Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

مسند الفاروق
مسند الفاروق
مسند الفاروق
Ebook694 pages5 hours

مسند الفاروق

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

مسند الفاروق أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب، وأقواله على أبواب العلم
مسند الفاروق أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب، وأقواله على أبواب العلم
مسند الفاروق أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب، وأقواله على أبواب العلم
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateFeb 12, 1902
ISBN9786325928328
مسند الفاروق

Read more from ابن كثير

Related to مسند الفاروق

Related ebooks

Related categories

Reviews for مسند الفاروق

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    مسند الفاروق - ابن كثير

    الغلاف

    مسند الفاروق

    الجزء 1

    ابن كثير

    774

    مسند الفاروق أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب، وأقواله على أبواب العلم

    الجزء الأول الطهارة - الفرائض المقدمة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    وبعد، فإن من الأمور التي استفاضت واشتهرت عند أهل الإسلام أن أفضل هذه الأمة بعد نبيِّها هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبرُّ هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلُّفًا.

    وقد تنوعت النصوص الشرعية في ذِكر فضائلهم ومناقبهم، قال الله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100].

    وقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18].

    وقال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29].

    وفي «الصحيحين» من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ أمَّتي القَرْنُ الذين يَلُوني، ثم الذين يَلُونَهم، ثم الذين يَلُونَهم» (1).

    وفي «صحيح مسلم» من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النجومُ أَمَنةٌ للسماءِ، فإذا ذهبت النجومُ أتى السماءَ ما توعَدُ، وأنا أَمَنةٌ لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعَدون، وأصحابي أَمَنةٌ لأُمَّتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أُمَّتي ما يوعَدون» (2).

    وفي «الصحيحين» من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبُّوا أحدًا من أصحابي، فإنَّ أحدَكم لو أنفق مثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما أدرك مُدَّ أحدِهِم ولا نَصِيفَه» (3).

    ومن بين هؤلاء الصَّحْب الكرام الذي جاءت النصوص في ذِكر مناقبه وفضائله: الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فمن ذلك: (1) أخرجه البخاري (5/ 259 رقم 2652) و (7/ 3 رقم 3651) و (11/ 244، 543 رقم 6429، 6658 - فتح) ومسلم (4/ 1962 رقم 2533) (210) واللفظ له.

    (2) أخرجه مسلم (4/ 1961 رقم 2531).

    (3) أخرجه البخاري (7/ 21 رقم 3673 - فتح) ومسلم (4/ 1967 رقم 2540) واللفظ له.

    1 - ما ثبت في «الصحيحين» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَيْنا أنا نائمٌ إذ رأيتُ قَدَحًا أُتِيتُ به، فيه لبنٌ، فشربتُ منه حتى إني لأرى الرِّيَّ يجري في أظفاري، ثم أَعطيتُ فَضْلِي عُمرَ بنَ الخطابِ»، قالوا: فما أَوَّلتَ ذلك، يا رسولَ اللهِ؟ قال: «العلمَ» (1).

    2 - ومنها: ما ثبت في «الصحيحين» من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَيْنا أنا نائمٌ رأيتُ الناسَ يُعرَضون عليَّ وعليهم قُمُصٌ، منها ما يَبلغُ الثُّدِيَّ، ومنها ما يَبلغُ دون ذلك، ومرَّ عُمرُ بنُ الخطابِ، وعليه قميصٌ يَجُرُّهُ»، قالوا: فما أَوَّلتَ ذلك، يا رسولَ اللهِ؟ قال: «الدِّينَ» (2).

    3 - ومنها: ما ثبت في «الصحيحين» من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُريتُ كأني أنزع بدلوِ بَكْرةٍ على قليب، فجاء أبو بكر فنزع ذنوبًا أو ذنوبين، فنزع نزعًا ضعيفًا، والله تبارك وتعالى يغفر له، ثم جاء عمر فاستقى فاستحالت غَرْبًا، فلم أر عبقريًا يفري فَرِيَّه، حتى رَوِيَ الناس وضربوا العَطَن» (3). (1) أخرجه البخاري (1/ 180 رقم 82) و (7/ 40 رقم 3681) و (12/ 393، 394، 417، 420 رقم 7006، 7007، 7027، 7032 - فتح) ومسلم (4/ 1859 رقم 2391) واللفظ له.

    (2) أخرجه البخاري (1/ 73 رقم 23 - فتح) و (7/ 43 رقم 3691) و (12/ 395 رقم 7008، 7009 - فتح) ومسلم (4/ 1859 رقم 2390) واللفظ له.

    (3) أخرجه البخاري (7/ 41 رقم 3682 - فتح) ومسلم (4/ 1862 رقم 2393) واللفظ له.

