Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التفسير البسيط
التفسير البسيط
التفسير البسيط
Ebook732 pages6 hours

التفسير البسيط

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يعتبر كتاب التفسير البسيط – الواحدي من المؤلفات القيمة لدى الباحثين في مجال علوم القرآن والتفسير على نحو خاص، وعلوم الدعوة والعلوم الإسلامية بوجه عام حيث يدخل كتاب التفسير البسيط – الواحدي في نطاق تخصص العلوم القرآنية وعلوم التفسير ووثيق الصلة بالتخصصات الأخرى مثل أصول الفقه، والدعوة، والعقيدة
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateApr 12, 1901
ISBN9786466112235
التفسير البسيط

Read more from الواحدي

Related to التفسير البسيط

Related ebooks

Related categories

Reviews for التفسير البسيط

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التفسير البسيط - الواحدي

    الغلاف

    التفسير البسيط

    الجزء 15

    الواحدي

    468

    يعتبر كتاب التفسير البسيط – الواحدي من المؤلفات القيمة لدى الباحثين في مجال علوم القرآن والتفسير على نحو خاص، وعلوم الدعوة والعلوم الإسلامية بوجه عام حيث يدخل كتاب التفسير البسيط – الواحدي في نطاق تخصص العلوم القرآنية وعلوم التفسير ووثيق الصلة بالتخصصات الأخرى مثل أصول الفقه، والدعوة، والعقيدة

    وقوله تعالى: {وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ}، قال ابن عباس: (يريد: نمرود بن كنعان (3)) (4).

    وقوله تعالى: {وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ} مدين (5): اسم البلد الذي كان فيه قوم شعيب [قال المفسرون: يعني قوم شعيب] (6) أهلكوا بعذاب يوم الظلة (7).

    وقوله تعالى: {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} قال المفسرون: يعني (8) قريات قوم لوط (9)، وهي جمع مؤتفكة، ومعنى الائتفاك في اللغة: الانقلاب (10)، (1) ساقط من (ى).

    (2) اهـ. كلام الزجاج، انظر: معاني القرآن وإعرابه 2/ 461.

    (3) يقال: إنه النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، وكان أحد ملوك إلى الدنيا، وقد طغا وبغى وتجبر، وادعى الربوبية، وأنكر الخالق جل جلاله وسعى لإحراق إبراهيم -عليه السلام-، ويذكر أن سبب هلاكه بعوضة دخلت في منخره. والله أعلم.

    انظر: تاريخ ابن جرير 1/ 233 - 242، والبداية والنهاية 1/ 148.

    (4) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير 3/ 468، والمؤلف في الوسيط 2/ 509.

    (5) ساقط من (ح).

    (6) ما بين المعقوفين ساقط من (ى).

    (7) انظر: تفسير ابن جرير 10/ 177، والثعلبي 6/ 126 أ، والبغوي 4/ 72.

    (8) ساقطة من (ى).

    (9) انظر المصادر السابقة، نغسر المواضع.

    (10) قال ابن فارس: أئتفكت البلدة بأهلها: انقلبت. مجمل اللغة (أفك) 1/ 99.

    وتلك القرى ائتفكت بأهلها، أي انقلبت بأهلها (1) فصار أعلاها أسفلها و (المؤتفكات) معطوفة على (مدين) يعني: وأصحاب المؤتفكات.

    ويقال: أفكه فائتفك أي: قلبه فانقلب (2).

    وقوله تعالى: {أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}، قال عطاء عن ابن عباس: (لوط وحده) (3) فعلى هذا قال المفسرون: (كان لوط قد بعث في كل قرية رسولاً يدعوهم إلى الله) (4)، ويجوز أن يكون هذا من الجمع الذي أريد به الواحد كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: 51] ولم يكن في عصره سواه رسول، وقال آخرون: (الكناية في الرسل تعود إلى جميع الأمم المذكورة) (5).

    وقوله تعالى: {فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ}، قال ابن عباس: (يريد ليهلكهم حتى يبعث إليهم نبيا ينذرهم) (6) {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [قال أبو إسحاق: (أعلم الله -عز وجل - أن تعذيبهم كان باستحقاقهم وأن ذلك عدل منه) (7)] (8).

    71 - قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، قال ابن (1) من (ى).

    (2) انظر: لسان العرب (أفك) 1/ 97.

    (3) لم أقف عليه.

    (4) ذكر هذا التوجيه ابن جرير 10/ 178، والقرطبي 8/ 202، وأبو حيان في البحر المحيط 5/ 70.

    (5) انظر: تفسير ابن جرير 10/ 178، وابن الجوزي 3/ 468، وهود بن محكم 2/ 150، واستظهر هذا القول أبو حيان في البحر المحيط 5/ 458.

    (6) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير 3/ 468، والمؤلف في الوسيط 2/ 509.

    (7) معاني والقرآن وإعرابه للزجاج 2/ 461.

    (8) ما بين المعقوفين ساقط من (ى).

    عباس: (يريد في الرحمة والمحبة) (1).

    قال أبو علي: (المعنى فيه أن بعضهم يوالي بعضًا ولا يبرأ بعضهم من بعض كما يبرؤون ممن خالفهم وشاقهم، ولكنهم يد واحدة في النصرة والموالاة، فهم أهل كلمة واحدة لا يفترقون، ومن ثم قالوا في خلاف الولاية: العداوة، ألا ترى أن العداوة من عدا الشيء: إذا جاوزه، فمن ثم كانت (2) خلاف الولاية) (3).

