Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

نساء شهيرات - خديجة بنت خويلد
نساء شهيرات - خديجة بنت خويلد
نساء شهيرات - خديجة بنت خويلد
Ebook310 pages1 hour

نساء شهيرات - خديجة بنت خويلد

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

أمنت بالنبي محمد صلي الله عليه وسلم عندما كفر الناس به. وصدقته عندما كذبوه. وواسته بمالها عندما حرموه. وأنجبت له البنين والبنات. وفازت فوزا عظيما عندما أصبحت أول مسلمة من النساء.
مواقفها جليلة. ووفاؤها عظيم. وحكمتها مشهودة.. إنها السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها. وأولي زوجات الرسول محمد صلي الله عليه وسلم.


: هي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي. وأمها فاطمة بنت زائدة. وكانت تدعي في الجاهلية "الطاهرة"".
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2012
ISBN9785038276245
نساء شهيرات - خديجة بنت خويلد

Read more from عبد السلام العشري

Related to نساء شهيرات - خديجة بنت خويلد

Related ebooks

Reviews for نساء شهيرات - خديجة بنت خويلد

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    نساء شهيرات - خديجة بنت خويلد - عبد السلام العشري

    الغلاف

    نساء شهيرات

    خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدْ

    رضي الله عنها

    بقلم

    عبد السلام العشري

    إشراف عام:

    داليا محمد إبراهيم

    جميــع الحقــوق محفـوظــة © لدار نهضة مصر للنشر

    يحظـــــر طـبــــــع أو نـشـــــر أو تصــويــــر أو تخـزيــــن

    أي جــزء مــن هــذا الكتــاب بأيــة وسيلــة إلكترونية أو ميكانيكية

    أو بالتصويـــر أو خــلاف ذلك إلا بإذن كتابي صريــح من الناشـــر.

    HADAGA.xhtml

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    الترقيـم الدولـي: 978-977-14-4541-3

    رقــــم الإيــــــداع: 8543 / 2012

    طبعة: يونيو 2017

    تليفـــون : 33466434 - 33472864 02

    فاكـــــس : 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    بسم الله الرحمن الرحيم

    تقديم

    يا سُبحانَ الله!!

    ومَنْ أنا حتَّى أسْمُوَ إلَى ذلكَ الشَّرفِ الرّفيع، وأُلِمَّ في مثلِ هذا الكتابِ أو سواه، بجَوانبَ شخصيَّةٍ عُظمَى كشخصيَّة أمِّ المؤمنين خديجةَ بنت خُوَيلد زوْج رسول الله؟!

    دَوْحَةٌ مِحْلالٌ، وافِرةُ الثَّمراتِ، مَبسوطةُ الظّلال، آوَت في الهَجِير، وأطعمَتْ في المَسْغَبَةِ، ونَصرت في الرَّوع، وأَغاثت في اللَّهفَة، وفرَّجت في الكَرب، وحملَت من أجل ديِن الله أَضْخم الأعباء وأثقلَ الأوزار..

    استعذَبت الجِهاد في سبيل الإسلام، منذُ انبثقَ نوره يُضيءُ الآفاق، وتصدَّت مع الرسولِ للكافرين والمعاندين، الذين جمعوا جموعهم، ليُطْفِئُوا ذلك النُّورَ الوهَّاج.

    كافحتْهُم كِفاحَ المسلمَةِ الواعِيَةِ، الهادِئَة، العارِفةِ بالطَّريقِ، الباصِرةِ بالهَدَف، مضحيَّةً بكلِّ ما تملكُ من قوةٍ ومالٍ، مُشَمِّرةً لنشر الإسلام وردِّ شانِئيه، وصدِّ العُدوانِ عنْهُ، وعن أنصارِه الذين بادَروا باعْتِناقِه، وأسْرعوا إلى جَناه.

    واستعذَبتْ من قبلُ أن تَخوضَ غمارَ الحياةِ القاسيةِ في وسطِ الجاهِلِيَّةِ الضَّالَّة، تُشِعُّ فيها نورًا وضَّاءً، وتعرُك شَدائِدَها الثَّقيلةَ في عزمٍ وثباتٍ وتَسْديد، توفيقًا من الله العليِّ القَدير، ليُؤَهِّلَها لليومِ العظيمِ، ويُعِدَّها للمنزِلة العُليا التي أرادَها لها، فتكونَ زوجًا لِسيِّد الأنبياء، تفضُل النِّساءَ جميعًا، فتقفُ بجانِبه حينَ يخْذلُه الناسُ، وتُعينه بمالها الغزير إذ حرمَه الناسُ، وتُهَوِّن عليه الطَّريقَ الصَّعبَ، النَّاتِئَ الأحْجارِ، الكثِيفَ الأشواكِ، الشَّديدَ الالْتِواءِ، قلبًا رحيمًا، وصدرًا حَنونًا، وأُفقًا واسِعًا، ونظرًا بعيدًا، وحماسةً مُتَّقِدَةً، وصبرًا جميلًا، وبُعدَ إدراكٍ..