    4 - ومنها: ما ثبت في «الصحيحين» من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إيهًا يا ابنَ الخطابِ، والذي نفسي بيده ما لَقِيكَ الشيطانُ سالكًا فجًّا قطُّ إلا سلك فجًّا غيرَ فجِّك» (1).

    5 - ومنها: ما ثبت في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: «إنه قد كان فيما مضى قبلَكم من الأمم محدَّثون، وإنَّه إنْ كان في أمتي هذه منهم، فإنه عمرُ بنُ الخطابِ» (2).

    بل بَلَغ من عظيم مكانته -رضي الله عنه - أن الوحي نزل بتصديقه في عدَّة من الوقائع، فمن ذلك:

    1 - ما ثبت في «صحيح البخاري» (402) عن أنس بن مالك رضي الله عنه: قال عمر رضي الله عنه: وافقت ربِّي في ثلاث: قلت: يا رسول الله، لو اتَّخذنا من مقام إبراهيم مصلَّى، فنزلت: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى} (3)، وآية الحجاب، قلت: يا رسولَ الله، لو أمرتَ نساءَك أن يحتجبن، فإنه يكلِّمهن البرُّ والفاجرُ، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الغَيرة عليه، فقلت لهنَّ: {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ} (4)، فنزلت هذه الآية.

    2 - ومنها: ما ثبت في «الصحيحين» من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما - قال: لما تُوفي عبد الله بن أُبَي ابن سَلُول جاء ابنُه عبد الله بن عبد الله إلى (1) أخرجه البخاري (7/ 41 رقم 3683 - فتح) -واللفظ له-، ومسلم (2396).

    (2) أخرجه البخاري (6/ 512 رقم 3469 - فتح).

    (3) البقرة: 125

    (4) التحريم: 5 رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فسأله أن يعطيه قميصَه أن يكفِّن فيه أباه، فأعطاه، ثم سأله أن يُصلِّي عليه، فقام رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ليصلِّي عليه، فقام عمرُ فأخذ بثوبِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، أتصلِّي عليه وقد نهاك اللهُ أن تصلِّي عليه؟ فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إنما خيَّرني اللهُ، فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة} وسأزيدُ على سبعين)). قال: إنه منافقٌ! فصلَّى عليه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله عزَّ وجلَّ: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} (1).

    وهذا الكتاب الذي بين يديك صنَّفه الإمام الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي ليجمع لك فيه ما استطاع إليه سبيلاً من فقه هذا الصحابي الجليل، سواء في ذلك ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو ما أفتى به رضي الله عنه.

    ولفِقه عمر -رضي الله عنه - مزية خاصة، فقد طالت مدة خلافته، واتَّسعت رُقعة الإسلام في عهده، وكثُرَت الوقائع والمستجدات، فاحتاج إلى القول فيها، زد على هذا أن اللهَ تبارك تعالى حَبَاه بِثُلَّة من مشيخة المهاجرين والأنصار، فإذا نزلت بالمسلمين نازلةٌ جَمَعهم واستشارهم، فكانت فتاواه لا تمثل رأيه فحسب، بل تمثل رأي الجماعة من الصدر الأول.

    إذا تبين لك هذا؛ عرفتَ قدر هذا العمل الذي بين يديك، فشَكَرت لمؤلفه صنيعه، ودعوت الله أن يجزيه خيرًا على ما قام به من جمعٍ لفقه هذا (1) أخرجه البخاري (3/ 138 رقم 1269 - فتح) ومسلم (4/ 1865 رقم 2400) واللفظ له.

    الصحابي الجليل، فليس من السهل أن تتتبَّع ما في بطون الكتب لتقف هنا أو هناك على فتوى أو رأي في مسألة، إن هذا العمل الذي بين يديك هو ثمرة رحلة طويلة وشاقة، لا يصبر عليها إلا رجلٌ يريد بعمله اللهَ والدارَ الآخرةَ، فجزى اللهُ مؤلفَه خيرًا، وجعل عمله في موازين حسناته، وجمعنا به في دار كرامته.

    وكتب

    إمام بن علي بن إمام

    في العاشر من شهر شعبان لعام 1425 هـ

    (الرياض) محمول: 00966559334920

    منزل: 0096614490865

    (مصر) هاتف: 0020822241220

    ثم أعدت النظر فيه حتى تم بحمد الله تعالى في العاشر من شهر رمضان المبارك لعام 1430 هـ بدار الفلاح بالفيوم منهج التحقيق

    يتلخص عملي في هذا الكتاب على النحو التالي:

    1 - الترجمة للمؤلف، مع ذِكر بعض شيوخه، وتلاميذه، وثناء العلماء عليه، وذِكر أهم مصنَّفاته.

    2 - إثبات صحَّة نسبة الكتاب للمؤلف.

