Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

سيكولوجية الشيخ عبد القادر الكيلاني شخصيته, طريقته, تربيته ,علومه
سيكولوجية الشيخ عبد القادر الكيلاني شخصيته, طريقته, تربيته ,علومه
سيكولوجية الشيخ عبد القادر الكيلاني شخصيته, طريقته, تربيته ,علومه
Ebook379 pages3 hours

سيكولوجية الشيخ عبد القادر الكيلاني شخصيته, طريقته, تربيته ,علومه

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

انبجس نور الإسلام الوهاج، ونبعه الصافي، من مكة المكرمة، ثم انساب هادئة رقراقا إلى المدينة المنورة، ولما اشتد عوده فيها، وقوي هديره اندفع يجتاز الصحاري والوهاد، والسهول والجبال، كالإعصار لا يقف أمامه شيء حتى وصل في أقل من قرن من الزمان، إلى حدود الصين في الشرق، وإلى جبال البيرينيه والمحيط الأطلسي في الغرب.

       بلغ النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ما كان حيا. وقبل أن يتوفاه الله سبحانه وتعالى، قال عليه أفضل الصلاة والسلام : «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنة رسوله» رواه مالك في الموطأ ([1]) ولكن كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يحتاجان إلى من يحسن الاستنباط منهما. وقد قام بهذه المهمة، بعد وفاة النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم جملة من صحابته الكرام رضي الله عنهم، ومن تبعهم بإحسان من العلماء العاملين المخلصين، ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وقد رسم النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الطريق الذي يجب أن تسير عليه أمته ومن يأتي بعده من العلماء العاملين، فقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالی عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «خط خطا، وخط خطوطا عن يمينه وشماله ثم قال : هذه سبيل الله ، وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ، وقرأ : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) ([2]) رواه ابن ماجه وأحمد والبزار.

 

 

Languageالعربية
Release dateJul 28, 2023
ISBN9798223978138
سيكولوجية الشيخ عبد القادر الكيلاني شخصيته, طريقته, تربيته ,علومه

Read more from Karam Zeidalkilani

Related to سيكولوجية الشيخ عبد القادر الكيلاني شخصيته, طريقته, تربيته ,علومه

Related ebooks

Reviews for سيكولوجية الشيخ عبد القادر الكيلاني شخصيته, طريقته, تربيته ,علومه

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    سيكولوجية الشيخ عبد القادر الكيلاني شخصيته, طريقته, تربيته ,علومه - KARAM ZEIDALKILANI

    الاهـــــــداء

    الى الرسول صل الله عليه وعلى اله وسلم الى سيدي اهل الجنة الحسن والحسين رضي الله عنهم.....الى امير المؤمنين الخليفة علي بن ابي طالب . الى عترة رسول الله (صل الله عليه وعلى اله وسلم) اينما وجدوا الى أبناء شعبي الفلسطيني في الداخل والخارج

    الى والدي رحمه الله تعالى رحمة واسعة

    الى اخواني جميعا السادة (حكم وامين ونصر واشرف واحمد ومحمود)

    إلى شقيقاتي (إكرام ، الهام ، مرام )

    الى والدتي الحنون أطال الله بعمرها

    الى زوجتي الطيبة التي وقفت بجانبي .

    الى ابنائي الاعزاء

    1.محمد رسول

    2.تـيم اللـه

    اليهم جميعا.... اهدي هذا الجهد المتواضع

    عسى ان يكون في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون.

    كلمة شكر وتقدير

    اتقدم بالشكر الجزيل والرحمة الى كل من ساهم في اخراج هذا العمل على حاله الان واخص بالذكر زوجتي الغالية التي منحتني الفرصة والوقت من اجل الإنجاز والأجر والثواب

    مقدمة

    الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده . الحمد لله عز وجل القائل : (.. يرفع الله الذين آمنوا منکم والذين أوتوا العلم درجات، والله بما تعملون خبير) ([1]) (.... قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. إنما يتذكر أولوا الألباب ) ([2])، والقائل سبحانه وتعالى : (.. إنما يخشى الله من عباده العلماء، إن الله عزیز غفور) ([3]) فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ([4])

    ثم الصلاة على نبينا وشفيعنا سيدنا محمد الذي أرسله الله سبحانه وتعالى بالحق بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الحق بإذنه وسراجا منيرا وعلى آله وصحبه وورثته من العلماء، وسلم عليهم یا رب تسليما كثيرا .

