Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

شرح سنن أبي داود لابن رسلان
شرح سنن أبي داود لابن رسلان
شرح سنن أبي داود لابن رسلان
Ebook707 pages5 hours

شرح سنن أبي داود لابن رسلان

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يُعتبر شرح ابن رسلان الشافعي لسنن أبي داود، من أطول الشروح وأنفسها، وفيه فوائد كبيرة جدًّا، وهو محَقَّق في رسائل علمية. وأما بالنسبة لمعتقده ومنهجه الذي سار عليه في هذا الكتاب في العقيدة فهو كغيره من غالب الشراح؛ جرى على طريقة الأشاعرة في تأويل الصفات. وهو في مقابل ما ذكر من عقيدته يتصدى للمعتزلة بالرد؛ لأنَّه معروف أن بدعة الأشاعرة في كثيرٍ من أبواب الدين أخف من بدعة المعتزلة، فهو يتصدى للمعتزلة. شرح ابن رسلان حافل مشحون بالفوائد لا سيما ما يتعلق بالفقه وأصوله وقواعده، فهو شرح فيه شيء من التوسع، يُعنى مؤلفه ببيان اختلاف النسخ والروايات، حيث إن سنن أبي داود له روايات، كما أن للصحيحين روايات.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateApr 23, 1902
ISBN9786493748759
شرح سنن أبي داود لابن رسلان

Related to شرح سنن أبي داود لابن رسلان

Related ebooks

Related categories

Reviews for شرح سنن أبي داود لابن رسلان

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    شرح سنن أبي داود لابن رسلان - ابن رسلان

    الغلاف

    شرح سنن أبي داود لابن رسلان

    الجزء 18

    ابن رسلان المقدسي

    844

    يُعتبر شرح ابن رسلان الشافعي لسنن أبي داود، من أطول الشروح وأنفسها، وفيه فوائد كبيرة جدًّا، وهو محَقَّق في رسائل علمية. وأما بالنسبة لمعتقده ومنهجه الذي سار عليه في هذا الكتاب في العقيدة فهو كغيره من غالب الشراح؛ جرى على طريقة الأشاعرة في تأويل الصفات. وهو في مقابل ما ذكر من عقيدته يتصدى للمعتزلة بالرد؛ لأنَّه معروف أن بدعة الأشاعرة في كثيرٍ من أبواب الدين أخف من بدعة المعتزلة، فهو يتصدى للمعتزلة. شرح ابن رسلان حافل مشحون بالفوائد لا سيما ما يتعلق بالفقه وأصوله وقواعده، فهو شرح فيه شيء من التوسع، يُعنى مؤلفه ببيان اختلاف النسخ والروايات، حيث إن سنن أبي داود له روايات، كما أن للصحيحين روايات.

    باب مخالطة اليتيم في الطعام

    [2871] (حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الرازي القاضي (عن عطاء) بن السائب (عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس) رضي الله عنهما (قال: لما أنزل الله تعالى) هذِه الآية ({وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ}) أصل اليتم الانفراد، وقيل: الغفلة؛ لأن اليتيم يغفل عنه، وقد يتم الصبي بكسر التاء (2) ({إِلَّا بِالَّتِي}) أي: بالفعلة أو بالطريقة التي (3) ({هِيَ أَحْسَنُ}) أي: أصوب وأسرع إلى (1) رواه النسائي 6/ 256، وأحمد 1/ 325.

    وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2555).

    (2) النهاية لابن الأثير 5/ 689 وتمام العبارة: يَتِمَ الصَّبيُّ بالكسر يَيْتَم فَهُو يَتِيمٌ والأنثَى يَتيمة وجَمْعُها: أيْتَام ويَتَامَى.

    (3) المثبت من (ع) وفي غيره إلا.

