Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

يوم ذي قار
يوم ذي قار
يوم ذي قار
Ebook218 pages55 minutes

يوم ذي قار

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

جرّى التاريخ على أن يُطلق اسم أيام العرب على ذلك النزاع الجاهليّ الذي كان يشب بين القبائل؛ لما فيه من أعمال الفروسية التي لا تقتصر على السيف والرمح والطعن والضرب، يعرض ما في تلك الأعمال من التضحية والعفو والكرم وإباء الضّيم.. لكنّه لم يخرج في مجموعه عن مناوشات تريق الدماء، وتوهن القوى, وتهدر الطاقات، مما أطمع فيهم جيرانهم من الفرس والروم، فأخافوهم، وحاولوا بسط سلطانهم عليهم، وسلّطوا بعضهم على بعض،‏ وأذكور فُرقتهم، ليظلوا في ضعفهم ووهنهم. صحيح أن تلك الحروب كانت تنطوي على شئ من الفروسية، ويبدو في بعضها شئ من مكارم الأخلاق، وأنها خلفت لنا مادة طيبة من الأشعار والخطب والحكم والأمثال، إلا أنها كانت تثور بين الأمة الواحدة وتمزقها، وإن كان القليل منها لقاءات بين العرب وسواهم، كما في لقاء ذي قار، الذي أوشك أن يكون حرباً بين أمة وأمة ويوماً حقيقياً بدا فيه ما يضطرب في صدور العرب المتنازعين من الأمل في الوحدة، والتطلع إلى دولة تضم المتفرق وتجمع الشتات. يبدو هذا الأمل فيما أحس به بعضهم بعد النصر على الفرس، من أن الواجب كان يحتم أن تشترك في هذا اللقاء العظيم قبائل معدًّ كلها، لا بنو بكر بن وائل وحدهم، يعبر عن شاعرهم إذ يقول بأمنية تلك الوحدة: لو أن كل معدًّ كان شاركنا في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف. ولم يزل هذا الأمل يضطرب في صدور العرب، حتى وحدهم الإسلام، وأمات الثارات، وقضى على تلك الحروب القبلية الصغيرة التي سميت أياماً، وأبدلها بكفاح ضخم، دخلوه سيفاً واحداً التقى بالقوى الكبيرة، ديناً وعقيدة ونوراً وتفانياً، استحق أن يسمى أياماً. وقد رأيت أن أعرض هذه الأيام التي التقى العرب فيها مع غيرهم، والتي تصور عظمة العرب وقوتهم، وتضحيتهم ونبل أخلاقهم، مما يردده التاريخ أمثالاً باقية عطرة، لا تمحوها الأيام كما أخفتت صوت تلك المناوشات. والله الموفق وهو يهدي إلى سواء السبيل. المؤلف
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2010
ISBN9787085784162
يوم ذي قار

Read more from عبد السلام العشري

Related to يوم ذي قار

Related ebooks

Reviews for يوم ذي قار

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    يوم ذي قار - عبد السلام العشري

    أيَّامُ العَرب

        1

    يَوْمُ ذِي قَار

    بقلم

    عَبدالسَّلام العَشْرِي

    NM%20Publishing%20and%20Pri%20gs.EPS

    إشراف عام: داليا محمد إبراهيم

    جميع الحقوق محفوظة © لشركة نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

    يحظر طبع أو نشر أو تصوير أو تخزين

    أي جزء من هذا الكتاب بأية وسيلة إلكترونية أو ميكانيكية

    أو بالتصوير أو خلاف ذلك إلا بإذن كتابي صريح من الناشر.

    الترقيم الدولي: 9-1618-14-977

    رقم الإيداع: 2010/11276

    الطبعة الثانية: مايو 2010

    تليفون : 33466434 - 33472864 02

    فاكس : 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    NM%20Publishing%20and%20Pri%20gs.EPS

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    جرَى التاريخ على أن يُطلق اسم أيام العرب على ذلك النزاع الجاهِليِّ الذي كان يشب بين القبائل؛ لما فيه من أعمال الفروسية التي لا تقتصر على السيف والرمح والطَّعن والضرب، يعرض ما في تلك الأعمال من التضحية والعفو والكرم وإباء الضَّيم..

    لكنّه لم يخرج في مجموعه عن مناوشات تُريق الدماء، وتُوهن القوى، وتُهدِر الطاقات، مما أطمع فيهم جيرانهم من الفرس والروم، فأَخافوهم، وحاولوا بَسْط سلطانهم عليهم، وسلّطوا بعضهم على بعض، وأذكَوا فُرقتهم، ليظلوا في ضعفهم ووهنهم.