    3 - منهج المؤلِّف في كتابه.

    4 - مزايا الكتاب.

    5 - موارد المؤلِّف في كتابه.

    6 - وصف النسخة الخطية المعتمدة في التحقيق.

    7 - منهج التحقيق.

    8 - نقد الطبعة الأولى للكتاب.

    9 - شكر وعرفان.

    المبحث الأول: التعريف بالمؤلِّف

    (1)

    هو الإمام الحافظ المؤرِّخ المفسِّر عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي الشافعي.

    مولده

    ولد الحافظ ابن كثير رحمه الله في سنة 700 هـ، فيما قاله الحافظ ابن حجر، وابن العماد، والسيوطي. (1) مصادر ترجمته: وذهب ابن تغري بردي، والدَّاوودي إلى أن ولادته كانت في سنة 701 هـ (1).

    حياته العلمية

    حفظ القرآن الكريم، وهو ابن إحدى عشرة سنة على شيخه شمس الدين البعلبكي الحنبلي، المتوفى سنة 730 هـ.

    وسمع «صحيح مسلم» في تسعة مجالس بقراءة الوزير أبي القاسم الأزدي الأندلسي على الشيخ نجم الدين القسطلاني.

    ودَرَس الفقه على الشيخ ابن الفركاح، وابن قاضي شهبة.

    وحفظ «التنبيه» للشيرازي، و «مختصر ابن الحاجب».

    وقرأ «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» على شيخه الحافظ أبي الحجاج المزِّي.

    ودَرَس أصول الفقه على أبي البقاء الأصفهاني.

    ودَرَس النحو على عبد الله الزبيدي النحوي.

    وتولَّى التدريس في دار الحديث الأشرفية، وتربة أم الصالح، الصالحية (2).

    مشايخه

    من أبرز مشايخه الذين تلقَّى عنهم العلم:

    1 - ابن غيلان -شيخه في القرآن-:

    قال عنه ابن كثير: الشيخ الصالح العابد، شرف الدين أبي الحسن بن حسين بن غيلان البعلبكي الحنبلي، إمام مسجد السلالين بدار البطيخ العتيقة، سمع الحديث وأسمعه، وكان يقرئ القرآن طرفي النهار، وعليه ختمت القرآن في سنة أحد عشر وسبعمائة، وكان من الصالحين الكبار، والعُبَّاد الأخيار، توفي يوم السبت سادس صفر، وصلِّي عليه بالجامع، ودُفن بباب الصغير، وكانت جنازته حافلة (3).

    2 - ابن اللبَّاد -شيخه في القراءات-: (1) انظر: «أنباء الغمر» (1/ 45) و «طبقات الحفاظ» (ص 259) و «شذرات الذهب» (6/ 131) و «النجوم الزاهرة» (11/ 123) و «طبقات المفسرين» (1/ 111).

    (2) انظر: «البداية والنهاية» (14/ 107، 149، 150، 179).

    (3) «البداية والنهاية» (14/ 150).

    قال عنه ابن كثير: قرأت عليه شيئًا من القراءات، وكان متقلِّلاً من الدنيا، لا يقتني شيئًا، وليس له بيت ولا خزانة، إنما كان يأكل في السوق وينام في الجامع، توفي في مستهل صفر وقد جاوز السبعين، ودُفن في باب الفراديس رحمه الله (1).

    3 - ابن الشِّحنة:

    قال عنه ابن كثير: الشيخ الكبير المسنِد المعمَّر الرُّحْلة شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي طالب بن نعمة بن حسن بن علي بن بيان الديرمقرني، ثم الصالحي، الحجار، المعروف بابن الشِّحنة، سمع البخاري علي الزبيدي سنة ثلاثين وستمائة بقاسيون، وإنما ظهر سماعه سنة ست وسبعمائة، ففرح بذلك المحدثون، وأكثروا السماع عليه، فقرئ البخاري عليه نحوًا من ستين مرة وغيره، وسمعنا عليه بدار الحديث الأشرفية في أيام الشتويات نحوًا من خمسمائة جزء بالإجازات والسماع (2). (1) «البداية والنهاية» (14/ 114).

    (2) «البداية والنهاية» (14/ 150).

