Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

المحلى
المحلى
المحلى
Ebook615 pages6 hours

المحلى

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

المحلى في شرح المجلى بالحجج والآثار لمؤلفه الأمام علي بن حزم الأندلسي ناشر المذهب الظاهري، ويعتبر كتاب المحلى من أهم كتب ابن حزم الأندلسي، وقد شهر به وأعتبر بذللك ناشر المذهب الظاهري، الذي يأخذ بظاهر النص ومدلوله اللفظي والمعنوية، ومجتهدا لا يعتبر القياس في المعاني البتّة، ويعتبر القياس اللفظي إنما هو دلالة اللفظ أو دلالة المعنى من اللفظ، وإنما الخلاف بين أهل أصول الفقه في الألفاظ، ولا يعتبر العلة ولا يحكم إلا بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة، والكتاب ثروة فقهية وموسوعة جامعة في الفقة المقارن حوت ما يعادل 2312 مسألة بدأها المؤلف بالعقائد وأنهاها بمسائل التعزير، واستعرض ابن حزم خلالها آراء الفقهاء والمجتهدين جميعا قبل أن ينقض عليهم مبدياً رأيه.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2023
ISBN9786344165841
المحلى

Read more from ابن حزم

Related to المحلى

Related ebooks

Related categories

Reviews for المحلى

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    المحلى - ابن حزم

    الغلاف

    المحلى

    الجزء 13

    ابن حزم

    القرن 5

    المحلى في شرح المجلى بالحجج والآثار لمؤلفه الأمام علي بن حزم الأندلسي ناشر المذهب الظاهري، ويعتبر كتاب المحلى من أهم كتب ابن حزم الأندلسي، وقد شهر به وأعتبر بذللك ناشر المذهب الظاهري، الذي يأخذ بظاهر النص ومدلوله اللفظي والمعنوية، ومجتهدا لا يعتبر القياس في المعاني البتّة، ويعتبر القياس اللفظي إنما هو دلالة اللفظ أو دلالة المعنى من اللفظ، وإنما الخلاف بين أهل أصول الفقه في الألفاظ، ولا يعتبر العلة ولا يحكم إلا بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة، والكتاب ثروة فقهية وموسوعة جامعة في الفقة المقارن حوت ما يعادل 2312 مسألة بدأها المؤلف بالعقائد وأنهاها بمسائل التعزير، واستعرض ابن حزم خلالها آراء الفقهاء والمجتهدين جميعا قبل أن ينقض عليهم مبدياً رأيه.

    وقالت طائفة هي فرض على المتقين

    والمحسنين - واحتجوا بظاهر كلام الله تعالى -: كما روينا من طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قال: شهدت شريحاً و أتوه في متاع فقال: لا تأب أن تكون من المتقين قال: إني محتاج قال: لا تأب أن تكون من المحسنين قال أيوب: قلت لسعيد بن جبير: لكل مطلقة متاع قال: نعم إن كان من المتقين إن كان من المحسنين قال أيوب: وسأل عكرمة رجل فقال: أني طلقت امرأتي فهل علي متعة قال: إن كنت من المتقين فنعم .

    قال أبو محمد :

    كل مسلم هو على أديم الأرض فهو بقوله لا إله إلا الله محمد رسول الله من جملة المتقين بقوله ذلك وإيمانه ومن جملة المحسنين - والله تعالى أن يخلده في النار إن لم يسلم .فكل مسلم في العالم فهو محسن متق من المحسنين المتقين .ولو لم يقع اسم محسن ومتق إلا على من يحسن ويتقي في كل أفعاله: لم يكن في الأرض محسن ولا متق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لا بد لكل من دونه من تقصير وإساءة لم يكن فيها من المحسنين ولا من المتقين .فكان على هذا يكون كلام الله تعالى: 'حقاً على المحسنين' 236: 2 'حقاً على المتقين'241: 2 فارغاً ولغواً وباطلاً وهذا لا يحل لأحد أن يعتقده .ولا فرق بين قوله تعالى من المحسنين ومن المتقين وبين قوله تعالى من المسلمين ومن المؤمنين والمعنى في كل ذلك واحداً ولا فرق .فإن ذكروا: ما رويناه من طريق وكيع عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب نسخت هذه الآية: 'وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة' 237: 2 التي بعدها 'وللمطلقات متاع بالمعروف' 241: 2 .قلنا: لا يصدق أحد على إبطال حكم آية منزلة إلا بخبر ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف وليس في الآية التي ذكر شيء يخالف التي زعم أنها نسختها فكلتاهما حق .وقالت طائفة: لا تجب المتعة إلا للتي طلقت قبل أن توطأ - إن لم يسم لها صداق - فهذه تجب لها المتعة فرضاَ .كما روينا من طريق إسماعيل بن إسحاق نا علي عبد الله بن المديني نا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس قال: إذا فوض إلى الرجل فطلق قبل أن يمس فليس لها إلا المتاع.

