Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

نساء شهيرات - آمنة بنت وهب
نساء شهيرات - آمنة بنت وهب
نساء شهيرات - آمنة بنت وهب
Ebook242 pages1 hour

نساء شهيرات - آمنة بنت وهب

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

..نساء شهيرات.. - آمنة بنت وهب يتناول الكتاب السيرة الحياتية لحياة السيدة آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله وعليه وسلم منذ طفولتها وزواجها وميلاد الرسول الكريم و حتي وفاتها
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2013
ISBN9785638778453
نساء شهيرات - آمنة بنت وهب

Read more from عبد السلام العشري

Related to نساء شهيرات - آمنة بنت وهب

Related ebooks

Reviews for نساء شهيرات - آمنة بنت وهب

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    نساء شهيرات - آمنة بنت وهب - عبد السلام العشري

    بسم الله الرحمن الرحيم

    تقديم

    طَفِقْت طويلًا أَرُوضُ قلمي، على أن يكتُبَ تقديمًا لهذه السِّيرَة العَطِرة، وهو يَتَأَبَّى، رَهْبَةً وإِجْلالًا.

    وأخيرًا صَرَّ صَرِيرًا عاليًا، قائلًا:

    - وماذا تُريدُنِي أن أقولَ بعدُ، في النورِ القُدْسِيِّ؟!

    كفَى أنِّى لَمست من جوانِب ذلك النورِ شيئًا سَطَّرته في هذا الكتاب، بِقَدر ما طوَّعَت لي قُدْرتِي أن أُحِيطَ به من ذلك الجلال.

    وكفَى أني أقدِّمُ آمنةَ بنت وَهبٍ أُمَّ النَّبِي، أُمَّ رَسولِ الله وخاتَم النَّبيين!

    فلم أجد بُدًّا من أن أمْتَثِل لهذا القلم، الذي يَرَى ما لا أرَى، ويُدْرِكُ ما لا أُدْركُ، ويبلغُ من أسرارِ الكون ودَقائِقه ما لا أبلغُ.

    واللهَ أسْألُ التوفيقَ، وحُسْنَ الثَّوابِ وحُسْنَ المآبِ.

    المؤلف

    الصغيرة الجميلة

    كانت آمنةُ الصغيرةُ تَمرَح بين أَتْرابِها(1) من الأطفال، ولا تدرِي سرَّ اهتمام الناس بها والتِفاتهم إليها.

    ولم تكن تَعرِف حينَذاك لماذا يُحب الجميعُ حديثها، ويسَتوْقِفونها كلَّما رأَوْها، ليُلقُوا عليها فيضًا من الأسئلة غيرِ مَحدودة المقْصِد، كلُّ همهم أن يَسْمَعوا كلامَها الحُلو وإجابتَها السَّديدة(2)، فإذا انتهت من جواب أَلْقَوْا عليها سُؤالًا، ليَمْتَدَّ بآذانهم الاستماع إلى صوتها، يُحسُّونَ بأَنه يقعُ من آذانهم مَوْقِعَ الماء المُبَرَّد العذب، من الظمآن في صيف مكةَ الحار.

    وهي لا تدرِي سبب هذه العِناية بها، ولا تبحثُ عنه، وإن كانت تَشْعُر بذلك الإعجاب البادِي في الوجوه المبَسْوطة والشِّفاه الباسمة، كلَّما أجابت عن سؤال، أو ردَّدَت نشيدًا مما تردده مكة في مدح قُريش وما نالته من نصر، وما تتمتَّع به من قوة وسُلطان.

    ولم يكن الأطفال يصبرون على فِراقها، إلا رَيْثَما ينقضِي الليل، فإذا أشرق النهار أسرَعوا إليها، ثم خرجوا يَجرون ويلعبون، يَصعَدون في رَوابِي(3) مكة المرتفعة ثم يَهْبِطون، ويطوفون بالكعبة كما يطوفُ الكِبارُ، ويقِفون حولَ بئر زَمزم، يشاهدون السُّقاةَ المتدافِعين إلى الماء، يُصَفِّق بعضهم للأقوياء الذين اخترقوا الصُّفوف وبلغوا البِئر قبل غيرهم، ويتأَلَّم بعضهم للضُّعفاء، الذين يُؤَخرهم ضعفهم، فلا يصِلون حتى ينالَ الأقوياء ما يُريدون، ويتركوا لهم البئر.

