Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

‫إسقاط الأديان الموروثة: إسقاط النظام الديني, #3
‫إسقاط الأديان الموروثة: إسقاط النظام الديني, #3
‫إسقاط الأديان الموروثة: إسقاط النظام الديني, #3
Ebook467 pages8 hours

‫إسقاط الأديان الموروثة: إسقاط النظام الديني, #3

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

الجزء الأول (إسقاط السلطة الدينية): إسقاط النظام الديني المتمثل في القَوَامة والعُلوِّ على الآخر باسم الله، مِن تَقَلُّد سُلطة دينية بعد الرسل والأنبياء مما سُمي في التاريخ الإسلامي بــ(الخلافة الإسلامية، والإمامة، والأحبار والرهبان والشيوخ والأوصياء)، وشرعيتها، ومبادئ السمع والطاعة، وشرعية تقييم الآخر وعقابه باسم الله، وقيام الحُكم الديني والوِصاية الدينية على الآخر باسم الله!.

الجزء الثاني (إسقاط الجهاد بعد الرسل): إسقاط شرعية الجهاد والغزو والفتوحات، والاستيلاء على مُقدرات الآخر، واستحلال دمه وماله وعرضه، وما يحيط بهذه الجرائم من سَبيٍّ وإذلالٍ وتَغلُّبٍ، وهيمنة باسم الله وفي سبيل الله كما يزعمون (مسقطين أي شرعية للجهاد إلا أيام الرسل والوحي والإشراف الإلهي على الأمر آنذاك وفقط).
الجزء الثالث (إسقاط الأديان الموروثة): إسقاط كافة الأديان الموروثة بعد وفاة الأنبياء وحتى اليوم، والمُسماة (سماوية)، بكافة تفاصيلها، وإثبات أنها تهيكلت عبر مئات السنين من أصل إلهي صحيح مُلزِم ألزم الله به فئة خاصة من البشر؛ متحولة لدين عام أو موروث مصنوع بشريًا بتدخلات بشرية بلا وحي؛ لا يقصد الله به أحدًا من خلقه، هذه الأديان التي أصِفُها بأنها أشجار خبيثة زُرعت بالزور والباطل بين الناس، ورُويت بالأحقاد والدماء، وأثمرت كُرهًا ونَبذًا وعَداءً، وتكاثرت لطوائفَ ومذاهبَ وفِرَقٍ، وقد حان الوقت لاجتثاثها بلا رجعة (فلا يوجد دينًا إلهيًا مُلزِمًا إلا في حياة الرسل والوحي، وقد قصد الله به يوم قصد فئة مخصوصة من خلقه).
ونحن إذ نسقط هذه السُلطة وذاك النظام وتلك الشرعية، فإننا نسقط معها الأوهام المُتغلبة على عقول وارثي الأديان الإبراهيمية على وجه الخصوص، ممن يتسمون (يهودًا أو مسيحيين أو مسلمين)، وما يبثُّونه بينهم ويُصَدِّرونه لغيرهم من إلزامات وعادات وأحكام وصلاحيات ومُعتقدات مَوروثة تسببت في عداء وكُره وقتال منذ آلاف السنين وحتى اليوم، بزعم منهم أن كل هذه الممارسات وما ترتب عليها، إنما تمارس تحت شعار الله، وفي سبيل الله!!.

وأننا سنثبت زيْفَ كل هذا معتمدين على مصدر واحد فقط وهو (القرآن).

الجزء الرابع (يريد الله): وفيه نثبت من القرآن أيضًا أن (العمل والإصلاح والتنمية وفعل الخير) هو ما يريده الله من البشر العاقل وهي العبادة التي يريدها منهم، فماهية خلق الله للبشر هو ما يمارسونه على اختلاف عقولهم وأفهامهم وثقافتهم ولغتهم واعتقادهم، من عملٍ وحبٍ لفعل الخير والإصلاح وإعمار الأرض والسعي لكسب الرزق، وحب التناسل والنمو والتنمية والنجاح، وأن هذا مخلوقًا في الفِطرَة السويَّة.

