Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التفسير الوسيط للواحدي
التفسير الوسيط للواحدي
التفسير الوسيط للواحدي
Ebook948 pages6 hours

التفسير الوسيط للواحدي

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

فإنَّ القرآنَ الكريمَ كلامُ الله -تعالى- ومعجزتُه العظيمة التي أعجزَ بها كلَّ لبيبٍ فصيح بليغ، ولقد تسابقَ العلماء على مدار تاريخ الأمّة في نيل شرَف تفسير كتاب الله -تعالى- وبيان معانيه، ووضَعُوا علومًا كثيرة تتعلق بكتاب الله -تعالى-.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateApr 12, 1901
ISBN9786499557218
التفسير الوسيط للواحدي

Read more from الواحدي

Related to التفسير الوسيط للواحدي

Related ebooks

Related categories

Reviews for التفسير الوسيط للواحدي

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التفسير الوسيط للواحدي - الواحدي

    الغلاف

    التفسير الوسيط للواحدي

    الجزء 1

    الواحدي

    468

    فإنَّ القرآنَ الكريمَ كلامُ الله -تعالى- ومعجزتُه العظيمة التي أعجزَ بها كلَّ لبيبٍ فصيح بليغ، ولقد تسابقَ العلماء على مدار تاريخ الأمّة في نيل شرَف تفسير كتاب الله -تعالى- وبيان معانيه، ووضَعُوا علومًا كثيرة تتعلق بكتاب الله -تعالى-.

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    وَبِهِ نَسْتَعِينُ

    الْحَمْدُ للَّهِ الْقَادِرِ الْعَلِيمِ، الْفَاطِرِ الْحَكِيمِ، الْجَوَادِ الْكَرِيمِ، الرَّبِّ الرَّحِيمِ مُنَزِّلِ الذِّكْرِ الْحَكِيمِ، وَالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، عَلَى الْمَبْعُوثِ بِالدِّينِ الْقَوِيمِ، وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، خَاتَمِ الرِّسَالَةِ، وَالْهَادِي عَنِ الضَّلالَةِ، الْمُرْسَلِ بِأَشْرَفِ الْكُتُبِ إِلَى الْعَجَمِ وَالْعَرَبِ، مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْعَرَبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ الْهُدَاةِ الْمُهْتَدِينَ، وَأَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ الْمُنْتَخَبِينَ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.

    وَبَعْدَ هَذَا: فَالْعِلْمُ أَشْرَفُ مَنْقَبَةٍ، وَأَجَلُّ مَرْتَبَةٍ، وَأَبْهَى مَفْخَرٍ وَأَرْبَحُ مَتْجَرٍ، بِهِ يُتَوَصَّلُ إِلَى تَوْحِيدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَتَصْدِيقِ أَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ.

    وَالْعُلَمَاءُ خَوَاصُّ عِبَادِ اللَّهِ الَّذِينَ اجْتَبَاهُمْ، وَإِلَى مَعَالِمِ دِينِهِ هَدَاهُمْ، وَبِمِزْيَةِ الْفَضْلِ آثَرَهُمْ وَاصْطَفَاهُمْ، هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَخُلَفَاؤُهُمْ، وَسَادَةُ الْمُسْلِمِينَ وَعُرَفَاؤُهُمْ، وَالدُّعَاةُ إِلَى الْمَحَجَّةِ الْمُثْلَى، وَالتَّمَسُّكِ بِالشَّرِيعَةِ وَالتَّقْوَى.

    1 - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزمجَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَكَّائِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ السَّعْدِيُّ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، يُحِبُّهُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمُ الْحِيتَانُ فِي الْبَحْرِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»

    2 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى الطَّلْحِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَلَطِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُنَبِّهِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَبْعَثُ اللَّهُ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يُمَيِّزُ الْعُلَمَاءَ فَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ إِنِّي لَمْ أَضَعْ عِلْمِي فِيكُمْ إِلا لِعِلْمِي بِكُمْ وَلَمْ أَضَعْهُ فِيكُمْ لأُعَذِّبَكُمْ، انْطَلِقُوا إِلَى الْجَنَّةِ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ

    وَإِنَّ أُمَّ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، وَمَجْمَعَ الأَحْكَامِ الدِّينِيَّةِ، كِتَابُ اللَّهِ الْمُودِعُ نُصُوصَ الأَحْكَامِ وَبَيَانَ الْحَلالِ وَالْحَرَامِ، وَالْمَوَاعِظَ النَّافِعَةَ، وَالْعِبَرَ الشَّافِيَةَ، وَالْحُجَجَ الْبَالِغَةَ، وَالْعِلْمُ بِهِ أَشْرَفُ الْعُلُومِ وَأَعَزُّهَا، وَأَجَلُّهَا وَأَمَزُّهَا، لأَنَّ شَرَفَ الْعُلُومِ بِشَرَفِ الْمَعْلُومِ.

    وَلَمَّا كَانَ كَلامُ اللَّهِ تَعَالَى أَشْرَفَ الْمَعْلُومَاتِ، كَانَ الْعِلْمُ بِتَفْسِيرِهِ وَأَسْبَابِ تَنْزِيلِهِ وَمَعَانِيهِ وَتَأْوِيلِهِ، أَشْرَفَ الْعُلُومِ.

