Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التفسير البسيط
التفسير البسيط
التفسير البسيط
Ebook689 pages5 hours

التفسير البسيط

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يعتبر كتاب التفسير البسيط – الواحدي من المؤلفات القيمة لدى الباحثين في مجال علوم القرآن والتفسير على نحو خاص، وعلوم الدعوة والعلوم الإسلامية بوجه عام حيث يدخل كتاب التفسير البسيط – الواحدي في نطاق تخصص العلوم القرآنية وعلوم التفسير ووثيق الصلة بالتخصصات الأخرى مثل أصول الفقه، والدعوة، والعقيدة
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateApr 12, 1901
ISBN9786359324493
التفسير البسيط

Read more from الواحدي

Related to التفسير البسيط

Related ebooks

Related categories

Reviews for التفسير البسيط

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التفسير البسيط - الواحدي

    الغلاف

    التفسير البسيط

    الجزء 26

    الواحدي

    468

    يعتبر كتاب التفسير البسيط – الواحدي من المؤلفات القيمة لدى الباحثين في مجال علوم القرآن والتفسير على نحو خاص، وعلوم الدعوة والعلوم الإسلامية بوجه عام حيث يدخل كتاب التفسير البسيط – الواحدي في نطاق تخصص العلوم القرآنية وعلوم التفسير ووثيق الصلة بالتخصصات الأخرى مثل أصول الفقه، والدعوة، والعقيدة

    سورة فاطر

    تفسير سورة الملائكة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    1 - {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} قال ابن عباس ومقاتل وغيرهما: خالق السموات والأرض (1). [قال المبرد: فاطر] (2) خالق مبتدي، يقول: فطر الله الخلق، أي: ابتدأهم، [وأنا فاطر هذه البئر] (3)، أي: ابتدأت حفرها (4). ونحو هذا قال الزجاج (5). وهذا مما سبق فيه الكلام.

    قوله: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} قال مقاتل: منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت والكرام الكاتبين (6).

    وقوله: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} يقول: من الملائكة من له جناحان، ومنهم من له ثلاثة أجنحة، ومنهم من له أربعة أجنحة. وذكرنا الكلام في مثنى وثلاث ورباع في أول سورة النساء (7). (1) انظر: تفسير ابن عباس بهامش من المصحف ص 364، بحر العلوم 3/ 79، تفسير مقاتل 101 ب

    (2) ما بين المعقوفين بياض في (ب).

    (3) ما بين المعقوفين بياض في (ب).

    (4) لم أقف عليه

    (5) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 461.

    (6) انظر: تفسير مقاتل 101 ب.

    (7) عند قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} الآية. وقال هناك: بدل مما طاب، ومعناه: اثنتين وثلاثًا وأربعًا، = وقوله: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} قال مقاتل: يزيد في خلق الأجنحة على أربعة أجنحة (1). ورأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - جبريل ليلة المعراج وله ستمائة جناح، وقال له جبريل: إن لإسرافيل اثني عشر [جناحًا] (2) جناح منها بالمشرق، وجناح منها بالمغرب (3). وهذا الذي ذكرنا في زيادة الخلق هو قول الفراء والزجاج (4). وروى قتادة في قوله: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} قال: الملاحة في العينين (5).

    وروي عن الزهري قال: حسن الصوت (6). وعن أبي هريرة مرفوعًا: الوجه الحسن والصوت الحسن والشعر الحسن (7). {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} مما يريد أن يخلق {قَدِيرٌ} قاله ابن عباس (8).

    2 - قوله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} قال أبو إسحاق: أي ما ياتيهم به من مطر أو رزق فلا يقدر أن يمسكه، وما يمسك = والواو دالة على تفرق الأنواع وتجنيس المباح من الزوجات، فمن تزوج مثنى لم يضم إليهما ثلاثًا، وكذلك من تزوج ثلاثًا لم يضم إليهن أربعًا.

    (1) انظر: تفسير مقاتل 102 أ.

    (2) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).

    (3) انظر: تفسير الثعلبي 3/ 223 ب، بحر العلوم 3/ 79.

    (4) انظر: معاني القرآن 2/ 366، معاني القرآن وإعرابه 4/ 261.

    (5) انظر: تفسير الثعلبي 3/ 223 ب، تفسير البغوي 3/ 564، زاد المسير 6/ 473.

    (6) انظر: المصادر السابقة، تفسير ابن أبي حاتم 10/ 3170.

    (7) لم أقف عليه مرفوعًا للنبي -صلى الله عليه وسلم-.

    وانظر: تفسير القرطبي 14/ 320، الثعلبي 3/ 223 ب، زاد المسير 6/ 473.

    (8) انظر: مجمع البيان 8/ 626.

    من ذلك فلا يقدر قادر أن يرسله (1). وهذا معنى قول ابن عباس والمفسرين في هذه الآية (2).