    إصلاح ماله (و) قوله تعالى: ({إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ}) سمي أخذ المال على جميع وجوهه أكل؛ لأن المقصود الأعظم من الأخذ هو الأكل، وبه أكثر إتلاف الأشياء ({أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا}) بغير حق (الآية) (1) إلى آخرها (انطلق) كل (من كان عنده يتيم) من الأوصياء وغيرهم] (فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل) أي: صار (يفضل) بفتح الضاد ويجوز ضمها لليتيم (من طعامه) وشرابه (فيحبس) مبني للمفعول (حتى يأكله أو يفسد) بضم السين ويلقيه (فاشتد) لفظ النسائي (2): فشق ذلك على الناس (عليهم) لما فيه من الحرج والتضييق] (فذكروا) وللنسائي: فشكوا (ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ-) هذِه الآية: ({وَيَسْأَلُونَكَ}) يعني: أولياء الأيتام، وقيل: كانت العرب تتشاءم بملابسة أموال اليتامى ومؤاكلتهم فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: إن السائل هو عبد الله بن رواحة (3) ({عَنِ}) مخالطة ({الْيَتَامَى}) ومؤاكلتهم ({قُلْ إِصْلَاحٌ}) مبتدأ و ({لَهُمْ}) نعت له ({خَيْرٌ}) خبره فيجوز أن يكون التقدير: خير لهم، ويجوز أن يكون خير لكم، أي: إصلاحهم نافع لكم [وتقدم قراءة طاوس (قل أصلح لهم خير) (4)] أي: أصلح لهم فهو خير فالفاء جواب الشرط وإن لم يصرح بأداة الشرط فإن الأمر يتضمن معناه، أي: أن تصلح لهم فذلك خير، واستدل بالآية (1) سورة النساء آية (10).

    (2) (3671، 3672).

    (3) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/ 62.

    (4) المحتسب لابن جني 1/ 122. وانظر: تبيين الحقائق 6/ 221.

    أبو حنيفة على أن للولي أن يشتري مال الطفل اليتيم لنفسه بأكثر من ثمن المثل؛ لأنه إصلاح له دل عليه ظاهر القرآن.

    وقال الشافعي: لا يجوز ذلك في البيع (1)؛ لأنه لم يذكر في الآية التصرف، بل قال: {إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} من غير (2) أن يذكر فيه الذي يجوز له النظر (3) ({وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ}) هذِه المخالطة كخلط المثل بالمثل كالتمر بالتمر.

    قال أبو عبيد: مخالطة اليتامى أن يكون لأحدهم المال ويشق على كافله أن يفرد طعامه عنه كما تقدم ولا يجد بدًا من خلطه لعياله فيأخذ من مال اليتيم ما يرى أنه يكفيه بالتحري فيجعله مع نفقة أهله (4). ({فَإِخْوَانُكُمْ}) فيه أن الصغير وإن كان رضيعًا يقال له أخي كما في الكبير. قال أبو عبيد: وهذا (5) عندي أصل لما يفعله الرفقاء في الأسفار؛ فإنهم يتخارجون (6) النفقات بينهم بالسوية، وقد يتفاوتون في قلة المطعم وكثرته (7)، وليس كل من قل مطعمه تطيب نفسه (1) الأم 5/ 261.

    (2) سقطت من الأصل (ر) والمثبت من (ع).

    (3) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/ 65. وانظر: تبيين الحقائق 6/ 221.

    (4) تفسير القرطبي 3/ 65.

    (5) في (ر): لهذا. والمثبت من (ع).

    (6) في الأصل: يحتاجون. والمثبت من الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد ص 240، وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.

    (7) في الأصل: وقلبه. والمثبت من الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد، وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.

    بالتفضل (1) على رفيقه - في قلة المطعم -، ولما كان هذا في أموال اليتامى واسعًا كان في غيرهم أوسع، ولولا ذلك لخفت أن يضيق فيه الأمر على الناس (2) (فخلطوا طعامهم بطعامه وشرابهم بشرابه) ولما أذن الله في مخالطة الأيتام مع قصد الإصلاح بالنظر إليهم وفيهم كان ذلك دليلًا على جواز التصرف في مال (3) اليتيم تصرف الولي في البيع والشراء والقسمة وغير ذلك على الإطلاق لهذِه الآية، فإذا كفل الرجل اليتيم وحازه إليه جاز عليه فعله وإن لم يقدمه والٍ عليه لأن الآية مطلقة، والكفالة (4) ولاية عامة. (1) في (ر): بالتفصيل. وفي (ع) بالتفضيل. والمثبت من الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد.