    قَبَسٌ من نور الله أرسلَهُ في وسَط الظلامِ الدامِس، ليَمضِيَ مع صاحِب الرِّسالة بالشُّعلَة الوهاجَة، يُنيرُ الطريق، ويَهدي إلى سواءِ السبيل..

    وبقَدر ما استطعتُ في هذه الصَّفحات، أُقدِّم البحرَ الزَّاخِر، والطَّوْدَ الشَّامِخ، الذي لا يتطاوَلُ إلى قمِّته أيٌّ منَ الناسِ.

    واللهَ أسْألُ التوفيقَ والسَّدادَ.

    المؤلف

    رَيْحانةُ الدَّار

    كانَتْ دارُ خُوَيلدِ بْنِ أَسَدٍ فِي مَكَّةَ، عالِيَةَ البِناءِ، فَسِيحَةَ الجَنَباتِ، مَعْروفَةً لِقُصَّادِهَا بَيْنَ دُورِ القُرَشِييِّنَ الكُبَراءِ، ذَوِي السُّلْطانِ والنِّعْمَةِ والثَّرَاءِ.

    تُعْلِنُ بِقُرْبِهَا مِنْ الكَعْبَةِ عَنْ مَنْزِلَتها العَظِيمَة، وما لَها مِنَ المَكَانَةِ الكَبِيرَة بَيْنَ تِلْكَ الدُّورِ، تزينُها خديجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وتَمْلَؤُهَا بِالبِشْرِ والسُّرورِ.

    فَقَدْ كانَتْ فَتَاةً جَمِيلَةً، ذَكِيَّة، مرِحَةً، فَصِيحةَ اللِّسانِ، طَيِّبَةَ القَلْبِ، يُحِبُّها مَنْ يَراها ويَتَعَلَّقُ بِها، حَتَّى جوَارِيها الكَثِيراتُ، الـمُخْتَلِفاتُ الأَشْكالِ، والألوانِ، والأَعمارِ، والطَّبائِـعِ، واللَّهَجاتِ، قَدْ اتَّفَقْنَ عَلَى هَذَا الحُبِّ لَها، لِعطْفِها وحَنَانِها، وما تَمْتَازُ بِه منَ الصِّفاتِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي لا تَوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنْ بُيوتِ مَكَّةَ الـمُتَكَبِّرَةِ، الـمُتَعَالِيَةِ(1) بِالحَسَبِ(2) والنَّسَبِ والْكََثْرَةِ(3) وَالغِنَى.

    فَكُنَّ يُطِعْنَها، وَيَتَنَافَسْن في إِرْضَائِهَا، مُرْتاحاتِ النُّفوسِ، تُحِسُّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِأَنَّ كَلَامَ سَيِّدَتِهَا خَدِيْجَةَ غِنَاءٌ فِي أُذُنَيْهَا، وَلَيْسَ أَمْرًا بِفِعْلِ شَيءٍ أَوْ تَرْكِهِ.

    وامْتازَ خُوَيْلِدٌ أَبُوهَا بَيْنَ قُرَيْشٍ بِالسِّيادَةِ والأَمْرِ والنَّهْيِ، يُؤْخَذُ رَأْيُه فِي الـمُشْكِلَاتِ، ولا تُقْضَى الأُمُورُ بِدُونِه، وحَوْلَه أُسْرَتُه الكَبِيرةُ العَرِيقَةُ، تُسَانِدُه وتَقِفُ بِجَانِـبِه.

    كَمَا امْتَازَ بِعَطْفٍ شَدِيدٍ عَلَى الفُقَراءِ والمَسَاكِينِ، وَرَحْمَةٍ واسعَةٍ بِالضُّعَفاءِ والـمُحْتَاجِينَ، ويَدٍ مَبْسوطَةٍ لا تَعْرِفُ لِلْمَالِ حِسابًا فِي سَبِيلِ إِطْعامِ الجائِـعِ، وكُسْوَةِ العَارِي، وتَأْمِينِ الخائِفِ، وحمايَةِ الجارِ، والسَّبْقِ إلَى المكْرُمَاتِ. فَغَدَت دارُه مَثابَةً(4) لِلنَّاسِ، يَجِدُونَ فِيْهَا الظِّلَّ الظَّلِيلَ، والـمَاءَ النَّمِيرَ(5)، والطَّعَامَ الوفيرَ، والحَديثَ الرَّقيقَ، مِمَّا يَشْرَحُ النُّفوسَ، ويُلْهِجُ الأَلْسِنَةَ بِالشُّكْرِ(6) والثَّنَاءِ.

