Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

يوم اليرموك
يوم اليرموك
يوم اليرموك
Ebook140 pages35 minutes

يوم اليرموك

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

استيقظ هرقل ملك الروم ذات يوم مبكراً، فارتدى ملابسه، ونزل إلى حديقة قصره الواسعة، وسار بين أشجارها العالية وأزهارها اليانعة، ثم وقف عند شجرة من الأشجار الكبيرة، ونظر إلى بعض الأزهار نظرة طويلة، ثم تركها وسار إلى شجرة أخرى، ثم تركها وسار إلى غيرها، وهكذا أخذ يتنقل من جانب إلى جانب. كان هرقل يريد أن يطردهما ملأ صدره منذ أيام، فاستمر سائراً بين الأغصان والأزهار حتى أشرقت الشمس، فوقف قليلاً بجانب حوض مملوء بالزهر الأحمر والأبيض والأصفر، ثم سار في الحديقة يقطف زهرة ويفركها بإصبعه ثم يلقيها، وهكذا حتى ارتفعت الشمس في السماء، فجلس في ظل شجرة كبيرة بجانب بركة ماء في وسط الحديقة، ووضع ذراعه على جانب الكرسي ثم وضع رأسه على يده وأخذ ينظر إلى الماء وعقله سابح في أفكار بعيدة. لكن الخادم أقبل إليه وأخبره أن الوزير بالباب، فانتبه من تفكيره وقال: ائذنوا له! أقبل الوزير حتى اقترب من الملك، فوقف وركع صائحاً: أصبح مولاي بالخير ودام عزه وسلطانه وخيره. ثم اعتدل ووقف مثل التمثال لا يتحرك، فاشار اليه الملك أن يقترب، فاقترب خطوة خطوة حتى سمح له الملك بالجلوس، فجلس على كرسي بعد الكرسي الذي بجانب الملك، ووضع راحة إحدى يديه على الأخرى، ونصب عنقه ووجه بصره إلى الملك منتظراً ما يأمره به. كانت عينا الملك تنظر إلى الماء وعقله هائماً في همه، فقال للوزير دون أن يلتفت إليه: كيف الحال أيها الوزير؟ فوقف الوزير وركع أمام الملك، ثم اعتدل وقال في أدب: نفذنا ما أشار به مولاي! قتلنا عشرة آلاف من أهل الشام وقتلنا مثلهم من أهل مصر! قتلنا الرجال والنساء والأطفال! دخل جنودنا القرى فنهبوها، وأخذوا ما فيها من الحب والحيوان، وما طاب لهم يا مولاي مما وجدوه! أما المدن، فلم يتبق بيت في الشام ولا في مصر إلا أخذنا أطيب ما فيه.
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2010
ISBN9783027788229
يوم اليرموك

Read more from عبد السلام العشري

Related to يوم اليرموك

Related ebooks

Reviews for يوم اليرموك

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    يوم اليرموك - عبد السلام العشري

    أيَّامُ العَرب

    2

    يَوْمُ اليَرْمُوك

    بقلم

    عَبدالسَّلام العَشْرِي

    NM%20Publishing%20and%20Pri%20gs.EPS

    إشراف عام: داليا محمد إبراهيم

    جميع الحقوق محفوظة © لشركة نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع

    يحظر طبع أو نشر أو تصوير أو تخزين

    أي جزء من هذا الكتاب بأية وسيلة إلكترونية أو ميكانيكية

    أو بالتصوير أو خلاف ذلك إلا بإذن كتابي صريح من الناشر.

