Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

رسالة من الله
رسالة من الله
رسالة من الله
Ebook618 pages3 hours

رسالة من الله

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يدور الكتاب حول فكرة تنقل كتاب الله من صاحب آخر العمر الذي لا نذهب إليه إلا في الشيخوخة إلى صديق العمر الذي أذهب إليه في شبابي وأتخذه صاحبًا.. وذلك من خلال الرسائل التي أرسلها الله لنا عبر آيات القرآن الكريم..تأملات ووقفات مع بعض الآيات القرآنية وعلاقتها مع مجتمعنا .. رسائل تعيد الإنسانية إلى الرحمة والنورانية .. فالروح عندما تكون بعيدة عن الله تسكن فيها الظلمة .. لهذا كان هذا الكتاب الذي نستقبل في كل فصل من فصوله رسالة من ربنا إلينا في القرآن الكريم؛ لتعيد الإنسانية إلى الرحمة، وتشرق النورانية في أرواحنا.
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2021
ISBN9789771459644
رسالة من الله

Read more from مصطفى حسني

Related to رسالة من الله

Related ebooks

Reviews for رسالة من الله

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    رسالة من الله - مصطفى حسني

    cvr.jpg

    رسالة من الله

    مصطفى حسني

    العنوان: رسالة من الله

    تأليف: مصطفى حسني

    مراجعة علمية: د. سيد عبد الباري

    مدير عام المراكز الثقافية بوزارة الأوقاف ومن علماء الأزهر

    إشراف عام: داليا محمد إبراهيم

    الترقيم الدولي: 978-977-14-5964-4

    رقم الإيـداع: 2021 / 5326

    طـبـعــة: إبريل 2021

    جميع الحقوق محفـوظـة © لـدار نهضـة مصـر للنشـر

    يحـظــر طـــبـــع أو نـشـــر أو تصــويـــر أو تخــزيــــن أي جـزء مـن هـذا الكتـاب بأيـة وسيلـة إلكترونية أو ميكانيكية أو بالتصويــر أو خـلاف ذلك إلا بإذن كتابي صـريـح من الناشـر.

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    تليفــون: 33466434 - 33472864 02

    فاكـــس: 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    المحتويات

    صفحة العنوان

    حقوق النشر

    الإهداء

    ما هي سلسلة بناء العبد الرباني؟

    تمهيد

    الحائر في ظلمة الاختبار

    ظالمُ النساء

    الزاهد

    مُتبع الشيطان

    القريب من الزِّنا

    الظالم

    هاجِرُ الصلاة

    فاقد الرحمة

    الغافل عن الآخرة

    سليط اللسان

    المتبع هواه

    الكاذب

    المُفسد فـي الأرض

    الجنة

    أهل الابتلاء

    المُستهين برضا الله

    الغافل عن الحمد

    رسول اللَهﷺ

    اليائس من رحمة اللَّـه

    الحب

    رسالة عن الحساب

    مَن يُحاكم الخلق والخالق؟!

    الحقود

    البخيل

    المُعرِض عن هداية اللَّـه

    المُتكبر

    العقل

    رسالة إلى اللَه

    Landmarks

    ابدأ بالقراءة من هنا

    Cover

    الإهداء

    إلى الله منزل هذا الكتاب هداية ورحمة للناس

    إلى كل شيخ علمني حرفًا من القرآن فأصلح به قلبي.

    إلى كل صاحب رافقني إلى مقرأة لأتعلم كتاب الله، وأنعم بالجلوس بين أهل الله؛ أهل القرآن.

    إلى كل قارئ صاحب صوت عذب سَلَبَ عقلي وأنا أستمع إلى بديع قراءته، وأتلذذ بكتاب الله في الصلاة خلفه.

    إلى كل محب لكتاب الله يقرأ ليبحث عن الله، يبحث عن قلبه، يبحث عن الحكمة، يبحث عن كل شيء في قرآن نزل تبيانًا لكل شيء..

    إلى الله ربي.. وإلى كل هؤلاء أهدي كتاب «رسالة من الله».

