منهاج السنة النبوية
By ابن تيمية
()
About this ebook
Read more from ابن تيمية
مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقاعدة حسنة في الباقيات الصالحات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجواب في الحلف بغير الله والصلاة إلى القبور، ويليه: فصل في الاستغاثة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرسالة في أصول الدين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالصارم المسلول على شاتم الرسول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsاقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالعقيدة التدمرية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحقيق الإيمان لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمسألة فى المرابطة بالثغور أفضل أم المجاورة بمكة شرفها الله تعالى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsدرء تعارض العقل والنقل Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقاعدة في الصبر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإيمان الأوسط Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنهاج السنة النبوية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرسالة العرشية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرد على من قال بفناء الجنة والنار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإيمان لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمسألة في توحيد الفلاسفة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنقد مراتب الإجماع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحسبة في الإسلام، أو وظيفة الحكومة الإسلامية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرفع الملام عن الأئمة الأعلام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجامع الرسائل لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحقيق القول في مسألة: عيسى كلمة الله والقرآن كلام الله Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرد على المنطقيين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحقوق آل البيت بين السنة والبدعة Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to منهاج السنة النبوية
Related ebooks
المسائل السفرية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح القدير للشوكاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير ابن كثير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنهاج السنة النبوية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمعاني القرآن للفراء - الجزء الثالث Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإعلام الموقعين عن رب العالمين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتفسير البسيط Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإعراب القرآن للنحاس Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير الرازي مفاتيح الغيب (جزء عم) Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتسعينية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإتقان في علوم القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلسان العرب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالاتباع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمعارج القبول بشرح سلم الوصول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصحيح الأدب المفرد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير الطبري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsهمع الهوامع في شرح جمع الجوامع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsاقتطاف الأزاهر والتقاط الجواهر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمسالك في شرح موطأ مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشاف القناع عن متن الإقناع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنزهة النظر في توضيح نخبة الفكر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي: الداء والدواء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsغريب القرآن لابن قتيبة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمشتبهات القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح سنن أبي داود لابن رسلان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsدرج الدرر في تفسير الآي والسور Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأحكام القرآن لابن العربي Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for منهاج السنة النبوية
0 ratings0 reviews
Book preview
منهاج السنة النبوية - ابن تيمية
منهاج السنة النبوية
الجزء 4
ابن تيمية
728
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية هو كتاب ضخم من تأليف الفقيه السنّي ابن تيمية، ويعد هذا الكتب من أشهر مؤلّفاته على الإطلاق، ويشتمل على الرد على الشيعة الإثني عشرية وفرقة القدريّة، وقد كتبه في الأصل رداً على كتاب الفقيه الشيعي المعروف ابن المطهر الحلي منهاج الكرامة.
قول ابن المطهر إن قول الكرامية بالجهة يعني الحدوث والاحتياج إلى جهة ورد ابن تيمية
]
(فَصْلٌ) قَالَ الرَّافِضِيُّ الْمُصَنِّفُ: (1) وَقَالَتِ الْكَرَّامِيَّةُ: إِنَّ اللَّهَ (2) فِي جِهَةٍ فَوْقُ; وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ فِي جِهَةٍ (3) [فَهُوَ مُحْدَثٌ] (4) وَمُحْتَاجٌ إِلَى تِلْكَ الْجِهَةِ
.
فَيُقَالُ لَهُ أَوَّلًا: لَا الْكَرَّامِيَّةُ وَلَا غَيْرُهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ فِي جِهَةٍ مَوْجُودَةٍ تُحِيطُ بِهِ (5) أَوْ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا، بَلْ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَنِيٌّ (6) عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ: سُمِّيَ جِهَةً أَوْ لَمْ يُسَمَّ (7) .
نَعَمْ قَدْ يَقُولُونَ: هُوَ فِي جِهَةٍ
وَيَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ فَوْقَ الْعَالَمِ، فَهَذَا مَذْهَبُ الْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ (8)، وَهُوَ أَيْضًا مَذْهَبُ أَئِمَّةِ الشِّيعَةِ وَقُدَمَائِهِمْ (9) كَمَا (1) فِي (ك) مِنْهَاجُ الْكَرَامَةِ 1/85 (م) .
(2) ك: اللَّهَ تَعَالَى.
(3) ك (فَقَطْ): كُلَّ مَا هُوَ فِي جِهَةٍ فَوْقُ.
(4) فَهُوَ مُحْدَثٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(5) ب، أ: يُحِيطُ بِهَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
(6) ب، أ: عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُسْتَغْنٍ; ن، م: عَلَى أَنَّهُ غَنِيٌّ.
(7) ب، أ: سُمِّيَ جِهَةً أَوْ لَمْ يُسَمَّ جِهَةً; ن: سَوَاءٌ سُمِّيَ جِهَةً أَوْ لَمْ يُسَمَّ.
(8) ب أ: يَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ فَوْقُ، قِيلَ لَهُ: هَذَا مَذْهَبُ الْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
(9) وَقُدَمَائِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب)، (أ) .
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَأَنْتَ لَمْ تَذَكُرْ حُجَّةً عَلَى إِبْطَالِهِ، فَمَنْ شَنَّعَ عَلَى النَّاسِ بِمَذَاهِبِهِمْ (1)، فَلَا بُدَّ أَنْ يُشِيرَ إِلَى إِبْطَالِهِ (2)، وَجُمْهُورُ الْخَلْقِ (3) عَلَى أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَالَمِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَا يَلْفِظُ بِلَفْظِ الْجِهَةِ
فَهُمْ يَعْتَقِدُونَ بِقُلُوبِهِمْ [وَيَقُولُونَ] (4) بِأَلْسِنَتِهِمْ أَنَّ (5) رَبَّهُمْ فَوْقُ، وَيَقُولُونَ إِنَّ هَذَا أَمْرٌ فُطِرُوا عَلَيْهِ وَجُبِلُوا عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهَمَذَانِيُّ (6) لِبَعْضِ (1) ب: فَمَنْ شَنَّعَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ; أ: فَمَنْ شَنَّعَ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ.
(2) ب، أ: إِلَى بُطْلَانِهِ.
(3) ب، أ: وَجُمْهُورُ الْخَلَفِ.
(4) وَيَقُولُونَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(5) أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب)، (أ) .
(6) ن، م: أَبُو الْفَضْلِ الْهَمْدَانِيُّ; ب، أ: أَبُو جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ. وَذَكَرَ الذَّهَبِيُّ فِي الْعِبَرِ
4/85 فِي وَفَيَاتِ سَنَةِ 531: أَبَا جَعْفَرٍ الْهَمَذَانِيَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَافِظَ الصَّدُوقَ. رَحَلَ وَرَوَى عَنِ ابْنِ النَّقُّورِ وَأَبِي صَالِحٍ الْمُؤَذِّنِ وَالْفَضْلِ بْنِ الْمُحِبِّ وَطَبَقَتِهِمْ بِخُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: مَا أَعْرِفُ أَنَّ فِي عَصْرِهِ أَحَدًا سَمِعَ أَكْثَرَ مِنْهُ. تُوُفِّيَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ
وَنَقَلَ هَذَا الْكَلَامَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي شَذَرَاتِ الذَّهَبِ
4/97 وَزَادَ بِقَوْلِهِ: وَقَالَ نَاصِرُ الدِّينِ: كَانَ حَافِظًا مِنَ الْمُكْثِرِينَ ، كَمَا نَقَلَ بَعْضَهُ الْيَافِعِيُّ فِي
مِرْآةِ الْجِنَانِ 3/259، وَلَكِنَّهُمَا جَعَلَا نِسْبَتَهُ: الْهَمْدَانِيَّ، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. وَفِي
الْمُنْتَقَى مِنْ مِنْهَاجِ الِاعْتِدَالِ ذَكَرَ الذَّهَبِيُّ الْعِبَارَةَ كَمَا يَلِي:
كَمَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ لِأَبِي الْمَعَالِي.. . إِلَخْ . وَقَدْ وَرَدَ فِي
طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ لِلسُّبْكِيِّ وَفِي تَرْجَمَةِ الْجُوَيْنِيِّ فِي كِتَابِ
مُخْتَصَرِ الْعُلُوِّ لِلْعَلِيِّ الْغَفَّارِ لِلذَّهَبِيِّ (ط. الْمَكْتَبِ الْإِسْلَامِيِّ، دِمَشْقَ، 1/1401 \ 1981 (بِتَحْقِيقِ الْأَلْبَانِيِّ) مَا يُثْبِتُ أَنَّ الْحِوَارَ التَّالِيَ دَارَ بَيْنَ الْجُوَيْنِيِّ وَبَيْنَ أَبِي جَعْفَرٍ الْهَمَذَانِيِّ; فَفِي
طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ ، 5/190:
.. . عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الْحَافِظِ الْهَمَذَانِيِّ أَخْبَرَهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْهَمَذَانِيُّ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيَّ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) فَقَالَ: كَانَ اللَّهُ وَلَا عَرْشَ، وَجَعَلَ يَتَخَبَّطُ فِي الْكَلَامِ، فَقُلْتُ: قَدْ عَلِمْنَا مَا أَشَرْتَ إِلَيْهِ فَهَلْ عِنْدَ الضَّرُورَاتِ مِنْ حِيلَةٍ؟ فَقَالَ: مَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ وَمَا تَعْنِي بِهَذِهِ الْإِشَارَةِ؟ قُلْتُ: مَا قَالَ عَارِفٌ قَطُّ يَا رَبَّاهُ إِلَّا قَبْلَ أَنْ يَتَحَرَّكَ لِسَانُهُ قَامَ مِنْ بَاطِنِهِ قَصْدٌ لَا يَتَلَفَّتُ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً يَقْصِدُ الْفَوْقِيَّةَ. فَهَلْ لِهَذَا الْقَصْدِ الضَّرُورِيِّ عِنْدَكَ مِنْ حِيلَةٍ؟ فَبَيِّنْهَا نَتَخَلَّصْ مِنَ الْفَوْقِ وَالتَّحْتِ. وَبَكَيْتُ وَبَكَى الْخَلْقُ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى السَّرِيرِ وَصَاحَ بِالْحَيْرَةِ وَخَرَقَ مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَصَارَتْ قِيَامَةٌ فِي الْمَسْجِدِ فَنَزَلَ وَلَمْ يُجِبْنِي إِلَّا بِتَأْفِيفِ الدَّهْشَةِ وَالْحَيْرَةِ، وَسَمِعْتُ بَعْدَ هَذَا مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُونَ: سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: حَيَّرَنِي الْهَمَذَانِيُّ، انْتَهَى ". وَانْظُرْ: مُخْتَصَرَ الْعُلُوِّ لِلْعَلِيِّ الْغَفَّارِ، ص 276 - 277.