    3 - وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} قال ابن عباس: يريد أهل مكة (3). {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} قال: يريد حيث أسكنكم الحرم ومنعكم من جميع الغارات (4). وقد ذكرنا معنى النعمة فيما تقدم.

    وقال الفراء: (وما كان من هذا في القرآن فمعناه: احفظوا، كما تقول: اذكر أيادي عندك أي: احفظها) (5).

    وقوله: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} قال أبو إسحاق: (هذا ذكر بعد قوله: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} فأكد ذلك بان جعل السؤال لهم: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} قال: ورفع غير على معنى هل من خالق غير الله؛ لأن من مؤكدة) (6).

    وقال أبو علي: (من جر {غَيْرُ} جعله صفة على اللفظ، وذلك حسن لاتباعه الجر الجر. وقوله: {مِنْ خَالِقٍ} في موضع رفع بالابتداء، وخبره قوله: {يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}، وزيادة من في غير الإيجاب كثير، نحو: هل من رجل، و {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 62]. ومن رفع (1) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 262.

    (2) انظر: تفسير ابن عباس بهامش المصحف ص 364، الطبري 22/ 115، الماوردي 4/ 462، بحر العلوم 3/ 80.

    (3) انظر: تفسير ابن عباس بهامش المصحف ص 364، وذكره الطبري 22/ 115، بدون نسبة وابن الجوزي في زاد المسير 6/ 474 ونسبه للمفسرين.

    (4) لم أقف عليه.

    (5) انظر: معاني القرآن 2/ 366.

    (6) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 262 احتمل غير وجه، يجوز أن يكون خبرًا لمبتدأ، ويجوز أن يكون صفة على الموضع بتقدير: هل خالق غير الله يرزقكم، ويجوز أن يكون غير استثناء، تقديره: هل من خالق إلا الله) (1). فلما كانت ترتفع ما بعد إلا حملت رفع ما بعد إلا في غير، كما تقول: ما قام من أحد غير أبيك، ويدل على جواز هذا الوجه قوله: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 62]، وذكرنا مثل هذا في قوله: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} في سورة الأعراف [59].

    قال المفسرون وابن عباس: {يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ} المطر ومن {الْأَرْضِ} النبات (2).

    ثم وحد نفسه فقال: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} قال مقاتل: من أين تكذبون بأن الله لا شريك له، وأنتم مقرون بأن الله خلقكم ورزقكم (3).

    قال أبو إسحاق: (من أين يقع لكم الإفك والتكذيب بتوحيد الله وإنكار البعث) (4).

    4 - ثم عزى نبيَّه -صلى الله عليه وسلم - بقوله: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} أي: الأمر راجع إلى الله في مجازاة من كذب، ونصرة من كذب من رسله.

    5 - {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} يعني: كفار مكة. {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} قال ابن (1) الحجة 6/ 26 - 27.

    (2) انظر: تفسير ابن عباس بهامش المصحف ص 364، السمرقندي 3/ 80، زاد المسير 6/ 474، البغوي 3/ 565.

    (3) لم أقف على قول مقاتل.

    (4) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 263.

    عباس: يريد بالثواب والعقاب (1). وقال مقاتل: في البعث (2).

    وباقي الآية مفسر في سورة لقمان: 33].

    6 - وقوله: {فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} قال مقاتل: فعادوه بطاعة الله، ثم بين عداوته فقال: {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ} أي: يدعو شيعته إلى الكفر (3). {لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}.

    8 - وقوله تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} قال ابن عباس ومقاتل: نزلت في أبي جهل ومشركي مكة (4).

    وقال سعيد بن جبير: يحسب الناس أن هذا في تزيين الخطايا لمن ركب منها شيئًا وليس كذلك، ولكنها الزينة في الملل والأهواء التي خالفت الهدى، فإن أهلها يحسبون أنهم يحسنون (5). ألا ترى النصارى يدعون لله ولدًا ويحسبون أنهم يحسنون، وتتقرب بذلك إلى الله ولا يحب أن يزني ويسرق، وله الدنيا وما فيها، واحتج على هذا بقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ} قال: ألا ترى ذلك صار في الضلالة والهدى وليس فيما يذهب الناس إليه من العمل.

    وأما نظم الآية وجواب قوله: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ} فقال أبو إسحاق: (هو على ضربين: أحدهما: أن يكون المعنى أفمن زين له سوء عمله فأضله الله ذهبت نفسك عليه حسرة، ودل على هذا الجواب قوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ (1) لم أقف عليه

    (2) انظر: تفسير مقاتل 102 أ.

    (3) انظر: تفسير مقاتل 102 أ.

    (4) انظر: تفسير مقاتل 102 أ، البغوي 3/ 565، زاد المسير 6/ 475.

    (5) انظر: الوسيط 3/ 501، البغوي 3/ 565 عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} وهذا قول الفراء والكسائي (1) قال: ويجوز أن يكون محذوفاً والمعنى: أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله، ويكون دليله {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (2). وهذا قول أبي عبيدة، لأنه قال في هذه الآية: هو مختصر مكفوف عن خبره لتمامه عند المستمع (3).

