Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التحبير لإيضاح معاني التيسير
التحبير لإيضاح معاني التيسير
التحبير لإيضاح معاني التيسير
Ebook739 pages5 hours

التحبير لإيضاح معاني التيسير

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يعتبر كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير من الكتب القيمة لدى للباحثين والأساتذة في فروع علم الحديث الشريف؛ حيث يندرج كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير ضمن نطاق علوم الحديث الشريف والفروع قريبة الصلة من علوم فقهية وسيرة وغيرها من فروع الهدي النبوي
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateMar 27, 1903
ISBN9786397198667
التحبير لإيضاح معاني التيسير

Read more from الصنعاني

Related to التحبير لإيضاح معاني التيسير

Related ebooks

Related categories

Reviews for التحبير لإيضاح معاني التيسير

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التحبير لإيضاح معاني التيسير - الصنعاني

    الغلاف

    التحبير لإيضاح معاني التيسير

    الجزء 7

    الصنعاني

    1182

    يعتبر كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير من الكتب القيمة لدى للباحثين والأساتذة في فروع علم الحديث الشريف؛ حيث يندرج كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير ضمن نطاق علوم الحديث الشريف والفروع قريبة الصلة من علوم فقهية وسيرة وغيرها من فروع الهدي النبوي

    كتاب: الرهن

    1 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: يُرْكَبُ الرَّهْنُ بِنَفَقَتِهِ، وَيُشْرَبُ لبَنُ الدَّرِّ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَشْرَبُ وَيَرْكَبُ النَّفَقَةُ. أخرجه البخاري (4) وأبو داود (5) والترمذي (6). [صحيح] (1) في صحيحه رقم (2592).

    (2) زاد ابن الأثير في الجامع (4/ 534) وأبو داود، ولم يذكر مسلم: كُلَّه.

    وأخرجه أبو داود في السنن رقم (4809).

    (3) في السنن رقم (4835).

    وأخرجه البخاري رقم (3038)، ومسلم رقم (1733).

    (4) في صحيحه رقم (2512).

    (5) في السنن رقم (3526).

    (6) في السنن رقم (1254).

    وأخرجه أحمد (2/ 472)، وابن ماجه رقم (2440)، وهو حديث صحيح.

    الدَّرِّ (1) في أصل الكلام: اللبن، ومعنى هذا أن زيادة الرَّهْنِ ونماءُه وفضل قيمته للراهن، وعلى المرتهن ضمانه إن هلك.

    أقول: في التعريفات (2) الرهن بالفتح والسكون: التوثقة بالشيء بما يعادله بوجهٍ ما. وقيل: هو لغة: الثبوت والاستقرار.

    وشرعاً: عين مالية وثيقة بدين لازم أو آيلٍ إلى اللزوم.

    قوله في حديث أبي هريرة: وعلى الذي يشرب ويركب النفقة أقول: قيل: هو كلام مبهم، ليس في نفس اللفظ بيان من يركب ويحلب من الراهن أو المرتهن أو العدل الموضوع على يده الرهن، وقد اختلف أهل العلم في تأويله.

    فقال أحمد بن حنبل (3): للمرتهن أن ينتفع من الرهن بالحلب والركوب بقدر النفقة، وكذلك قال إسحاق. وعن أحمد (4): أنه لا ينتفع منه بشيء غيرهما، وبمثله قال غيره؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: وعلى الذي يحلب ويركب النفقة. (1) قاله ابن الأثير في غريب الجامع (4/ 535).

    (2) (ص 376).

    وقيل: لغة: الاحتباس من قولهم: رهن الشيء إذا دام وثبت, ومنه: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38)} [المدثر: 38].

    وفي الشرع: جعل مال وثيقة على دين، ويطلق على العين المرهونة تسمية للمفعول به باسم المصدر. القاموس المحيط (ص 1551)، ولسان العرب (13/ 188).

    (3) انظر: المغني (6/ 509 - 510).

    (4) قال ابن قدامة في المغني (6/ 509): مسألة: قال: ولا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء، إلا ما كان مركوباً أو محلوباً، فيركب ويحلب بقدر العلف.

    الكلام في هذه المسألة في حالين؛ أحدهما: ما لا يحتاج إلى مؤنة, كالدار والمتاع ونحوه, فلا يجوز للمرتهن الانتفاع به بغير إذن الراهن بحال، لا نعلم في هذا خلافاً؛ لأن الرهن ملك الراهن، فكذلك نماؤه ومنافعه، = وقال الشافعي (1): منفعة الرهن للراهن ونفقته عليه، والمرتهن لا ينتفع بشيء من الرهن خلا الاحتفاظ به للوثيقة.

    والحديث دليل على جواز انتفاع المرتهن بالرهن إذا قام بمصلحته، ولو لم يأذن المالك، ومن حمله على الراهن فقد أبعد.