    وَمِنْ شَرَفِ هَذَا الْعِلْمِ وَعِزَّتِهِ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ لا يَجُوزُ الْقَوْلُ فِيهِ بِالْعَقْلِ وَالتَّدَبُّرِ، وَالرَّأْيِ وَالتَّفَكُّرِ، دُونَ السَّمَاعِ وَالأَخْذِ عَمَّنْ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ بِالرِّوَايَةِ وَالنَّقْلِ.

    وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ قَدْ شَدَّدُوا فِي هَذَا حَتَّى جَعَلُوا الْمُصِيبَ فِيهِ بِرَأْيِهِ مُخْطِئًا.

    3 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَكَرِيَّا الْجَوْزَقِيُّ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبِشْرِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا سُهَيْلٌ أَخُو حَزْمٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ، فَقَدْ أَخْطَأَ»

    4 - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدُونِ بْنِ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ صَدَقَةَ الرَّقِّيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»

    وَكُلُّ عِلْمٍ سِوَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا يُسْتَنَدُ إِلَيْهِمَا فَهُوَ بَاطِلٌ، وَمَنْ تَحَلَّى مِنَ الْعُلَمَاءِ بِغَيْرِهِمَا فَهُوَ عَاطِلٌ عَنِ الآيَاتِ الْوَاضِحَةِ الْبَاهِرَةِ وَالسُّنَنِ الْمَأْثُورَةِ الزَّاهِرَةِ، عَلَى هَذَا دَرَجَ الأَوَّلُونَ، وَالسَّلَفُ الصَّالِحُونَ.

    5 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ النَّصْرَابَاذِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنِّي قَدْ خَلَّفْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا مَا أَخَذْتُمْ بِهِمَا، وَعَمِلْتُمْ بِمَا فِيهِمَا، كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ»

    وَقَدْ سَبَقَ لِي قَبْلَ هَذَا الْكِتَابِ، بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَحُسْنِ تَيْسِيرِهِ، مَجْمُوعَاتٌ ثَلاثٌ فِي هَذَا الْعِلْمِ: مَعَانِي التَّفْسِيرِ، وَمُسْنَدِ التَّفْسِيرِ، وَمُخْتَصَرِ التَّفْسِيرِ.

    وَقَدِيمًا كُنْتُ أُطَالِبُ بِإِمْلاءِ كِتَابٍ فِي تَفْسِيرٍ (وَسِيطٍ) يَنْحَطُّ عَنْ دَرَجَةِ (الْبَسِيطِ) الَّذِي تُجَرُّ فِيهِ أَذْيَالُ الأَقْوَالِ، وَيَرْتَفِعُ عَنْ مَرْتَبَةِ (الْوَجِيزِ) الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَى الإِقْلالِ.

    وَالأَيَّامُ تَدْفَعُ فِي صَدْرِ الْمَطْلُوبِ بِصُرُوفِهَا، عَلَى اخْتِلافِ صُنُوفِهَا، وَسَآخُذُ نَفْسِي عَلَى فُتُورِهَا، وَقَرِيحَتِي عَلَى قُصُورِهَا، لِمَا أَرَى مِنْ جَفَاءِ الزَّمَانِ، وَخُمُولِ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ، وَعُلُوِّ أَمْرِ الْجَاهِلِ عَلَى جَهْلِهِ، بِتَصْنِيفِ تَفْسِيرٍ أَعْفِيهِ مِنَ التَّطْوِيلِ وَالإِكْثَارِ، وَأُسَلِّمُهُ مِنْ خَلَلِ الْوَجَازَةِ وَالاخْتِصَارِ، وَآتِي بِهِ عَلَى النَّمَطِ الأَوْسَطِ وَالْقَصْدِ الأَقْوَمِ حَسَنَةً بَيْنَ السِّيَّئَتَيْنِ، وَمَنْزِلَةً بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ، لا إِقْلالَ وَلا إِمْلالَ.

    نِعْمَ الْمُعِينُ تَوْفِيقُ اللَّهِ تَعَالَى، لإِتْمَامِ مَا نَوَيْتُ، وَتَيْسِيرِهِ لإِحْكَامِ مَا لَهُ تَصَدَّيْتُ.

    الْقَوْلُ فِيمَا رُوِيَ مِنْ فَضَائِلِ

    سُورَةِ الْفَاتِحَةِ

    مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ

    6 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمِهْرِجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، أَخْبَرَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فَمَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَانِي فَلَمْ آتِهِ، حَتَّى فَرَغْتُ مِنْ صَلاتِي، فَقَالَ: «مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَأْتِيَنِي إِذْ دَعَوْتُكَ؟» قُلْتُ: كُنْتُ أُصَلِّي، قَالَ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24]، أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ؟ ، قَالَ: فَذَهَبَ يَخْرُجُ، فَذَكَّرْتُهُ، فَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» .

    رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ

    7 - أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلالٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعُ الْمَكِّيُّ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنِي الْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَّمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْن عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] قَالَ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3] قَالَ اللَّهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، أَوْ أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] قَالَ اللَّهُ: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] قَالَ اللَّهُ: هَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، وَإِذَا قَالَ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ {7}} [الفاتحة: 6-7] قَالَ اللَّهُ: هَذِهِ لَكَ .

    رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ سُفْيَانَ

    8 - أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَنْصُورِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الأَزْرَقُ، حَدَّثَنِي جَدِّي، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ سِمْعَانَ، عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنِّي قَسَّمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لَهُ وَنِصْفُهَا لِي، يَقُولُ عَبْدِي، إِذَا افْتَتَحَ صَلاتَهُ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]، فَيَذْكُرُنِي عَبْدِي، ثُمَّ يَقُولُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] فَأَقُولُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، ثُمَّ يَقُولُ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3]، فَأَقُولُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، ثُمَّ يَقُولُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]، فَأَقُولُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي: ثُمَّ يَقُولُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5]، فَهَذِهِ الآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَآخِرُ السُّورَةِ لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ وما أسنى هذه الفضيلة، إذ لم يرد فِي شيء من القرآن هذه المقاسمة التي رويت فِي الفاتحة بين الله تعالى وبين العبد.

    9 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا فِي سَفَرٍ فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَقِيلَ لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ؟ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ لَدِيغٌ، أَوْ مُصَابٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: نَعَمْ، فَأَتَاهُ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَبَرَأَ الرَّجُلُ فَأُعْطِيَ قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، وَقَالَ: حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا رَقَيْتُ إِلا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: مَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ ثُمَّ قَالَ: خُذُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ.

    رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ 10 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَخِيهِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: نَزَلْنَا مَنْزِلا، فَجَاءَتْنَا جَارِيَةٌ، فَقَالَتْ: أَنَّ نَفَرَنَا غَيْبٌ، وَأَنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ فَهَلْ فِي الْقَوْمِ مِنْ رَاقٍ؟ فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: نَعَمْ، وَما كُنَّا نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ وَلا نَرَاهُ يُحْسِنُهَا، فَذَهَبَ فَرَقَاهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِثَلاثِينَ شَاةً، وَأَحْسَبُهُ أَنَّهُ قَالَ: وَسَقَانَا لَبَنًا، قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ قُلْنَا لَهُ، مَا كُنَّا نَرَاكَ تُحْسِنُ رُقْيَةً، قَالَ: وَلا أُحْسِنُهَا، إِنَّمَا رَقَيْتُهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، قُلْتُ: لا تُحْدِثُوا فِيهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذْكُرُ ذَلِكَ لَهُ، فَأَتَيْتُهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «مَا كَانَ يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ اقْتَسِمُوهَا وَاضْرِبُوا بِسَهْمِي مَعُكْم» .

    رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، كِلاهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ

    فصل فِي بيان نزول الفاتحة

    11 - أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَدْلُ، أَخْبَرَنِي جَدِّي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَرَشِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعَلِيُّ بْنُ سَهْلِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا بَرَزَ، سَمِعَ مُنَادِيًا يُنَادِيهِ: يَا مُحَمَّدُ، فَإِذَا سَمِعَ الصَّوْتَ انْطَلَقَ هَارِبًا، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: إِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ فَاثْبُتْ حَتَّى تَسْمَعَ مَا يَقُولُ لَكَ، قَالَ: فَلَمَّا بَرَزَ سَمِعَ النِّدَاءَ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: «لَبَّيْكَ»، قَالَ: قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {2} الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {3} مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ {4} إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {5}} [الفاتحة: 2-5] حَتَّى فَرَغَ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ

    القول فِي آية التسمية

    12 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} [الحجر: 87]: هِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، قَالَ أَبِي: وَقَرَأَها عَلَيَّ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ قَالَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] الآيَةَ السَّابِعَةَ، قَالَ سَعِيدٌ: وَقَرَأَهَا عَلَيَّ ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا قَرَأْتُهَا عَلَيْكَ، ثُمَّ قَالَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] الآيَةَ السَّابِعَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَذَخَرَهَا لَكُمْ فَمَا أَخْرَجَهَا لأَحَدٍ قَبْلَكُمْ 13 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمْدَانَ الْعَدْلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْقَاضِي بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الأَشْجَعِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {1} الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {2}} [الفاتحة: 1-2] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ سَبْعُ آيَاتٍ، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] إِحْدَاهُنَّ.

    وَعَدَّهُنَّ عُمَرُ فِي يَدِهِ، وَعَدَّهُنَّ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي يَدِهِ، وَعَدَّهُنَّ أَبُو سَعِيدٍ فِي يَدِهِ عَدَدَ الأَعْرَابِ

    14 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمٍ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ نُوحِ بْنِ أَبِي بِلالٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] سَبْعُ آيَاتٍ، أُولاهُنَّ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَهِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَهِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ

    هذه الأخبار ناطقةٌ بأن التسمية آية من الفاتحة، وكذلك هي فِي غيرها من السور آية.