    ثم استأنف فقال: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}، قال ابن عباس: يقول لا تغتم ولا تهلك نفسك حسرات على تركهم الإسلام (4)، كقوله: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الكهف: 6] الآية: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} يعني: عالم بصنيعهم فيجازيهم على ذلك. ثم أخبر عن صنعه جل وعز ليعتبروا.

    9 - قوله: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا}، قال الكلبي: فتنشئ سحابًا (5). والمعنى: فنزعجه من حيث هو {فَسُقْنَاهُ} قال أبو عبيد: (فنسوقه، وأنشد قول قعنب:

    إن يسمعوا زينة (6) طاروا بها فرحًا (7) (1) انظر: معاني القرآن 2/ 366. انظر: الدر المصون 5/ 459، المحرر الوجيز 4/ 430. وانظر: قول الكسائي في إعراب القرآن للنحاس 2/ 686.

    (2) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 264.

    (3) لم أقف على أبي عبيدة.

    (4) انظر: الوسيط 3/ 501، زاد المسير 6/ 476.

    (5) لم أقف عليه.

    (6) هكذا في النسخ، وهو خطأ، والصواب: ريبة.

    (7) هذا صدر بيت وعجزه:

    مني وما سمعوا من صالح دفنوا

    وهو من البسيط، لقعنب بن أم صاحب في: الحماسة 2/ 170، مجاز القرآن 1/ 177، 2/ 152، سمط اللآلئ ص 362، عيون الأخبار 3/ 84.

    أي إن سمعوا يطيروا) (1).

    وقوله: {إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} قال ابن عباس: يريد الأرض الجرز (2). وقال الكلبي: إلى مكان ليس عليه نبات (3). وقوله: {فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} قال ابن عباس: أنبتنا فيها الزرع والأشجار بعد ما لم يكن (4).

    {كَذَلِكَ النُّشُورُ} أي: البعث والإحياء.

    10 - وقوله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} قال الفراء: (معناه من كان يريد علم العزة لمن هي، فإنها لله جميعًا، أي: كل وجه من العزة لله) (5).

    والآية على ما ذكرنا من باب حذف المضاف، وقال قتادة: من كان يريد العزة فليعتزز بطاعة الله (6) يعني: أن قوله: {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} معناه: الدعاء إلى طاعة من له العزة ليعتز بطاعته، كما يقال: من أراد المال فالمال لفلان، أي: فليطلب من عنده من حيث يجب أن يطلب، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء؛ لأنه قال: يؤمن بالله فيعتز بعزه (7).

    وقال مجاهد ومقاتل: من كان يريد العزة بعبادته غير الله فليعتزز (1) مجاز القرآن 2/ 152.

    (2) لم أقف عليه.

    (3) لم أقف عليه عن الكلبي. وقد ذكره هو بن محكم في تفسيره 3/ 411 ولم ينسبه.

    (4) انظر: تفسير ابن عباس بهامش المصحف ص365.

    (5) انظر: معاني القرآن 2/ 367.

    (6) انظر: تفسير الطبري 22/ 120، معاني القرآن للنحاس 5/ 440، زاد المسير 6/ 477.

    (7) لم أقف عليه عن ابن عباس. وانظر: تفسير الطبري 22/ 120، تفسير القرطبي 14/ 328، زاد المسير 6/ 477.

    بطاعة الله، فإن العزة لله جميعًا (1). وعلى هذا في الآية محذوف دل عليه الكلام، والمعنى: أن عبدة الأصنام طلبوا التعزز بها، يدل على هذا هذا قوله: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء: 139]، وقوله: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} [مريم: 81] فأخبر الله تعالى أن العزة لله جميعًا لا غيره، فلا يعتز أحد بعبادة غيره وإنما التعزز بطاعة الله. ثم بين كيف يتعزز بطاعته فقال: قوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} قال مقاتل والمفسرون: إلى الله يصعد كلمة التوحيد، وهو: قول لا إله إلا الله (2).

    وقال أبو إسحاق: (أي إليه يصل الكلام الذي هو توحيده، والله تعالى يرتفع إليه كل شيء) (3). وعلى ما ذكر، معنى الصعود إليه: الارتفاع، وهو بمعنى العلم كما يقال: ارتفع هذا الأمر إلى القاضي وإلى السلطان، أي: علمه، وفي تخصيص الكلم الطيب بعلمه إثبات للثواب عليه (4) {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} [الأنعام: 33] فنثيبك (5) عليه.

    وقال بعض أهل المعاني: يعني إليه يصعد إلى سمائه، والمحل الذي لا جري لأحد سواه فيه ملك ولا حكم (6). {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} قال (1) انظر: تفسير مجاهد ص 531، تفسير مقاتل 102 ب، تفسير الطبري 22/ 120، زاد المسير 6/ 477.

