Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

شرح ديوان المتنبي للواحدي
شرح ديوان المتنبي للواحدي
شرح ديوان المتنبي للواحدي
Ebook983 pages8 hours

شرح ديوان المتنبي للواحدي

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

دخل كتاب شرح الواحدي لديوان المتنبي في دائرة اهتمام المتخصصين في مجال اللغة العربية بشكل خاص والباحثين في الموضوعات ذات الصلة بوجه عام؛ حيث يدخل كتاب شرح الواحدي لديوان المتنبي ضمن نطاق تخصص علوم اللغة ووثيق الصلة بالتخصصات الأخرى مثل الشعر، والقواعد اللغوية، والأدب، والبلاغة، والآداب العربية.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateApr 12, 1901
ISBN9786395846942
شرح ديوان المتنبي للواحدي

Read more from الواحدي

Related to شرح ديوان المتنبي للواحدي

Related ebooks

Reviews for شرح ديوان المتنبي للواحدي

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    شرح ديوان المتنبي للواحدي - الواحدي

    الغلاف

    شرح ديوان المتنبي للواحدي

    الجزء 2

    الواحدي

    468

    دخل كتاب شرح الواحدي لديوان المتنبي في دائرة اهتمام المتخصصين في مجال اللغة العربية بشكل خاص والباحثين في الموضوعات ذات الصلة بوجه عام؛ حيث يدخل كتاب شرح الواحدي لديوان المتنبي ضمن نطاق تخصص علوم اللغة ووثيق الصلة بالتخصصات الأخرى مثل الشعر، والقواعد اللغوية، والأدب، والبلاغة، والآداب العربية.

    يقول إن كان يسمكنا في هذا البستان طلب البستان لتكون فيه فسر منه فكل مكان كنت فيه فهو بستان.

    وكره الشرب فلما كثر البخور وارتفعت رائحة الند بمجلسه قال:

    أنشر الكباء ووجه الأمير ... وحسن الغناء وصافي الخمورِ

    النشر الرائحة الطيبة والكباء العود الذي يتبخر به وخبر المبتداء محذوف للعلم به كأنه قال اتجتمع هذه الاشياء لأحد كما اجتمعت لي.

    فداو خماري بشربي لها ... فإني سكرت بشربِ السرورِ

    أي أنا سكران بالسرور حين اجتمع لي ما ذكرته فداوِ خماري بشرب الخمر أي إنما أريد شرب الخمر لأنفى الخمار لا للسكر فإني سكران من السرور.

    ولما انصرف ن البستان نظر الى السحاب فقال:

    تعرض لي السحاب وقد قفلنا ... فقلت إليك إن معي السحابا

    فشم في القبة الملك المرجى ... فأمسك بعد ما عزم انسكابا

    وأشار إليه طاهر العلويّ بمسك وأبو محمد حاضر فقال

    الطيب مما غنيت عنه ... كفى بقرب الأمير طيبا

    يبني به ربنا المعالي ... كما بكم يغفر الذنوبا

    وجعل أبو محمد يضرب البخر بكمه ويسوقه إليه فقال يا أكرم الناس في الفعال ... وأفصح الناس في المقالِ

    إن قلت في ذا البخور سوقا ... فهكذا قلت في النوالِ

    قلت ههنا بمعنى اشرت قال بكمه أي اشار وقال برأسه نعم أي أشار والمعنى إن اشرت في البخور تسوقه إليّ سوقا فهكذا قلت وفعلت في العطاء وحدث أبو محمد عن مسيرهم بالليل لكبس بادية وإن المطر قد اصابهم فقال

    غير مستنكرٍ لك الإقدامُ ... فلمن ذا الحديث والإعلامُ

    قد علمنا من قبل أنك من لا ... يمنع الليل همه والغمامُ

    وقال أيضا وهو عند طاهر العلويّ

    قد بلغت الذي أردت من الب ... ر ومن حق ذا الشريف عليكا

    وإذا لم تسر إلى الدار في وقت ... ك ذا خفت أن تسير إليكا

    وهمّ بالنهوض فأقعده فقال

    يا من رأيت الحليم وغدا ... به وحر الملوك عبدا

    مال على الشراب جدا ... وأنت للمكرمات أهدا

    فإن تفضلت بانصرافي ... عددته من لديك رفدا

    أي المتنبي لا ينصرف ما لم يصرف فتفضله بالصرف في تفضل بالإنصراف وذكر أبومحمد أن أباه استخفى مرى فعرفه يهودي فقال

    لا تلومن اليهوديَّ على ... أن يرى الشمس فلا ينكرها

    إنما اللوم على حاسبها ... ظلمة من بعد ما يبصرها

    وسئل عما اترجل من الشعر فاعاده فتعجبوا من حفظه فقال

    إنما أحفظ المديح بعيني ... لا بلقبي لما أرى في الأميرِ

    يقول لا احتاج إلى حفظه بالقلب لأني اشاهد بالعين ما امدحه به وهو قوله

    من خصالٍ إذا نظرت إليها ... نظمت لي غرائب المنثورِ

    يقول عيني تنظم فضائلك لإدراكها إياها عينا لا قلبي.

    قال وقد حدث جليس له لأبي محمد بن عبيد الله عن قتلى هاله أمرهم ومنظرهم

    أباعث كل مكرمةٍ طموحِ ... وفارس كل سلهبةٍ سبوحِ

    يريد أنه يحيى كل مكرمةٍ ممتنعة على غيره وإنه لا يركب إلا كل فرسٍ طويلة تسبح في جريها

    وطاعن كل نجلاء غموسٍ ... وعاصى كل عذالٍ نصيحِ

    يريد وطاعن كل طعنةٍ واسعة تغمس صاحبها المطعون في الدم وعاصي كل من يعذلك في الجود والشجاعة

    سقاني الله قبل الموت يوما ... دم الأعداء من جوف الجروحِ

    وأطلق الباشق على سماناةٍ فأخذها فقال

    أمن كل شيء بلغت المرادا ... وفي كل شأوٍ شأوت العبادا

    فماذا تركت لمن لم يسد ... وماذا تركت لمن كان سادا

    أي لم يبق شيئا من أسباب السيادة إلا وقد جمعتها فلم تترك منها شيئا يختص به من لم يسد أو ساد من قبل

    كأن السماني إذا ما رأتك ... تصيدها تشتهي أن تصادا

    أي لتفخر بقربك والسماني يكون واحدا وجمعا كالحبارى.

    واجتاز أبو محمد ببعض الجبال فأثار الغلمان خشفا فالتقفته الكلاب فقال أبو الطيب

    وشامخ من الجبال أقود ... فرد كيافوخ البعير الأصيد

    الشامخ العالي والأقود المنقاد طولا يريد أن هذا الجبل يمتد في الهواء وفيه إعوجاج فشبهه بيافوخ البعير الاصيد لعلوه واعوجاجه والاصيد البعير الذي في عنقه اعوجاج من دائه

    يسار من مضيقه والجلمد ... في مثله متن المسد المعقد

    أي يسار من هذا الجبل في طريق ضيق يلتوي عليه كأنه ما بين قوى المسد في التوائه واعوجاجه

    زرناه للأمر الذي لم يعهد ... للصيد والنزهة والتمرد

    قال ابن جنى إنما قال لم يعهد لان الأمير مشغول بالجد والتشمير عن اللهو واللعب قال ابن فورجة يريد انه لم يعهد لهوه وروايتي بفتح الياء يعني ان الشامخ لم يعهد الصيد فيه لعلوه وارتفاعه ولم يقدر على وحشه إلا هذا الأمير ألا ترى انه وصفه بالارتفاع ووعورة الطريق هذا كلامه ويجوز على رواية من ضم الياء ان الصيد لم يعهد بهذا الجبل فيكون المعنى كما ذكر ابن فورجة والتمرد طغيان النشاط

    بكل مسقى الدماء أسودِ ... معاودٍ مقودٍ مقلد

    أي بكل كلب يسقى دم ما يصيده أسود في لونه معاودٍ يعاود الصيد ويتكرر عليه مقودٍ جعل له مقود يقاد به إلى الصيد مقلد من القلادة