    عُرِفَت آمنةُ بأَنها جذَّابة خَفيفة على القلوب، ولم يَكَدِ الناسُ يعرفون من أسرار ذلك المَيلِ لها والانجذابِ إلَيها شيئًا، وإن عَزا(4) بعضهم ما يُحِسُّ به لِمَا مُنِحَت من جمال باهر، اجْتمع فى نَضارتها، نُموِّ جسمها، واعْتدالِ قَوامها، وطولِ أهدابِها، وصَفاء بَشرتِها، واتِّساعِ عينيها، واسْتِرْسالِ شعرِها الفاحِم(5).

    وإنْ زاد بعضهم فأرْجعَ ذلك الإعجابَ مع كمالِ الجسد، إلى اليدِ القوِية الخَفِية التي تُنَظِّم الكونَ، وتمنحُ بعضَ الناس ما لا تمنحُ سواهم، من قوة النَّفس، ولُطْفِ الحِسِّ وخِفةِ الظِّل، وسَعَةِ الإدراك، وشدة الذكاء.

    كانت يتيمةً، تعيش في كَنَفِ(6) عمها وُهيب بْنِ عبد مَناف بنِ زُهْرَةَ، رئيسِ بني زهرة - وهم بَطْنٌ(7) من بُطون قريش الأقوياء، الذين يُقَدِّرُهم الناس ويحترمونهم ويَحْسِبونَ لهم حِسابًا - وكَبِيرٍ من كبراء مكةَ ذوِي الكلمة المَسْموعة والرأي الصَّائب.

    وكانت بُيوتُ بني زهرة قريبةً من الحرَم، الذي يقدِّسه العرب، ويَحُجُّون إليه، تُجاوِر دورَ بني هاشم، أقربائهم وأحبَّائهم ونُصرائهم، يَهُبُّون مَعهم لمُلاقاة الأعداء، ويَنهضون إليهم عند الفَزَعِ(8)، وينضمُّون إليهم عندما تَََتَفَّرق قريش أو يَثور بينها نِزاع.

    يُنِْبئُ وضع هذه الدور، بما لبني زهرة وبني هاشم من مَنزلة رفيعة في قريش وفي مكة، حَيثُ أُقيمت بيوت أُمِّ القُرَى(9) منذُ اخْتُطَّت(10)، على حَسَب منازل القوم ومِقدار عظمتهم ورياسَتهم، فأقرَبُها من الكعبة أعظمُها، ثم ما دونها، حتى تنتهي إلى بيوت العبيد، والدُّخَلاء(11)، والمَنْبوذِين(12)، والفقراء وأمثالهم بظاهِر المدينة.

    فكان الوافِد على تلك البيوت يعرِف ما لهم من قدر، وما يتمتَّعون به من عظمة، حينَ يرى قُربها من الكعبة، فوق ما تُخْبر به مناظرها من مكانة أهلِها، حين يَرى القادم عُلوها واتِّساعها وكثرة قُصَّادها.

    وقد أحسَّ وهيب بحُبٍّ شديدٍ لآمنة، ورأى فيها شِبْهَ أبيها وَهْبِ بنِ عبد مَنافٍ أخيه، فقد كان جميلًا وَسِيمًا، كما كان سيِّدًا مِقدامًا شجاعًا كريمًا، عَرفته مكة وعرَفه العرب، بما قدَّم لهم من مَكْرُماتٍ، كما عرفوه بالبُعد عن الشرور والآثام، وما يُرْتَكَب في مكة بأيدي بعض الأغنياء والمُتْرَفين(13) وذوي السُّلطان، مما يَحُطُّ الكرامة، ويُصَغِّر الكبراء في أعين الناس.

    وكلما رأى وُهَيْبٌ آمنة، تذكَّر أخاه، ولاحَت في مُحَيَّاها شمائله(14)، فآَثرها(15) بكثيرمن عطفه وبره.

    يُقَبِّل وَجْنَتَيها قبل أن يُغادر الدار في الصباح، ويبدأ بالسؤال عنها عندما يَعود، ويحملُ إليها الهدايا الثَّمينة إِذا آبَ(16) من سفر.

