المحلى بالآثار
By ابن حزم
()
About this ebook
Read more from ابن حزم
طوق الحمامة لابن حزم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمراتب الإجماع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجوامع السيرة النبوية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالنبذة الكافية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالناسخ والمنسوخ لابن حزم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجوامع السيرة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجوامع السيرة ط المعارف Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجمهرة أنساب العرب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحجة الوداع لابن حزم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالفصل في الملل والأهواء والنحل Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمحلى Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related authors
Related to المحلى بالآثار
Related ebooks
المحلى بالآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالكامل في ضعفاء الرجال Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعوالي مالك رواية أبي أحمد الحاكم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحديث أبي بكر بن خلاد النصيبي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإغراب: الجزء الرابع من حديث شعبة بن الحجاج وسفيان بن سعيد الثوري مما أغرب بعضهم على بعض Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالخامس من الوخشيات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأحاديث العشرة العشارية الاختيارية لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأحاديث الشعر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمشيخة البياني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسنن ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأول من فوائد أبي الحسين بن غنائم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالجزء الأول من أمالي أبي إسحاق Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمستدرك على الصحيحين للحاكم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالثاني من الفوائد المنتقاة لابن السماك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأحاديث أبي الحسين الكلابي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمصباح في عيون الصحاح Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمجلسان لأبي بكر العنبري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحفظ العمر لابن الجوزي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح سنن ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمسند أحمد مخرجا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتخريج لصحيح الحديث Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأمثال الحديث للرامهرمزي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرابع والعشرون من المشيخة البغدادية لأبي طاهر السلفي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح معاني الآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأموال للقاسم بن سلام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالعقل وفضله لابن أبي الدنيا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجزء ابن الغطريف Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالسنن الكبرى للنسائي Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for المحلى بالآثار
0 ratings0 reviews
Book preview
المحلى بالآثار - ابن حزم
المحلى بالآثار
الجزء 17
ابن حزم
456
المحلى في شرح المجلى بالحجج والآثار لمؤلفه الأمام علي بن حزم الأندلسي ناشر المذهب الظاهري، ويعتبر كتاب المحلى من أهم كتب ابن حزم الأندلسي، وقد شهر به وأعتبر بذللك ناشر المذهب الظاهري، الذي يأخذ بظاهر النص ومدلوله اللفظي والمعنوية، ومجتهدا لا يعتبر القياس في المعاني البتّة، ويعتبر القياس اللفظي إنما هو دلالة اللفظ أو دلالة المعنى من اللفظ، وإنما الخلاف بين أهل أصول الفقه في الألفاظ، ولا يعتبر العلة ولا يحكم إلا بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة، والكتاب ثروة فقهية وموسوعة جامعة في الفقة المقارن حوت ما يعادل 2312 مسألة بدأها المؤلف بالعقائد وأنهاها بمسائل التعزير، واستعرض ابن حزم خلالها آراء الفقهاء والمجتهدين جميعا قبل أن ينقض عليهم مبدياً رأيه.
مَسْأَلَة إعْطَاء المحاربين الشَّيْءَ الَّذِي لَا يُجْحِفُ بِالْمَقْطُوعِ عَلَيْهِمْ
2257 - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ قَوْمٌ: يَجِبُ أَنْ يُعْطَى الْمُحَارِبُونَ الشَّيْءَ الَّذِي لَا يُجْحِفُ بِالْمَقْطُوعِ عَلَيْهِمْ، وَرَأَوْا ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ لِغَيْرِ الْمُحَارِبِينَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَاَلَّذِي نَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى نَتَأَيَّدُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَوْا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ شَيْئًا - قَلَّ أَمْ كَثُرَ - سَوَاءٌ مُحَارِبًا كَانَ أَوْ شَيْطَانًا. لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] وقَوْله تَعَالَى {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: 135] .