    2 - وعن ابن المسيب - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ. أخرجه مالك (2). [ضعيف]

    قال (3): وتفسير ذلك فيما نرى والله أعلم: أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء وفيه فَضْلٌ عما رُهِنَ فيه. فيقول المرتهن: إن لم تأتني بحقي إلى أجل كذا وكذا فهو لي، أو يقول = فليس لغيره أخذها بغير إذنه, فإن أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير عوض، وكان دَيْنُ الرَّهن من قرض، لم يجز؛ لأنه يحصل قرضاً يجر منفعة, وذلك حرام.

    قال أحمد: أكره قرض الدور، وهو الربا المحض. يعني: إذا كانت الدار رهناً في قرض ينتفع بها المرتهن. وإن كان الرهن بثمن مبيع، أو أجر دار، أو دين غير القرض، فأذن له الراهن في الانتفاع، جاز ذلك.

    روي ذلك عن الحسن، وابن سيرين، وبه قال إسحاق ... ". اهـ

    (1) انظر: الوسيط في المذهب (3/ 449 - 500).

    (2) في الموطأ (2/ 728) وهو مرسل ضعيف.

    وأخرجه أبو داود في المراسيل رقم (186، 187)، والدارقطني في السنن (3/ 33 رقم 132)، وقد صحح إرساله ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (5/ 89 - 90 رقم 2334).

    وأخرج الشافعي في مسنده (ج 2 رقم 568 - ترتيب) والدارقطني في السنن (3/ 32 رقم 126) وقال: زياد بن سعد من الحفاظ الثقات, وهذا إسناد حسن متصل.

    عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يُغلقُ الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غرمه وعليه عزمه، وهو مرسل ضعيف.

    (3) أي مالك في الموطأ (2/ 729).

    له الراهن: هو لك إن لم آتك به إلى الأجل. قال (1): وهذا الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يصلح. فلو جاء صاحبه بما فيه بعد الأجل فهو له، وأرى هذا الشرط منفسخاً. وقال الشافعي (2): معناه: لا يستحقه المرتهن إذا ترك الراهن قضاء حقه.

    قوله: لا يغلق الرهن أقول: مرسل، وقد وصل عن أبي هريرة (3). ومعناه: أن الرهن وثيقة يزيد المرتهن يترك في يده إلى غاية, ثم يكون رجوعه إلى الراهن [140 ب] وليس كالبيع يستغلق فيملك [حتى لا يفك] (4)، وقد فسره بما ترى، وهو في الجامع منسوب إلى مالك.

    3 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: اشْتَرَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ وَأَعْطَاهُ دِرْعًا لَهُ رَهْنًا. أخرجه الشيخان (5) والنسائي (6). [صحيح]

    قوله: في حديث عائشة: من يهودي طعاماً أقول: اسم اليهودي أبو الشحم (7)، وقيمة الدرع أربعمائة درهم، والطعام ثلاثون (8) صاعاً من شعير، وكان الأجل سنة. (1) أي مالك في الموطأ (2/ 729).

    (2) في الأم (4/ 32 - 33).

    (3) تقدم تخريجه, وهو ضعيف.

    (4) زيادة من (أ).

    (5) البخاري في صحيحه رقم (2068، 2069، 2200، 2251، 2252، 2386، 2509، 2513، 2516، 4467)، ومسلم رقم (124/ 1603).

    (6) في السنن رقم (4609).

    (7) بينه الشافعي في المسند (ج 2 رقم 566 - ترتيب) بسند منقطع.

    والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 37) وقال البيهقي: منقطع، كلاهما من طريق جعفر بن محمد عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رهن درعاً له عند أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر في شعير. وقد صح بمعناه موصولاً.

    (8) أخرج البخاري رقم (4467)، ومسلم رقم (125/ 1603) بلفظ: توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير. = وإنما اشترى - صلى الله عليه وسلم - من يهودي ورهنه درعه دون أصحابه بيان لجواز ذلك، وقيل: لم يكن عند أحدهم طعام فاضل عن حاجته وإنما كان عند اليهودي.

    وقيل: لأن الصحابة لا يأخذون رهنه, ولا يقبضون الثمن، فعدل إلى معاملة اليهودي لئلا يضيق على أحد من أصحابه.

    هذا وقد أجمع (1) المسلمون على جواز معاملة أهل الذمة وغيرهم من الكفار إذا لم يتحقق تحريم ما معه، لكنه لا يجوز للمسلم أن يبيع من أهل الحرب سلاحاً وآلة حرب، ولا ما يستعينون به في إقامة دينهم، ولا بيع مصحف، ولا عبد مسلم لكافر مطلقاً.

    وفي الحديث بيان ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التقلل من الدنيا، وجواز الرهن في الحضر، وبه قال الأربعة وكافة العلماء إلا مجاهد (2) وداود؛ فإنما خصاه بالسفر تعلقاً بمفهوم الشرط في الآية, وتعلق الجمهور بهذا الحديث، وهو أقوى من دلالة المفهوم. = قال الحافظ في الفتح (5/ 141): لعله كان دون الثلاثين فجبر الكسر تارة, وألقى الجبر أخرى.

    وفي رواية الترمذي رقم (1214)، والنسائي رقم (4651) من هذا الوجه: بعشرين.