    (2) انظر: تفسير مقاتل 102 أ. وانظر: تفسير البغوي 3/ 566، تفسير القرطبي 14/ 329، زاد المسير 6/ 478.

    (3) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 265.

    (4) يبدو أن هناك سقط في الكلام يمكن تقديره بنحو: يدل عليه قوله تعالى.

    (5) في (ب): (فثبك).

    (6) المؤلف رحمه الله في هذا الموضع فيه تأويل لصفة الحلو والفوقية، وهذا = ابن عباس: يريد العمل بما افترضه الله -عز وجل-، يقول الله تعالى: إذا قال العبد: لا إله إلا الله بنية صادقة، نظرت الملائكة إلى عمله، فإن كان عمله موافقًا لقوله صعدا جميعًا، وإن كان عمله مخالفًا وقف قوله حتى يتوب من عمله (1) .

    وقال الحسن: العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله، يعرض القول على الفعل فإن وافق القول الفعل قبل وإن خالفه رد، ونحو هذا (2) قال سعيد بن جبير (3). وعلى هذا الكناية في {يَرْفَعُهُ} تعود إلى الكلم الطيب.

    وقال قتادة: يرفع الله العمل الصالح لصاحبه (4). وعلى هذا تم الكلام عند قوله: {الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}، ثم قال: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} الله إليه، أي: يقبله، والكناية للعمل الصالح. وقال مقاتل: التوحيد يرفع العمل الصالح إلى السماء (5). والمعنى على هذا: لا يقبل الله عمل صالح (6) إلا من موحد، والرافع على هذا القول الكلم الطيب، وعلى القول الثاني = خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة، فإنهم يثبتون لله جل وعلا ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم - من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل. انظر: شرح العقيدة الطحاوية 2/ 381.

    (1) أخرجه الطبري في تفسيره 22/ 121 من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

    (2) (هذا) ساقط في (ب).

    (3) انظر: معاني القرآن للنحاس 5/ 440، تفسير الماوردي 4/ 464، زاد المسير 6/ 478.

    (4) انظر: المصادر السابقة.

    (5) انظر: تفسير مقاتل 102 ب.

    (6) هكذا في النسخ! وهو خطأ، والصواب: عملاً صالحًا.

    الرافع هو الله تعالى، وعلى القول الأول الرافع العمل الصالح، وهذا الأوجه، وقد ذكره الفراء والزجاج والمبرد (1).

    قال مقاتل: ثم ذكر من لا يوحد الله فقال: {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ} أي: والذين يقولون الشرك (2). وهذا معنى قول ابن عباس: والذين يشركون بالله لهم عذاب شديد (3).

    وقال الكلبي: يعني يعملون السيئات (4).

    وقال سعيد بن جبير: والذين يعملون بالرياء، وهو قول مجاهد وشهر ابن حوشب (5).

    وقال أبو العالية: يعني الذين مكروا برسول الله في دار الندوة (6)، وهو اختيار أبي إسحاق (7). ثم أخبر أن مكرهم يبطل فقال: {وَمَكْرُ أُولَئِكَ (1) معاني القرآن 2/ 367، انظر: معاني القرآن وإعربه 4/ 265. ولم أقف على قول المبرد، وترجيح المؤلف -رحمه الله - للقول الأول القائل بأن الرافع هو العمل الصالح؛ لأنه قول صحيح ثابت عن حبر الأمة وترجمان القرآن -رضي الله عنه-

    (2) انظر: تفسير مقاتل 102 ب.

    (3) أورده الطبري 22/ 17 ونسبه لقتادة، وابن الجوزي في زاد المسير 6/ 479، ونسبه لمقاتل، ولم أقف عليه عن ابن عباس.

    (4) انظر: مجمع البيان 8/ 629، تفسير القرطبي 14/ 332، تفسير البغوي 3/ 567.

    (5) انظر: الطبري 22/ 171، البغوي 3/ 567، الدر المنثور 7/ 10 وعزاه لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن مجاهد ولسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن شهر بن حوشب.

    (6) انظر: مجمع البيان 8/ 629، زاد المسير 6/ 479.

    (7) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 265.

    هُوَ يَبُورُ} قال قتادة: يفسد (1). وقال مقاتل: يهلك ولا يكون شيئًا (2). وقال السدي: يهلك وليس له ثواب في الآخرة (3).

    ثم دل على نفسه بصفة ليوحد فقال:

    11 - قوله: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ} قال ابن عباس ومقاتل: يعني آدم (4). {ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} يعني: نسله. {ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا} قال السدي ومقاتل: ذكرانًا وإناثًا (5). {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ} قال مقاتل: يقول: من قل عمره أو كثر عمره، فهو يعمر إلى أجله الذي كتب له (6). فالمعمر على هذا الذي قدر له شئ من العمر وإن قل، وليس المعمر بمعنى الطويل العمر، وهو قول المفسرين (7).