    4 - برهان الدين الفَزَاري:

    قال عنه ابن كثير: هو الشيخ الإمام العالم العلامة، شيخ المذهب وعَلَمه، ومفيد أهله، شيخ الإسلام، مفتي الفرق، بقيَّة السَّلَف، برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم، ابن الشيخ العلامة تاج الدين أبي محمد عبد الرحمن، ابن الشيخ الإمام المقرئ المفتي برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري المصري الشافعي، ولد في ربيع الأول سنة ستين وستمائة، وسمع الحديث، واشتغل على أبيه، وأعاد في حلقته، وبرع وساد أقرانه وسائر أهل زمانه من أهل مذهبه في دراية المذهب ونقله وتحريره، ثم كان في منصب أبيه في التدريس بالبادرائية، وأشغل الطلبة بالجامع الأموي فانتفع به المسلمون، وقد عُرضت عليه المناصب الكبار فأباها ...، وكان مقبلاً على شأنه، عارفًا بزمانه، مستغرقًا أوقاته في الاشتغال والعبادة ليلاً ونهارًا، كثير المطالعة، وإسماع الحديث، وقد سمعنا عليه «صحيح مسلم» وغيره ...، وله تعليق كثير على «التنبيه»، فيه من الفوائد ما ليس يوجد في غيره، وله تعليق على «مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه»، وله مصنَّفات في غير ذلك كبار، وبالجملة فلم أر شافعيًا من مشايخنا مثله، كان حسن الشكل، عليه البهاء والجلالة والوقار، حسن الأخلاق، فيه حدَّة، ثم يعود قريبًا، وكَرَمه زائد، وإحسانه إلى الطلبة كثير، وكان لا يقتني شيئًا ...، توفي بُكرة يوم الجمعة سابع جمادى الأولى بالمدرسة المذكورة، وصلِّي عليه عقب الجمعة بالجامع، وحُملت جنازته على الرءوس وأطراف الأنامل، وكانت حافلة، ودُفن عند أبيه وعمه وذويه بباب الصغير رحمه الله تعالى (1). (1) «البداية والنهاية» (14/ 146).

    5 - الإمام المزي: جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف القضاعي الدمشقي الشافعي، المتوفى سنة 742 هـ.

    6 - شيخ الإسلام ابن تيمية:

    قال ابن قاضي شهبة: لازم ابن تيمية، وعُرف بصحبته (1).

    وقال ابن حجر: وأَخَذ عن ابن تيمية، ففُتن بحبِّه، وامتُحن لسببه (2).

    7 - الإمام الذهبي: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز التركماني الدمشقي، المتوفى سنة 748 هـ.

    عقيدته

    كان -رحمه الله تعالى - سَلَفيَّ العقيدة، ولو لم يكن لدينا دليلٌ على صحة ذلك إلا تتلمذه لشيخ الإسلام ابن تيمية لكان كافيًا، ناهيك عن كُتُبه التي تشهد بصحة هذه النسبة.

    فمن ذلك: تقريره لعقيدة السَّلَف في باب الأسماء والصفات:

    * فقد ذَكَر في «تفسيره» عند قوله تعالى: {ثم استوى على العرش} (3) ما نصُّه: للناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدًّا، ليس هذا موضع بسطها، وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح، مالك، والأوزاعي، والثوري، والليث بن سعد، والشافعي، وأحمد، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم من أئمة المسلمين قديمًا وحديثًا، وهو إمرارها كما جاءت، من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يُشبهه شيء من خَلْقه، (1) «الدُّرر الكامنة» (1/ 400)

    (2) «تاريخ ابن قاضي شهبة» (3/ 416).

    (3) الأعراف: 54 و {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}، بل الأمر كما قال الأئمة، منهم: نعيم بن حماد الخزاعي قال: مَن شبَّه الله بخَلْقه كَفَر، ومَن جَحَد ما وصف الله به نفسه فقد كَفَر، وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه. فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله ونفي عن الله تعالى النقائص؛ فقد سلك سبيل الهدى.

    * وذَكَر عند قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار} (1) ما نصُّه: فيه أقوال للأئمة من السَّلَف: أحدهما: لا تدركه في الدنيا، وإن كانت تراه في الآخرة، كما تواترت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير ما طريق ثابت في الصحاح.

    ومن ذلك: ردُّه على الفلاسفة المنكرين للمعاد:

    * فقد ذَكَر في «تفسيره» عند قوله تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر} (2) ما نصُّه: يخبر تعالى عن قول الدُّهرية من الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب في إنكار المعاد، {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا} أي: ما ثَمَّ إلا هذه الدار، يموت قوم ويعيش آخرون، وما ثَمَّ معاد ولا قيامة، وهذا يقوله مشركو العرب المنكرون المعاد، وتقوله الفلاسفة الإلهيون منهم، ينكرون البداءة والرجعة، وتقوله الفلاسفة الدُّهرية الدورية المنكرون للصانع، المعتقدون أن في كل ستة وثلاثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه، وزعموا أن هذا قد تكرر مرات لا تتناهى، فكابروا المعقول، وكذَّبوا المنقول، ولهذا قالوا: (1) الأنعام: 103

    (2) الجاثية: 24 {وما يهلكنا إلا الدهر} قال الله تعالى: {وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون} أي: يتوهمون ويتخيَّلون.

