Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

بذل المجهود في حل سنن أبي داود
بذل المجهود في حل سنن أبي داود
بذل المجهود في حل سنن أبي داود
Ebook717 pages5 hours

بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

اعتنى المؤلف هنا عنايةً كبيرة بأقوال أبي داود وكلامه على الرواة، وعني بتصحيح نسخ السنن المختلفة المنتشرة، وخرّج التعليقات، ووصلها من المصادر الأخرى، ويذكر في كتابه مناسبة الحديث للترجمة، ويذكر الفائدة من تكرار الحديث إن تكرر، ويستطرد في الاستنباط وذكر المذاهب، كما يُعنى ببيان ألفاظ الأحاديث على طريق المزج، ويبين أصولها واشتقاقها.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateSep 7, 1903
ISBN9786425865967
بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Related to بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Related ebooks

Related categories

Reviews for بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    بذل المجهود في حل سنن أبي داود - خليل أحمد السهارنفوري

    الغلاف

    بذل المجهود في حل سنن أبي داود

    الجزء 5

    خليل أحمد السهارنفوري

    1346

    اعتنى المؤلف هنا عنايةً كبيرة بأقوال أبي داود وكلامه على الرواة، وعني بتصحيح نسخ السنن المختلفة المنتشرة، وخرّج التعليقات، ووصلها من المصادر الأخرى، ويذكر في كتابه مناسبة الحديث للترجمة، ويذكر الفائدة من تكرار الحديث إن تكرر، ويستطرد في الاستنباط وذكر المذاهب، كما يُعنى ببيان ألفاظ الأحاديث على طريق المزج، ويبين أصولها واشتقاقها.

    (28) بَابٌ: كَيْفَ الأَذَانُ؟

    497 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِىُّ, حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ, حَدَّثَنَا أَبِى, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ, حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِىُّ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ, حَدَّثَنِى أَبِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ

    ===

    (28) (بَابٌ: كَيْفَ الأذَانُ؟) (1)

    أي: باب في كيفية مشروعية الأذان

    497 - (حدثنا محمد بن منصور الطوسي) هو محمد بن منصور بن داود بن إبراهيم الطوسي، أبو جعفر العابد، نزيل بغداد، قال أحمد: لا أعلم إلَّا خيرًا، وقال النسائي: ثقة، وقال في موضع آخر: لا بأس به، وقال مسلمة: ثقة، ذكره ابن حبان في الثقات، مات سنة 254 هـ.

    (ثنا يعقوب) بن إبراهيم، (ثنا أبي) هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، (عن محمد بن إسحاق) صاحب المغازي، (حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه) الأنصاري الخزرجي المدني، قال العجلي: مدني تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن منده: ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.

    (حدثني أبي) بالإضافة إلى ياء المتكلم (عبد الله بن زيد) بدل من أبي (قال: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناقوس يعمل ليضرب به للناس (1) فيه خلافيتان مشهورتان: إحداهما: أن التكبير في أول الأذان مرتان عند مالك، وأربع عند الثلاثة، والثانية: قال مالك والشافعي بالترجيع، ولم نقل نحن وأحمد به، وحكى فيالبدائع (1/ 365) اختلافًا ثالثًا: أن الختم عند مالك بالتكبير ولم أجده، والرابع في أذان الصبح وسيأتي، وذكر ابن العربي عدة حكم للأذان، راجع إلى عارضة الأحوذي (1/ 307). (ش).

    لِجَمْعِ الصَّلَاةِ، طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا في يَدِهِ،

    ===

    لجمع الصلاة)، فإن قلت: كيف يصح أن يقال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناقوس يعمل؟ وقد ثبت أنه كرهه، وقال: هو من أمر النصارى.

    قلت: ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شَبُّور اليهود وناقوس النصارى فكرههما من أجلهما، ثم بعد ذلك لما كان النصارى أقرب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليهود باعتبار المودة والطواعية لعله اختار (1) أمرهم وأمر بالناقوس أن يعمل، أو يؤول بالإرادة، ولكن يشكل تقدير الإرادة أيضًا فإنه لا يصح أن يريد فعلًا يكرهه لأجل التشبه بالكفار، وهذا على أن يثبت الرواية بصيغة المعلوم.