    مصطفى حسني

    ما هي سلسلة بناء العبد الرباني؟

    الأزمة الحقيقية التي يواجهها عالمنا الإسلامي هي الفهم السليم ثم التطبيق الرحيم للدين الإسلامي العظيم .. فهناك فجوة بين الشريعة الكاملة النقية وبين فهم العقول لمراد الله منها، وكيفية تطبيقها بالشكل الصحيح على واقع العصر الذي نحياه سويًّا.

    وطالما أحلم بأن أسهم بما أتعلم من العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية في بناء شخصية مؤمنة تحمل بين جنبيها نفسًا سوية وعقلًا مستنيرًا، نفسًا تصلح أن تكون خليفة الله في الأرض، نفسًا تحب العلم وتحترمه وتبحث عن صفات الله الظاهرة في الكون لتتعرف إليه .. لتتعلق به وتحبه،  ثم تنشر هذه الصفات بين الخلق، فترحم برحمة الله، وتعطي بكرم الله، وتسامح كما رأت ربها يعفو ويسامح، نفسًا ترى عمارة الأرض واجبًا لا يقل عن الصلاة التي تقدسها بين يدي ربها.

    وهذا مصداق قول الله في آية وصفت المتقين الصادقين: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾[البقرة : 177].

    دين شامل .. عقيدة أثمرت عبادة ظهرت آثارها في رقي معاملة الخلق وبناء الحضارة ..

    وهذا هو غاية الهدف والرسالة السامية التي أحملها على كتفي منذ أن بدأت طريق الدعوة من سنين عديدة، وهو بناء العبد الرباني العابد لسيده ومولاه، المنشغل بعمارة وطنه وأرضه، والمتخلق مع الخلق بأخلاق ربه حتى نعمل بوصية الله الخالدة لنا

    ﴿وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ﴾[آل عمران : 79]

    ستجدون في سلسلة بناء العبد الرباني كتبًا تتناول البناء الكامل المتزن لهذا العبد الذي نحلم به ..

    كتب في بناء العقل السوي المستنير وضبط المفاهيم.

    كتب إصلاح القلب وتأهيله للفهم عن رب العالمين ليظهر ذلك في سلوكيات من يحمل الخير والحق والجمال للخلق.

    كتب عن العبادات فهمًا لمعناها وتعلُّمًا لكيفيتها والسعي لارتقاء الروح بها.

    كتب عن المهارات الشخصية وتطوير النفس التي هي أمانة الله لتصبح أكثر فاعلية في الحياة العملية وعمارة الأرض.

    كتب المعاملات بين المسلمين للارتقاء في معاملاتنا مع بعضنا البعض، وتقبُّل الطبيعة البشرية لكلٍّ منا.

    كتب عن السيرة النبوية وقصص الأنبياء العظيمة والتي نستوحي منها الطرق العملية للتصرُّف السليم في كافة المواقف التي نتعرض لها في حياتنا اليومية.

    كتب عن القرآن الكريم وتعلُّم كيفية فهمه وتدبُّره وتطبيقه بشكل عملي في حياتنا حتى نكون من «أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته».

    وأسأل الله أن يمن علينا بالعلم النافع، والرزق الواسع، والقلب الرحيم، والعقل الواعي المستقيم .. وصلِّ اللهم وسلم على راحم المساكين .. والحمد لله رب العالمين .

    تمهيد

    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله..

    هذا الكتاب فكرة ومشروع يخدمان كتاب الله، ويُحققان دعوة النبي ﷺ حين قال:(1)

    والربيع هو الماء الصافي الذي يُنبت الخير للأرض، ولكي يظل القرآنُ الماءَ الصافي الذي يُنبت الخير فالقلب بحاجة لأنْ يظل في صحبة القرآن، ولن يكون القلب في صحبة القرآن إلا إذا شَعَر بالأمان مع القرآن؛ الأمان أن تستطيع قراءته وفهمه وتبحث فيه عند حيرتك، حينها تجده يدلك على الطريق، الأمان أنك ستتعلم من خبراتٍ كثيرة مذكورة في القرآن من قصص الأولين، الأمان أنك عندما تريد تطوير أي جانب من جوانب حياتك تلجأ للقرآن.. فإذا جعلت كل ما سبق هو أساس علاقتك بالقرآن فإن النبي ﷺ أطلق عليك لقب (أهل القرآن)، وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته، والأهل هم السند والمَفزع والمَلجأ.