    ولعله رهنه أول الأمر في عشرين ثم استزاده عشرة, فرواه الراوي تارة على ما كان الرهن عليه أولاً، وتارة على ما كان عليه آخر.

    (1) انظر: المبسوط للسرخسي (21، 64)، فتح الباري (5/ 140)، المغني (6/ 444)، حلية العلماء (4/ 403 - 405).

    (2) قال ابن الملقن في الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (7/ 360 - 361): التاسع: في أحكامه (الأول) جواز الرهن في الحضر، وقد وقع التصريح به في بعض روايات الحديث، واتفق العلماء على جوازه في السفر عند عدم الكاتب، وخصه مجاهد وداود هذه الصورة لظاهر الآية, وقالا: لا يجوز الرهن إلا فيها.

    وجوزه الباقون حضراً وسفراً. وقالوا: الآية خرج الكلام فيها على الأغلب، لا على سبيل الشرط.

    انظر: فتح الباري (5/ 140)، أضواء البيان للشنقيطي (1/ 228)، المحلى (8/ 87).

    كتاب: الرياء

    1 - عن شُفَيٍّ الأصْبِحِي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى بِهِ يَوْمَ القِيَامِةِ رَجُلٌ جَمَعَ القُرْآنَ، وَرَجُلٌ قُتِلَ في سَبِيلِ الله، وَرَجُلٌ كَثِيرُ المَالِ. فَيَقُولُ الله تَعَالى لِلْقَارِئِ: أَلمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي؟ فيَقُولُ: بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ؟ فيَقُولُ: كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ. فَيَقُوُل الله تعالى لَهُ: كَذَبْتَ. وَتَقُولُ لَهُ المَلاَئِكَةُ: كَذَبْتَ. وَيَقُولُ الله تَعَالى له: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ قَارِئٌ, وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ. وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ المَالِ، فَيَقُوُل الله تعَالى: أَلمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لم أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ؟ فيَقُوُل: بَلَى يَا رَبِّ. فيَقُولُ: فمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟ فيَقُولُ: كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ. فَيَقُوُل الله تَعَالى لَهُ: كَذَبْتَ, وَتَقُوُل لَهُ المَلاَئِكَةُ: كَذَبْتَ, وَيَقُولُ لَهُ الله تَعَالَى: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ جَوَادٌ, وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ. ثُمَّ يُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ في سَبِيلِ الله، فَيَقُولُ له الله تَعَالى: فِي مَاذَا قُتِلْتَ؟ فَيَقُولُ: أُمِرْتُ بِالجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ. فَيَقُولُ الله تَعَالَى لَه: كَذَبْتَ, وَتَقُولُ لَهُ المَلاَئِكَةُ: كَذَبْتَ. وَيَقُولُ له الله تَعَالى: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ جَريء, وَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. ثُمَّ ضَرَبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى رُكْبَةِ أَبي هُرَيرَةَ, فَقَالَ: يَا أَبا هُرَيْرَةَ! أُولَئِكَ الثَّلاَثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ الله تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ.

    قال شُفّيٌّ: فَأَخْبَرْتُ مُعَاوِيَةَ بِهَذَا الحدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, فَقَالَ: قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلاَءِ هَذَا، فكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ؟ ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ، ثُمَّ أَفَاقَ وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ: صَدَقَ الله وَرَسُولُهُ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)} (1). أخرجه مسلم (2) والترمذي (3) واللفظ له والنسائي (4). [صحيح]

    أقول: بكسر الراء فمثناة خفيفة وألف مقصورة, في التعريفات" (5): الرياء الفعل المقصود به رؤية الخلق غفلة عن الخالق وعمى به عنه، وقيل: ملاحظة الأشكال في الأعمال.

    وقيل: سهولة الطاعة بمشهد الجماعة.

    وقيل: سقوط النشاط في الخلا وزوال المشاق في الملا.

    وقال الغزالي (6): حقيقة الرياء طلب المنزلة في قلوب الناس بالطاعة.

    قوله: شفي الأصبحي أقول: شفي بضم الشين المعجمة وفتح الفاء وتشديد المثناة التحتية، وهو ابن ماتع بالمثناة الفوقية، والأصبحي بكسر الهمزة والصاد والحاء المهملتين بينهما باء موحدة جزم [141 ب] ابن الأثير (7) أنه تابعي وقال: يعد في تابعي المصريين، وبأنه تابعي جزم المنذري (8)، وصدر الحديث عن شفي عند الترمذي: أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس، فقال: من هذا؟ قالوا: أبو هريرة، فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو (1) سورة هود: 15 - 16.

    (2) في صحيحه رقم (1905).

    (3) في السنن رقم (2382).

    (4) في السنن (6/ 23).

    (5) (ص 380).

    (6) في الإحياء (3/ 351).

    (7) في تتمة جامع الأصول (1/ 508 - قسم التراجم).

    (8) في الترغيب والترهيب (1/ 73).