    ومن ذلك: ردُّه على الرافضة:

    * فقد ذَكَر في «تفسيره» عند قوله تعالى: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} (1) ما نصُّه: أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، فيا ويل من أبغضهم أو سبَّهم، أو أبغض أو سبَّ بعضهم، ولاسيما سيد الصحابة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وخيرهم وأفضلهم، أعني: الصديق الأكبر، والخليفة الأعظم، أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة، ويبغضونهم، ويسبونهم، عياذًا بالله من ذلك، وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة، وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن، إذ يسبُّون مَن رضي الله عنهم، وأما أهل السُّنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه، ويسبُّون مَن سبَّه الله ورسوله، ويوالون من يوالي الله، ويعادون من يعادي الله، وهم متبعون لا مبتدعون، ويقتدون ولا يبتدعون، وهؤلاء هم حزب الله المفلحون، وعباده المؤمنون.

    * وذَكَر عند قوله تعالى: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا} (2) حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه في «الصحيحين» (3) قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يزال أمر الناس ماضيًا ما وليهم اثنا عشر رجلاً»، ثم تكلَّم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت عليَّ، فسألت أُبَي: ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: «كلهم من قريش». (1) التوبة: 100

    (2) المائدة: 12

    (3) «صحيح البخاري» (7222) و «صحيح مسلم» (1821).

    وهذا لفظ مسلم. ومعنى هذا الحديث: البشارة بوجود اثني عشر خليفة صالحًا، يقيم الحق، ويعدل فيهم، ولا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم، بل قد وُجد منهم أربعة على نسق، وهم الخلفاء الأربعة، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم، ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة، وبعض بني العباس، ولا تقوم الساعة حتى تكون ولايتهم لا محالة، والظاهر أن منهم المهدي المبشَّر به في الأحاديث الواردة بذكره أنه يواطئ اسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم، واسم أبيه اسم أبيه، فيملأ الأرض عدلاً وقِسطًا كما مُلئت جَورًا وظلمًا، وليس هذا بالمنتظر الذي يتوهم الرافضة وجوده، ثم ظهوره من سرداب سامرا، فإن ذلك ليس له حقيقة ولا وجود بالكلية، بل هو من هوس العقول السخيفة، وتوهُّم الخيالات الضعيفة، وليس المراد بهؤلاء الخلفاء الاثني عشر؛ الأئمة الذين يعتقد فيهم الاثنا عشرية من الروافض لجهلهم وقلة عقلهم.

    * وذَكَر عند قوله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} (1) ما نصُّه: ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم، قال: لأنهم يغيظونهم، ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية.

    ومن ذلك: ردُّه على الخوارج:

    * فقد ذَكَر في «تفسيره» عند قوله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} (2) ما نصُّه: فسمَّاهم مؤمنين مع الاقتتال، وبهذا (1) الفتح: 29

    (2) الحجرات: 9 استدل البخاري وغيره على أنه لا يخرج عن الإيمان بالمعصية وإن عظمت، لا كما يقوله الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة، ونحوهم

    * وذَكَر عند قوله تعالى: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله} (1) ما نصُّه: فإن أول بدعة وقعت في الإسلام فتنة الخوارج، وكان مبدأهم بسبب الدنيا، حين قَسَم النبي صلى الله علي وسلم غنائم حنين، فكأنهم رأوا في عقولهم الفاسدة أنه لم يعدل في القِسمة، ففاجأوه بهذه المقالة، فقال قائلهم، وهو ذو الخويصرة -بَقَر اللهُ خاصرتَه-: اعدل، فإنك لم تعدل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد خبتُ وخسرتُ إن لم أكن أعدل، أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني»، فلما قفا الرجل استأذن عمر بن الخطاب، وفي رواية: خالد بن الوليد في قَتْله، فقال: «دعه، فإنه يخرج من ضئضئ هذا -أي: من جنسه - قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وقراءته مع قراءتهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا لمن قَتَلهم» (2)، ثم كان ظهورهم أيام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقَتْلهم بالنهروان، ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة، ثم انبعث القدرية، ثم المعتزلة، ثم الجهمية، وغير ذلك من البدع التي أخبر عنها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

    ومن ذلك: ردُّه على عبَّاد القبور من الصوفية:

    * فقد ذَكَر في «البداية والنهاية (10/ 262 - 263) في ترجمة نفيسة بنت الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ما نصُّه: قد بالغ (1) آل عمران:

    (2) أخرجه البخاري (3610) ومسلم (1064).