Languageالعربية
Publishermohamed fahim
Release dateOct 25, 2019
ISBN9781393826927
‫إسقاط الأديان الموروثة: إسقاط النظام الديني, #3

Read more from محـمد فهيم حسين

Related to ‫إسقاط الأديان الموروثة

Titles in the series (4)

View More

Related ebooks

Related categories

Reviews for ‫إسقاط الأديان الموروثة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    ‫إسقاط الأديان الموروثة - محـمد فهيم حسين

    المحتويات

    تقديم

    الباب الأول: خُصُوصِيَّة الرسالة

    تمهيد هام

    1 قانون الله العام

    2  الديانات الإبراهيمية (اليهودية، المسيحية، الإسلام)

    3 رسالة القرآن خاصة بالعرب أيام الرسول محمد وفقط

    4  خصوصية كلمة (الناس)  (للمقصودين بالرسالة أيام الرسل وفقط)

    5  كلمة (الناس)  قبل الرسول محمد

    6  رسالة الله للعرب المقصودين بالرسالة

    7  الرسولُ مُحَمَّدٌ لمَنْ؟

    خلاصة الباب الأول

    الباب الثاني: مفهوم  (الدِّين، والإسلام، والعِبادة)

    تمهيد

    8  الدِّين

    9  الإسلام

    10  العِبَادة

    الباب الثالث: حقيقة العِبادات الموروثة

    تمهيد

    11  العِباداتُ وعِلاجُ اللهِ النَّفْسِيّ والعَقْلِيّ أيام الرسل

    12  عبادة بني إسرائيل

    13 العبادة أيام الرسول محمد

    خُلاصة الجزء الثالث

    تقديم

    نقصد بالأديان التي نريد إسقاطها اليوم:

    جميع الأديان المَورُوثة المُسماة زورًا بالأديان الإبراهيمية

    وهي: (اليهودية والمسيحية والإسلام)، والتي نَزعُم ونَدَّعي أنها أديان مُعدَّلة بشريًا عبر قرون، بإضافات تمت على أصلٍ إلهيٍ صحيح -كان الله قد قصد به فئة معينة في زمن مُعَيَّن- ليتحول بعد الرسل -بأيدي البشر وبلا هَدي من الله- إلى مُنتَجٍ بشريٍ عشوائيٍ يَدَّعي مُسَوِّقوه أنَّه منتجٌ إلهي عالميٌ مُلزِم يصلُح لكل زمان ومكان.

    فبعد وفاة الرسول وانقطاع الوحي يقوم أصحاب الرسول -بغير تفويضٍ من الله وبغير متابعة إلهية- بتَقَمُص دور الإله والرسول في آنٍ واحد لتبدأ مرحلة اختراع الأديان بآراء وأهواء تؤدي لانشطار هذا الدين الإلهي الخاص الصحيح لعشرات المذاهب والفِرَق والطوائف عَبْرَ عشرات ومئات السنين، وقد مارس مُعتقدوها التغيير والتبديل والتشويه اجتهادًا، فأخرجوا مُنتجات دينية مُتعددة نتيجة اختلاف أفهامهم وأهوائهم ومصادرهم وبيئاتهم عبر قرون، وألزموا الناس بها على أنها أديانٌ إلهيةٌ!.

    (ومن واقع القرآن)، سنبين عدة أمور:

    أنَّ اللهَ أرسلَ هَدْيًا مِن عنده متمثلًا في التوراة والإنجيل والقرآن لبني إسرائيل المُتَمَثّلين في اليهود والنصارى الأوائل على التوالي وعبر مئات السنين، وصولًا للرسول محمد الذي سنثبت أنَّه آخِر أنبياء بني إسرائيل.

