علاء الدين في بلاد الصين: الجزء الخامس - ألف ليلة وليلة

By رأفت علام

لَقَدْ عَاشَ فِي أَحَدِ بِلَادِ الصِّينِ النَّائِيَةِ (الْبَعِيدَةِ) خَيَّاطٌ نَشِيطٌ اسْمُهُ «مُصْطَفَى». وَقَدْ عَاشَ «مُصْطَفَى الْخَيَّاطُ» فِي بَلَدِهِ فَقِيرًا، وَكَانَ يَعْمَلُ طُولَ يَوْمِهِ فِي دُكَّانِهِ، لِيَحْصُلَ عَلَى قُوتِهِ وَقُوتِ زَوْجِهِ وَوَلَدِهِ. وَلَمْ يَسْتَطِعْ — لِفَقْرِهِ الشَّدِيدِ — أَنْ يَدَّخِرَ شَيْئًا مِنَ الْمَالِ، لِيَنْفَعَ بِهِ زَوْجَهُ وَوَلَدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.وَلَمْ يُرْزَقْ «مُصْطَفَى الْخَيَّاطُ» مِنَ الْأَوْلَادِ غَيْرَ وَلَدٍ وَاحِدٍ سَمَّاهُ «عَلَاءَ الدِّينِ»؛ وَكَانَ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا. وَلَكِنَّ «مُصْطَفَى الْخَيَّاطَ» كَانَ — كَمَا قُلْتُ لَكُمْ — فَقِيرًا، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُعَلِّمَ وَلَدَهُ. وَكَانَ يَتْرُكُهُ يَقْضِي يَوْمَهُ كُلَّهُ فِي خَارِجِ الْبَيْتِ، وَيَلْعَبُ مَعَ أَشْبَاهِهِ مِنَ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ أَلِفُوا الْبَطَالَةَ وَاللَّعِبَ؛ حَتَّى سَاءَ خُلُقُهُ، وَصَارَ — بَعْدَ قَلِيلٍ مِنَ الزَّمَنِ — أَسْوَأَ مِثَالٍ لِلْأَطْفَالِ. وَكَانَ «عَلَاءُ الدِّينِ» — عَلَى ذَكَائِهِ — شَدِيدَ الْعِنَادِ؛ فَقَدْ نَصَحَ لَهُ أَبُوهُ أَنْ يُقْلِعَ عَنْ مُعَاشَرَةِ الْأَشْرَارِ (يَتْرُكَ مُصَاحَبَتَهُمْ)، وَيَبْتَعِدَ عَنْ رُفَقَاءِ السُّوءِ. وَحَاوَلَ — جُهْدَهُ — أَنْ يُعَلِّمَهُ صِنَاعَةً تَنْفَعُهُ إِذَا كَبِرَ؛ فَلَمْ يَقْبَلْ لَهُ نُصْحًا، وَضَاعَتْ جُهُودُ أَبِيهِ بِلَا فَائِدَةٍ. فَاضْطُرَّ أَبُوهُ إِلَى مُعَاقَبَتِهِ وَزَجْرِهِ (مَنْعِهِ وَنَهْيِهِ)، وَاتَّخَذَ مَعَهُ وَسَائِلَ الْعُنْفِ (الشِّدَّةِ) بَعْدَ أَنْ أَخْفَقَتْ — فِي إِصْلَاحِهِ — وَسَائِلُ اللِّينِ، وَلَكِنَّ «عَلَاءَ الدِّينِ» لَمْ يُبَالِ بِعِقَابِ أَبِيهِ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ زَجْرُهُ وَشِدَّتُهُ. وَمَا زَالَ كَذَلِكُمْ حَتَّى يَئِسَ أَبُوهُ مِنْ إِصْلَاحِهِ.إقرأ الحكايات واستمتع بأجواء السحر والخيال مع الجزء الخامس من حكايات ألف ليلة وليلة.. تقييم القراء يشجعني على الاستمرار،