    الترقيم الدولي: 8-1630-14-977

    رقم الإيداع: 2010/11336

    الطبعة الثانية: مايو 2010

    تليفون : 33466434 - 33472864 02

    فاكس : 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    NM%20Publishing%20and%20Pri%20gs.EPS

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    الفَصْلُ الأوَّلُ

    - 1 -

    اسْتَيْقَظَ هِرَقْلُ مَلِكُ الرُّومِ ذَاتَ يَوْمٍ مُبَكِّرًا، فَارْتَدَى مَلَابِسَهُ، وَنَزَلَ إلَى حَدِيقَةِ قَصْرِهِ الْوَاسِعَةِ، وَسَارَ بَيْنَ أَشْجَارِهَا العَالِيَةِ وَأَزْهَارِهَا الْيَانِعَةِ، ثُمَّ وَقَفَ عِنْدَ شَجَرَةٍ مِنَ الْأَشْجَارِ الْكَبيرَةِ، وَنَظَرَ إلَى بَعْضِ الْأَزْهَارِ نَظرَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ تَرَكَهَا وَسَارَ إلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ تَرَكَهَا وَسَارَ إلَى غَيْرِهَا، وَأَخَذَ يَتَنقَّل مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ.

    كَانَ هِرَقْلُ يُريدُ أَنْ يَطْرُدَهُما مَلأَ صَدرَهُ مُنْذُ أَيَّامٍ، فَاسْتَمَرَّ سَائِرًا بَيْنَ الأَغْصَانِ وَالأًَزْهَارِ حَتَّى أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ، فَوَقَفَ قَلِيلاً بجاَنِبِ حَوْضٍ مَمْلُوءٍ بالزَّهْرِ الأحَمَرِ وَالأَبْيَضِ وَالأًَصْفَرِ، ثُمَّ سَارَ وَأَخَذَ يَتَنَقَّلُ فِي الْحَدِيقَةِ، يَقْطِفُ زَهْرَةً وَيَفْرُكُهَا بِأَصَابِعِهِ ثُمَّ يُلْقِيهَا، وَيَقْطِفُ زَهْرَةً أُخْرَى فَيَفْرُكُهَا بِأَصَابِعِهِ ثُمَّ يَرْمِيهَا، حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمّْسُ فِي السَّمَاءِ، فَجَلَسَ فِي ظِلِّ شًَجَرَةٍ كَبيرَةٍ بجانِبِ بِرْكَةِ الْمَاءِ فِي وَسَطِ الْحَدِيقَةِ، وَوَضَعَ ذِرَاعَهُ عَلَى جَانِبِ الْكُرْسِيِّ، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى يَدِهِ وَأَخَذَ يَنْظُرُ إلَى الْماَءِ، وَعَقْلُهُ سَابِحٌ فِي أَفْكَارٍ بَعِيدَةٍ.

    لَكِنَّ الْخَادِمَ أََقْبَلَ إِلَيْهِ وَأََخْبَرَهُ أَنَّ الْوَزِيرَ بِالْبابِ، فَانتْبَهَ مِنْ تَفْكِيرِهِ، وَقاَلَ: ائْذَنُوا لَهُ!

    أَقْبَلَ الْوَزِيرُ حَتَّى اقْتَرَبَ مِنَ الْمَلِكِ، فَوَقَفَ وَرَكَعَ صَائِحًا:

    أَصْبَحَ مَوْلايَ بِالْخَيرِ، وَدَامَ عِزُّهُ وَسُلْطَانُهُ وَنَصْرُهُ.

    ثُمَّ اعْتَدَلَ وَوَقَفَ مِثْلَ التِّمْثَالِ، لاَ يَتَحَرَّكُ وَلاَ يَتَكَلَّمُ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ أَنْ يَقْتَرِبَ، فَاقْتَرَبَ خُطْوَةً خُطْوَةً، ثُمَّ أَشَارَ إلَيْهِ بِالْجُلُوسِ، فَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيٍّ بَعْدَ الْكُرْسِيِّ الَّذِي بجانِبِ الْمَلِكِ، وَوَضَعَ راحةَ إحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى، ونصَبَ عُنقَهُ وَوَجَّهَ بَصَرَهُ إلَى الْمَلِكِ مُنْتَظِرًا مَا يَأْمُرُ بِهِ.