مَنْ أَخَذَ يُنْكِرُ الِاسْتِوَاءَ وَيَقُولُونَ (1): لَوِ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ لَقَامَتْ بِهِ الْحَوَادِثُ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (2) مَا مَعْنَاهُ: إِنَّ الِاسْتِوَاءَ عُلِمَ بِالسَّمْعِ، وَلَوْ لَمْ يُرَدْ بِهِ لَمْ نَعْرِفْهُ، وَأَنْتَ قَدْ تَتَأَوَّلُهُ، فَدَعْنَا مِنْ هَذَا وَأَخْبِرْنَا عَنْ هَذِهِ الضَّرُورَةِ الَّتِي نَجِدُهَا فِي قُلُوبِنَا، فَإِنَّهُ مَا قَالَ عَارِفٌ قَطُّ: يَا اللَّهُ، إِلَّا وَقَبْلَ أَنْ يَنْطِقَ بِلِسَانِهِ (3)، يَجِدُ فِي قَلْبِهِ مَعْنًى يَطْلُبُ الْعُلُوَّ لَا يَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَلَا يَسْرَةً، فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ حِيلَةٍ فِي دَفْعِ هَذِهِ الضَّرُورَةِ عَنْ قُلُوبِنَا؟ فَلَطَمَ الْمُتَكَلِّمُ رَأْسَهُ (4) وَقَالَ: حَيَّرَنِي الْهَمْدَانِيُّ، [حَيَّرَنِي الْهَمْدَانِيُّ، حَيَّرَنِي الْهَمْدَانِيُّ] (5) .
وَمَضْمُونُ كَلَامِهِ (6) أَنَّ دَلِيلَكَ عَلَى النَّفْيِ لَوْ صَحَّ فَهُوَ (7) نَظَرِيٌّ، وَنَحْنُ نَجِدُ عِنْدَنَا عِلْمًا ضَرُورِيًّا بِهَذَا (8)، فَنَحْنُ مُضْطَرُّونَ إِلَى هَذَا الْعِلْمِ (9) وَإِلَى (1) ب، أ: وَيَقُولُ.
(2) ع، ن، م: أَبُو الْفَضْلِ.
(3) ب، أ، ن، م: يَنْطِقُ لِسَانُهُ.
(4) ب: رَأَيْتُهُ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالْكَلِمَةُ فِي (أ) غَيْرُ وَاضِحَةٍ.
(5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) .
(6) ب، أ: وَمَعْنَى كَلَامِهِ.
(7) عِبَارَةُ لَوْ صَحَّ فَهُوَ
: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع)، (أ)، (ب) .
(8) ع: وَنَحْنُ عِنْدُنَا عِلْمٌ ضَرُورِيٌّ بِهَذَا.
(9) ن: إِلَى الْعِلْمِ بِالْإِثْبَاتِ; م: إِلَى هَذَا الْإِثْبَاتِ.
هَذَا الْقَصْدِ، فَهَلْ عِنْدَكَ [مِنْ] حِيلَةٍ (1) فِي دَفْعِ هَذَا الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ وَالْقَصْدِ الضَّرُورِيِّ الَّذِي يَلْزَمُنَا لُزُومًا لَا يُمْكِنُنَا دَفْعُهُ عَنْ أَنْفُسِنَا; ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَرِّرْ نَقِيضَهُ.
وَأَمَّا دَفْعُ الضَّرُورِيَّاتِ بِالنَّظَرِيَّاتِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ، لِأَنَّ النَّظَرِيَّاتِ (2) غَايَتُهَا أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهَا بِمُقَدِّمَاتٍ ضَرُورِيَّةٍ. فَالضَّرُورِيَّاتُ أَصْلُ النَّظَرِيَّاتِ، فَلَوْ قَدَحَ فِي الضَّرُورِيَّاتِ بِالنَّظَرِيَّاتِ لَكَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي أَصْلِ النَّظَرِيَّاتِ، فَتَبْطُلُ الضَّرُورِيَّاتُ وَالنَّظَرِيَّاتُ، (3 فَيَلْزَمُنَا بُطْلَانُ قَدْحِهِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ 3) (3)، إِذْ كَانَ قَدْحُ الْفَرْعِ فِي أَصْلِهِ يَقْتَضِي فَسَادَهُ فِي نَفْسِهِ، وَإِذَا فَسَدَ بَطَلَ قَدَحُهُ، (* فَيَكُونُ قَدَحُهُ بَاطِلًا عَلَى [تَقْدِيرِ] صِحَّتِهِ (4) وَعَلَى تَقْدِيرِ فَسَادِهِ *) (5)، فَإِنَّ صِحَّتَهُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِصِحَّةِ أَصْلِهِ، فَإِذَا صَحَّ كَانَ أَصْلُهُ صَحِيحًا، وَفَسَادُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ فَسَادَ أَصْلِهِ، إِذْ قَدْ يَكُونُ الْفَسَادُ مِنْهُ، وَلَوْ قَدَحَ فِي أَصْلِهِ لَلَزِمَ فَسَادُهُ، وَإِذَا كَانَ فَاسِدًا لَمْ يُقْبَلْ قَدْحُهُ، فَلَا يُقْبَلُ قَدْحُهُ بِحَالٍ.
(* وَهَذَا [لِأَنَّ] (6) الدَّلِيلَ النَّظَرِيَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ وَعَلَى تَأْلِيفِهَا قَدْ يَكُونُ فَسَادُهُ مِنْ فَسَادِ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ، وَمِنْ فَسَادِ الْأُخْرَى، وَمِنْ فَسَادِ النَّظْمِ، فَلَا يَلْزَمُ إِذَا كَانَ بَاطِلًا أَنْ يَبْطُلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُقَدِّمَاتِ، بِخِلَافِ الْمُقَدِّمَاتِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ وَاحِدٌ مِنْهَا بَاطِلًا بَطَلَ الدَّلِيلُ *) (7) . (1) ع: فَهَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ; ب، أ، ن، م: فَهَلْ عِنْدَكَ حِيلَةٌ.
(2) ن: الضَّرُورِيَّاتِ.
(3): (3 - 3) سَاقِطٌ مِنْ (ب)، (أ) .
(4) ن: عَلَى صِحَّةِ.
(5) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(6) لِأَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م) .
(7) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ سَاقِطٌ مِنْ (ب)، (أ) .