    يقول الله سبحانه وتعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ([5])

    ويقول النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من حديث: «.. وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم. فمن أخذه أخذ بحظ وافر» . رواه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه .

    انبجس نور الإسلام الوهاج، ونبعه الصافي، من مكة المكرمة، ثم انساب هادئة رقراقا إلى المدينة المنورة، ولما اشتد عوده فيها، وقوي هديره اندفع يجتاز الصحاري والوهاد، والسهول والجبال، كالإعصار لا يقف أمامه شيء حتى وصل في أقل من قرن من الزمان، إلى حدود الصين في الشرق، وإلى جبال البيرينيه والمحيط الأطلسي في الغرب.

    بلغ النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة ما كان حيا. وقبل أن يتوفاه الله سبحانه وتعالى، قال عليه أفضل الصلاة والسلام : «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما، كتاب الله وسنة رسوله» رواه مالك في الموطأ ([6]) ولكن كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يحتاجان إلى من يحسن الاستنباط منهما. وقد قام بهذه المهمة، بعد وفاة النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم جملة من صحابته الكرام رضي الله عنهم، ومن تبعهم بإحسان من العلماء العاملين المخلصين، ورثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وقد رسم النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الطريق الذي يجب أن تسير عليه أمته ومن يأتي بعده من العلماء العاملين، فقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالی عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «خط خطا، وخط خطوطا عن يمينه وشماله ثم قال : هذه سبيل الله ، وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ، وقرأ : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) ([7]) رواه ابن ماجه وأحمد والبزار.

    وسار على هذا الطريق العلماء العاملون المخلصون الذين استنبطوا الأحكام من الكتاب والسنة، بعد ما طرأت أمور وحدثت أشياء لم تكن موجودة في زمن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، فوضعوا بذلك سياجا لهذا الطريق لئلا يتفلت منها السائرون من أمة محمد فتخطفهم الشياطين فتهلكهم، ولكن لما طال على الأمة الأمد، وامتد الزمان، وبعدت الشقة : أخذ هذا السياج يتلاشی في نفوس الناس شيئا فشيئا، وأخذوا يتفلتون من الطريق المستقيم، سبيل الله شيئا فشيئا، وأخذت تجتالهم الشياطين وترمي بهم في كل اتجاه سوى الاتجاه الصحيح، وبخاصة بعد ما أقبلت عليهم الدنيا فافتتنوا بها ونسوا ما ذكروا به.

    ولكن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ دينه وكتابه . والأنبياء قد ختموا بسيدنا محمد صلی الله تعالى عليه وآله وسلم لذلك أصبحت مهمة الحفظ موكولة إلى العلماء العاملين المخلصين، ورثة الأنبياء، هؤلاء الذين عناهم النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عندما قال فيما رواه أبو هريرة: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» ([8]).

    وليس من الضروري أن يكون المجدد في كل مائة سنة واحدا، لأن كلمة (من) تشمل المفرد والجمع. وهكذا ظهر في الأمة الإسلامية، على مر العصور، علماء صدقوا ما عاهدوا الله تعالی عليه ، حملوا بأيديهم مشاعل النور لينيروا الطريق للسالكين وليردوا التائهين ويهدوا الضالين، ويحيوا النفوس التي كادت تموت، وينتشلوا الذين كادوا يسقطون في ظلمات الجحيم، وهذا يعد من أعظم الجهاد في سبيل الله تعالى، وفي سبيل إحياء دينه، وإعادة التوازن إليه، وهو أيضا من أعظم القربات إليه تعالى ، ولا يستطيع القيام به إلا من أعطاه الله تعالى بسطة في العلم ونورا في العقل، وحكمة في التفكير والسلوك .

