Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

القناع
القناع
القناع
Ebook529 pages3 hours

القناع

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يتناول الكتاب الفطرة الطبيعية للإنسان التي خلقنا الله بها، وأن الإنسان إذا سيطر الخوف عليه فسيحجب عنه شخصيته الربانية الصادقة، وحينها سيرتدى قناعا مخافة أن يعيش رحيمًا فيستباح، ولو تغلب الإنسان على هذا الخوف المصطنع، لعاش بشخصيته الربانية الصادقة بلا قناع وعلى فطرته، ليسلط الكتاب الضوء على كيفية التخلص من عدة أقنعة نرتديها ولا نواجه الحياة بالفطرة الطبيعية السوية. إنه كتاب يدور حول اتساق الإنسان مع نفسه وفطرته وإيمانه ليحيا بشخصيته الحقيقية دون قناع...
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2023
ISBN9789771461937
القناع

Read more from مصطفى حسني

Related to القناع

Related ebooks

Reviews for القناع

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    القناع - مصطفى حسني

    Section00001.xhtmlSection00001.xhtml

    مصطفى حسني

    العنوان: القناع

    تأليف: مصطفى حسني

    إشراف عام: داليا محمد إبراهيم

    جميــع الحقــوق محفـوظــة © لدار نهضة مصر للنشر

    يحظـــــر طـبــــــع أو نـشـــــر أو تصــويــــر أو تخـزيــــن

    أي جــزء مــن هــذا الكتــاب بأيــة وسيلــة إلكترونية أو ميكانيكية أو بالتصويـــر أو خــلاف ذلك إلا بإذن كتابي صريــح من الناشـــر.

    الترقيم الدولي: 978-977-14-6193-7

    رقـــم الإيــداع: 2022 / 28878

    الطـبـعــة الأولى: يناير 2023

    Section00002.xhtml

    12 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    تليفـــــــون: 33466434 - 33472864 02

    فاكـــــــــس: 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    الإهداء

    إلى كل من يبحث عن نفسه الحقيقية الصادقة، والتي يشعر معها بالسكينة والثقة، ولا يحتاج إلى أي ادعاء أو تلوُّن لتحقيق أي منفعة أو كسب إعجاب، ثم يتألم بعد ذلك لبعده عن ذاته الحقيقية ..أيها الباحث الصادق..لعل هذا الكتاب من أجلك..

    مصطفى حسني

    ما هي سلسلة بناء العبد الرباني؟

    الأزمة الحقيقية التي يواجهها عالمنا الإسلامي هي الفهم السليم ثم التطبيق الرحيم للدين الإسلامي العظيم .. فهناك فجوة بين الشريعة الكاملة النقية وبين فهم العقول لمراد الله منها، وكيفية تطبيقها بالشكل الصحيح على واقع العصر الذي نحياه معًا.

    وطالما حلمتُ بأن أسهم بما أتعلم من العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية في بناء شخصية مؤمنة تحمل بين جنبيها نفسًا سوية وعقلًا مستنيرًا، نفسًا تصلح أن تكون خليفة الله في الأرض، نفسًا تحب العلم وتحترمه وتبحث عن صفات الله الظاهرة في الكون لتتعرف إليه .. لتتعلق به وتحبه،  ثم تنشر هذه الصفات بين الخلق، فترحم برحمة الله، وتعطي بكرم الله، وتسامح كما رأت ربها يعفو ويسامح، نفسًا ترى عمارة الأرض واجبًا لا يقل عن الصلاة التي تقدسها بين يدي ربها.

    وهذا مصداق قول الله في آية وصفت المتقين الصادقين: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾[البقرة : 177]

    دين شامل .. عقيدة أثمرت عبادة ظهرت آثارها في رقي معاملة الخلق وبناء الحضارة ..

