Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

‫ويـــــــــــــــدان العــــــــسكر
‫ويـــــــــــــــدان العــــــــسكر
‫ويـــــــــــــــدان العــــــــسكر
Ebook240 pages2 hours

‫ويـــــــــــــــدان العــــــــسكر

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

رواية تاريخية فلسطينية ، تحكي وتسرد الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، ابان حكم الدولة العثمانية في مدينة جنين ونواحيها ونابلس.. وبها الكثير من الأحداث والحكايات المشوقه.

Languageالعربية
Release dateAug 5, 2022
ISBN9798201061142
‫ويـــــــــــــــدان العــــــــسكر

Read more from Karam Zeidalkilani

Related to ‫ويـــــــــــــــدان العــــــــسكر

Related ebooks

Reviews for ‫ويـــــــــــــــدان العــــــــسكر

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    ‫ويـــــــــــــــدان العــــــــسكر - KARAM ZEIDALKILANI

    جميع الحقوق محفوظة للمؤلف، ولا يجوز تبادل هذا الكتاب جزئياً أو كلياً بطريقة غير شرعية؛ سواء من خلال إتاحته للتحميل على مواقع الويب أو تبادله عبر رسائل البريد الإلكتروني، كما لا يجوز نسخ جزء من النص بدون إذن مسبق منه.

    مقدم عن روح المرحومين بإذن الله تعالى:

    (الحاج محمد الحاج ذياب الشيخ محمود الخليل زيد الكيلاني) (ابو حكم)

    وجدي (الحاج ذياب الشيخ محمود الخليل زيد الكيلاني)

    الفاتحة على أروحهم وروح إخوانهم وأعمامهم وأجدادهم والمسلمين

    إهداء

    الى الرسول صل الله عليه وعلى آله وسلم الى سيدي اهل الجنة الحسن والحسين رضي الله عنهم..... الى امير المؤمنين الخليفة علي بن ابي طالب. الى عترة رسول الله (صل الله عليه وعلى آله وسلم) اينما وجدوا الى أبناء شعبي الفلسطيني في الداخل والخارج

    الى والدي ووالدتي رحمها الله تعالى رحمة واسعة

    الى اخواني جميعا السادة (حكم وامين ونصر وأشرف واحمد ومحمود)

    إلى شقيقاتي (إكرام، الهام، مرام)

    الى زوجتي الطيبة التي وقفت بجانبي.

    الى ابنائي الاعزاء

    1.محمد رسول

    2.تـيم اللـه

    إليهم جميعا.... اهدي هذا الجهد المتواضع

    عسى ان يكون في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون

    كلمة شكر وتقدير

    اتقدم بالشكر الجزيل والرحمة الى كل من ساهم في اخراج هذا العمل على حاله الان ،واخص بالذكر زوجتي الغالية التي منحتني الفرصة والوقت من أجل الأنجاز والأجر والثواب.

    كان بيننا وبين التِّكِيَّة زقاقٌ واحد؛ بجانبها سوق وحمام. أما السوق فيعج بالناس، إذا ألقيت فيه إبرة ارتدَّت إليك _كما تصف أمي. كنت أصعد من حين لآخر إلى السطح وأمد بصري إلى عين المكان؛ الرؤية من هنالك تشرح الصّدر وتسرّ الناظر. القوافل التجارية تغدو وتجيء وتشبه في ذلك النَّيسب، والتجار تختلط أصواتهم المتعالية مع شقشقات الطير وصراخ الأطفال الذين يلعبون لعبة المطاردة؛ وقد ساعدهم في ذلك اكتظاظ السوق؛ فكان الواحد منهم يقف بجانب أحد المشترين ليمَوِّه نفسه فيضيع أصدقاؤه أثره، يا لهم من ماكرين!

    كم كنت أغبتهم! يلهون ويسرحون في كل وقت، وكأنهم لا يملكون آباءً يزجرونهم طيلة الوقت كما تفعل أمي، تعيب حتى طريقة شربي للشاي؛ وتقارنني دوما بابنة خالتي كايلا التي تجيد رشف الشاي كالسيدات الراقيات؛ وكأنني إن لم أحتسِ الشاي كما يفعلن سأصبح رجلا!