وَأَيْضًا، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَرَّرُوا ذَلِكَ (1) بِأَدِلَّةٍ عَقْلِيَّةٍ، كَقَوْلِهِمْ: كُلُّ مَوْجُودَيْنِ إِمَّا مُتَبَايِنَانِ وَإِمَّا مُتَدَاخِلَانِ (2)، وَقَالُوا: إِنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ ضَرُورِيٌّ، وَقَالُوا: إِثْبَاتُ مَوْجُودٍ لَا يُشَارُ إِلَيْهِ مُكَابَرَةٌ لِلْحِسِّ وَالْعَقْلِ.
وَأَيْضًا، فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقُرْآنَ نَطَقَ (3) بِالْعُلُوِّ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ [جِدًّا] (4)، حَتَّى قَدْ قِيلَ (5) إِنَّهَا نَحْوُ (6) ثَلَاثِمِائَةِ مَوْضِعٍ، وَالسُّنَنُ مُتَوَاتِرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَكَلَامُ السَّلَفِ الْمَنْقُولِ عَنْهُمْ بِالتَّوَاتُرِ يَقْتَضِي اتِّفَاقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ (7) مَنْ يُنْكِرُهُ.
وَمَنْ يُرِيدُ التَّشْنِيعَ عَلَى النَّاسِ، وَدَفْعَ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ حُجَّةً. وَلْنَفْرِضْ أَنَّهُ لَا يُنَاظِرُهُ إِلَّا أَئِمَّةُ أَصْحَابِهِ (8)، وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا إِلَّا قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ فِي جِهَةٍ فَهُوَ مُحْدَثٌ وَمُحْتَاجٌ إِلَى تِلْكَ الْجِهَةِ
.
فَيُقَالُ لَهُ: لَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ وَلَمْ تَذْكُرْ مَا بِهِ يُعْلَمُ ذَلِكَ (9)، فَإِنَّ قَوْلَكَ: مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى تِلْكَ الْجِهَةِ، إِنَّمَا يَسْتَقِيمُ إِذَا كَانَتِ الْجِهَةُ أَمْرًا وُجُودِيًّا وَكَانَتْ لَازِمَةً لَهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا، فَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْبَارِي لَا يَقُومُ (1) ب، أ: قَرَّرُوا فِي ذَلِكَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) ع، أ: إِمَّا مُتَبَايِنَيْنِ وَإِمَّا مُتَدَاخِلَيْنِ; ن، م: إِمَّا مُتَبَايِنَيْنِ أَوْ مُتَدَاخِلَيْنِ.
(3) ب، أ، ن، م: يَنْطِقُ.
(4) جِدًّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م) .
(5) ع، م: حَتَّى قِيلَ.
(6) نَحْوُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) .
(7) ب، أ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ. وَسَقَطَتْ يَكُنْ
مِنْ (ع) .
(8) أَصْحَابِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب)، (أ) .
(9) ب: مَا بِهِ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ; أ: مَا بِهِ يَعْلَمُوا ذَلِكَ.
إِلَّا بِمَحَلٍّ يَحُلُّ فِيهِ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ ذَلِكَ وَهِيَ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْهُ، فَقَدْ جَعَلَهُ مُحْتَاجًا إِلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ.
وَأَيْضًا لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا قَالَ: إِنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى شَيْءٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إِلَى غَيْرِ مَخْلُوقَاتِهِ. وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ: إِنَّ اللَّهَ مُحْتَاجٌ إِلَى الْعَرْشِ، مَعَ أَنَّهُ خَالِقُ الْعَرْشِ، وَالْمَخْلُوقُ مُفْتَقِرٌ إِلَى الْخَالِقِ، لَا يَفْتَقِرُ الْخَالِقُ إِلَى الْمَخْلُوقِ، وَبِقُدْرَتِهِ قَامَ الْعَرْشُ وَسَائِرُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنِ الْعَرْشِ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إِلَيْهِ.
فَمَنْ فَهِمَ عَنِ الْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ طَوَائِفِ الْإِثْبَاتِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ مُحْتَاجٌ إِلَى الْعَرْشِ فَقَدِ افْتَرَى عَلَيْهِمْ، كَيْفَ وَهَمَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْعَرْشِ؟ فَإِذَا كَانَ مَوْجُودًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ قَبْلَ الْعَرْشِ لَا يَكُونُ إِلَّا مُسْتَغْنِيًا عَنِ الْعَرْشِ.
وَإِذَا كَانَ اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ خَلَقَ الْعَالَمَ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ، وَلَمْ يَجْعَلْ عَالِيَهُ مُحْتَاجًا إِلَى سَافِلِهِ، فَالْهَوَاءُ فَوْقَ الْأَرْضِ وَلَيْسَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، وَكَذَلِكَ السَّحَابُ فَوْقَهَا وَلَيْسَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، وَكَذَلِكَ السَّمَاوَاتُ فَوْقَ السَّحَابِ وَالْهَوَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَيْسَتْ مُحْتَاجَةً إِلَى ذَلِكَ، فَكَيْفَ يَكُونُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مُحْتَاجًا إِلَى مَخْلُوقَاتِهِ (1) لِكَوْنِهِ فَوْقَهَا عَالِيًا عَلَيْهَا؟ ! (1) نَقَلَ مُسْتَجِي زَادَهْ كَلَامَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الَّذِي يَبْدَأُ بِقَوْلِهِ: فَمَنْ فَهِمَ عَنِ الْكَرَّامِيَّةِ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ، ثُمَّ كَتَبَ التَّعْلِيقَ التَّالِيَ: قُلْتُ أَنَا: وَلَا شَكَّ أَنَّ سَلَفَنَا الصَّالِحِينَ مِثْلَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمُتَّبِعِي التَّابِعِينَ أَتْقَى النَّاسِ وَأَوْرَعُهُمْ، وَأَشَدُّهُمُ اتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ وَاقْتِدَاءً بِهِ، وَأَعْرَفُهُمْ لِمُرَادِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى عَلَى عَرْشِهِ بِذَاتِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُجْتَهِدُونَ مِثْلُ إِمَامِنَا أَبِي حَنِيفَةَ وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْإِمَامِ مَالِكٍ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ مُجْمِعُونَ وَمُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ بِذَاتِهِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّأْوِيلِ وَالِاسْتِيلَاءِ إِنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ رَجُلٍ خَبِيثٍ جَاءَ فِي عَصْرِ بَنِي أُمَيَّةَ، فَشَاعَتْ فِتْنَةُ الْجَهْمِيَّةِ بَعْدَ هَذَا الْخَبِيثِ فِي النَّاسِ، حَتَّى يُنْقَلُ عَنْ هَذَا الْخَبِيثِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي لَوْ مَحَوْتُ قَوْلَهُ تَعَالَى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) عَنِ الْقُرْآنِ. فَانْظُرْ إِلَى جَسَارَةِ هَذَا الْخَبِيثِ وَغُلُوِّهِ فِي التَّنْزِيهِ! وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَرْوِي عَنِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشَ أَخْلَفَ رَجُلَيْنِ خَبِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَيْثُ إِنَّهُ يَقُولُ بِأَنَّهُ تَعَالَى مِنْ قَبِيلِ الْأَجْسَامِ، وَالْآخَرُ جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ حَيْثُ جَعَلَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ قَبِيلِ لَا شَيْءَ
.
وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، وَأَنَّ الْقُوَّةَ الَّتِي فِي الْعَرْشِ وَفِي حَمَلَةِ الْعَرْشِ هُوَ خَالِقُهَا، بَلْ نَقُولُ: إِنَّهُ خَالِقُ أَفْعَالِ (1) الْمَلَائِكَةِ الْحَامِلِينَ لِلْعَرْشِ (2); فَإِذَا كَانَ هُوَ الْخَالِقُ لِهَذَا كُلِّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إِلَى غَيْرِهِ.
وَلَوِ احْتَجَّ عَلَيْهِ سَلَفُهُ مِثْلُ يُونُسَ [بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ] الْقُمِّيِّ (3) وَأَمْثَالِهِ مِمَّنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْعَرْشَ يَحْمِلُهُ بِمِثْلِ هَذَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ (4) عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَمْ نَقُلْ إِنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى غَيْرِهِ، بَلْ مَا زَالَ غَنِيًّا عَنِ الْعَرْشِ وَغَيْرِهِ، وَلَكِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَإِذَا جَعَلْنَاهُ قَادِرًا عَلَى هَذَا، كَانَ ذَلِكَ وَصْفًا لَهُ بِكَمَالِ الِاقْتِدَارِ، لَا بِالْحَاجَةِ إِلَى الْأَغْيَارِ. (1) ن، م: لِأَفْعَالِ.