    بكل ناب ذرب محدد ... على حفافي حنكك كالمبرد

    أي معاود للصيد بكل ناب ذرب أي حاد والحفافان الجاذبان وشبه حنكه بالمبرد للطرائق التي فيه

    كطالب الثار وإن لم يحقد ... يقتل ما يقتله ولا يدى

    أي كأنه يطلب نارا من الصيد وان لم يكن له عليه حقد ينشد من ذا الخشف ما لم يفقد ... فثار من أخضر ممطور ندى

    كأنه بدؤ عذار الأمردِ

    قال ابن جنى يطلب من هذه الخشف ما لم يفقده فوضع الخشف مكان الخشفين وهذا باطل ومن لبيان الموصول وانبعث الخشف من مكان اخضر وشبهه في خضرته بشعر أول ما بدأ في خد امرد

    فلم يكد إلا لحتفٍ يهتدي ... ولم يقع إلا على بطن يدِ

    أي كأنه محير لا يهتدي إلا لحتفه وكأنه يطلب حتفه لسرعته إليه ولم يقع إلا على بطن يد الكلب فحصل فيه ويجوز أن يكون المعنى أنه لما يئس من الفوت مد يديه لاطئا بالأرض

    ولم يدع للشاعر المجودِ ... وصفاً له عند الأمير الأمجدِ

    أي لم يدع الكلب وصفا له يصفه به الشاعر لأنه لو اجتهد في وصفه لم يمكنه أن يأتي بشيء أكثر مما فعله الكلب من سرعة العدو والتفافه الصيد والضمير في له للشاعر وابن جنى يحمل هذا على الخشف ولا معنى لذلك.

    الملك القرم أبي محمدِ ... القانص الأبطال بالمهندِ

    ذي النعم الغر البوادي العودِ ... إذا أردت عدها لم أعدد

    أي النعم التي تظهر فتبدوا ثم تعود ولا تكون مرة واحدة

    وإن ذكرت فضله لم ينفد

    واستحسن عين بازٍ في مجلسه فقال

    أيا ما أحيسنها مقلةً ... ولولا الملاحة لم أعجبِ

    صغر فعل التعجب لإلحاقه بالأسماء إذ عدم تصرفه ومعنى التحقير ههنا المبالغة في استحسانها

    خلوقية في خلوقيها ... سويداء من عنب الثعلبِ

    يجوز الرفع في خلوقية على تقدير هذه المقلة خلوقية في لونها الخلوقي حبة سوداء من عنب الثعلب يريد لون مقلتها وما فيها من السواد

    إذا نظر الباز في عطفه ... كسته شعاعا على المنكب

    أي لبريق عينه إذا نظر إلى جانبه كسته حدقته شعاعا على منكبه.

    وعاتبه على تركه مدحه فقال

    ترك مديحك كالهجاء لنفسي ... وقليل لكل المديح الكثيرُ

    غير أني تركت مقتضب الشع ... رِ لأمرٍ مثلي به معذور

    المقتضب ههنا مصدر بمعنى الاقتضاب وهو الاقتطاع ويستعمل ذلك فيما يقال بديها يقال اقتضب كلاما وشعرا إذا أتى به على البديهة كانه اقتطع غصنا من أغصان الشجر ولم يبين ذلك العذر الذي اعتذر به في ترك الشعر كأنه كان عذرا واضحا قد عرفه الممدوح فأهمل ذكره

    وسجاياك مادحاتك لا لف ... ظي وجودٌ على كلامي يغير

    يقول إنما يمدحك ما فيك من الأخلاق الحميدة وجود أكثر من شعري فهو لا يترك لي قولا إلا استغرقه

    فسقى الله من أحب بكفي ... ك وأسقاك أيهذا الأمير

    يقول سقى الله احبابي بكفيك فإنها سقيا نافعة كثيرة وتولى الله سقيك وجعل سقى وأسقى بمعنى واحد وقال يودعه

    ماذا الوداع وداع المواق الكمد ... هذا الوداع وداع الروح للجسد

    إذا السحاب زفته الريح مرتفعا ... فلا عدا الرملة البيضاء من بلدِ

    زفته حركته وساقته يقال زفاه يزفيه زفيا ولا عدا لا تجاوز والرملة اسم بلد الممدوح

    ويا فراق الأمير الرحب منزله ... إن أنت فارقتنا يوما فلا تعدِ

    وقال يمدح أنا القاسم طاهر ابن الحسين بن طاهر العلوي

    أعيدوا صباحي فهو عند الكواعب ... وردوا رقادي فهو لحظ الحبائب

    قال ابن جنى معناه ردوا الكواعب والحبائب ليرجع صباحي فأبصر أمري ويرجع نومي إذا نظرت اليهن وقال ابن فورجة أي دهري ليلٌ كله ولا صباح لي إلا وجوههن وليلى سهر كله ولا رقاد لي حتى أراهن

    فإن نهاري ليلةٌ مدلهمةٌ ... على مقلةٍ من فقدكم في غياهب

    مدلهمة شديدة السواد والغياهب جمع غيهب وهو شدة الظلمة وإنما جعل النهار ليلا اشارةً إلى أنه لا يهتدي إلى شيء من مصالحه وقد عمى لحيرته أو إلى أن جفونا فتحت على وجوههن محتومة لا تفتح على غيرها وإذا انطبقت الجفون فالنهار ليل كقوله، فلو أني استطعت ختمت طرفي، فلم أبصر به حتى أراكا، قال ابن جنى أي لما غبتم لم أبصر بعدكم شيئا أي بكيت حتى عميت

    بعيدة ما بين الجفون كأنما ... عقدتم أعالي كل هدبٍ بحاجبِ أن حملنا قوله كل هذب على العموم فالحاجب ههنا بمعنى المانع لأنا لو حملنا الحاجب على المعهود كان مغمضا لأن هدب الجفن الأسفل إذا عقد بالحادب حصل التغميص فإذا جعلنا الحاجب بمعنى المانع صح الكلام وإن جعلنا الحاجب المعهود حملنا قوله كل هدب على التخصيص وإن كان اللفظ عاما فنقول أراد هدب الجفن الأعلى وهذا مثل قول الطرمي في رطاناته، ورأسي مرفوع إلى النجمِ كأنما، قفاي إلى صلبي بخيطٍ مخيط، وهذا من قول بشار، جفت عيني عن التغميض حتى، كأن جفونها عنها قصار،

    وأحسب أني لو هويت فراقكم ... لفارقته والدهر أخبث صاحب

    يريد أن الدهر يخالفه في كل ما أراد حتى لو أحب فراقهم لواصلوه وكان من حقه أن يقول لفارقني لأن قوله لفارقته فعل نفسه وهو يشكو الدهر ولا يشكو فعل نفسه ولكنه قلبه لأن من فارقك فقد فارقته فهذا من باب القلب وإنما قال اخبث صاحب وكان من حقه إن يقول اخبث الأصحاب لأنه أراد أخبث من يصحب وما كان اسم فاعلٍ في مثل هذا يجوز فيه الإفراد والجمع قال الله تعالى ولا تكونوا أول من يكفر به وأنشد الفراء، وإذا هم طعموا فألام طاعمٍ، وإذا هم جاعوا فشر جياعِ، فأتى بالأمرين جميعا وأشار أبو الطيب إلى أن من أهواه ينأى عني ومن أبغضه يقرب مني لسوء صحبة الدهر أياي كما قال لطف الله بن المعافى، أرى ما أشتهيه يفر مني، وما لا أشتهيه إليّ يأتي، ومن أهواه يبغضني عنادا، ومن أشناه يشبث في لهاتي، كأن الدهر يطلبني بثارٍ، فليس يسره إلا وفاتي،

    فيا ليت ما بيني وبين أحبتي ... من البعد ما بيني وبين المصائب

    ليتهم وأصلوني مواصلة المصائب وليتها بعدت عني بعدهم كما قال أيضا، ليت الحبيب الهاجري هجر الكرى، من غير جرمٍ واصلي صلة الضنا،

    أراك ظننت السلك جسمي فعقتهِ ... عليك بدرٍ عن لقاء الترائب

    أراد بالسلك الخيط الذي ينظم فيه الدر وفي البيت تقديم وتأخير لأن المعنى فعقته بدر عليك يقول لعلك حسبت السلك في دقته جسمي فمنعته عن مباشرة ترائبك بأن سلكته في الدر يشكو مخالفتها إياه وزهدها في وصاله والمعنى ميلك إلى مشاقتي حملك على منافرة شكلي حتى عقت السلك عن مس ترائبك بالدر لمشابهته أياي في الدقة

    ولو قلم القيت في شقِّ رأسهِ ... من السقمِ ما غيرتُ في خط كاتبِ

    تخوفني دون الذي أمرتْ به ... ولم تدر أن العار شر العواقبِ

    الذي أمرت به ملازمة البيت وثرك السفروالذي خوفته به الهلاك وتقدير اللفظ تخوفني بشيء دون الذي أمرت به أي تخوفني بالهلاك وهو دون ما تأمر به من ملازمة البيت لأن فيها عارا والعار شر من البوار.