    يُلاعبها، ويُضاحِكها، ويَقْسِم بينها وبين أولاده بالسَّوِيَّة، إن لم يُفضلْها بنصيب أَوْفَرَ، ويُؤثِرها بحِصَّة أَوْفَى.

    ولم يكن اهتمامه بها يَزيد أبناءَه وبناتِه إلا محبةً لها، وبِرًّا بها، وعطفًا عليها، وإِيثارَها على أنفسهم بكل لَطيف، والتَّبارِي(17) في إِرضائها.

    كما لم تكن امراْتُه أَدْنَى منه عنايَةً بها ورعايةً لها، لا تَصْطَنِعُ تلك العِناية وهذه الرِّعاية إرضاءً له، بل لأنها أحسَّت بحب آمنة حُبًّا فاق حبَّها لأبنائها وبناتها، فَظِلُّهَا خفيفٌ على قلبها، وحديثُها حُلْوٌ في أذُنيها، وحركاتُها جميلةٌ في عينيها، وبسمَتُها الصَّافية خَلَّابة(18) لفؤادها.

    فنشأت آمنةُ مطمئنةً هادئةً، لا تُحِسُّ بما يُحس به اليَتامَى، الذين حُرِموا عطف الآباء أو حنانَ الأمهات، ولم تشعر يومًا بأن غَيْرَها ممن يعيشون في أحضان آبائهم وأمَّهاتهم، نالَ فوق ما تنال من حنان عمِّها وامرأته وأبنائه وبناته.

    فكانت سعيدةً في وَسَط هذه الأُسرةِ الكريمة، تحب كلَّ من فيها كما يُحبونها، وتعطِف عليهم كما يعطِفون عليها، وتَأْنَسُ بهم كما يَأنَسُون بها. وتوَدُّ لهم الخير كما يوَدون لها.

    لكنَّ هالةَ ابنة عمها وهيب، كانت أقربَهم إليها، وأكثرَهم موَدةً لها، لا تَزِيد الأيام هذه المحبةَ إلا رُسوخًا وقوة، تنمو بينَهما كما ينمو هذان الغُصنان النَّاضران، وتَزْدَهِر كما تزدهر هاتان الزَّهرتان الجميلتان.

    كانت هالة أكبرَ من آمنة بقليلٍ، فأصبحَتا مثلَ الفَراشتين في الرَّوْض الكثير العُشب، تَطيران معًا وتَحُطَّان معًا، حتى جاوَزت كلٌّ منهما مَرْحَلة الطفولة، وقارَبت هالة الرَّابِعَة عَشْرَةَ، واقتَربت آمنة من الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ، فحُجِبتا عن ظاهر الدار، كما حُجبت أمثالُهما من الفَتيات، فلم تعُد العيون تراهن خارجَ البيوت، لا سِيمَّا أَمثالِ آمنةَ وهالةَ من بنات البُيوت الكريمة، التي اشْتهرَت بالمحافظة والتَّصَوُّن(19).

    فقوَّى ذلك الحجابُ ما بين الفتاتين وزادَه رسوخًا، حتى زُفت هالةُ إلى عبدالمطلب بْنِ هاشم سَيِّد مكة، فانتقلت إلى داره وفارَقت دار أبيها، وادَّةً لو أن آمنة انتقَلت معها إلى بيتها أو إلى بيتٍ قريب منها.

    ولم تَزِدْ هذه الحياة الجديدة هالةَ إلا تعلُّقًا بآمنة، فكانت تُكثِر من زيارة بيت أبيها، وتجلس إليها طويلًا، تتحدَّثان حديثًا صافيًا، حتَّى إذا أطفأَت ما في صدرها من الشَّوق، عادت إلى بيتها، وإن لم تجدْ من الوقتِ مُتَّسعًا تزور فيه بيت أبيها دعَت آمنةَ إليها، فإذا شفَت كل منهما بعضَ ما تَجِد، عادت آمنة إلى بيت عمِّها، تترَقَّب هالة فى مَساء الغَد.