    قال أبو محمد :

    ليس في هذا دليل على أنه لم يكن يرى لغيرها المتعة إلا أن هذا القول قول سفيان الثوري والحسن بن حي والأوزاعي وأبي حنيفة وأصحابه .إلا أن الأوزاعي قال: لا متعة على عبد .إلا أن أبا حنيفة قال: من تزوج ولم يذكر مهراً ثم فرض لها مهراً برضاه وبرضاها - وقد فرض لها القاضي مهر المثل - ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإن ذلك المهر يبطل ولا يجب لها إلا المتعة.

    قال أبو محمد :

    وهذا فاسد جداً وقول بلا برهان: إسقاط فرض أمر به الله تعالى بعد التزامه أو إلزامه بغير حق الله .واحتج هؤلاء بقول الله تعالى: 'لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن' 236: 2 .قال علي: لو لم يكن إلا هذه الآية لكان قولهم هذا حقاً لكن قول الله تعالى: 'وللمطلقات متاع بالمعروف' 241: 2 جامع لكل مطلقة مفروض لها أو غير مفروض لها مدخول بها أو غير مدخول بها - ولم يقل عز وجل في أول الآية التي نزعوا بها: أنه لا متعة لغيرها فظهر بطلان قولهم - والحمد لله رب العالمين .وقالت طائفة: لكل مطلقة متعة إلا التي طلقت قبل أن تمس وقد فرض لها بحسبها نصف ما فرض لها -: بما روينا من طريق حماد بن سلمة أنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: لكل مطلقة متعة إلا التي لم يدخل بها .ومن طريق ابن وهب نا الليث ومالك قلا جميعاً: نا نافع أن ابن عمر كان يقول: لكل مطلقة متعة - التي تطلق واحدة أو أثنين أو ثلاثاً - إلا أن تكون امرأة طلقها زوجها قبل أن يمسها وقد فرض لها فريضة فحسبها فريضتها وإن لم يكن فرض لها فليس لها إلا المتعة - وهو قول شريح ومجاهد وصح عن إبراهيم .ورويناه عن القاسم بن محمد وعبد الله بن أبي سلمة.

    قال أبو محمد :

    ويبطل هذا القول أن الله تعالى إذ ذكر: أن لها نصف ما فرض لها لم يقل ولا متعة لها .وقد أوجب لها المتعة بقوله الصادق: 'وللمطلقات متاع بالمعروف'241: 2 وهذه مطلقة فلها المتعة فرضاً مع نصف ما فرض لها .وقول غريب - رويناه من طريق ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة قال: إنما يؤمر بالمتاع من لا ردة عليه ولا تحاص الغرماء ليست على من ليس له شيء - وهذا قول لا برهان على صحته فهو ساقط .وطائفة قالت كقولنا - كما روينا من طريق ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن موسى ابن أيوب الغافقي عن إياس بن عامر: أنه سمع علي بن أبي طالب يقول: لكل مطلقة متعة .ومن طريق ابن وهب عن مالك عن الزهري قال: لكل مطلقة متعة .ومن طريق ابن وهب عن يونس بن يزيد قال: سئل ابن شهاب عن المملكة والمخيرة فقال ابن شهاب: كل مطلقة في الأرض لها متاع .ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: للمختلعة المتعة - التي جمعت والتي لم تجمع سواء .ومن طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن سعيد بن جبير قال لك مطلقة متعة وتلا: 'وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين'241: 2 .ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن أبي قلابة قال: لكل مطلقة متعة .ومن طريق عبد الرزاق نا ابن جريح عن عطاء قال: لكل امرأة افتدت نفسها من زوجها فلها المتعة .ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخغي قال: للمختلعة المتعة. ومن طريق سعيد بن منصور نا هشيم أنا يونس بن عبيد عن الحسن قال: لكل مطلقة متعة .ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري قال: للمملوكة واليهودية والنصرانية: المتعة إذا طلقت.

    قال أبو محمد : من عجائب أصحاب القياس

    - أن الله عز وجل أوجب العدة -: على كل متوفى عنها زوجها من الزوجات - وعلى كل مطلقة موطوءة منهن - وعلى المعتقة المختارة فراق زوجها - وأوجب المتعة للمطلقات جملة .فقاسوا بآرائهم كل من ليست له زوجة ولكن وطئت بعقد مفسوخ فاسد لا يوجب ميراثاً على الزوجة صحيحة الزواج في إيجاب العدة عليهما .وأسقطوا كثيراً من المطلقات عن إيجاب المتعة لهن فهل سمع بأعجب من فساد هذا العمل - ونسأل الله العافية.