    (2) انظر: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد باب ذكر اليتامى وما نسخ من شأنهم، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، شرح صحيح البخاري لابن بطال 8/ 186 و 187.

    (3) من أول هنا سقط في (ر)، واستمرار السقط في الأصل، وهذا السقط استمر في الشرح حتى حديثين بعد هذا وجزء من أول الثالث. وانظر؛ الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/ 65 وتمام كلامه ولاية عامة لم يؤثر عن أحد من الخلفاء أنه قدم أحدا على يتيم مع وجودهم في أزمنتهم وإنما كانوا يقتصرون على كونهم عندهما. اهـ. وانظر: أحكام القرآن لابن العربي سورة البقرة المسألة الرابعة في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} ..

    (4) في الأصل: وإطلاقه. والمثبت من الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.

    8 -

    باب ما جاءَ فِيما يوَليِّ اليَتيم أَنْ يَنالَ مِنْ مالِ اليَتِيمِ

    2872 - حدثنا حُمَيْدُ بْن مَسْعَدَةَ أَنَّ خالِدَ بْنَ الحارِثِ حَدَّثَهُمْ، حدثنا حُسَينٌ - يَعْني المُعَلِّمَ - عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقال: إِلى فَقِيرٌ لَيْسَ لي شَيء وَلي يَتِيمٌ. قال: فَقالَ: كُلْ مِنْ مالِ يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلا مُبادِرٍ وَلا مُتَأَثِّلٍ (1).

    * * *

    باب ما لولي اليتيم أن ينال من مال اليتيم

    [2872] (حدثنا حميد (2) بن مسعدة) الباهلي شيح مسلم (أن خالد بن الحارث) الهجيمي البصري (حدثهم: حدثنا حُسَينٌ المُعَلِّم عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ -رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلاً أَتَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إِنّى فَقِيرٌ) ثم فسره بقوله (لَيسَ لِي شَيء) قد يحتج به لقول الشافعي (3) وأحمد (4) وغيرهما أن الفقير هو الذي لا يملك شيئًا، ولأن الله تعالى بدأ به وإنما يبدأ بالأهم فالأهم، ولأن الفقير من فقر الظهر فعيل بمعنى مفعول أي: مفقور وهو الذي انتزعت فقرة ظهره فانقطع صلبه (5) (وَلِي يَتِيمٌ) زاد ابن ماجه (6): له مال. (1) رواه النسائي 6/ 256، وابن ماجه (2718)، وأحمد 2/ 186، 215.

    وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2556)، وحسنه في الإرواء (1456).

    (2) في (ع): أحمد. والمثبت من المطبوع ومن كتب التراجم.

    (3) الأم 2/ 92.

    (4) انظر: كشف المشكل لابن الجوزي 1/ 930، المغني 7/ 313.

    (5) انظر: شرح سنن أبي داود للعيني 6/ 371 و 372.

    (6) سنن ابن ماجه (2718).

    (قَالَ فَقَالَ: كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ) بالمعروف وهو أن يأخذ من ماله بقدر قيامه وأجرة عمله والغني يستعفف كما أمره الله تعالى (1). وإذا أكل (2) فيقضي ضمان البدل، والمعروف: أن قدر أجر عمله لا قضاء عليه (غَيرَ) منصوب على الحال ويجوز أن يكون وصفا لمصدر محذوف أي أكلا غير (مسرف) والإسراف في اللغة: الإفراط ومجاوزة الحد (3). قال النضر بن شميل: السرف: التبذير (4).

    (وَلاَ مُبَادِرٍ) أي: مبادر كبر اليتيم ولا مستغنم مال اليتيم بأن يأكله ويقول: أبادره بالكل قبل أن يرشد ويأخذ ماله (وَلاَ مُتَأَثِّلٍ) بتشديد الثاء المثلثة المكسورة أي: جامع منه مالا. يقال: مال مؤثل أي: مجموع ذو أصل، وأثلة الشيء بضم الهمزة: أصله (5) ومنه حديث أبي قتادة: إنه لأول مال تأثلته في الإسلام (6). (1) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، تفسير ابن كثير سورة النساء آية (6).