(2) لِلْعَرْشِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) .
(3) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: عَلِيِّ بْنِ يُونُسَ الْقُمِّيِّ، وَهُوَ سَهْوٌ مِنِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ أَوْ مِنَ النَّاسِخِ. وَسَبَقَتْ تَرْجَمَةُ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُمِّيِّ 1/71، 2/235 وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْأَخِيرِ نَقَلَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنِ الْمَقَالَاتِ
لِلْأَشْعَرِيِّ كَلَامَهُ عَنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ.
(4) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب)، (أ) .
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِيمَا مَضَى أَنَّ لَفْظَ الْجِهَةِ
يُرَادُ بِهِ أَمْرٌ مَوْجُودٌ وَأَمْرٌ مَعْدُومٌ; فَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ فَوْقَ الْعَالَمِ كُلِّهِ، لَمْ يَقُلْ: إِنَّهُ فِي جِهَةٍ مَوْجُودَةٍ، إِلَّا أَنْ يُرَادَ (1) بِالْجِهَةِ (* الْعَرْشُ، وَيُرَادُ بِكَوْنِهِ فِيهَا أَنَّهُ عَلَيْهَا، كَمَا قَدْ (2) قِيلَ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ فِي السَّمَاءِ، أَيْ عَلَى السَّمَاءِ.
وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَإِذَا كَانَ فَوْقَ الْمَوْجُودَاتِ كُلِّهَا، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهَا، لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ جِهَةٌ وُجُودِيَّةٌ يَكُنْ فِيهَا، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَيْهَا.
وَإِنْ أُرِيدَ بِالْجِهَةِ *) (3) مَا فَوْقَ الْعَالَمِ، فَذَاكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَا هُوَ أَمْرٌ مَوْجُودٌ (4) حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ أَوْ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ. وَهَؤُلَاءِ أَخَذُوا لَفْظَ الْجِهَةِ بِالِاشْتِرَاكِ وَتَوَهَّمُوا وَأَوْهَمُوا أَنَّهُ (5) إِذَا كَانَ فِي جِهَةٍ كَانَ فِي [كُلِّ] (6) شَيْءٍ غَيْرِهِ، كَمَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ فِي بَيْتِهِ [وَكَمَا يَكُونُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْكَوَاكِبُ فِي السَّمَاءِ] (7)، ثُمَّ رَتَّبُوا عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ مُحْتَاجًا إِلَى غَيْرِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَهَذِهِ مُقَدِّمَاتٌ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: كُلُّ مَا هُوَ فِي جِهَةٍ فَهُوَ مُحْدَثٌ
لَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهِ دَلِيلًا، وَغَايَتُهُ (8) مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ [اللَّهَ] (9) لَوْ كَانَ فِي جِهَةٍ لَكَانَ جِسْمًا، وَكُلُّ جِسْمٍ (1) ن، م: يُرِيدُ.
(2) قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ)، (ب) .
(3) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .
(4) ب، أ: وُجُودِيٌّ.
(5) أَنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب)، (أ) .
(6) كُلِّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م) .
(7) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(8) ن، م، ع: وَغَايَتُهُمْ.
(9) ن، م، أ، ب: مِنْ أَنَّهُ.
مُحْدَثٌ، لِأَنَّ الْجِسْمَ لَا يَخْلُو مِنَ الْحَوَادِثِ [وَمَا لَا يَخْلُو مِنَ الْحَوَادِثِ] (1) فَهُوَ حَادِثٌ.
وَكُلُّ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ فِيهَا نِزَاعٌ: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: قَدْ يَكُونُ فِي الْجِهَةِ مَا لَيْسَ بِجِسْمٍ; فَإِذَا قِيلَ لَهُ: هَذَا خِلَافُ الْمَعْقُولِ، قَالَ: هَذَا أَقْرَبُ إِلَى الْعَقْلِ مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ، فَإِنْ قَبِلَ الْعَقْلُ ذَاكَ قَبِلَ هَذَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَإِنْ رَدَّ هَذَا رَدَّ ذَاكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَإِذَا رَدَّ ذَاكَ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْجِهَةِ، [فَثَبَتَ أَنَّهُ فِي الْجِهَةِ] (2) عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لَا يُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ جِسْمٍ مُحْدَثٌ، كَسَلَفِهِ مِنَ الشِّيعَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْكَلَامُ مَعَهُمْ.
وَهَؤُلَاءِ لَا يُسَلِّمُونَ [لَهُ] (3) أَنَّ الْجِسْمَ لَا يَخْلُو مِنَ الْحَوَادِثِ، بَلْ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ خُلُوُّ الْجِسْمِ عَنِ الْحَرَكَةِ وَكُلِّ حَادِثٍ، كَمَا يُجَوِّزُ مُنَازِعُوهُمْ خُلُوَّ الصَّانِعِ مِنَ الْفِعْلِ إِلَى أَنْ فَعَلَ (4) .
وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ (5) يُنَازِعُهُمْ (6) فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّ مَا لَا يَخْلُو عَنِ الْحَادِثِ (7) فَهُوَ حَادِثٌ. (1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن)، (ب) .
(2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
(3) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م) .
(4) ن، م: إِلَى أَنْ يَفْعَلَ.
(5) ب، أ: مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ.
(6) ب (فَقَطْ): يُنَازِعُونَهُمْ.
(7) ن، م: الْحَوَادِثِ.
وَكُلُّ مَقَامٍ مِنْ هَذِهِ الْمَقَامَاتِ تَعْجِزُ شُيُوخُ الرَّافِضَةِ [الْمُوَافِقِينَ] لِلْمُعْتَزِلَةِ (1) عَنْ تَقْرِيرِ قَوْلِهِمْ فِيهِ عَلَى إِخْوَانِهِمُ الْقُدَمَاءِ مِنَ [الرَّافِضَةِ] (2) فَضْلًا، عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الطَّوَائِفِ.
تَمَّ الْجُزْءُ الثَّانِي بِحَمْدِ اللَّهِ وَيَلِيهِ الْجُزْءُ الثَّالِثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَوَّلُهُ: (فَصْلٌ): قَالَ الرَّافِضِيُّ: وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ مَقْدُورِ الْعَبْدِ. (1) ب، أ، ن، م: شُيُوخُ الرَّافِضَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ.
(2) مِنَ الرَّافِضَةِ: فِي (ع) فَقَطْ.
فصل قول الرافضي إن اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ مَقْدُورِ الْعِبَادِ والرد عليه
فَصْلٌ.
قَالَ الرَّافِضِيُّ (1): وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ مَقْدُورِ الْعِبَادِ
(2) .
فَيُقَالُ لَهُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ دَقِيقِ الْكَلَامِ، وَلَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا الْقَائِلُونَ (3) بِخِلَافَةِ الْخُلَفَاءِ مُتَّفِقُونَ عَلَيْهَا (4) [بَلْ بَعْضُ الْقَدَرِيَّةِ يَقُولُ بِذَلِكَ، وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ الْمُثْبِتُونَ لِلْقَدَرِ فَلَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ شُيُوخِ الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ هُمْ شُيُوخُ هَؤُلَاءِ الْإِمَامِيَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي مَسَائِلِ التَّوْحِيدِ وَالْعَدْلِ (5)، (فَإِنَّ جَمِيعَ مَا يَذْكُرُهُ هَؤُلَاءِ الْإِمَامِيَّةِ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي مَسَائِلِ التَّوْحِيدِ وَالْعَدْلِ) (6)، كَابْنِ النُّعْمَانِ وَالْمُوسَوِيِّ الْمُلَقَّبِ بِالْمُرْتَضَى وَأَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ (7) وَغَيْرِهِمْ، هُوَ (8) مَأْخُوذٌ مِنْ (1) قَالَ الرَّافِضِيُّ: كَذَا فِي (ع) وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) مِنْهَاجِ الْكَرَامَةِ، ص 85 (م)
(2) ب: الْعَبْدُ; م: عَلَى مِثْلِ مَقْدُورَاتِ الْعِبَادِ، وَفِي (أ) سَقَطَتْ عِبَارَةُ: لَا يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِ مَقْدُورِ الْعِبَادِ; وَفِي (ك) فِي 85 (م): عَلَى مِثْلِ مَقْدُورِ الْعَبْدِ، وَآخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى عَيْنِ مَقْدُورِ الْعَبْدِ، وَلَيْسَتْ تَعَالَى
فِي ك.