    وأما مقدار المتعة

    - فروينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريح عن موسى بن عقبة عن نافع أن ابن عمر قال: أدنى ما أراه يجزي في المتعة ثلاثون درهماً .ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن أمية عن عكرمة عن ابن عباس قال: أعلى المتعة الخادم ودون ذلك: النفقة والكسوة .ومن طريق وكيع عن سفيان الثوري عن عمر بن عبيد عن الحسن في المتعة المطلقة - قال: ليس فيها شيء مؤقت يمنعها على قدر الميسرة .ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريح عن عطاء قال: لا أعلم للمتعة وقتاً قال الله تعالى: 'على الموسع قدره وعلى المقتر قدره' 136: 2 .وقال أبو حنيفة: أعلى ما يجبر عليه من المتعة: عشرة دراهم وأدنى ذلك: خمسة دراهم .وهذا قول لا دليل عليه وهبك أنه قاس العشرة دراهم على ما تقطع فيه اليد فعلى أي شيء قاس الخمسة دراهم .

    قال أبو محمد :

    لو أن الله تعالى وكل المتعة إلى المتمتع لوقفنا عند أمره عز وجل وألزمناه ذلك كما يفعل في إيتاء المكاتب من مال المكاتب لكنه تعالى ألزمه على قدر اليسار والإقتار فلزمنا فرضاً أن نجعل متعة الموسر غير متعة المقتر ولابد - ولم نجد في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حداً وجب حمل ذلك على المعروف عند المخاطبين بذلك فوجب بهذا الرجوع إلى ما صح عن الصحابة - رضي الله عنهم - في ذلك كما فعلنا في جزاء الصيد فما كان هو المعروف عندهم في المتعة فهو الذي أراد الله عز وجل بلا شك إذ لابد لما أمر الله تعالى به من بيان فقد كان فيهم - رضي الله عنهم - الموسر المتناهي كعبد الرحمن بن عوف وغيره وكان ابن عباس وابن عمر موسرين دون عبد الرحمن .ومما يبين وجوب الرجوع إلى ما رآه الصحابة - رضي الله عنهم - إنه متعة بالمعروف كما قلنا في النفقة والكسوة إذ قال الله تعالى: 'لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها' 7: 56 .وقد وافقنا المخالفون على هذا وكلا النصين واجب أتباعه .وما نا محمد بن سعيد بن نبات نا ابن مفرح نا عبد الله ابن جعفر ابن الورد نا يحيى بن أيوب بن بادي العلاف نا يحيى بن بكير نا الليث بن سعد عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود عن أبي سلمى بن عبد الله بن عوف عن فاطمة بنت قيس نفسها قالت: طلقني أبو عمرو بن حفص البتة ثم خرج إلى اليمن ووكل بها عياش بن أبي ربيعة فأرسل إليها عياش بعض النفقة فسخطتها فقال لها عياش: مالك علينا نفقة ولا سكنى هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسليه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما قال فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم 'ليس لك نفقة ولا مسكن ولكن متاع بالمعروف واخرجي عنهم' .وذكرت باقي الخبر .فهذا غاية البيان - إن المتعة مردودة إلى ما كان معروفاً عندهم يومئذٍ فقد ذكرنا قول ابن عمر وابن عباس .وروينا من طريق سعيد بن منصور نا عبد الرحمن بن زياد نا شعبة عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت حميد بن عبد الرحمن بن عوف يحدث عن أمه - هي كلثوم بنت عقبة من المهاجرات الفواضل لها صحبة - أنها قالت: كأني أنظر إلى جارية سوداء حممها عبد الرحمن بن عوف امرأته أم أبي سلمى حين طلقها في مرضه .قال سعيد بن منصور: نا هشيم نا مغيرة عن إبراهيم قال: العرب تسمي المتعة التحميم .فقد اتفق ابن عباس و عبد الرحمن بحضرة الصحابة - رضي الله عنهم - لا يعرف لهما في ذلك مخالف من الصحابة - رضي الله عنهم - على أن متعة الموسر المتناهي - خادم سوداء فإذا زاد على ذلك فهو محسن كما فعل الحسن بن علي وغيره فإن كانت غير مطيقة للخدمة فليست خادماً فعلى هذا المقدار يجبر الموسر إذا أبى أكثر من ذلك .وأما المتوسط فيجبر على ثلاثين درهماً أو قيمتها إذا لم يأت عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - أقل من ذلك كما روينا آنفاً عن ابن عباس وابن عمر إذ رأيا ذلك هو المعروف .وأما المقتر - فأقلهم من لا يجد قوت يومه أو لا يجد زيادة على ذلك فهذا لا يكلف حينئذٍ شيئاً لكنها دين عليه فإذا وجد زيادة على قوته كلف أن يعطيها ما تنتفع به - ولو في أكلة يوم - كما أمر الله عز وجل إذ يقول: ' وعلى المقتر قدره'236: 2 وبالله تعالى التوفيق .^