    ولقد كان هؤلاء العلماء الأعلام کثیرین - والحمد لله تعالى - في الأمة المحمدية ؛ منهم كبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ومنهم كبار التابعين سعيد بن المسيب والحسن البصري والشعبي وابن . سيرين وعروة بن الزبير وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزیز وطاووس بن كيسان وغيرهم، ومنهم أئمة المذاهب الأربعة : أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل، ومنهم سفيان الثوري ، والفضيل بن عياض، والليث بن سعد، وأسد بن الفرات، وعبدالله بن المبارك، ومنهم عزالدين بن عبد السلام

    والنووي ومنذر بن سعيد البلوطي وابن تيمية ، ومنهم محمد بن علي السنوسي في ليبيا، وابن باديس والبشير الإبراهيمي في الجزائر، والنورسي في تركيا، وبدر الدين الحسني ومحمد الحامد في الشام ، وكثير غيرهم رحمهم الله تعالی أجمعين، هؤلاء الذين قال فيهم ابن القيم رحمه الله : قوام الدين بالعلم والجهاد، ولهذا كان الجهاد نوعين : جهاد باليد والسنان ، وجهاد بالحجة والبيان. وهذا جهاد الخاصة، من أتباع الرسل. وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين لعظم منفعته ، وشدة مؤونته، وكثرة أعدائه ([9]).

    ومن هؤلاء العلماء الأعلام، وقد يكون في النوابة منهم، الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى في القرن السادس الهجري، أتي بعد أن اختل ميزان المجتمع الإسلامي اختلالا كبيرة، وأقبل الناس على الدنيا إقبالا عظيمة، وأهملوا الآخرة إهمالا شديدا، بعد أن فسدت الأخلاق وانحطت القيم، وأصيب بعض الناس ببطر الغنى وبعضهم الآخر بمذلة الفقر.

    فحمل رحمه الله تعالى المشعل بيده ووقف على ناصية الطريق ينادي : إلى أيها التائهون، إلي أيها الضالون، إلي أيها الضائعون. طريق الإسلام من هنا، عودوا إليه قبل أن تجتالكم الشياطين وتهلككم الأهواء وتفتنكم الدنيا، وظل هكذا يبين ويدعو ويأمر بالمعروف وينهى عن المنکر طوال حياته التي استمرت تسعين عاما من سنة 471 ه إلى سنة 561 ه لم يخش أحدا إلا الله تعالى ولم تأخذه في الحق لومة لائم، فأسلم على يديه ألوف الناس وتاب عشرات الألوف، وعاد الاعتدال إلى الميزان، واختفت البدع، ووضح الطريق ولم أجد أحدا من المؤلفين قد درس هذا الشيخ العالم الكبير دراسة وافية وأعطاه حقه الذي يستحقه. فقد كتب عنه، رحمه الله تعالى، كثير من المؤلفين القدماء، ولكن بعضهم أساء إليه من حيث يريد أن يحسن، بما ألصقه به من الكرامات التي لا يتحملها العقل، كما أن المؤلفين المحدثين الذين كتبوا عنه كانت كتاباتهم مختصرة، كالشيخ يونس السامرائي والأستاذ فخري الكيلاني، أو أشركوه مع غيره في كتاباتهم ولم يخصوه ببحث مستقل به وحده كأبي الحسن الندوي والدكتور ماجد عرسان الكيلاني جزاهم الله خيرا.

    لذلك رأيت أن أقوم بهذا البحث عنه، رحمه الله تعالى ، العلي أوفيه بعض حقه الذي يستحقه، ولا أظنني مستطيعة، فهو أكبر من ذلك بكثير، وأوسع من ذلك بكثير، وعلى أية حال إن كنت قد أحسنت بعض الإحسان فمن الله سبحانه وتعالى فهو صاحب المنة والفضل، وهو أهل الثناء والحمد، ثم ممن قدم لي يد المساعدة ونور لي طريق البحث والتنقيب، فلهم مني جزيل الشكر، وجزاهم الله تعالى خير الجزاء، وإن كنت قد أسأت في شيء فمن نفسي وأستغفر الله العظيم.