    (2) يعني الفقير؛ فإن القرطبي نقل في تفسير هذِه الآية: نفي الخلاف في الغني فقال: اعلم أن أحدا من السلف لم يجوز للوصي أن يأخذ من مال الصبي مع غني.

    (3) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 4/ 226.

    (4) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 7/ 86 ولكن نقل الشارح عن النضر يوهم أن السرف عند النضر هو الإسراف والذي نقله عنه القرطبي هو التفريق فقال: وقال النضر بن شميل: الإسراف التبذير والإفراط والسرف الغفلة والجهل. ثم استدل على ذلك بكلام وشعر العرب. وانظر لسان العرب 9/ 148 و مختار الصحاح ص (326)، مشارق الأنوار 2/ 213.

    (5) النهاية لابن الأثير 1/ 32.

    (6) أخرجه البخاري (2100)، ومسلم (1751).

    9 -

    باب ما جاء مَتَى يَنْقَطِعُ اليُتْمُ

    2873 - حدثنا أَحْمَدُ بْن صالِحٍ، حدثنا يَحْيَى بْن محَمَّدٍ المَدِينيُّ، حدثنا عَبْدُ اللهِ ابْنُ خالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبي مَزيَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُقَيْشٍ أَنَّهُ سَمِعَ شُيُوخًا مِنْ بَني عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَمِنْ خالِهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي أَحْمَدَ قال: قال عَليُّ بْنُ أَبي طالِبٍ: حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلامٍ وَلا صُماتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ (1).

    * * *

    باب مَتَى يَنْقَطِعُ اليُتْمُ

    [2873] (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ) بن عبد الله ابن مهران الجاري (المديني) والجاري نسبة إلى الجار بالجيم والراء بليدة على الساحل قريبة من مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ابن حبان: يجب التنكب عما انفرد به من الروايات (2) (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ) التيمي مولاهم المدني مولى ابن جدعان، أبو شاكر (3) (عَنْ (1) رواه الطبراني في الأوسط 1/ 95 (290)، وفي الصغير 1/ 169 (266)، والبيهقي 6/ 57.

    وقد أعله العقيلي في الضعفاء الكبير 4/ 428، وابن القطان في بيان الوهم والإيهام 2/ 31، 3/ 536، والمنذري في مختصر سنن أبي داود 4/ 152. وحسن إسناده الألباني في الأذكار (1237)، وصححه في صحيح أبي داود (2557).

    (2) الأنساب 2/ 9، 10، وكلام ابن حبان في المجروحين 3/ 130.

    (3) في الأصل سالم. والمثبت من مصادر الترجمة. انظر: تهذيب الكمال 14/ 445، تهذيب التهذيب 5/ 171 والضعفاء للعقيلي 4/ 128 تاريخ دمشق 29/ 357= أَبِيهِ) خالد بن سعيد التيمي وهو: ثقة (1) (عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُقَيشٍ) بالشين المعجمة الأسدي (2).

    قال الأصمعي: رقيش تصغير الرقش وهو: تنقيط الخط والكتابة (3). وهو: ثقة (4) (أَنَّهُ سَمِعَ شُيُوخًا مِنْ بَنِى عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَمِنْ خَالِهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى أَحْمَدَ) بن جحش الأسدي ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو والد بكير (5) قال أحمد بن صالح المصري لقي عمر بن الخطاب (6) (قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ) -رضي الله عنه - ورواه الطبراني في الصغير (7) بسند آخر عن علي، ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده (8) وحسنه النووي بسكوت المصنف عليه (9) (حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: لاَ يُتْمَ) اليتم في الناس فقد =والحديث أخرجه الطبراني في الصغير ح 266 وقال فيه حدثنا أبو شاكر.

    (1) انظر: الكاشف ت 1326 وانظر: تهذيب الكمال 8/ 83، تهذيب التهذيب 3/ 83 و 5/ 171.

    (2) انظر: تهذيب الكمال 10/ 536.

    (3) انظر: لسان العرب 6/ 305.

    (4) انظر: تقريب التهذيب (2355).