(3) ع: وَلَا الْقَائِلِينَ
(4) الْكَلَامُ بَعْدَ عِبَارَةِ (مُتَّفِقُونَ عَلَيْهَا) وَإِلَى بِدَايَةِ الْفَصْلِ التَّالِي سَاقِطٌ مِنْ (ن) وَفِي (م) عِبَارَةٌ وَاحِدَةٌ بَدَلًا مِنْ كُلِّ الْكَلَامِ التَّالِي وَهِيَ: بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ
(5) ع: الْعَدْلُ وَالتَّوْحِيدُ
(6) مَا بَيْنَ الْقَوْسَيْنِ فِي (ع) فَقَطْ.
(7) ابْنُ النُّعْمَانِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْبَغْدَادِيُّ الْمُلَقَّبُ بِالشَّيْخِ الْمُفِيدِ. وَالْمُرْتَضَى هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالطُّوسِيُّ هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ شَيْخُ الْإِمَامِيَّةِ وَرَئِيسُ الطَّائِفَةِ وَسَبَقَتْ تَرْجَمَةُ الثَّلَاثَةِ 1/58، 2/83
(8) هُوَ: كَذَا فِي (أ) وَفِي (ب): وَهُوَ; و هُوَ
سَاقِطَةٌ مِنْ (ع) .
كُتُبِ الْمُعْتَزِلَةِ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْهُ مَنْقُولٌ نَقْلَ الْمِسْطَرَةِ وَبَعْضُهُ قَدْ تَصَرَّفُوا فِيهِ.
وَكَذَلِكَ مَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ (1) تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، هُوَ مَنْقُولٌ مِنْ تَفَاسِيرِ الْمُعْتَزِلَةِ كَالْأَصَمِّ (2) وَالْجُبَّائِيِّ (3) وَعَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَمَذَانِيِّ (4) وَالرُّمَّانِيِّ (5) وَأَبِي مُسْلِمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ (6) وَغَيْرِهِمْ، لَا يُنْقَلُ عَنْ قُدَمَاءِ الْإِمَامِيَّةِ مِنْ هَذَا حَرْفٌ وَاحِدٌ، لَا فِي الْأُصُولِ الْعَقْلِيَّةِ وَلَا فِي (1) مِنْ: كَذَا فِي (ع) وَفِي (ب)، (أ): فِي.
(2) ب، أ: كَالِاسْمِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَيْسَانَ الْأَصَمُّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ ضِمْنَ الطَّبَقَةِ السَّادِسَةِ مِنْ طَبَقَاتِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي كِتَابِهِ: (فَضْلُ الِاعْتِزَالِ وَطَبَقَاتُ الْمُعْتَزِلَةِ) ص 267 - 268، تَحْقِيقُ الْأُسْتَاذِ فُؤَاد سَيِّد، طَبْعَةُ الدَّارِ التُّونِسِيَّةِ لِلنَّشْرِ، تُونِسُ 1393 1974 وَسَبَقَتْ تَرْجَمَةُ الْأَصَمِّ وَالْكَلَامُ عَلَى آرَائِهِ 2/569.
(3) يُطْلَقُ اسْمُ الْجُبَّائِيِّ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَالْفِرْقَةُ الَّتِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ هِيَ الْجُبَّائِيَّةُ، سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ 1/395، كَمَا يُطْلَقُ عَلَى ابْنِهِ أَبِي هَاشِمٍ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدٍ، وَالْفِرْقَةُ الَّتِي تَنْتَسِبُ إِلَيْهِ هِيَ الْبَهْشَمِيَّةُ، وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ 1/270، 2/124، وَذَكَرَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ أَبَا عَلِيٍّ ضِمْنَ الطَّبَقَةِ الثَّامِنَةِ فِي الْمَرْجِعِ الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ، ص 287 - 296، وَذَكَرَ ابْنَهُ أَبَا هَاشِمٍ فِي الطَّبَقَةِ التَّاسِعَةِ، ص 304 - 308.
(4) هُوَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ أَحْمَدَ الْهَمَذَانِيُّ الْأَسَدَآبَادِيُّ، الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 415، سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ 1/15، وَانْظُرْ تَرْجَمَتَهُ أَيْضًا فِي كِتَابِ فَضْلِ الِاعْتِزَالِ
ص 121 - 127، وَانْظُرْ كِتَابَ (قَاضِي الْقُضَاةِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الْهَمَذَانِيِّ) تَأْلِيفَ الدُّكْتُورِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عُثْمَان (رَحِمَهُ اللَّهُ)، ط. دَارَ الْعَرَبِيَّةِ، بَيْرُوتَ 1386 1967.
(5) أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرُّمَّانِيُّ، مِنْ مُفَسِّرِي الْمُعْتَزِلَةِ، وَمِنْ كِبَارِ النُّحَاةِ، وُلِدَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ 296 وَتُوُفِّيَ بِهَا 384، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: الْمُنْيَةِ وَالْأَمَلِ لِابْنِ الْمُرْتَضَى، ص 65 - 66، فَضْلِ الِاعْتِزَالِ وَطَبَقَاتِ الْمُعْتَزِلَةِ، ص 333; بُغْيَةِ الْوُعَاةِ لِلسُّيُوطِيِّ، 344 - 345 ط الْخَانْجِيِّ، 1326، وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/461، تَارِيخِ بَغْدَادَ 12/16 - 17، الْأَعْلَامِ 5/134.
(6) هُوَ أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَحْرٍ الْأَصْفَهَانِيُّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ فِي كِتَابِهِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ مَرَّتَيْنِ ص 299، 323: وَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُرْتَضَى الْيَمَانِيُّ فِي ((الْمُنْيَةِ وَالْأَمَلِ)) ص 53، وَقَالَ عَنْهُ: ((صَاحِبُ التَّفْسِيرِ وَالْعِلْمِ الْكَبِيرِ)) وَقَدْ وُلِدَ الْأَصْفَهَانِيُّ عَامَ 254 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 322، وَلَهُ شِعْرٌ، وَوَلِيَ أَصْفَهَانَ وَبِلَادَ فَارِسَ لِلْمُقْتَدِرِ الْعَبَّاسِيِّ، وَانْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الْأَعْلَامِ 6/273، مُعْجَمِ الْمُؤَلِّفِينَ 9/97 لِسَانِ الْمِيزَانِ 5/89; بُغْيَةِ الْوُعَاةِ لِلسُّيُوطِيِّ ص 23، وَقَدْ عَلَّقَ مُسْتَجَى زَادَهْ عِنْدَ هَذَا الْمَوْضِعِ بِقَوْلِهِ: ((وَعِنْدِي تَفْسِيرٌ يُقَالُ لَهُ تَفْسِيرُ (الْكَلِمَةُ غَيْرُ وَاضِحَةٍ) يُنْقَلُ عَنِ الْأَصَمِّ وَالْجُبَّائِيِّ، وَقَدْ كَانَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ يَنْقُلُ فِي تَفْسِيرِهِ الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْأَصْفَهَانِيِّ أَشْيَاءَ وَيَسْتَحْسِنُ أَكْثَرَهَا وَيُرَوِّجُهَا وَيُؤَيِّدُهَا حَتَّى إِنَّهُ نَقَلَ عَنْهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى كَلِمَاتٍ هِيَ خَارِجَةٌ عَنْ إِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ عَنْ إِجْمَاعِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَاسْتَحْسَنَهَا الْإِمَامُ وَأَيَّدَهَا، وَقَدْ بَيَّنْتُ فَسَادَهَا وَبُطْلَانَهَا وَكَوْنَهَا خَارِقَةً لِإِجْمَاعِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي حَاشِيَتِي عَلَى تَفْسِيرِ الْقَاضِي)) .
تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وَقُدَمَاؤُهُمْ كَانُوا أَكْثَرَ اجْتِمَاعًا بِالْأَئِمَّةِ مِنْ مُتَأَخَّرِيهِمْ، يَجْتَمِعُونَ بِجَعْفَرٍ الصَّادِقِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ فَقُدَمَاؤُهُمْ كُلُّهُمْ ضُلَّالٌ، وَإِنْ كَانَ ضَلَالًا (1) فَمُتَأَخِّرُوهُمْ هُمُ الضُّلَّالُ] (2) .