    يحدث الناس، فلما سكت وخلا قال له: أسألك بحقٍّ وبحقٍّ [لما] (1) حدثتني حديثاً سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو هريرة: أجل، لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعته وعقلته، ثم نشغ (2) بالنون فشين معجمة فغين معجمة وهو الشهيق يكاد يبلغ الغشي، نشغة فلبث قليلاً، ثم أفاق فقال: لأحدثنك حديثاً حدثنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره. ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى ثم أفاق ومسح وجهه، ثم نشغ نشغة شديدة ثم مال خاراً على وجهه فأسندته عليَّ طويلاً، ثم أفاق فقال: [331/ أ]: حدثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أن الله تبارك وتعالى] (3) إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية، فأول من يدعى به إلى يوم القيامة ... الحديث [142 ب].

    قوله: واللفظ له قلت: وقد حذف من لفظه فقال: الوليد أبو عثمان المدائني، فأخبرني عقبة: أن شفياً هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا.

    قال أبو عثمان: وحدثني العلاء بن أبي حكيم: أنه كان سيافاً لمعاوية، قال: فدخل عليه رجل فأخبره بهذا عن أبي هريرة إلى آخره.

    قلت: يجمع بينهما بأن الرجل الذي أبهم هو شفي.

    قال الترمذي (4) عقيب إخراجه: أنه حديث حسن غريب. (1) في (أ): إلا.

    (2) نشغ: أي شهق وغُشي عليه. والنشغ في الأصل الشهيق حتى يكاد يبلغ به الغشي، وإنما يفعل الإنسان ذلك تشوقاً إلى شيء فائت وأسفاً عليه.

    النهاية في غريب الحديث (2/ 745)، غريب الحديث للهروي (3/ 194).

    (3) في (أ. ب): أنه، وما أثبتناه من سنن الترمذي.

    (4) في السنن (4/ 596).

    2 - وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: مَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ العُلَمَاءَ وَيُمارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ وَيَصرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ الله النَّارَ. أخرجه الترمذي (1). [حسن]

    المُمَارَاةٌ (2) المجادلة والمناظرة.

    وَالمُجَارَاةُ (3) أن يجري مع قوم في شيء ويفعل مثل فعلهم.

    قوله: في حديث [أبي بن] (4) كعب: أخرجه الترمذي.

    قلت: وقال (5): هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسحاق بن يحيى بن طلحة ليس بذاك القوي عندهم، تكلم فيه من قبل حفظه. انتهى.

    3 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: تَعَوَّذُوا بِالله مِنْ جُبِّ الحُزْنِ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! وَمَا جُبُّ الحُزْنِ؟ قَالَ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تَتَعَوَّذُ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ. قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، وَمَنْ يَدْخُلُهُ؟ قَالَ: القُرَّاءُ المُرَاءُونَ بِأَعْمَالهِمْ. أخرجه الترمذي (6). [ضعيف]

    قوله: في حديث أبي هريرة في جب الحزن: أخرجه الترمذي. (1) في السنن (2654)، وهو حديث حسن.

    (2) قاله ابن الأثير في غريب الجامع (4/ 543).

    (3) قال ابن الأثير في النهاية (1/ 259): ليجاري به العلماء أي: يجري معهم في المناظرة والجدال، ليظهر علمه إلى الناس رياءً وسمعة.

    (4) زيادة من (أ).

    (5) أي الترمذي في السنن (5/ 33).

    (6) في السنن رقم (2383). وأخرجه ابن ماجه رقم (256)، وهو حديث ضعيف.

    قلت: وقال (1): هذا حديث غريب.

    4 - وعن أبي هريرة وابن عمر - رضي الله عنهما - قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رِجَالٌ يَخْتِلُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ، يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ جُلُودَ الضَّأنِ مِنَ اللِّينِ، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ العَسَلِ وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ يَقُولُ الله تَعَالى: أَبِي تغْتَرُّونَ أَمْ عَلَيَّ تَجتَرِئُونَ؟ فَبِي حَلَفْتُ لأَبْعَثَنَّ عَلَى أُولَئِكَ مِنْهُمْ فِتْنةً تَذَرُ الحَلِيمَ فِيهِم حَيْرَانَ. أخرجه الترمذي (2). [ضعيف جداً]

    الختل (3) الخدع.

    وَالاجْتِرَاء (4) الجسارة على الشيء.

    قوله: في حديث أبي هريرة وابن عمر: يختلون أقول: بفتح حرف المضارعة وسكون الخاء المعجمة، يقال: ختله يختله إذا خدعه وراوغه، ويقال (5): ختل الذئب الصيد إذا تخبأ له والمراد يطلب الدنيا بعمل الآخرة.

    قوله: أخرجه الترمذي. (1) أي الترمذي في السنن (4/ 594).

    (2) في السنن رقم (2404) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وهو حديث ضعيف جداً.

    وأخرجه برقم (2405) من حديث ابن عمر - رضي الله عنه -، وهو حديث ضعيف.

    (3) قال ابن الأثير في النهاية (1/ 471): ختل فيه من أشراط الساعة أن تعطل السيوف من الجهاد، وأن تختل الدنيا بالدين، أي: تطلب الدنيا بعمل الآخرة، يقال: ختله يختله إذا خدعه وراوغه.