    أتعجب من أبي حين يقول أننا نتعلم لغتهم لنفهم ما يحيكون من دسائس! أكاد أجزم أنهم لا يتعلمون لغتهم الأم كما أتعلمها أنا، ومن أين لهم الوقت للتعلم؟ فجُلّ وقتهم يهدرونه في الركض كالأغنام. كنت سأتوقف عن تعلم اللغة العربية بعد أن استصعبتها، لقد ضِقت ذرعا بقراءة الكتب! كنت أستنشق رائحتها المزعجة في حين يتنسّم الأطفال العرب هواء جنين اللطيف خارجا.

    يقول أبي أن جنين أصبحت بعد بناء السوق أكثر نشاطا من ذي قبل - وأنه العمل الوحيد الذي أفلح فيه الأمراء المتعاقبون- ضف إلى ذلك غناها بالمروج والأنهار؛ ويحاذيها الوادي، وحوله العيون والآبار.. جنين كانت جنة فوق الأرض، لكنها لن تضاهي يوما جمال أورشليم التي وعدني أبي بزيارتها ما إن أتم قراءة الكتب العربية التي كدسها قرب وسادتي، وأنا بدوري لن أدخر مثقال ذرة جهد في سبيل إكمالها..

    حدثني أبي أنها سميت جنين نسبة إلى الجنائن التي كانت تزدان بها، وأن بها برجا للحمام الزاجل بُني منذ قرن من الزمن. كنت أتوسل إليه كل يوم أن يصحبني إلى هناك لأرسل رسالة لأقاربنا في إنجلترا وألمانيا، أمنّيهم بقرب الميعاد، وأسخر قليلا من ابنة خالتي كايلا التي تمضي جل وقتها في الطرز والحياكة وارتشاف الشاي خوفا من أمها، التي لم تكن تقل عصبية عن أمي.

    لا أُغمط حبي لجنين، ففيها ولدت وفيها خطوت خطواتي الأولى...في حوشنا طبعا! رغم كونها لا تضاهي إنجلترا في شيء، فطرقاتها غير معبدة، وأسواقها ليس بها آيس كريم وشوكولاتة، إذ كان الباعة ينظرون إلينا ببلاهة حين تسألهم أمي عن الآيس كريم، ثم تلتفت إليّ هامسة: أدركت لم أصرّ على والدك أن نعود لإنجلترا؟، أقول رغم كونها لا تضاهي إنجلترا معقل أجدادي في شيء، إلا أن حبها لَيمازج شغاف قلبي!  أحب الصعود إلى "السطح «لرؤية الأطفال العرب يلعبون، لكن ذلك لم يعن يوما أنني أحبهم، أحب جنين وفقط!

    دار الفلك في عمري اثنتي عشرة دورة فقط. لم يكن أبي ليدّخر أدنى كلمة مديح في شخصي، يحدثني دوما أنني سابقة لسنّي ومتفوقة على أترابي، وأنني سأكون ذخرا لأمتنا. كان يأمل أن يكون حاييم أخي مثلي، ويعلق عليه آمالا كبيرة في أن يصبح حاخام.

    أذكر أنني امتعضت كثيرا حين وضع أمامي جبلا من الكتب، لم أشأ أن أعارضه ولم أكن لأفعل ذلك يوما، لأن أبي لم يكن يرفض لي طلبا، فلم أرفض طلبه؟ بدا وكأن تعابير وجهي خانتني، فقبل خروجه من الحجرة قال أنه علي أن أطالعها لأصقل لساني وأجاري العرب وأفهم لسانهم، فلا ندري ما يحيكون من وراء ظهورنا وهم الذين يشاطروننا أرضنا بل وإلهنا! يمقتوننا لأننا ابناء الله وأحباؤه. وهكذا، تم لي حب المطالعة، إذ انكببت عليها حتى صارت العربية تجري على لساني وصرت أدون بها يومياتي التي لم أجرؤ بعد على إطلاع أمي عليها، بل أفضل أن تبقى قابعة في مكان ما لا تراه؛ أعتقد أنه حان الوقت لأريحها من ترتيب حجرتي، حتى يتسنى لي الزجّ بدفتري تحت سريري حيث لاتصل إليه يد آدمية، وهكذا أطمئنها بأنني صرت ناضجة كفاية لتكف عن زجري يوميا كلما دلفت إلى حجرتي..