    وأنَّ الله أرسل أيام الرسولِ محمدٍ هَدْيًا مِن عنده لمعاصري الرسولِ محمدٍ العَرَب، بكافة طوائفهم وأديانهم يهودًا ونصارى ووثنيين ولا دينيين، ليُهَيمن الله وينسخ بدينه -عبر الرسول محمد- جميع الأديان الموروثة والمتداولة آنذاك.

    أنَّ جميع الرسالات المُنَزَّلة مِن عند الله هي حَقٌ صحيحٌ مُقَدَّس لكنها خاصة بمَن قَصَدَتهُم وقتها، ولا تُوَرَّث ولا تُنقَل ولا تُتَرجَم إلا عبر قرار إلهي وبأمر إلهي مباشر، وأنها لا تُلْزِم أحدًا غير مَن نزلت لهم وفيهم، فهي لهم قانون ودستور إلهي مُقَدَّس ومُناسِب، وأنَّ نقل الأديان والشرائع بذات القَدَاسَة لغيرهم ممن لم تقصدهم جريمة، مذموم فاعلها غير محمود، فهذا تَألُّه وانتحال ما لله مِن شئون، وإفساد في الأرض.

    فنحن نَدَّعي أنَّ هناك دينًا (مُلزِمًا حقًا) نزل على مقصودين به، ولا يصح نقله أو توارثه أو الدعوة إليه بذات القَدَاسَة والإِلزام، وأنَّ نقله وترجمته وتغيير ما فيه عبر اجتهادات بشرية ليُناسب غير المقصودين به، وإضفاء الشرعية عليه لتحويله لدين إلهي يَقْصِد به الله أيَّ إنسانٍ وكل مكان عبر الأزمان هو (جُرم وسَفه وضلال) مهما حسنت النوايا، (وهي لم تحسن).

    وإننا في هذا البحث سنكشف النِقاب عن هذه الحقائق المُوَثَّقة في القرآن، وبعدها سنوضح المعنى الدقيق لكلمات (الدين والإسلام والعبادة) من واقع القرآن أيضًا، والتي نَدَّعي أنها سُوِّقت بمفاهيم خاطئة أو مُغايِرة لحقيقة معناها الأصيل، لمصلحة المُنتفعين والمُتَكسبين مِن استمرار الأديان المزعومة.

    وبعدها سنوضح (حقيقة العبادات الموروثة)، وهل هي ما يريده الله مِن البشر حقاً؟ وهل يصح توارثها بعد الرسل؟ وهل يصح تناقل وتوارث المحرمات التي قصد الله بها فئة ما في سالف الزمان؟

    لنقف على أبواب الجزء الرابع والذي سنوضح فيه ومِن القرآن أيضًا، ماهية خَلْق الإنسان وماذا يريد الله منه؟، والهدف مِن خلقه، لنكتشف أنها مغايرة تمامًا عما يَدَّعيه وَرَثَة الأديان البشرية المزعومة.

    الباب الأول:

    خُصُوصِيَّة الرسالة

    تمهيد هام

    نقول مُدَّعين:

    إنَّ الرسالات خاصة بأقوامها المقصودين بها دون غيرهم، لا تتعدى لغيرهم مِن معاصريهم الغير مقصودين بها في حياة الرسول، ولا تُوَرَّث لأقوامها إلا تحت إشراف إلهي (رعاية إلهية مباشرة)، فهي غير مُلزِمة إلا لأصحابها، ولمَن ألزمهم الله بها.

    ونقول:

    إنَّ نَقْلَ الرسالةِ مِن مكان إلى مكانٍ بلا وجود اتصال بالله وتوجيهٍ مباشر مُتجدد مِن الله، ومحاولة إيصالها لفئات البشر على أنَّها (منتج إلهي) بذات المضمون والمناسبة، فغير أنَّ هذا مرفوض ويُعَد جريمة وتَألُّهٍ على الله؛ فهو عمل يتخطى إمكانيات البشر المحدودة، ولو كانوا رسلًا، لعدة أسباب، منها:

    أولًا: أنَّ هذا العمل وتلك الممارسات مِن اختصاص الله فقط:

    فالله مَن يُقَرر توجيه مَن يريد توجيهه، ويختار نوع التوجيه وكيفيته وميعاده، وهو مَن يجعله مناسبًا للمقصودين به.