    وهذا هو غاية الهدف والرسالة السامية التي أحملها على كتفي منذ أن بدأت طريق الدعوة من سنين عديدة، وهو بناء العبد الرباني العابد لسيده ومولاه، المنشغل بعمارة وطنه وأرضه، المتخلق مع الخلق بأخلاق ربه، حتى نعمل بوصية الله الخالدة لنا﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ [آل عمران : 79]

    ستجدون في سلسلة بناء العبد الرباني كتبًا تتناول البناء الكامل المتزن لهذا العبد الذي نحلم به ..

    ■كتب في بناء العقل السوي المستنير وضبط المفاهيم.

    ■كتب إصلاح القلب وتأهيله للفهم عن رب العالمين ليظهر ذلك في سلوكيات من يحمل الخير والحق والجمال للخلق.

    ■كتب عن العبادات؛ فهمًا لمعناها، وتعلُّمًا لكيفيتها، وسعيًا لارتقاء الروح بها.

    ■كتب عن المهارات الشخصية وتطوير النفس التي هي أمانة الله؛ لتصبح أكثر فاعلية في الحياة العملية وعمارة الأرض.

    ■كتب المعاملات بين المسلمين؛ للارتقاء في معاملاتنا مع بعضنا، وتقبُّل الطبيعة البشرية لكلٍّ منا.

    ■كتب عن السيرة النبوية وقصص الأنبياء العظيمة والتي نستوحي منها الطرق العملية للتصرُّف السليم في كافة المواقف التي نتعرض لها في حياتنا اليومية.

    ■كتب عن القرآن الكريم وتعلُّم كيفية فهمه وتدبُّره وتطبيقه بشكل عملي في حياتنا حتى نكون من «أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته».

    وأسأل الله أن يمن علينا بالعلم النافع، والرزق الواسع، والقلب الرحيم، والعقل الواعي المستقيم .. وصلِّ اللهم وسلم على راحم المساكين.. والحمد لله رب العالمين .

    من الحقيقة إلى القناع

    أكثر من سؤال طُرح عليَّ الفترةَ السابقة صَرفتْ ذهني لمناقشة موضوع هذا الكتاب، فكثيرًا ما يُرسِل لي أحد الأشخاص يقول: ما الذي يجعلنا نعيش في الدنيا مرتاحي البال وقريبين من رب العالمين؟ وهل من الممكن أن يعيش الإنسان محققًا هذه المعادلة المتزنة السعيدة في سكون وسلام مع النفس، وأيضًا لديه الهمة والرغبة في العيش ناجحًا محققًا أمانيه.. ويظل قريبًا من رب العالمين؟

    وما أكثرُ الأخلاق التي لا يُحب الله عز وجل رؤيتها من العبد؟ وما أكثر الأخلاق التي تجعل الإنسان يعيش في الدنيا سعيدًا، وقد أخذ نصيبه من خير الدنيا، وأيضًا يوم الحساب يكون مُطمئنًّا على نفسه؟

    معلومة مهمة قبل أن نبدأ الرحلة:

    هذا الكون يُدار بأربع سُنن، فالله سبحانه الله وتعالى يُدبر أمر الكون بأربعة ثوابت، من ضمن السنن الربانية: سُنة التدافع: وجود الخير والشر داخل نفس الإنسان وفي الأحداث، وتدافُع وتصارُع هذا الخير والشر، قال تعالى:

    Section00005.xhtml

    ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ).

    [البقرة: 251]

    Section00005.xhtml

    والإنسان بداخله نفس مُلهَمة؛ أي: مُستعدة لاختيار الخير أو الشر، فقد قال الله:

    Section00005.xhtmlSection00005.xhtml

    ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾: عَمِلَ على إصلاحها وحسَّنها، ﴿وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾: استسلم للشر واتبعه، والاختيار الذي طلبه الله سبحانه الله وتعالى من العباد هو أن يُزكوا ويُطهروا أنفسهم، ويختاروا الخير، ولا يستسلموا للاستعداد للشر الذي بداخلهم. ورسائل الأنبياء المُنزلة من رب العالمين جاءت لتزكية الخلق وتوجيه أنفسهم تجاه الخير، قال تعالى:

    Section00005.xhtmlSection00005.xhtml

    وإذا لم يستجب الناس لتزكية الأنبياء فسيظلون في ضلال للأبد.