    صحيح أن تلك الحروب كانت تنطوي على شَيْءٍ من الفروسية، ويبدو في بعضها شَيْءٌ من مكارم الأخلاق، وأنها خلَّفت لنا مادة طيِّبة من الأشعار والخطب والحِكم والأمثال، إلا أنها كانت تثور بين الأمة الواحدة وتمزقها، وإن كان القليل منها لقاءات بين العرب وسواهم، كما في لقاء ذي قار، الذي أوشك أن يكون حربًا بين أمة وأمة ويومًا حقيقيًّا، بدا فيه ما يضطرب في صدور العرب المتنازعين من الأمل في الوحدة، والتطلع إلى دولة تضم المتفرق وتجمع الشَّتات. يبدو هذا الأمل فيما أحس به بعضهم بعد النصر على الفرس، من أن الواجب كان يحتم أن تشترك في هذا اللقاء العظيم قبائلُ معدٍّ كلها، لا بنو بكر بن وائل وحدهم، يعبر عنه شاعرهم إذ يقول بأُمنِية تلك الوحدة:

    لو أَنَّ كلَّ مَعَدٍّ كان شارَكنا في يوم ذِي قارَ ما أَخْطاهمُ الشَّرفُ

    ولم يزل هذا الأمل يضطرب في صدور العَرب، حتى وحَّدهم الإسلام، وأماتَ الثارات، وقضى على تلك الحروب القَبَليَّة الصغيرة التي سميت أيامًا، وأبدلها بكفاح ضخم، دخلوه سيفًا واحدًا التقى بالقوى الكبيرة، دِينًا وعقيدةً ونورًا وتفانيًا في الجماعة، استحق أن يسمى أيامًا.

    وقد رأيت أن أعرض هذه الأيام التي التقى العرب فيها مع غيرهم، والتي تصور عظمة العرب وقوتهم، وتضحيتَهم ونُبلَ أخلاقهم..، مما يردِّده التاريخ أمثالاً باقية عطِرة، لا تمحوها الأيام كما أَخْفَتَت صوت تلك المناوشات.

    والله الموفق، وهو يهدى إلى سواء السبيل

    المؤلف

    الفَصْلُ الأَوَّلُ

    - 1 -

    أَخَذَتْ يَدُ الرَّبِيعِ النَّاعِمَةُ تَهُزُّ جَوَانِبَ الأَرْضِ الْفَسيحَةِ، وَتُوقِظُهَا مِنْ نَوْمِهَا الْعَمِيقِ، وَتَبْعَثُ النَّسَمَاتِ الرَّقِيقَةَ إِلَى الْخَوَرْنَقِ، قَصْرِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، فَتَفُوحُ فِي جَوَانِبِهِ رَائِحَةُ نَبَاتِ الْخُزَامَى وَالْعَرَارِ الهَابِطَةُ مِنْ صَحْرَاءِ الْعَرَبِ، وَتَلْتَقِي فِيهِ بِعَبِيرِ الأَزْهَارِ الْمُقْبِلِ مِنْ سَوَادِ العِرَاقِ، حَيْثُ يَقُومُ ذلِكَ القَصْرُ الْكَبِيرُ، مُتَربِّعًا عَلَى حَافَةِ تِلْكَ الصَّحْرَاءِ، يُطِلُّ عَلَيْهَا مِنَ الْغَرْبِ، كَمَا يُطِلُّ مِنَ الشَّرْقِ عَلَى سَوَادِ الْعِراقِ.

    وَقَدِ اسْتَعَدَّ النُّعْمَانُ لِلذَّهَابِ إِلَى الْمَدَائِنِ، عَاصِمَةِ بِلاَدِ الْفُرسِ، وَمَقَرِّ كِسْرَى مَلِكِ تِلْكَ الْبِلاَدِ، لِيَحْتَفِلَ مَعَ أَهْلِ فَارِسَ بِعِيدِ النَّيْروزِ، الَّذِي يُقِيمُونَهُ كُلَّ عَامٍ فِي مِثْلِ هذِهِ الأيَّامِ، وَيَفْتَتِحُونَ بِهِ سَنَتَهُمُ الْمَجُوسِيَّةَ؛ لأَنَّهُمْ مَجُوسٌ يَعْبُدُونَ النَّارَ، وَيُقِيمُونَ لَهَا الْمَعَابِدَ الْفَخْمَةَ، الَّتِي تَشْتَعِلُ فِيهَا وَلاَ تَنْطَفئُ أَبَدًا، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا الإِلهُ الْقَادِرُ، الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، وَأَرْسَى الْجِبَالَ، وَأَجْرَى الأَنْهَارَ.

    أَعَدَّ النُّعْمَانُ الْهَدَايَا الْفَاخِرةَ الَّتِي سَيُقَدِّمُهَا إِلَى الْمَلِكِ، فَقَدْ كَانَ يَحْكُمُ لَهُ إِمَارَةَ الْحِيرَةِ الَّتِي أُقِيمَ فِيهَا ذلِكَ الْقَصْرُ الْعَظِيمُ، كَوَاحِدٍ مِنَ الأُمَرَاءِ الَّذِينَ يَحْكُمُونَ لَهُ الْبِلاَدَ.