    والله هو الهادي الوحيد، الذي حصر أمر الهدايةً على نفسه، وقد أفضنا في هذا في الجزء الأول مِن سلسلتنا هذه.

    وهو مَن يباشر عَبْر رسوله (الأداء والأمر والحكم) حتى يُستتب الأمر وقد أعذر للمقصودين بالرسالة آنذاك.

    وقدرة الله الإلهية على إثبات الحُجج وسَوق الأدلة والرد على أيِّ تساؤلات حتى تطمئن النفوس وتقتنع، بما أسميناه في الجزء الأول (حُجة اللهَ)، والتي يَعْجَز عنها البشر.

    وعِلم الله بسرائر الأمور ومستقبل الأحوال، ووجود حكمته الإلهية المطلقة، التي يفتقدها البشر الناقص أصحاب النظر القاصر والأهواء.

    قدرة الله على إرسال ما يُناسب العَوَام ويفهموه بلا شرح وتفسير وترجمة وبلا وسطاء.

    ثانيًا: العجز البشري والقصور الناتج عن تلك الممارسات، والمتمثل في:

    عجز البشر عن القيام بما سبق مماثَلَةً ودِقَّةً، وعدم اختصاصهم بهذا الشأن، وعدم تفويض الله لهم أو إيكال أعمال الهِداية لهم وصَدَارة المشهد.

    تحذير الله للرُسل مِن القيام بهذا الأمر أو التدخل فيه، وقد بيَّنَا في الأجزاء السابقة (أنَّ أمر الهداية وقرار الإرسال ونوع الحُجَج هو لله حَصرًا)

    القُصُور الحاصل مِن ممارسة ما سبق بإمكانيات قاصرة، وما يترتب على هذا القصور الناتج عن الاختلافات البشرية مِن: فُرقَة وعداء ومظالم وتعديات، وزرع أحقاد، وعلو اجتماعي باطل.

    (العجز البشري بعد الرسل)، فلا أحد يستطيع مِن البشر إثبات أي شيء مما يَدَّعيه مِن غيبيات، وعجزهم التام عن الإجابة عن أي تساؤلات، أو الإتيان بالمعجزات كما أتى بها الله عبر رسله مِن قبل.

    ونقول:

    إنَّ أهم سلبية لنقل الرسالة لغير المقصودين، وأهم سلبية لممارسة البشر لأعمال الله وما لله مِن اختصاص بإمكانياتهم القاصرة، هي:

    نسبة هذا الأداء وتلك المعلومات والفقه والاجتهادات لله (بأنها شرع الله وحُكمه المناسب المُلزِم لمَن يصله مِن البشر، وأنَّ هذا ما يريده الله منهم)، والذي يترتب على هذا النسب (كما حدث ويحدث):

    إلحاق النقص بالله لعجزه عن مُعَاصَرة الحَدث بمتطلباته.

    إلحاق النقص بالله لعجزه عن إيصال المُراد باللغة المناسبة لكل فئات خلقه، ومناقشة قضاياهم.

    إلحاق النقص بالله لعدم سيطرته على الأفهام والاختلافات المُسَبِبة للعداء.

    نسبة المشاكل لله بصفته المسئول عن العداء وعن عدم مناسبة الأحكام والأوامر والنواهي، واتهامه بالنقص، ليتحول في نظر العُقلاء لإله عاجز عن حل أبسط القضايا المُعاصِرة، (وقد حَلَّ كل قضايا المقصودين يوم قصدهم برسالته مِن قبل).