    15 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدَانَ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُعْرَفُ خَتْمُ السُّورَةِ حَتَّى يُنَزَّلَ عَلَيْهِ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]

    16 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدَانَ الْبَجَلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُعْرَفُ خَتْمُ السُّورَةِ حَتَّى يُنَزَّلَ عَلَيْهِ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]

    17 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْعَبْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، ذَكَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا لا نَعْلَمُ فَصْلَ مَا بَيْنَ السُّورَتَيْنِ حَتَّى تَنْزِلَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]

    وأما التفسير

    {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {1} الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {2} الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {3} مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ {4} إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {5} اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ {7}} [الفاتحة: 1-7] فإن المتعلق به «الباء» فِي قوله: بسم الله محذوف، ويستغنى عن إظهاره لدلالة الحال عليه، وهو معنى الابتداء، كأنه قال: بدأت بسم الله، أو أبدأ بسم الله.

    والحال تبين أنه مُبْتَدِئٌ فاستغنيت عن ذكره.

    وهي أداة تجر ما بعدها من الأسماء نحو «من» و «عن» و «فِي»، وحذفت الألف من بسم الله، لأنها وقعت فِي موضع معروف لا يجهل القارئ معناه، فاستُخِفَّ طرحُها، وأثبتت فِي قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74]، لأن هذا لا يكثر كثرة بسم الله، ألا ترى أنك تقول: بسم الله عند ابتداء كل شيء.

    ولا تحذف الألف إذا أضيف الاسم لغير الله، ولا مع غير «الباء» من الحروف، فتقول: لاسم الله حلاوة فِي القلوب، وليس اسم كاسم الله.

    فتثبت الألف مع اللام والكاف، هذا فِي سقوطها فِي الكتابة.

    وأما سقوطها فِي اللفظ: فلأنها للوصل، وقد استغني عنها بالباء.

    وعند البصريين أن «الاسم» مشتق من السمو، لأنه يعلو المسمى، فالاسم ما علا وظهر، فصار علما للدلالة على ما تحته من المعنى.

    وعند الكوفيين: «الاسم»: مشتق من الوسم والسمة وهي العلامة، ومن هذا قال أبو العباس ثعلب: الاسم سمة توضع على الشيء يعرف به.

    والصحيح ما قال أهل البصرة، لأنه لو كان مشتقا من الوسم لقيل فِي تصغيره: وُسَيْمٌ.

    كما قالوا: وُعَيدة، ووُصَيلة.

    فِي تصغير عدة وصلة، فلما قالوا: «سُميّ» .

    ظهر أنه من السمو لا من السمة.

    وأما الله فإن كثيرا من العلماء ذهبوا إلى أن هذا الاسم ليس بمشتق، وأنه اسم تفرد به الباري سبحانه، يجري فِي وصفه مجرى أسماء الأعلام، لا يشركه فِيهِ أحد، قال الله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65]، أي: هل تعلم أحدا يُسَمَّى اللهَ غيره؟ وهذا القول يحكى عن الخليل بن أحمد، وابن كيسان، وهو اختيار أبي بكر القفال الشاشي.

    والأكثرون ذهبوا إلى أنه مشتق من قولهم: «أَلَهَ إلاهةً» .

    أي: عبد عبادة، وكان ابن عباس يقرأ ويذرك وإلاهتك، قال: معناه: عبادتك.

    ويقال: تأله الرجل.

    إذا نسك، قال رؤبة:

    سبحن واسترجعن من تألهي

    ومعناه: المستحق للعبادة، وذو العبادة: الذي إليه تُوجَّهُ العبادةُ وبها يُقْصَدُ، وقال أبو الهيثم الرازي: الله أصله «إلاه»، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} [المؤمنون: 91]، ولا يكون إلها حتى يكون لعابده خالقا ورازقا ومدبرا وعليه مقتدرا، فمن لم يكن كذلك فليس بإله، وإن عُبد عُبد ظلما، بل هو مخلوق ومتعبد.

    قال: وأصل إله: «ولاه»، فقلبت الواو همزة كما قالوا للوشاح: إشاح.

    وللوجاج: أجاج.

    ومعنى «ولاه»: أن الخلق يولهون إليه فِي حوائجهم، ويضرعون إليه فيما ينوبهم، ويفزعون إليه فِي كل ما يصيبهم، كما يوله كل طفل إلى أمه.

    قوله: الرحمن الرحيم قال الليث: هما اسمان اشتقاقهما من الرحمة.

    وقال أبو عبيدة: هما صفتان لله معناهما: ذو الرحمة.

    ورحمة الله: إرادته الخير والنعمة والإحسان إلى من يرحمه.

    والرحمن عند قوم أشد مبالغة من الرحيم، كالعلام من العليم، ولهذا قيل: «رحمن الدنيا ورحيم الآخرة» .

    لأن رحمته فِي الدنيا عمت المؤمن والكافر، والبر والفاجر، ورحمته فِي الآخرة اختصت بالمؤمنين.

    وقال آخرون: إنهما بمعنى واحد، كندمان ونديم، ولهفان ولهيف، وجمع بينهما للتأكيد، كقولهم: فلان جاد مجد.

    قوله: الحمد لله قال ابن عباس: يعني الشكر لله، وهو أنه صنع إلى خلقه فحمدوه، يعني أنه أحسن إليهم فشكروه وأثنوا عليه.