    (5) هو بكير بن عبد الله ابن أبي أحمد. قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام 3/ 537: وليس بوالد بكير بن عبد الله بن الأشج، كما ظنه ابن أبي حاتم حين جمع بينهما. والبخاري قد فصل بينهما، فجعل الذي يروي عن علي في ترجمة، والذي يروي عن ابن عباس (وهو والد بكير) في ترجمة أخرى. وانظر؛ البدر المنير 7/ 321.

    (6) الجرح والتعديل 5/ 5، تهذيب التهذيب 5/ 125.

    (7) (266).

    (8) مسند الطيالسي (1767) من حديث جابر.

    (9) المجموع 6/ 376، وفي رياض الصالحين باب النهي عن صمت يوم إلى الليل.

    الصبي أباه قبل البلوغ (1) وأصل اليتم بالضم (2) الانفراد (بَعْدَ احْتِلاَمٍ) أي: إذا بلغ اليتيم واليتيمة زمن البلوغ الذي يحتلم فيه غالب الناس زال عنهما اسم اليتم حقيقة وجرى عليه حكم الرجال سواء احتلم أو لم يحتلم وقد يطلق عليه مجازا بعد البلوغ كما كانوا يسمون النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو كبير: يتيم أبي طالب لأنه رباه مع (3) موت أبيه (4).

    وقد استدل به على أن (5) اليتيم واليتيمة يستحقان من خمس الثالث من الفيء ما لم يبلغ الحلم، وإن بلغوا الحلم سقط استحقاقهم، لكن لا يستحقان على الصحيح من مذهب الشافعي إلا مع الفقر لأن المال أنفع من وجود الأب، ولأن اليتم لا يطلق في العرف إلا للرحمة بخلاف ذي القربى فإنهم استحقوا لقربهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكرمة والغني والفقير في الإكرام سواء، وللشافعي قول أنه للغني وللفقير منهم لعموم الآية (6). زاد في رواية: لا رضاع بعد فطام (7).

    (وَلاَ صُمَاتَ) بضم الصاد (يَوْمٍ) وهو السكوت (8) ومنه حديث: (1) في الأصل: الدواب. والمثبت من النهاية لابن الأثير 5/ 689، وتمام العبارة منه: اليُتْم في الناس: فَقْدُ الصَّبيِّ أباه قَبْل البُلُوغِ وفي الدَّوابِّ: فَقْدُ الأم.

    (2) في النهاية لابن الأثير: بالضم والفتح. انظر: الموضع السابق.

    (3) هكذا في الأصل وفي النهاية: بعد.

    (4) النهاية لابن الأثير 5/ 689.

    (5) سقطت من الأصل.

    (6) انظر: فتح الباري 6/ 246، الحاوي 8/ 432.

    (7) أخرجه الطبراني في الأوسط 6/ 336 و 337.

    (8) شرح مسلم للنووي 9/ 203 إذنها صماتها (1) (إِلَى اللَّيلِ) وفيه النهي عما كان من أفعال الجاهلية، وهو الصمت عن الكلام في الاعتكاف، وغيره (2) وروى البخاري (3) عن قيس بن [أبي حازم قال] (4): دخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تتكلم فقال: ما لها لا تتكلم؟ فقالوا: حجت مصمته. فقال لها: تكلمي؛ فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية، فتكلمت.

    وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم الصمت (5) وظاهر نهي الأحاديث تحريمه؛ لأن ظاهر النهي التحريم، وقول أبي بكر: إن هذا لا يحل. صريح في التحريم ولم يخالفه أحد من الصحابة فيما علمناه، ولو نذر ذلك في اعتكافه أو غيره لم يلزمه الوفاء به وبهذا قال الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي لا نعلم فيه خلافا لحديث أبي إسرائيل لما نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مروه فليتكلم (6). ولأنه نذر منهي عنه كنذر صوم يوم العيد (7). (1) أخرجه البخاري (6971) ومسلم (1421).

    (2) معالم السنن للخطابي 3/ 198، فتح الباري 7/ 150.

    (3) (3834).

    (4) في الأصل بياض والمثبت من صحيح البخاري.

