرات كلها، وأنه يحارب صدورها من أفراد الأمة جميعًا.

    فإذا حدث أن علماء الدين هاجموا منكرًا بعينه وسكتوا عن منكر بعينه، أو ثاروا لصدور هذه المنكرات من شخص، وسكتوا إذا صدرت هي نفسها من شخص آخر، فهم - بلا ريب- مؤاخذون على هذا التفريق والتمزيق لتعاليم الإسلام!!

    فضلًا عن أن هذا الموقف المتناقض سيهبط بقيمة الحق في كلامهم يوم تستدعي الأحوال أن يقولوا للجماهير أي كلام...!

    ولعل هذا سر انصراف الطوائف المختلفة عن الدروس والمواعظ التي تبذل لهم كل يوم بالمجان مع كثرتها وقوتها.

    ***

    إننا نتساءل عن سر هذه الهدنة القائمة بين كبار الشيوخ في الأزهر، وبين طبقة الكبراء في الشرق الإسلامي المعذب؟!

    إن الأولين مكلفون ببذل النصح وسوق الإنذار، والآخرين تنوء كواهلهم تحت أثقال فادحة من التفريط في الواجبات واغتيال الحقوق والحرمات.

    ومع ذلك فليست بين الفريقين حرب معلنة بل صداقة نامية على مر الأيام!

    آه.. لو أمسك أحد أولئك الشيوخ الفضلاء بتلابيب واحد من هؤلاء الكبراء، وهو يسرق من أرض الشعب أفدنة أو من مال الدولة قروشًا ثم فضحه - باسم الإسلام - على رءوس الأشهاد.

    إذن لتأخرت الشيوعية ألف ميل إلى الخلف، وقفز الإسلام ألف ميل إلى الأمام.

    ولكننا لما عجزنا عن النهوض بذلك الواجب، واحتبست الكلمات في حلوقنا، انقلبنا إلى العامة والدهماء نعظهم بالخطب الفياضة والمقالات البليغة.

    يحكى أن المعري مرض - وكان رحمه الله نباتيًّا- فلما رأي الطبيب هزاله أمر أن يذبحوا له ديكًا لعله يقوى بأكل اللحم!!

    وجيء بالديك مطهوًّا إلى أبي العلاء، فتحسسه في أسف، ثم قال: استضعفوك فوصفوك! هلا وصفوا شبل الأسد..؟ وامتنع عنه.

    وبرغم قصة أبي العلاء هذه، فسيترك الخاصة بغير نكير، ويتوجه إلى العامة النذير تلو النذير، ألا يغضبوا الله العلي الكبير!!

    ***

    وفي الفترة الأخيرة وقعت أحداث عميقة الدلالة بين أصحاب الإقطاع ورقيق الأرض انتهت بقتل عدد من الفلاحين في «كفور نجم» و«بهوت» و«كفر البرامون» كما هوجمت بعض القصور والمخازن وأشعلت فيها الحرائق.

    ولا شك أن «النيابة العامة» هي المختصة بتحقيق الناحية الجنائية في الموضوع، ثم إحالتها إلى القضاء.

    بيد أن هناك ناحية إنسانية حية لها وزنها الأكبر في هذه الأحداث المتشابهة، وأعتقد أنه كان على كبار الشيوخ - باسم الإسلام- أن يتحركوا لها، ولو برسائل تعزية لمن سقطوا صرعى.

    فإن الناس يحصون على كبار الشيوخ رسائلهم إلى الكبراء في أتفه المناسبات.

    إننى أقترح ذلك لأسد الطريق أمام المبادئ الهدامة وأنتزع الثقة من ذويها، ولن يتم شيء من ذلك بالضغط والكبت.

    ***

    هب أن معتديًا لطم ضعيفًا وأخذ منه شيئًا ما..

    وتطلع المسكين يمنة ويسرة.. فوجد رجلين: أحدهما شيوعي كافر، والآخر مسلم من هؤلاء الدهاقين الذين يقولون ولا يفعلون، أو على الأصح لا يقولون شيئًا.

    فأما الشيوعى فقد احتج على ما وقع وبدأ يعرض عونه..

    وأما الكاهن الآخر فقد أسرع مسيره، وهو يقول: يضيق صدري ولا ينطق لساني!!

    أليس هذا هو الشيطان الأخرس - كما سماه نبي الإسلام (5) -؟!

    أليس هذا الجبان الفار في معركة الشرف هو أول من يمد الشيوعية ويغري الجهلة باعتناقها؟!

    إننا نصرح في وجوه الكبار من علماء الأزهر بأن الإسلام في خطر! وأن شرف الدعاة إليه مهدد!

    وأن سكوتهم حيث يجب الحركة، وحركتهم حيث يجب السكون خبال يحملون وزره آخر الدهر..

    الإصلاح الداخلي أولًا:

    لقد تأكد لي أن مصر هي حجر الزاوية في نهضة العالم الإسلامي، وأن القوة التي تسري في أوصالها تنضح على جاراتها الأخرى بالحياة والنشاط.

    وهذا هو السبب الأصيل في عناد الصليبية الغربية، وضنها على بلادنا بحقوقها المقررة.

    وعندي أننا نتعلق بالوهم إذا كنا سنربط الإصلاحات الكبرى بجلاء الإنجليز - من تلقاء أنفسهم - عن وادينا العظيم.

    فإن الإنجليز لن يخرجوا إلا مكرهين، أي يوم يجدون تكاليف بقائهم في مصر أفدح من أن يحتملوها.

    وهذه لن تتم إلا إذا دعمنا نهضتنا الداخلية، ورفعنا مستواها المادي الأدبي أضعاف ما هو عليه الآن.