    وانظر: الفائق للزمخشري (1/ 354)، غريب الحديث للخطابي (1/ 209).

    (4) أي متسلطين عليه غير هائبين. النهاية (1/ 248)

    (5) قاله ابن الأثير في النهاية (1/ 471).

    5 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: يَقُوُل الله تَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشَّرْكِ, مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ مَعِي فِيهِ غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ. أخرجه مسلم (1). [صحيح]

    قول في حديث أبي هريرة: تركته وشركه أقول: في رواية: شركته ومعناه: أنا غني عن المشاركة وغيرها، فمن عمل شيئاً [143 ب] لي ولغيري لم أقبله، بل أتركه لذلك الغير.

    والمراد: أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه بل هو آثم به.

    6 - وعنه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تَجِدُونَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ عِنْدَ الله تَعَالى يَوْمَ القِيَامَةِ ذَا الوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ. أخرجه الستة (2) إلا النسائي. [صحيح].

    قوله في حديث أبي هريرة: ذا الوجهين قد فسره بقوله: يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه.

    والمراد المنافق يلاقي كل قوم بما يوافقهم (3)، كما قال تعالى في صفاتهم: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} (4) ومرادهم بذلك أن يأمنوهم ويأمنوا قومهم، ولذا ورد الوعيد الشديد في حديث عمار المذكور بعد هذا، وأنه يكون له يوم القيامة لسان [من] (5) نار. (1) في صحيحه رقم (2985)، وهو حديث صحيح.

    (2) أخرجه البخاري رقم (6058)، ومسلم رقم (2526)، وأبو داود رقم (4872), والترمذي رقم (2025)، ومالك في الموطأ (2/ 991).

    (3) انظر: فتح الباري (10/ 474 - 475).

    (4) سورة البقرة: 14.

    (5) في (ب): في.

    7 - وعن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال: رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ كَانَ لَهُ وَجْهَانِ فِي الدُّنْيَا كَانَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ. أخرجه أبو داود (1). [حسن بشواهده].

    8 - وعن أبي وائل قال: سمعت أُسامة - رضي الله عنه - يقولُ: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُ بَطْنِهِ، فَيَدُورُ بِهَا كَما يَدُورُ الحِمَارُ بِالرَّحَى، فَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ: يَا فُلاَنُ! أَلم تَكُنْ تَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ؟ فَيَقُولُ: بَلَى، قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَى عَنِ المُنكَرِ وآتِيهِ. أخرجه الشيخان (2). [صحيح]

    الِانْدِلاَقُ (3) الخروج.

    والأقْتَابُ (4) جمع قَتَبٍ، وهي الأمعاء. (1) في السنن رقم (4873)، وهو حديث حسن بشواهده.

    (2) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3267، 7098)، ومسلم رقم (51/ 2989).

    (3) قاله ابن الأثير في غريب الجامع (4/ 548).

    وانظر: القاموس المحيط (ص 1141).

    (4) انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 413)، غريب الحديث للهروي (2/ 30، 31).

    حرف الزاي

    وفيه ثلاثة كتب

    الزكاة - الزهد - الزينة

    كتاب: الزكاة

    وفيه خمسة أبواب

    الباب الأول: في وجوبها وإثم تاركها

    1 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: بَعثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُعَاذاً إِلَى اليَمَنِ فَقَالَ: إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادةُ الله تَعَالى، فَإِذَا عَرَفُوا الله تَعَالى فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَهائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهاَ وَبَيْنَ الله حِجَابٌ. أخرجه الخمسة (1). [صحيح]

    قوله: (حرف الزاي).

    قوله في حديث ابن عباس: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذاً أقول: اختلف هل بعثه والياً أو قاضياً، فجزم الغساني (2) بالأول، وابن عبد البر (3) بالثاني، وكان بعثه سنة عشر (4) ربيع (1) أخرجه البخاري رقم (1395)، ومسلم رقم (29/ 19)، وأبو داود رقم (1584)، والترمذي رقم (625)، والنسائي رقم (2435)، وابن ماجه رقم (1783)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

    (2) ذكره الحافظ في الفتح (3/ 358).

    (3) في التمهيد (7/ 58 - 59).

    (4) ذكره البخاري في صحيحه (8/ 61 رقم الباب 60 - مع الفتح).

    الآخر، وقيل في آخر سنة تسع (1) بعد تبوك، وقيل (2): سنة ثمان ولم يزل بها حتى قدم في عهد أبي بكر - رضي الله عنه -. [144 ب].