    العامة في اعتقادهم فيها وفي غيرها كثيرًا جدًّا، ولا سيما عوام مصر، فإنهم يطلقون فيها عبارات بشيعة مجازفة تؤدي إلى الكفر والشرك، وألفاظًا كثيرة ينبغي أن يعرفوا أنه لا تجوز، وربما نسبها بعضهم إلى زين العابدين، وليست من سلالته، والذي ينبغي أن يُعتقد فيها ما يليق بمثلها من النساء الصالحات، وأصل عبادة الأصنام من المغالاة في القبور وأصحابها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتسوية القبور وطمسها، والمغالاة في البشر حرام، ومن زعم أنها تفك من الخشب، أو أنها تنفع أو تضر بغير مشيئة الله فهو مشرك.

    * وذَكَر أيضًا (14/ 124) في حوادث سنة ست وعشرين وسبعمائة مسألة شد الرِّحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ما نصُّه: ثم يوم الخميس دخل القاضي جمال الدين بن جملة وناصر الدين مشد الأوقاف، وسألاه [أي: ابن تيمية] عن مضمون قوله في مسألة الزيارة، فكتب ذلك في درج، وكتب تحته قاضي الشافعية بدمشق: قابلت الجواب عن هذا السؤال المكتوب على خط ابن تيمية، إلى أن قال: وإنما المحزّ جعله زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصية بالإجماع، مقطوعًا بها، فانظر الآن هذا التحريف على شيخ الإسلام، فإن جوابه على هذه المسألة ليس فيه منع زيارة قبور الأنبياء والصالحين، وإنما فيه ذِكر قولين في شدِّ الرَّحْل والسَّفَر إلى مجرد زيارة القبور، وزيارة القبور من غير شدِّ رَحْل إليها مسألة، وشدُّ الرَّحْل لمجرد الزيارة مسألة أخرى، والشيخ لم يمنع الزيارة الخالية عن شدِّ رَحْل، بل يستحبها ويندب إليها، وكُتُبه ومناسكه تشهد بذلك، ولم يتعرض إلى هذه الزيارة في هذه الوجه في الفتيا، ولا قال إنها معصية، ولا حكى الإجماع على المنع منها، ولا هو جاهل قول الرسول: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة»، والله سبحانه لا يخفى عليه شيء، ولا يخفى عليه خافية، {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}.

    تلاميذه

    من أشهر تلاميذه الذين تلقَّوا عنه العلم ما يلي:

    1 - علي بن علاء الدين علي بن محمد بن أبي العز الحنفي. المتوفى سنة 792 هـ, وقد صرَّح بتتلمذه على المؤلِّف في عدة مواضع من كتابه «شرح العقيدة الطحاوية»، فانظر: (ص 277، 480، 603).

    2 - أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، المتوفى سنة 794 هـ.

    3 - محمد بن علي بن الحسن بن حمزة بن أبي المحاسن الشافعي، المتوفى سنة 765 هـ.

    4 - العراقي: عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن الكردي، المتوفى سنة 806 هـ.

    5 - ابن الجزري: محمد بن محمد بن الجزري الدمشقي، المتوفى سنة 816 هـ.

    ثناء العلماء عليه

    أثنى عليه جماعة من الأعيان، فقال الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (4/ 1508): له عناية بالرجال والمتون والتفقه، وخرَّج، وناظر، وصنَّف، وفسَّر، وتقدَّم.

    وقال في «المعجم المختص» (ص 74): فقيه، متفنن، ومحدِّث متقن، ومفسِّر نقَّال، وله تصانيف مفيدة.

    وقال ابن حجر في «الدُّرر الكامنة» (1/ 374): كان كثير الاستحضار، حَسَن المفاكهة، سارت تصانيفه في البلاد في حياته، وانتفع بها الناس بعد

    وفاته

    ، ولم يكن على طريقة المحدِّثين في تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل ونحو ذلك من فنونهم، وإنما هو من محدِّثي الفقهاء.

    وقال ابن قاضي شهبة في «تاريخه» (3/ 416): شيخ المفسرين، عمدة المحدِّثين والمؤرخين، مفتي المسلمين ...، أقبل على حفظ المتون والأسانيد، والعلل والرجال والتاريخ، حتى برع في ذلك وهو شاب.

    وقال ابن حجي في «تاريخه»: وكان أحفظ من أدركنا لمتون الأحاديث، وأعرفهم بجرحها ورجالها، وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك، وكان يستحضر شيئًا كثيرًا من التفسير والتاريخ، قليل النسيان، وكان فقيها جيد الفهم، صحيح الذهن، يستحضر شيئًا كثيرًا، ويشارك في العربية مشاركة جيدة، وينظم الشعر، وما أعرف أني اجتمعت به على كثرة ترددي إليه إلا وأفدت منه.