    ولابد من يومٍ أغر محجلٍ ... يطول استماعي بعده للنوادبِ

    أي يوم مشهور يتيمز بشهرته عن سائر الأيام أكثر فيه قتل أعادي فاسمع بعده صياح النوادب عليهم.

    يهون على مثلي إذا رام حاجةً ... وقوع العوالي دونها والقواضب

    يقول مثلي إذا طلب حاجةً لم يبالِ أن يكون جون الوصول إليها رماح وسيوف يعني يتوصل إليها وإن كان دونها حروب وأهوال وأراد بالوقوع ههنا الحلول كما يقال هذا يقع موقعه أي يحل محله

    كثير حياة المرء مثل قليلها ... يزول وباقي عيشه مثال ذاهب

    هذا حث على الشجاعة ونهي عن الجبن أي إذا كانت الحيوة لا تبقى وإن كانت طويلة فأي معنى للجبن

    إليك فإني لست ممن إذا أتقى ... عضاض الأفاعي نام فوق العقاربِ

    إليك كلمة تبعيد وتحذير يقول تباعدي عني فإني لست ممن إذا اتقى الهلاك صبر على الذل والهوان فجعل عض الأفاعي مثلا للهلاك لكونه قاتلا وجعل لسع العقارب مثلا للعار لأنه لا يقتل وقال ابن فورجة من بات فوق العقارب أدته كثرة لساعها إلى الهلاك كما لو نهشته الأفعى أي العار أيضا يؤدي الإنسان ذا المجد إلى الهلاك لتعيير الناس إياه بل هو اشد فإنه عذاب يتكرر والهلاك دقعةً واحدةً فجعل عض الأفاعي مثلا للهلاك ولسع العقارب مثلا للعار

    أتاني وعيد الأدعياء وأنهم ... أعدوا لي السودان في كفر عاقبِ

    يريد قوما يدعون نسب عليّ رضى الله تعالى عنه أرادوا به سوء وكفر عاقب اسم قرية بالشام

    ولو صدقوا في جدهم لحذرتهم ... فهل في وحدي قولهم غير كاذبِ يقول لو صدقوا في الإنتساب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لجوزت صدقهم في وعيدي فكنت احذرهم لاحتمال صدقهم لكنهم كاذبون في نسبهم فقلت أنهم لا يصدقون في وعيدي خاصة وقال ابن فورجة يقول هل يجوز أن يكون قولهم في وحدي صادقا وقد علم أنهم كاذبون

    إليَّ لعمري قصدُ كل عجيبةٍ ... كأني عجيب في عيون العجائبِ

    بأي بلادٍ لم أجر ذوائبي ... وأي مكانٍ لم تطأه ركائبي

    قال ابن جنى أي لم أدع موضعا من الأرض إلا جولت فيه إما متغزلا وإما غازيا قال ابن فورجة ليس في البيت ما يدل على أنه وطئه غازيا فكيف قصره على الغزو ووجوه السفر كثيرة

    كأن رحيلي كان من كف طاهرٍ ... فأثبت كورى في ظهور المواهبِ

    أي كما أن مواهبه لم تدع موضعا إلا أتته كذلك أنا لم أدع مكانا إلا اتيته فكأني كنت امتطيت مواهبه

    فلم يبق خلق لم يردن فناءه ... وهن له شرب ورود المشاربِ

    أي لم يبق أحد لم ترد مواهبه فناءه ورود الناس المشارب والمواهب شرب للخلق أراد أنها شرب يرد الشارب فهو بخلاف العادة ومعنى وهن له شرب أي وهن ينفعنه كما ينفع الماء وارده

    فتى علمته نفسه وجدوده ... قراع الأعادي وابتذال الرغائبِ

    الابتذال مثل البذل والرغائب جمع الرغيبة وهي كل ما يرغب فيه أي أن شجاعته وجوده غريزتان موروثتان.

    فقد غيب الشهاد عن كل موطنٍ ... ورد إلى أوطانه كل غائب

    الشهاد جمع شاهد وهو الحاضر أي استحضرهم بنداه وردهم إلى أوطانهم بالغنى فاغناهم عن السفر

    كذا الفاطميون الندى في بنانهم ... أعز امحاء من خطوط الرواجبِ

    أي لا يذهب الجود عن بنانهم كما لا تنمحى خطوط رواجبهم وهي ظهور السلاميات والمعنى أن الجود مخلوق فيها خلق خطوط رواجبهم قال أبو عبيدة سمعت أنها قصب الأصابع

    أناس إذا لاقوا عدى فكأنما ... سلاح الذي لاقوا غبار السلاهب

    يقول سلاح أعدائهم عندهم كغابرالخيل لا يعبأون به ولا يتلفتون إليه وخص السلاهب لأنها اسرع وغبارها أدق وألطف ويجوز أن يريد بالسلاهب خيل الممدوحين يقول كأن سلاح الاعداء غبار الخيل الطوال التي ركبوها لقلة احتفالهم به ويجوز أن يريد إن سلاح من يلقونه بالحرب الهرب فيثير الغبار في هربه فكأنه يتقيهم بالغبار

    رموا بنواصيها القسيَّ فجئنها ... دوامي الهوادي سالمات الجوانبِ

    هذا يدل على أنه أراد بالسلاهب خيل الممدوحين لأنه كنى عنها يقول استقبلوا بوجوه خيلهم الرماةَ من العدي وأبدع في هذا لآن القسيّ هي التي يرمي عنها فجعلها يرمي إليها والهوادي الأعناق وهي داميةُ الأعناق لأنها لا تنحرف ولا تعرف إلا التصميم قدما ولهذا كانت سالمة الجوابن من الأعطاف والأعجاز كما قال الآخر، شكرت جيادك منك برد مقيلها، في الحر بين براقعٍ وجلالِ، فجزتك صبرا في الوغى حتى انثنت، جرحى الصدور سوالمَ الأكفالِ،

    أولائك أحلى من حيوةٍ معادةً ... وأكثر ذكرا من دهور الشبائب

    يقول هم في القلوب احلى موقعا من الحياة في النفوس إذا أعيدت فردت على صاحبها وذكرهم أكثر على الألسنة من ذكر أيام الشباب.