    كَانَتْ عَيْنَا الْمَلِكَ تَنْظُرَانِ إلَى الْمَاءِ وَعَقْلُهُ يَدُورُ فِي هَمِّهِ، فَقَالَ لِلْوَزيرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْتَفِتَ إِلَيْهِ:

    - كَيْفَ الْحَالُ الْيَوْمَ أَيُّهَا الْوَزِيرُ؟

    فَوَقَفَ الْوَزِيرُ وَرَكَعَ أَمَامَ الْمَلِكِ، ثُمَّ اعْتَدَلَ وَقَالَ فِي أَدَبٍ:

    - نَفَّذْنَا مَا أشَارَ بِهِ مَوْلَايَ!

    قَتَلْنَا عَشرَةَ آلَافٍ مَنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَقَتَلْنَا مِثْلَهُمْ مِنَ أَهْلِ مِصْرَ!

    قَتَلْنَا الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالْأَطْفَالَ!

    دَخَلَ جُنُودُنَا الْقُرَى فَنَهَبُوهَا، وَأَخَذُوا مَا فِيهَا مِن الْحَبِّ وَالْحَيَوَانِ، وَمَعَ الْحَبِّ وَالْحَيَوَانِ مَا طَابَ لَهُمْ يَا مَوْلايَ مِمَّا وَجَدُوهُ!

    أَمَّا الْمُدُنُ، فَلَمْ يَبْقَ بَيْتٌ فِي الشَّامِ وَلَا فِي مِصْرَ إِلَّا أَخَذْنَا أَطْيَبَ مَا فِيهِ، وَدُسْنَا أَعَزَّ مَا فِيهِ.

    عَلَّمْنَا هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ دُرُوسًا قَاسِيَةً، دُرُوسَ الرُّعْبِ، دُرُوسَ التَّقْدِيرِ وَالاحْتِرَامِ للرومِ!

    - 2 -

    هَزَّ الْمَلِكُ رَأْسَهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ فِي حُزْنٍ:

    - وَالْمَالُ أَيُّهَا الْوَزيرُ؟!

    إِنَّ الْخِزَانَةَ خَالِيَةٌ، لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَالِ، وَالْمُوَظَّفُونَ يَصْرُخُونَ مِثْلَ الْكِلَابِ المَسْعُورَةِ!

    فَمَاذَا صَنَعْتَ مِنْ أَجْلِ الْحُصوُلِ عَلَى الْمَالِ لِنُسْكِتَ الأَفْوَاهَ؟!

    قَالَ الْوَزيرُ فِي سُرُورٍ:

    - وَالْمَالُ يَا مَوْلَايَ.

    قَامَ رِجَالُنَا بِالْهُجُومِ عَلَى الْمَزَارِعِ، وَعَلَى الْمَصَانِعِ، وَعَلَى الْمَتَاجِرِ وَبُيُوتِ الأَغْنِياءِ، حَتَّى عَلَى بُيُوتِ غَيْرِ الأَغْنِيَاءِ، فَلَمْ يَتْرُكُوا شَيْئًا يَا مَوْلَايَ!

    مَنْ لَمْ يَدْفَعْ رَاضِيًا دَفَعَ بِالْقُوَّةِ، وَالْعَبِيدُ لَا تَصْلُحُ لَهُمْ إِلَّا الْقُوَّة يَا مَوْلَايَ!

    فَنَظَرَ الْمَلِكُ إلَى الْمَاءِ نَظْرَةً طَويلَةً ثُمَّ الْتَفَتَ إلَى الْوَزيرِ قَائلًا:

    وَمَاذَا نَصْنَعُ عِنْدَمَا يَنْفَدُ هَذَا الْمَالُ؟!

    فَأَسْرَعَ الْوَزيرُ بَاسمًا:

    - يَكُونُ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1