مَسْأَلَة فِيمَنْ سُئِلَ مَاله بِغَيْرِ حَقّ
2258 - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَا يَخْلُو أَخْذُ الْمَالِ بِالْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ الظُّلْمِ، وَالْغَلَبَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ، لَا ثَالِثَ لَهُمَا: إمَّا أَنْ يَكُونَ بِرًّا وَتَقْوَى - أَوْ يَكُونَ إثْمًا وَعُدْوَانًا. وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِرًّا وَلَا تَقْوًى، وَلَكِنَّهُ إثْمٌ وَعُدْوَانٌ بِلَا خِلَافٍ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ: حَرَامٌ لَا يَحِلُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ نا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ نا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ نا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ نا خَالِدٌ - يَعْنِي ابْنَ مَخْلَدٍ - نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: قَاتِلْهُ قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: فَأَنْتَ شَهِيدٌ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: هُوَ فِي النَّارِ». وَبِهِ - إلَى مُسْلِمٍ نا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَا جَمِيعًا: نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أرنا ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَا سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ أَنَّ ثَابِتًا - مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - أَخْبَرَهُ أَنَّهُ «لَمَّا كَانَ بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَبَيْنَ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ مَا كَانَ تَيَسَّرُوا لِلْقِتَالِ، رَكِبَ خَالِدُ بْنُ الْعَاصِ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، فَوَعَظَهُ خَالِدٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ - هُوَ سَعْدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ قَاتَلَ دُونَ مَالِهِ فَقُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قَاتَلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قَاتَلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». وَبِهِ - إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ قَالَ: نا سَلْمَانُ - هُوَ ابْنُ دَاوُد الْهَاشِمِيُّ - نا إبْرَاهِيمُ - هُوَ ابْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». وَبِهِ - إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ نا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ نا عَمْرٌو - هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ - عَنْ مُطَرِّفٍ - هُوَ ابْنُ أَبِي طَرِيفٍ - عَنْ سَوَادَةَ - هُوَ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ - عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ سُوَيْد بْنِ مُقْرِنٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلِمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ». نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيّ نا الْفَرَبْرِيُّ نا الْبُخَارِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى الْأَنْصَارِيُّ نا أَبِي نا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ «أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَاَلَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمِنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ مَنْ سُئِلَ مَالَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ، وَأَمَرَ أَنْ يُقَاتِلَ دُونَهُ فَيَقْتُلُ مُصِيبًا سَدِيدًا، أَوْ يُقْتَلُ بَرِيئًا شَهِيدًا، وَلَمْ يَخُصَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَالًا مِنْ مَالٍ. وَهَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعَبْدُ اللَّهُ بْنُ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَرَيَانِ السُّلْطَانَ فِي ذَلِكَ وَغَيْرَ السُّلْطَانِ سَوَاءً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مَسْأَلَة ذِكْرُ مَا قِيلَ فِي آيَةِ الْمُحَارَبَةِ
ذِكْرُ مَا قِيلَ فِي آيَةِ الْمُحَارَبَةِ 2259 - مَسْأَلَةٌ: قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ قَوْمٌ: آيَةُ الْمُحَارَبَةِ نَاسِخَةٌ لِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعُرَنِيِّينَ، وَنَهْيٌ لَهُ عَنْ فِعْلِهِ بِهِمْ - وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ الْوَلِيدِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمُوا فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْتُوا إبِلَ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَفَعَلُوا، فَقَتَلُوا رَاعِيَهَا وَاسْتَاقُوهَا، فَبَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي طَلَبِهِمْ قَافَةً، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ، وَتَرَكَهُمْ حَتَّى مَاتُوا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] »
الْآيَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَطَعَ الَّذِينَ سَرَقُوا لِقَاحَهُ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ بِالنَّارِ، عَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] الْآيَةَ» حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نا عَبْدُ الصَّمَدِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ - نا هِشَامٌ - هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ - عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: كُلُّ هَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي شَيْءٍ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَوْلِهِ إنَّهُ مَنْسُوخٌ إلَّا بِيَقِينٍ مَقْطُوعٍ عَلَى صِحَّتِهِ، وَأَمَّا بِالظَّنِّ، الَّذِي هُوَ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ فَلَا. فَنَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ، فَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخٍ أَصْلًا - لَا بِنَصٍّ وَلَا بِمَعْنًى - وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ أَيْدِي الْعُرَنِيِّينَ وَأَرْجُلَهُمْ، وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى آيَةَ الْمُحَارَبَةِ - وَهَذَا ظَاهِرٌ: أَنَّ نُزُولَ آيَةِ الْمُحَارَبَةِ ابْتِدَاءُ حُكْمٍ، كَسَائِرِ الْقُرْآنِ فِي نُزُولِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، أَوْ تَصْوِيبًا لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِهِمْ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ مُوَافِقَةٌ لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ، وَزَائِدَةٌ عَلَى ذَلِكَ تَخْيِيرًا فِي الْقَتْلِ، أَوْ الصَّلْبِ، أَوْ النَّفْيِ - وَكَانَ مَا زَادَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْقَطْعِ مِنْ السَّمْلِ، وَتَرْكِهِمْ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا قِصَاصًا بِمَا فَعَلُوا بِالرِّعَاءِ: كَمَا نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْأَعْرَجِ - مَرْزُوقِيٌّ ثِقَةٌ - نا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ - ثِقَةٌ مَأْمُونٌ - نا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: إنَّمَا سَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْيُنَ أُولَئِكَ الْعُرَنِيِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدْنَا أَنَّهُمْ قَتَلُوا الرِّعَاءَ، فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ أُولَئِكَ الْعُرَنِيِّينَ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ حُقُوقٌ: مِنْهَا الْمُحَارَبَةُ، وَمِنْهَا سَمْلُهُمْ أَعْيُنَ الرِّعَاءِ، وَقَتْلُهُمْ إيَّاهُمْ، وَمِنْهَا الرِّدَّةُ - فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ إقَامَةُ كُلِّ ذَلِكَ، إذْ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْحُدُودِ أَوْجَبَ بِالْإِقَامَةِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَائِرِهَا، وَمَنْ أَسْقَطَ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَحَكَمَ بِالْبَاطِلِ، وَقَالَ بِلَا بُرْهَانٍ، وَخَالَفَ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرَكَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقِصَاصِ فِي الْعُدْوَانِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ فِي الْمُحَارَبَةِ، فَقَطَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُحَارَبَةِ، وَسَمَلَهُمْ لِلْقِصَاصِ، وَتَرَكَهُمْ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتُوا، يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا؛ لِأَنَّهُمْ كَذَلِكَ قَتَلُوا هُمْ - الرِّعَاءَ - فَارْتَفَعَ الْإِشْكَالُ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي الزِّنَادِ فَمُرْسَلٌ، وَلَا حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ، وَلَفْظُهُ مُنْكَرٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ فِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَاتَبَهُ رَبُّهُ فِي آيَةِ الْمُحَارَبَةِ، وَمَا يُسْمَعُ فِيهَا عِتَابٌ أَصْلًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْعِتَابِ
إنَّمَا هُوَ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43]. وَمِثْلُ قَوْله تَعَالَى {عَبَسَ وَتَوَلَّى - أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى} [عبس: 1 - 2] الْآيَاتِ. وَمِثْلُ قَوْله تَعَالَى {لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68] وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُحَارَبَةِ، فَلَيْسَ فِيهَا أَثَرٌ لِلْمُعَاتَبَةِ. وَأَمَّا حَدِيثُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ فِي الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُثْلَةِ فَحَقٌّ، وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ - فِي وِرْدٍ وَلَا صَدْرٍ - وَإِنَّمَا يَحْتَجُّ بِمِثْلِ هَذَا مَنْ يَسْتَسْهِلُ الْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مَثَّلَ بِالْعُرَنِيِّينَ، وَحَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا، بَلْ هَذَا نَصْرٌ لِمَذْهَبِهِمْ فِي أَنَّ مَنْ قُتِلَ بِشَيْءٍ مَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقْتَلَ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ وَهُمْ يَرَوْنَ عَلَى مَنْ جَدَعَ أَنْفَ إنْسَانٍ وَفَقَأَ عَيْنَيْ آخَرَ، وَقَطَعَ شَفَتَيْ ثَالِثٍ، وَقَلَعَ أَضْرَاسَ رَابِعٍ، وَقَطَعَ أُذُنَيْ خَامِسٍ: أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ كُلُّهُ، وَيُتْرَكَ، فَهَلْ فِي الْمُثْلَةِ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا لَوْ عَقَلُوا عَنْ أُصُولِهِمْ الْفَاسِدَةِ؟ وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، أَوْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُثْلَةً، إنَّمَا الْمُثْلَةُ مَا كَانَ ابْتِدَاءً فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا كَالرَّجْمِ لِلْمُحْصَنِ، وَكَالْقَطْعِ أَوْ الصَّلْبِ لِلْمُحَارِبِ، فَلَيْسَ مُثْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ مَا ناه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ نا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ نا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ نا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ نا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ أرنا هُشَيْمٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، وَحُمَيْدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا؟ فَفَعَلُوا، فَصَحُّوا، ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرِّعَاءِ فَقَتَلُوهُمْ وَارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ، وَسَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا». حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ نا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ نا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاسٌ مِنْ عُرَيْنَةَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ خَرَجْتُمْ إلَى ذَوْدِنَا فَكُنْتُمْ فِيهَا، فَشَرِبْتُمْ مِنْ أَلْبَانِهَا، وَأَبْوَالِهَا؟ فَفَعَلُوا، فَلَمَّا صَحُّوا قَامُوا إلَى رَاعِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَتَلُوهُ وَرَجَعُوا كُفَّارًا، وَاسْتَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَهَذِهِ كُلُّهَا آثَارٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. الْمُحَارِبُ يُقْتَلُ
مَسْأَلَة هَلْ لولي الْمُحَارَب المقتول مِنْ حَقّ عِنْد الْإِمَام
2260 - مَسْأَلَةٌ: هَلْ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ فِي ذَلِكَ حُكْمٌ أَمْ لَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا الْحَسَنُ بْنُ سَعْدٍ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: إنَّ فِي كِتَابٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ حَارَبَ الدِّينَ، وَإِنْ قَتَلَ أَبَاهُ، أَوْ أَخَاهُ، فَلَيْسَ إلَى طَالِبِ الدَّمِ مِنْ أَمْرِ مَنْ حَارَبَ الدِّينَ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا شَيْءٌ
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ لِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى مِثْلَ هَذَا سَوَاءً سَوَاءً حَرْفًا حَرْفًا. وَبِهِ - إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: عُقُوبَةُ الْمُحَارِبِ إلَى السُّلْطَانِ، لَا تَجُوزُ عُقُوبَةُ وَلِيِّ الدَّمِ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَبِهَذَا نَقُولُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ رُوِّينَاهُمَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرْنَاهُمَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ
وَكِتَابِ الصِّيَامِ
وَبَابِ وُجُوبِ قَضَاءِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ
. وَقَضَاءِ الصِّيَامِ الْوَاجِبِ عَنْ الْمَيِّتِ
.