    نصرت غليا يا ابنة ببواترٍ ... من الفعل لا فل لها في المضارب

    أي فعلت من الكرم ما دل على كرم أبيك فكان ذلك بمنزلة النصر له وكنى بالبواتر عن الأفعال الحسنة

    وأبهر آيات التهاميِّ أنه ... أبوك وأجدى ما لكم من مناقب قال ابن جنى قد أكثر الناس القول في هذا البيت وهو في الجملة شنيع الظاهر وقد كان يتعسف في الاحتجاج له والاعتذار منه بما لست أراه مقنعا مع هذا فليست الآراء والاعتقادات في الدين ما يقدح في جودة الشعر قال أبو الفضل العروضي فيما أملاه عليّ ذا بيت حسن المعنى مستقيم اللفظ حتى لو قلت أنه أمدح بيت في شعره لم ابعد عن الصواب ولا ذنب له إذا جهل الناس غرضه واشتبه عليهم أما معناه أن قريشا واعداء النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون أن محمدا صنبور أي منفرد ابتر لا عقب له فإذا مات استرحنا منه فانزل الله تعالى أنا أعطيناك الكوثر أي العدد الكثير ولست بالابتر الذي قالوه أن شانئك هو الابتر فقال المتنبي أنتم من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وآيات لتصديقه وتحقيق قول الله تعالى وذلك اجدى ما لكم من مناقب بالجيم فإن قيل الأنساب تنعقد بالأبناء والآباء لا بالبنات والامهات كما قال الشاعر، بنونا بنو أبنائنا وبناتنا، بنوهن أبناء الرجال الأباعد، قلنا هذا خلاف حكم الله تعالى وقوله تعالى في القرآن الحكيم ومن ذريته داءود وسليمان إلى قوله تعالى ويحيى وعيسى فجعل عيسى من أولاد إبراهيم وذريته ولا خلاف أنه لم يكن لعيسى أبٌ وأما ذكر التهامي فإن الله تعالى كان قد أنزل في التوارة أنه باعثٌ نبيا من تهامة من أولاد إسماعيل في آخر الزمان وأمر موسى أمته أن يومنوا به إذا بعث ودل عليه بعلامات أخر فأنكر اليهود نبوته فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنا النبي التهاميّ الأبطحي الأميّ فلا أدري كيف نقموا على المتنبي لفظةً افتخر بها النبي صلى الله عليه وسلم ولما رووا وإحدى بالحاء اضطرب عليهم المعنى واقرأنا أبو الحسن الرخجي أولا والشعراني ثانيا والخوارزمي ثالثا وأجدى ما لكم بالجيم واستقام المعنى واللفظ وتشنيع أبي الفتح وغيره عليه باطل انتهى كلامه وليس يفسد المعنى وإن روى واحدي بالحاء فإنه يقول كون النبي التهامي أبا لكم أحدى مناقبكم أي لكم مناقب كثيرة أحداها انتسابكم إليه وقال ابن فورجة وروى بعضهم وأكبر آيات التهامي أنه أبوك قال يعني به عليذ ابن أبي طالب رضي الله عنه وكان آية من آيات رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    إذا لم تكن نفس النسيب كأصله ... فماذا الذي كرام المناصبِ

    النسيب ذو النسب الشريف والمنصب الأصل يعني أن كرم الأصل لا ينفع مع لؤم النفس يشير إلى من ذكرهم من الادعياء يعني أنهم وإن صدقوا في نسبهم لم يكن لهم به فخر حتى يفعلوا ما فعل آباؤهم كما قال أبو يعقوب الخريمي، إذا أنت لم تحم القديم بحادثٍ، من المجدِ لم ينفعك ما كان من قبلُ، وقال البحتري، ولست أعتد للفتى حسباً، حتى يرى في فعاله حسبه،

    وما قربت أشباه قومٍ أباعدٍ ... وما بعدت أشباه قومٍ أقاربِ

    لم أجد في هذا البيت بيانا شافيا وتفسيرا مقنعا وكل تفسير لا يوافقه لفظ البيت لم يكن تفسيرا للبيت والذي يصح في تفسيره أنه يقول الأشباه من الأباعد لا يقرب بعضهم من بعضٍ لأن الشبه لا يحصل القرب في النسب والاشباه من الأقارب لا يبعد بعضهم من بعض لأن الشبه يؤكد قرب النسب هذا إذا جعل الأشباه الذين يشبه بعضهم بعضا كقوله الناس ما لم يروك أشباه فإن جعلنا الأشباه جمع الشبه من قولهم بينهما شبه فمعنى البيت لم يقرب شبه قومٍ أباعد أي لا يتقاربون في الشبه ولا يشبه بعضهم بعضا ولا يبعد شبه قوم أقارب أي أنهم إذا تقاربوا في النسب تقاربوا في الشبه.

    إذا علويٌ لم يكن مثل طاهرٍ ... فما هو إلا حجة للنواصبِ

    يعني بالنواصب الخوارج الذين نصبوا العداوة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول إذا لم يكن العلوي تقيا ورعا مثل طاهر كان حجةً لاعداء عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه لأنهم يستدلون بنقصه على نقص أبيه

    يقولون تأثير الكواكب في الورى ... فما باله تأثيره في الكواكب تأثير الكواكب مبتدأ محذوف الخبر وتقديره تأثير الكواكب حق أو صدق أو كائن يعني أن الناس يقولون ذلك وعني بتأثيرها السعادة والنحوسة وأما تأثيره في الكواكب فقال ابن جنى أي أنه يبلغ من الأمور ما أراد فكأن الكواكب تبع له وليس تبعا لها هذا كلامه ويحتاج إلى شرح وهو إن الممدوح يجعل المنحوس بحكم المنجم صاحب صعادةٍ بأن يعينه أو ويرفعه أو يطلقه ويزيل عنه حكم النحوسة ويقدر على الضد من هذا فيمن طالعه سعدٌ فهذا تأثيره في الكواكب وكونها تبعا له قال ابن فورجة تأثيره في الكواكب إثارته الغبار حتى لا تظهر وحتى يزول ضوء الشمس وحتى تظهر الكواكب بالنهار قال وهذا اظهر مما قاله ابن جنى.

    علا كتد الدنيا إلى كل غاية ... تسير به سير الذلول براكب

    يريد أن الدنيا قد أطاعته وانقادت له انقياد الدابة الذلول براكبها تسير به إلى كل غايةٍ قصدها وأرادها.

    وحق له أن يسبق الناس جالسا ... ويدرك ما لم يدركوا غير طالبِ

    أي حقيق له أن يتقدم الناس بما له من الفضائل من غير مشقة ويدرك ما يريد من غير طلب ما لم يدركوه يريد تميزه عن الناس وبيان فضله عليهم.

    ويجذى عرانين الملوك وإنها ... لمن قدميه في أجل المراتبِ

    أي وأن يحذى أي يجعل عرانين الملوك نعلا له ثم تكون تلك العرانين في أجل المراتب إذا كانت حذاء لقدميه والمعنى أنه لو وطئها كانت من أجل المراتب من قدميه.

    يد للزمان الجمع بيني وبينه ... لتفريقه بيني وبين النوائب

    هو ابن رسول الله وابن وصيهِ ... وشبههما شبهت بعد التجاربِ

    يرى أن ما ما بان منك لضاربٍ ... بأقتل مما بان منك لعائبِ

    ما الأولى نفيٌ والثانية بمعنى الذي واسم أن محذوف والتقدير يرى أنه ما الذي بان منك لضارب باقتل من الذي بان منك لعائب أي لا يرى القتل أشد من العيب وهذا قول الطاءي، فتًى لا يرى أن الفريصة مقتل، ولكن يرى أن العيوب المقاتل،

    ألا أيها المال الذي قد أباده ... تعز فهذا فعله في الكتائبِ

    يقول لماله لست وحدك مهلكا على يده بل يفعل بالجيوش ما فعله بك

    لعلك في وقتٍ شغلت فؤاده ... عن الجود أو كثرت جيش محاربِ

    حملت إليه من لساني حديقة ... سقاها الحجي سقى الرياض السحائب

    جعل القصيدة كالحديقة وهي الروضة التي احدق بها حاجز وجعل ساقيا لها لأن المعالي التي فيها إنما تحسن بالعقل ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول كما قال، فزججتها متمكنا، زج القلوص أبي مزاده،

    فحييت خير ابن لخير أبٍ بها ... لأشرف بيتٍ في لؤي بن غالبِ

    يقول حييت بالحديقة وهي القصيدة يا خير ابنٍ لخير أب لاشرف بيتٍ في قريشٍ عني بخير ابن الممدوح وخير أبٍ النبي صلى الله عليه وسلم وبأشرف بيتٍ هاشما.

