Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

علي مبارك
علي مبارك
علي مبارك
Ebook138 pages52 minutes

علي مبارك

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

هو لمحه عن حياة علي مبارك الذي لقب بأبو التعليم من تاليف عبد السلام العشري
ولد علي مبارك في قرية برمبال الجديدة والتابعة لمركز منية النصر حاليا و التي كانت تتبع حين ذاك مركز دكرنس محافظة الدقهلية سنة 1239 هـ / 1823م، ونشأ في أسرة كريمة، عندما ولد علي مبارك فرح أهل القرية كلها بمولده مجاملة لأبيه ولأمه التي لم تلد من قبله سوى الإناث، و، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ودفعه ذكاؤه الحاد وطموحه الشديد ورغبته العارمة في التعلم إلى الخروج من بلدته ليلتحق بمدرسة الجهادية بالقصر العيني سنة (1251 هـ / 1835م) وهو في الثانية عشرة من عمره، وكانت المدرسة داخلية يحكمها النظام العسكري الصارم، وبعد عام ألغيت مدرسة الجهادية من القصر العيني، واختصت مدرسة الطب بهذا المكان، وانتقل علي مبارك مع زملائه إلى المدرسة التجهيزية بأبي زعبل، وكان نظام التعليم بها أحسن حالاً وأكثر تقدمًا من مدرسة القصر العيني. حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ أحمد أبي خضر عندما كان يذهب إلى الشيخ أحمد ٱبي خضر يراه كاشر الوجه قاسي الطبع بجوار عصا غليظة تهوى على جسد الأولاد لأتفه الأسباب ففزع (علي) فكره الشيخ مضى خمس سنوات اختُيِرَ مع مجموعة من المتفوقين للالتحاق بمدرسة المهندسخانة في بولاق سنة (1255 هـ / 1839 م)، وكان ناظرها مهندس فرنسي يسمى "يوسف لامبيز بك، ومكث علي مبارك في المدرسة خمس سنوات درس في أثنائها الجبر والهندسة والكيمياء والمعادن والجيولوجيا، والميكانيكا، والفلك، والأراضي وغيرها، حتى تخرج فيها سنة(1260 هـ / 1844 م).
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 1994
ISBN9789045260051
علي مبارك

Read more from عبد السلام العشري

Related to علي مبارك

Related ebooks

Reviews for علي مبارك

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    علي مبارك - عبد السلام العشري

    عائلة المشايخ

    في أيام الوالي محمد علي الكبير، الذي غَصب مصر من أهلها، كانت أسرة مصرية صَمِيمة كثيرة العدد، تُقيم في قرية من قُرى مديرية الدقهلية، تقع على بحر «طَناح»، تسمى «الكوم والخليج»، يشتغل أكثرُ أفرادها بالزراعة كما يشتغل أهل القُرَى الأُخرَى؛ من الزرع، والبَذر، والجَني والحَصاد، راضيةً بما قد يَتبقَّى لها من الفُتات، الذي قد يَفِر من بين أصابع الحكام الأتراك المستبدِّين، من أعوان الوالي المتجبِّر.

    وأولئك الحكامُ ماضون في عَسْفِهم، يُثقلون الناس بالضَّرائب الباهِظة(1)، التي تلتَهم كَدَّهم وشقاءهم، ويُلهِبون أجسادهم الَمهزولة بالسِّياط، إذا تأخروا عن تَسديد ما يُفرض عليهم من تلك الضرائب القاسِيَة، ومن «الغَرامات» الكثيرة، ويَحبِسونهم في أعماق السجون المظلمة، لا يُذيقونهم فيها غير العَذاب الشديد، فلا يخرجون منها في الغالب إلا أجسادًا بغير أرواح.

    ولمَّا اشتد الظلم بهذه الأسرة الكبيرة، ولم تَعُد قادرة على احتماله، تركت موطنها وفرت على وجهها، هاربة من النيران التي تحرق الأجساد، وتلتهم الزاد.

    واستقر بعضها في قرية أُخرَى من قرى هذه المديرية، على البحر الصغير، تسمى «برنبال الجديدة»، راجين أن يعيشوا فيها آمنين مطمئنين، بعيدًا عن العذاب الأليم، والخوف الشديد الذي كانوا فيه.

    وفي هذه القرية الجديدة، نَمت أسرتُهم وكثرت أعدادها حتى قاربوا المائتين، فزادوا اعتزازًا بكثرتهم، وانفردوا وحدَهم بحارَة خاصَّة بهم، لا يشاركهم فيها سواهم، وعُرفت أسرتهم بعائلة المشايخ، كما عرفت حارتهم بحارة المشايخ، كانت مقصِدًا للناس جميعًا، وموضعًا لاحترامهم الكبير:

    ففيها المشايخ الذين يعرفون القراءة، والكتابة، والحساب، وشيئًا من العلم الذي يحتاج إليه أهل القُرى، من الفلاحين، الذين لا يعرفون سوى الفِلاحة وأعمالها، ويَكْفيهم أولئك الناس عَناءَ التعليم.