    قلنا مِن قبل وأثبتنا:

    أنْ لو أراد الله إيصال توجيهٍ ونظامٍ مُعَيَّنٍ لفئة أو أُمَّة معينة مِن خلقه، حادت عن مُراد الله وفسدت، ووصل الفساد فيهم حد أنهم لا يشعرون أنهم مفسدون، فكانوا كمن يعيش في ظلمات معتمة لا يرى كيف السبيل؛ حينها يتدخل الله ليخرجهم من الظلمات ومن حالة اللاشعور التي ألفوها وورثوها وقننوها، يتدخل الله وقد رأى بعلمه ما يستدعي تقويمها، واقتضت حكمته في وقت مُحدد أنْ يوجههم توجيهًا معيَنًا لعلاجهم وإصلاحهم، فيختار الله أو يصطفي رجلًا منهم بلغتهم وبظروفهم العلمية والعقلية، مُعاصِرًا لبيئتهم مُتَفَهِّمًا أسلوب حياتهم، فيُوحي إليه الله وَحيًا مِن عنده ليثبت له أولًا أنَّه متصل بالله ومُكلَّف بتبليغ رسالة الله لقومه، بعدها يُثبت الله لهذه الفئة أنَّ هذا الرجل الذي هو منهم، قد اختاره الله للتبليغ عنه، وأن ما يقوله ويفعله هذا الرسول فيما يخص تكليفهم هو مِن الله، وما الرسول إلا مُبَلِّغٌ ومُنَفِّذٌ لما أراده الله، ويباشر الله مرحلة العلاج والإصلاح هذه بمتابعة مستمرة وبوحي مُتجدد فيُبَارك ويَلعن ويَعِد ويَتوعَّد ويعفو ويُعاقِب، وفي كل هذه المراحل له الحُكم والأمر المعاصر للحدث، وقد انفرد به دون غيره، كما أثبتنا وبيَّنَا في الأجزاء السابقة.

    وفي هذا الباب سنُثبِت مِن القرآن:

    أنَّ نصوص الرسالات والتوجيهات الإلهية خاصة بأقوامها، معاصرة لهم، لا تُوَرَّث ولا تُنقَل ولا تُتَرجَم وغير قابلة للاجتهاد والقياس واستعمال أدوات التغيير لجعلها تُعَاصِر أجيالًا أُخرى أو بيئات أخرى مثل التفسير والفقه والاجتهاد والقياس واحتمالات القصد للنصوص والمعاني هذا غير جريمة الترجمة (فكل ذلك تَدَخُّل بشري يُلحِق النقص بالنصوص -المُفترض ألوهيتها- ليُحولها لمنتجات بشرية ناقصة)، لكونها غير مفهومة وغير مناسبة وناقصة في أحكامها لاختلاف البيئة والظروف واللغة، فتظهر الاختلافات والمشاكل والآراء والمذاهب بمجرد خروجها عن مكانها، أو لو بقيت وَوُرِّثت لمن هم غير معنيين بها وقد انقطع الوحي والاتصال المباشر والمتجدد مع الله، واختلفت العقول والظروف وتطورت ذات اللغة مِن لسان إلى لسان أي مِن لهجة إلى لهجة، فاختلفت لذلك الثقافات.

    فالأديان والشرائع الإلهية متغيرة غير ثابتة، تَغَيَّرت بقرارات وأحكام إلهية عبر الزمن والعصور والمناسبات، كذا الحلال والحرام الذي يختلف ويتغير مِن عصر إلى عصر ومن زمن وبيئة لأخرى (كما سيأتي في موضعه)، وما المنع المتغير عبر كل الشرائع فيما يُؤكَل ويُشرَب إلا نظام اختباري لفئة معينة أو نظام عقابي لهم لسبب أو لآخر، أو لمنفعة خفية خاصة بهم.

