محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء

By أبو القاسم الحسين بن محمد راغب الأصفهاني

محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء للراغب الأصفهاني هو أشبه بالكتاب الموسوعي الغني بالتنوع والذوق الشعري، وروح الكاتب الذي يجيد أساليب التصنيف وطرائق العرض والتبويب، والذي لا تحوجه المنهجية العلمية ولا أداة التقسيم المنطقي؛ فهو يستمدها ولا ريب من زاد معرفي واسع، وإلمام بمصادر شتى أدبية وفلسفية. وتألف الكتاب من خمسة وعشرين بابا من المختارات الأدبية المتنوعة.

• Language: العربية
• Publisher: دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي - دار الكتب
• Release date: Mar 19, 2020
• ISBN: 9781912643370

Book preview

مُحَاضَرَاتُ

الأُدَبَاءِ وَمُحَاوَرَاتُ الشُعَرَاءِ وَالبُلَغَاء

الرَّاغِبُ الأَصفَهَانيُّ

PJ7601 .R34 2015

راغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد، ت. 1108 أو 9.

محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء / الراغب الأصفهاني؛ إعداد: خليل الشيخ. ط. 1. - أبوظبي: هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، دار الكتب الوطنية، 2015.

ص.: سم.- (عيون النثر العربي القديم)

تدمك: 8-428-17-9948-978

1. الأدب العربي – مختارات. 2. الأهاجي والفكاهات العربية. أ. شيخ، خليل. ب. العنوان ج. السلسلة.

إعداد

د. خليل الشيخ

خطوط

الفنان التشكيلي الخطاط

محمد مندي

© حقوق الطبع محفوظه

دارالكتب الوطنية

هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة

≪المجمع الثقافي≫

© National Library

Abu Dhabi Tourism & Culture Authority

≪Culture Foundation≫

الطبعة الأولى 1437هـ 2015م

الآراء الواردة في هذا الكتاب لا تعبر بالضرورة عن رأي

هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة – المجمع الثقافي

أبوظبي – الإمارات العربية المتحدة

ص ب: 2380

[e-mail]

www.tcaabudhabi.ae

المقدمة

كتاب «محاضرات الأُدباء ومُحاورات الشعراء والبلغاء» للراغب الأصفهاني (-502 هجرية)، هو واحدٌ من كتب المختارات الأدبيّة التي تتوزع على خمسة وعشرين بابًا تجمع بين الفكري والمادي، حيث أقام الأصفهاني موسوعته على مجموعة من الحدود، بلغت خمسة وعشرين حدًّا، ويندرج تحت كلِّ حدٍّ موضوعٌ قائمٌ بذاته، وهذه الحدود هي:

الأول: في العقل والعِلم والجَهل وما يتعلَّق بهما.

الثاني: في السِّيادة وذويها وأتباعها:

الثالث: في الإنصاف والظلم والحِلْم والعفو والعقاب والعداوة والحسد والتواضع والتكبّر.

الرابع: في النّصرة والأخلاق والمزح والحياء والأمانة والخيانة والرّفعة والنّذالة.

الخامس: في ذكر الأُبوّة والبُنوّة ومدحهما وذمِّهما والأقارب.

السادس: في الشُّكر والمدح والذمّ والاغتياب والأدعية والتهنئة والهديّة.

السابع: في الهِمم والجِدّ والآمال.

الثامن: في الصناعات والمكاسب والتقلّب والغِنى والفقر.

التاسع: في العطاء والاستعطاء.

العاشر: في الأَطعمة والأَكلَة والقِرَى وأوصاف الأطعمة.

الحادي عشر: في الشرب والشَّراب وأحوالهما وآلاتهما.

الثاني عشر: في الإخوانيات.

الثالث عشر: في الغَزَل ومتعلقاته.

الرابع عشر: في الشَّجاعة وما يتعلق بها.

الخامس عشر: في التَّزوّج والأزواج والطّلاق والعفّة والتَّديّن.