    ويمكن (2) أن يقال: إن هاهنا لفظة أمر بصيغة المجهول، أي لما أشير رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي أشار له بعض الصحابة بالناقوس ليعمل، وهذا ظاهر على سياق أبي داود، وأما على سياق الدارمي في سننه فالظاهر فيه أن لفظ أمر بلفظ المعلوم ولفظه: فهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل بوقًا كبوق اليهود الذين يدعون بهم لصلاتهم ثم كرهه، ثم أمر بالناقوس فنحت ليضرب به للمسلمين إلى الصلاة، وكذلك سياق حديث ابن ماجه ولفظه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد همَّ بالبوق وأمر بالناقوس، فهذان السياقان بظاهرهما يدلان على أن لفظ أمر بصيغة المعلوم فيهما.

    (طاف بي وأنا نائم) جملة حالية، أي في حالة النوم (رجل) فاعل لطاف والمراد بالرجل طيفه وهو الخيال الذي يلم المائم (يحمل ناقوسًا في يده) (1) قال ابن رسلان: يحتمل أنه أمر به أولًا، ثم كرهه لمشابهة النصارى. (ش).

    (2) ولفظ ابن ماجه: هَمَّ بالبوق وأمر بالناقوس فنحت يؤيد الأول، لكن قال القاري (2/ 156): لعل معناه أراد أن يأمر به، ولفظ ما في نيل الأطار (2/ 451): لما أجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضرب بالناقوس وهو له كاره، وسيأتي حتى نقسوا أو كادوا أن ينقسوا. (ش).

    فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ, أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ فقَالَ (1): وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلاَةِ, قَالَ: أَفَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى, قَالَ: فَقَالَ: تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ,

    ===

    صفة لرجل، (فقلت) أي لذلك الرجل الذي طاف بي في منامي: (يا عبد الله (2)، أتبيع الناقوس؟ فقال) ذاك الرجل: (وما تصنع به؟) أي ما تريد (3) أن تصنع بالناقوس، ولأيِّ غرض تشتريه؟ (فقلت: ندعو به) أي بضربه وصوته المسلمين (إلى الصلاة) ليجتمعوا ويصلوا.

    (قال: أفلا أدلك على ما) أي الذي (هو خير من ذلك؟) أي من الناقوس وضربه، (فقلت له: بلى) دُلّني على ذلك، (قال) أي عبد الله: (فقال) الرجل الطائف: (تقول (4)؟ الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر) أي (5) أكبر من أن يعرف عنه كبريائه وعظمته، أو من أن ينسب إليه ما لا يليق بجلاله، أو من كل شيء سواه، وقيل: معناه الله كبير، وقال بعض المحققين: إن أفعل قد يقطع عن متعلقه قصدًا إلى نفس الزيادة وإفادة المبالغة، ونظيره فلان يعطي ويمنع، وعلى هذا يحمل كل ما جاء من أوصاف الباري جَلَّ وعلا نحو أعلم، ولعل وجه تكريره أربعًا إشارة إلى أن (1) وفي نسخة: قال.

    (2) فيه نداء من لا يعرف اسمه بـ يا عبد الله ونحوه، ابن رسلان. (ش).

    (3) قالوا: وفي الحديث أدبان: الأول: أن من ينظر إلى ما يباع مما يحتاج إليه شيخه أو أستاذه يشتريه من عند نفسه، والثاني: أن البائع إذا يرى للمشتري شيئًا أنفع من سلعته يرشده إليه ولا يكتمه ترويجًا لسلعته، ابن رسلان. (ش).

    (4) أي أربع مرات، فقوله: أمر بلالًا أن يشفع الأذان أي باعتبار المعظم، قاله ابن رسلان. (ش).

    (5) وينبغي الاحتراز من اللحن فيه، فإن بعض المؤذنين يمدون الباء من أكبر، فيقولون: أكبار فينقلب المعنى، فإن أكبار يصير بمعنى الطبل جمع كَبَر، كسبب وأسباب، ابن رسلان. (ش).

    أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ, أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ, أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ, حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ, حَىَّ عَلَى الْفَلاَحِ, حَىَّ عَلَى الْفَلاَحِ, اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّى غَيْرَ بَعِيدٍ, ثُمَّ قَالَ: ثم (1) تَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصَّلاَةَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ, أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ, حَىَّ عَلَى الْفَلاَحِ,

    ===

    هذا الحكم جار في الجهات الأربع، وسار في تطهير شهوات النفس الناشئة عن طبائعها الأربع، كذا قال القاري (2).