    كذلك توجيههم لفعل مُعين مِن صلاة أو طواف أو صوم إلى ما هنالك مِن عبادات أيام الرسل، فما كانت العبادات آنذاك إلا علاجًا نفسيًا وطبيعيًا لمرضى العقول والقلوب، أو لحكمة خَفِيَّة تَخُص الله وتَخُص مَن قصدهم بها آنذاك (وكما سنوضحه تفصيلًا في موضعه)، فلا يُعقل بعد ذلك أنْ يتحول الأمر لطقسٍ روتيني غير مفهوم ما يُراد منه ولا الفائدة منه، فهذا إهانة وتنَقُّص مِن النص والرسائل والرسل، كما هو استهانة بإرادة وعقول وطاقات البشر، وتَعدٍ على المنطق، بإعطاء علاج للأصحاء.

    فكان لا بُدَّ -وفي غاية الأهمية- التفرقة:

    بين (رسالة التوراة والإنجيل والقرآن الأصِيلة المُنَزَّلة مِن عند الله) والتي سنناقش الآن خصوصيتها بمن قصدهم الله بها في غابر الأزمان.

    وبين (الديانة اليهودية والمسيحية والإسلامية المَوْرُوثة والمتناقلة عبر الزمن والمنقسمة لمذاهب وآراء وفتاوى وطوائف والمُتَرجمة لِلُغَات مُتعددة) والتي سنناقشها في كتابنا القادم (الانحراف).

    والذي فيه: أنَّ كل الديانات المَوْرُوثة في العالم اليوم بما فيها اليهودية والمسيحية والإسلام هي ديانات بشرية تبلورت عبر السنين بفعل واجتهاد البشر بأهوائهم وأحقادهم وأَضْفُوا عليها القَدَاسَة زُورًا، ليُحَصِّنوها مِن النقد، ويُبَرِّرُوا أفعالهم الضَّالة باسم الله، فلا يعترض أحدٌ على الحكم والفعل (فقد نسبوه لله!!)، والله بريءٌ منهم ومِن فعلهم.

    فما يُمَارَس في العالم اليوم مِن تَوارُث لمعتقدات هو محض ضلال.

    وأنَّ أيّ دَعْوَى أفضليه لبشرٍ على بشرٍ باسم الدين هي محض افتراء وتعالٍ غير حقيقي، الله بريءٌ منه وممن يَدَّعيه.

    وأي إملاء عَقَدِي فيما يخص العبادات أو الطقوس الموروثة مِن فرض حصار وأغلال على نفوس البشر وأجسادهم وأفكارهم وإرادتهم؛ هي جريمة إنسانية لا بُدَّ مِن تكاتف بشري إصلاحي لمواجهتها والحد منها.

    فما أرسل الله الرسل والرسالات والتوجيهات إلا للإصلاح والقضاء على الفساد الموروث المقنن الذي لا يشعر الفاسدون حينها بفسادهم، كما سنُفَصِّل في الجزء الرابع (يريد الله).

    فكيف بهؤلاء يزرعون الفساد والأحقاد والشَّر ويحصدون الأرواح باسم الله!، وفي سبيل الله!!، وكل حزب بما لديهم فرحون!!

    1

    قانون الله العام

    حكى الله في القرآن حال البشر منذ آدم وحتى محمد، وقد بَيَّن مُبرِر إرسال الرسل، وهو الحد مِن فسادِ فئةٍ ما مِن البشر حادت عما خلقه الله فيها مِن حُب الخير وفِعل الصلاح وعدالة العقل وحُسن التمييز، وقد أفسدوا بخاصية الحرية والاختيار التي خُلقت فيهم والتي ربما تمكنهم من فعل الفساد، فأفسدوا -بلا ناصح أو مصلح منهم- حتى توارثوا وقَنَّنُوا الفساد، فوصل فسادهم خارج إمكانيات وقدرات الإصلاح البشري، وصل الفساد لمرحلة أنهم لا يشعرون أنهم فاسدون، فتدخل الله بأنْ أرسل لهم تقويمًا وتوجيهًا مِن عنده مناسبًا لعقولهم وبيئاتهم وظروف حياتهم، وكما سنفصله تفصيلًا في الجزء الرابع (يريد الله)، وقد حكى الله أنَّ إرساله خاص ومُوَجَّه، فها هو يحكي عن الرسل قبل الرسول محمد:

    فيَنْسِب كل رسول لقومه.