    وقوله تعالى: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ}، قال ابن عباس: (بأنه لا إله إلا الله) (4) {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} يريد: عن الشرك بالله) (4)، قال أبو العالية: (كل ما ذكر الله في كتابه من الأمر بالمعروف فهو الدعاء إلى الإسلام، والنهي عن المنكر: النهي عن عبادة الأوثان) (5). وقال بعض أهل المعاني: [ذكر الله المنافقين] (6)، فقال: {بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} وذكر المؤمنين فقال: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} وذلك أن المعنى في المنافقين: أن بعضهم يضاف إلى بعض بالاجتماع على النفاق، ولا يكون بينهم موالاة؛ لأن قلوبهم تكون مختلفة، ولا تكون كقلوب المؤمنين في التواد والتعاطف) (7). (1) ذكره المؤلف في الوسيط 2/ 509، ورواه بمعناه أبو الشيخ كما في الدر المنثور 3/ 459.

    (2) في (ح): (كأنه)، وما أثبته موافق للمصدر التالي.

    (3) الحجة للقراء السبعة 2/ 233.

    (4) رواه بمعناه الفيروزأبادي في تنوير المقباس ص 198.

    (5) رواه بنحوه ابن جرير 10/ 179، والثعلبى 6/ 126، والفيروزأبادي ص 198.

    (6) ما بين المعقوفين ساقط من (ح).

    (7) ذكر هذا القول بنحوه القرطبي في تفسيره 8/ 203، وبمعناه ابن عطية في المحرر الوجيز 3/ 58، ولم ينساه لأحد.

    72 - قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} إلى قوله: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً} قال عطاء عن ابن عباس: (يريد قصور الزبرجد والدر والياقوت يفوح طيبها من مسيرة خمسمائة عام) (1)، ونحوه قال الحسن (2).

    وقوله تعالى: {فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ}، قال الأزهري: (العدن مأخوذ من قولك: عدن فلان بالمكان إذا أقام به يعدن عدونًا، قال ذلك أبو زيد وابن الأعرابي.

    وقال شمر: تقول العرب: تركت إبل بني فلان عوادن بمكان كذا، وهو أن تلزم الإبل المكان فتألفه ولا تبرحه، قال: ومنه المعدن لإنبات الله -عز وجل - الجوهر فيه وإنباته إياه في الأرض حتى عدن فيها أي ثبت) (3)، ونحو هذا قال أبو عبيدة وغيره من أهل اللغة: (إن معنى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ}: جنات إقامة) (4). (1) ذكره المؤلف في الوسيط 2/ 509، كما ذكره من غير نسبة القرطبي في تفسيره 8/ 204، وأبو حيان في البحر المحيط 5/ 71.

    (2) روى ابن جرير في تفسيره 10/ 179، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 1839 - 1840 أثرًا نحو هذا الأثر عن الحسن عن عمران بن حصين وأبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي سنده جسر بن فرقد، قال البخاري في التاريخ الكبير 2/ 246: (ليس بذاك) وذكره الدارقطني في كتابه الضعفاء والمتروكون، رقم (146) ص 171، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/ 106 بعد أن ساق الخبر: رواه البزار والطبراني في الأوسط، وفيه: جسر بن فرقد، وهو ضعيف، وقد وثقه سعيد بن عامر، وبقية رجال الطبراني ثقات.

    (3) اهـ. كلام الأزهري، انظر: تهذيب اللغة (عدن) 3/ 2362 - 2363 وقد تصرف الواحدي في عبارته.

    (4) انظر: قول أبي عبيدة في مجاز القرآن 1/ 263، وانظر: تهذيب إصلاح المنطق (العدن) ص 156، ومجمل اللغة (عدن) 3/ 652.

    قال ابن مسعود: {جَنَّاتِ عَدْنٍ}: (بطنان الجنة) (1)، قال الأزهري: (وبطنانها وسطها، وبطنان الأودية: المواضع التي يستنقع فيها ماء السيل فيكرُم نباتها واحدها بطن) (2).

    وقال عطاء عن ابن عباس: (هي قصبة الجنة، وسقفها عرش الرحمن) (3).

    وقال الضحاك: (هي مدينة الجنة، وفيها الرسل والأنبياء والشهداء وأئمة الهدى، والناس حولهم بعد، والجنات حولها) (4).

    [وقال مقاتل والكلبي: (عدن: أعلى درجة في الجنة وفيها عين التسنيم، والجنان حولها] (5) محدقة بها وهي مغطاة من يوم خلقها الله حتى ينزلها (6) أهلها الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، وفيها قصور الدر والياقوت والذهب، فتهب ريح طيبة من تحت العرش فتدخل عليهم كثبان المسك الأبيض) (7).

    وقال عبد الله بن عمرو (8): (إن في الجنة قصرًا يقال له: عدن، حوله (1) رواه ابن جرير 10/ 181، وابن أبي حاتم 6/ 1840.

    (2) تهذيب اللغة (عدن) 3/ 2362 - 2363.

    (3) ذكره المؤلف في الوسيط 2/ 510، وابن الجوزي في زاد المسير 3/ 469، ورواه الثعلبي في تفسيره 6/ 127 أعن عطاء.

    (4) رواه ابن جرير 10/ 182، والثعلبى 6/ 127 أ.

    (5) ما بين المعقوفين ساقط من (ح).

    (6) في (ى): (يتركها)، وهو خطأ مخالف للنسختين الآخرين ولمصادر تخريج الأثر التالية.

    (7) رواه عنهما الثعلبي في تفسيره 6/ 127 أ، والبغوي 4/ 73، وهو في تفسير مقاتل ص 132 أمختصرًا.

    (8) في (ح): (عمر). وما أثبته موافق لمصادر تخريج الأثر.

