مجمع الأمثال

By أحمد بن محمد الميداني and أحمد خريس

مقتطفات من كتاب "مجمع الأمثال" للميداني، الذي صنَّفه استجابة لرغبة العميد الأجلّ أبي علي محمد بن أرسلان، وهو أحد أعيان السلاجقة، وكان مقبلاً على الأدب، مولعاً بنظمه ونثره، فأشار عليه بجمع كتاب في الأمثال، مشتملٍ على غثها وسمينها، محتوٍ على جاهليِّها وإسلاميها. ولما عاد إلى وطنه شمَّر عن ساق الجد في امتثال أمر صاحبه، فاستقصى كتب الأئمة الأعلام، واطلع على ما يزيد عن خمسين كتاباً فكان نتاج ذلك مجمع الأمثال.

• Language: العربية
• Publisher: دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي - دار الكتب
• Release date: Sep 11, 2019
• ISBN: 9781912643219

Book preview

المقدمة

هذه المقتطفات من كتاب مجمع الأمثال للميداني؛ أحمد بن محمد بن أحمد النيسابوري الميداني، نُسب إلى ميدان إحدى محال نيسابور، ونشأ بها وعاش فيها حتى توفي سنة (⁵¹⁸ هــ). وهو - كما تذكر كتب التراجم والسير - أديب فاضل عالم بالنحو والأدب واللغة، قرأ - كما يذكر ابن خلكان - على أبي الحسن الواحدي صاحب التفسير، وعلى يعقوب بن أحمد النيسابوري. له من التصانيف: كتاب الأنموذج في النحو، وكتاب شرح المفضليات، وقد ترجم له ابن كثير في كتابه البداية والنهاية، والسيوطي في كتابه بغية الوعاة، والأنباري في نزهة الألبّاء، والبيهقي في وشاح الدمية. قال ابن خلكان في ترجمته له: أتقن فن العربية، وخصوصاً اللغة وأمثال العرب، وله فيها المصنفات المفيدة، منها كتاب الأمثال المنسوب إليه، ولم يعلم مثله في بابه.

والمشهور أن الزمخشري - بعدما ألف المستقصى في الأمثال - اطَّلع على مجمع الأمثال للميداني، فتأمله وأطال النظر فيه وأعجبه جداً، ويقال: إنه ندم على تأليفه المستقصى؛ لأنه دون مجمع الأمثال في حسن التأليف والوضع وبسط العبارة وكثرة الفوائد. فقد ظن الزمخشري قبل اطلاعه على مجمع الأمثال أنه حشد فيه وجمع ما لم يتهيأ لغيره، وباهى بأن سماه المستقصى، ثم تبين له أنه أقل فائدة، وأهون جمعاً، من كتاب الميداني مجمع الأمثال.

صنَّف الميداني كتاب مجمع الأمثال استجابة لرغبة العميد الأجلّ أبي علي محمد بن أرسلان، وهو أحد أعيان السلاجقة، وكان مقبلاً على الأدب، مولعاً بنظمه ونثره، فأشار عليه بجمع كتاب في الأمثال، مشتملٍ على غثها وسمينها، محتوٍ على جاهليِّها وإسلاميها. ولما عاد إلى وطنه شمَّر عن ساق الجد في امتثال أمر صاحبه، فاستقصى كتب الأئمة الأعلام، واطلع على ما يزيد عن خمسين كتاباً.

وقد أوضح الميداني في المقدمة منهجيته التي وضع وفقها الكتاب؛ إذ جعله على نظام حروف المعجم في أولها، ليسهل طلبُ الأمثال على متناولها، وذكر في كل مثل من اللغة والإعراب ما يوضحه ويفتح مغالقه، ثم إنه وقف على قصص الأمثال وأسبابها بهدف إيضاح غرضها ومراميها. وقد جعل الكتاب في ثلاثين باباً، وقف في الباب التاسع والعشرين على أيام العرب، أما الباب الثلاثون فقد ساق فيه نبذاً من كلام النبي وخلفائه الراشدين، مما ينخرط في سلك المواعظ والحكم والأدب، يقول: وسميت الكتاب مجمع الأمثال لاحتوائه على جميع ما ورد منها، وهو ستة آلاف ونيِّف.

حاز هذا الكتاب شهرةً واسعة في البلاد، فأَشْأَمَ وأَعْرَقَ وأَنْجَدَ، وسار مع الأيام جيلاً بعد جيل إلى أن وقع في يد الأديب إبراهيم بن الأحدب سنة 1242م، فاقترح عليه أحد الأدباء أن ينظم أمثال الميداني شعراً، فقام بذلك ونظمها في ستة آلاف بيت، ووضعها في كتاب أسماه منظومة اللآل في الحكم والأمثال.

إنَّ العَصا مِنَ العُصَيَّةِ

قال المفضل: أوَّل من قال ذلك الأفعى الجُرْهُمي، وذلك أن نِزاراً لما حَضْرَتْه الوفاة جَمَع بنيه مضر وإياداً وربيعة وأنماراً، فقال: يا بني، هذه القبة الحمراء - وكانت من أَدَم¹ - لمضر، وهذا الفرس الأدهم² والخِباء الأسود لربيعة، وهذه الخادم