    وقال أبو الطيب يصف فرسا له ويذكر تأخر الكلاء عنه

    ما للمروج الخضر والحدائق ... يشكو خلاها كثرة العوائق

    المرج موضع تمرج فيه الدواب أي ترسل لترعى والخلا الكلاء الرطب والمعنى أن نبتها يشكو كثرة الموانع من الطلوع وأراد بالموانع البرد والثلوج التي تمنع النبات من الظهور

    أقام فيها الثلج كالمرافق ... يعقد فوق السن ريق الباصقِ

    يريد أن ريق الباصق وهو الذي يبصق أي يجمد في فمه لشدة البرد

    ثم مضى لا عاد من مفارق ... بقائدس من ذوبه وسائقِ

    جعل أوائل الذوب قائدا والأواخر سائقا والمعنى أن الثلج قد انحسر بذوبه فكان الذوب قاده وساقه حتى ذهب ويروى من دونه أي من قدامه وذالك أن قائد الشيء يكون أمامه وسائقه يكون خلفه.

    كأنما الطخرور باغي ابقِ ... يأكل من نبتٍ قصيرٍ لاصقِ

    الطخرور اسم فرسه يريد أنه لاعواز المرعي لا يثبت في مكانٍ واحد فهو يطلبه ههنا وهنا كأنه يطلب آبقا لتردده في طلب المرعى وقوله لاصق أي بالأرض لم يرتفع عنها

    كقشرك الحبر من المهارق ... أروده منه بكالشوذانق المهارق جمع المهرق وهو الصحيفة يكتب فيها وهو مغرب مره كرده وذلك أنهم كانوا يأخذون الخرق ويطلونها بشيء ثم يصقلونها ويكتبون عليها شبه رعى فرسه نبتا لاصقا بالأرض بقشر الحبر عن الصحيفة والشوذابق الذي يقال له الشاهين وهو معرب من سه ذانك أي نصف درهم ويراد أنه كنصف البازي يقول اطلب الكلاء والنبت من هذا الفرس بفرس كالشوذانق في خفته.

    بمطلق اليمنى طويل الفائق ... عبل الشوى مقارب المرافقِ

    مطلق اليمنى أن يكون لونها مخالفا للون الثلاث بأن يكون التحجيل فيها والفائق مغرز الرأس في العنق وإذا طال الفائق طال العنق فهو محمود وعبل الشوى غليظ القوائم وإذا تدانت مرافقه كان امدح له

    رحب اللبان نائه الطرائق ... ذي منخرٍ رحبٍ واطل لاحقِ

    رحب اللبان واسع الصدر ويستحب من الفرس أن يكون جلد صدره واسعا يجيء ويذهب ليكون خطوه ابعد فإنه إنما يقدر على توسيع الخطو بسعة جلد صدره وقوله نائه الطرائق قال ابن جنى ناه الشيء ينوه إذا علا ونهت به ونوهته إذا اشدت به والطرائق جمع طريقة يعني الخلق أي هو مرتفع الأخلاق شريفها لعتقه وكرمه وقال ابن فورجة الرواية نابه من النبيه يقال امرؤ نابه إذا كان عظيما جليلا وقد أتى بالنابه البحتري فقال، وينحو نحوها النابه الغمر، وأراد بالطرائق طرائق اللحم يعني أن طرائق اللحم على كفله ومتنه عالية ويسحب سعة المنخر لئلا يحبس نفسه والإطل الخاصرة ولحوقه ضمره.

    محجلٍ نهدٍ كميتٍ زاهقِ ... شادخة غرته كالشارق

    التحجيل بياض القوائم والنهد العالي المشرف والزاهق الذي بين السمين والمهزول والغرة الشادخة التي ملأت الوجه والشارق الشمس شبه بياض وجهه بالشمس

    كأنها من لونه في بارق ... باقٍ على البوغاء والشقائق

    البارق السحاب ذو البرق جعل الغرة برقا وباقي الجسد سحابا يقول كأنها برق في سحاب والبوغاء التراب والشقائق جمع الشقيقة وهي أرض يكون فيها رمل وحصى أي هو باق على السير في السهل والحزن.

    والأبردين والهجير الماحق

    الأبردان الغداة والعشى والهجير شدة الحر والماحق الذي يمحق كل شيء بحرارته كما قال، في ماحقٍ من نهار الصيف محتدمِ، يريد أنه باق على الحر والبرد.

    للفارس الراكض منه الواثق ... خوف الجبان في فؤاد العاشق

    للفارس الواثق بغروسيته خوف منه لنشاطه وشدة قوته أي إذا ركبه كان ذاهل القلب من الخوف

    كأنه في ريد طود شاهق

    في معنى على كقوله تعالى ولأصلبنكم في جذوع النخل يعني كان فارسه على جبلٍ عالٍ لعظم هذا الفرس والريد حرف كم حروف الجبل

    يشأى إلى المسمع صوت الناطق

    أي يسبق الصوت إلى الأذن فيصل إليها قبل وصول الصوت

    لو سابق الشمس من المشارق ... جاء إلى الغرب مجيء السابق

    يترك في حجارة الأبارق ... آثار قلع الحلي في المناطق

    الأبارق جمع الأبرق وهي الآكام التي فيها طين وحجارة يريد أنه لقوة وطئه إذا وطىء الأبرق بحوافره ترك فيه آثارا كآثار الحلى إذا قلع من المنطقة

    مشياً وإن يعد فكالخنادق

    يعني هذا التأثير الذي ذكرنا إنما يكون إذا مشى فإن عدا أثر فيها كالخنادق

    لو أوردت غب سحابٍ صادقِ ... لأحسبت خوامس الأيانق

    لو أوردت تلك الآثار التي هي كالخنادق بعد اقلاع سحاب صادق المطر لكفت نوقا عطاشا ترد الخمس

    إذا اللجام جاءه لطارق ... شحا له شحو الغراب الناعق

    يقول إذا ألجم لأمر طارق بالليل فتح فاه كما يفتح الغراب فاه للنعيق يريد أنه ليس بممتنع من اللجام ويريد أيضا أنه واسع الفم.

    كأنما الجلد لعرى الناهق ... منحدر عن سيتي جلاهقِ

    الناهقان عظمان في مجرى جمع الفرس ويستحب عريه عن اللحم شبه رقة جلده وصلابته على ناهقه بمتن قوس البندق.

    بذ المذاكي وهو في العقائق ... وزاد في الساق على النقانق

    المذاكي جمع مذاك وهو الذي أتى عليه سنة بعد قروحه والعقائق جمع العقيقة وهو الشعر الذي يولد المولود وهو عليه يقول سبق الخيل المسنة وهو مهر عليه شعره الأول وزاد في طول الساق وشدته على النعام كما قال أمرء القيس، له أيطلا ظبيٍ وساقا نعامةٍ،

    وزاد في الوقع على الصواعق ... وزاد في الأذن على الخرانق يعني أن صوت وقع حوافره أشد من صوت الصواعق ويجوز أن يريد أن نار وطىء حوافره يزيد على صواعق السحاب والخرانق جمع الخرنق وهو ولد الأرنب شبه أذنه بأذنها في الدقة والانتصاب.

    وزاد في الحذر على العقاعق ... يميز الهزل من الحقائق

    العقعق ضرب من الغراب يضرب المثل في الحذر بالغراب فيقال أحذر من غراب لشدة تيقظه يحذر حذر الغراب ولهذا قال يميز الهزل من الحقائق أي يعرف أن صاحبه إذا استحضره يطلب حضره هزلا أم حقيقة.

    وينذر الركب بكل سارق ... يريك خرقاً وهو عين الحاذق

    أي لذكائه وحذقه إذا أحس بسارق بالليل صهل ليعلم يمكانه وكذلك خيل الأعراب والخرق ضد الحذق أي لشدة جريه وتناهيه في العدو تظن به خرقا وهو مع ذلك حاذق وحذقه أنه لا يخرج ما عنده من الجري بمرة واحدة بل يعلم ما يراد منه فيستبقي جريه كما قال، وللقارح اليعبوب خير علالةً، من الجذع المرخى وأبعد منزعاً،

    يحك أني شاء حك الباشق ... قوبل من آفقةٍ وآفقِ

    يريد لين معاطفه وإنه يحك به كيف شاء وأين شاء كالباشق الذي ينتهي رأسه ومنقاره إلى أي موضع أراد من جسده والآفق من كل شيء فاضله وشريفه ويقال أيضا أفق بالقصر ومنه قول عروة، أرجل جمتي وأجر ذيلي، ويحمل شكتي أفق كميت، فالمعنى أن العتق يكنفه من قبل أبيه وأمه فكرم الأم يقابل فيه كرم الأب كما يقال مقابل في عمه وخاله أي شريف الطرفين وتمام هذا قوله

    بين عتاق الخيل والعتائق ... فعنقه يربي على البواسقِ

    أي بين كرامها وكرائمها يريد اباءة وامهاته من الخيل الكرام أي هو وسيط في العتق وعنقه يزيد على النخيل الطوال طولا كما قال، وهاديها كأن جذع سحوق،

    وحلقه يمكن فتر الخانق ... أعده للطعن في الفيالق

    يريد أن أعلى حلقه دقيق حتى لو أراد الخانق أن يجمعه بفتره قدر عليه والفيالق الكتائب من الجيش.