    (أشهد أن لا إله) أي لا معبود بحق في الوجود (إلَّا الله، أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حَيَّ) اسم فعل بمعنى الأمر، وفتحت ياؤه لسكون ما قبلها، أي هلموا إليها وأقبلوا إليها (على الصلاة، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، حَيَّ على الفلاح) أي (3) أسرعوا إلى ما هو سبب الخلاص من العذاب، والظفر بالثواب، والبقاء في دار المآب، وهو الصلاة (الله أكبر الله أكبر, لا إله إلَّا الله) ختم به ليتوافق النهاية والبداية إيماءً إلى أنه الأول والآخر.

    (قال) أي عبد الله بن زيد: (ثم استأخر) أي تأخر (عني غير بعيد، ثم قال) ذاك الرجل الطائف: (ثم تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر) مرتين (أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، (1) وفي نسخة: و.

    (2) مرقاة المفاتيح (2/ 150).

    (3) والأوجه عندي أنه أطلق على الصلاة الفلاح، وهو الفوز في الدنيا والآخرة لما ورد في عدة روايات أن الصلاة سبب لسعة الرزق أيضًا، كما أخرجه صاحب الدر المنثور (5/ 538) في تفسير قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} الآية [طه: 132] وفيها: {نَحْنُ نَرْزُقُكَ}. (ش).

    قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ, قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ, اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

    فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ, فَقَالَ: «إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالي, فَقُمْ مَعَ بِلاَلٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ, فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ», فَقُمْتُ مَعَ بِلاَلٍ, فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ

    ===

    قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلَّا الله).

    (فلما أصبحت أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت) أي من الرؤيا (فقال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنها) أي رؤياك (لرؤيا حق) أي صادقة مطابقة للوحي، أو موافقة للاجتهاد (إن شاء الله تعالى) للتبرك أو للتعليق، (فقم (1) مع بلال فألق (2) بفتح الهمزة وكسر القاف من الإلقاء (عليه) أي على بلال (ما رأيت) أي من الأذان (فليؤذن) أي بلال (به) أي بأذانك الذي تلقي إليه (فإنه) أي بلالًا، هذا علة للعدول عن ابن زيد في الأذان (3) وأمره بلالًا بالأذان (أندى) أي أرفع (صوتًا منك) قال النووي (4): يؤخذ من هذا الحديث استحباب كون المؤذن رفيع الصوت وحسنه.

    (فقمت (5) مع بلال، فجعلت ألقيه) أي ألقي الأذان (عليه) أي على بلال (1) أشكل عليه بوجهين: الأول: أن ظاهره شرعية الأذان برؤية عبد الله بن زيد، ووقع في الصحيحين من قول عمر: أو لا تبعثون رجلًا ينادي بالصلاة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: قم يا بلال فناد بالصلاة، والثاني: بناء الحكم الشرعي على الرؤيا، وجوابهما في الأوجز (2/ 9)، وأغرب ابن العربي (1/ 307) حيث قال: حديث عبد الله بن زيد أصح من حديث ابن عمر مع أن حديث ابن عمر متفق عليه، وحديث ابن زيد من روايات السنن. (ش).

    (2) استدل به الشيخ ولي الله الدهلوي في تراجم البخاري جواز أذان الجوق إذا أذنا معًا. (ش).

    (3) وأيضًا فيه تسلية له حيث كان يجب أن يؤذن بنفسه، كما سيأتي في باب الرجل يؤذن ويقيم آخر. (ش).

    (4) شرح صحيح مسلم (2/ 313).

    (5) والقيام للأذان سنَّة، نقل ابن المنذر عليه الإجماع، وذكر المذاهب الرزقاني (1/ 153). (ش).

    وَيُؤَذِّنُ بِهِ. قَالَ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -, وَهُوَ فِى بَيْتِهِ, فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ وَيَقُولُ (1): وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ, لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا رَأَى (2), فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «فَلِلَّهِ الْحَمْدُ». [ت 189، جه 706، حم 4/ 42، دي 1187، خزيمة 363، حب 1679، قط 1/ 241، ق 1/ 390]

    ===

    (ويؤذن به، قال) عبد الله بن زيد: (فسمع ذلك) أي صوت الأذان (عمر بن الخطاب (3) -رضي الله عنه -وهو في بيته) جملة حالية (فخرج) أي مسرعًا (يجر رداءه وبقول: والذي) الواو للقسم (بعثك بالحق يا رسول الله، لقد رأيت مثل ما أري) أي عبد الله بن زيد، ولعل هذا القول صدر عنه بعد ما حكى له بالرؤيا السابقة، أو كان مكاشفة له -رضي الله عنه - وهذا ظاهر العبارة.