    {وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} كل يوم حتى ينتهي إلى أجله. قال سعيد بن جبير: يكتب في أول الصحيفة عمره، ثم يكتب في أسفل من ذلك: ذهب (1) انظر: تفسير الطبري 22/ 171، تفسير الماوردي 4/ 465، معاني القرآن للنحاس 5/ 443.

    (2) انظر: تفسير مقاتل 102 ب.

    (3) أورده السيوطي في الدر 7/ 10 وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي، تفسير السدي الكبير ص 393.

    (4) انظر: تفسير مقاتل 102 ب، ولم أقف عليه منسوبًا لابن عباس، وبعض المفسرين ذكر القول منسوبًا لقتادة انظر: تفسير الطبري 22/ 122، تفسير القرطبي 14/ 332.

    (5) لم أقف عليه عن مقاتل، وقد أورده د/ محمد عطا في تفسير السدي الكبير ص 3993 وعزاه للسيوطي في الدر، ولم أقف عليه عند السيوطي.

    (6) انظر: تفسير مقاتل 152 ب

    (7) انظر: تفسير الطبري 22/ 122، الماوردي 4/ 465، البغوي 3/ 567.

    يوم، ذهب يومان، حتى لا يبقى شيء (1).

    قال السدي (2): يعمر الإنسان الستين والسبعين وينقص ما مضى من أيامه وذلك نقصان من عمره، وذلك كله {كِتَابٍ مُبِينٍ} هذا الذي ذكرنا قول الجمهور.

    وقال ابن عباس في رواية عطاء: ما يزاد في عمر إنسان ولا ينقص من عمره (3).

    وعلى هذا المعمر: الطويل العمر، والذي ينقص من عمره غيره. وعلى القول الأول الذي ينقص من عمره هو المعمر الأول. واختار الفراء هذا القول الثاني فقال: (ولا ينقص من عمره، يريد [أخبر] (4) غير الأول، وكنى عنه بالهاء كأنه الأول، ومثله في الكلام: عندي درهم ونصفه، المعنى نصف آخر، وجاز أن يكنى عنه بالهاء؛ لأن اللفظ الثاني قد يظهر واللفظ الأول يكنى عنه كالكناية عن الأول، قال: وهذا أشبه بالصواب) (5). وإنما اختار هذا؛ لأن القراءة المشهورة (ولا يَنقُص مِنْ (1) انظر: تفسير الثعلبي 3/ 225 ب، تفسير الماوردي 4/ 465. وأورده السيوطي في الدر 7/ 11 وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير.

    (2) انظر: تفسير ابن أبي حاتم 10/ 3175، وأورده الطبري 22/ 123 عن ابن مالك.

    (3) انظر: تفسير الطبري 22/ 122، زاد المسير 6/ 481.

    (4) هكذا في (أ)، وهي ساقطة في (ب)، وهو خطأ، والصواب: آخر، كما في معاني القرآن للفراء 2/ 368.

    (5) انظر: معاني القرآن 2/ 368.

    عُمرِهِ) بفتح الياء كما قراه الحسن وابن سيرين (1)، ولأن المعمر في ظاهر اللغة الطويل العمر، وقيل ما يقال لمن قصر عمره: معمر.

    قوله: {إِلَّا فِي كِتَابٍ} قال ابن عباس ومقاتل: يريد اللوح المحفوظ [مكتوب] (2) قبل أن يخلق (3). {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} أي كتابة الآجال والأعمال على الله هين.

    12 - قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ} يعني العذب والمالح. ثم ذكر ذلك فقال {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ} أي: جائز في الخلق. وهذه القطعة مر تفسيرها في سورة الفرقان (4).

    وقوله: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ} إلى آخر الآية تفسيره قد سبق في سورة النحل (5). وقوله هنا: {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} يعني: من المالح دون العذب.

    13 - وقوله تعالى: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} قال أبو عبيدة: هو الفوقة التي النواة فيها (6). (1) انظر: المصدر السابق، النشر 2/ 352.

    (2) ما بين المعقوفين مكرر في (أ).

    (3) انظر: تفسير مقاتل 102 ب، تفسير ابن عباس بهامش المصحف ص 365.

    (4) عند قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا} آية 53. وقال هناك: عذب طيب. وأصله من المنع، والماء العذب هو الذي يمنع العطش، فرات الفراة أعذب المياه.

    (5) آية 14. انظر: البسيط، وذكر فيه: قال ابن عباس: يريد السمك والحيتان.

    (6) مجاز القرآن 2/ 153، والفوقة: هي الغشاء الرقيق المحيط بالنواف يقول السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الأنفاظ: وقال: إنه اجتمع في النواة أربعة أشياء، يضرب بها المثل في القلة والحقارة، وقد ذكرت منها ثلاثة في = وقال ابن السكيت: هو القشرة الرقيقة التي على النواة (1).