    وقال السيوطي في «طبقات الحفاظ» (ص 533):

    وقال ابن العماد الحنبلي في «شذرات الذهب» (6/ 231):

    مؤلفاته

    للحافظ ابن كثير -رحمه الله - مؤلفات عديدة في شتى فنون العلم، فمن مؤلفاته المطبوعة:

    1 - «الآداب والأحكام المتعلقة بدخول الحمَّام».

    2 - «الاجتهاد في طلب الجهاد».

    3 - «اختصار علوم الحديث».

    4 - «إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه».

    5 - «البداية والنهاية».

    6 - «تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب».

    7 - «تفسير القرآن العظيم».

    8 - «جامع المسانيد والسُّنن».

    9 - «جزء في بيع أمهات الأولاد».

    10 - «طبقات الفقهاء الشافعيين»

    11 - «الفصول في سيرة الرسول».

    12 - «فضائل القرآن».

    12 - «مسند الفاروق» وهو كتابنا هذا.

    ومما ذُكر من مؤلفاته التي لم نقف عليها:

    1 - «الأحكام الكبير».

    2 - «التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل».

    3 - «جزء في بطلان وضع الجزية عن يهود خبير».

    4 - «جزء في زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أم سلمة رضي الله عنها».

    5 - «جزء في تحريم الجمع بين الأختين».

    6 - «جزء في طرق وألفاظ وعلل وما يتعلق بحديث كفَّارة المجلس».

    7 - «جزء في فضل يوم عرفة».

    8 - «جزء في المراد بالصلاة الوسطى».

    9 - «سيرة الصديق».

    10 - «سيرة عمر وأيامه».

    11 - «شرح صحيح البخاري».

    12 - «كتاب الصِّيام، وما يتعلَّق برمضان من أحكام».

    13 - «كتاب العقائد».

    14 - «مسند الصديق».

    وفاته

    بعد حياة حافلة بالتدريس والتأليف والعطاء والبذل توفي الإمام الحافظ ابن كثير في يوم الخميس السادس والعشرين من شعبان، سنة 774 هـ، ودُفن في مقبرة الصوفية بجوار شيخه الإمام ابن تيمية.

    وقد رثاه أحد طلابه بهذين البيتين (1):

    لِفَقْدك طلابُ العلوم تأسَّفوا ... وجادوا بدمع لا يبيدُ غزيرُ

    ولو مَزَجوا ماءَ المدامعِ بالدماء ... لكان قليلاً فيك يا ابنَ كثير (1) انظر: «الدُّرر الكامنة» (3/ 397).

    المبحث الثاني: إثبات صحة نسبة الكتاب إلى المؤلِّف

    لا أجدني في حاجة للتدليل على صحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه، فقد ذكره في عدَّة مواضع من كتبه ونوَّه بشأنه، فقال في «البداية والنهاية» (5/ 154) عند حديثه عن تقبيل عمر للحجر الأسود وسجوده عليه: وقد أوردنا ذلك كله بطرقه وألفاظه وعزوه وعلله في الكتاب الذي جمعناه في «مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه»، ولله الحمد والمنَّة.

    وقال في (5/ 288) عند كلامه على حديث: «لانُورَث، ما تركنا صدقة»: وقد تقصَّيت طرق هذا الحديث وألفاظه في «مسنَدَي الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما»، فإني -ولله الحمد - جمعت لكل واحد منهما مجلدًا ضخمًا مما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآه من الفقه النافع الصحيح، ورتبتُه على أبواب الفقه المصطلح عليها اليوم.

    وقال في (7/ 81) في معرض حديثه عن أم كلثوم بنت علي -رضي الله عنها-: وقد ذكرنا في «سيرة عمر»، و «مسنده» صفة تزويجه بها، وأنه أمهرها أربعين ألفًا.

    وقال في «تفسيره» (3/ 256) عند قوله تعالى: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون}: وقد ذكرنا في «مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب» من طرق متعددة عنه -رضي الله عنه - أنه لما تزوَّج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما - قال: أما والله ما بي إلا أني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل سَبَب ونَسَب فإنه منقطعٌ يومَ القيامةِ، إلا سَبَبي ونَسَبي».

    وقال في «جامع المسانيد والسُّنن» (6/ 362 - ط ابن دهيش) في ترجمة عمر بن الخطاب: تقدم مسنده مع الخلفاء الأربعة -رضي الله عنه-، وقد أوردنا له مسندًا آخر مرتَّبًا على أبواب الفقه بما روي عنه من الأحاديث والآثار، ولله الحمد والمنَّة.

    وقال أيضًا في (5/ 352) في ترجمة أبي بكر الصديق رضي الله عنه: وقد أوردت «مسنده» على حِدَة في مجلد سيأتي على أبواب الأحكام، وكذلك «مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه».