    (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلله الحمد) حيث أظهر الحق ظهورًا، قلت: وهذا الحديث الذي أخرجه أبو داود من طريق إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق فيه ذكر الأذان مثنى مثنى، والإقامة مرة مرة.

    ويؤيده ما قال الترمذي بعد ما أخرج هذا الحديث من طريق يحيى بن سعيد الأموي عن محمد بن إسحاق: وقد روى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق أتم من هذا الحديث وأطول، وذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى، والإقامة مرة مرة.

    وكذلك أخرج الدارمي في سننه هذا الحديث من طريق مسلمة، عن محمد بن إسحاق وفيه: ثم استأخر غير كثير، ثم قال مثل ما قال، وجعلها (1) وفي نسخة: يقول: يا رسول الله والذي بعثك بالحق".

    (2) وفي نسخة: ما رأى.

    (3) وفي قوت المغتذي عن مراسيل أبي داود (ص 81) رقم (20): لما رأى عمر الأذان أتى النبي - صلي الله عليه وسلم - ليخبره، وقد جاء الوحي بذلك، فما رأى ثَمَّ إلَّا بلالًا يؤذن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: سبقك بذلك الوحي ... إلخ. (ش).

    . .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .

    ===

    وترًا إلَّا أنه قال: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة"، فهذه الأحاديث تدل على أن الإقامة مرة مرة إلَّا قوله: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة.

    وكذلك يؤيده ما روي عن ابن عمر أنه قال: كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثنى مثنى، والإقامة مرة مرة، غير أنه كان إذا قال: قد قامت الصلاة قالها مرتين، وعن أنس: قال: أمر بلالًا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلَّا الإقامة.

    قال الشوكاني (1): وقد اختلف الناس في ذلك، فذهب الشافعي وأحمد وجمهور العلماء إلى أن ألفاظ الإقامة إحدى عشرة كلمة كلها مفردة إلَّا التكبير في أولها وآخرها, ولفظ قد قامت الصلاة فإنها مثنى مثنى.

    قال الخطابي: مذهب جمهور العلماء والذي جرى به العمل في الحرمين والحجاز والشام واليمن ومصر والمغرب إلى أقصى بلاد الإِسلام أن الإقامة فرادى، وقال أيضًا: مذهب كافة العلماء أنه يكرر قوله: قد قامت الصلاة إلَّا مالكًا فإن المشهور عنه أنه لا يكررها، وذهب الشافعي في قديم قوليه إلى ذلك.

    وذهبت الحنفية والثوري وابن المبارك وأهل الكوفة إلى أن ألفاظ الإقامة مثل الأذان عندهم مع زيادة قد قامت الصلاة مرتين، واستدلوا بما في رواية من حديث عبد الله بن زيد عند الترمذي وأبي داود بلفظ: كان أذان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شفعًا شفعًا في الأذان والإقامة.

    وأجيب عن ذلك بأنه منقطع كما قال الترمذي، وقال الحاكم والبيهقي: الروايات عن عبد الله بن زيد في هذا الباب كلها منقطعة، وقد تقدم ما في سماع ابن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد.

    ويجاب عن هذا الانقطاع أن الترمذي قال بعد إخراج هذا الحديث: (1) نيل الأوطار (2/ 49).

    . .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .

    ===

    عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن زيد ما لفظه: وقال شعبة عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -: أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام، قال الترمذي: وهذا أصح، انتهى.

    وقد روى ابن أبي ليلى عن جماعة من الصحابة منهم عمر وعلي وعثمان وسعد بن أبي وقاص وأبي بن كعب والمقداد وبلال وكعب بن عجرة وزيد بن أرقم وحذيفة بن اليمان وصهيب وخلق يطول ذكرهم، وقال: أدركت مأة وعشرين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كلهم من الأنصار فلا علة للحديث, لأنه على الرواية عن عبد الله بدون توسيط الصحابة مرسل عن الصحابة، وهو في حكم المسند، وعلى روايته عن الصحابة عنه مسند، ومحمد بن عبد الرحمن وإن كان بعض أهل الحديث يضعفه فمتابعة الأعمش إياه عن عمرو بن مرة، ومتابعة شعبة كما ذكر ذلك الترمذي مما يصحح خبره وإن خالفاه في الإسناد وأرسلا، فهي مخالفة غير قادحة.