    البروج والمروج (1)، له خمسة آلاف باب، على كل باب خمس آلاف حبرة (2)، لا يدخله (3) إلا نبي أو صديق أو شهيد) (4)، فعلى قول المفسرين وأهل الأثر: جنات عدن مخصوصة من سائر الجنات، كما ذكرنا (5)، وعلى قول أهل اللغة: هي عامة؛ لأن الجنات كلها جنات إقامة، إذ أهلها مخلدون فيها لا يظعنون عنها.

    وقوله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}، قال ابن عباس: (أي أكبر مما يوصف) (6)، وقال أبو إسحاق: (أي أكبر مما هم فيه من النعيم) (7)، وقال أهل المعاني: (إنما صار الرضوان أكبر من الثواب؛ لأنه لا يوجد شيء منه إلا بالرضوان، إذ هو الداعي إليه، والموجب له) (8)، وقال الحسن: (لأن ما يصل إلى قلبه من السرور برضوان الله -عز وجل - أكبر من جميع ذلك) (9). (1) في (ى): (المروح)، وفي (م): (البرج)، وفي تفسير الطبري (في كلا الطبعتين): (الروح). وما أثبته من (ح) وهو موافق لما في تفسير الثعلبي والبغوي.

    (2) الحبرة: بكسر الحاء وفتح الباء، وبفتحهما: ضرب من برود اليمن منمر، والحبرة: الوشي، والحبير من البرود: ما كان موشيًا مخططًا. لسان العرب (حبر) 2/ 749، فكأن المراد: على كل باب ستور موشية، وفي (م): (خيرة).

    (3) في (ح): (لا يدخلها)، وما أثبته موافق لما في مصادر التخريج.

    (4) رواه ابن جرير 10/ 182، والثعلبى 6/ 126 ب، والبغوي 4/ 73.

    (5) في (ح) و (ى): (ذكروا).

    (6) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير 3/ 469، والمؤلف في الوسيط 2/ 511.

    (7) معاني القرآن وإعرابه 2/ 461.

    (8) ذكره نحوه مختصرًا بن الجوزي في زاد المسير 3/ 469، ولم أقف عليه عند أهل المعاني.

    (9) ذكره بنحوه هود بن محكم في تفسيره 2/ 152.

    73 - قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}، قال ابن عباس في رواية علي بن أبي طلحة: (أمره الله بجهاد الكفار بالسيف، والمنافقين باللسان) (1)، وزاد عطاء عنه بيانًا فقال: (يريد جاهد الكفار بالسيوف والرماح والنبل، والمنافقين باللسان وشدة الانتهار وترك الرفق) (2)، ونحو هذا قال ابن جريج والضحاك: (بتغليظ الكلام) (3).

    وقال عبد الله (4) في قوله: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} قال: بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فمن لم يستطع فليكفهر في وجهه (5) إذا لقيه (6).

    قال أبو إسحاق: (لما كشفت حال المنافقين أمر بجهادهم، والمعنى: جاهدهم بالحجة، فالحجة على المنافق جهاد لهم) (7)، وعلى هذا الاحتجاج على المنافقين والملحدين والرادين للكتاب (8) والسنة، والمخالفين لهما من الجهاد. (1) رواه ابن جرير 10/ 183، وابن أبي حاتم 6/ 1841 - 1842، وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي كما في الدر المنثور 3/ 462.

    (2) ذكر بعض هذا الأثر ابن الجوزي في زاد المسير 3/ 470، والمؤلف في الوسيط 2/ 512.

    (3) رواه عنهما الثعلبي 6/ 127 ب، ورواه عن الضحاك أيضًا البغوي 4/ 74، وبمعناه ابن جرير 10/ 183، وابن أبي حاتم 6/ 1842.

    (4) يعني ابن مسعود كما في مصادر تخريج قوله.

    (5) فليكفهر في وجهه: أي ليلقه بوجه عابس قطوب لا طلاقة فيه ولا انبساط. انظر: لسان العرب (كفهر) 7/ 3907.

    (6) رواه ابن جرير 10/ 183، وابن أبي حاتم 6/ 1841، والثعلبي 6/ 127 ب، والبغوي 4/ 74، وانظر: الدر المنثور 3/ 462.

    (7) معاني القرآن وإعرابه 2/ 461.

    (8) في (ح): (الكتاب).

    وقوله تعالى: {وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} يقال: غلظ الشيء يغلظ غلظا في الخلقة، ثم يقال: رجل غليظ: إذا كان فظا، وغلظ له القول وأغلظ: إذا لم يرفق به، وهذا نحو قوله: {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: 123]، قال أهل المعاني: (وهي قوة القلب على إحلال الألم بصاحبه، كما (1) أن الرقة ضعف القلب عن ذلك) (2).

    قال ابن عباس: (يريد شدة الانتهار، والنظر بالبغضة، والمقت) (3).

    وقال ابن مسعود: (هو أن تكفهر في وجوههم) (4)، قال عطاء: (وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو والصفح) (5).

    74 - قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا} الآية، نزلت حين بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم - أن المنافقين يسيؤون فيه القول ويطعنون فيه، وفي الدين والقرآن، فأنكر ذلك عليهم فحلفوا ما قالوا فكذبهم الله تعالى فقال: {وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} (6) يعني سبهم الرسول، وطعنهم في الدين، وقال قتادة: (قالوا (7): {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} [المنافقون: (1) في (ى): (على).

    (2) البرهان للحوفي 11/ 234 مختصرًا.

    (3) زاد المسير 3/ 470.

    (4) سبق تخريجه عند تفسير أول هذه الآية.