    مسألة ومن الرجعة من طلق امرأته

    تطليقة أو تطليقتين ثم تزوجت زوجاً وطئها في فرجها ثم مات عنها أو طلقها ثم راجعها الذي كان طلقها ثم طلقها لم تحل له إلا أن تنكح زوجاً آخر - يطأها في فرجها - إن كان طلقها قبل ذلك طلقتين فإن كان إنما طلقها طلقة واحدة فإنه تبقى له فيها طلقة هي الثالثة .وقالت طائفة: إن الذي تزوجها بعد طلاق الأول قد هدم طلاقه كما يهدم الثلاث فإنه يهدم ما دونها - فممن روي عنه القول الأول - :كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريح أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد ين المسيب: أن أبا هريرة قال فيمن طلق امرأته طلقة فاعتدت ثم تزوجت ثم طلقها الثاني فتزوجها الأول فطلقها طلقتين: أنها حرمت عليه - ووافقه على ذلك عليّ وأبيّ بن أبي كعب .ومن طريق عبد الرزاق عن مالك وسفيان بن عيينة كلاهما عن الزهري قال: سمعت سعيد بن المسيب وحميد بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار كلهم قال: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت عمر يقول: أيما امرأة طلقها زوجها طلقة أو طلقتين ثم تزوجت غيره فمات أو طلقها ثم تزوجها الأول فإنها عنده على ما بقي من طلاقه لها .ومن طريق حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عمران بن الحصين مثله - وصح أيضاً: عن ابن عمر - في أحد قوليه - عن حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عنه .وروي أيضاً - عن عبد الله بن عمرو بن العاص ونفر من الصحابة - رضي الله عنهم - وهو قول الحسن وابن أبي ليلى وسفيان الثوري والحسن بن حي ومحمد ابن الحسن ومالك والشافعي وأبي سليمان وأصحابهم .وروينا القول الثاني - من طرق منها - ما رويناه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال: نكاح جديد وطلاق جديد - وعن ابن عمر - في أحد قوليه - من طريق عبد الرزاق ووكيع قال وكيع: عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي وقال عبد الرزاق: عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه ثم اتفقا عن ابن عمر قال: نكاح جديد وطلاق جديد .ورويناه أيضاً عن ابن مسعود - وهو قول عطاء وشريح وإبراهيم وأصحاب ابن مسعود وعبيد السلماني وأبي حنيفة وزفر وأبي يوسف - :فنظرنا فيما احتج به أهل هذه المقالة فلم نجد لهم أكثر من أن قالوا: إننا لم نختلف أن نكاح زوج آخر يهدم الثلاث ولا شك في أنه إذا هدمها فإنه قد هدم الواحدة من جملتها والاثنتين من جملتها - ومن المحال أن يهدمها مجموعة ولا يهدمها متفرقة .

    قال أبو محمد :

    فقلنا: لم يهدم قط طلاقاً إنما هدم التحريم الواقع بتمام الثلاث مفرقة أو مجموعة فقط ولا تحرم بالطلقتين ولا بالواحدة بهدمه .وقلنا لهم: أنتم قد حملتم العاقلة نصف عشر الدية فأكثر ولم تحملوها أقل من نصف العشر ولا شك أنها إذا حملت نصف العشر فقد حملت في جملته أقل منه فقالوا: إنما حملناها ما ثقل .فقلنا: ومن لكم بأن نصف العشر فصاعداً هو الثقل دون أن يكون الثلث هو الثقل أو الكل .وأيضاً - فرب جان يعظم عليه ويثقل ربع عشر الدية لقلة ماله وآخر تخف عليه الدية كلها لكثرة ماله .ثم السؤال باق عليكم إذ حملتموها ما ثقل فالأولى أن تحملوها ما خف وكل هذا لا معنى له إنما الحجة في ذلك قول الله تعالى: 'فإن طلقها - يعني في الثالثة - فلا تحل له من بعد أن تنكح زوجاً غيره'230: 2 فلا يجوز تعدي حدود الله تعالى والقياس كله باطل - وبالله تعالى التوفيق.

    مسألة وقد قلنا إن المطلقة

    طلاقاً رجعياً فهي زوجة للذي طلقها ما لم تنقض عدتها يتوارثان ويلحقها طلاقه وإيلاؤه وظهاره ولعانه إن قذفها وعليه نفقتها وكسوتها وإسكانها .فإذا هي زوجته فحلال له أن ينظر منها إلى ما كان ينظر قبل أن يطلقها وأن يطأها إذ لم يأت نص بمنعه من شيء من ذلك - وقد سماه الله تعالى بعلاً لها إذ يقول عز وجل: 'وبعولتهن أحق بردهن في ذلك'228: 2 .