«اقْضُوا اللَّهَ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ، دَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى». وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ «كِتَابُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ» قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا اجْتَمَعَ حَقَّانِ: أَحَدُهُمَا لِلَّهِ، وَالثَّانِي لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ - كَانَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَحَقَّ بِالْقَضَاءِ وَدَيْنُهُ أَوْلَى بِالْأَدَاءِ، وَشَرْطُهُ الْمُقَدَّمُ فِي الْوَفَاءِ عَلَى حُقُوقِ النَّاسِ، فَإِنْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ، أَوْ صَلَبَهُ لِلْمُحَارَبَةِ، كَانَ لِلْوَلِيِّ أَخْذُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْمَقْتُولِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْقَوَدِ قَدْ سَقَطَ، فَبَقِيَ حَقُّهُ فِي الدِّيَةِ، أَوْ الْعَفْوِ عَنْهَا، عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الْقِصَاصِ
وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فَإِنْ اخْتَارَ الْإِمَامُ قَطْعَ يَدِ الْمُحَارِبِ، وَرِجْلِهِ، أَوْ نَفْيِهِ: أَنْفَذَ ذَلِكَ، وَكَانَ حِينَئِذٍ لِلْوَلِيِّ الْخِيَارُ فِي قَتْلِهِ، أَوْ الدِّيَةِ، أَوْ الْمُفَادَاةِ، أَوْ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ اسْتَوْفَى مَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ الْخِيَارَ فِيهِ - وَلَيْسَ هَاهُنَا شَيْءٌ يُسْقِطُ حَقَّ الْوَلِيِّ، إذْ مُمْكِنٌ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
وَلَقَدْ تَنَاقَضَ هَاهُنَا الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ، أَسْمَجَ تَنَاقُضٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْحَجِّ، وَالصِّيَامِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْكَفَّارَاتِ، وَالنُّذُورِ، بِأَنَّ حُقُوقَ النَّاسِ أَوْلَى مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى - وَأَنَّ دُيُونَ الْغُرَمَاءِ أَوْجَبُ فِي الْقَضَاءِ مِنْ دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ شُرُوطَ النَّاسِ مُقَدَّمَةٌ فِي الْوَفَاءِ عَلَى شُرُوطِ اللَّهِ تَعَالَى - وَقَدْ تَرَكُوا هَاهُنَا هَذِهِ الْأَقْوَالَ الْفَاسِدَةَ، وَقَدَّمُوا حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى حُقُوقِ النَّاسِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
مَسْأَلَة فِي مَانِع الزَّكَاة
2261 - مَسْأَلَةٌ: مَانِعُ الزَّكَاةِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ نا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الدِّينَوَرِيُّ نا أَبُو جَعْفَرٍ - مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ - نا الْحَارِثُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ ني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ خُشَافٍ السُّلَمِيَّةِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الرَّبِيعِ الطَّفَرِيِّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى رَجُلٍ مِنْ أَشْجَعَ تُؤْخَذُ صَدَقَتُهُ فَجَاءَهُ الرَّسُولُ فَرَدَّهُ، فَرَجَعَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اذْهَبْ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْطِ صَدَقَتَهُ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ» قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَقُلْت لِحَكِيمٍ: مَا أَرَى أَبَا بَكْرٍ قَاتَلَ أَهْلَ الرِّدَّةِ إلَّا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ: أَجَلْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ مَمْلُوءٌ آفَاتٍ مِنْ مَجْهُولِينَ، وَمُتَّهَمِينَ، وَحُكْمُ مَانِعِ الزَّكَاةِ إنَّمَا هُوَ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ، فَإِنْ