    والحمد قد يكون شكرا للصنيعة وقد يكون ابتداء للثناء على الرجل، يقال: حمدته على معروفه.

    كما يقال: شكرته.

    ويقال: حمدته على علمه وعلى شجاعته.

    إذا أثنيت عليه بذلك، ولا يقال فِي هذا المعنى: شكرته.

    فحمد الله: الثناء عليه والشكر لنعمه.

    قال ابن الأنباري: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2] يحتمل أن يكون هذا إخبارا أخبر الله تعالى به، والفائدة فِيهِ: أنه بين أن حقيقة الحمد له، وتحصيل كل الحمد له لا لغيره، ويحتمل أن يكون هذا ثناء أثنى به على نفسه، علم عباده فِي أول كتابه ثناء عليه وشكرا له، يكتسون بقوله وتلاوته أعظم الثواب، ويكون المعنى: قولوا: الحمد لله.

    فيضمر «القول» ههنا، كما يضمر فِي قوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا} [الزمر: 3]، معناه: يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله.

    وقوله: لله هذه «اللام» تسمى لام الإضافة، ولها معنيان، أحدهما: الملك، نحو المال لزيد، والآخر: الاستحقاق، نحو الحبل للدابة، أي: استحقته، وكذلك الباب للدار.

    وقوله: رب العالمين الرب فِي اللغة له معنيان، أحدهما: أن يكون من الرب بمعنى التربية، يقال: رب فلان الضيعة يربها ربا.

    إذا أتمها وأصلحها، فهو رب، مثل بر وطب، قال الشاعر:

    يرب الذي يأتي من الخير إنه ... إذا فعل المعروف زاد وتمما

    والمعنى على هذا: أنه يربى الخلق ويغذيهم بما ينعم عليهم.

    والثاني: أن يكون الرب بمعنى المالك، يقال: رب الشيء.

    إذا ملكه، وكل من ملك شيئا فهو ربه، يقال: هو رب الدار ورب الضيعة.

    والله تعالى رب كل شيء، أي: مالكه.

    وقوله: العالمين هو جمع عالم، على وزن فاعل، نحو خاتم وطابع ووافق وقالب، وهو اسم عام لجميع المخلوقات، يقال: العالم محدث.

    وهذا قول الحسن، ومجاهد وقتادة فِي تفسير «العالم» أنه جميع المخلوقات.

    قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] المالك: الفاعل من الملك، يقال: ملك الشيء يملكه ملكا وملكا ومملكة.

    ويقرأ هذا الحرف بوجهين: مالك وملك، فمن قرأ ملك قال: الملك أشمل وأتم، لأنه يكون مالك ولا ملك له، ولا يكون ملك إلا وله ملك، فكل ملك مالك، وليس كل مالك ملكا.

    ويقوي هذه القراءة قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [طه: 114] وقوله: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} [الحشر: 23] وقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر: 16]، ولم يقل: المالك.

    ومن قرأ مالك فلأنه أجمع وأوسع، لأنه يقال: مالك الطير والدواب والوحوش وكل شيء، ولا يقال: ملك كل شيء.

    إنما يقال: ملك الناس.

    ولا يكون مالك الشيء إلا وهو يملكه، وقد يكون ملك الشيء وهو لا يملكه كقولهم: ملك العرب والعجم.

    والدين: الجزاء، ويوم الدين: يوم يدين الله العباد بأعمالهم.

    تقول العرب: دنته بما فعل.

    أي: جازيته، ومنه قوله تعالى: {أَئِنَّا لَمَدِينُونَ} [الصافات: 53] أي: مجزيون، وتقول العرب: كما تدين تدان، أي: كما تجازي تجازى، ومعنى قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]: أنه ينفرد فِي ذلك اليوم بالحكم، بخلاف الدنيا فإنه يحكم فِيها الولاة والقضاة، ولا يملك أحد الحكم فِي ذلك اليوم إلا الله.

    وتقدير الآية: مالك يوم الدين الأحكام، وحذف المفعول من الكلام للدلالة عليه، ومن قرأ ملك يوم الدين فمعناه: أنه يتفرد بالملك فِي ذلك اليوم، لزوال ملك الملوك، وانقطاع أمرهم ونهيهم، وهذا كقوله: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ} [الفرقان: 26].

    قوله: إياك نعبد «إيا» ضمير المنصوب المنفصل، ويدخل عليه المكاني من الياء، والنون، والكاف، والهاء نحو: إياي، وإيانا، وإياك، وإياه، ويستعمل مقدما على الفعل نحو: إياك أعني، إياك نعبد، ولا يستعمل مؤخرا، لا يقال: قصدت إياك.

    فإذا فصلت بينه وبين الفعل «بإلا» جاز التأخير، نحو: ما عنيت إلا إياك.

    ونعبد من العبادة، وهي الطاعة مع الخضوع، ولا يستحقها إلا الله عز وجل، وسمي العبد عبدا لذلته وانقياده لمولاه، «وطريق معبد»: إذا كان مذللا بالأقدام.