    أما منهاج البحث الذي سأسير عليه فهو كالآتي :

    الباب الأول: لمحة جغرافية، لمحة تاريخية، لمحة اجتماعية، لمحة عن الحياة الثقافية .

    = تمهيد

    =  الفصل الأول : لمحة جغرافية

    = الفصل الثاني : لمحة تاريخية

    = الفصل الثالث لمحة ثقافية

    = الفصل الرابع : لمحة اجتماعية

    الباب الثاني : المولد والنشأة ومرحلة الدرس والتحصيل :

    الفصل الأول: مولد الشيخ عبد القادر ونشأته، نسبه ، طفولته .

    الفصل الثاني : رحلته إلى بغداد والامتحان الأول له .

    الفصل الثالث: الشيخ عبد القادر في بغداد، فترة الدرس والتحصيل ، شيوخه وأساتذته ، حياته في بغداد .

    الباب الثالث: مرحلة التدريس والتهيؤ للإرشاد والإصلاح:

    الفصل الأول : صفات الشيخ عبدالقادر وأخلاقه .

    الفصل الثاني : علم تزكية النفس : نشوؤه وتطوره وضرورته للمجتمع.

    نشوء علم التزكية . حقيقته. أقوال أعلام الصوفية فيه. أقوال العلماء فيه. هل التصوف ضروري للمجتمع الإسلامي؟ ماذا فعل الصوفية للإسلام في تاريخه الطويل؟ النتيجة .

    الباب الرابع : مرحلة التمكين وتربية المريدين :

    الفصل الأول: علومه ودروسه .

    الفصل الثاني : عقيدته : الاتباع، التوحيد، مسألة الصفات، القضاء والقدر، التوكل والعمل، الورع، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الجهاد، التوبة والاستغفار، الإخلاص، الخوف والرجاء، رأيه في الفرق الضالة، روايته للحديث.

    الفصل الثالث : طريقته : الصبر، الشكر، التواضع، الصدق والإخلاص، التوكل على الله تعالى ، الزهد في الدنيا، الرضا، الحب، المجاهدة، الرحمة، السماع، الشيخ المرشد، أسس الطريقة القادرية .

    الفصل الرابع : کرامات الشيخ عبد القادر .

    الباب الخامس :

    الفصل الأول: وفاته ووصاياه .

    الفصل الثاني : زوجاته وأولاده وحفدته. 

    الفصل الثالث: انتشار العائلة الكيلانية .

    الفصل الرابع : تلاميذ الشيخ عبد القادر .

    الفصل الخامس: مدرسة الشيخ عبد القادر بعد وفاته .

    الفصل السادس: أقوال العلماء في الشيخ عبد القادر .

    الفصل السابع : المؤلفون الذين ذكروا الشيخ عبد القادر في كتبهم.

    الخلاصة .

    الباب الأول:

    لمحة جغرافية و تاريخية و ثقافية

    و اجتماعية

    = تمهيد

    =  الفصل الأول : لمحة جغرافية

    = الفصل الثاني : لمحة تاريخية

    = الفصل الثالث لمحة ثقافية

    = الفصل الرابع : لمحة اجتماعية

    تمهيد

    للبيئة والمحيط تأثير كبير في تكوين شخصية الإنسان، لذلك لا بأس أن أورد فيما يلي لمحة جغرافية وتاريخية عن منطقة جیلان. ثم لمحة عن الحالة الاجتماعية والثقافية في ذلك العصر .

    الفصل الأول : لمحة جغرافية

    جاء في كتاب «مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع»([10]) لصفي الدين عبد المؤمن البغدادي المتوفى سنة 793 ه، وهو مختصر من كتاب «معجم البلدان» لياقوت الحموي :

    جيلان : معرب گیلان، اسم لبلاد كثيرة من وراء بلاد طبرستان، وهي قرى كلها في مروج بين الجبال على ساحل بحر طبرستان (أي بحر قزوين).