    ورحلة التزكية التي تهدف إلى أن تُحسِّن من نفسك وتختارَ الخير تدور حول الصدق؛ أن تكون إنسانًا حقيقيًّا واضحًا، ظاهرك كباطنك، فمن المستحيل أن تصل إلى أن تكون نبيًّا عندما تُحسِّن من نفسك؛ لأن النبوة اختيار واصطفاء من رب العالمين، لكن إذا عشت في حياتك صادقًا واضحًا، ظاهرك كباطنك، ستظل تترقى في مراتب الصدِّيقين، فتعيش بوجه واحد صدِّيقًا، وتُبعث يوم القيامة مع سيدنا أبي بكر الصديق والسيدة مريم.

    Section00005.xhtmlSection00005.xhtml

    والصدِّيقة بنت الصدِّيق السيدة عائشة حبيبة رسول الله ﷺ وأم المؤمنين.

    ويجب أن تُدرِك أن أحلى حالاتك التي تُعامل بها الخلق والخالق، وأقرب حالاتك للخلق والخالق عندما تكون صادقًا واضحًا، وأكثر علاقة مسمومة قد تعيشها، تعيشها مع الإنسان الذي يكون ظاهره ليس كباطنه ليس واضحًا؛ لذلك خلاصة التديُّن والقرب من الخلق والخالق في قوله تعالى:

    Section00005.xhtmlSection00005.xhtml

    وما من نبيٍّ بُعِث لقومه إلا وثبتت في قلوبهم سُمعته أنه صادق.. كان الأنبياء لديهم مهارة في التجارة وسائر المعاملات، ولديهم كل صفات الكمال، لكن أشهر ما ورد عن الأنبياء:

    Section00005.xhtmlSection00005.xhtmlSection00005.xhtmlSection00005.xhtml

    عندما سُئل أبو سفيان قبل إسلامه من هرقل ملك الروم: ماذا تعرفون عن محمد الذي ظهر بينكم يدَّعي النبوة؟ قال له: ما جرَّبنا عليه كذبًا قط.. كرِّر العبارة على سمعك.. ما جرَّبنا عليه كذبًا.. قط.

    هذا الوضوح يخسره كثير من الناس في رحلة الحياة، هذا الصدق، أن يكون الظاهر كالباطن، لماذا يخسرونه ويغلب عليهم الادعاء؟ بسبب الخوف؛ فالخوف شعور يجعل الإنسان يفقد قيَمه، وعندما يخاف الإنسان يبدأ في تغيير شخصيته حتى يتجنب هذا الخوف؛ لذلك لن أتحدث في هذا الكتاب عن أصحاب الأقنعة؛ لأنهم أشرار.. الذين قال فيهم رسول الله ﷺ:

    Section00005.xhtml

    «يخرجُ في آخرِ الزَّمانِ رجالٌ يختِلونَ الدُّنيا بالدِّينِ، يلبسونَ للنَّاسِ جلودَ الضَّأنِ منَ اللِّينِ، ألسنتُهم أحلى منَ السُّكَّرِ، وقلوبُهم قلوبُ الذِّئابِ»(1).

    Section00005.xhtml

    لكن سأتحدث عن الإنسان الذي قد يكون مليئًا بالخير، لكنه يخاف من جزء ما في شخصيته لا يستطيع العيش به، فيضطر لارتداء قناع ليستطيع العيش ليداري هذا الجزء الذي يخاف منه في شخصيته، لكن هذا القناع مُرهِق لصاحبه ومؤذٍ لمَن حوله. سأتحدث عن الإنسان الخائف الذي صار الخوف جزءًا من شخصيته، لا يقوى على المواجهة.. مواجهة النفس قبل الغير، فيضطر إلى ارتداء قناع ليقوى على العيش.