    وإياك نستعين: أصله: نستعون من المعونة، سكن ما قبل الواو فاستثقلت فنقلت إلى العين، فصار نستعين، ومعناه: نطلب منك المعونة على عبادتك وعلى أمورنا كلها.

    قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] معنى الهداية فِي اللغة: الدلالة، يقال: هداه فِي الدين يهديه هدى.

    وهداه يهديه هداية.

    إذا دله على الطريق.

    والصراط أصله بالسين، لأنه من الاستراط، بمعنى الابتلاع، فالسراط يسترط السابلة.

    فمن قرأ بالسين فعلى أصل الكلمة، ومن قرأ بالصاد فلأنها أخف على اللسان، لأن الصاد حرف مطبق كالطاء، فيتقاربان ويحسنان فِي السمع.

    ومن قرأ بالزاي أبدلَ من السين حرفا مجهورا حتى يشبه الطاء فِي الجهر، ويحتج بقول العرب: «زقر» فِي «صقر» .

    ومن قرأ بإشمام الزاي فإنه لم يجعلها زايا خالصةً ولا صادا خالصة لئلا يلتبس أصل الكلمة بأحدهما، وكلها لغات.

    ومعنى سؤال المسلمين الهدى وهم مهتدون: التثبيت على الهدى وهذا كما نقول للقائم: قم حتى أعود إليك.

    أي: اثبت على قيامك.

    والصراط المستقيم: كتاب الله عز وجل وهو القرآن.

    روي ذلك عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعبد الله بن مسعود، وأبي العالية.

    وروى السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، قال: هو الإسلام.

    وكذلك روي عن جابر قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] أي: بالثبات على الإيمان والاستقامة والهداية إلى الصراط، وهم: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو بكر، وعمر رضي الله عنهما.

    وهذا قول أبي العالية.

    وقال السدي وقتادة: يعني طريق الأنبياء.

    وقال ابن عباس: هم قوم موسى وعيسى قبل أن يغيروا دين الله تعالى.

    قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7]: غير: منخفض على ضربين: على البدل من الذين، وعلى صفة الذين، لأن {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 7] هم الذين أنعم عليهم، لأن من أنعم عليه بالإيمان فهو غير مغضوب عليه، ومعنى الغضب من الله: إرادة العقوبة.

    قوله: ولا الضالين أصل الضلال فِي اللغة: الغيبوبة، يقال: ضل الماء فِي اللبن إذا غاب فِيهِ.

    وضل الكافر إذا غاب عن المحجة.

    ومن هذا قوله تعالى: {أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ} [السجدة: 10]، أي: غبنا فِيها بالموت وصرنا ترابا.

    والمغضوب عليهم: اليهود، والضالين: النصارى، والله تعالى حكم على اليهود بالغضب فِي قوله: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} [المائدة: 60]، وعلى النصارى بالضلال فِي قوله: {وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا} [المائدة: 77] .

    ومعنى الآية: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالإسلام، ولم تغضب عليهم كما غضبت على اليهود، ولم يضلوا عن الحق كما ضلت النصارى.

    ويستحب للقارئ أن يقول بعد فراغه من قراءة الفاتحة: آمين.

    مع سكتة على نون ولا الضالين، ليتميز ما هو قرآن مما ليس بقرآن.

    وفيه لغتان: آمين بالمد، وآمين بالقصر، ومعناهما: اللهم استجب، وهي موضوعة لطلب الإجابة.

    18 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي إِذَا بَرَزْتُ أَسْمَعُ مَنْ يُنَادِينِي وَلا أَرَى شَيْئًا»، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: إِذَا سَمِعْتَ النِّدَاءَ فَاثْبُتْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: قُلْ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] فَقَالَهَا، ثُمَّ قَرَأَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] إِلَى آخِرِهَا، ثُمَّ قَالَ: قُلْ: آمِينَ

    19 - أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْمَعْقِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا قَالَ الإِمَامُ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فَقُولُوا: آمِينَ، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَقُولُ: آمِينَ، فَمَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، فِي الصَّحِيحِ، عَنْ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ القول فِي فضائل

    سورة البقرة

    مدنية، وآياتها ست وثمانون ومائتان.

    20 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّوْسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الأبِيوَرْدِيُّ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ»

    21 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَخْلَدِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رَجَاءٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ لا يَدْخُلُهُ الشَّيْطَانُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ»

    22 - أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمِهْرِجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ الْجَرَشِيِّ، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ سُوَرِ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْبَقَرَةُ»، قِيلَ: أَيُّ الْبَقَرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «آيَةُ الْكُرْسِيِّ»

    التفسير {الم {1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ {2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ {3} وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ {4} أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {5}} [البقرة: 1-5] قوله عز وجل: الم: كثر اختلاف المفسرين فِي الحروف المقطعة فِي القرآن، فذهب قوم إلى أن الله تعالى لم يجعل لأحد سبيلا إلى إدراك معانيها، وأنها مما استأثر الله تعالى بعلمها، فنحن نؤمن بظاهرها، ونكل علمها إلى الله تعالى.

    قال داود بن أبي هند: كنت أسأل الشعبي عن فواتح السور، فقال: يا داود إن لكل كتاب سرا، وإن سر القرآن فواتح السور، فدعها وسل عما سوى ذلك.