    في هَذِهِ الدَّارِ الكَريمَةِ الثَّريَّةِ الوَاسِعَةِ الرِّحَابِ، نَشَأَتْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ رَاضِيَةً هادِئَةً، لا تُبْطِرُهَا النِّعْمَةُ، كمَا تُبْطِرُ الكَثِيرَ مِنَ النَّاسِ، بَلْ أَحَسَّت بِأَنَّ هَذِهِ النِّعْمَةَ التِي تَمْرَحُ فِيها، إِنَّما هِيَ عَطَاءٌ مِنَ اللهِ الرَّزَّاقِ، يَنْبَغِي أَنْ يُقَابَلَ بِالشُّكْرِ لِمَنْ أَجْزَلَه ومَنَّ بِهِ.

    وَوَجَدَتْ فِي عَوْنِ المَحْرُومِينَ ومُسَاعَدَةِ المُحْتَاجِينَ، مَا يَنْهَضُ بِذَلِكَ الشُّكْرِ، فَمَا رَدَّتْ مُحْتَاجًا، وَلا خَيَّبَتْ رَاجِيًا فِي إِحْسَانٍ، بَلْ تَهشُّ(7) لِكُلِّ وَافِدٍ وَتَبَشُّ(8) لِكُلِّ قَاصِدٍ، وَتَرْتَاحُ لِكُلِّ راجٍ.

    لَا تَضِيقُ بِمَنْ يَسْأَلُهَا العَطَاءَ، ولا تَتَبَرَّمُ بِمَنْ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَيْهَا، وَلَو أَعَادَ الطَّلَبَ وَكَرَّرَ السُّؤالَ.

    ولَـمْ تَخْرُجْ فِي تِلْكَ الصِّفَاتِ الطَّيِّبَةِ عَمَّا انْحَدَرَ إِلَيْهَا مِنْ أهلِها وقومِهَا، وخاصةً أباها الذي يَفِيضُ قَلْبه بالحَنَانِ والرَّحْمَة بكُلِّ إنسانٍ.

    وَقَدْ رَأَى هُوَ فِيهَا كَثِيرًا من صِفاتِهِ، فَزَادَ حُبُّه لَهَا، وسَرَّه فيها قلْبُها الكبيرُ، ونفسُها الطَّيِّبَةُ، وذكاؤها اللَّمَّاحُ(9)، وعزِيمَتُهَا المَاضِيَةُ (10)، وإِدْرَاكُهَا السَّرِيعُ، وَحُسْنُ تَصْرِيفِهَا لِلْأمورِ، فأرَاها من قلبِه الرِّضا، وَأَبْدَى لَهَا ارْتِيَاحَهُ التَّامَّ لِكُلِّ ما تَأْتِي وما تَدَعُ.

    فإِذَا جَلَسَ فِي الدَّارِ، وتَابَعَ باهتمامٍ وُجُوهَ نشاطِها، وخِفَّةَ حرَكاتِها، وما تُشِيعُه(11) من البهجةِ والأُنسِ، ابْتسم ابْتِسَامَةً رَاضِيَةً حَانِيَةً، وجعلَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَجَبًا، وهو يحدِّثُ نفسَه قَائِلًا:

    - ما أَظْلَمَ أولئِك الَّذين يكرَهُونَ البَنَاتِ! وما أَقسَى حُكْمَهم عَلَيْهِنَّ! وَكَيفَ تُقْدِمُ تلكَ القلوبُ المتحجِّرَة على وَأْدِهِنَّ(12)؟! أَلَيْسَ فِيهن مثلُ خديجةَ؟!.

    إِنَّهَا وَرَبِّ الكَعبةَ رَيحَانَةُ الدارِ، وَبَهْجَةُ الأُسْرَةِ، ونورُها الوَضَّاءُ!

    ولا يَبْرَحُ حَتَّى يَدْعُوهَا إِلَيهِ وَيُحَدِّثَها، وَيُطِيْلَ حديثَها، مَستَطيبًا هَذا الوَقتَ الذي يختلِسُه (13) من مشاكِلِه الكَثِيرةِ، يوَدُّ لَو طالَ، وطَالَ معه ذَلِكَ الحَدِيثُ الشَّهِيُّ.