    جيلان: قوم من الفرس من أهل اصطخر نزلوا في طرف البحرين، ونزل عليهم قوم من بني عجل فدخلوا فيهم، فهم يسمون جيلان.

    الجيل : هم أهل جيلان. والجيل: قرية من قرى بغداد على جانب دجلة، ويسمونها: الكيل.

    وجاء في كتاب (الأنساب) ([11]) للإمام أبي سعد عبدالكريم بن محمد السمعاني:

    الجيلاني : نسبة إلى جيلان، وهي بلاد معروفة وراء طبرستان، سميت باسم من بناها من نسل یافث بن نوح، وجيلان أيضا خشب صلب من شجر العناب.

    وجاء في كتاب «معجم البلدان» لياقوت الحموي :

    جيلان : بالكسر، اسم لبلاد كثيرة وراء بلاد طبرستان، وليس في جيلان مدينة كبيرة، إنما هي قرى في مروج بين الجبال؛ ينسب إليها: جيلاني وجيلي، والعجم يقولون: کیلان، والنسبة إليها: كيلاني.

    أما أبو الحسن الندوي فيقول في كتابه (رجال الفكر والدعوة في الإسلام) نقلا عن دائرة معارف البستاني :

    جيلان أو كيلان ويقال لها أيضا بلاد الديلم وهي في القسم الشمالي الغربي من بلاد فارس، يحدها شمالا ناحية تاليس الروسية، وجنوبا بغرب سلسلة جبال البرز الفاصلة بينها وبين أذربيجان وعراق العجم، وجنوبا بشرق مازندران، وشمالا بشرق بحر قزوین.

    الكيلانى_page-0061

    إذن فجيلان أو كيلان بلاد تقع جنوبي غربي بحر قزوين.

    أما كتب الجغرافيا الحديثة ([12]) فتقول: إن إيران مقسمة إلى أربعة عشر إقليم، أحدها إقليم جيلان الذي يقع في الجنوب الغربي من بحر قزوين،

    وهو إقليم كثير الأمطار، كثير الأنهار، ذو تربة خصبة، كثير السكان، يزرع فيه جميع أنواع الحبوب مع الشوندر والشاي والفواكه والخضروات. وأهم مدنه مدينة (رشت) على ساحل بحر قزوين؛ وقد حدث في هذا الإقليم في سنة 1990م سلسلة من الزلازل والهزات الأرضية ذهب ضحيتها أكثر من ثلاثين ألف قتيل. ويبلغ طول إقليم جیلان 225 کلم وعرضه من الجبال إلى البحر يتراوح بين 25 کلم و 105 کلم.

    الفصل الثاني : لمحة تاريخية

    في السنة الثامنة من الهجرة أرسل رسول الله صلى الله تعالی عليه وآله وسلم رسائل إلى ملوك جزيرة العرب والبلاد التي حولها، ومنها رسالة إلى كسرى أبرويز ملك الفرس، حملها إليه عبد الله بن حذافة رضي الله عنه . وبعد ما قرأ كسرى الرسالة مزقها، وعندما علم رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بذلك دعا عليه فقال: «اللهم مزق ملکه»، فاستجاب الله سبحانه وتعالى الدعاء.

    وبدأ تمزق ملك كسرى في يوم مهران أو يوم النخيلة سنة 15 ه، وكانت قيادة المسلمين لجرير بن عبد الله والمثنی بن حارثة الشيباني، فقتل قائد الفرس مهران وكثير من أتباعه. ثم تبعته معركة القادسية سنة 16ه بقيادة سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالی عنه التي استمرت أربعة أيام وقتل فيها رستم وأكثر قواد الفرس العظام واستسلمت فرقة حرس القائد رستم التي كانت تدعى بجند شاهنشاه وكان عددهم أربعة آلاف رجل، فانضموا إلى المسلمين ثم اعتنقوا الإسلام ([13]).