    وفسرها الآخرون، فقال ابن عباس، فِي رواية سعيد بن جبير وأبي الضحى: الم أنا الله أعلم.

    وقال الضحاك: كل الم فِي القرآن: أنا الله أعلم.

    وهذا اختيار الزجاج، قال: المختار ما روي عن ابن عباس هو أن معنى الم: أنا الله أعلم، وأن كل حرف منها له تفسير.

    قال: والدليل على ذلك أن العرب قد تنطق بالحرف الواحد تدل به على الكلمة التي هو منها.

    وأنشد:

    قلت لها قفي لنا قالت قاف

    فنطق بقاف فقط يريد: قالت قف.

    ويروى عن الحسن، أنه قال: الم وسائر حروف التهجي فِي القرآن: أسماء للسور.

    وعلى هذا القول إذا قال القائل: قرأت المص.

    عرف السامع أنه قرأ ال {[التي افتتحت ب المص.

    قوله عز وجل: ذلك الكتاب: ذلك يجوز أن يكون بمعنى: هذا، عند كثير من أهل التفسير.

    قال الفراء: ومثاله فِي الكلام أنك تقول: قد قدم فلان.

    فيقول السامع: قد بلغنا ذلك.

    أو يقول: قد بلغنا الخبر.

    فصلحت: هذا، لأنه قرب من جوابه فصار كالحاضر الذي تشير إليه، وصلحت: ذلك لانقضاء كلامه، والمنقضي كالغائب.

    وذكر ابن الأنباري لهذا شرحا شافيا فقال: إنما قال عز ذكره: ذلك الكتاب، فأشار إلى غائب، لأنه أراد: هذه الكلمات يا محمد، ذلك الكتاب الذي وعدتك أن أوحيه إليك، لأن الله تعالى لما أنزل على نبيه عليه السلام:] إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا} [سورة المزمل: 5] كان واثقا بوعد الله إياه، فلما أنزل الله تعالى عليه: {الم {1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 1-2] دله على الوعد المتقدم.

    وقال الزجاج: القرآن: ذلك الكتاب الذي وعدوا به على لسان موسى، وعيسى.

    فجعل الم بمعنى القرآن، لأنه من القرآن.

    والكتاب مصدر كتبتُ، ويسمى المكتوب كتابا، كما يسمى المخلوق خلقا، والمفعول يسمى بالمصدر، يقال: هذا درهم ضرب الأمير.

    أي: مضروبه، وهذا الثوب نسج اليمن.

    أي: منسوجه.

    وأصل الكتب فِي اللغة: الجمع والضم، يقال: كتبت البغلة.

    إذا ضممتَ بين شفريها بحلقة، وكتبت السقاء.

    إذا خرزته، والكتب: الخروز، واحدتها: كتبة، والكتابة: جمع حرف إلى حرف.

    والمراد ب الكتاب ههنا: القرآن، فِي قول جميع المفسرين.

    قوله: لا ريب فِيهِ: الريب: الشك، قال أبو زيد: يقال: رابني من فلان أمر رأيته منه ريبا.

    إذا كنت مستيقنا منه الريبة، فإذا أسأت به الظن ولم تستيقن بالريبة منه قلت: قد أرابني من فلان أمر هو فِيهِ.

    إذا ظننته من غير أن تستيقنه.

    قال سيبويه: «لا» تعمل فيما بعدها فتنصبه، ونصبها لما بعدها كنصب «إنَّ»، إلا أنها تنصب بغير تنوين، وإنما شبه «لا» ب «إنَّ»، لأن «إن» للتحقيق فِي الإثبات و «لا» فِي النفي، فلما كان لا تقتضي تحقيق النفي كما تقتضي «إن» تحقيق الإثبات أجري مجراه، وهي مع ما بعدها بمنزلة شيء واحد.

    وموضع لا ريب رفع بالابتداء عند سيبويه، لأنه بمنزلة: «خمسة عشر» إذا ابتدأت به، ولهذا جاز العطف عليه بالرفع فِي قول الشاعر:

    لا أم لي أن كان ذاك ولا أب

    وموضع فِيهِ رفع لأنه خبر بالابتداء الذي هو لا ريب.

    فإن قيل: كيف قال لا ريب فِيهِ وقد ارتاب به المبطلون؟ قيل: معناه: أنه حق فِي نفسه، وصدق وإن ارتاب به المبطلون، كما قال الشاعر:

    ليس فِي الحق يا أمامة ريب ... إنما الريب ما يقول الكذوب

    فنفى الريب عن الحق، وإن كان المتقاصر فِي العلم يرتاب.

    ويجوز أن يكون خبرا فِي معنى النهي، ومعناه: لا ترتابوا، كقوله تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197]، والمعنى: لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا.

    قوله: هدى للمتقين معنى الهدى: البيان، لأنه قوبل به الضلالة فِي قوله عز وجل: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة: 198]، أي: من قبل هداه.

    ومعنى الاتقاء فِي اللغة: الحجز بين الشيئين، يقال: اتقاه بترسه.