    وكلَّ مَرَّةٍ يَهُمُّ بالتَّحَدُّثِ إلَيها فِي أَمرٍ مِنَ الأُمُورِ، ثم يُمْسِكُ(14) وَيُشَعِّبُ الحديثَ، فَحَياؤُهَا الشديدُ يَمْنَعُه من أن يُفاتِحهَا فِي شَأنِ أولئِكَ الفِتْيَانِ الذينَ يَطرقونَ بابَهَ كُلَّ صَبَاحٍ ومساءٍ، يطلُبونَ يَدَهَا(15)، رَاغِبِينَ فِي زِينَةِ الدُّنيا؛ مِنْ جَمَالٍ بَاهِرٍ، وَحَسَبٍ ظَاهِرٍ، وَمَالٍ كَثيرٍ، وَذَكاءٍ نَادِرٍ.

    وقد عَصَمَهَا(16) ذَلِكَ الحَيَاءُ مِنْ أَنْ تَهْتَمَّ بأولئِكَ الخُطَّابِ حينَ تصِلُ إلى مَسامِعها أخبارُهم عن طرِيق الجوارِي، والجاراتِ، والصُّوَيْحِبات، وأَنَّهم يَبْتَغُونَ إلى أبِيها المُصَاهَرَةَ(17)، وَيَتَوَسَّلُونَ إِلَيهِ بِمَا فِي أَيْدِيَهُمْ مِنَ الثَّراءِ، وَمَا وَرَاءَهُم مِن الحَسَبِ الرَّفِيعِ.

    لَم تَلْتَفتْ إِليهم، وانْصرفَت إِلى شئُون البَيْتِ وتَدْبِيرِ أُمورِه، لَا تَشْغَلُ نَفْسَها بِالتفكيرِ في زَواجٍ والاهْتِمَامِ بِخاطِبٍ، واثِقَةً مِن أن أبَاهَا الحَكِيمَ سَيَخْتَارُ لَهَا خَيْرَ الأَزواجِ، فهو خبيرٌ بالرجالِ.

    وما أكثرَ مَا سمِعَتْه وهو يتحدثُ عن الزَّوْجِ الصَّالِحِ، ويقولُ: إِنه الجامِعُ لِخِلَالِ المرُوءَةِ، والشَّهَامَةِ، والكَرَمِ، لايَسْتَهْوِيه مَا يستَهوِي شبابَ مَكةَ وبعضَ شيوخِهَا ممَّا لا يُرضى، الذكيُّ العاقِلُ، مَنْ يَزِنُ الأمورَ وَيُقَدِّرَ التَّبَعَات(18) ويَحْمِلُ الأَعْبَاء(19)، لا يَدْفَعهُ الطَّيْشُ إلى ما يَحُطُّ مِن أقدارِ الرِّجَالِ، ويُحَطِّمُ مراكِزَهم العاليةَ، وكثيرًا ما أكَّدَ لَهَا أَن عَلَاقَةَ الرَّجُلِ بالنَّاسِ صُورَةٌ مِن علاقَتِه بِأَهلِ بَيْتِه، فالكريمُ الطَّيِّبُ الشَّهُم هو دَائِمًا في كلِّ حَالٍ على سَواءٍ.

    وذَاتَ مَسَاءٍ، ازْدَحَمت الدارُ بجماعةٍ من كُبَرَاءِ القَوْمِ، من بَنِي مَخْزُومٍ، أطَالُوا الزِّيَارَة، وأخَذوا بينَهم بأطْرَافِ الحَديثِ، وانْتَقَلُوا بِهِ هُنَا وهُنَاكَ، حتَى انْتَصَفَ اللَّيْلُ، فقاموا إلى دُورهم، وانْصَرَفُوا بَعْدَمَا ودَّعَهُمْ خويلدٌ أحسَنَ وداعٍ، وخديجةُ غيرُ مُهْتَمَّةٍ بِما تَرى، فَلَيْسَتْ هَذِهِ أَولَ زِيَارَةٍ لَهم ولَا لِغَيْرهِم، ولَا أَوَّلَ مَرةٍ يَطُولُ فيها الحديثُ ويَتَشَعَّب، فَطَارِقو بَابَ خويلدٍ كَثِيرُونَ وَمَقَاصِدُهُم مُتَبَايِنَةٌ.