    (5) أخرجه الطحاوي في أحكام القرآن 1/ 477 من حديث أبي هريرة والحديث في مسند أبي حنيفة ص 169. وانظر: تخريج أحاديث الكشاف 2/ 232.

    (6) أخرجه البخاري (6704)، ومسلم (1468).

    (7) انظر: المغني 3/ 148 10 -

    باب ما جاءَ في التَّشْدِيد في أَكْل مال اليتِيمِ

    2874 - حدثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الهَمْدانيُّ، حدثنا ابن وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبي الغَيْثِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ قِيلَ يا رَسُولَ اللهِ وَما هنَّ قالَ: الشِّرْكُ باللهِ والسّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ التي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقّ وَأَكْلُ الرّبا وَأَكْلُ مالِ اليَتِيمِ والتَّوَلّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ المُحْصَناتِ الغافِلاتِ المُؤْمِناتِ.

    قالَ أَبُو داوُدَ: أَبُو الغَيْثِ سالِمٌ مَوْلَى ابن مُطِيعٍ (1).

    2875 - حدثنا إِبْراهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الجُوزَجانيّ، حدثنا مُعاذ بْنُ هانِئٍ، حدثنا حَرْبُ بْنُ شَدّادٍ، حدثنا يَحْيَى بْن أَبي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ سِنانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ - وَكانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - أَنَّ رَجلاً سَأَلهُ فَقال: يا رَسُولَ اللهِ ما الكَبائِرُ فَقالَ: هُنَّ تِسْعٌ .. فَذَكَرَ مَعْناهُ زادَ: وَعُقُوقُ الوالِدَيْنِ المُسْلِمَيْنِ واسْتِحْلالُ البَيْتِ الحَرامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْياءً وَأَمْواتًا (2).

    * * *

    باب التَّشْدِيدِ فِى أَكْلِ مَالِ اليَتِيمِ

    [2874] (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الهَمْدَانِى) بسكون الميم أبو جعفر المصري قال ابن حجر: صدوق (3) (حَدَّثَنَا) عبد الله (ابْنُ وَهْبٍ) بن مسلم القرشي (4) (عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ بِلاَلٍ) القرشي التيمي (عَنْ ثَوْرِ بْنِ (1) رواه البخاري (2766)، ومسلم (89).

    (2) رواه النسائي 7/ 89.

    وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (2559).

    (3) التقريب (38).

    (4) التقريب (3694).

    زَيْدٍ) الديلي أخرج له الشيخان (1) (عَنْ أَبِى الغَيْثِ) سالم مولى أبي مطيع (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ) أي: المهلكات جمع موبقة، وسميت هذِه الكبائر الآتية موبقات لأنها تهلك صاحبها في الدنيا بما يترتب عليها من العقوبات وفي الآخرة من العذاب ولا شك في أن الكبائر أكثر من هذِه السبع، ولذلك قال ابن عباس حين سئل عن الكبائر: هي إلى السبعين أقرب منها إلى السبع (2) وفي رواية عنه: هي إلى سبعمائة أقرب (3) وعلى هذا فاقتصاره -عليه السلام - على هذِه السبع في هذا الحديث يحتمل أنها هي التي أعلم بها في ذلك الوقت بالوحي ثم بعد ذلك أعلم بغيرها، ويحتمل أن تكون هذِه السبع هي التي دعت الحاجة إليها] (4) في ذلك الوقت، أو التي سئل عنها في ذلك الوقت (قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله) وهو أعظم الكبائر، ففي الصحيح (5): سئل أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك (والسحر) لأن الساحر لابد أن يكفر كما قال تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ (1) التقريب (859).

    (2) مصنف عبد الرزاق 10/ 460.

    (3) تفسير الطبري 8/ 245 (9207)، تفسير ابن أبي حاتم 3/ 934، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 1919.

    (4) إلى هنا انتهى السقط الحاصل في الأصلين (ر، ل)، والمثبت من نسخة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

    (5) صحيح البخاري (4477، 6001، 6811، 7520)، صحيح مسلم (86) عن عبد الله بن مسعود.