فصل كلام الرافضي في القضاء والقدر أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَفْعَلُ الْقَبَائِحَ
[فَصْلٌ] قَالَ الرَّافِضِيُّ (3): " وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ (4) يَفْعَلُ الْقَبَائِحَ، وَأَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي وَالْكُفْرِ وَأَنْوَاعِ الْفَسَادِ وَاقِعَةٌ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا غَرَضَ لِلَّهِ فِي أَفْعَالِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ (5) لِمَصْلَحَةِ الْعِبَادِ (6) شَيْئًا، (1) ع: وَإِنْ كَانُوا ضُلَّالًا.
(2) هُنَا يَنْتَهِي السَّقْطُ فِي نُسْخَتَيْ (ن)، (م) .
(3) ن، م: الْإِمَامِيُّ. وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) ص [0 - 9] 5 (م) .
(4) عَزَّ وَجَلَّ: فِي (ع) فَقَطْ، وَفِي (ك): إِلَى أَنَّهُ تَعَالَى.
(5) ك: وَلَا يَفْعَلُ.
(6) ن، م: الْعَبْدِ.
وَأَنَّهُ تَعَالَى يُرِيدُ الْمَعَاصِيَ مِنَ الْكَافِرِ وَلَا يُرِيدُ مِنْهُ الطَّاعَةَ وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ أَشْيَاءَ شَنِيعَةً ".
فَيُقَالُ: الْكَلَامُ عَلَى هَذَا مِنْ وُجُوهٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَرَّةٍ أَنَّ مَسَائِلَ الْقَدَرِ وَالتَّعْدِيلِ وَالتَّجْوِيرِ (1) لَيْسَتْ مَلْزُومَةً (2) لِمَسَائِلِ الْإِمَامَةِ وَلَا لَازِمَةً، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يُقِرُّ بِإِمَامَةِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَيَقُولُ (3) مَا قَالَهُ فِي الْقَدَرِ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِالْعَكْسِ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ (4) مُرْتَبِطًا بِالْآخَرِ أَصْلًا وَقَدْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ (5) عَنِ الْإِمَامِيَّةِ: هَلْ أَفْعَالُ الْعِبَادِ خَلْقُ اللَّهِ [تَعَالَى] ؟عَلَى قَوْلَيْنِ (6)، وَكَذَلِكَ الزَّيْدِيَّةُ.
قَالَ الْأَشْعَرِيُّ (7): " وَاخْتَلَفَتِ الزَّيْدِيَّةُ فِي [خَلْقِ] الْأَفْعَالِ (8) وَهُمْ فِرْقَتَانِ: فَالْفِرْقَةُ الْأُولَى مِنْهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ أَفْعَالَ (9) الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ، خَلَقَهَا وَأَبْدَعَهَا وَاخْتَرَعَهَا بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ، فَهِيَ (10) مُحْدَثَةٌ لَهُ مُخْتَرَعَةٌ. وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ (1) ب، أ، ع، م: وَالتَّجْوِيزِ، وَهُوَ خَطَأٌ.
(2) ب، أ: مُسْتَلْزِمَةً.
(3) ب، أ: وَيَقُولُونَ.
(4) ع: وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ، م: وَلَيْسَ أَحَدُ التَّأْثِيرِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5) النَّقْلُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب)، (أ)، وَفِي (م): الْعَقْلُ وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(6) ن، م: خَلْقٌ لِلَّهِ عَلَى قَوْلَيْنِ.
(7) فِي مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ (ط رِيتَرْ، اسْتَانْبُولَ، 1929) 1/72.
(8) ن، م: فِي الْأَفْعَالِ; الْمَقَالَاتِ: فِي خَلْقِ الْأَعْمَالِ.
(9) الْمَقَالَاتِ: أَعْمَالَ.
(10) ع: وَهِيَ.
مِنْهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ لِلَّهِ (1) وَلَا مُحْدَثَةٍ، وَأَنَّهَا كَسْبٌ (2) لِلْعِبَادِ (3) أَحْدَثُوهَا وَاخْتَرَعُوهَا [وَابْتَدَعُوهَا] (4) وَفَعَلُوهَا ".
قُلْتُ: بَلْ غَالِبُ الشِّيعَةِ الْأُولَى كَانُوا مُثْبِتِينَ لِلْقَدَرِ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ إِنْكَارُهُ فِي مُتَأَخِّرِيهِمْ كَإِنْكَارِ الصِّفَاتِ، فَإِنَّ غَالِبَ مُتَقَدِّمِيهِمْ كَانُوا يُقِرُّونَ بِإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَالْقَدَرِ لَا يَكَادُ يُحْصَى، وَأَمَّا الْمُقِرُّونَ بِإِمَامَةِ الْخُلَفَاءِ [الثَّلَاثَةِ] (5) مَعَ كَوْنِهِمْ قَدَرِيَّةً فَكَثِيرُونَ فِي (6) الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِ الْمُعْتَزِلَةِ. (7) فَعَامَّةُ الْقَدَرِيَّةِ تُقِرُّ بِإِمَامَةِ الْخُلَفَاءِ (8)، وَلَا يُعْرَفُ أَحَدٌ مِنْ مُتَقَدِّمِي الْقَدَرِيَّةِ كَانَ يُنْكِرُ خِلَافَةَ الْخُلَفَاءِ، وَإِنَّمَا ظَهَرَ هَذَا لَمَّا صَارَ بَعْضُ النَّاسِ رَافِضِيًّا قَدَرِيًّا جَهْمِيًّا، فَجَمَعَ أُصُولَ الْبِدَعِ كَصَاحِبِ هَذَا الْكِتَابِ وَأَمْثَالِهِ.
وَالزَّيْدِيَّةُ الْمُقِرُّونَ (9) بِخِلَافَةِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ هُمْ (10) مِنَ الشِّيعَةِ، وَفِيهِمْ قَدَرِيَّةٌ وَغَيْرُ قَدَرِيَّةٍ، وَالزَّيْدِيَّةُ خَيْرٌ مِنِ الْإِمَامِيَّةِ، وَأَشْبَهَهُمْ بِالْإِمَامِيَّةِ هُمْ (11) (1) لِلَّهِ: كَذَا فِي (ع)، (أ)، و ((الْمَقَالَاتِ)) وَفِي (ن)، (م): لِلَّهِ تَعَالَى وَفِي (ب): لَهُ.
(2) الْمَقَالَاتِ: وَلَا مُحْدَثَةٌ لَهُ مُخْتَرَعَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ كَسْبٌ.
(3) لِلْعِبَادِ: كَذَا فِي (ع)، (ن)، (م) وَالْمَقَالَاتِ: وَفِي: أ: الْعَبْدُ، ب: الْعَبِيدُ.
(4) وَابْتَدَعُوهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن). وَفِي الْمَقَالَاتِ: وَأَبْدَعُوهَا. وَفِي (م): أَحْدَثُوهَا وَاخْتَرَعُوهَا وَفَعَلُوهَا وَأَبْدَعُوهَا.
(5) الثَّلَاثَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن)، (م)، (ع) .
(6) ب، أ: مِنْ.
(7) وَغَيْرِ الْمُعْتَزِلَةِ: زِيَادَةٌ فِي (ن)، وَفِي (م): وَغَيْرُهُمْ.
(8) ب، أ: يُقِرُّونَ بِخِلَافَةِ الْخُلَفَاءِ: م: مُقِرُّونَ بِإِمَامَةِ الْخُلَفَاءِ.
(9) ب (فَقَطْ): مُقِرُّونَ.
(10) ب، أ: وَهُمْ.
(11) هُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ع)، (م) .
الْجَارُودِيَّةُ أَتْبَاعُ أَبِي الْجَارُودِ (1)
الَّذِينَ يَزْعُمُونَ (2) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَى عَلِيٍّ [بِالْوَصْفِ لَا بِالتَّسْمِيَةِ، فَكَانَ هُوَ الْإِمَامُ مِنْ بَعْدِهِ] (3)، وَأَنَّ النَّاسَ ضَلُّوا وَكَفَرُوا بِتَرْكِهِمُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ الْحَسَنُ هُوَ الْإِمَامُ، ثُمَّ الْحُسَيْنُ.
ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ عَلِيًّا نَصَّ عَلَى إِمَامَةِ الْحَسَنِ، وَالْحَسَنَ نَصَّ عَلَى إِمَامَةِ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ هِيَ شُورَى فِي وَلَدِهِمَا، فَمَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ يَدْعُو إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ، وَكَانَ عَالِمًا (4) فَاضِلًا، فَهُوَ الْإِمَامُ (5) (1) ب، أ، ن، م: ابْنُ الْجَارُودِ; ع: ابْنُ أَبِي الْجَارُودِ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتَهُ، وَهُوَ أَبُو الْجَارُودِ زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْمُنْذِرِ الْهَمَذَانِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ الْعَبْدِيُّ وَيُكَنَّى أَبَا النَّجْمِ وَيُقَالُ لَهُ أَحْيَانًا النَّهْدِيُّ وَالثَّقَفِيُّ الْكُوفِيُّ تُوُفِّيَ مَا بَيْنَ سَنَةِ 150، 160 هـ، وَهُوَ رَأْسُ فِرْقَةِ الْجَارُودِيَّةِ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ. وَيَذْكُرُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ أَنَّ جَعْفَرَ الصَّادِقَ سَمَّاهُ سُرْحُوبًا، وَفَسَّرَ الْبَاقِرُ ذَلِكَ بِأَنَّ سُرْحُوبًا شَيْطَانٌ أَعْمَى يَسْكُنُ الْبَحْرَ، وَكَانَ أَبُو الْجَارُودِ - كَمَا يَقُولُ النُّوبَخْتِيُّ - أَعْمَى الْبَصَرِ أَعْمَى الْقَلْبِ. وَيَزْعُمُ الْجَارُودِيَّةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَى عَلِيٍّ بِالْوَصْفِ دُونَ التَّسْمِيَةِ، فَكَانَ الْإِمَامَ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَنَّ النَّاسَ ضَلُّوا وَكَفَرُوا بِتَرْكِهِمُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ بَعْدَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْإِمَامُ بَعْدَ عَلِيٍّ عِنْدَهُمْ هُوَ الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَيْنُ، ثُمَّ إِنَّ الْإِمَامَةَ شُورَى فِي أَوْلَادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَقَالَ الْجَارُودِيَّةُ بِالْمَهْدِيَّةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ عَلَمَ أَوْلَادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَعِلْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
انْظُرْ عَنِ الْجَارُودِ وَالْجَارُودِيَّةِ: فِرَقَ الشِّيعَةِ لِلنُّوبَخْتِيِّ (ط. الْحَيْدَرِيَّةِ، النَّجَفِ، 1379/1959) ص 75 - 78؛ مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 1/66 - 67؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/140 - 141؛ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 22 - 24؛ نَشْأَةَ الْفِكْرِ الْفَلْسَفِيِّ لِعَلِيِّ سَامِي النَّشَّارِ 2/177 - 181.
(2) ب، أ: الَّذِينَ زَعَمُوا.
(3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن)، (م) .
(4) عَالِمًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب)، وَفِي (أ): وَكَانَ فَصْلًا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(5) ب، أ: فَهُوَ إِمَامٌ.
وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ (1) مِنَ الزَّيْدِيَّةِ: السُّلَيْمَانِيَّةُ أَصْحَابُ (2) سُلَيْمَانَ بْنِ جَرِيرٍ، يَزْعُمُونَ أَنَّ الْإِمَامَةَ شُورَى، وَأَنَّهَا تَصْلُحُ (3) بِعَقْدِ رَجُلَيْنِ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهَا قَدْ تَصْلُحُ فِي الْمَفْضُولِ (4)، وَإِنْ كَانَ الْفَاضِلُ أَفْضَلَ فِي كُلِّ حَالٍ، وَيُثْبِتُونَ إِمَامَةَ الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا كَانَتْ خَطَأً لَا يُفَسَّقُ صَاحِبُهَا لِأَجْلِ التَّأْوِيلِ (5) .
وَالثَّالِثَةُ: (6) الْبُتْرِيَّةُ أَصْحَابُ كُثَيِّرٍ النَّوَّاءِ، قِيلَ: (7) سُمُّوا بُتْرِيَّةً; لِأَنَّ كُثَيِّرًا (8) كَانَ يُلَقَّبُ بِالْأَبْتَرِ. يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ النَّاسِ (9) بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْلَاهُمْ بِالْإِمَامَةِ، وَأَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لَيْسَتْ بِخَطَأٍ; لِأَنَّ عَلِيًّا تَرَكَ ذَلِكَ لَهُمَا، وَيَقِفُونَ فِي عُثْمَانَ وَقَتْلِهِ، وَلَا يُقَدِّمُونَ عَلَيْهِ بِإِكْفَارٍ، كَمَا يُحْكَى عَنِ السُّلَيْمَانِيَّةِ. وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ أَمْثَلُ الشِّيعَةِ، [وَيُسَمَّوْنَ (1) م، ن: الثَّالِثَةُ.
(2) م فَقَطْ: هُمُ السُّلَيْمَانِيَّةُ أَتْبَاعُ.. .
(3) م فَقَطْ: وَأَنَّ الْإِمَامَةَ تَصْلُحُ.. .
(4) ب، أ: لِلْمَفْضُولِ.
(5) السُّلَيْمَانِيَّةُ أَوِ الْجَرِيرِيَّةُ أَصْحَابُ سُلَيْمَانَ بْنِ جَرِيرٍ الرَّقِّيِّ، وَقَدْ ظَهَرَ فِي أَيَّامِ الْمَنْصُورِ، وَمِنْ آرَائِهِمْ زِيَادَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: أَنَّ سُلَيْمَانَ طَعَنَ فِي عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلْأَحْدَاثِ الَّتِي أَحْدَثَهَا وَأَكْفَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَكْفَرَ عَائِشَةَ وَالزُّبَيْرَ وَطَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِإِقْدَامِهِمْ عَلَى قِتَالِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَطَعَنَ سُلَيْمَانُ فِي الْإِمَامِيَّةِ الرَّافِضَةِ فِي أُمُورٍ. انْظُرْ عَنْ سُلَيْمَانَ وَالسُّلَيْمَانِيَّةِ أَوِ الْجَرِيرِيَّةِ: فِرَقَ الشِّيعَةِ لِلنُّوبَخْتِيِّ، ص 30، 85 - 87، مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 1/68، 70، 71 - 72، 73; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 24، الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/141 - 142، نَشْأَةَ الْفِكْرِ الْفَلْسَفِيِّ 2/186 - 188.
(6) م فَقَطْ: وَالرَّابِعَةُ.
(7) ب، أ: الْكُثَيِّرِيَّةُ أَصْحَابُ كُثَيِّرٍ التَّوَصُّلِ; ن، م: الْبُتْرِيَّةُ: أَصْحَابُ النَّوَاقِيلِ.
(8) ب (فَقَطْ): سُمُّوا أَبْتَرِيَّةً لِأَنَّ كُثَيِّرًا مِنْهُمْ وَهُوَ خَطَأٌ.
(9) ع فَقَطْ: أَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَفْضَلَ النَّاسِ.
أَيْضًا الصَّالِحِيَّةَ; لِأَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ (1) إِلَى الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ الْفَقِيهِ] (2) .
وَهَؤُلَاءِ الزَّيْدِيَّةِ فِيهِمْ مَنْ هُوَ فِي الْقَدَرِ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ عَلَى قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: نَقْلُهُ عَنِ الْأَكْثَرِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي نَقْلٌ بَاطِلٌ، بَلْ جُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتَةِ (3) لِلْقَدَرِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ يَقُولُونَ (4): إِنَّ الْعَبْدَ فَاعِلٌ لِفِعْلِهِ (5) حَقِيقَةً، وَأَنَّ لَهُ قُدْرَةً حَقِيقِيَّةً وَاسْتِطَاعَةً حَقِيقِيَّةً، وَهُمْ لَا يُنْكِرُونَ تَأْثِيرَ الْأَسْبَابِ الطَّبِيعِيَّةِ، بَلْ يُقِرُّونَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ (6) مِنْ أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ السَّحَابَ بِالرِّيَاحِ، وَيُنَزِّلُ الْمَاءَ بِالسَّحَابِ، وَيُنْبِتُ النَّبَاتَ بِالْمَاءِ، وَلَا يَقُولُونَ: إِنَّ الْقُوَى وَالطَّبَائِعَ (7) الْمَوْجُودَةَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا، بَلْ يُقِرُّونَ أَنَّ لَهَا تَأْثِيرًا (8) لَفْظًا وَمَعْنًى، حَتَّى جَاءَ لَفْظُ
الْأَثَرِ " فِي (* مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} (1) ع فَقَطْ: يَنْتَسِبُونَ.
(2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن)، (م) وَالْبُتْرِيَّةُ هُمْ أَصْحَابُ كُثَيْرٍ النِّوَاءِ الْأَبْتَرِ، وَيَتَّفِقُونَ مَعَ الصَّالِحِيَّةِ فِي مَذْهَبِهِمْ، وَانْظُرْ عَنِ الْبُتْرِيَّةِ وَالصَّالِحِيَّةِ: فِرَقَ الشِّيعَةِ ص 34 - 35، 77 - 78 مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّينَ 1/68 - 69 الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 24 - 25، الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/142 - 143 نَشْأَةَ الْفِكْرِ الْفَلْسَفِيِّ 2/182 - 168.