    ولمَّا انفضَّ الجَمْعُ، ذهبَ خويلدٌ إلى حُجرَتِهِ، وقَضَى بِهَا وَقْتًا طَوِيلًا، يُحادثُ زوجتَه فاطمةَ بنتَ زائِدَةَ بْنِ الأَصَمِّ، وتُحَادِثُه، ثُمَّ خَرَجَا وَقَدْ بَدَتْ عَلَيْهِمَا عَلامَاتُ الرِّضَا وأَمَارَاتُ الارْتِيَاحِ، وَجَلَسَ خُوَيْلِدٌ في الفِنَاءِ علَى بِسَاطٍ وَثِيرٍ مُدَّ له، مُتَّكِئًا عَلَى مُتَّكأٍ مِنَ الحَرِيرِ المُطَرَّزِ بالنُّقُوش البدِيعةِ، أمامَه المِجْمَرَة الذَّهَبِيَّةِ، يَعْبَق بِهَا دخُانُ المِسكِ والعَنْبَرِ، وجَلَسَتْ بِجَانِبه زَوْجَته فَاطِمَةُ يَبْدُو عَلَيْهَا الاْنْبِسَاطُ والرِّضا.

    ثم دعا ابْنَتَه خَديجةَ فجاءَت تَمْشِي عَلى اسْتِحْيَاءٍ، وَوَقَفَتْ أَمَامَه فارِعَة القَوام، مَتَلَألئة الوَجْه، يَنْعَكِسُ ضَوْءُ المصباحِ الدُّرِّي عَلَى وَجْهِهَا، فَيَزِيدَه جَمَالًا على جَمَالٍ، وهو يَتَأَمَّلُهَا باَسمًا، وَلمَ تَجْلِسْ إِلَّا بَعْدمَا أَذِنَ لَها بَالجُلُوسِ قَائِلًا:

    - اقْعدِي يا خَديجةُ.

    سَأَتَحدَّثُ إليك في أمرٍ، وأَوَدُّ أنْ أَعْرِفَ رَأْيكِ الصَّرِيحَ فيه، فاسْمَعي، وفَكِّرِي، وَلَا تُقِيمِي وَزْنًا لأَي اعْتِبَار لا تَجِدِينهُ مُوََافِقًا.

    

    (1) المتكبرة.

    (2) ما يعدُّه المرء من مفاخر آبائه وعظمتهم.

    (3) كثرة عدد أفراد القبيلة، وكانوا يتفاخرون بذلك.

    (4) مكانًا يترددون عليه ويجدون فيه الأمان.

    (5) الصافي العذب.

    (6) يلهج الألسنة بالشكر: يجعلها محبة له مثنية عليه.

    (7) ترتاح وتنهض.

    (8) تتهلل.

    (9) السريع الفهم.

    (10) النافذ.

    (11) تبعثه.

    (12) دفنهن أحياء.

    (13) يستلبه.

    (14) يمتنع.

    (15) يريدون زواجها.

    (16) حفظها .

    (17) الصلة بالزواج.

    (18) يدرك المسؤوليات.

    (19) ينهض بالمهمات الثقيلة.

    خـبرٌ ســارٌّ

    أَطَالَ خوَيْلِدٌ النَّظَرَ في وَجْهِ خَدِيجة المستَديرِ، وفي عَينَيها النَّجْلاوَيْن(20) وثغْرِها الباسمِ، ثم قالَ في حَنانٍ:

    - مَا رَأْيُكِ يا خديجةُ فيما أَعْدَدْنا لِقَافِلَةِ الشَّامِ؟

    فَتَلَقَّتِ الفتاةُ السُّؤَالَ بِابْتِسَامَةٍ عَرِيضةٍ كشَفَت عن أَسنانٍ مَرْصوصَةٍ كأَنَّهَا الدُّرُّ المنظومُ، ثم قالَت في أدبٍ جَمٍّ(21):

    - قافِلَةٌ مُوَفَّقَةٌ، وتِجَارَةٌ رَابِحةٌ إنْ شاءَ الله لن تَـبُورَ(22)، حَوَتْ ما أوْصَى بِه عُمَلاؤنا هُناك، من كلِّ سِلْعَةٍ تَجِدُ في تلكَ البِلادِ إِقبالًا شدِيدًا وَأُعِدَّت أحسنَ إِعدادٍ، ونُظِّمَت خيرَ تنظيمٍ.

    قال خُويلد وابْتِسَامَتُه تَزدَادُ اتِّساعًا فوق شفَتَيه:

    - وما رأْيُك يا خديجةُ في رجالِنا وعُمَّالِنا، أُولئِك الَّذين سنَبْعَثُهم في القافِلَةِ؟

    قالت الفَتاةُ وقد بدَت في وَجهها بَعْضُ مَلامحِ الحَيْرَة:

    - إِنَّهُم ماهِرُونَ مُدَرَّبُونَ، يَعْرِفُونَ مَا يَأْخُذُونَ وَمَا يَدَعُونَ، وَهُم معَ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1