    وقبل أن نفاوض الإنجليز على قضيتنا نريد أن نفاوض أنفسنا: هل نحن مستعدون لإجراء هذه الإصلاحات المنشودة أم لا؟

    ***

    إن تدبير المال والأعمال والرجال هو قوام مجدنا وركيزة بنائنا.

    فأين تذهب أموالنا؟

    إن المصطافين من كبرائنا ينفقون في مواخير فرنسا نحو عشرين مليونًا من الجنيهات كل عام.

    فهل سنضع الحواجز أمام هذا السيل الدافق من ثروتنا القومية بعد الجلاء؟ ولماذا لا نضعها الساعة؟

    ثم أين الأعمال التي تستغرق أوقاتنا؟

    إن الفراغ يلتهم أوقات الفقراء والأغنياء عندنا حتى لنحسب الزمن أهون ما لدينا من متاع.

    وفي القاهرة مئات ومئات من الأندية التي تؤوي المتسكعين سحابة النهار وقطعًا من الليل.

    وأساليبنا في الحياة لا تكون شعبًا يسود في هذه الحياة...

    كنت أزور إحدى القبائل في فلسطين، فرأيت بضعة عشر رجلًا يتوافرون على صنع القهوة بالطريقة الفريدة التي لا يستجيد البدو سواها!

    فعرفت واحدًا من عشرات الأسباب التي أضاعت فلسطين من العرب.

    هذا الجهد الإنسانى الضائع عندنا سدى يقابله من الناحية الأخرى قوم يشحون بالدقيقة على اللهو، وينطلقون كادحين كأنهم جن سليمان لاستعادة ملك سليمان!... ملك إسرائيل..!

    وأين الرجال الذين نعدهم لما نبغي؟

    لقد كنت أقرأ أنباء البترول في إيران، وأنا أتميز من الغيظ.

    لا لأن إنجلترا تحق الباطل وتبطل الحق بجبروتها في البر والبحر والجو، فإن الأمة المستقلة تحتقر قوى العالم لو تجمعت ضدها تريد أن تكيد لها وتعتدي عليها.

    ولكن الذي غاظنى أن إيران كانت تستجدي الأخصائيين في صناعات البترول من أوربا وأمريكا!!... لماذا؟

    لأن الأخصائيين في هذه الأمور لا يوجدون في مصر أو العراق أو إيران.

    إن لدينا أخصائيين في الاستمتاع بالحريم! ومد الولائم! وتعذيب العمال فقط.

    أين الرجال الذين نعدهم لمستقبل مجيد بدل هذا الحاضر المنكود؟!

    ألا فلنعد إلى أنفسنا نفاوضها قبل كل شيء لتحقيق هذه الأهداف، فإذا ماطلتنا نفوسنا فلنقصر ملامنا لمن يستبيحون هضمنا.

    ***

    سيقول البعض: إن الاستعمار الأجنبي مصدر هذا البلاء كله، فإذا طردنا عصاباته تحررنا مما نشكو.

    أما أن طرد هذه العصابات المحتلة سيكون يوم فرحتنا الكبرى، فذلك ما لا يختلف فيه اثنان.

    كذلك لا يختلف عاقلان في أننا مقصرون تقصيرًا واضحًا في الإعداد لهذا اليوم وتقريب أجله...

    وفي مقدرونا أن نخطو خطوات حاسمة إلى غايتنا المرجوة، بيد أننا نقدم رجلًا ونؤخر أخرى، بل إننا بعد الأزمات الدستورية والأوامر العسكرية والقوانين الرجعية الأخيرة سراعٌ إلى الوراء.

    وهذا وذاك جعل شهية الإنجليز تنفتح لاستئناف القضم والهضم مرة أخرى.. من حقوقنا وحرياتنا...

    مصارحة!!

    إن الإسلام - ولا شيء غير الإسلام - هو الأمل الفذ لنجاتنا من التحالف الذي انعقد أخيرًا بين الصهيونية والصليبية الغربية، وكشف النقاب عن وجهه الوقاح فإذا هو وجه شيطان مريد!

    والإسلام الذي ندعو إليه، هو إسلام «محمد بن عبد الله»، أعظم مقرر للاشتراكية (6) الاجتماعية والديمقراطية السياسية في الأرض.

    وليس هو ما تدجل به الوثنيات السياسية في الشرق على قطعان العبيد المغفلة.

    نحن نعلم أن بيننا من لا يدين بالإسلام.

    وهؤلاء لا حرج عليهم ما دمنا وإياهم على هذه القاعدة المنصفة: «لكم ما لنا وعليكم ما علينا».

    وماذا يضيرهم إذا سدنا في بلادنا فسادوا معنا؟

    يعجبني قول الأستاذ «أمين بك نخلة» - وهو مسيحي كريم العاطفة صائب الحكم-: «وفي هوى محمد لا حرج في التمسك بالقومية والكلف باللغة، كما أنه لاحرج في التمسك بالدين...

    في هواه تتلاقى ملتا العرب: ملة القرآن وملة الإنجيل، حتى كأنما الإسلام إسلامان، واحد بالديانة وواحد بالقومية واللغة.

    أو كأنما العرب - على اختلاف أديانهم - مسلمون جميعًا حين يكون الإسلام هكذا هوى بمحمد، وتمسكًا بقوميته، وكلفًا بلغته!

    ومحمد لا تستطيع طائفة في العرب التباهي به - وحدها - فهو فضلًا عن كونه للخلق كلهم حيث يتشبهون بأكرم الناس، في حفظ النفس وحفظ الجار، وحفظ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1