    وقد شبَّه سيدنا رسول الله ﷺ القرآن بإنسان سيأتي جليسك وأنيسك في القبر إن كنت من أهل القرآن في الدنيا، وقال رسول الله ﷺ:(2)

    فالقرآن هو أهلُك؛ سيأتي ويُدافع عنك بين يدي الله (سبحانه وتعالى)، قال تعالى:

    فقد اصطفاك الله لحمل هذا الكتاب، والبحث فيه عن رسائل الله التي أرسلها إليك؛ لتستقيم حياتك وترتقي.

    وقف رسول الله ﷺ يقرأ القرآن ويُصلي عند الكعبة في ظلام الليل، فأتى ثلاثة رجال من سادات قريش، هم: الأخنس بن شريق، وأبو سفيان، وأبو الحكم بن هشام (أبو جهل)، لكن دون أن يعلم كل منهم أن صاحبه هنا؛ فقد أتوا متفرقين ليجلس كل منهم في مكانٍ لا يراه فيه أحد ليستمع إلى رسول الله ﷺ، فلما أشرقت الشمس جمعهم الطريق فتلاوموا، وتعاهدوا ألا يعودوا لسماع النبي ﷺ مرة أخرى، ثم في اليوم الثاني تكرر ما فعلوا، فلما أشرقت الشمس جمعهم الطريق فتلاوموا، وتعاهدوا ألا يعودوا، ثم في اليوم الثالث تكرر هذا المشهد، وتعاهدوا ألا يعودوا، ولم يعودوا بعد هذه المرة، ثم ذهب الأخنس بن شريق لأبي سفيان وقال له: ما سمعت من محمد؟ قال: والله سمعت كلامًا أعلمه وكلامًا لا أعلمه. فذهبوا لأبي الحكم بن هشام وقالوا: ما سمعت من محمد؟ فقال: كنا -أي: عائلة أبي جهل- وبنو عبد مناف كفرسَي رهانٍ؛ أطعموا فأطعمنا، وأعطوا فأعطينا، وسقوا فسقينا، حتى إذا قالوا: منا نبي، أنَّى لنا هذا؟! إنه لنبي ولكن -واللهِ- لا أؤمن به. فقام الأخنس بن شريق وهو غاضب.. فهؤلاء الثلاثة هم من سادات مكة؛ أي أنهم يملكون البلاغة والمناصب والعقل والحكمة والإدارة والفهم والاحترام من الآخرين.. لكن ما هذا الشيء الذي سمعوه فاخترق قلوبهم؟

    إن الإنسان كائنٌ ضعيف ومهما بلغ من العلم، فعلمه محدود.

    فإنه يفقد بعض الأشياء التي تُبقي بداخله تساؤلات وتناقضات فكرية تحتاج إلى جواب، ومهما بلغ من المناصب فإنه مخلوقٌ ضعيف لديه مشاكل مع المقربين منه، وعيوب هي سبب تعثره في الحياة، فهو بحاجة لمَن هو أعلم منه حتى ينصحه، قال الله (سبحانه وتعالى) حيث يمتدح القرآن:

    فالقرآن كتابٌ مبارك أي: كثير المنافع.

    أصناف العباد مع القرآن

    أولاً الهاجر

    هو أحد المؤمنين بالله (سبحانه وتعالى) من المسلمين، لكن لا تربطه علاقة بالقرآن، فهو منشغل بالدنيا، بعيدٌ كل البعد عن القرآن، فقد تكون لديه حالة من عدم الثقة أنه سيجد في القرآن ردًّا على تساؤلاته، ففي ظل هذه العلوم الكثيرة التي تعمل على تطوير جوانب حياة الإنسان لم يشعر أن القرآن قد يكون منبعًا ومصدرًا لهذه العلوم الحديثة، وقد يكون لديه حاجز لغوي فلم يستطع قراءة القرآن لأنه باللغة العربية الفصحى وهو لم يتعلم اللغة العربية.. لكن هذا الإنسان في بُعدٍ تام هاجرٌ لكتاب الله (سبحانه وتعالى) فقد قال سيدنا معاذ بن جبل: «ليأتين على الناس زمان يَبْلى القرآن في صدورهم كالثوب الخَلِق»؛ أي إن الإنسان سيشعر بقِدم القرآن كالثوب البالي الذي لم يعد بحاجةٍ إليه.