    واستدلوا أيضًا بما رواه الحاكم والبيهقي في الخلافيات والطحاوي من رواية سويد بن غفلة أن بلالاً كان يثني الأذان والإقامة، وادعى الحاكم فيه الانقطاع، قال الحافظ (1): ولكن في رواية الطحاوي: سمعت بلالاً، ويؤيد ذلك ما رواه ابن أبي شيبة، عن جبر بن علي، عن شيخ - يقال له: حفص - عن أبيه عن جده -وهو سعد القرظ - قال: أذن بلال حياةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أذن لأبي بكر في حياته، ولم يؤذن في زمان عمر، وسويد بن غفلة هاجر في زمن أبي بكر.

    وأما ما رواه أبو داود من أن بلالًا ذهب إلى الشام في حياة أبى بكر فكان بها حتى مات فهو مرسل، وفي إسناده عطاء الخراساني وهو مدلس.

    وروى الطبراني في مسند الشاميين (2) من طريق جنادة بن أبي أمية (1) التلخيص الحبير (1/ 327).

    (2) (2/ 227).

    . .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .

    ===

    عن بلال أنه كان يجعل الأذان والإقامة مثنى مثنى، وفي إسناده ضعف، قال الحافظ: وحديث أبي محذورة في تثنية الإقامة مشهور عند النسائي (1) وغيره، وحديث أبي محذورة حديث صحيح ساقه الحازمي في الناسخ والمنسوخ، وذكر فيه الإقامة مرتين مرتين، وقال: هذا حديث حسن على شرط أبي داود والترمذي والنسائي، وسيأتي ما أخرجه عنه الخمسة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة، وهو حديث صححه الترمذي وغيره، وهو متأخر عن حديث بلال الذي فيه الأمر بإيتار الإقامة, لأنه بعد فتح مكة، لأن أبا محذورة من مسلمة الفتح، وبلالًا أُمِرَ بإفراد الإقامة أول ما شرع الأذان، فيكون ناسخًا.

    وقد روى أبو الشيخ أن بلالًا أذّن بمنى ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثَمَّ مرتين مرتين، وأقام مثل ذلك.

    إذا عرفت هذا تبين لك أن أحاديث تثنية الإقامة صالحة للاحتجاج بها لما أسلفناه، وأحاديث إفراد الإقامة وإن كانت أصح منها لكثرة طرقها وكونها في الصحيحين لكن أحاديث التثنية مشتملة على الزيادة، فالمصير إليها لازم لا سيما مع تأخر تاريخ بعضها كما عرفناك.

    وقد أجاب القائلون بإفراد الإقامة عن حديث أبي محذورة بأجوبة: منها: أن من شرط الناسخ أن يكون أصح سندًا وأقوم قاعدة، وهذا ممنوع، فإن المعتبر في الناسخ مجرد الصحة لا الأصحية.

    ومنها: أن جماعة من الأئمة ذهبوا إلى أن هذه اللفظة في تثنية الإقامة غير محفوظة، وهذا الوجه غير نافع, لأن القائلين بأنها غير محفوظة غاية ما اعتذروا به عدم الحفظ وقد حفظ غيرهم من الأئمة كما تقدم، ومن علم حجة على من لا يعلم. (1) برقم (631 - 632).

    قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وهَكَذَا رِوَايَةُ الزُّهْرِىِّ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ, وَقَالَ فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ, عَنِ الزُّهْرِىِّ: «اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ». وَقَالَ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ, عَنِ الزُّهْرِىِّ فِيهِ: «اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ», لَمْ يُثَنِّيَا (1).

    ===

    وأما رواية إيتار الإقامة عن أبي محذورة فليست كروايته التشفيع على أن الاعتماد على الرواية المشتملة على الزيادة.

    ومنها: أن تثنية الإقامة لو فرض أنها محفوظة وأن الحديث بها ثابت لكانت منسوخة، فإن أذان بلال هو آخر الأمرين, لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا عاد من حنين إلى المدينة أقر بلالًا على أذانه وإقامته، قالوا: وقد قيل لأحمد بن حنبل: أليس حديث أبي محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد, لأن حديث أبي محذورة بعد فتح مكة؟ قال: أليس قد رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة؟ فأقر بلالًا على أذان عبد الله بن زيد، وهذا أنهض ما أجابوا به، لكنه متوقف على نقل صحيح أن بلالًا أذن بعد رجوع النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وأفرد الإقامة، ومجرد قول أحمد بن حنبل لا يكفي، انتهى ملخصًا.

    (قال أبو داود: وهكذا) أي مثل رواية محمد بن إبراهيم، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبيه (رواية الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن زيد)، ولكن اختلف أصحاب الزهري في حديثه (وقال فيه) أي في حديث الزهري (ابن إسحاق) (2) أي محمد بن إسحاق (عن الزهري: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر) أربع مرات (وقال معمر (3) ويونس (4) عن الزهري فيه) أي في حديثه: (الله أكبر الله أكبر) مرتين (لم يثنيا) أي لم يكررا ولم يقولا أربع مرات. (1) وفي نسخة: يثن.