    (5) رواه الثعلبي في تفسيره 6/ 127 ب، والبغوي 4/ 74، وذهب إلى هذا القول القرطبي في تفسيره 8/ 205، والصواب عدم النسخ، وقد سبق بيان ذلك وذكر أقوال بعض العلماء عند تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61].

    (6) انظر: تفسير ابن جرير 10/ 185، والثعلبي 6/ 127 ب، وأسباب النزول للمؤلف ص 256.

    (7) ساقطة من (ي).

    8] فسعي بها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدعاهم فحلفوا ما قالوا) (1)، وكان هذا في غزوة تبوك (2)، وقال السدي: (قالوا: إذا قدمنا المدينة عقدنا على رأس عبد الله بن أبي تاجًا يباهي به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) (3).

    وقوله تعالى: {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا}، قال ابن عباس ومجاهد: (هم المنافقون بقتل المؤمن الذي أنكر عليهم طعنهم في الرسول (4)، قال (5): وهو عامر بن قيس (6) الذي سعى بهم، وقال السدي: (هو أنهم لم ينالوا ما (1) رواه بنحوه ابن جرير 10/ 186، وابن أبي حاتم 6/ 1842 - 1843، والثعلبي 6/ 12 ب.

    (2) قوله: (وكان هذا في غزوة تبوك) ليس من كلام قتادة وفيه نظر؛ لأن القائل: (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) عبد الله بن أُبي كما في صحيح البخاري (3518)، كتاب: المناقب، باب: ما ينهى عن دعوى الجاهلية، وصحيح مسلم (2772)، كتاب: صفات المنافقين، وقد بين الحافظ ابن حجر في فتح الباري 6/ 547 أن ذلك كان في غزوة المريسيع، وكذلك ابن إسحاق كما في السيرة النبوية 3/ 334 - 336 ثم إن أبيا كان ممن تخلف عن غزوة تبوك، كما في المصدر السابق 4/ 407 - 208.

    (3) رواه الثعلي في تفسيره 6/ 12 ب، وبنحوه ابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 1843 - 1844.

    (4) ذكره عن ابن عباس -رضي الله عنه - ابن الجوزي 3/ 470، ورواه الثعلبي 6/ 128 أعن الكلبي، كما رواه عن مجاهد الإمام ابن جرير 10/ 187، وابن أبي حاتم 6/ 1854، والثعلبي 6/ 12 ب، والبغوي 4/ 75.

    (5) ساقط من (ى): والقائل ابن عباس كما في تفسير الثعلبي وابن الجوزي، ولم يصح عنه لأنه من رواية الكلبي.

    (6) هكذا رواه الكلبي عن ابن عباس، وقد روى ابن أبي حاتم 6/ 1843، 70/ أعن ابن عباس، وكعب بن مالك أن المؤمن هو: عمير بن سعد، وكذلك أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وأبو الشيخ عن عروة، كما في الدر المنثور 4/ 464، وانظر: السيرة النبوية 4/ 208، قال الحافظ ابن حجر في الإصابة 2/ 256: = هموا به من عقد التاج على رأس عبد الله بن أبي) (1)، وقال الكلبي: (هموا أن يفتكوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ليلاً ويغتالوه فأعلمه الله ذلك فأمر من نحاهم عن طريقه وسماهم رجلاً رجلاً، وكانوا خمسة عشر رجلاً) (2)، وهذا اختيار أبي إسحاق (3).

    وقوله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ}، قال ابن عباس: (يريد مما كانوا غنموا حتى صارت لهم العقد (4) والأموال من العين (5) والحيوان) (6). = (عامر بن قيس الأنصاري، ابن عم الجلاس بن سويد، ذكره موسى بن عقبة في المغازي، وأنه أحد من سمع الجلاس بن سويد يقول: إن كان ما يقول محمد حقًا لنحن شر من الحمر، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم - فحلف الجلاس ما قال ذلك، فنزلت {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ} الآية، وكذلك ذكره أبو الأسود عن عروة، ونقله الثعلبي عن قتادة والسدي، والقصة مشهورة لعمير بن سعد).

    وعمير بن سعد هو: عمير بن سعد بن عبيد الأوسي الأنصاري، كان يتيمًا في حجر الجلاس بن سويد، وشهد فتوح الشام، وكان يعجب عمر بن الخطاب، ويسميه نسيج وحده، وولاه حمص، فقام بعمله خير قيام مع الزهد والورع، وتوفي في خلافة عمر وقيل غير ذلك.

    انظر: سير أعلام النبلاء 2/ 103، والإصابة 3/ 32.

    (1) رواه بمعناه الثعلبي 6/ 12 ب.

    (2) رواه الثعلبي 6/ 12 ب، وذكره المؤلف في الوسيط 2/ 512.

    (3) معاني القرآن وإعرابه 2/ 461.

    (4) فيتهذيب اللغة (عقد) 3/ 2512. العقد: كل ما يعتقده الإنسان من العقار فهو عقدة له. وفي القاموس المحيط فصل العين، باب: الدال ص300: العقدة: الولاية على البلد، ج: كصرد، والضيعة والعقار الذي اعتقده صاحبه ملكًا.

    (5) العين: الدينار والذهب. انظر: القاموس المحيط (عين) ص 1218، ولسان العرب (عين) 6/ 3198.

    (6) ذكره المؤلف فى الوسيط 2/ 512 وقال الكلبي: (كانوا قبل قدوم النبي -صلى الله عليه وسلم-، في ضنك من عيشهم لا يركبون الخيل، ولا يحوزون الغنيمة، فلما قدم عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، استغنوا بالغنائم) (1)، وذكرنا معنى {نَقَمُوا} عند قوله: {هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا} [المائدة: 59] (2).