    ها هم الآن يتلون كتابهم بصوتٍ عال، وكأننا نزعجهم في احتفالنا يوم السبت، أو كأن جنين ملك لهم وحدهم! كل النزاعات التي نشبت بين والدي كانوا هم من يشعلون فتيلها؛ ما إن يشرعوا في طقوسهم حتى ينقلب حال أمي وتتقطب ملامحها وتبدأ في لوم أبي على سوء اختياره للمكان، بل وكانت تحثه على بيع الحوش والانتقال إلى أورشليم حيث اليهود هناك ينعمون بالحرية ويتعبدون كما يحلوا لهم، أو العودة أدراجنا إلى إنجلترا.

    أعدت حنا سفرة الغداء، وأخذت تنادي على أفراد أسرتها بلهفة وحماسة سرعان ما تبددت حين ألْفت نفسها وحيدة في الحوش: يا إلهي أعني على هذه الأسرة المتمردة، أتحبون أن أسمع الناس في السوق؟ لو كنت دعوتهم لجاءوا سعيا ثم تتلو عياطها بتمتمات طبعا يأتون سعيا فهم قطاع طرق على السجية.

    _قادمون أمي!.

    أتى حاييم يركض مرحا، وخلفه سارة تجر قدميها وقد بدا عليها الانزعاج و قالت: لو أنك أخذت قسطا من الراحة بعد هذا العناء يا أمي لأتم بذلك ما تبقى لي من صفحات. قالت حنا وهي تضع الطبق من يدها في اضطراب: لو أنك قدمت لمساعدتي لما احتجت لآخذ قسطا من الراحة، هيا اجلسي ولتتمي كتابك في وقت آخر، نظيراتك يساعدن أمهاتهم دون تململ. في هذه الأثناء نزل ديفيد من الدرج وهو يقول في سعادة: انظروا إلى حوشي يزدان بمائدة عيسى!. دنا من حنا وهمس في أذنها مغازلا: «فلتسملي ربة الحسن". انتبه الطفلان لأمهما التي تفتحت أساريرها فجأة وتورد خداها فأخذا يضحكان ضحكات مكتومة كإشارة لفهمها فحوى الكلام. تنحنح ديفيد ثم دعا الجميع للجلوس.

    أخذ ديفيد يسأل طفليه باهتمام عما فعلاه طيلة النهار كسائر عهده حين اجتماعهم حول الطاولة.

    _ماذا فعلت اليوم سارا؟ قال ديفيد وهو يقسم الخبز بيديه ويناول قطعة إلى صغيرته في حنو وقطعة أخرى لحاييم.

    _لا جديد يُذكر، لكنني جربت شرب الشاي مثل السيدات الراقيات مع أمي «ردت سارا في لامبالاة وبالكاد رفعت عينيها من صحنها، فقاطعتها حنا بحماسة: «ديفيد كان عليك أن ترى سارا، وكأنها سيدة أوروبية راقية، إنها ذكية وسريعة الاستيعاب. قالت سارا وهي توجه إليها نظرات العتاب والإنكار: ولكنك قلت أن كايلا أفضل مني. امتقع وجه حنّا وبدت عليها علامات الدهشة من ردة فعل الطفلة، لكنها سرعان ما حاولت احتواء الوضع قائلة: حبيبتي ما قلت ذلك إلا من باب التحفيز، ثم إن كايلا ليست بمثل براعتك في الرياضيات، ولم أرها قط تحمل كتابا، أما أنت فمتعددة المواهب قاطعها ديفيد مصححا: بل هي تشدّ من كل علم بطرف، لا تتحدثي معها بلغة ركيكة.. أليس كلامي صحيحا؟ «غمز ديفيد سارا التي ابتسمت ابتسامة مقتضبة وعادت لتحتسي حساءها بسرعة وصوت مسموع وكأنها تحاول إنهاء الغداء بسرعة والهروب. كان حاييم يراقبها بدهشة، وكان يحاول كتم ضحكاته لكن صوته كان مسموعا أنت تأكلين بطريقة مضحكة، انظر إليها أبي ثم انفجر ضاحكا. ردت عليه سارا باشمئزاز وهي تمسح وجهها بالمنديل: بل أشفق على حالك، تتحدث وفمك ملئان وها أنت ترشني بما فيه من حساء، يبدو أنك تحتاج لجلسات شاي معي وأمي لتتعلم آداب المائدة. في هذه الأثناء دنا ديفيد من حنا التي كانت تجاوره دوما على الطاولة وهمس في أذنها قائلا: لا تنسي أنها في سن الثانية عشرة، تعنين جيدا ماذا يعني هذا لذا لا تضغطي عليها فأومأت حنا برأسها مذعنة، وأشاحت برأسها ناحية الطفلين تتأملهما وهما يسخران من بعضهما ويضحكان، ثم تابعت: سأفعل ما بوسعي". وعاد الكل للأكل وخيم الصمت على المكان، إلا صوت مياه النافورة التي كانت تتوسط الحوش على غرار سائر بيوت تلك الحقبة.. كانت كل قطرة تنضح تزيل معها كل المشاعر السيئة التي كانت تنصب أجنحتها السوداء من حين لآخر على البيت اليهودي.