    والضرب في الأوجه والمفارق ... والسير في ظل اللواء الخافق

    يحملني والنصل ذا السفاسق ... يقطر في كمي إلى البنائق

    سفاسق النصل طرائقه التي فيه الواحد سفسقة يقول يحملني والسيف في الحرب وهو قوله يقطر يعني النصل يقطر دما في كمي وروى ابن جنى والنصل ذو السفاسق قال أي يحملني والسيف هذه حاله فلذلك رفعه بالابتداء

    لا ألحظ الدنيا بعيني وامق ... ولا أبالي قلة الموافقِ

    أي لا أنظر إليها بعيني من يعشقها فيذل لطلبها ولا أبالي أن لا أجد من يوافقني على طلبي معالي الأمور كما قال، إذا عظم المطلوب قل المساعد،

    أي كبت كل حاسدٍ منافقِ ... أنت لنا وكلنا للخالق

    تقول كبته الله لوجهه أي صرعه قال ابن نجنى يخاطب ممدوحا له وليس في القصيدة شيء من المدح ولم يمدح به أحدا فكيف يخاطب الممدوح وإنما يخاطب الفرس الذي وصفه يقول أنت تكبت حسادي لأنهم يحسدونني لأجلك.

    وقال وقد كبست انطاكية وقتل المهر الحجر فقال

    إذا غامرت في شرفٍ مرومٍ ... فلا تقنع بما دون النجوم

    يقول إذا طلبت شرفا فلا تقنع بما دون اعلاه والمغامرة الدخول في المهالك والمعنى إذا غامرت في طلب شرف

    فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ ... كطعم الموت في أمرٍ عظيمِ

    ستبكي شجوها فرسي ومهري ... صفائح دمعها ماء الجسومِ

    يقول ستسيل سيوفي دما على فرسي ومهري يشير إلى قتل من قتلهما فتجري سيوفه دما كأنه دمع باك عليهما ولما جعل السيوف باكيةً جعل الدماء التي تقطر منها دمعا لها والمعنى ستبكي فرسي ومهري حزنا عليهما سيوفي وكل هذا مجاز واستعارة ومراده أنه يقول سأقتل من قتلهما

    قربن النار ثم نشأن فيها ... كما نشأ العذارى في النعيم روى ابن جنى قربن من قولهم قربت الإبل الماء تقرب إذا وردت صبيحة ليلها يريد أن السيوف وردت النار وهذا قلب المعهود لأن القرب إنما يستعمل في الورود الماء فجعل النار لهذه السيوف كالماء الذي ترده الشاربة والنار تهلك وتفنى وقد أنمت هذه السيوف وربتها تربية النعيم للعذارى يريد أنها تخلصت من الخبث وحسنت صنعتها بحسن تأثير النار في تخليصها وإنما طبعت وطولت سيوفا بعد أن كانت زبرا بالنار فذلك نشأها نشاء العذارى في النعيم ويروي قرين النار أي جعلت النار قرى لها فنشأن بحسن القرى ويروي قرين النار جعل السيوف بما تؤديه إلى النار من الخبث قاريةً لها وكان حكم النماء أن يكون للمقري لا للقاري فعكس موجب القرى بأن جعل النشاء للقاري

    وفارقن الصياقل مخلصاتٍ ... وأيديها كثيرات الكلوم

    يريد أن الصياقل لم تقدر أن تحفظ أيديها من هذه السيوف لحدة شفرتيها

    يرى الجبناء أن العجز عقل ... وتلك خديعة الطبع اللئيم

    لوم طبع الجبان يريه العجز في صورة العقل حتى يظن أن عظه وجريه على حكم الجبن عقل

    وكل شجاعةٍ في المرء تغنى ... ولا مثل الشجاعة في الحكيم

    يعني أن الشجاعة كيفما كانت وفيمنت كانت مغنية كافية وإذا كانت في الرجل الحكيم العاقل كانت أتم وأحسن لأنضمام العقل إليها والمعنى أن الشجاعة في غير الحكيم ليست مثل الشجاعة في الحكيم

    وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً ... وآفته من الفهم السقيم

    أخذه من قول أبي تمام حين قال له أبو سعيد الضرير لم لا تقول ما يفهم فقال يا ابا سعيد لم لا تفهم ما يقال

    ولكن تأخذ الآذان منه ... على قدر القرائح والعلوم

    يقول كل أذن تأخذ مما تسمع على قدر طبع صاحبها وعلمه يعني أن الجاهل إذا سمع شيئا لم يفهمه ولم يعلمه وكل احد على قدر علمه وطبعه يعلم ما يسمع وإذا عاب إنسان قولا صحيحا فذلك لأنه لم يفهمه ولم يقف عليه والقريحة أول ما ينبع من الماء وقريحة الرجل طبيعته والمعنى أن أذن كل أحد ترك من الكلام ما ينبهه عليه طبعه وقال يهجو اسحاق بن إبراهيم بن كيغلغ

    لهوى القلوب سريرة لا تعلم ... عرضا نظرت وخلت أني أسلمُ

    يقول سريرة الهوى لا تعرف ولا يدري من أي تأتي كما قال، إن المحبة أمرها عجب، تلقى عليك وما له سبب، وقوله عرضا أي فجاءة واعتراضا عن غير قصد كقول عنترة، علقتها عرضا وأقتل قومها زعما لعمر أبيك ليس بمزعم، يقول نظرت إليها نظرة عن فجاءة وخلت أني أسلم من هواها

    يا أخت معتنق الفوارس في الوغى ... لأخوك ثم أرق منك وأرحم

    قال ابن جنى يرميه بأخته وبالأبنة وثم اشارة إلى المكان الذي يخلو فيه للحال المكروهة هذا كلامه وإنما أتى هذا من البيت الثاني وهو قوله

    يرنو إليك مع العفاف وعنده ... أن المحبوس تصيب فيما تحكم قال أبو الفضل العروضي فيما أملاه عليّ شبب بامرأةٍ أخوها مبارز قتال يقول هو على قساوة قلبه وأراقته الدماء ارحم منك وكيف يرميه بالأبنة وبأخته وهو يقول يرنو إليك عند المجوس حكمة لما يرى من حسنها حدثنا أبو الفضل العروضي أملاء قال حدثنا أبو نصر محمد بن ظاهر الويزر قال اخبرنا سعيد بن محمد الذهلي عن العنبري قال بينا بشار في جماعة من نساء يداعبهن قلن له ليتنا بناتك فقال وأنا علء دين كسرى قال واحسب لما كانت القصيدة هجاء سبق وهمه إلى الهجاء قبل افتتاحه وقال ابن فورجة شبب بامرأة ومدح أخاها وزعم أنها من بيت الفوراس الأنجاد كما قال في أخرى، متى تزر قوم من تهوى زيارتها، لا يتحفوك بغير البيض والأسل، وكقوله أيضا، ديار اللواتي دارهن عزيزة، بطول القنا يحفظن لا بالتمائم، وكقوله، تحول رماح الخط دون سبائه، ثم قال لحبيبته أنت قاسية القلب وأخوك على بسالته إذا لقى العدو كان أرحم منك لي وأرق عليه منك عليّ ثم أراد المبالغة في ذكر حسنها فقال أخوك يود لو كان دينه دين المجوس فيتزوج بك والنهاية في الحسن إن يود أخوها وأبوها أنها تحل له ولأجل هذا قال أبو بكر الخوارزمي، تخشى عليها أمها أباها، وقال أبو تمام في مثل هذا، بأبي من إذا رآها أبوها، شغفاً قال ليت أنا مجوس، ومثله لعبد الصمد بن المعذل في جارية كان يسميها بنته، أحب بنينتي حبا اراه، يزيد على محبات البنات، أراني منك أهوى قرص خد، ورشفاً للثنايا واللثاتِ، وإلصاقا ببطن منك بطنا، وضما للقرون الواردات، وشيئا لست أذكره مليحاً، به يحظى الفتى عند الفتاة، أرى حكم المجوس إذا لدينا، يكون أحل من ماء الفرات،