    قال أهل المعاني في هذه الآية: (إنهم عملوا بضد الواجب فجعلوا موضع شكر الغني أن نقموه فهذا معنى قوله: {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ} (3) ويجوز أن يكون المعنى: إنهم بطروا النعمة (4) بالغني فنقموا بطرُا وأشرًا (5)، وقال ابن قتيبة: (أي: ليس ينقمون شيئًا ولا يتعرفون من الله إلا الصنع (6)، [وهذا كقول الشاعر:

    ما نقموا من بني أمية إلا ... أنهم يحلمون إن غضبوا] (7)

    وهذا ليس مما ينقم، وإنما أراد: إن الناس لا ينقمون عليهم (8) شيئا كقول النابغة: (1) رواه الثعلبي 6/ 129 أ، والبغوي 4/ 75، وذكره المؤلف في الوسيط 2/ 512، وابن الجوزي 3/ 472، والقرطبي 8/ 208.

    (2) انظر: النسخة (ح) 2/ 40 أوقد قال في هذا الموضع: (قوله تعالى: {هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا} يقال: نقمت على الرجل أنقم، ونقمت عليه أنقم، والأجود فتح الماضي، وهو الأكثر في القراءة، قال الله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ} [البروج: 8] ومعنى نقمت: بالغت في كراهة الشيء، فمعنى (تنقمون) أي تكرهون وتنكرون).

    (3) البرهان للحوفي 11/ 245 بمعناه.

    (4) في (ح): (ذو النعمة).

    (5) في (ى): (شرًّا).

    (6) في (ح): (لصنيع)، وما في (ى) موافق لما في تفسير غريب القرآن لابن قتيبة، والصنع: مصدر قولك: صنع إليه معروفًا وجميلًا. انظر: اللسان (صنع).

    (7) ما بين المعقوفين ساقط من (ح) والبيت لابن قيس الرقيات.

    (8) في (ح): (عليه)، وما أثبته موافق لما في تفسير غريب القرآن.

    ولا عيب فيهم غير إن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب (1)

    أي ليس فيهم عيب) (2).

    وقوله تعالى: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ}، قال الكلبي: (لما نزلت هذه الآية قام (3) الجلاس بن سويد (4)، وكان ممن طعن علي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أسمع الله قد عرض علي التوبة، وأنا أستغفر الله وأتوب إليه بما قلته فقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - توبته) (5)، ونحو هذا روى عطاء عن ابن عباس.

    وقوله تعالى: {وَإِنْ يَتَوَلَّوْا} أي يعرضوا عن الإيمان، قال ابن عباس: ([يريد كما تولى ابن أبي) (6). {يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا} بالقتل، قال الزجاج] (7): (لأنهم (8) أمر بقتلهم) (9) وفي {الْآخِرَةِ}: بالنار، {وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}، قال عطاء: (يريد لا يتولاهم أحد من الأنصار) (10). (1) انظر: ديوان النابغة الذبياني ص 44، وإصلاح المنطق ص 29، وخزانة الأدب 3/ 327.

    (2) تفسير غريب القرآن ص 198.

    (3) في (ى): (قال).

    (4) هو: جلاس بن سويد بن الصامت الأنصاري، كان من المنافقين ثم تاب وحسنت توبته، وكان زوج أم عمير بن سعد، وكان عمير في حجره، فسمعه يقول: لئن كان محمد صادقًا لنحن شر من الحمير، فبلغ عمير رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونزل في الجلاس قرآن، ثم تاب وأحسن لعمير. انظر: الاستيعاب 1/ 330، والإصابة 1/ 241.

    (5) رواه الثعلبي 6/ 128 أ، والبغوي 4/ 74.

    (6) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير 3/ 472، والمؤلف في الوسيط 2/ 512.

    (7) ما بين المعقوفين ساقط من (ى).

    (8) في (م): (لأنه). وما أثبته موافق للمصدر التالي.

    (9) اهـ. كلام الزجاج، ومعاني القرآن وإعرابه 2/ 462، وعذاب الله في الدنيا أشمل من القتل، ولعل مراد الزجاج أن المنافق إذا أظهر كفره جاز قتله.

    (10) ذكره المؤلف في الوسيط 2/ 512 عن ابن عباس.

    75 - قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} الآية، المعاهدة: معاقدة بعزيمة تتحقق بذكر الله، نحو: علي عهد (1) الله لأفعلن كذا، قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة: (أتى ثعلبة بن حاطب (2) مجلسًا من الأنصار (1) في (ح): (عبد)، وهو خطأ جلي.

    (2) هو: ثعلبة بن حاطب بن عمرو بن عبيد بن أمية بن زيد بن عوف بن عمرو بن عوف الأوسي الأنصاري صحابي جليل شهد بدرًا وأحدًا، واختلف في وفاته فقيل: إنه قتل يوم أحد، وقيل: يوم خيبر، وقيل: مات بعد ذلك، وهو بريء من هذه القصة المفتراة، وللعلماء في تبرئته منها طريقتان:

    الأولى: بيان زيف هذه القصة، وهذا دليل على براءة هذا الصحابي البدري منها، وسيأتي بيان ذلك.