    قال الزجاج: هو لفافة النواة (2).

    وقال مقاتل: يعني قشرة النواة الأبيض (3). وهو السحاة التي تكون على النوى.

    وقال الحسن: قشر النوى (4).

    وقال مجاهد: لفافة النواة، وهذا قول الجميع (5).

    وروي عن ابن عباس أنه شق النواة، وهو اختيار المبرد (6).

    14 - وقوله: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} قال مقاتل: يتبرأون من عبادتكم إياها (7).

    وقال الزجاج: يقولون ما كنتم إيانا تعبدون، والمعنى: بإشراككم إياها مع الله في العبادة، يقولون: ما أمرناكم بعبادتنا (8).

    {وَلَا يُنَبِّئُكَ} يا محمد، {مِثْلُ خَبِيرٍ} قال ابن عباس ومقاتل: يعني = القرآن العزيز: الفتيل وهو ما في شق النواة مما يشبه الخط الرقيق، والنقير: وهو النقرة في ظهرها، والقطمير: وهو اللفافة على ظهرها. اهـ 3/ 236 - 237.

    (1) انظر: تهذيب اللغة 9/ 409.

    (2) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 266.

    (3) انظر: تفسير مقاتل 103 أ.

    (4) لم أقف عليه.

    (5) انظر: تفسير مجاهد ص 531، الطبري 22/ 125. وأورده السيوطي في الدر 2/ 15 وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد.

    (6) انظر: القرطبي 14/ 336.

    (7) انظر: تفسير مقاتل 103 أ.

    (8) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 267.

    نفسه عز وجل، يقول: فلا أحد أخبر منه بخلقه، وبأن هذا الذي ذكر من أمر الأصنام هو كائن يوم القيامة (1).

    وقال أبو إسحاق: لأن ما أنبأ الله -عز وجل - يكون فهو وحده يخبره ولا يشركه فيه أحد (2). هذا كلامه، والمعنى: لا ينبئك مثل خبير يعلم الأشياء ويخبرها، لأنه لا مثل له، فلا ينبئك مثله في علمه.

    15 - وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}، قال ابن عباس: يريد أهل مكة (3). {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} المحتاجون إلى رزقه ومغفرته. (وهو الغني) عن عبادتكم {الْحَمِيدُ} إلى خلقه وغير خلقه (4).

    16 - وقوله تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} مفسر فيما مضى (5) إلى قوله: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ}، قال الفراء والزجاج: أي وإن تدع نفس مثقلة بالذنوب (6). (1) انظر: تفسير مقاتل 103 أولم أقف عليه عن ابن عباس، وقد ذكره بعض المفسرين منسوبًا إلى المفسرين. انظر: الوسيط 3/ 503، بحر العلوم 3/ 83، المحرر الوجيز 4/ 434.

    (2) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 267.

    (3) لم أقف عليه.

    (4) هذه العبارة خطأ، ولعلها وهم من المؤلف رحمه الله أو خطأ من الناسخ؛ لأنه لا شيء في الكون غير مخلوق لله جل وعلا.

    (5) الآيتان: 19 - 20 من سورة إبراهيم: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ}. وقال هناك: قال ابن عباس والكلبي: يريد أمتكم يا معشر الكفار، وأخلق قومًا غيركم خيرًا منكم وأطوع.

    (6) انظر: معاني القرآن 2/ 368، معاني القرآن وإعرابه 4/ 267.

    قال الفراء: (والنفس تعبر عن الذكر والأنثى، كقوله (1): {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185، الأنبياء 35، العنكبوت 57]) (2).

    18 - وقوله: {إِلَى حِمْلِهَا} أي: ما حمل من الخطايا والذنوب. {لَا يُحْمَلْ مِنْهُ} أي: من حملها.

    [وقوله] (3) {شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} قال مقاتل: ولو كان بينهما ما حملت عنها شيء من وزرها (4) (5).

    قال ابن عباس: يقول: يا بني احمل عني، فيقول: حسبي ما علي (6).

    قال أبو إسحاق: أي ولو كان الذي يدعوه ذا قربى، مثل الأب والابن ومن أشبه هؤلاء (7).

    قوله تعالى: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} قال ابن عباس: يريد أولياؤه، يقول: خافوني وخافوا ما غاب عنهم من عذابي (8).

    وقال أبو إسحاق: تأويله أن إنذارك إنما ينفع الذين يخشون ربهم (9)، فكأنك تنذرهم دون غيرهم مما لا ينفعهم إنذارك، كقوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ (1) في (أ): (كقولك)، وما في الصلب هو الصواب.

    (2) انظر: معاني القرآن 2/ 368

    (3) ما بين المعقوفين ساقط من (ب)

    (4) في (ب): (أوزارها).

    (5) انظر: تفسير مقاتل 103/ أ.

    (6) يدل على ذلك قوله تعالى في سورة عبس آية 34: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}

    (7) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 267.

    (8) لم أقف عليه.