    (2) رواية ابن إسحاق عن الزهري أخرجها أحمد (4/ 43) ومن طريقه البيهقي (1/ 415)، وابن خزيمة (1/ 193) رقم (373).

    (3) ورواية معمر عن الزهري أخرجها عبد الرزاق (1/ 455) رقم (1774).

    (4) ورواية يونس عن الزهري أخرجها البيهقي (1/ 414).

    498 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ, حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِى مَحْذُورَةَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ

    ===

    498 - (حدثنا مسدد) بن مسرهد، (ثنا الحارث بن عبيد) أبو قدامة الإيادي، بكسر الهمزة بعدها تحتانية، نسبة إلى إياد بن نزار البصري المؤذن، قال أحمد: مضطرب الحديث، وقال ابن معين: ضعيف، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال النسائي: ليس بذاك القوي، واستشهد به البخاري متابعة في موضعين، وقال ابن حبان: كان ممن كثر وهمه حتى خرج عن جملة من يحتج بهم إذا انفردوا، قال الساجي: صدوق عنده مناكير، وقال النسائي في الجرح والتعديل: صالح، وقال ابن مهدي: كان من شيوخنا وما رأيت إلَّا جيدًا.

    (عن محمد (1) بن عبد الملك بن أبي محذورة) الجمحي المكي المؤذن، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال عبد الحق: لا يحتج بهذا الإسناد، وقال ابن القطان: مجهول الحال، لا نعلم روى عنه أحد إلَّا الحارث، وقال الذهبي في الميزان (2): محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة، [عن أبيه] في الأذان، ليس بحجة، يكتب حديثه اعتبارًا.

    (عن أبيه) هو عبد الملك بن أبي محذورة الجمحي، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب: مقبول، (عن جده) أبي محذورة القرشي الجمحي المكي المؤذن، له صحبة، كان أحسن الناس أذانًا وأنداهم صوتًا، توفي بمكة سنة 59 هـ وقيل سنة 79 هـ، ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - الأذان بمكة يوم الفتح، اختلف في اسمه واسم أبيه على أقوال، قيل: اسمه أوس، وقيل: سمرة، وقيل: سلمة، وقيل: سلمان، وقال الترمذي في جامعه: وأبو محذورة اسمه سمرة بن مِعْيَر، انتهى، ومعير بكسر الميم وسكون المهملة وفتح التحتانية (1) قال ابن رسلان: ليس في طريق عبد الله بن زيد أصح من هذا, لأن محمدًا سمع من أبيه، وعبد الرحمن لم يسمع من عبد الله بن زيد، فتأمل. (ش).

    (2) ميزان الاعتدال (3/ 631).

    قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, عَلِّمْنِى سُنَّةَ الأَذَانِ. قَالَ: فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِى

    ===

    كمنبر، وقال الزبير بن بكار: أبو محذورة اسمه أوس بن معير بن لوذان بن سعد بن جُمَح، من قال غير هذا فقط أخطأ.

    (قال) أي أبو محذورة: (قلت: يا رسول الله، علمني سنَّة الأذان، قال: فمسح مقدم رأسي).

    وتفصيل القصة فيما أخرجه الدارقطني في سننه (1): قال: خرجت في نفر، وفي رواية: لمَّا خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين خرجت عاشر عشرة من أهل مكة أطلبهم، فكنا في بعض طريق حنين، فقفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حنين، فلقينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الطريق، فأذن مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة، قال: فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون، فصرخنا نحكيه ونستهزئ به، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصوت فأرسل إلينا - وفي رواية: قال - صلى الله عليه وسلم -: ائتوني بهؤلاء الفتيان، فقال: أذِّنوا - إلى أن وقفنا بين يديه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ فأشار القوم كلهم إليّ وصدقوا، فأرسل كلهم وحبسني، فقال: قم فأذن بالصلاة فقمت ولا شيء أكره إليَّ من النبي - صلى الله عليه وسلم - وما يأمرني به، فقمت بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فألقى عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التأذين هو بنفسه، فقال: قل: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر حتى ختم الأذان، وفي آخره: ثم دعاني حين قضيت التأذين، فأعطاني صُرّةً فيها شيء من فضة، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة، ثم أَمرَّها على وجهه، ثُمَّ أَمَرَّ بين ثدييه، ثم على كبده، ثم حتى بلغت يده سُرَّة أبي محذورة، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بارك الله فيك، وبارك الله عليك، فقلت: يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة، فقال: قد أمرتك [به] ، وذهب كل شيء كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كراهيته، وعاد ذلك كله محبة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، الحديث. (1) سنن الدارقطني (1/ 233).