    ثم معركة المدائن في سنة 16 ه وكانت المدائن عاصمة کسرى، وهي على الضفة الشرقية لنهر دجلة، وكان اسمها طیسفون، وسماها العرب المدائن لكثرة ضواحيها، وانتصر العرب في هذه المعركة أيضا التي كانت بقيادة سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالی عنه .

    ثم معركة جلولاء في سنة 16 ه أو سنة 17 ه بقيادة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أيضا.

    ثم معركة نهاوند أو فتح الفتوح في سنة 19 ه أو سنة20 ه([14]) بقيادة النعمان بن مقرن رضي الله عنه الذي قتل في المعركة فتولى القيادة بعده حذيفة بن اليمان رضي الله تعالی عنه. وقد قضى المسلمون في هذه المعركة على جيوش الفرس قضاء شبه كامل، فقتل منها الكثير واستسلم منها الكثير، وانفتحت البلاد بعد هذه المعركة أمام المسلمين فانساحوا فيها يفتحون البلدان الواحدة تلو الأخرى؛ ففتحوا همذان في سنة 23ه وقم وقاشان وأصبهان في سنة 23ه أو سنة 24 ه.

    وبعد معركة نهاوند بشهرين فتح المسلمون الري (طهران الآن) بقيادة البراء بن عازب رضي الله تعالی عنه. كما فتحوا حصن قزوین وجيلان والبر والطيلسان وزنجان، وهي من بلاد الديلم([15]). وكانت هذه البلاد تنتفض عليهم فيعيدون فتحها المرة تلو الأخرى.

    ثم فتحوا أذربيجان بقيادة حذيفة بن اليمان رضي الله تعالی عنه في سنة 20 أو سنة 22هے، كما أعاد فتح جيلان القريبة منها، ولكنها انتقضت فأعاد فتحها سعید بن العاص، ثم أسلم أكثر أهلها وقرؤوا القرآن ([16]).

    أما يزدجرد آخر ملوك الفرس، فقد هرب، بعد معركة نهاوند، إلى اصطخر ومنها إلى خراسان، ثم إلى مرو حيث قتل هناك في سنة 31 ه، وانتهت بموته دولة آل ساسان، وتمزقت دولة الفرس استجابة لدعوة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، بعد ما مزق ملكهم كسرى رسالة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم.

    وانساح المسلمون في بلاد الفرس، واستشهد كثير منهم في تلك البلاد، كما استوطنها كثير منهم أيضأ، وتزوج كثير منهم من نساء الفرس، فقد ذكر البلاذري ([17]) أن الحسن والحسين رضي الله عنهما ابني علي بن أبي طالب رضي الله تعالی عنه وكرم وجهه كانا في جيش سعيد بن العاص عندما غزا طبرستان وجيلان. وقد تزوج الحسين رضي الله عنه بعد ذلك من شاهبانو بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس([18])، وعند ذلك أخذ الفرس يدخلون في دين الإسلام زرافات ووحدانا، وامتزج العرب بالفرس وأخذت اللغة العربية تنتشر في البلاد المفتوحة، ولا تزال قبور بعض أعلام العرب المسلمين شاهدة حتى الآن على توغل العرب في تلك البلاد، ولعل أبرزها قبر قثم بن العباس رضي الله عنهما، الذي لا يزال قائمة حتى الآن يزار في مدينة سمرقند([19])، وحذيفة بن اليمان رضي الله تعالی عنه توفي في المدائن ودفن فيها، وسلمان الفارسي رضي الله عنه توفي أيضا في قرية قريبة من المدائن ودفن فيها،

    وتدعى الآن (سلمان باك) نسبة إليه ، وغيرهما كثير من الصحابة والتابعين ومن تبعهم من المسلمين، طاب لهم المقام في تلك البلاد فسكنوا فيها وتوفوا فيها، ليس في إيران وحدها بل وفي باكستان والهند وأفغانستان وغيرها من البلاد التي فتحها المسلمون. لذلك لا ينبغي لنا أن نستغرب وجود عائلات، في تلك البلاد، أصولها عربية،

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1