    قال أبو محمد

    فإن وطئها لم يكن بذلك مراجعاً لها حتى يلفظ بالرجعة ويشهد ويعلمها بذلك قبل تمام عدتها فإن راجع ولم يشهد فليس مراجعاً لقول الله تعالى: 'فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم' 2: 65 فرق عز وجل بين المراجعة والطلاق والإشهاد فلا يجوز إفراد بعض ذلك عن بعض وكان من طلق ولم يشهد ذوي عدل أو راجع ولم يشهد ذوي عدل متعدياً لحدود الله تعالى .وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم'من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد'فإن قيل: قد قال الله عز وجل: 'وأشهدوا إذا تبايعتم' .وقال تعالى في الدين المؤجل: 'واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان'282: 2 .فلم أجزتم البيع المؤجل وغيره إذا لم يشهد عليهوقال تعالى: 'فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم'6: 4 .فلم أجزتم الدفع إلى اليتيم ماله إذا بلغ مميزاً دون إشهاده .قلنا: لم نجز دعواه للدفع إلا حتى يأتي بالبينة وقضينا باليمين على اليتيم إن لم يأت المولى بالبينة على أنه قد دفع إليه ماله ولكن جعلناه عاصياً لله تعالى إن حلف حانثا فقط .كما جعلنا المرأة التي لم يقم للزوج بينة بطلاقها ولا برجعتها: فإنها عاصية لله عز وجل إن حلفت حانثة عالمة بأنه قد طلقها أو راجعها .وأما إجازتنا البيع المؤجل وغيره - وإن لم يشهد عليه - فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'أنهما بالخيار ما لم يتفرقا فإذا تفرقا أو خير أحدهما الآخر فاختار البيع فقد تم البيع' أو كما قال - عليه السلام - مما قد ذكرناه في كتاب الينبوع من ديواننا هذا وغيره بنصه وإسناده .والحمد لله رب العالمين .وهو في كل ذلك عاص لله عز وجل إن لم يشهد في البيع المؤجل وغيره وفي دفع المال لليتيم إذا بلغ مميزاً وفي طلاقه وفي رجعته إذا لم يفعل كما أمره الله عز وجل .وقد اختلف الناس في الوطء في العدة أيكون رجعة أم لانعم وفيما دون الوطء -: فروينا عن الحكم بن عتيبة وسعيد بن المسيب أن الوطء رجعة - وصح أيضاً - عن إبراهيم النخعي وطاوس والحسن والزهري وعطاء .ورويناه عن الشعبي - وروي عن ابن سيرين - .وهو قول الأوزاعي وابن أبي ليلى .وقال مالك وإسحاق بن راهويه: إن نوي بالجماع الرجعة فهي رجعة وإن لم ينو به الرجعة فليس رجعة قالا جميعاً: وأما ما دون النكاح فليس رجعة وإن نوي به الرجعة.

    قال أبو محمد :

    هذا تقسيم لا حجة على صحته أصلاً وقال الحسن بن حي وسفيان الثوري أبو حنيفة: الجماع رجعة - نوى به الرجعة أو لم ينو - وكذلك اللمس .قال سفيان وأبو حنيفة إذا كان لشهوة وإلا فلا .قال أبو حنيفة والنظر إلى الفرج بشهوة رجعة .قال: فلو قبلته لشهوة أو لمسته لشهوة - وأقر هو بذلك - فهي رجعة فلو جن فقبلها لشهوة فهي رجعة فلو جامعته مكرهاً فهي رجعة ولا يكون ما دون الجماع بإكراه رجعة .قال أبو محمد: هذه الأقوال في غاية الفساد لأنها شرع في الدين بغير قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ولا قياس له وجه ولا رأي له في السداد حظ ولا سبقه إليها أحد نعلمه .وقال جابر بن زيد وأبو قلابة والليث بن سعد الشافعي: الوطء فما دونه لا يكون رجعة - نوى به الرجعة أو لم ينو - ولا رجعة إلا بالكلام .قال أبو محمد: لم يأت بأن الجماع رجعة: قرآن ولا سنةولا خلاف في أن الرجعة بالكلام رجعة فلا يكون رجعة إلا بما صح أنه رجعة - وقال تعالى: 'فأمسكوهن بمعروف' 2: 231 و65: 2 والمعروف ما عرف به ما في نفس الممسك الراد ولا يعرف ذلك إلا بالكلام وبالله تعالى التوفيق .وقد قال قوم: إن معنى قول الله تعالى: 'فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف'2: 65 إنما معناه بلوغ الأجل .قال أبو محمد: وهذا خطأ وباطل بلا شك لأنه إخبار عن الله تعالى بأنه أراد ما لم يخبرنا - عز وجل - وبأنه أراده ولا أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم .وقد قال تعالى: 'وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون'7: 23 .وأيضاً - فلو كان ما قالوا لكان لا إمساك له إلا قرب بلوغ أقصى العدة ما لا يقولونه لا هم ولا غيرهم .قال أبو محمد: معناه بلا شك -: 'فإذا بلغن أجلهن'65: 2 أجل عدتهن .برهان ذلك -: أن من أول العدة إلى أخرها وقت لرده إياها ولإمساكه لها ولا قول أصح من قول صححه الإجماع المتيقن من المخالف والموالفقال أبو محمد: وأما قولنا: انه إن راجع ولم يشهد أو أشهد ولم يعلمها حتى تنقضي عدتها - غائباً كان أو حاضراً - وقدطلقها وأعلمها وأشهد فقد بانت منه ولا رجعة له عليها إلا برضاها بابتداء نكاح بولي وإشهاد وصداق مبتدإ - سواء تزوجت بغيره أو لم تتزوج دخل بها الزوج الثاني أم لم يدخل - فإن أتاها الخبر - وهي بعد في العدة - فهي رجعة صحيحة .برهان ذلك قول الله تعالى: 'يخادعون الله والدين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم' 2: 9 وقال تعالى: 'ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن' 6: 65 وهذا عين المضارة .وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'إن من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد' فمضارته مردودة باطل .وأيضاً - فإن الله تعالى سمى الرجعة إمساكاً بمعروف قال تعالى: 'فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف'65: 2فالرجعة - هي الإمساك ولا تكون بنص كلام الله تعالى إلا بمعروف والمعروف - هو إعلامها وإعلام أهلها إن كانت صغيرة أو مجنونة - فإن لم يعلمها لم يمسك بمعروف ولكن بمنكر إذ منعها حقوق الزوجية: من النفقة والكسوة والإسكان والقسمة - فهو إمساك فاسد باطل ما لم يشهد بإعلامها حينئذ يكون بمعروف .وكذلك قال الله عز وجل: 'وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف'2: 228.