السادس عشر: في المُجونات والسخف.

السابع عشر: في خَلْق الناس وأسمائهم.

الثامن عشر: في الملابس والفرش.

التاسع عشر: في ذمّ الدنيا وإكشاف النّوب.

العشرون: في الدِّيانات والعبادات.

الحادي والعشرون: في الموت وأحواله.

الثاني والعشرون: في السّماء والأزمنة والأمكنة والمياه والأشجار والنِّيران.

الثالث والعشرون: في الملائكة والجنّ.

الرابع والعشرون: في الحيوانات.

الخامس والعشرون: في فنون مختلفة، وهو آخر الحدود.

يُعدّ الراغب الأصفهاني واحدًا من الَّذين ألموا بثقافات عصرهم من لغة وأدب وتاريخ وتفسير وحديث وفقه وفلسفة وعِلم كلام ومقارنة الأَديان، وكتب في هذه العلوم عن اطّلاعٍ واسعٍ وفَهمٍ عميقٍ، حيث يَكشف بناء هذا الكِتاب عن رؤيةٍ فكريّةٍ تَشمل الجوانب العقليّة والماديّة في الحياة الإنسانية، وتتبع هذه الجوانب في الشِّعر والنَّثر.كما أنَّه أسَّس لمنهجٍ جديدٍ للنَّظر في كِتاب الله، عزّ وجلّ، وهذا المنهج يتمثّل في أهمية الانشغال بالعلوم اللفظيّة أولاً، أي تحقيق الكلمة المفردة؛ لأنّ «تحصيل معاني مفردات ألفاظ القرآن هو من أوائل المعاون لمن يريد أنْ يُدرك معانيه، كتحصيل اللّبِن في كونه من أوّل المعاون في بناء ما يريد أنْ يبنيه».ويرى مصطفى حلمي في «الأخلاق بين الفلاسفة وعلماء الإسلام» أنّ الراغب الأصفهاني «يكشف عن حكيمٍ مسلمٍ، مَزَج النَّظر العقليّ التَّأمليّ في موضوعات الغياب - أو ما وراء الطبيعة - بنبضات الحياة الأخلاقية المُثلى للإنسان أثناء سَعيه في الأرض نحو غاية الغايات، وهي السعادة الأخرويّة الأبديّة، وأَعطى مدلولًا مُبتكرًا للحريّة بشقّيها الميتافيزيقي والأخلاقي لما أثبته من حرية الإنسان في اختيار أفعاله، إلى جانب مدلول الحريّة المُعبِّر عن سيطرة الإنسان على أهوائه وشهواته».

لم يكن كتاب محاضرات الأدباء أوّل كتاب يُصنَّف في هذا اللّون من الكتابة، فقد سبقه إلى التأليف فيه كثيرون، أمثال: ابن قُتيبة في «عيون الأخبار»، والمُبرِّد في «الكامل»، وابن عبد ربِّه في «العِقْد الفريد»، وهناك مَن أتى بعده من أمثال: الزَّمخشريّ في «ربيع الأبرار»، وأسامة بن مُنقذ في «لُباب الآداب»، والإبشيهيّ في «المُستطرَف في كلّ فنّ مُستظْرَف».

والمتأمّل في حدود الكتاب، يجد أنّ بعضها يُشكّل كتابًا مستقلًّا، فكأنّ الحَدّ أو المحاضرة يمثلّ وحدة قائمة بذاتها، فضلًا عمّا تمتاز الوحدة به من التَّسلسل والتدرّج، وقد تحدّث الراغب الأصفهاني عن منهجه، فقال: «وقد تحرَّيتُ فيما أخرجته من كلّ بابٍ غاية الاختصار والاقتصار، وأعفيته من الإكثار والإهدار؛ لئلَّا تُعافَ مُمارسته ومُدارسته، لكنْ عَظُمَ هذا الكتاب بعض العِظَم لكثرة فصوله وتحقيق تفاصيله».