    فكرة القناع

    هذه الفكرة لها أربعة أبطال، وهؤلاء الأبطال مأخوذون من نظرية لعالم نفس سويسري شهير ولد عام 1875 وتوفي عام 1961 يُسمى كارل يونج، لديه نظرية عن فكرة القناع سنستعين بها بجانب الأدلة الشرعية من القرآن والسُّنة وكلام العلماء.

    Section00005.xhtml

    Section00005.xhtml احتياجات الإنسان المشروعة التي من حقه تلبيتها.

    Section00005.xhtml شخصية الظل، وتمثل جزءًا من شخصيته يخاف منه.

    Section00005.xhtml القناع الذي يرتديه ليحقق به احتياجاته.

    Section00005.xhtml الشخصية الصادقة التي نبحث عنها، وهي أن يكون على طبيعته دون تصنع، وسيصل بهذه الشخصية لاحتياجه لو صبر على ذلك.. دون أن يفقد نفسيته.

    أولاً: الاحتياجات:

    كل إنسان خلق الله له احتياجات طبيعية من حقه تحقيقها؛ مثل احتياج البقاء؛ أي: المُحافظة على النفس، واحتياج التأمين من المخاوف، واحتياج الحب، واحتياج التقدير، واحتياج الشعور بالسيطرة والتمكين من إدارة الحياة، واحتياج الاستقلالية وإبداء الآراء دون السيطرة من أحد، واحتياج التأثير في حياة الناس وإحداث فرق، واحتياج جَنْي الاحترام ووجود مكانة بين الناس.. كل هذه الاحتياجات احتياجات حلال مشروعة من حقك أثناء رحلة حياتك أن تتعامل بطريقة تُلبي لك تلك الاحتياجات، وإذا لم تُلبَّ تلك الاحتياجات لدى الإنسان يعيش تعيسًا؛ لأن كل احتياج من تلك الاحتياجات يصنع فراغًا في شخصيته ونفسيته وسكونه وطمأنينة نفسه.

    ثانياً: شخصية الظل:

    كل إنسان لديه جزء ما في شخصيته لا يُحبه، ويرى أن هذا الجزء لا يُساعده في العيش سعيدًا أو لايستطيع أن يلبي احتياجاته؛ فبالتالي يخاف من هذا الجزء، ويريد دفنه فيرتدي قناعًا يتعامل به ليُغطي هذا الجزء الذي لا يُحبه في شخصيته. فعلى سبيل المثال هناك مَن يرى أنه عندما يكون طيبًا حنونًا سيكون مستباحًا بين الناس؛ لأن الناس يستغلون الطيِّب، فهو لديه احتياج للتقدير؛ فيقوم بارتداء قناع العصبي المُتحفز؛ لأنه لا يُحب جزء الطيبة بداخله؛ لأنه مصدر استباحة الناس له..ومن تلك النماذج كثير.

    ثالثاً: القناع:

    هو شخصية ليست شخصيتك، شخصية تُصدر منك تصرفات لا تكون راضيًا عنها، لكنه الملاذ الوحيد لديك لتحقيق احتياجاتك.. فيما تظن.. (مثل قناع صارخ الطموح، أو قناع اللامبالي، قناع المستخف.. إلخ ). القناع يجعلك تخسر الاحتياج الذي قمت بارتداء القناع لأجل تحقيقه؛ لأنك غير موفق من الله سبحانه الله وتعالى بسبب ادعائك وعدم صدقك حينها؛ لذلك لا نبحث عن القناع ولا حتى الموافقة على العيش بخوف شخصية الظل، لكن نبحث عن..

    Section00005.xhtmlSection00005.xhtml

    ..نبحث عن شخصيتك الأصلية الصادقة التي بها كل الخيرات التي خلقها الله، ويجب أن تدرك أن القناع ليس الأدوار التي تقوم بها؛ كأن تكون حازمًا في عملك، وفي البيت تكون الزوج الرومانسي، ومع الأولاد تلعب وتمرح معهم.. هذه أدوار وليست أقنعة، الأقنعة هي شخصيات مصدرها خوفك من جزء من شخصيتك فترتدي القناع حتى تستطيع الحصول على الاحتياجات؛ لأن بداخلك صوتًا يقول لك: إذا تصرفت بشخصيتك الطبيعية فستخسر كل ما تحتاج. القناع نابع من الخوف.