• Language: العربية
• Publisher: Al-Mashreq eBookstore
• Release date: Jul 25, 2019
• ISBN: 9781005966621

Book preview

فِي بِلَادِ الصِّينِ

عاش في أحد بلاد الصين النائية خيّاطٌ نشيطٌ يُدعى مصطفى. وبلاد الصين تضمّ العديد من الأماكن، وممالكها شاسعة وواسعة الأفق. كان مصطفى الخياط يعيش في بلده فقيرًا جدًا، وكان يعمل طوال اليوم في متجره، يسعى جاهدًا لتأمين لقمة عيشه وعائلته. ولكنه لم يستطع بسبب فقره الشديد أن يدخر أي مبلغ من المال ليكون لفائدة زوجته وابنه بعد وفاته.

لم يكن لمصطفى الخياط سوى ولد واحد اسمه علاء الدين، وكان يحبه بشدة. لكن الظروف المادية الصعبة التي كان يعيشها مصطفى جعلته غير قادر على تعليم ولده. كان يترك علاء الدين يقضي يومه بالكامل خارج المنزل، يلهو ويلعب مع أقرانه الذين اعتادوا على البطالة واللعب؛ حتى تغيرت تصرفاته وأصبح سلوكه سيئًا، وأصبح بعد مرور فترة وجيزة من الزمن مثالًا سيئًا للأطفال.

أبى مصطفى الخياط على ذكاء علاء الدين الذي كان يتميز بعناده الشديد. حاول أبوه أن ينصحه ويحثه على ترك مجموعة الأشرار والابتعاد عن رفقاء السوء. حاول جاهدًا تعليمه حرفة تكون في مفيدة له في المستقبل، ولكنه لم يستجب للنصائح وتبددت جهود والده بلا جدوى. لذلك استخدم والده العقوبات ووسائل العنف بعد أن فشلت محاولاته اللطيفة، لكن علاء الدين لم يكن يبالي بعقوبات والده ولم يتأثر بتوبيخه وانتقاده. وظلت الأمور كما هي حتى أصبح يائسًا من تصحيح سلوك ابنه.

لجأ والده إلى آخر طريق لديه، وأخذه معه إلى متجره ليعلمه حرفته. بذل والده قصارى جهده ليثبت له حب العمل وتعلقه به، ولكنه لم يستغرق وقتًا طويلًا حتى يهرب من المتجر ويمضي بقية يومه في اللعب والتسلية مع أصدقائه.

أدرك والد علاء الدين أنه لن يكون قادرًا على تعديل سلوك ابنه وتربيته إلا بمرور الوقت، وأدرك أن دروس الحياة القاسية ستكون كافية لتصحيحه وتهذيبه:

من لم يؤدبه والديه، أدبه الليل والنهار

وبعد فترة من الزمن، مرض والد علاء الدين بمرض شديد ثم توفي وهو يشعر باليأس من أحوال ولده، الذي كان يأمل أن ينجح ويحقق النجاح بمساعدته. لم يترك مصطفى الخياط لزوجته وابنه إلا متجره الصغير. رأت الأرملة أن ابنها علاء الدين لن يتبع أثر والده في حرفته، بسبب ميله الشديد للبطالة واللعب، لذا قررت بيع المتجر واستمرت في العيش على مداخيله لفترة طويلة. حتى باءت جميع أموالها بالنفاد.

اضطرت الأرملة إلى العمل من أجل تجنب الموت جوعًا، فبدأت تنسج القطن طوال النهار وتبيع ما تصنعه في الأسواق. استمرت هي وابنها علاء الدين في الاعتماد على هذه الأنشطة لتأمين قوت يومهما.

•••

وظلت الأيام تمضي وتترك لعلاء الدين حرية التجول واللعب بعد وفاة والده. أطلق عنانه في عالم الترفيه واللعب حتى بلغ سن الخامسة عشرة من عمره. وبينما كانت أمه غير قادرة على تصحيح سلوكه أو تحفيزه على العمل بعدما فشل والده في ذلك من قبل، قررت أمه أن تسلم الأمور