    الثانية: أن صاحب هذه القصة رجل آخر غير البدري موافق له في الاسم، وهذا رأي الحافظ ابن حجر حيث ذكر في الإصابة 1/ 198 رجلين بهذا الاسم، أحدهما البدري، والآخر صحاب القصة وهو ممن شارك في بناء مسجد الضرار، ثم قال: (وفي كون صاحب القصة إن صح الخبر ولا أظنه يصح هو البدري قبله نظر، وقد تأكدت المغايرة بينهما بقول ابن الكلبي: (إن البدري استشهد بأحد، ويقوي ذلك أيضًا أن ابن مردويه روى في تفسيره من طريق عطية عن ابن عباس في الآية المذكورة، قال: وذلك أن رجلاً يقال له ثعلبة بن أبي حاطب من الأنصار أتى مجلسًا فأشهدهم فقال: {لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} الآية، فذكر القصة بطولها، فقال: إنه ثعلبة بن أبي حاطب، والبدري اتفقوا على أنه ثعلبة بن حاطب، وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم - قال: لا يدخل النار أحد شهد بدرًا والحديبية، وحكى عن ربه أنه قال لأهل بدر: (اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم) فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقًا في قلبه، وينزل فيه ما نزل؟ فالظاهر أنه غيره).

    ومحاولة الحافظ ابن حجر إثبات شخصية تلصق بها القصة إنما هو لتبرئة البدري، وهو بريء منها دون هذه المحاولة التي لم تستند إلى برهان علمي لما يأتي:

    1 - أن الحافظ ابن حجر قال في الكلام السابق: (إن صح الخبر وما أظنه يصح)، وجزم بعدم صحته في تخريج أحاديث الكشاف فقال: (هذا إسناد ضعيف جداً) اهـ. والخبر الضعيف جدًا لا يثبت شيئاً. = فأشهدهم وقال: (لئن آتاني الله من فضله آتيت منه كل ذي حق حقه، وتصدقت منه، ووصلت منه القرابة، فابتلاه الله، فلم يف بما قال) (1). = 2 - أن حديث ابن عباس الذي ذكره باطل كما سيأتي، فكيف يؤكد المغايرة بين الشخصين.

    3 - أن ابن الكلبي -وهو هشام بن محمد المؤرخ النسابة - متروك. انظر: المغني في الضعفاء 2/ 711 بل متهم بالوضع والاختلاق، كما في كتاب التنبيه على حدوث التصحيف ص 118، 119 فخبر مثله لا يؤكد شيئًا ولا يقويه.

    وبهذا يتأكد أنه لا يوجد إلا شخص واحد بهذا الاسم، وقد جزم بذلك الإمام الذهبي فلم يذكر في كتابه تجريد أسماء الصحابة 1/ 66 سوى البدري، ونسبة القصة إليه محض اختلاق كما سيأتي بيان ذلك.

    (1) الأثر عن ابن عباس رواه ابن جرير في تفسيره 10/ 189، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 1847، بسند مسلسل بالضعفاء وبعضهم أشد ضعفًا من بعض، ومنهم:

    أ - الحسين بن الحسن بن عطية العوفي، قال ابن معين والنسائي وأبو حاتم: ضعيف، وقال ابن حبان: يروي أشياء لا يتابع عليها .. لا يجوز الاحتجاج بخبره، وقال الجوزجاني: واهي الحديث، وقال ابن سعد: كان ضعيفًا في الحديث.

    انظر: تاريخ بغداد 8/ 29، وضعفاء العقيلي 1/ 250، والمجروحين لابن حبان 1/ 246، والكامل 3/ 237 (492)، وطبقات ابن سعد 7/ 331، ولسان الميزان 2/ 278.

    ب - الحسن بن عطية بن سعد العوفي، قال ابن حبان في كتاب المجروحين 1/ 234: (منكر الحديث، فلا أدري البلية في أحاديثه منه أو من أبيه أو منهما معًا؟ لأن أباه ليس بشيء في الحديث، وأكثر روايته عن أبيه، فمن هنا اشتبه أمره، ووجب تركه).

    وقال البخاري في التاريخ الكبير 2/ 301: (ليس بذاك).

    وقال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب ص 162 (1256): (ضعيف).

    جـ - عطية بن سعد العوفي قال ابن حبان في كتاب المجروحين 2/ 176: (لا يحل الاحتجاج به، ولا كتابة حديثه إلا على جهة التعجب) اهـ. = وقال أبو أمامة الباهلي: (عاود ثعلبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - مرارًا كل ذلك يقول: ادع الله أن يرزقني مالاً ورسول الله -صلى الله عليه وسلم - يقول له: قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه حتى قال: والذي بعثك بالحق نبيًا (1) لئن رزقني الله مالاً لأعطين كل ذي حق حقه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اللهم ارزق ثعلبة مالًا فاتخذ غنمًا وكثر ماله حتى اشتغل به عن الصلاة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وخرج عن المدينة، ومنع الزكاة، وبلغ من أمره ما قص الله في كتابه) (2). = ومن عجائبه أنه كنى الكلبي المتهم بالكذب أبا سعيد، ثم حدث عنه بهذه الكنية فيتوهم من يسمعه أنه يحدث عن أبي سعيد الخدري، ذكر ذلك عنه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب 3/ 114، ثم ذكر من ضعفه ومنهم علي بن المديني وأحمد وأبو داود والساجي وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن عدي، وشذ ابن سعد فقال: (ثقة إن شاء الله، وله أحاديث صالحة ومن الناس من لا يحتج به). وبهذا يتبين أن خبر ابن عباس هذا ضعيف جدًّا.

    وأما أثر سعيد بن جبير فقد ذكره الثعلبي في تفسيره 6/ 130 ب بغير سند، إذ أن الثعلبي ذكر أسانيده في المقدمة ولم يذكر سنده إلى سعيد بن جبير.

    وأما أثر قتادة فقد رواه ابن جرير 10/ 190 بلفظ: (ذكر لنا أن رجلاً من الأنصار أتى على مجلس من الأنصار فقال: لئن آتاه الله مالاً ليؤدين إلى كل ذي حق حقه، فأتاه الله مالاً فصنع فيه ما تسمعون). وفي هذا الأثر مجهول، إذ لم يسم قتادة من حدثه به، ثم إنه ليس في هذا الأثر ذكر لثعلبة ولا لغيره.