(3) ع: الْمُثْبِتُونَ.
(4) ع: يَقُولُ، ن: تَقُولُ. وَفِي (م) الْيَاءُ غَيْرُ الْمُعْجَمَةِ.
(5) لِفِعْلِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب)، (أ) .
(6) أ: بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَالْعَقْلُ: ب: بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ.
(7) ب: قُوَى الطَّبَائِعِ، أ: الْقُوَى الطَّبَائِعَ.
(8) م: بَلْ يَقُولُونَ إِنَّ لَهَا أَثَرًا، ن: بَلْ يُقِرُّونَ إِنَّ لَهَا أَثَرًا.
[سُورَةُ يس: 12]، وَإِنْ كَانَ التَّأْثِيرُ هُنَاكَ أَعَمَّ مِنْهُ فِي الْآيَةِ، لَكِنْ يَقُولُونَ: هَذَا التَّأْثِيرُ هُوَ تَأْثِيرُ الْأَسْبَابِ فِي مُسَبِّبَاتِهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى *) (1) خَالِقُ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ، وَمَعَ أَنَّهُ خَالِقُ السَّبَبِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ آخَرَ يُشَارِكُهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعَارِضٍ يُمَانِعُهُ، فَلَا يَتِمُّ أَثَرُهُ مَعَ خَلْقِ اللَّهِ لَهُ إِلَّا بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ (2) السَّبَبَ الْآخَرَ وَيُزِيلُ الْمَوَانِعَ (3) .
وَلَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي حَكَاهُ هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُثْبِتَةِ لِلْقَدَرِ كَالْأَشْعَرِيِّ، وَمَنْ وَافَقَهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، حَيْثُ لَا يُثْبِتُونَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ قُوَى وَلَا طَبَائِعَ (4)، وَيَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ فَعَلَ عِنْدَهَا لَا بِهَا، وَيَقُولُونَ: إِنَّ قُدْرَةَ الْعَبْدِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي الْفِعْلِ.
وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ: إِنَّ اللَّهَ فَاعِلُ فِعْلِ الْعَبْدِ، وَإِنَّ عَمَلَ (5) الْعَبْدِ لَيْسَ فِعْلًا لِلْعَبْدِ بَلْ كَسْبًا لَهُ (6)، وَإِنَّمَا هُوَ فِعْلُ اللَّهِ فَقَطْ (7) وَجُمْهُورُ (1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ.
(2) ب: فَلَا يَتِمُّ أَثَرُهُ إِلَّا مَعَ خَلْقِ اللَّهِ لَهُ لَا بِهِ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى; أ: فَلَا يَتِمُّ أَثَرُهُ إِلَّا مَعَ خَلْقِ اللَّهِ لَهُ إِلَّا بِهِ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى; ن: فَلَا يَتِمُّ أَثَرُهُ إِلَّا مَعَ خَلْقِ اللَّهِ لَهُ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ; م: فَلَا يَتِمُّ الْأَثَرُ إِلَّا مَعَ خَلْقِ اللَّهِ لَهُ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ.
(3) م فَقَطْ: الْمَانِعَ.
(4) ب، أ: قُوَى الطَّبَائِعِ.
(5) ن، م: فِعْلَ.
(6) ب: بَلْ كَسْبٌ لَهُ، م: بَلْ وَلَا كَسْبًا لَهُ.
(7) ن: فِعْلٌ لِلَّهِ فَقَطْ، وَقَدْ لَخَّصَ مُسْتَجَى زَادَهْ كَلَامَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الَّذِي يَبْدَأُ بِعِبَارَةِ: وَلَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي حَكَاهُ هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُثْبِتَةِ لِلْقَدَرِ، إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ ثُمَّ عَلَّقَ بِقَوْلِهِ: قُلْتُ وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ مَعَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ قُدْرَةَ الْعَبْدِ عَلَى الْإِيجَادِ وَالتَّأْثِيرِ لَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَبِذَلِكَ يَنْسُبُهُمْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْحَقِّ إِلَى الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ، حَتَّى قَالُوا: إِنَّ الْمَجُوسَ إِنَّمَا يُثْبِتُونَ شَرِيكًا وَاحِدًا فَقَطْ وَهُوَ أَهْرَمَانُ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَهُمْ يُثْبِتُونَ لِلَّهِ تَعَالَى شُرَكَاءَ لَا تُحْصَى مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْحَيَوَانَاتِ لِقَوْلِهِمْ بِأَنَّ لَهُمْ إِيجَادَ أَفْعَالِهِمُ الِاخْتِيَارِيَّةِ.
النَّاسِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَعَلَى أَنَّ (1) الْعَبْدَ فَاعِلٌ لِفِعْلِهِ حَقِيقَةً (2) .
وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ مِنْ (3) نَفْيِ الْغَرَضِ الَّذِي هُوَ الْحِكْمَةُ، وَكَوْنِ اللَّهِ لَا يَفْعَلُ لِمَصْلَحَةِ الْعِبَادِ، فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا (4) هُوَ قَوْلُ قَلِيلٍ مِنْهُمْ، كَالْأَشْعَرِيِّ، وَطَائِفَةٌ تُوَافِقُهُ فِي مَوْضِعٍ، وَيَتَنَاقَضُونَ فِي قَوْلِهِمْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (5) .
وَجُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ يُثْبِتُونَ الْحِكْمَةَ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ يَفْعَلُ لِنَفْعِ عِبَادِهِ وَمَصْلَحَتِهِمْ، وَلَكِنْ لَا يَقُولُونَ بِمَا تَقُولُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: [بِأَنَّ مَا حَسُنَ مِنْهُ حَسُنَ مِنْ خَلْقِهِ، وَمَا قَبُحَ مِنْ خَلْقِهِ قَبُحَ مِنْهُ] (6) فَلَا هَذَا وَلَا هَذَا. [وَأَمَّا لَفْظُ الْغَرَضِ
فَتُطْلِقُهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَبَعْضُ الْمُنْتَسِبِينَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ، (7) وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ يَفْعَلُ لِغَرَضٍ أَيْ حِكْمَةٍ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: يَفْعَلُ
(8) لِحِكْمَةٍ وَلَا يُطْلِقُونَ لَفْظَ الْغَرَضِ
] (9) .
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ تَعَالَى يُرِيدُ الْمَعَاصِيَ مِنَ الْكَافِرِ، وَلَا يُرِيدُ مِنْهُ الطَّاعَةَ
فَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، وَهُمُ الَّذِينَ يُوَافِقُونَ الْقَدَرِيَّةَ، فَيَجْعَلُونَ (1) ب، أ: وَأَنَّ.
(2) بَعْدَ كَلِمَةِ: حَقِيقَةً. جَاءَتْ فِي (ب)، (أ) عِبَارَةُ: وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(3) ن، م: عَنْ.
(4) م فَقَطْ: أَنَّ ذَلِكَ.
(5) ن، م: يُوَافِقُونَهُ فِي مَوْضِعٍ، وَيُنَاقِضُونَ قَوْلَهُمْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
(6) أ: بِأَنَّ مَا حَسُنَ مِنْهُ حَسُنَ مِنْ خَلْقِهِ وَمَا قَبُحَ مِنْ خَلْقِهِ قَبُحَ مِنْ خَلْقِهِ، ب: بِأَنَّ مَا حَسُنَ مِنْ خَلْقِهِ حَسُنَ مِنْهُ وَمَا قَبُحَ مِنْ خَلْقِهِ قَبُحَ مِنْهُ، وَسَقَطَتْ هَذِهِ الْعِبَارَاتُ مِنْ (ن)، (م) .
(7) ع: وَبَعْضُ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى السُّنَّةِ.
(8) يَفْعَلُ: فِي (ع) فَقَطْ.
(9) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن)، (م) .
الْمَشِيئَةَ وَالْإِرَادَةَ وَالْمَحَبَّةَ وَالرِّضَا نَوْعًا وَاحِدًا (1)، وَيَجْعَلُونَ الْمَحَبَّةَ وَالرِّضَا وَالْغَضَبَ بِمَعْنَى الْإِرَادَةِ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ الْأَشْعَرِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ، وَطَائِفَةٍ مِمَّنْ يُوَافِقُهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