    قال أبو محمد :

    إنما يكون البعل أحق بردها إن أراد إصلاحاً - بنص القرآن - ومن كتمها الرد أو رد بحيث لا يبلغها فلم يرد إصلاحاً بلا شك بل أراد الفساد فليس رداً ولا رجعة أصلاً .وقد اختلف الناس في هذا على خمسة أقوال - :فالقول الأول - كما روينا من طريق شعبة عن الحكم بن عتيبة: أن عمر بن الخطاب قال في امرأة طلقها زوجها فأعلمها ثم راجعها ولم يعلمها حتى تنقضي عدتها: فقد بانت منه .ومن طريق سعيد بن منصور نا المعتمر بن سليمان عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي قال: قال عمر بن الخطاب إذا طلق امرأته فأعلمها طلاقها ثم راجعها فكتمها الرجعة حتى انقضت العدة: فلا سبيل له عليها ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريح أخبرنا عمرو بن دينار أخبرني أبو الشعثاء جابر بن زيد قال: تماريت أنا ورجل من القراء الأولين في المرأة يطلقها الرجل ثم يرتجعها فيكتمها رجعتها فقلت أنا: ليس له شيء فسألنا شريحاً القاضي فقال: ليس له إلا قسوة الضبع .ومن طريق سعيد بن منصور نا هشيم نا يونس بن عبيد عن ابن سيرين قال: سأل رجل عمران بن الحصين فقال: إنه طلق ولم يشهد وراجع ولم يشهد فقال له عمران: طلقت بغير عدة وراجعت في غير سنة فاشهد ما صنعت. وعن طريق سعيد بن منصور نا هشيم أخبرني عبيدة عن الحسن بن رواح قال: سألت سعيد بن المسيب عن رجل أطلق سراً وراجع سراً فقال: طلقت في غير عدة وارتجعت في عماء اشهد على ما صنعت .ومن طريق سعيد بن منصور نا هشيم نا منصور عن الحسن قال: إذا طلق امرأته ثم راجعها في غيب أو مشهد ولم يعلمها بالرجعة حتى انقضت العدة فلا سبيل له عليها - فهذا قول .وقول ثاني - رويناه من طريق ابن وهب عن مالك قال: بلغني أن عمر بن الخطاب قال في الذي يطلق امرأته وهو غائب - ثم يراجعها ولا يبلغها مراجعته - وقد بلغها طلاقه -: أنها إن تزوجت ولم يدخل بها زوجها الآخر أو دخل: فلا سبيل إلى زوجها الأول إليها .وقال مالك: وهذا أحب ما سمعت إليّ وفي المفقود. ومن طريق ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال: مضت السنة في الذي يطلق امرأته ثم يراجعها فيكتمها رجعتها حتى تحل له فتنكح زوجاً غيره: فإنه ليس له من أمرها شيء ولكنها من زوجها الآخر .قال ابن وهب: وأخبرني مخرمة بن بكير عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد، ونافع مثله - وصح أيضاً من طريق ابن سمعان عن الزهري مثل ذلك، إذا كانا في بلد واحد .وقال ثالث - من طريق ابن وهب، قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه: إنه إذا دخل بها زوجها الآخر قبل أن يدركها الأول فلا سبيل له إليها - وذلك الأمر عندنا في هذا وفي المفقود - يعني: في الذي طلقها وأعلمها ثم راجعها، وأشهد ولم يبلغها .