    (9) المصدر السابق.

    مَنْ يَخْشَاهَا} [النازعات: 45].

    وقوله: {وَمَنْ تَزَكَّى} قال ابن عباس: من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه (1).

    وقال مقاتل: من صلح فصلاحه لنفسه (2). {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} فيجزي بالأعمال في الآخرة.

    19 - وقوله: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} قال ابن عباس: لا يستوي المشرك والمؤمن (3).

    وقال مقاتل: وما يستوي في الفضل الأعمى عن الهدى [يعني] (4) الكافر، والبصير بالهدى يعني المؤمن يبصر رشده (5).

    20 - {وَلَا الظُّلُمَاتُ} يعني: الشرك والضلالات. {وَلَا النُّورُ} يعني: الهدى والإيمان بالله.

    21 - {وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ} قال الكلبي: أما الظل فالجنة، وأما الحرور فالنار (6).

    وقال ابن عباس: يريد ظل الليل، والحرور هو الذي يكون مثل السموم بالنهار (7). (1) لم أقف عليه عن ابن عباس. وانظر: زاد المسير 6/ 483، تفسير هود 3/ 415.

    (2) انظر: تفسير مقاتل 103 أ.

    (3) انظر: تفسير ابن عباس بهامش المصحف ص 366.

    (4) ما بين المعقوفين مكرر في (ب)

    (5) انظر: تفسير مقاتل 103 أ.

    (6) انظر: الوسيط 3/ 504، مجمع البيان 8/ 633

    (7) انظر: القرطبي 14/ 340، البغوي 3/ 569.

    وقال قتادة: هذه أمتال ضربها الله للكافر والمؤمن، يقول: لاتستوى هذه الأشياء، كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن (1).

    قال أبو عبيدة: الحرور ريح حارة تكون بالنهار مع الشمس، وأنشد لحميد الأرقط (2):

    إنا وإن تباعد المسير ... وسفعت ألواننا الحرور

    وأوقدت نيرانها القبور (3)

    قال أبو إسحاق: الحرور استيقاد الحر ولفحه بالليل والنهار، والسموم لا يكون إلا بالنهار (4).

    22 - قوله: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ} يعني: المؤمنين والكافرين.

    قال ابن عباس: الكافر وإن كان يأكل ويشرب ويجيء ويذهب (5)، فهو مثل الميت، ودليل هذا في صفتهم قوله تعالى: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} [النحل: 21]. (1) انظر: معاني القرآن للنحاس 5/ 450، تفسير القرطبي 14/ 340، زاد المسير 6/ 484.

    (2) هو: حميد بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وقيل: هو أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وهو شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية، عاصر الحجاج، سمي الأرقط لآثار كانت بوجهه، وهو بخيل لئيم، يقال له: هجاء الأضياف.

    انظر: خزانة الأدب 5/ 395، العقد الفريد 7/ 208.

    (3) مجاز القرآن 2/ 154.

    (4) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 268.

    (5) في (ب): (ويذهب ويجيئ)، ترتيب.

    ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} قال ابن عباس: يسمع أولياءه (1) الذين خلقهم لجنته وعصمهم من الكفر (2). والمعنى: يسمع كلامه من يشاء حتى يتعظ يهتدي. وقال السدي: يهدي من يشاء (3).

    {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} يعني: الكفار، شبههم حين صموا ولم يجيبوا إذا دعوا إلى الإيمان بأهل القبور. ثم قال للنبي -صلى الله عليه وسلم - حين لم يجيبوه إلى الإيمان:

    23 - {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} يقول: ما أنت إلا نذير، وليس عليك إلا البلاغ.

    24 - وقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} قال ابن عباس: وما من أمة من خلقي إلا وقد بعثت فيها نبيًّا (4).

    وقال مقاتل: يقول: ما مر أمة فيما مضى إلا جاءهم رسول (5).

    وقال ابن قتيبة: خلا فيها نذير سلف فيها نبي (6). (1) في (أ): (أوليائهمن)، وهو خطأ.

    (2) لم أقف عليه عن ابن عباس، وقد ذكر الطبري في تفسيره 22/ 130، نحو عن قتادة، والقرطبي في تفسيره 10/ 3179 ولم ينسبه لأحد.

    (3) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 10/ 3179 عن السدي.

    (4) لم أقف عليه منسوبًا لابن عباس.

    وانظر: معاني القرآن للنحاس 5/ 452، المحرر الوجيز 4/ 436، مجمع البيان 8/ 634.

    (5) انظر: تفسير مقاتل 103 ب.

    (6) تفسير غريب القرآن ص 361.

    26 - وقوله: {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي: عاقبتهم فكيف كان عقوبتي. قاله أبو عبيد (1). قال مقاتل: يخوف كفار مكة مثل عذاب الأمم الخالية (2).