    قال البرماوي في شرح العمدة: أنه - صلى الله عليه وسلم - بعثه قاضياً إلى الجند يعلم الناس القرآن وشرائع الإسلام ويقضي بينهم، وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين باليمن، وكان - صلى الله عليه وسلم - قسم اليمن على خمسة، كما قال ابن عبد البر: خالد بن سعيد على صنعاء، والمهاجر بن أبي أمية على كندة، وزياد بن لبيد على حضرموت، ومعاذ على الجند، وأبي موسى على زبيد، وزمعة بفتح الزاي وسكون الميم وبالعين المهملة من منازل حمير، وعلى عدن والساحل. وسبب إرساله معاذاً لما أدّان حتى أغلق ماله كله بالدين، وسئل - صلى الله عليه وسلم - الحجر وبيع أمواله فأقام معاذ بعد قضاء دينه بغير شيء، فخيره النبي - صلى الله عليه وسلم - بإرساله إلى اليمن.

    قال الرازي: علم من الشرع أن الزكاة وجبت للمواساة، والمواساة لا تكون إلا في مال له بال، وهو النصاب، ثم جعلها تعالى في الأموال النامية وهي العين والزرع والماشية، فأجمعوا على وجوب الزكاة في هذه الأنواع، واختلفوا في غيرها كالعروض، فأوجب زكاتها الجمهور ومنعها داود تعلقاً منه بقوله [ - صلى الله عليه وسلم -] (3): ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقه (4)، وحمله (1) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 590) عن كعب بن مالك.

    (2) ذكره الحافظ في الفتح (7/ 61).

    (3) في (أ): تعالى، وهو خطأ.

    (4) وهو حديث صحيح.

    أخرجه أحمد (2/ 242، 254، 477)، والبخاري رقم (1464)، ومسلم رقم (8/ 982)، وأبو داود رقم (1595)، والترمذي رقم (628)، والنسائي رقم (2467، 2468)، وابن ماجه رقم (1812) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ليس على المسلم صدقة في عبده ولا فرسه.

    الجمهور (1) على ما كان للقيمة، وحدد الشرع نصاب (2) كل جنس بما يحتمل المواساة، فنصاب الفضة خمس أواق وهي مائتا درهم بنص الحديث والإجماع، وأما الذهب فعشرون مثقالاً، والمعول فيه على الإجماع، وأما الزروع والثمار والماشية فنصبها معلومة. ورتب الشارع مقدار الواجب بحسب المؤنة والتعب في المال، فأقلها تعباً الركاز ففيه الخمس لذلك، ويليه الزرع والثمار ففيها العشر إن سقيت بماء السماء وإلا فنصفه، ويليه الذهب والفضة والتجارة ففيها ربع العشر؛ لأنها يحتاج فيها جميع السنة، ويليه الماشية؛ لأنها يدخلها الأوقاص بخلاف الأنواع السابقة. انتهى.

    قلت: الحاصل أن المفروض في الأموال الخمس، ونصفه, ونصف نصفه, وربعه.

    فائدة: سئل شيخ الإسلام البلقيني: هل علمت السنة التي فرضت فيها الزكاة أم لا؟ [145 ب].

    فأجاب: بأنه لم يتعرض الحفاظ وأصحاب السنن للسنة التي فرضت فيها الزكاة، وقال: ووقع في في ذلك حديثان ظهر منهما تقريب ذلك ولم أسبق إليه.

    أحدهما في النسائي (3) خرج بإسنادين أحدهما صحيح على شرط الصحيح من حديث قيس بن سعد بن سعيد (4) قال: (1) انظر: فتح الباري (3/ 327)، المحلى (5/ 209 - 211).

    (2) سيأتي مفصلاً.

    (3) في السنن رقم (2506) عن قيس بن سعد بن عبادة قال: كنا نصوم عاشوراء ونؤدي زكاة الفطر، فلما نزل رمضان ونزلت الزكاة لم نؤمر به ولم ننه عنه, وكنا نفعله. وهو حديث صحيح.

    وأخرج النسائي في السنن رقم (2507) عن قيس بن سعد قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله"، وهو حديث صحيح.

    (4) انظر ما تقدم.

    أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) بصدقة الفطر فرضت في الثانية، فدل تأخير فرض زكاة المال عن ذلك.

    الثاني: أنه صح من حديث ضمام بن ثعلبة ذكر الزكاة، وقدوم ضمام كان في الخامسة (2) على ما قاله ابن حبيب وغيره، وقيل غير ذلك، والأول أرجح، وإذا كان كذلك علم أن فرض الزكاة كان بعد فرض الفطر وقبل قدوم ضمام. انتهى.

    قتل: ولم يفد كلامه تعيين سنة فرضها.

    وقال الدميري في شرح المنهاج (3): وفرضت - أي الزكاة - في السنة الثانية من الهجرة بعد زكاة الفطر، قاله الحافظ شرف الدين الدمياطي، واستدل بحديث قيس بن سعد المتقدم.

    قلت: ولا يخفى أنه ليس فيه تعيين سنة فرضها.

    وقيل (4): فرضت قبل الهجرة وبينت بعدها، وفي تاريخ ابن جرير الطبري: أنها فرضت الزكاة في الرابعة.

    قوله: فدعوهم إلى عبادة الله أقول: في رواية لمسلم (5) عن ابن عباس عن معاذ بن جبل قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنك تأتي قوماً من أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وذكر الحديث بنحوه، فالمراد من عباده كلمة الشهادة ولوازمها.