    ****       

    _ كيف كان يومك عزيزي؟ استدارت حنا إلى ديفيد الذي كان ينهش اللحم بنهم وبالكاد تفهم كلماته: جيد، لولا... سحب إليه المنديل، وكانت حنا تنظر إليه في فضول واهتمام تنتظر سماع المزيد، لكنه صمت وأطرق برأسه. قالت حنا في نفاد صبر: لولا؟ ما لذي حدث؟ أم أنه هجوم جديد على قافلة الحج؟ فأومأ ديفيد بالموافقة.

    _أولئك البدو الرعاع أليسوا مسلمين؟ أم أن دينهم يأمرهم بذلك؟ لولا العهد الذي أعطيناه لأسلافنا لما تركنا نعيم إنجلترا قالت حنا في حنق، وقد ارتعب الأطفال من منظرها، فهتفت مستدركة: لن يجرؤوا على الاقتراب منا، هم يدركون أننا أقوى منهم وأننا في حمى الله.

    أوجس الطفلان خيفة وتبادلا نظرات واجمة، لاسيما سارا التي كانت تساير أمها في كل شيء؛ تغضب لغضبها وتفرح لفرحها كسائر بنات سنها؛ أما حاييم فأخذ يلف اللقمة في فمه لفا ويحدق في الجميع في عدم استيعاب، وكان يصدر صوتا في العادة تستشيط حنا لسماعه وتنهاه عنه مذكرة إياه بقواعد الأكل، لكنها واصلت بانفعال: عزيزي إذا استمر الوضع هكذا فلنحمل أطفالنا ولنذهب لأورشليم حيث الدِّير هناك، لقد سهلت عليك المهمة ولم أطلب شيئا مستحيلا كأن نعود أدراجنا إلى إنجلترا مثلا... ورفعت حاجبيها كأنها تومئ بالعكس، لكن ديفيد الذي لم يستسغ الكلام قاطعها ببرود: نحن محميون هنا؛ ولن يتجرأ أحد على مساسنا بسوء؛ دعيهم ليُصفّوا حساباتهم بعيدا عنا... همّت حنا لمداخلته من جديد، لكنه حملق بعينيه كإشارة على ضرورة وضع حد للنقاش، واستطرد: لقد كنت شاهدا على بدايتي البائسة ورأيت بأم عينيك كيف انطلقت من العدم ووسَّعت تجارتي هنا في جنين، وها أنت اليوم أثرى سيدة فيها، فلنبقى هنا في منأى عن الفوضى وختم ديفيد كلامه بمخاطبة الطفلين: أنهيا غداءكما ولتصعدا إلى العِلِّيّة حيث ستجدان رقعة الشطرنج جاهزة.. وعلى وقع هذه العبارة تفتحت أسارير سارا بعد أن كانت تستمع للنقاش الأبوي المحتدم في ذهول، وهبّت من مقعدها بعد أن دفعت الكرسي بعنف هاتفةً: قادمة أبي! غير أنّه أشار عليها بإنهاء ما أمامها. أما حنا فزَفرت لتفرغ ما في صدرها من غضب وأخذت تراقب ديفيد وهو يصعد الدرج حتى دلف إلى غرفة الجلوس؛ وخلفه سارا بعد أن أنهت صحنها في ملعقتين وتبعت والدها؛ وكانت مع كل درجة تصعدها تلتفت خلفها محاولة الاطمئنان على أمها.

    أشاحت حنّا بوجهها

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1