    قَالَ: «تَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, تَرْفَعُ بِهَا صَوْتَكَ, ثُمَّ تَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ, أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ, أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, تَخْفِضُ بِهَا صَوْتَكَ, ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ بِالشَّهَادَةِ, أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ, أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ, أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ, حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ, حَىَّ عَلَى الْفَلاَحِ, حَىَّ عَلَى الْفَلاَحِ. فَإِنْ كَانَ صَلاَةَ الصُّبْحِ قُلْتَ: الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ, الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ, اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ».

    [حم 3/ 408، ن 631، م 379، ت 191، دي 1196، جه 709]

    ===

    (قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (تقول) خبر بمعنى الأمر أي قل (الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، ترفع بها صوتك، ثم تقول: أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة، أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، حَيَّ على الفلاح، فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم (1)، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلَّا الله).

    وهذا الحديث يحتج به على سُنِّيَّة الترجيح في الأذان، وهو أن يرجِّع ويرفع صوته بالشهادتين بعد ما خفض بهما، وبه قال الشافعي ومالك لأنه ثابت في حديث أبي محذورة، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم مشتمل على زيادة غير منافية فيجب قبولها، وهو أيضًا متأخر عن حديث عبد الله بن زيد, لأن (1) فيه أن التثويب في صلاة الصبح وحدها لما روى الترمذي (198) وابن ماجه (715) من حديث بلال مرفوعًا: لا تثوبن في شيء من الصلاة إلَّا في صلاة الفجر، ابن رسلان. (ش).

    499 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ, حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى عُثْمَانُ بْنُ

    ===

    حديث أبي محذورة سنة ثمان من الهجرة بعد حنين، وحديث عبد الله بن زيد في أول الأمر، ويرجحه أيضًا عمل أهل مكة والمدينة به.

    وذهب أبو حنيفة - رحمه الله - والكوفيون إلى عدم استحباب الترجيح، وحجتهم حديث عبد الله بن زيد من غير ترجيع فيه، وأذان الملك النازل من السماء لم يكن فيه ترجيع أيضًا.

    والجواب عن حديث أبي محذورة أن الترجيح في أذانه لم يكن لأجل الأذان بل كان لأجل التعليم، فإنه كان كافرًا، فكرر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشهادتين برفع الصوت لترسخا في قلبه، كما تدل عليه قصته المفصلة، فظن أبو محذورة أنه ترجيع وأنه في أصل الأذان.

    وقد روى الطبراني في معجمه الأوسط (1) عن أبي محذورة أنه قال: ألقى عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان حرفًا حرفًا، الله أكبر الله أكبر إلى آخره لم يذكر فيه ترجيعًا، وأذان بلال بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سفرًا وحضرًا قبل حنين وبعده، وهو مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإطباق أهل الإِسلام إلى أن توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومؤذن أبي بكر الصديق إلى أن توفي من غير ترجيع.

    وأيضًا يدل على عدم الترجيح ما رواه أبو داود والنسائي عن ابن عمر قال: إنما كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة غير أنه يقول: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، وفي رواية بلفظ: مثنى مثنى والإقامة فرادى، وفي هذا دليل على أنه لم يكن فيه ترجيع.

    499 - (حدثنا الحسن بن علي، ثنا أبو عاصم) ضحاك بن مخلد (وعبد الرزاق) بن همام، (عن ابن جريج) عبد الملك، (قال: أخبرني عثمان بن (1) المعجم الأوسط رقم الحديث (1110).

    السَّائِبِ, أَخْبَرَنِى أَبِى وَأُمُّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِى مَحْذُورَةَ, عَنْ أَبِى مَحْذُورَةَ, عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم-, نَحْوَ هَذَا الْخَبَرِ, وَفِيهِ: «الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ, الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ, فِى الأُولَى (1) مِنَ الصُّبْحِ».

    [خزيمة 385، قط 1/ 235، ق 1/ 416، وانظر تخريج الحديث السابق]

    ===

    السائب) الجمحي المكي، مولى أبي محذورة، روى له أبو داود والنسائي حديثًا واحدًا، قال ابن القطان: غير معروف، وقال في التقريب: مقبول.