    قوله: فإذا عرفوا الله أقول: أي: أقروا بشهادة أن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن أهل الكتاب كانوا مقرين بالله، ولكنهم كفروا برسوله - صلى الله عليه وسلم -. (1) تقدم نصه.

    (2) انظر: فتح الباري (3/ 266 - 267).

    (3) النجم الوهاج في شرح المنهاج (3/ 128).

    (4) ذكر الدميري في شرح المنهاج (3/ 128).

    (5) في صحيحه رقم (29/ 19).

    قوله: فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة أقول: في الجامع (1) وغيره: فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا قبلوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة ... إلى آخره، ونسخ التيسير بحذف هذه الجملة [746 ب] ولا أدري لماذا حذفها، وكأنه يقول: إنما الباب معقود لوجوب الزكاة فيحذف ذكر وجوب الصلاة، ولكن كان الأحسن له أن يتبع ابن الأثير فإنه ناقل عنه.

    قوله: زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم أقول: في لفظ رواية عند الجماعة (2) الذين نسب إخراج الحديث إليهم: فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وهو لفظ رواية البخاري (3)، وهذا للإخبار لهم بالصلوات والزكوات كله [232/ أ] مجمل يأتي بيان الزكاة ومقاديرها في الفصل الأول من الباب الثاني، وأما بيان الصلاة فكأنه وقع بعد هذا بتعليم معاذ الناس لها.

    وفيه دليل أن الصدقة ترد على فقراء البلاد التي تؤخذ منها، ودليل أن الفقير من ليس بغني، وأن الغني من تجب عليه الزكاة وهو من يملك النصاب.

    قوله: فخذ منهم أي: الصدقة.

    وتوقَّ كرائم أموالهم (4) أي: محاسنها ونفائسها وما تكرم على صاحبها.

    قوله: توقى واتقي بمعنى على افتعل، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأدغمت، فلما أكثر استعمالها على لفظ الافتعال توهموا أن التاء من نفس الحرف (1) (4/ 550 - 551 الحديث رقم 2655).

    (2) تقدم تخريجه.

    (3) في صحيحه رقم (1458).

    (4) قال ابن الأثير في النهاية (2/ 536): كرائم أموالهم؛ أي: نفائسها التي تتعلق بها نفس مالكها ويختصها بها، حيث هي جامعة للكمال الممكن في حقها، وواحدتها: كريمة.

    فجعلوه: اتَّقى يتقي، بفتح التاء فيهما، ثم لم يجدوا له مثالاً في كلامهم يلحقونه به فقالوا: تَقيَ يَتْقي، مثل قضى يَقضي، قاله ابن الأثير في غريب الجامع (1).

    ويأتي بيان ما تؤخذ منه الصدقة، وما لا تؤخذ منه في الفصل الثاني من الباب الثاني.

    قوله: ليس بينها وبين الله حجاب أقول: ليس لها صارف يصرفها ولا مانع، ولأحمد (2) من حديث أبي هريرة: دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه. (1) (4/ 551 - 552).

    (2) في المسند (2/ 367) بسند ضعيف لضعف أبي معشر.

    قلت: وأخرجه الطيالسي رقم (2330)، وابن أبي شيبة في المصنف (10/ 275)، والطبراني في الأوسط رقم (1182)، وفي الدعاء رقم (1318)، والقضاعي في مسند الشهاب رقم (315)، وابن عدي في الكامل (7/ 2517)، والخطيب في تاريخه (2/ 271 - 272)، والدارقطني في العلل (10/ 396) من طريق أبي معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة به.

    وله شاهد أخرجه أحمد (3/ 153)، والدولابي في الكنى (2/ 73)، والقضاعي في مسند الشهاب رقم (960) من حديث أنس بن مالك يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اتقوا دعوة المظلوم، وإن كان كافراً، فإنه ليس دونها حجاب، وإسناده ضعيف لجهالة أبي عبد الله الأسدي.

    والحديث حسنه الحافظ في الفتح (3/ 360) ولعله بمجموع الطريقين.

    وفي دعوة المظلوم:

    أخرج أحمد (2/ 258)، وابن أبي شيبة (10/ 429)، وأبو داود رقم (1536)، والترمذي رقم (1905)، و (3448)، والبخاري في الأدب المفرد رقم (32)، والطبراني في الدعاء رقم (1314)، وابن حبان رقم (2699)

    قال الترمذي: هذا حديث حسن.

    عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاث دعوات مستجابات، لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده.

    وهو حديث حسن، والله أعلم. = فائدة: لم يقع في حديث معاذ هذا ذكر فرض الصوم وفرض الحج مع أن إرسال معاذ كان بعد فرضهما، قال ابن الصلاح (1): لعله تقصير من بعض الرواة.

    قلت: إذا كان بعث معاذ بعد الفتح أو سنة سبع فلم يكن الحج قد فرض على الأصح، وأما الصوم فقد كان فرض قطعاً. [147 ب].