    أي: جعل الترس حاجزا بينه وبينه، ومنه التقية فِي الدين: يجعل ما يظهر حاجزا بينه وبين ما يخشاه من المكروه، ومنه الحديث: «كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان أقربنا إلى العدو».

    فالمتقي: هو الذي يتحرز بطاعته عن العقوبة، ويجعل اجتنابه عما نهي عنه، وفعله ما أمر به حاجزا بينه وبين العقوبة التي توعد بها العصاة.

    والمراد ب المتقين فِي هذه الآية: المؤمنون الذين اتقوا الشرك، وجعلوا إيمانهم حاجزا بينهم وبين الشرك، كأنه قال: القرآن بيان وهدى لمن اتقى الشرك وهم المؤمنون.

    وخص المؤمنين بأن الكتاب بيان لهم دون الكفار، الذين لم يهتدوا بهذا الكتاب، لانتفاعهم به دونهم، كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} [النازعات: 45]، وكان عليه السلام منذرا لمن خشي ولمن لم يخش.

    قال ابن الأنباري: معناه: هدى للمتقين والكافرين، فاكتفى بأحد الفريقين عن الآخر كقوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81]، أراد الحر والبرد، فاكتفى بذكر أحدهما.

    وأما إعراب هدى فقال الزجاج: يجوز أن يكون موضعه نصبا على الحال كأنه قال: هاديا للمتقين، ويجوز أن يكون موضعه رفعا على إضمار هو، كأنه لما تم الكلام قيل: هو هدى.

    ويجوز أن يكون الوقف على قولك لا ريب، أي: ذلك الكتاب لا ريب ولا شك، كأنك قلت: ذلك الكتاب حقا.

    لأن لا شك بمعنى: حقا، ثم قيل بعد فِيهِ هدى.

    قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 3] قال الزجاج: موضع الذين خفض نعتا للمتقين.

    ومعنى يؤمنون: يصدقون، قال الأزهري: اتفق العلماء أن الإيمان معناه التصديق، كقوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: 17] أي: بمصدق.

    ومعنى التصديق: هو اعتقاد السامع صدق المخبر فيما يخبر، فمن صدَّق الله تعالى فيما أخبر به فِي كتابه وصدَّق الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما أخبر معتقدا بالقلب تصديقَهما فهو مؤمنٌ.

    وأنشد ابن الأنباري، على أن آمن معناه: صدق، قولَ الشاعر:

    ومن قبل آمنا وقد كان قومنا ... يصلون للأوثان قبل محمدا

    معناه: من قبل آمنا محمدا، أي: صدقنا محمدا.

    والغيب: ما غاب، وهو مصدر غاب يغيب غيبا، وكل ما غاب عنك فلم تشهده فهو غيب، قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام: 73] والعرب تسمي المكان المنخفض من الأرض: الغيب، لأنه غائب عن الأبصار.

    والمراد ب الغيب المذكور ههنا: ما غاب علمه عن الحس والضرورة مما يدرك بالدليل.

    قال قتادة: آمنوا بالجنة والنار، والبعث بعد الموت، وبيوم القيامة، كل هذا غيب.

    وقال أبو العالية: يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر وجنته وناره، ولقائه، وبالبعث بعد الموت.

    قال الزجاج: وكل ما غاب عنهم مما أخبرهم به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو غيب.

    23 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَارِثِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَيَّانَ، وَحَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَذَكَرْنَا أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا سَبَقُوا بِهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَيِّنًا لِمَنْ رَآهُ، وَالَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا آمَنَ أَحَدٌ قَطُّ إِيمَانًا أَفْضَلَ مِنْ إِيمَانٍ بِغَيْبٍ، ثُمَّ قَرَأَ {الم {1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ {2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة: 1-3] إِلَى قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157]

    وقوله: ويقيمون الصلاة أي: يديمونها، ويحافظون عليها، ويقال: قام الشيء.

    إذا دام وثبت.

    وأقامه.

    إذا أدامه، والصلاة معناها فِي اللغة: الدعاء، ومنه الحديث: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليطعم، وإن كان صائما فليصل» .

    قال أبو عبيدة: قوله: «فليصل» أي: فليدع له بالبركة والخير، وكل داع فهو مصل.

    هذا معنى الصلاة فِي اللغة، ثم ضمت إليها هيئات وأركان سميت مجموعها صلاة، قال قتادة فِي قوله: ويقيمون الصلاة: إقامتها: المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها.

    وقوله: ومما رزقناهم يقال: رزق الله الخلق رزقا ورزقا، فالرَّزق، بالفتح، هو المصدر الحقيقي، والرِّزق: الاسم، ويجوز أن يوضع موضع المصدر، وكل ما انتفع به العبد فهو رزقه من مال وولد وعبد وغيره.

    وقوله: ينفقون معنى الإنفاق فِي اللغة: إخراج المال من اليد، ومن هذا يقال: نفق المبيع.

    إذا كثر مشتروه فخرج عن يد البائع، ونفقت الدابة.

    إذا خرجت روحها، قال قتادة: ينفقون فِي طاعة الله وسبيله.

    قوله: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [البقرة: 4] الآيةَ، قال مجاهد: الآيات الأربع من أول هذه

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1