    أرعتك رائعة البياض بعارضي ... ولو أنها الولى لراع الأسحم

    رائعة البياض الشعرة البيضاء التي تروع الناظر وروى ابن جنى راعية البياض قال والراعية من الشعر أول شعرة تطلع من الشيب وجمعها راعٍ وأنشد، أهلا براعيةٍ للشيب واحدةٍ، تنفي الشباب وتنهانا عن الغزل، قال أحمد ابن يحيى قال ابن الأعرابي براعيةٍ بتقديم العين وقال غيره برائعة وهي التي تروع الناظر قال وهذه أصوب ومعنى البيت أنه يقول راعك شيبي ولو كان أول لون الشعر بياضا ثم يسود لراعك الأسود إذا ظهر فلا تراعي بالبياض لأنه كالسواد

    لو كان يمكنني سفرت عن الصبا ... فالشيب من للأوان تلثم

    أي لو أمكنني أن أظهر صباي لكشفت عنه فإن حدث السن ولكن الشيب ستر صباي فكأنه تلثم يستر ما تحته من السواد يعني أن على شبابه لثاما من الشيب المستعجل إليه قبل وقته

    ولقد رأيت الحادثات فلا أرى ... يققا يميت ولا سواداً يعصم

    يقول البياض في الشعر لا يكون موجباً للموت فقد يعيش الشيخ والسواد ولا يحفظ من الموت فقد يموت الشاب.

    والهم يخترم الجسيم نحافةً ... ويشيب ناصية الصبي ويهرم

    يقول الحزن يذهب جسم الجسيم بالنحافة ويهرم الصبي قبل أوانه كما قال أبو نواس، وما إن شبت من كبرٍ ولكن، لقيت من الحوادث ما أشابا،

    ذو العقل يشقى في النعيم بعقلهِ ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

    يريد أن العاقل يشقى وإن كان في نعمة لتفكره في عاقبة أمره وعلمه بتحول الأحوال والجاهل ينعم في الشقاوة لغفلته وقلة تفكره في العواقب وقد قال البحتري، أرى الحلم بؤسا في المعيشة للفتى، ولا عيش إلا ما حباك به الجهل، وقال أبو نصر بن نباتة، من لي بعيش الأغبياء فإنه، لا عيش إلا عيش من لم يعلم، وسابق هذه الحلبة بن المعتز في قوله، وحلاوة الدنيا لجاهلها، ومرارة الدنيا لمن عقلا، وأحسن ابن ميكال في قوله، العقل عن درك المطالب عقلة، عجبا لأمر العاقل المعقول، وأخو الدراية والنباهة متعب، والعيش عيش الجاهل المجهول، وقد قالت القدماء ثمرة الدنيا السرور وما سر عاقل قد يراد بتفكره في العواقب وتخوفه إياها.

    والناس قد نبذوا الحفاظ فمطلق ... ينسى الذي يولى وعافٍ يندم

    يريد إنهم لا يحافظون على الحقوق ولا يراعون الاذمة فمطلق من الأشار بنسى ما أزل إليه من الإحسان وعافٍ مجرمٍ ومسيء يندم لأن صنيعته كفرت فلم تشكر

    لا يخدعنك من عدوٍّ دمعه ... وأرحم شبابك من عدوٍّ ترحمُ

    أي لا تنخدع ببكاء العدو وأرحم نفسك من عدو ترحمه فإنه إن ظفر بك لم يبق عليك لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدمُ

    لا يسلم للشريف شرفه من أدى الحساد والمعادين حتى يقتل حساده واعداءه فإذا أراق دماءهم سلم شرفه لأنه يصير مهيبا فلا يتعرض له

    يؤذى القليل من اللئام بطبعه ... من لا يقل كما يقل ويلؤم

    يقول اللئيم مطبوع على اذى الكريم لعدم المشاكلة بينهما وليس يريد بالقليل القليل وبالعدد إنما يريد الخسيس الحقير

    والظلم في خلق النفوس فإن تجد ... ذا عفةٍ فلعلةٍ لا يظلم

    يحمى ابن كيغلغ الطريق وعرسهُ ... ما بين رجليها الطريق الأعظم

    إنما قال هذا لأنه كان قد أخذ الطريق على المتنبي وسأله إن يمدحه فلم يفعل وهرب منه ومعنى البيت من قول الفرزدق، وأبحت أمك يا جرير كأنها، للناس باركةً طريق يعمل، وقد أبدع عليّ بن عباس الرومي في مثل هذا حيث يقول في امرأة أبي يوسف بن المعلم، وتبيت بين مقابلٍ ومدابرٍ، مثل الطريق لمقبلٍ ولمدبرِ، كما جرى المنشار يعتورانهِ، متنازعيه في فليج صنوبرِ، وتقول للضيف المعلم سراجةً، إن شئت في استي فأتني يعتورانه، متنازعيه في فليج صنوبر، وتقول للضيف الملم سراجةً، إن شئت في استي فأتني أو في حري، أنا كعبة النيك التي خلقت له، فتلق مني حيث شئت وكبر، يا زوجةَ الأعمى المباح حريمهُ، يا عرس ذي القرنين لا الإسكندر، باتت إذا أفردت عدة نيكها، قالت عدمت الفرد عين الأعور، فإذا أضفت إلى الفريد قرينه، قالت عدمت مصليا لم يوترِ، ما زال ديدنها وذلك ديدني، حتى بدا علم الصباح الأزهر، أرمى مشيمتها برأس ململمٍ، ريانَ من ماء الشبيبة أعجر، عبلٍ إذا قللاق النساء بحده، نلن الأمان من الولاد الأعسر،

    أقم المسالح فوق شفرِ سكينةٍ ... إن المنى بحلقتيها خضرمُ

    المسالح المواضع يعلق عليها السلاح والشفر حرف الفرج ويريد بحلقتيها الفرج والرحم والخضرم البحر الكثير الماء.

    وأرفق بنفسك إن خلقك ناقصٌ ... واستر أباك فإن أصلك مظلمُ

    معنى وأرفق بنفسك أي لا تتحكك بالشعراء كي لا يذكروا خلقك وأصلك ثم صرح بهذا فقال

    وغناك مسألة وطيشك نفخةٌ ... ورضاك فيشلةٌ وربك درهمُ

    أي أنت مكدٍ فيكون غناك في المسألة عن الناس وليس وراء طيشك حقيقةٌ وإنما ذلك نفخة نفخت فيك

    واحذر مناوأة الرجال فإنما ... تقوى على كمر العبيد وتقدمُ

    ومن البلية عذل من لا يرعوي ... عن غيه وخطاب من لا يفهم

    يمشى بأربعةٍ على أعقابهِ ... تحت العلوج ومن وراء يلجمُ

    يريد أنه يمشي القهقري حبا للاستدخال وكان يجب أن يقول باربع لأنه يريد اليدين والرجلين لكنه ذهب إلى الأعضاء فذكر

    وجفونه ما تستقر كأنها ... مطروفةٌ أو فت فيها حصرمُ

    يريد أنه أبدا يحرك جفونه يستدعي العلوج فيشير لهم بجفونه يحركها حتى كأنها أصيبت بقذى

    وإذا أشار محدثا فكأنه ... قردٌ يقهقه أو عجوز تلطم

    يريد قبح وجهه وكثرة تشنجه وجعل حديثه كضحك القرد حيث لم يفهم لعيه ولهذا جعله مشيرا لأنه لا يقدر على الكلام فيشير وجعل اشارته كلطم العجوز

    يقلي مفارقةً الأكف قذاله ... حتى يكاد على يدٍ يتعممُ

    يريد أنه صفعان تعود أن يصفع فيكاد يتعمم على يده لتصفع يده أيضا

    وتراه أصغر ما تراه ناطقاً ... ويكون أكذب ما يكون ويقسم

    أحقر ما تراه إذا نطق لعيه لا يكاد يبين وأكذب ما يكون إذا حلق كما قال الآخر، فلا تخلق فإنك غير برٍّ، وأكذب ما تكون إذا حلفتا، أراد وأكذب ما يكون مقسما فوضع المضارع موضع الحال وزاد واوا.