    السِّحْرَ} (1) (وقتل النفس التي حرم الله تعالى إلا بالحق) والمراد به قتل العمد بغير حق، وكذا شبه العمد دون الخطأ، وأنه ليس من الكبائر، وجعله الحليمي مراتب وقال: إن قتل أبا أو ذا رحم أو أجنبيًّا محرمًا أو بالحرم أو في الأشهر الحرم، فهي فاحشة فوق الكبيرة (وأكل الربا) لقوله تعالى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (2).

    قال ابن عبد السلام: ولم أقف على المفسدة المقتضية لجعله من الكبائر؛ فإن كونه مطعومًا وكونه قيمة الأشياء لا يقتضي كونه كبيرة (3). قال السهيلي: من تأمل أبواب الربا لاح له سر التحريم من جهة الجشع (4) المانع من حسن المعاشرة والذريعة إلى ترك القرض وما في التوسعة من مكارم الأخلاق، ولذلك قال تعالى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} غضبًا على أهله، ولهذا قالت عائشة من تعاطى ما يشبه أنه ربا بطل جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (5) ولم تقل صلاته ولا صيامه؛ لأن السيئات لا تحبط الحسنات ولكن خصمتا الجهاد بالإبطال؛ لأنه حرب لأعداء الله، وأكل الربا قد أذن بحرب الله؛ فهو ضده ولا يجتمع الضدان (6) (وأكل مال اليتيم) لقوله تعالى: {إِنَّ (1) سورة البقرة (102).

    (2) سورة البقرة آية (279).

    (3) إ قواعد الأحكام" 1/ 164.

    (4) في (ر) و (ل): التخشع، والمثبت من الروض الأنف للسهيلي.

    (5) رواه عبد الرزاق في مصنفه (14812)، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/ 546.

    (6) الروض الأنف 2/ 215، وانظر: حاشية ابن القيم على سنن أبي داود 9/ 246، إعانة الطالبين للدمياطي 3/ 16.

    الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} (1) الآية، وقيل: [إنه مجرب لسوء الخاتمة أعاذنا الله تعالى منها] (2).

    قال ابن عبد السلام: إن وقع أكل مال اليتيم في مال حقير كزبيبة أو تمرة فعده من الكبائر مشكل، فيجوز أن يجعل من الكبائر فِطاما عن هذِه المفاسد كشرب قطرة من الخمر، ويجوز أن نضبط الكثرة منه بنصاب السرقة (3).

    (والتولي) من وجوه الكفار (يوم الزحف) وأصل الزحف المشي المتثاقل كالصبي يزحف قبل أن يمشي، ويسمى الجيش بالزحف لأنه يزحف فيه، وإنما يصير التولي كبيرة إذا لم يزد عدد الكفار على مثلي المسلمين {إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} (4) وقد يجب التولي إذا علم أنه يقتل من غير نكاية في الكفار؛ لأن التغرير بالنفوس إنما جاز لمصلحة إعزاز الدين، وفي الثبوت ضد هذا المعنى (5) (وقذف المحصنات) أي: رميهن بالزنا والإحصان هنا العفة عن الفواحش (6) (والغافلات) عما رمين به من الفاحشات؛ إذ عن سليمات الصدور بريئات مما قيل فيهن، ولا خبر عندهن منه. (1) سورة النساء آية 10.

    (2) قاله ابن دقيق العيد، ونقله عنه المناوي في فيض القدير 1/ 199 وجعلها عنه في أكل الربا. ونقلها عنه الهيتمي في الزواجر 2/ 161 في أكل مال اليتيم.

    (3) قواعد الأحكام 1/ 20، وانظر: شرح النووي على مسلم 2/ 87.

    (4) الأنفال: 16.

    (5) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي سورة الأنفال (15، 16).

    (6) فتح الباري 12/ 181.

    قال ابن عبد السلام: من قذف محصنة في خلوة بحيث لا يسمعه إلا الله والحفظة فليس ذلك بكبيرة موجبة للحد (1).

    وقال الحليمي: قذف الصغيرة التي لا تحتمل الوقاع بحيث يقطع كونه كاذبًا من الصغائر (2). (المؤمنات) بالله تعالى (3).