    وقال في «اختصار علوم الحديث» (1/ 182 - النوع الثالث عشر) عند الكلام على حديث عمر رضي الله عنه: «إنما الأعمال بالنيات»: وقد ذكر له ابن منده متابعات غرائب، ولاتصح، كما بسطناه في «مسند عمر»، وفي «الأحكام الكبير».

    المبحث الثالث: منهج المؤلِّف في كتابه

    1 - لم يضع الحافظ ابن كثير لكتابه مقدِّمة يبيِّن فيها منهجه، والسبب في ذلك واضح؛ لأن «مسند الفاروق» حلقة من حلقات كتابه «جامع المسانيد والسُّنن»، ولَبِنَة من لَبِنَاته، كما هو واضح من كلامه على هذا الكتاب عند ترجمته لعمر رضي الله عنه، كما سبق نقله قريبًا.

    2 - اتَّبع المؤلِّف في ترتيبه لأبواب الكتاب طريقة أصحاب الجوامع مع تقديم وتأخير في بعض الأبواب.

    3 - جمع المؤلِّف في كتابه هذا بين الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة، ولم يقتصر على واحد منهما.

    4 - اعتمد المؤلِّف في كتابه هذا على جمع مرويات عمر رضي الله عنه من نفس المصادر التي بنى عليها كتابه «جامع المسانيد والسُّنن»، وهي:

    1 - «مسند الإمام أحمد».

    2 - «صحيح البخاري».

    3 - «صحيح مسلم».

    4 - «سنن أبي داود».

    5 - «سنن الترمذي».

    6 - «سنن النسائي».

    7 - «سنن ابن ماجه».

    8 - «مسند أبي يعلى الموصلي».

    9 - «المعجم الكبير» للطبراني.

    10 - «مسند البزار».

    إلا أنه توسع في هذا الكتاب، وزاد مصادر أخرى، سيأتي ذكرها عند الكلام على موارد المؤلِّف في كتابه.

    وكان منهجه في ذلك: أنه يبدأ بذكر الحديث أو الأثر من «مسند الإمام أحمد»، ثم يعزوه إلى باقي أصحاب المصنَّفات الأخرى، لا سيما الكتب الستة، ثم بعد ذلك يقوم بجمع مروياته من باقي المصادر الأخرى.

    5 - برزت شخصية الحافظ ابن كثير في هذا الكتاب بوضوح وجلاء، فهو لا يسوق الروايات ساكتًا عنها، بل تراه يتكلَّم على الأسانيد والمتون كلام العالم الخبير، فيصحِّح ويضعِّف، ويعدِّل ويجرِّح، ويناقش الأقوال، وينقل من كلام الأئمة والعلماء ما يؤيد رأيه ويقوِّيه، إضافة إلى آرائه القيمة التي يبديها في ثنايا الكلام، ولا يخفى على كل باحث ودارس أهمية هذه الآراء، لما لهذا الإمام من مكانة سَنية.

    6 - لم يكتف المؤلِّف بسرد الروايات، بل كان يعلِّق على هذه الروايات بذكر مذاهب أهل العلم، وبيان الراجح منها.

    7 - دقته وتحرِّيه في سياق الأسانيد والمتون، فإذا أَشكل عليه لفظ كتب فوقه (كذا) إشارة منه إلى وجود خلل في الرواية.

    8 - تنبيهه على مواضع الانقطاع في الروايات بوضع علامة التضبيب.

    9 - اهتمامه بنقل كلام أئمة العلل على الروايات تصحيحًا وتعليلاً.

    المبحث الرابع: مزايا الكتاب

    1 - مما تميز به هذا الكتاب نقله لنصوص كثيرة من كتب صارت في زماننا في عداد المفقود، وهذا مما يعطي الكتاب أهمية كبرى.

    فمن ذلك:

    - «تفسير عَبد بن حميد».

    - «تفسير أبي بكر بن مردويه».

    - «تفسير ابن أبي شيبة».

    - «السُّنة» للطبراني.

    - «الفرائض» للإمام أحمد.

    - «الفرائض» لأبي بكر بن داود الظاهري.

    - «فضائل الشيخين» لأسد بن موسى.

    - «مستخرج البَرقاني».

    - «مسند أحمد بن مَنيع».

    - «مسند عمر» لأبي بكر الإسماعيلي.

    - «مسند مسدَّد بن مُسَرهد».

    - «المسند المعلَّل» لابن المديني.

    - «المسند الكبير» لأبي يعلى.

    - «مسند ابن أبي عمر العَدَني».

    - «معجم الصحابة» للدَّغولي.

    2 - ومن مزاياه: أنه يُعدُّ مصدرًا أصليًا من مصادر التخريج، لاشتماله على أسانيدَ لكتبٍ صارت في زماننا في

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1