    ثانيًا القارئ المُردِّد

    هو إنسان يُحب القرآن، وتربطه علاقة به، لكنه عند قراءته للقرآن يقرأ بحالة أسماها علماء النفس «حالة من الوعي المنخفض»؛ فهناك أمر من العقل للعين أنه يجب الانتهاء من هذه الصفحات، لكن دون تأمل في المعاني، فهو ينال الحسنات؛ لأن النبي ﷺ أخبر أن بكل حرف من القرآن حسنة فقال ﷺ:(3)

    لكن هذه النية الطيبة لا تكفي للانتفاع بالقرآن؛ لأن سبب نزول القرآن هو قراءة رسائله، وليس فقط قراءته.

    سيدنا أبو عبدالرحمن السلمي -وهو أحد التابعين- قال: «تعلمنا القرآن من أناس (وهم الصحابة) أخبرونا أن رسول الله ﷺ كان يعلمهم القرآن عشر آيات بعشر آيات، فكانوا لا يتجاوزون العشر آيات حتى يتعلموا ما فيهن من العلم والعمل، وسيرث القرآن بعدنا أقوام يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقِيَهم». (الترقوة هي عظمة من عظام الكتف)، فعندما تشرب الماء تبتلعه دون أن تتذوق طعمه؛ لأن الماء ليس له طعم، فكذلك القرآن عندما تقرؤه بهذه الطريقة فإنك لن تتذوق ما به من معانٍ ورسائل، فلا يجعل العقل ناضجًا، ولا القلب رحيمًا رفيقًا.

    ثالثًا الباحث عن رسالة من الله

    هو إنسان يقرأ كتاب الله بانتظام، لكنه يقرأ بأعلى مستويات العقل الذي أطلق عليه علماء النفس (العقل الفضولي)؛ وهو عقل باحث عن الرسالة من كلام الله (سبحانه وتعالى) فهو يرى أن الملاذ والنجاة في اتباع كلام الله الموجود في القرآن، قال تعالى:

    فهو يعلم أنه إن اتبع رسائل الله في القرآن فلن يضل في الدنيا، ولن يشقى في الآخرة، فهذا الإنسان هو الذي ورث الميراث النبوي من كونه قرآنًا يسير على الأرض اقتداءً بالنبي ﷺ.

    لماذا القرآن هو رسائل من الله؟

    أولاً الطريقة التي نزل بها القرآن

    لم ينزل القرآن مرة واحدة على النبي ﷺ بل كان يحدث بعض الأحداث التي بها اختبارٌ وابتلاءٌ من الله، فيُنزل الله الآيات على رسوله فيُعلِّم الصحابة أن يفعلوا هذا ولا يفعلوا هذا، فإذا أخطأ أحد أنزل الله آيات تنهى عما ارتكبه من خطأ، وإذا فعل أحدٌ أمرًا نصر به الحق والقيم أنزل الله آيات تحث على هذا الفعل، قال تعالى:

    وقد أنزل الله القرآن على النبي متفرقًا؛ حتى يُثبِّت قلبه ﷺ حيث قال تعالى:

    وأنت أيضًا قد تمر في حياتك أحداث تجد كيفية التعامل معها في القرآن، وكذلك إجابةً لكل سؤالٍ يخطر بذهنك، فعند موت أحد أصدقائك أو أقاربك ثم تستمع لقول الله (عز وجل) في القرآن:

    فهذه رسالة من الله تُخبرك وتُذكرك بألا تترك والدة صديقك أو قريبك، بل ينبغي عليك أن تكون بجانبها، وفي الجامعة هناك مجموعات من الأصدقاء يكون بينهم تنافس في القوة، فالمجموعة التي كانت بالنسبة لك بمثابة الأعداء قد تجتمعون معًا في عمل خير بعد ذلك فإن الله قد قال:

    ثانيًا وحي الله رسائل لخلقه

    فالوحي الذي أنزله الله على نبيه هو رسائل مُرسلة لك، قال تعالى:

    ثالثًا ألفاظ قراءة القرآن توحي بالتتبع والبحث

    وهي ألفاظ: التلاوة، والترتيل، قال تعالى:

    التلاوة أي: التتبع، وإذا أضيفت التلاوة للقراءة فتعني: تتبع ما وراء الكلام المقروء من المعاني، وقال (عز وجل):

    الترتيل في اللغة: أي: التأني، وإذا أضيف للقراءة تُصبح تأنيًا في القراءة حتى لا تفقد المعنى من وراء القراءة.