    وَبَعْدَمَا اخْتَارَ الوَفْدَ الَّذِي سَيُرافقُهُ، وَدَّعَ أَهْلَهُ وَأصْحَابَهُ، وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُم مَا أَحَبَّ أَنْ يَقُولَ، مِنْ رَقِيقِ الْكَلامِ وحُلْوِ الأَمَانِيِّ، ولَمَّا وَدَّعَ ابْنَتَهُ هِنْدَ زَادَتْ قَائِلَةً:

    - وَقَاكَ الله شَرَّ الْفُرْسِ يَا مَلِكَ الْعَرَبِ، وَكَفَاكَ مَكْرَهُمْ وَحُمْقَهُمْ، وأَعَادَكَ إِلَيْنَا سَالِمًا غَانِمًا.

    فَسَأَلهَا فِي عَجَبٍ عَنْ سَبَبِ هَذا الدُّعَاءِ، فَأَجَابَتْ وَهِىَ تُطِيلُ النَّظَرَ إِلَيْهِ قائلةً: أُحِسُّ بِشَيْءٍ فِي صَدْرِي، وَلَعَلَّهُ بَعْضُ مَا فِي قَلْبِي مِنْ مَوَاقِفِ الْفُرْسِ الْعَجِيبَةِ مَعَ الْعَرَبِ فِي تَارِيخِهِم الطَّوِيلِ.

    فَقَبَّلَهَا فِي خَدَّيْهَا وَهُوَ يَقُولُ ضَاحِكًا: إِنَّهُ حَنِينٌ يَا هِنْدُ، وَسَأَعُودُ مُسْرِعًا لأَحْتَفِلَ هُنَا بِعِيد الرَّبِيع، كَمَا نَحْتَفِلُ بِهِ كُلَّ عَامٍ، وَأُقَابِلُ فِيهِ وُفُودَ الْعَرَبِ الَّتِي تَستَعِدُّ لِلْحُضُورِ إِلَيْنَا، وَالاشْتِرَاكِ فِي مِهْرَجَانِنَا الْكَبِير، وسَوْفَ تُرَطِّبُ تِلْكَ الوفُودُ قَلْبَكِ بِحَماسَتِهَا، وَشَجَاعَتِهَا، وَإِقْدَامِهَا، وَعِزَّةِ نُفُوسِهَا، وَمَا تُبْدِى مِنَ الْمَهَارَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْكَرِّ وَالْفَرِّ، وَالطَّعْنِ، وَالضَّرْبِ وَالنِّزَالِ.

    فَلَمَّا أُذِّنَ لِلرَّحِيلِ، انْطَلَقَ الْمَوْكِبُ مُسْرِعًا نَحْوَ الشَّرْقِ، تَهُزُّ خُيُولُهُ الأَرْجَاءَ بِصَهِيلِهَا، وَتَدُقُّ وَجْهَ الأَرْضِ بِحَوَافِرِهَا، مُعْلِنَةً قُوَّتَهَا، واعْتِزَازها بِفُرسَانِهَا. وَدُعَاءُ هِنْدَ يَرِنُّ فِي أُذُنَي النُّعْمَانِ، وَهُوَ يَقُولُ لِنَفْسِهِ سَائِلاً:

    - مَاذَا تُرِيدُ هِنْدُ بِمَا قَالَتْ؟! مَا لِقَلْبِي يُحِسُّ بِشَيْءٍ مِنَ الانْقِبَاضِ؟!

    مَاذَا يَا تُرَى سَيَجْرِي هُنَاكَ؟!

    - 2 -

    اسْتقْبَلَت الْمَدَائِنُ وَفْدَ الْعَرَبِ، كَمَا اسْتَقْبَلَتْ سِوَاهُ مِنَ الْوُفُودِ، فَقَدْ جَرَت الْعَادَةُ فِي بِلاَدِ الْفُرْسِ أَنْ تَبْعَثَ إِلَيْهَا الْمَمَالِكُ الأُخْرَى بَعْضَ رِجَالِهَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ، لِتُشَارِكَ أَهْلَهَا فَرْحَتَهُمْ بِالْعِيدِ، وَفِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْمِهْرَجَانِ، يَجْلِسُ الْمَلِكُ إِلَيْهِمْ، وَيُحَيِّيهِمْ، وَيُحَادِثُهُمْ، ثُمَّ يَعُودُونَ إِلَى بِلاَدِهِمْ بَعْدَ الْعِيدِ، بِمَا حَمَلُوا مِنْ ثَمِينِ الْهَدَايَا، وَمَا شَاهَدُوا مِنْ عَظَمَةِ تِلْكَ الْبِلاَدِ، الَّتِي يُظْهِرُهَا الْفُرْسُ أَمَامَهُمْ بِمَا يَعْرِضُونَ مِنَ الْجُيُوشِ الضَّخْمَةِ، وَالأَسْلِحَةِ الكَثِيرةِ والأفيالِ المُدَرَّبةِ علَى القِتالِ، وما

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1