    2 - وعن أبي هريرة (2) وجابر - رضي الله عنهما - قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ وَلاَ بَقَرٍ وَلاَ غنَمٍ لاَ يُؤدِّي حَقَّ الله تَعَالى فِيهَا إِلاَّ جَاءَتْ يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ وَأُقَعِدَ لهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَسْتَنُّ عَلَيْهِ بِقَوَائِمِهَا وَأَخْفَافِهَا وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلاَفِهَا، لَيْسَ فِيهَا جَمَّاءُ وَلاَ مُنْكَسِرٌ قَرْنُهَا، كُلَّمَا مَرَّتْ عَلَيْهِ أُخْرَهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولاَهَا حَتَّى يُقْضَى بينَ الخَلْق، وَلاَ صَاحِبِ كَنْزٍ لاَ يَفْعَلُ فِيهِ حَقَّهُ إِلاَّ جَاءَ كنْزُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَتْبَعُهُ فَاتِحًا فَاهُ فَإِذَا أَتَاهُ فَرَّ مِنْهُ فَيُنَادِيهِ: خُذْ كَنْزَكَ الَّذِي خَبَأْتَهُ فَأنَا عَنْهُ غَنِيٌّ، فَإِذَا رَأَى أَنْ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْهُ سَلَكَ يَدَهُ فِي فِيهِ فَيَقْضَمُهَا قَضْمَ الفَحْلِ. = وأخرج أحمد (2/ 305)، والطيالسي رقم (2584)، وابن حبان رقم (3428)، والطبراني في الدعاء رقم (1315)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 354)، (8/ 162)، (10/ 88) من طرق عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام، وتفتح لها أبواب السماوات، ويقول الرب - عز وجل -: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين.

    وهو حديث صحيح لغيره.

    (1) ذكره الحافظ في الفتح (3/ 360).

    (2) أخرجه البخاري رقم (1399، 1400، 7284، 7285)، ومسلم رقم (20، 22)، وأبو داود رقم (1556)، والترمذي رقم (2607)، والنسائي رقم (2442)، (3091 - 3593) كلهم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

    أخرجه الخمسة واللفظ لمسلم (1) والنسائي (2) عن جابر، وللباقين بنحوه عن أبي هريرة. [صحيح]

    القاعُ (3) المستوي من الأرض الواسع. والقَرْقَرُ (4) الأمْلس.

    والظِّلْفُ (5) للشاة كالحافر للفرس. والشَّجَاعُ الحَيّةَ.

    والأقْرَعُ صفة له بطول العمر؛ لأنه إذا طال عمره امَّرَقَ شعره، فهو أخبث وَأشَدُّ شراً (6).

    قوله في حديث أبي هريرة وجابر: ما من صاحب إبل أقول: هذا الحديث في بيان إثم تاركها، والأول في وجوبها، وهما ركنا الترجمة.

    [و] (7) قوله: لا يؤدي حق الله [فيها] (8) هو مجمل بينه الحديث الذي ذكرناه الآتي قريباً.

    قوله: أكثر ما كانت أقول: بها لفظ في مسلم (9): أوفر ما كانت أي: من السمن والعظم والكثرة لا يفقد فيها فصيلاً واحداً، لأنها تكون عنده على حالات مختلفة، فتأتي يوم (1) في صحيحه رقم (988).

    (2) في السنن رقم (2454) كلاهما عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما -.

    (3) انظر: غريب الحديث للهروي (2/ 238).

    (4) انظر: الفائق للزمخشري (3/ 172)، غريب الحديث للهروي (2/ 238).

    (5) انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 141).

    (6) انظر: النهاية في غريب الحديث (2/ 440).

    (7) زيادة من (أ).

    (8) في (ب): بها.

    (9) في صحيحه رقم (26/ 987).

    القيامة على أكثرها [وأضخمها وأكملها] (1) لتكون أشد عليه وأعظم نكاية له.

    قوله: تستن الاستنان (2): الجري.

    قوله: ولا كنز أقول: كل مال لا يؤدى زكاته فهو كنز، وإن كان ظاهراً على وجه الأرض، وأما ما أخرجت زكاته فليس بكنز؛ لأنه عفي عنه بإخراج ما وجب فيه، وأما ما لا تجب فيه الزكاة فلا يسمى كنزاً؛ لأنه معفو عنه (3).

    قوله: شجاع هي الحيات الذكر. وقيل: الذي يقوم على ذنبه ويواثب الفارس.

    والأقرع الذي لا شعر في رأسه وتمعض جلده وابيض لكثرة سمه (4).

    قوله: يقضمها القضم: الأخذ بطرف الأسنان. [333/ أ].

    3 - وعن معاذ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ أعْطَى زَكاةَ مَالِهِ مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشُطِّرَ مَالُهُ، عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، لَيْسَ لآلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا شَيْءٌ. أخرجه رزين.

    مُؤْتَجراً أي: طالب أجر.

    وقوله: فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالُهُ قال الحربي (5): إنما هو وَشُطِّرَ ماله يعني: يجعل شَطْرَيْنِ فيتخير

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1