    أقْدَم المشاعر البشرية وأكثرها تأثيرًا على الإنسان هو شعور الخوف، ويقول المتخصصون: إن الخوف يقطع العملية الذهنية، ويؤثر على التفكير، ويجعل الإنسان لا يشعر بأي مشاعر أخرى معه، كلما قويَ الخوف قام الإنسان بتصرفات قبل التفكير بها فكانت ردود أفعاله غير محسوبة بسبب الخوف، الإنسان لديه أقوى وأقدم دافع وهو دافع البقاء ودافع الحماية (حماية نفسه)؛ لذلك فالخوف الزائد يؤثر على حكمة الإنسان ويشوش تفكيره؛ لذلك عندما يُذكرك الله سبحانه الله وتعالى بنعمه عليك يُذكرك دائمًا بنعمة الأمان، قال تعالى:

    Section00005.xhtmlSection00005.xhtml

    ووعد الله سبحانه الله وتعالى بتأمين المؤمنين بعدما عاشوا فترات من الخوف

    Section00005.xhtmlSection00005.xhtml

    فعندما تطرد الخوف تستطيع نصر قيمك على رغباتك، وعلماء النفس أقروا أن من ضمن الأشياء التي تُفسد على الإنسان تمسكه بالقيم: الخوف الشديد.

    الخوف نوعان:

    Section00005.xhtml خوف صحي: يجعلك تتخذ التدابير فتسير بالطريق الصحيح لتحمي نفسك، فمَن خاف من المذلة والاحتياج فسيعمل، ومَن خاف من اللوم على تقصيره فسيؤدي المسئوليات التي عليه، ومَن خاف من الإيذاء فلن يُعرِّض نفسه للمخاطر.

    Section00005.xhtml خوف ََمرضي: عندما يخاف الإنسان من أشياء أغلبها أوهام، تجعله يتنازل عن قيمه من أجل احتياجات أغلبها وهمي، مرتبط بظهوره ووضعه أمام الناس، وخوفه على الرزق في المستقبل، والله عز وجل هو ضامن الرزق، وكل ما عليك هو الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، وهذا يجعلك تفهم حديث النبي ﷺ:

    Section00005.xhtml

    «إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ»(2).

    Section00005.xhtml

    ..هنا تظهر الشخصية الصادقة.

    رابعاً : الشخصية الصادقة:

    وهذا هو هدفنا من هذا الكتاب؛ أن أعينك على أن تصل إلى تلك الشخصية، فالصادق باطنه من المشاعر كظاهره من التصرفات، ليس فقط صدق الكلام بل يوجد صدق النية ومُطابقتها للفعل، فالصادق لا تصدر منه تصرفات بها مراوغة، ولا يرتدي الأقنعة..

    Section00005.xhtml

    «إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا. وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا»(3).

    Section00005.xhtml

    ..الأقنعة أغلبها تحتها فجور «وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ»، بينما الصادق يظل يَصدُق حتى يُكتب عند الله صديقًا، وللأسف فإن مرتدي الأقنعة يظل يكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا..