    (1) ساقط من (ى).

    (2) هذا بعض أثر طويل رواه ابن جرير في تفسيره 10/ 189، والبيهقي في دلائل النبوة 5/ 289، والطبراني في المعجم الكبير 8/ 260 رقم (7873)، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 1847 - 1849، وغيرهم كما في الدر المنثور 3/ 467 وفي سنده عدة رجال مجروحين منهم:

    أ - معان بن رفاعة السلامي الدمشقي، وثقه أحمد وعلي بن المديني ودحيم، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال ابن معين: ضعيف، وقال الجوزجاني: ليس بحجة، وقال ابن حبان: منكر الحديث، يروي مراسيل كثيرة، ويحدث عن أقوام = . .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . = مجاهيل، لا يشبه حديثه حديث الأثبات، فلما صار الغالب في رواياته ما ينكره القلب استحق ترك الاحتجاج به، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. ولخص الحافظ ابن حجر حاله فقال في التقريب: (لين الحديث، كثير الإرسال). انظر ترجمته في: الضعفاء للعقيلي 4/ 256، والكامل 8/ 1808، والميزان 5/ 259 (8619)، وتهذيب التهذيب 4/ 104.

    ب - علي بن يزيد الألهاني الشامي، قال البخاري: (منكر الحديث) وقال النسائي: (متروك) وكذلك قال الأزدي والدارقطني والبرقي، وقال الحاكم أبو أحمد: (ذاهب الحديث) وقال الساجي: (اتفق أهل العلم على ضعفه). وقال ابن حبان: (إذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن لم يكن متن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديهم) اهـ. وعلق الحافظ ابن حجر على هذا القول بقوله: (وليس في الثلاثة من اتهم إلا علي بن يزيد).

    انظر: التاريخ الكبير 2/ 3/ 301، والكامل 6/ 1338، والمجروحين 2/ 110، وتهذيب التهذيب 3/ 199، 334.

    جـ - القاسم بن عبد الرحمن الشامي أبو عبد الرحمن الدمشقي، كان عابدًا متقشفًا وثقه البخاري وابن معين والترمذي وغيرهم، وقال الإمام أحمد: (منكر الحديث، ما أرى البلاء إلا من قبل القاسم)، وقال ابن حبان: (يروي عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - المعضلات، ويأتي عن الثقات بالأشاء المقلوبات حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها).

    انظر: الضعفاء للعقيلي 3/ 476، والمجروحين 2/ 211، وتهذيب التهذيب 8/ 280.

    وبهذا يتين تهافت هذا الخبر، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/ 108 (فيه علي بن يزيد الألهاني وهو متروك).

    وقال الحافظ ابن حجر في الكافي الشافي ص 77: (رواه الطبراني والبيهقي في الدلائل والشعب وابن أبي حاتم، والطبري وابن مردويه كلهم من طريق علي ابن يزيد الألهانى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة، وهذا إسناد ضعيف جداً). = وقوله تعالى: {لَنَصَّدَّقَنَّ}، قال الزجاج: (الأصل: لنتصدقن ولكن التاء أدغمت في الصاد لقربها منها) (1).

    قال الليث: (المتصدق: المعطي والمتصدق: السائل) (2)، وأنكر ذلك (3) أهل اللغة، ولم يجيزوا أن يقال للسائل: متصدق، قال ذلك الفراء (4) والأصمعي (5) وغيرهما، فالمتصدق المعطي، قال الله تعالى: {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ} [يوسف: 88].

    وقوله تعالى: {وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} أي لنعملن ما يعمل أهل الصلاح في أموالهم من صلة الرحم، والنفقة في الخير، وقال عطاء عن ابن عباس: (يريد الحج) (6)، لأن ثعلبة كان مسكينًا فعاهد الله لئن وسع الله عليه (7) ليصدقن وليحجن. = وقال القرطبي في تفسيره 8/ 210: (ثعلبة بدري أنصاري، وممن شهد الله له ورسوله بالإيمان .. فما روي عنه غير صحيح).

    وقال العلامة محمود شاكر في تعليقه على تفسير ابن جرير 14/ 373: (ضعيف كل الضعف، وليس له شاهد من غيره، وفي بعض رواته ضعف شديد).

    (1) معاني القرآن وإعرابه 2/ 462.

    (2) تهذيب اللغة (صدق) 2/ 1991 وقد وهم الأزهري في فهم عبارة كتاب العين، إذ نص العبارة فيه: والمتصدق: المعطى للصدقة، وأصدق: أخذ الصدقات من الغنم، قال الأعشى:

    ودَّ المصَدّق من بني عمرو ... أن القبائل كلها غنم

    كتاب العين (صدق) 5/ 57. فهو يريد بالمصدق العامل على الصدقات وليس السائل بدلالة استشهاده ببيت الشعر، ثم هو لم يقل المتصدق، كما قال الأزهري.

    (3) ساقط من (ى).

    (4) تهذيب اللغة (صدق) 2/ 1991.

    (5) المصدر السابق، نفس الموضوع.

    (6) ذكره الزمخشري في الكشاف 2/ 203.

    (7) في (ي): (علينا).

    وقال الضحاك: (نزلت هذه الآيات في رجال من المنافقين سماهم، بسط الله لهم الدنيا فبخلوا بها بعدما عاهدوا أن يتصدقوا) (1).