    فهو لهم يقصدهم الله به قصدًا، وهم له تبعٌ.

    وهو منهم وبِلهجتهم أي بلسانهم (لُغَتهم آنذاك).

    ويوم القيامة شاهد لهم أو عليهم أثناء فترة حياته فيهم.

    فيقول الله بصفة عامة قوانين عامة:

    (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿4﴾ إبراهيم)

    وفيها: يحكي الله عن طريقته في إرسال الرسل، بأنه لم يحدث أن أرسل رسولًا إلا بنفس لهجة قومه، والحِكمة مِن هذا ليُبَيِّن لهم.

    (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴿59﴾ القصص)

    وفيها: يحكي الله عن نفسه، وأنَّه لم يكن ليهلك القرى (التي استحقت عقابًا مِن الله بظلمهم)، حتى يبعثَ في كل قرية رسولًا يَتْلُو على المقصودين برسالة الله ما يريده الله منهم.

    (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُـهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴿47﴾ يونس)

    معنى كلمة (أُمَّة) في الُمعجم الوسيط: جماعة مِن الناس، أكثرهم مِن أصلٍ واحد، وتجمعهم صفات موروثة، ومصالح وأماني واحدة، أو يجمعهم أمر واحد مِن دين أو مكان أو زمان.

    ويقول الله مُخصِصًا ومُفَصِلًا:

    (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴿5﴾ غافر)

    (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿25﴾ هود)

    (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ ﴿50﴾ هود)

    (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ﴿61﴾ هود)

    (ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ﴿31﴾ فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿32﴾ المؤمنون)

    (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴿36﴾ العنكبوت)

    (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿5﴾ إبراهيم)

    (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إسرائيل إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم... ﴿6﴾ الصف)

    2

    الديانات الإبراهيمية (اليهودية، المسيحية، الإسلام)

    -والموروثة بعد وفاة الرسل وانقطاع الوحي وحتى اليوم-

    نقول مُدَّعين:

    لا يوجد في القرآن ديانات إلهية تسمى (يهودية أو مسيحية أو إسلام)، بل هي دياناتٌ بشريةٌ مُنْشَطِرة تهيكلت عبر قرونٍ بفعل البشر بأهوائهم وميولاتهم وضلالاتهم، حتى لو اقتبسوا بعضًا مما هو إلهيٌ صحيحٌ مذكورٌ في القرآن بما يسمى (صحف وتوراة وزبور وإنجيل وقرآن)، ولإرجاع الأمور لنِصَابها، ولإنهاء الأمر مِن جذوره، نقول:

    إنَّ الرسالات الأولى المتمثلة في التوراة والإنجيل والقرآن، كانت خاصة بفئاتها المقصودة بها، ولا تتعداهم لغيرهم، ولا تُوَرَّث إلا تحت إشراف إلهي ورعاية إلهية، وأنَّ كل هذه الديانات انتهت قُدسِيتها وإلزامها بموت الرسل المتابعين لها، وانقطاع الإشراف الإلهي والتواصل المباشر، وهذا بناءً على ما تم ذكره في القرآن (وسندلل على هذا الادعاء).

    وسنستعرض هنا بما يوجد في القرآن مِن إثبات بالحصر والخصوصية لرسالة (التوراة والإنجيل والقرآن)، وبيان مدى خصوصيتها للمقصودين بها ممن نزلت فيهم ولهم دون غيرهم مِن معاصريهم في باقي بلدان القارات آنذاك، وغيرهم مِن

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1