    رابعًا القرآن رسالة من الله

    فهذا هو حفيد النبي ﷺ سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب يقرر أن القرآن رسالة الله (سبحانه وتعالى) فقال: كنا نتعلم القرآن من أقوام كانوا يرون القرآن رسائل من الله، فكانوا يتدبرونه بالليل ويتفقدونه بالنهار. فكانوا يتعلمون القرآن بالليل ويُطبِّقون ما تعلَّموا في النهار، ويبحثون عن رسائل الله، ومعاني القرآن في أحداث الحياة.

    قال الله تعالى:

    القرآن كتاب عزيز له عزة وتأثير على النفس وهي أن الله (سبحانه وتعالى) إذا عرض أمامك آية من القرآن فاعلم أنه يوجهها لك، فقد قال سيدنا عبد الله بن مسعود: إذا سمعتَ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فأعطها سمعك؛ فإن الله يُكلمك. كلام الله (سبحانه وتعالى) يتسم بصفات الكمال والجمال والجلال، فلن يأتي الاستقرار لحياتك إلا برسائل الله (سبحانه وتعالى) لك، ولن تنجح وتتطور في أي جانب من جوانب الحياة إلا بالقرآن، ونعمة كبيرة من الله أن يرزقك بمَن يُعلمك القرآن لتقرأه وتتعلم تفسيره؛ حتى يسهل عليك الصعب بسبب حواجز اللغة أو بسبب بُعد الأعوام.

    قال الله تعالى:

    القرآن ليس صعبًا؛ بل يحتاج إلى نية صادقة لتفهم كلام الله، فإذا صدقت هذه النية جاء الفتح بالمعاني من الله (سبحانه وتعالى) فالقرآن ينبغي ألا يُقرأ فقط في الجنائز؛ فالقرآن به سعادة وسكينة فقد قال (سبحانه وتعالى):

    فإذا مررت بأزمة فعُدْ إلى كتاب الله، وإن كنت في لحظة فرح على مراد الله فعُدْ إلى كتاب الله، فستجد القرآن دائمًا حاضرًا مليئًا بالرسائل عندما تريد البحث عن أي شيء بحياتك، وقد قال سيدنا عبدالرحمن بن مسعود: إن الله يعطي الدنيا لمَن يحب ولمَن لا يحب، ولا يعطي القرآنَ إلا لمَن يحب.

    أنواع رسائل القرآن:

    1. رسائل لترسيخ العقيدة والتعرف على الله.

    2. رسائل لتعليم القيم والمبادئ وتثبيتها.

    3. رسائل لزرع الرحمة وتغليبها في المعاملات.

    4. رسائل لتعليم قيم العمل وعمارة الأرض.

    5. رسائل الثبات أمام الفتن.

    سنتناول كل هذه الرسائل من الله (سبحانه وتعالى) التي وردت في القرآن؛ حتى نصنع من نفوسنا نفوسًا تغلب عليها الإنسانية والرحمة، ونورانية في الروح؛ لأن الروح إذا بعدت عن الله حل عليها الظلام.. فأنت -أيها العبد- يجب أن تترسخ بداخلك مبادئ لا تُضَحي بها من أجل المصالح؛ لأنك أنت وريث النبي ﷺ الذي قال:(4)

    فتأمل

    1. عندما تُبعث يوم القيامة مع أهل الله؛ لأنك كنت من أهل القرآن في الدنيا.

    2. وتأمل حساب الله لك وأنت من أهله (سبحانه وتعالى).

    3. وتأمل أيضًا كيف سيظهر الله لك، وكيف سيستقبلك يوم القيامة إن كنت من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته في الدنيا.

    تذكر رسالة الله:

    إن القرآن كان -وسيظل-

    منهجًا لبناء الحياة

    وشمسًا لكل باحث

    وراحة لكل مهموم

    وطوق نجاة لكل حائر


    1. مسند أحمد بن حنبل.

    2. رواه مسلم.

    3. سنن الترمذي.