    77 - قوله تعالى: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ} الآية، قال الليث: (يقال أعقبت (2) فلانًا ندامة: إذا صيرت عاقبة أمره ذلك، وأنشد للهذلي (3):

    أودى (4) بني وأعقبوني حسرة ..... بعد الرقاد وعبرة لا (5) تقلع (6)

    قال الأزهري: (ويقال: أكل فلان أكلة أعقبته سقمًا، وأعقبه الله خيرًا بإحسانه (7) بمعنى عوضه وأبدله، وهو معنى قول النابغة (8):

    ومن أطاع فأبدله (9) بطاعته ...... كما أطاعك واد لله على الرشد (10) (1) رواه الثعلبي في تفسيره 6/ 131 أ.

    (2) في (ح): (أعقب).

    (3) هو: أبو ذؤيب. انظر: شرح أشعار الهذليين 1/ 6، وخزانة الأدب 1/ 420، وكتاب العين (عقب) 1/ 179، ولسان العرب (عقب) 5/ 3024.

    (4) أودى: هلك، ولسان العرب (ودى) 1/ 3895.

    (5) في (م) و (ى): (ما)، وما أثبته موافق لـالشرح والخزانة.

    (6) لم أجد هذا النص المنسوب لليث في تهذيب اللغة (عقب) ولا في كتاب العين (عقب)، وقد استشهد الخليل بالبيت المذكور في نفس الموضع على أن (أعقب) لغة في (عقب) وقال في نفس الموضع: (أعقب هذا ذاك: أي صار مكانه، وأعقب عزه ذلًا: أي: أبدل منه). كتاب: العين (عقب) 1/ 180 فلعل المؤلف فهم من هذا القول ما ذكره عن الليث، وأغلب النحاة -لاسيما البصريين - ينسبون كتاب العين لليث بن المظفر، انظر: مقدمة كتاب العين 1/ 19.

    (7) في (ح): (بإحسانًا)، وما أثبته موافق للمصدر.

    (8) هو الذبياني، انظر ديوانه ص 21 والشاعر يخاطب النعمان بن المنذر ممدوحه.

    (9) في (ح): (فأعقبهم)، وفي الديوان، وتهذيب اللغة: (فأعقبه).

    (10) أهـ. كلام الأزهري، وقد جمع المؤلف بين قولين له، انظر: تهذيب اللغة (عقب) 3/ 2506، 2508.

    فإن (1) شئت قلت في قوله: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا} صير عاقبة أمرهم ذلك، وإن شئت قلت (2): عوضهم وأبدلهم والمعنى واحد؛ لأنه التصيير إلى حالة (3) مخصوصة في العاقبة بخير أو بشر، فالخير ما ذكره النابغة، والشر ما ذكره الله في هذه الآية، قال عطاء عن ابن عباس: (فأعقبه الله نفاقًا حتى مات) (4).

    وقال مجاهد: (أعقبهم الله ذلك بحرمان التوبة كما حرم إبليس) (5).

    قال الزجاج: ([والمعنى: أضلهم بفعلهم، قال: ويجوز أن يكون لما قال: {بَخِلُوا بِهِ} قال: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا}، (6) أي فأعقبهم بخلهم نفاقًا) (7).

    وقوله تعالى: {إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} هذا دليل على أنه مات منافقا، فقد روي أنه أتى النبي -صلى الله عليه وسلم - بصدقته فقال: إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك ثم لم يقبلها أبو بكر ولا عمر ولا عثمان، ومات في خلافته (8)، فمن قال: (1) في (ى): و (إن).

    (2) في (ح): (قلت في قوله {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا} وعوضهم .. إلخ).

    (3) في (ى): (حالة واحدة).

    (4) ذكره بمعناه ابن الجوزي في زاد المسير 3/ 475، والفيروزأبادي في تنوير المقباس 199.

    (5) لم أجد من ذكره عن مجاهد سوى المؤلف هنا وفي الوسيط 2/ 514، وقد رواه بلفظ مقارب ابن جرير 10/ 191 عن عبد الرحمن بن زيد.

    (6) ما بين المعقوفين ساقط من (ى).

    (7) معاني القرآن وإعرابه 2/ 462 بمعناه.

    (8) هذا بعض حديث أبي أمامة الذي سبق تخريجه وبيان ضعفه الشديد، وهذا النص يؤكد بطلان القصة إذ أن الله تعالى يقول: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38].

    أعقبهم الله (1) رد الضمير في {يَلْقَوْنَهُ} إلى اسم الله عز وجل، ومن قال: أعقبهم بخلهم، رد الضمير إليه، بمعنى: يلقون جزاء بخلهم (2).

    وقوله تعالى: {بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} هذا بيان عما يوجبه الكذب مع إخلاف الوعد من النفاق، فمن أخلف في المواثيق مع الله فقد تعرض للنفاق، وكان جزاؤه من الله إفساد قلبه بما يكسبه (3) النفاق، فأما ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صلى وصام وزعم أنه مؤمن، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان (4)، فقد أجرى هذا الخبر على ظاهره الحسن (5) وعبد الله بن عمرو (6) ومحمد بن كعب (7)، وقال عطاء بن أبي (8) رباح: (حدثني جابر بن (1) في (ى): (بخلهم)، وهو خطأ واضح بدلالة السياق.

    (2) قال ابن الجوزي في زاد المسير 3/ 475: في الضمير في (أعقبهم) قولان: أحدهما: أنها ترجع إلى الله، فالمعنى: جازاهم الله بالنفاق، وهذا قول ابن عباس ومجاهد. والثاني: أنها ترجع إلى البخل، فالمعنى: أعقبهم بخلهم بما نذروا إانفاقًا. قاله الحسن.

    (3) في (ى): (كسبه)، وفي (م): (يكسب).

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1