لقد كان الراغب الأصبهاني مثقَّفًا واسعَ الأبعاد الثقافية والفكريّة، وكانت شخصيّته ذات مرتكزات ثلاثة: فهو فقيه، ومتكلِّمٌ وأديبٌ؛ لهذا خاض في مسائل الشريعة والعقيدة والأخلاق، ومَزَج الأَدلَّة الدينيّة بالأَدلّة العقليّة.

إلّا أنّ «محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء» هو أهم كتابٍ له يكشف عن شخصيّة الأديب الناقد، وهو أشبه بالكتاب الموسوعي الغنيّ بالتنوع والذوق الشِّعريّ، وروح الكاتِب الذي يُجيد أساليب التَّصنيف وطرائق العرض والتبويب، والذي لا تحوجه المنهجيّة العلميّة ولا أداة التَّقسيم المنطقي؛ فهو يستمدّها- ولا ريب- من زادٍ معرفيٍّ واسع، وإلمامٍ بمصادر شتَّى أدبيّة وفلسفيّة.

لقد كان الراغب يعي آداب النديم لهذا تراه يقول في المقدمة: «ومَن لا يتحلَّى في مجلس الأُنْسِ واللَّهو إلّا بمعرفة اللّغة والنّحو كان من الحَصر صورةً ممثلةً، أو بهيمةً مهملةً.ومَن لا يتتبَّع طرفًا من الفضائل المخلّدة على ألسنة الأوائل كان ناقصَ العقل.فالعقل نوعان: مطبوع ومسموع، ولا يصح أحدهما إلّا بالآخر».

مقدّمة الكتاب

الحمد لله الذي تَقْصُرُ الأقطار أنْ تحويَهُ، وتعجز الأستار أنْ تخفيَهُ، حمدًا يقتضي تضاعف نعمائه، ويمتري ترادف آلائه.وصلّى الله على مَن أوضح به الإعلام، وشرع بلسانه الإسلام، منار الهدى، وخيار الورى.

وبعد: فإنَّ سيّدنا-عمَّرَ الله بمكانه مرابعَ الكرم ومجامعَ النِّعم- أحبّ أنْ أختار له ممّا صنّفتُ من نكت¹ الأخبار، ومن عيون الأشعار، ومن غيرهما من الكتب فصولًا في محاضرات الأدباء، ومحاورات الشّعراء والبُلغاء، يجعله صيقل² الفهم ومادة العِلم.ففعلتُ ذلك إيجابًا له؛ إذْ قد جعل مراعاة الأدب شِعاره ودثاره، ومحاماة الفضل إيثاره واختياره، وجعل زمام حسبه بكفّ أدبه، وسَلَك في زماننا طريقًا قلّ سالكوه، و«طرق العلاء قليلة الإيناس».وقد ضمّنتُ ذلك طرفًا من الأبيات الرائقة، والأخبار الشائقة، وأوردتُ فيه، ما إذا قيس بما في معناه:

يكون منهُ مكان الرُّوح من جسدٍ

والبَدْر من فَلَكٍ والنَّجم من قُطبِ

فإنه ظرفٌ مُلِئ ظرفًا، ووعاءٌ حُشِيَ جدًّا وسخفاً مَن شاء وجد منه ناسكًا يعظه ويبكيه، ومَن شاء صادف منه فاتكًا³ يضحكه ويلهيه.

وأعوذ بالله أنْ أكون ممّن مدح نفسه وزكّاها، فعابها بذلك وهجاها، وممّن أزرى بى عقله، لإعجابه بفعله، فقد قِيل: لا يزال المرء في فسحةٍ من عقله ما لم يقل شِعرًا، أو يُصِّنف كتابًا.وأولى مَن يصرف همّته إلى مراعاة مثل هذا الكتاب، مَن تحلّى بطرف من الآداب، فيصير به طليقَ اللسان، ذليق البيان.فكمْ من أديب تتقاعد بداهة المقال، في كثير من الأحوال، فلا يجد من فهمه مساعفة، ولا من عِلمه مُكانَفَة، فيُرى