    فكان منهم القُضاة الذين يحكمون بين المتنازعين، ويَفصِلون في مشكلاتهم، ومنهم الأئمة الذين يُصَلُّون بهم الصلوات، ويخطبون لهم خُطب الجمع والأعياد، ومنهم من يكيلون لهم المكاييل، ويَزنون لهم الموازِين، ومن يعقدون لهم عقود الزواج وسواها..

    وكما كانت هذه الأسرة الفاضِلة، محلَّ احترام كبير من أهل القرية، كانت محلَّ احترام كبير من الحكومة، لما تقوم به من تلك الأعمال الجَليلة، فأعفتها من الضَّرائب المفروضة على غيرها، وأعطتها قطعةً من الأرض تزرعها وتنتفع بغَلَّتها، وتَسْتَعِينُ بها في أداء الأعمال الخيرية، التي تقوم بها وتتطلَّب الكثير من النَّفقات، وأعفتها من الضرائب كذلك.

    وفِي تلك الأيام، من عام ألف ومائتين وتِسعة وثلاثين من الهجرة، المقابل لعام ألف وثمانمائة وأربعة وعشرين من الميلاد، وُلد لرَب الأسرة الشيخ مبارك ولدٌ سماه عليًّا، كان لميلاده رَنَّةُ فرح كبيرة في القرية كلها، مُجامَلةً لأبيه الشَّهم العطوف، الذي يخدُم الجميع بقلب صافٍ ونِيَّة خالصة، ومجاملة لأمه الكريمة التَّقِيَّة، التي لم تكن تلِد من قَبْلِه سوَى الإناث.

    فقضت القرية أيامًا سعيدة، تَزُف فيها التهنئة الخالصة لهذه الأسرة المحبوبة، راجِية أن يكون الوَليد قُرَّةَ عين(2) لأمه وأبيه، وبَشِير خير كثير للأسرة كلها وللقرية جميعًا.

    لكن هذه الفرحة لم تدُم طويلًا، فالحُكام الظالمون لا يَشبعون من المال، يبذرونه بطَيْشهم وسَفَهِهم يمينًا ويسارًا بغير حساب، فإذا نفدأو قلَّ، فالأمر سهل عليهم، يعرفون جَيِّدًا كيف يأتون به سريعًا، فأمامهم الفلاحون المساكين ومزارعهم ومواشيهم ومساكنهم.. وبأيديهم الأوامر والأتباع والسجون والسِّياط، ففي وسط هذه الفرحة التي عَمَّت القرية كلها، علا الصراخ واشتد البكاء والعويل:

    - الضرائب زادت وطَفَحت!!

    - اشتدَّت السياط لهيبًا وإذابةً للجُلُود!!

    - اتَّسعت أبواب السجون وتَنَمَّرت!!

    - من أين نَأتي بالمال، الذي يَسُدُّ البطون الواسعة، التي لا تُشبعها منه جِبالٌ وجبال؟!!

    ومن بين هذه الأصْوات النادِبة الُمستغيثة، صرخات الشيخ مبارك وأسرته، فقد فَرضت الحكومة الجائعة الضرائب الثَّقيلة على كل ما تحت يده، ولم تدَع له حتى قِطعة الأرض التي مَنَحَتها إياه لأعمال الخير والبِرّ!

    وزاد الأمرُ سُوءًا حين أجبرته، مثْلَ الناس، على قبول قطعة أرض أخرى فر منها أصحابها، وتركوها بما عليها من الديون المتأخرة التي عجَزوا عن سدادها، وأوجبت عليه أن يؤديَ جميع تلك الديون سريعًا.

    وأمام العذاب الذي ينزل بمن لا يُسَدِّدون أو يتأخرون عن السَّداد، اضطُر أن يَبيعَ كل ما يملك حتى أثاث المنزل، لكن ذلك كله لم يَفِ بالسَّدادِ، فماذا يعمل وأبواب السجون مفتوحة على مَصاريعها(3)، والُمساقون إليها يُجَرُّون في الأغْلالِ(4)، وأصوات السياط التي تشق الأجساد تُسمع من بعيد؟!!

    لم يبقَ أمام الشيخ الكريم على نفسه، إلا أن يَصنع ما صنَع أجداده، حين فرُّوا من قرية «الكوم والخليج»، ولم يتمهَّل واستتر بالليل وظلامه الشديد، وسار بأهله، تاركًا قريته ومديريَّته كلَّها، مبتعدًا عنها متجهًا إلى ناحية الشَّرق.

    وكلَّما وجد المكان الذي ينزل فيه قَلِقًا به، غادره مسرِعًا إلى غيره، حتى بلغ مديرية الشرقية، وأبعَد المسير فيها وانتهَى الرَّحيل بِه إلى بدو في الصحراء قريبًا من القُرى، يرعَون الأغنام ويسكنون خيام الشعر، يُسمون «عرب السَّماعِنة».

    فارتاح لهم، ونزل بينهم، وسُرَّ بهم لشهامتهم وكرمهم، وسُروا به؛ لأنهم جدوا فيه الرجل الذي كانوا يبحثون عنه، ليرجعوا إليه في أمور دينهم ودُنياهم، وبنوا له مسجدًا يقيم فيه شَعائر

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1