    4. مسند ابن أبي شيبة.

    الحائر

    في

    ظلمة الاختبار

    هناك حدث من أهم الأحداث في حياة الإنسان، وأكثرها تكرارًا وهو: الاختبار.

    فما هو معنى الاختبار؟

    الاختبار لا يعني دومًا المحنة التي بها مرضٌ شديد أو أزمة مالية، لكن الاختبار هو حيرة الإنسان بسبب الأحداث التي يمرُّ بها في حياته، سواء كان تأخر شيءٍ أراده، أو مجيء نعمة لم يتوقعها فجأةً! أو أنه يسعى، ولكن لا يُرزق بما يُريد، أو أنه كان حنونًا وصادقًا مع إنسانٍ ثم غدر به هذا الإنسان، فالاختبار هو حدث مُحيِّر يكون الإنسان مخيرًا فيه بطريقين:

    إما أن يفعل فعلًا خاطئًا ليخرج من حيرة هذا الاختبار، وإما أن يصبر ويثبت ويفعل ما يريد، لكن على مراد الله.

    قال الله تعالى:

    وانظر إلى رحمة الله في ختام الآية وهو يقول: وهو العزيز الغفور.. نعم غفور لك إن أخطأت في اختيارك بعد اختبارك، فأنت إن أحسنت فإنك مقبول مأجور، وفي إساءتك أيضًا مرحوم مغفور لك.

    من معاني الاختبار في القرآن الكريم

    1 . البلاء: ويعني الظهور، كما في قوله تعالى:

    أي عندما تظهر سرائر الإنسان يوم القيامة، أما في الدنيا فالبلاء حدث يظهر ما في داخل الإنسان من صفات.

    2. الفتنة: وتعني التنقية، كما قال تعالى:

    3. الاختبار: وهو حدث يحدث حتى يُظهر لك معلومة لم تكن تعلمها.

    الاختبار جند من جنود الله، إما أن يترك أثرًا بحياتك، وتتعلم منه، وتترقى بسببه، ويزيد نضجك في فهم أحداث الدنيا، وإما أن يكون حفرةً عميقة مُظلمة تُصاب منها بالضيق والحيرة، بل وقد تُصاب في عقيدتك تجاه المولى (عز وجل)، فعليك دائمًا بالبحث عن حكمة الله من هذا الاختبار؛ حتى تطمئن أن هناك حكمة من وراء هذه الأحداث والأقدار بدلًا من الغوص في حيرتك، وإذا لم تر الحكمة فعليك بتسليم أمرك للحكيم؛ لأنك دائمًا في عناية ورعاية الله (سبحانه وتعالى).

    أسباب الاختبار

    أولاً إظهار ما في باطنك من صفاتٍ وأسرار

    فقد تُنفق أموالك لإنسان حتى يُعطيك تقييمًا لصفاتك من عيوب ومميزات وقدرات ومهارات، وفي نفس الوقت قد تتوهم أن لديك صفات حميدة تمتلكها وهي في الواقع غير موجودة؛ كأنْ تتعرض لموقف ويظهر لك منه أنك لا تتحمل المسئولية، أو يظهر أنك سريع الغضب، فالله (عز وجل) يختبرك حتى يُظهر ما في باطنك، قال الله:

    ﴿حَتَّى نَعْلَمَ﴾ قال بعض المفسرين: أي: حتى نُظهر. حتى تعلم أمام نفسك هل أنت ثابتٌ على قيمك أم أنك قد تتخلى عنها مع أول اختبار!

    وقال (عز وجل) أيضًا:

    ﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ﴾ أي: سيُظهر الله لك صفاتك الباطنية، ﴿وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ﴾ التمحيص يُقال على الحبل، فيُقال: محصت الحبل؛ أي: صنعته ثم نظفت ما به من الوبر حتى يكون خالصًا لا تشوبه أي شائبة.. فتظهر لك صفاتك ومميزاتك؛ حتى تُغيِّر من نفسك وتُصلحها.

    أحيانًا قد تدَّعي أنك في مقام من مقامات القرب من الله، لكن قلبك لم يذُق لذة هذا المقام؛ لأنك لست فيه، فيُريد الله أن يُظهر لك أنك لست في هذا المقام، لتبدأ في البحث

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1