قال ابن القاسم: ثم رجع مالك عن ذلك وقال: زوجها الأول أحق بها قال ابن القاسم: أما أنا فأرى أنها إن دخل بها زوجها فلا سبيل له إليها، فإن لم يدخل بها فهي للأول .قال أبو محمد: إنما أوردنا هذا لنرى المشغبين بقول مالك: الأمر عندنا، والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا حجة وإجماع، لا يحل خلافه .وهذا مالك قد رجع عن قول ذكر أنه الأمر عندهم، والأمر الذي لا اختلاف فيه: فحسبهم وحسبكم .وروينا من طرق عن عمر كلها منقطعة، لأنها عن إبراهيم عن عمر أو عن الحسن ابن مسلم عن عمر، أو عن سعيد بن المسيب عن عمر، أو عن أبي الزناد: أن عمر قال فيمن طلق امرأته ثم سافر وأشهد على رجعتها قبل انقضاء العدة، ولا علم لها بذلك حتى تزوجت: أنه إن أدركها قبل أن يدخل بها فهي امرأته، وإن لم يدركها حتى دخل بها الثاني فهي امرأة الثاني، حكم بذلك في أبي كنف - وهو قول الليث، والأوزاعي .وقول رابع - رويناه: من طريق عبد الرزاق عن ابن جريح عن عطاء فيمن طلق ثم ارتجعها وأشهد فلم تأتها الرجعة حتى تزوجت قال: إن أصيبت فلا شيء للأول فيما بلغنا - يقال ذلك، فإن نكحت ولم تصب ؟فالأول أحق بها - وبه يقول عبد الكريم .وقول خامس - رويناه من طريق وكيع عن شعبة عن الحكم بن عتيبة قال: قال علي بن أبي طالب: إذا طلق الرجل امرأته ثم راجعها ولم يعلمها: فهي امرأته إذا أشهد .ومن طريق سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن الحكم بن عتيبة عن علي بن أبي طالب أنه قال فيمن طلق امرأته ثم غاب، فكتب إليها برجعتها، فضاع الكتاب حتى انقضت عدتها، فإن زوجها الأول أحق بها دخل بها الآخر أو لم يدخل .ومن طريق حماد بن أبي سليمان، وقتادة عن علي مثله .ومن طريق إبراهيم عن علي في أبي كنف مثله وهو قول الحكم بن عتيبة .ثم وجدناه متصلاً عن علي كما نا محمد بن سعيد بن نبات نا عياش بن أصبغ نا محمد بن قاسم بن محمد نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن المثنى نا عبد الأعلى نا سعيد - هو ابن أبي عروبة - عن قتادة عن خلاس بن عمرو أن رجلاً طلق امرأته، وأعلمها، وأرجعها، وأشهد شاهدين وقال: اكتما علي، فكتما، حتى انقضت عدتها، فارتفعوا إلى علي بن أبي طالب ؟فأجاز الطلاق وجلد الشاهدين واتهمهما .قال أبو محمد: ثم نظرنا في هذه الرواية، فوجدناها لا حجة فيها لمن ذهب إلى هذا القول، لأنه ليس فيها إلا إجازة الطلاق، لا إجازة الرجعة .قال أبو محمد: ليس إلا هذا القول، أو الذي تخيرناه، وما عداهما فخطأ لا إشكال فيه، لأن زواجها أو دخوله بها، أو وطأه لها، لا يفسخ شيء من ذلك نكاحاً صحيحاً وبالله تعالى التوفيق وإنما هو صحة الرجعة أو إفسادها .وبقول علي الذي ذكرنا بقول سفيان الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وأبو سليمان وأصحابهم .1983 - مسألة:

    ونجمع ههنا ما لعلنا ذكرناه مفرقاً

    وهو : أنه لا يكون طلاق لا يملك فيه المطلق الرجعة ما دامت في العدة إلا طلاق الثلاث - مجموعة ، أو مفرقة - وطلاق التي لم يطأها المطلق - سواء طلقها واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً - إلا أنه دون الثلاث إن رضي هو وهي - فلهما ابتداء النكاح بولي ، وإشهاد ، وصداق - وهذا حكم الفسخ كله .وأما طلاق الموطوءة واحدة ، أو اثنتين : فللمطلق مراجعتها - أحبت أم كرهت - بلا صداق ، ولا ولي ، ولكن بإشهاد فقط - وهذا مالا خلاف فيه - وبالله تعالى التوفيق .^

    مسألة: العدد ثلاث -:

    إما من طلاق في نكاح وطئها فيه مرة في الدهر فأكثر .وإما من وفاة سواء وطئها أو لم يطأها .وأما المعتقة - إذا اختارت نفسها وفراق زوجها ؟ فإن هذه خاصة دون سائر وجوه الفسخ : عدتها المطلقة سواء سواء .وأما سائر وجوه الفسخ ، والتي لم يطأها زوجها فلا عدة على واحدة منهن ولهن أن ينكحن ساعة الفسخ ، وساعة الطلاق .برهان ذلك - : أن عدة الطلاق ، والوفاة مذكورة في القرآن - وكذلك سقوط المسقوطة العدة عن التي طلقت ولم يطأها المطلق في ذلك النكاح .وأما المعتقة - تختار فسخ نكاحها - : فكما روينا من طريق أبي داود نا عثمان بن أبي شيبة نا عفان بن مسلم نا همام بن يحيى عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس : أن زوج بريرة كان عبداً أسود اسمه مغيث فخيرها - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرها تعتد .قال أبو محمد : فلو كانت عدة غير المذكورة في القرآن لبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك ، وإنما قلنا : إنها عدة الطلاق ، لأنها عدة من حي لا من ميت فصح إذ أمرها عليه الصلاة والسلام بأن تعتد من فراقها له - أنها العدة من مفارقة الحي لا شك .وأما سائر وجوه الفسخ - سواء كانت من نكاح صحيح أو من عقد فاسد - : فلا عدة في شيء من ذلك لأنه لم يوجب ذلك قرآن ولا سنة ، ولا حجة فيما سواهم .ولا يكون طلاق إلا في نكاح صحيح .وكذلك لا عدة من وفاة من ليس عقد زواجه صحيحاً ، لأن الله تعالى لم يوجب عدة طلاق له ، أو وفاة ، أو إلا من زوج ، ومن عقده فاسد ليس زوجاً ، فلا طلاق له ، وإذ لا طلاق له فلا عدة من فراقه ، وإذ ليس زوجاً فلا عدة من وفاته 'ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه'65 : 1 .فإن قالوا : قسنا كل فسخ على المعتقة تختار فراق زوجها ؟قلنا : القياس كله باطل ، ثم لو كان حقاً لكان هذا منه عين الباطل ، لأن جميع وجوه الفسخ لا خيار فيه للمنفسخ نكاحها إلا المعتقة فقد أجمعوا - بلا خلاف - على مفارقة حكمها لحكم سائر المنفسخ نكاحهن ، والعدة الواجبة إنما هي حكم أمر الله تعالى به ، ليس من شيء منها لاستبراء الرحم .برهان ذلك - : أن المخالفين لنا في هذا لا يخالفوننا في أن العدة : على الصغيرة الموطوءة التي لا تحمل ، والعجوز الكبيرة التي لا تحمل - : في الطلاق والوفاة ، ولو خالفونا في الطلاق في الصغيرة لكان قول الله تعالى : 'واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن' 65 : 4 . حاكماً بصحة قولنا وبطلان قولهم .ومعنى قوله تعالى : 'إن ارتبتم' 65 : 4 . إنما هو إن ارتبتم كيف يكون حكمها لا يجوز غير ذلك ، لأن اللائي يئسن من المحيض لا يشك أحد في أنه لا يرتاب فيها بحمل .وكذلك لا يختلفون في أن الخصي الذي بقي له من الذكر ما يولج ، فإن على امرأته العدة - وهو بلا شك لا يكون له ولداً أبداً .وكذلك لا يختلفون في أن من وطيء امرأته مرة ، ثم غاب عنها عشرات السنين ، ثم طلقها أن العدة عليها .ولا شك في أن لا حمل بها ، ولو كانت العدة خوف على الحمل لأجزأت حيضة واحدة - وبالله تعالى التوفيق .

    مسألة: وعدة المطلقة الموطوءة

    التي تحيض ثلاثة قروء - وهي بقية الطهر الذي طلقها فيه - ولو أنها ساعة أو أقل أو أكثر - ثم الحيضة التي تلي بقية ذلك الطهر، ثم طهر ثاني كامل، ثم الحيضة التي تليه، ثم طهر ثالث كامل -: فإذا رأت أثره أول شيء من الحيض فقد تمت عدتها ولها أن تنكح حينئذ إن شاءت .واختلف الناس في هذا -: فقالت كما قلنا .وقالت طائفة: الأقراء الحيض - مع اتفاق الجميع على الطاعة - لقوله عز وجل: 'وللمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن'2: 228 .قال أبو محمد: القروء جمع قرء والقرء في لغة العرب التي نزل بها القرآن: يقع على الطهر ويقع على الحيض، ويقع على الطهر والحيض -: نا بذلك أبو سعد الجعفري نا محمد بن علي المقري نا أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس النحوي نا أبو جعفر الطحاوي نا محمد بن محمد بن حسان نا عبد الملك بن هشام نا أبو زيد الأنصاري قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول فذكره كما أوردنا - وقال الأعشى :

    أفي كل عام أنت جاشم غزوة ........ تشد لأقصاها غريم عزائكا

    مورثة مالاً وفي الأصل رفعة ........ لما ضاع فيها من قروء نسائكا

    فأراد الأطهار - وقال آخر:

    يا رب ذي ضغن على قارض ........ له قروء كقروء الحائض

    فأراد الحيض .وممن روي عنه مثل قولنا جماعة - :كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر الزهري عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت قال: إذا دخلت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها .وبه إلى الزهري عن عائشة

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1