    27 - ثم أخبر عن صنعه ليعرف توحيده فقال: {لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} (3) إلى قوله: {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ} قال الفراء. (الجدد: الطرق تكون في الجبال مثل العروق، بيض وسود وحمر (4)، واحدها جدة (5)، وأنشد لامرئ القيس:

    كأن سراتيه (6) وجدة ظهره ... كنائن يجري فوقهن دليص (7).

    يعني: الخطة السوداء في متن الحمار، والدليص: الذي يبرق) (8).

    وقال أبو عبيدة: (جدد: طرائق، وأنشد لذي الرمة يصف الليل: (1) لم أقف على قول أبي عبيد.

    (2) لم أقف على قول مقاتل.

    (3) قوله: (من السماء ماء) ساقط من (أ).

    (4) في (ب): (بيض وحمر وسود).

    (5) في (أ) بعد قوله: (واحدها جده)، قال: فقال {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ} إلى قوله {وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ} وسودهم من الناسخ.

    (6) هكذا في النسخ! وهو خطأ، والصواب: سراته.

    (7) البيت من الطويل، لامرئ القيس في: شرح ديوانه ص 124، تهذيب اللغة 10/ 458، اللسان 3/ 108 (جدد)، 7/ 37 (دلص)، معاني القرآن للفراء 2/ 369، معاني القرآن وإعرابه للزجاج 4/ 269. وسراته: هو أعلى ظهره، وجدة ظهره: العلامة يخالف لونها لون جلده، والكنائن: هي الخطوط البيض بظهره.

    (8) انظر: معاني القرآن 2/ 369.

    حتى إذا حان من حضر قوادمه ... ذي جدتين يكف الطرف تعميم (1) (2).

    وقال أبو إسحاق: (جدد جمع جدة، وهي الطريقة، وكل طرقه جدة وجادة) (3).

    وقال ابن قتيبة والمبرد: جدد: طرائق وخطوط (4). ونحو هذا قال المفسرون في تفسير الجدد: أنها الطرائق (5).

    وقال مقاتل: يعني بالجدد الطرائق التي تكون في الجبال، منها بيض ومنها حمر ومنها غرابيب سود (6). وهو جمع غربيب، وهو الشديد السواد الذي يشبه لونه لون الغراب، يقال: أسود غربيب وغرابي (7).

    وذكر عن الفراء أن هذا التقديم والتأخير، بتقدير: وسود غرابيب؛ لأنه يقال: أسود غربيب، وقل ما يقال: غربيب أسود (8). (1) البيت من البسيط، وهو لذي الرمة في ديوانه 1/ 444، وانظرها منسوبة إليه مجاز القرآن 2/ 155، ومعنى البيت: يريد من ليس سود اوائله. ذي جدتين أي ناجيتين من الليل، ويكف الطرف يرده حتى لا يجوزه، وتغييم إلباس يقول: جاء الليل مثل الغيم.

    (2) مجاز القرآن 2/ 155.

    (3) انظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 269.

    (4) تفسير غريب القرآن ص 361، وانظر: فتح القدير 3/ 374.

    (5) انظر: تفسير الثعلبي 3/ 626 أ، تفسير الطبري 22/ 131، تفسير الماوردي 4/ 470.

    (6) انظر: تفسير مقاتل 103 ب.

    (7) انظر: تهذيب اللغة 8/ 117 (غريب)، اللسان 1/ 638 (غريب).

    (8) لم أقف على قول الفراء في معاني القرآن له. ونقل كلام الفراء: الطبرسي في مجمع البيان 8/ 635، والمؤلف في الوسيط (3504)، والشوكاني في فتح القدير 4/ 347.

    وقال الأخفش في هذه الآية: قوله: {ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا} نصب مختلفًا؛ لأن كل صفة متقدمة فهي التي تجري على الذي قبلها إذا كانت من سببه، والثمرات في موضع نصب، هذا كلامه (1). و (مختلفًا) ينتصب بكونه نعتًا لقوله ثمرات، وجاز تذكيره على الفعل فجاز أن يجري مجرى الفعل، ولو كان فعلًا جاز تذكيره كقوله: {ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا}، والاختلاف الألوان، وجرى صفة للثمرات، كقوله: {مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} [النساء: 75] فالظالم للأهل، وقد جرى صفة للقرية (2). وشرحنا الكلام فيه هاهنا وتم الكلام عند قوله: {أَلْوَانُهَا}، ثم ابتدأ فقال: {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ} أي: ومما خلقنا من الجبال جدد بيض، يعني: طرائق، وليس يريد الطرائق التي تسلك وإنما أراد الطرائق (3) التي تكون مستقيمة على ضرب واحد كطرائق النحل، وكذلك يكون الجبال ممتد منها طريقة (4) بيض ومنها طريقة حمرة وطريقة سود وهي الغرابيب. قال أبو إسحاق: وهي الحرار من الجبال التي تكون ذات صخور سود (5).

    هذا الذي ذكرنا هو الوجه في تفسير الجدد والطرائق؛

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1