    من أجمل المشاهد في سيرة النبي ﷺ مشاهد الوضوح، وهي أن يتصرف الإنسان بطبيعته، ويكون باطنه كظاهره دون ادِّعاء، وأعلى درجات الصدق هي أكثرها أمانًا في العلاقات حتى إذا لم يكن تصرف الطرف الآخر على هواك، لكنه واضح ليس لديه مراوغة، وأجمل صديق لك أو شريك حياة أو زميل في العمل هو الواضح، قد تختلف معه، لكنه واضح، فلا تُعطه ظهرك. أشهر ما في سيرة رسول الله ﷺ الصدق؛ ففي غزوة الخندق، بلغ عدد المشركين 10.000 مقاتل وعدد المسلمين 900، فتمَّ حفر خندق بعرض المدينة (حفرة كبيرة قد يصل عرضها 3 أو 4 أمتار وعمقها 3 أو 4 أمتار أيضًا)، والحرب على أشدها من شروق الشمس إلى غروبها، والشمس عندما تغرب في الصحراء -إذا لم يكن القمر مكتملًا- تُصبح مُظلمة تمامًا، ولو أعطى المسلمون ظهورهم للمشركين فسيتم قتلهم بالسهام أو الرماح.. وفي يوم من أيام الحرب كان سيدنا عمر بن الخطاب غاضبًا، وجعل يسب كفار قريش، وقال: يا رسول الله، والله ما صليتُ العصر حتى كادت الشمس أن تغرب. فإذا كان المغرب الساعة السادسة -مثلًا- فهو صلى قبلها بعشر أو خمس دقائق، بينما رسول الله ﷺ لم يُصلِّ العصر حتى غربت الشمس بسبب شدة الحرب، فتوضأ فصلى العصر ثم صلى المغرب بعدها:

    Section00005.xhtml

    عن جابر بن عبد الله أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يَومَ الخَنْدَقِ جَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَقالَ: يا رَسولَ الله، وَالله ما كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ العَصْرَ حتَّى كَادَتْ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: فَوَاللَّهِ، إنْ صَلَّيْتُهَا، فَنَزَلْنَا إلى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأَ رَسولُ الله ﷺ وَتَوَضَّأْنَا، فَصَلَّى رَسولُ الله ﷺ العَصْرَ بَعْدَما غَرَبَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ(4).

    Section00005.xhtml

    فلك أن تتخيل إذا كنت مرتديًا قناع «طلب المظهر أمام الناس» وقد فاتتك فريضة وقال لك شخص: أنت لم تستطع أن تُصلي العصر إلا قبل المغرب بدقائق. فستسكت ولن تتحدث أو تقول له: لا حول ولا قوة إلا بالله! هداك الله! لكن النبي ﷺ أخبر سيدنا عمر بالحقيقة بصدق، وهو أنه لم يُصلِّ العصر، وعلَّم النبيُّ الصحابةَ بعد ذلك أن مَن تفوته صلاة رغمًا عنه -لأن هذا فوق طاقة البشر، ولا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها- ماذا يفعل بعد ذلك.

    أيضًا من المواقف التي تُعلمنا الوضوح والبساطة أنه بعد غزوة من الغزوات كان قائدها سيدنا عمرو بن العاص، وكانت أول مرة يقود جيشًا، وحديث عهدٍ بالإسلام، ورغم ذلك آثر النبي ﷺ أن يجعله قائدًا على سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر وكبار الصحابة؛ لأن النبي ﷺ يعلم أنه قائد مُحنك قوي، فحدث وقتها خلاف، وعندما عادوا، سألوا النبي في هذا الخلاف، فسيدنا النبي نصر رأي عمرو بن العاص، فقام عمرو وسأل النبي أمام الناس كلهم:

    Section00005.xhtml

    «أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ. فَقُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: أبُوهَا.

    قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ. فَعَدَّ رِجَالًا»(5).

    Section00005.xhtml

    إلى أن عد النبي عشرين صحابيًّا، لدرجة أن بعض رواة السِّيَر يقولون إن سيدنا عمرو بن العاص سكت ولم يسأله؛ لأنه لم يجد اسمه منهم.

    هذا موقف واحد من مواقف عدة، وقِسْ عليه في التجارة، العلاقات، الزواج، الصداقة، السلم، وفي الحرب.

    «الباطن كالظاهر لا وجود للأقنعة».

    عبر رحلتنا في صفحات الكتاب التالية سأتناقش معك حول كل قناع، وكيف تنتزعه، وكيف تعيش بالشخصية الصادقة؛ لتبعث بعد ذلك مع الصديقين بإذن الله تعالى.