    والذل يظهر في الذليل مودةً ... وأود منه لمن يود الأرقم

    يعني أن الذليل يظهر من اذله المودة إذ ليس يقدر على مكافة ولاامتناع عنده فيتودد إليه على أن الحية أقرب إلى المصافاة من الذليل إذا أظهر الود ومعنى لمن يود أي لمن يظهر وده وهذا من قول سديف، ذلها أظهر المودة منها، وبها منكم كحز المواسي،

    ومن العداوة ما ينالك نفعه ... ومن الصداقة ما يضر ويؤلمُ

    يعني أن عداوة الساقط تدل على مباينة طبعه فتنفع وصداقته تدل على مناسبته فتضر وهذا من صالح بن عبد القدوس، عدوك ذو العقل خير من الصديق لك الوامق الأحمق،

    أرسلت تسألني المديح سفاهةً ... صفراء أضيق منك ماذا أزعم صفراء اسم أمه أي هي على سعتها أضيق منك فكيف يتجه لي مدحك

    أترى القيادةَ في سواك تكسباً ... يا ابن الأعير وهي فيك تكرمُ

    أعير تحقير أعور ويجوز أعيور وكان أبوه إبراهيم الأعور القيادة في غيرك كسب وأنت تتكرم بها تظنها كرما

    فلشد ما جاوزت قدرك صاعدا ... ولشد ما قربت عليك الأنجمُ

    يقول ما أشد تجاوزك قدرك حين تطلب مني المديح وعني يالأنجم أبيات شعره

    وأرغت ما لأبي العشائر خالصا ... إن الثناء لمن يزار فينعم

    الأراغة الطلب يقول طلبت من المديح ما هو خالص لأبي العشائر لأنه المنعم على زواره

    ولمن أقمت على الهوانِ ببابهِ ... تدنو فيوجأ أخدعاك وتنهم

    وجأ الأخدع كناية عن الصفع والنهم الزجر الشديد والبيت من قول جرير، قومٌ إذا حضر الملوك وفودهم، نتفت شواربهم على الأبواب،

    ولمن يهين المال وهو مكرم ... ولمن يجر الجيش وهو عرمرم

    ولمن إذا التقت الكماة بمازقٍ ... فنصيبه منها الكمى المعلمُ

    ولربما أطر القناة بفارسٍ ... وثنى فقومها بآخر منهمُ

    يقول إذا أعوجت قناته في مطعون طعن بها آخر فثقفها بذلك

    والوجه أزهر والفؤاد مشيع ... والرمح أسمر والحسام مصممُ

    المشيع الجري والمصمم الذي لا ينبو عن الضريبة

    أفعال من تلد الكرام كريمةٌ ... وفعال من تلدُ الأعاجم أعجمُ

    يعني أن الفعل يشابه النسب فمن كرمت مناسبه كرمت أفعاله وعلى الضد من هذا من كان لئيم النسب كان لئيم الفعل والأعاجم عند العرب لئام وهم يسمون من لم يتكلم بلغتهم اعجم من أي جيلٍ كان قال الراجز، سلوم لو أصبحت وسط الأعجم، بالروم أو بالترك أو بالديلم، إذا لزرناك ولم نسلم، وقول حميد، فلم أر مثلي شاقه صوت مثلها، ولا عربياً شاقه صوت أعجما، فإنه عني بالأعجم حمامةً سمع صوتها.

    وورد عليه الخبر بأن أبن كيغلغ يهدده فقال

    أتاني كلام الجاهل ابن كيغلغِ ... يجوب حزوناً بيننا وسهولا

    أي يأتيني وعيده من مسافة بعيدة

    ولو لم يكن بين ابن صفراء حائلٌ ... وبيني سوى رمحي لكان طويلا

    قال ابن جنى صفراء اسم أمه وقال ابن فورجة صفراء كناية عن الإست والعرب تسب بنسبة الرجل إلى الإست كما قال، بأن بنى إستها نذروا دمي، والقول ما قال ابن جنى ومعنى البيت أنه على بعد يوعدني ولو لم يحل بيني وبينه إلا رمحي لكان ما بيني وبينه طويلا بعيدا لأنه لا يصل إلى لجبنه ولا يقدر على الإقدام عليّ

    وإسحاق مأمون على من أهانه ... ولكن تسلى بالبكاء قليلا

    أي يأمنه مهينه ولا يأوى في الجزاء إلى غير البكاء فتسلى عن إهانة من أهانه بالبكاء

    وليس جميلا عرضه فيصونه ... وليس جميلا أن يكون جميلا

    يقول إنما يصان الجميل وعرضه لا يجمل أن يجمل

    ويكذب ما أذللته بهجائه ... لقد كان من قبل الهجاء ذليلا

    وورد الخبر بأن غلمان ابن كيغلغ قتلوه فقال

    قالوا لنا مات إسحاق فقلت لهم ... هذا الدواء الذي يشفى من الحمق

    إن مات ماتَ بلا فقدٍ ولا أسفٍ ... أو عاش عاش بلا خلقٍ ولا خلقِ

    يقول إن مات مات فلا أسف على موته ولا يتبين بموته خلل فيكون مفقودا كما قال، فإذا مت مت غير فقيدٍ، أو عاش عاش وليس له خلق حسن ولا خلق جميل.

    منه تعلم عبد شق هامته ... خون الصديق ودس الغدر في الملق

    حلق ألف يمينٍ غير صادقةٍ ... مطرودة ككعوب الرمح في نسقِ

    ما زلت أعرفه قردا بلا ذنبٍ ... صفراً من البأس مملوا من النزق

    كريشةٍ بمهب الريح ساقطةٍ ... لا تستقر على حالٍ من القلقِ

    يعني كريشة بمهب الريح ساقطة من القلق لا تستقر على حال أي هو من القلق كهذه الريشة

    تستغرق الكف فوديه ومنكبه ... وتكتسي منه ريح الجورب العرقِ

    يريد أنه يصفع فتستغرق أكف الصافعين هذه المواضع من بدنه وهو خبيث الريح فتنتن أكفهم

    فسائلوا قاتليه كيف مات لهم ... موتا من الضرب أو موتا من الفرق

    وأين موقع حد السيف من شبح ... بغير جسمٍ ولا رأسٍ ولا عنقِ

    لولا اللئام وشيء من مشابهه ... لكان ألأم طفلٍ لف في خرقِ يعني باللئام آباءه يقول لولا ما بينه وبينهم من المشابهة لكان الأم طفل وفي هذا تسويةٌ بينهم وبينه في اللوم

    كلام أكثر من تلقى ومنظره ... مما يشق على الآذان والحدق

    يجوز أن يريد بالمنظر الوجه ويجوز أن يكون مصدرا مضافا إلى المفعول يريد النظر إليه أي أكثر من تلقى من الناس يشق على الآذان استماع كلامه لأنه لا يقول سديدا وعلى الاحداق النظر إليه لما ينطوي عليه من الغل والخيانة وأبطان غير الجميل.

    ونزل على عليّ ابن عسكر ببعلبك فخلع عليه فقال يستأذنه

    روينا يا ابن عسكرٍ الهماما ... ولم يترك نداك بنا هياما

    وصار أحب ما تهدي إلينا ... لغير قلي وداعك والسلاما

    يقول قد استغنينا عن الهدايا وردنا الارتحال فأحب ما تهديه إلينا أن نودعك ونسلم عليك

    ولم نملل تفقدك الموالي ... ولم نذمم أياديك الجساما

    يقول لسنا نرتحل عنك لملال أو لأنا ذممنا أنعامك علينا

    ولكن الغيوث إذا

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1