التطفيل وحكايات الطفيليين وأخبارهم ونوادر كلامهم وأشعارهم

By أبو بكر أحمد بن علي خطيب البغدادي

مقتطفات من كتاب التطفيل وحكايات الطفيليين وأخبارهم ونوادر كلامهم وأشعارهم للخطيب البغدادي، وهدف من تأليفه الكتاب إدخال البهجة والسرور على النفس، والترويح عنها بعد عناء التحصيل، وكد الذهن في القراءة والتأليف والدرس. بادئا بذكر التطفيل ومعناه، وأول من نسب إليه وعرف به، وبيان حكمه وحمده وذمه، وأخبار أهله الموسومين به، وذكر ما يستروح قلب العالم إليه من ثقل الجد، ويتروَّح خاطره بالنظر فيه من دوام الدرس والكد.

• Language: العربية
• Publisher: دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي - دار الكتب
• Release date: Mar 19, 2020
• ISBN: 9781912643448

Book preview

المقدمة

هذه مقتطفات من كتاب التطفيل وحكايات الطفيليين وأخبارهم ونوادر كلامهم وأشعارهم للخطيب البغدادي؛ أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي، ولد سنة (³⁹² هـ)، ونسب إلى موطنه بغداد، وشهرته بالخطيب تعود إلى والده الذي كان يلم بشيء من العلم، أهَّله للقيام بواجب الخطابة في قرية قريبة من بغداد، وتوجيه ابنه إلى طلب العلم وتحصيله في سن مبكرة. وقام الأخير في سبيل ذلك برحلات كثيرة إلى البصرة، ونيسابور، ودمشق، وصور، والقدس، ومكة، والمدينة، تعرَّف عبرها على شخصيات علمية كثيرة، وكان لها أثر واضح في تكوين شخصيته العلمية وإثرائها.

ويكاد يجمع أكثر من ترجم له على الثناء عليه والاعتراف بفضله، ومكانته العلمية، وبراعته في التصنيف والتأليف، والثقة بمروياته، وإمامته بالحديث، ومن هؤلاء الحافظ ابن عساكر، وابن خلكان، والسبكي، والذهبي، وياقوت الحموي الذي قال عنه: الخطيب أبو بكر البغدادي الفقيه الحافظ، أحد الأئمة المشهورين المصنفين المكثرين، والحفاظ المبرزين، ومن ختم به ديوان المحدثين، ومن أهم مصنفاته:

¹ـ تاريخ بغداد.

²ـ الكفاية في أصول الرواية.

³ـ شرف أصحاب الحديث.

⁴ـ الفقيه والمتفقه.

أما كتاب التطفيل فهو أحد أهم المصنفات في أدب الفكاهة، الذي بلغ أوجه وشهد أزهى فترات نموِّه في العصر العباسي، وقد تجلَّى ذلك عبر عدد من المصنفات والمؤلفات التي اتخذت من الفكه موضوعاً لها، وارتسمت بداياته وملامحه لدى الجاحظ في كتابه البخلاء، ولدى آخرين مثل ابن المرزبان في كتابه ذم الثقلاء، والنيسابوري في كتابه عقلاء المجانين، وابن الجوزي في كتابه الحمقى والمغفلين وكتابه الأذكياء، وهي مصنفات نجد في ثناياها ما يصور بعض الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية بأسلوب هزلي ساخر، وتعد أخبار المتطفلين وحكاياتهم ونوادرهم من أكثر المواد القصصية تواتراً في متون كتب التراث العربي، وهو ما يؤشر إلى ما تنطوي عليه هذه الأخبار من قيم معرفيه وجمالية حفَّزت الإخباري القديم على جمعها كما حدث مع الخطيب البغدادي في كتابه التطفيل.

وقد كان تأليفه كتاب التطفيل كما يوضح في مقدِّمته استجابة لأحد السائلين، دون إفصاح عن هويته، والمرجح أنه ابن المسلمة؛ وزير الخليفة القائم بأمر الله، الذي كانت تربطه به علاقة صداقة وثيقة. وهدف من تأليفه الكتاب إدخال البهجة والسرور على النفس، والترويح عنها بعد عناء التحصيل، وكدِّ الذهن في القراءة والتأليف والدرس. بادئاً بذكر التطفيل ومعناه، وأول من نسب إليه وعرف به، وبيان حكمه وحمده وذمه، وأخبار أهله الموسومين به، وذكر ما يستروح قلب العالم إليه من ثقل الجد، ويتروَّح خاطره بالنظر فيه من دوام الدرس والكد، مستشهداً على ذلك بقول علي رضي الله عنه: إن هذه القلوب تملُّ كما تملُّ الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكم، مؤكداً أن الترويح عن النفس بالمباح أمرٌ مرغوب، استحسنه الرسول ﷺ، وأشاد به العقلاء، وحبَّذه العلماء والحكماء، إذ يقول: ولم تزل أفاضل الناس وأكابرهم تعجبهم المُلَح، ويؤثرون سماعها ويهشّون إلى المذاكرة بها، لأنها جِمام النفس ومستراح القلب، وإليها تصغي الأسماع عند المحادثة، وبها يكون الاستمتاع في المؤانسة.

والمتتبع لما جاء في هذا الكتاب حول التطفيل يتبين أن التطفيل شكَّل ظاهرة اجتماعية لافتة في العصر العباسي، حتى إن فئة من الناس امتهنتها واتخذتها وسيلة للتكسب، وهناك من ورَّثها لأبنائه، وعُرف بها واشتُهر كـبُنان، الذي أمضى حياته بالتطفيل، وعنه أُخذت رسومه وحدوده وأحكامه وفنونه.

معنى التطفيل في اللغة

وأول من نسب إليه

أخبر الأصمعي قال: الطفيليُّ الداخل على القوم من غير أن