    وفي هذه الجلسات الطويلة، يدورُ حديثهما فيما تدورُ عليه أحاديث مكة التي لا تَنقطعُ، ففِيها كلَّ يوم جديدٌ من خَبَرٍ، إِذْ هي مَحَطُّ الرِّحال ومَهبِط القوافل الصاعِدة من جنوب جزيرة العرب إلى شَمالِها، ،والهابطة من الشَّمال إلى الجنوب، وفيها بيتُ الله، الذي لا ينَقطع القاصِدون إليه من جَوانب الجزيرة الفسِيحَةِ، وفيها أو قريبًا منها تقام الأسواق الكبيرة للبيع والشراء، وتُذكر فيها الأحْساب والأَنْسَاب، وتُنْصَب فيها ساحاتُ التَّفاخُر والتَّكاثُر، وتظهرُ فيها عظمـة العظمــاء وفقر الفقراء، ويَثور فيها النِّزاع وتُذْكر الثَّارات، وتَتَجَلَّى(20) فِيها البطولات، فتصبحُ مادةً للحديث الفاخِر والحديث السَّاخِر، فوق ما يثور فيها من نِزاعٍ يَشُبُّ في ساحات المَيْسرِ(21)، يخلُق المشكلات ويُثير الأَحقاد، ويُعَصِّب فريقًا من الناس على فريق.

    وقد أحسَّت آمنة أن عناية هالة بها قد زادَت، منذ تزوَّجت عبدالمطلب ابنَ هاشم، فكلَّما جلست إليها غمرتها بنظرةٍ فاحِصَة، ثم علا شفَتَيها ابتسامةٌ رقيقةٌ واسعِةٌ، فإِذا تَشَعَّب الحديث بينَهما همَّت بِأَنْ تحدثها عن شَيْءٍ يتردَّد في صدرِها، حتى إذا قارَبت أن تَمَسَّه، حوَّلت مجرَى الحديث، وعادت به إلى مكة وأحوالها.

    ولم تَشَأ آمنة أن تَسْتَوْضِحَها ذلك المَسْتور، الذي يكادُ يُطِلُّ من ثنايا حديثها، فَهِى مُوقِنَة بأنها لا تُخفي عنها شيئًا، وأَنها ستُفْصِح لها بما تُخفْيه، حينَ تَزُول الدَّوافع التي تَضْطَرها إِلى إِخفائه.

    فكانت تستمع إلى حديثها وتحدِّثها، وتُشاركها مَرَحها، منتظرَةً تلك السَّاعة التي يَنْكشِف فيها ذلك المَسْتُور.

    Section0002.xhtml

    

    (1) من في سنها.

    (2) الصائبة.

    (3) المرتفعات من الأرض.

    (4) أرجع.

    (5) الشديد السواد.

    (6) جانب.

    (7) فرع من القبيلة.

    (8) الإغاثة.

    (9) أم القرى: مكة. والأم الوالدة، وأصل الشيء، والشيء يتبعه فروع.

    (10) قسمت أرضها وهيئت للعمارة.

    (11) الذين يدخلون في قوم وينتسبون إليهم وليسوا منهم، والأجانب الذين يدخلون أوطان غيرهم ليستغلوها.

    (12) المبعدين.

    (13) المنعَّمين.

    (14) صفاتـه.

    (15) فضلها.

    (16) رجع.

    (17) التنافس.

    (18) شديدة الجاذبية.

    (19) الصيانة لأنفسهنَّ وأهلهنَّ من الابتذال.

    (20) تظهر.

    (21) القمار.

    سِـــــرٌّ

    اكتَمَل جمَال آمنة، وأصبحت دُرَّة مكةَ، وأمَل فتيانها وسَراتِها(22)، يود كلٌّ منهم لو أسعدته الأيام فَحَظِىَ بها زوجةً، ويُمَنِّي نفسه بالسعادة السَّابِغَة(23) إذا قبِله عمُّها وُهيب صهرًا له، وزوجًا لابنة أخيه، التي غَدَت حديث مكة كلِّها، حين تتحدث عن الجمال والأَخلاق والعِفَّة والذكاء، وحِين تتحدث عن الوَلد النَّجيب الذي تلِده المرأة النجيبة، يعلمون أن العِرق دَسَّاس، يمتد بالمَرْءِ إلى الآباء والأَجْداد، من الرِّجال والنِّساءِ.

    وكانت مكة تتحدَّث كذلك

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1