    (أخبرني أبي) وهو السائب والد عثمان الجمحي المكي، مولى أبي محذورة، ذكره ابن حبان في الثقات، له في أبي داود والنسائي حديث واحد في الأذان، قال الذهبي في الميزان (2): السائب عن مولاه أبي محذورة في الأذان لا يعرف، فإن كان والد عطاء فهو ثقة.

    (وأم عبد الملك بن أبي محذورة) عن أبي محذورة، وعنهما عثمان بن السائب، وقال في التقريب: زوج أبي محذورة مقبولة، (عن أبي محذورة) الجمحي، (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا الخبر) أي مثل الخبر المتقدم عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده.

    (وفيه) أي في هذا الخبر: (الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم في الأولى) (3) أي في الأذان الأول، وبهذ احتراز عن الإقامة (4) (من الصبح) أي يستحب أن يُدْخِلَ في أذان الصبح بعد حَىَّ على الفلاح الصلاة خير من النوم مرتين. (1) وفي نسخة: الأول.

    (2) (4/ 114).

    (3) ولعل التأنيث باعتبار الدعوة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - سماه بها كما ورد: اللَّهُم رب هذه الدعوة التامة الحديث. (ش).

    (4) عند الجمهور، وقال الشافعي في الجديد: احتراز عن الأذان الذي بعد الفجر، فإنه يسن عنده في الأذان قبل الفجر، لكن القديم منه المفتى به عند أهله أنه يُثَوِّبُ في الأذان بعد الفجر أيضًا، قاله ابن رسلان، وبسط اختلاف الأقوال في مذهبه. (ش).

    . .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .

    ===

    والغرض منه بيان الاختلاف في هذا الحديث والحديث المتقدم، فإن قوله: الصلاة خير من النوم ذكر في الحديثين جميعًا، وقوله: في الأولى من الصبح لم يذكر إلَّا في الثاني.

    وهذا التثويب (1) ذهب إلى مشروعيته عمر بن الخطاب وابنه وأنس والحسن البصري وابن سيرين والزهري ومالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وأصحاب الشافعي، وهو رأي الشافعي في القديم، ومكروه عنده في الجديد، وأبو حنيفة، واستدل على ثبوته بهذين الحديثين، والحديث الأول منهما وإن كان في إسناده محمد بن عبد الملك وهو غير معروف الحال، ولكن الثاني منهما صححه ابن خزيمة من طريق ابن جريج، ورواه النسائي من وجه آخر، وصححه أيضًا ابن خزيمة.

    وروى التثويب أيضًا الطبراني والبيهقي بإسناد حسن عن ابن عمر بلفظ: كان الأذان بعد حَيَّ على الفلاح الصلاة خير من النوم مرتين، قال اليعمري: وهذا إسناد صحيح، وروى ابن خزيمة والدارقطني عن أنس أنه قال: من السنَّة إذا قال المؤذن في الفجر: حَيَّ على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم، قال ابن سيد الناس اليعمري: وهو إسناد صحيح، قاله الشوكاني (2).

    وقال القاري (3): وأما قول ابن حجر: وفي هذا تصريح بندب ما ذكر في الصبح، وهو مذهبنا كأكثر العلماء خلافًا لأبي حنيفة، فغير صحيح نشأ عن قلة اطلاع على مذهبه.

    وملخص الاختلاف أن الشافعي - رحمه الله - أخذ بأذان أبى محذورة وإقامة بلال، وأبو حنيفة - رحمه الله - أخذ بأذان بلال وإقامة أبي محذورة، (1) والظاهر شرعيته مرفوعًا، ورواية الموطأ تخالفه، والبسط في الأوجز (2/ 40). (ش).

    (2) نيل الأوطار (2/ 46).

    (3) مرقاة المفاتيح (2/ 153).

    قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدِيثُ مُسَدَّدٍ أَبْيَنُ, قَالَ فِيهِ: وقَالَ: وَعَلَّمَنِى الإِقَامَةَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ, اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ, أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ, أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ, حَىَّ عَلَى الصَّلاَةِ, حَىَّ عَلَى الْفَلاَحِ, حَىَّ عَلَى الْفَلاَحِ, اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ, لاَ إِلَهَ إلَّا اللَّهُ.

    ===

    ومالك - رحمه الله - أخذ بما رأى عليه أهل المدينة من الاقتصار على التكبير مرتين، وعلى كلمة الإقامة مرة واحدة -رضي الله عنهم كلهم-، فإنهم اجتهدوا في متابعة السنَّة،

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1