    الخلاصة

    فكرة القناع مبنية على أربعة أبطال:

    Section00005.xhtml احتياجاتك المشروعة التي من حقك تلبيتها.

    Section00005.xhtml شخصية الظل تخاف منها.

    Section00005.xhtml القناع الذي ترتديه وتعيش به حتى تُحقق به احتياجاتك.

    Section00005.xhtml الشخصية الصادقة التي نبحث عنها.

    الخوف نوعان:

    Section00005.xhtml خوف يجعلك تتخذ التدابير فتسير في الطريق الصحيح لتحمي نفسك.

    Section00005.xhtml خوف مرضي يجعلك تخاف من أوهام، فتتنازل عن قيمك من أجل احتياجات وهمية.

    Section00005.xhtml

    (1) راوه الترمذي.

    (2) رواه البخاري.

    (3) رواه البخاري.

    (4) رواه مسلم.

    (5) راوه البخارى.

    قناع المُتحفز

    كثيرًا ما يتردد في الأذهان: ما الذي حدث للناس؟ لماذا أضطر لفعل شيء غير صحيح حتى أستطيع أن آخذ وضعي بينهم؟ لماذا عندما أريد أخذ حق من حقوقي أضطر لإهانة الغير؟ لماذا من الصعب التحاور بأدب؟

    والإجابة عن تلك الأسئلة: حتى تُصبح إنسانًا محبوبًا بين الناس ينبغي لك كل يوم الابتسام في وجوه الآخرين، وتبدأ يومك بالسلام عليهم، والتحدث معهم بذوقٍ وأدب، لكن هذا الزمن ليس زمن الطيبين من العباد، بل هذا زمن الذئاب - كما قيل في أحد الأمثال -: (إذا لم تكن ذئبًا أكلتك الذئاب).. عينٌ قوية وصوت عالٍ وكلامٌ يُخيف.. حتى القريب منك أصبح يظلمك ويأتي عليك ولا ينفع معه إلا الوجه الآخر.

    الكثير من الناس يسيرون في الدنيا بمبدأ (الحياة بلطجة ويدك أهم من عقلك).. أما عبارات الاحترام (من فضلك، لو سمحت، حقك عليَّ، يا فندم) فليس لها مكان؛ لأن الناس قد تبدلت؛ لذلك تشعر كل يوم بخسران شيء من نفسك، فإذا أردت العيش هادئًا كوالدك وجدِّك فلا تتحدث عن حقك أو عملك أو حتى وضعك بين الناس؛ لأن كل هذا سبيله الضياع، وقد لا تستطيع استرداده. محاولة مواساة النفس بالضحك اعتقادًا منك بنسيان ما تعيشه.. هل هذا تدمير للنفس أم أنك قد فهمت حقيقة الدنيا والناس؟

    احتياجات المرتدي قناع المتحفز وشخصية الظل التي يخاف منها

    هو شخص يريد الشعور بالأمان وأن كلمته مسموعة، ويريد أن يشعر بالسيطرة على المكان الموجود به كعمله أو بيته أو مع أصدقائه، وأنه مقبول فيهم. لكن ترسخ بداخله في رحلة حياته أن الشخص الطيب مُستباح من الآخرين ومضغوط عليه منهم وغير قادر على أخذ حقه منهم، وهذه شخصية الظل التي يهرب منها؛ لذلك قام بارتداء قناع المُتحفز العصبي المُهاجم؛ الذي عرَّفه علماء النفس بأنه إنسان قلق بشأن حدوده، دائمًا لديه تصور أن الإنسان الطيب سيلتهمه الناس فيعيش بقناع المُتحفز العصبي المُهاجم.

    Section00006.xhtml

    Section00006.xhtml افتراض سوء النية:

    أن يفترض الإنسان سوء النية في كل من حوله، ويشعر بتقليل الشأن إذا تناقش معه أحد ما

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1