    [2875] (حدثنا إبراهيم بن يعقوب) بن إسحاق (الجوزجاني) بضم الجيم الأولى وفتح الزاي والجيم المخففتين وبعد الألف نون نسبة إلى مدينة بخراسان مما يلي بلخ (4) يقال لها جوزجان، وبها قتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن أبي طالب (5). قال ابن حجر: هو نزيل دمشق حافظ ثقة (6). (حدثنا معاذ بن هانئ) القيسي البصري، أخرج له البخاري (7) في الصلاة (8) (حدثنا حرب بن شداد) اليشكري، أخرج له الشيخان (حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن عبد الحميد بن سنان) ذكره ابن حبان في الثقات (9). (1) قواعد الأحكام 1/ 21.

    (2) شعب الإيمان 1/ 265.

    (3) على حاشية (ك): زيادة في آخره وهي: قال أبو داود: أبو الغيث سالم مولى ابن أبي مطيع.

    (4) في (ر): الثلج وفي مخطوطة الجامعة الإسلامية: البلخ. والمثبت من الأنساب 2/ 116، معجم البلدان لياقوت الحموي 2/ 182.

    (5) الأنساب 2/ 116.

    (6) التقريب (273).

    (7) التقريب (6741).

    (8) الذي وقفت عليه أن له عند البخاري حديث في اللباس برقم (5908).

    (9) 7/ 122.

    (عن عبيد بن عمير، عن أبيه) قيل: لم يرو عنه غير ابنه عبيد (1) وهو عمير بن عامر بن مالك بن الخنساء أبو داود الأنصاري المازني النجاري شهد بدرًا وأحدًا، وهو الذي قتل أبا البختري العاص بن هشام وأخذ سيفه (2) (أنه حدثه وكانت له صحبة) مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أن رجلاً سأله) أي: سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يتقدم له ذكر، لكن لفظة الصحبة دلت عليه (فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ فقال: عن تسع) وفي الرواية السابقة أنها سبع، واختلاف الروايات يعلم منه عدم الحصر فيما ذكروا أن هذين العددين بحسب المقام باعتبار السائل (3) (فذكر معناه) ورواية التسع ذكرها أبو القاسم البغوي وابن عبد البر في التمهيد (4) بسنده من طريقه عن طيلسة بن علي قال: أتيت ابن عمر عشية عرفة وهو تحت ظل أراك وهو يصب الماء على رأسه، فسألته عن الكبائر فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: عن تسع. قلت: وما عن؟ قال: الإشراك بالله وقذف المحصنة وقتل النفس المؤمنة والفرار من الزحف والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين والإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم.

    وأخرجه البخاري في كتاب الأدب (5) عن طيلسة بن علي، عن ابن (1) وقيل غير ذلك؛ قال ابن منده في فتح الباب في الكنى والألقاب (2658): روى عنه: ابنه حمزة بن أبي داود، ورجال من بني مازن.

    (2) الطبقات لابن سعد 3/ 518، الإصابة 7/ 118، تعجيل المنفعة (1270).

    (3) انظر: فتح الباري 12/ 182.

    (4) التمهيد 5/ 69.

    (5) الأدب المفرد 1/ 17.

    عمر موقوفًا قال الحافظ المزي (1): طيلسة، وثقه ابن حبان (2) (وزاد عثمان: عقوق الوالدين) العقوق ضد البر من العق وهو الشق والقطع كأنه قطع بره حين آذاه وعصاه، وفي معنى الوالدة عقوق الخالة لما صححه الترمذي (3): الخالة بمنزلة الأم. وفي معنى الأب العم لما في الصحيح (4): عم الرجل صنو أبيه (المسلمين) احترازًا من الكافرين، ويدخل فيه الوالدان (5) من باب التعليم فقيل: عقوقهما أشد من عقوق والدي النسب، حكاه السبكي في الطبقات (6). (واستحلال البيت الحرام) أي: استحلال فعل الحرام في البيت الحرام بعمد أو الاحتكار فيه من الكبائر (قبلتكم) بالجر، بدل من البيت الحرام؛ لأنه قبلتهم التي يصلون إليها (أحياء) يعني: في حياتكم (وأمواتًا) أي: في مماتكم. (1) تهذيب الكمال 13/ 468.

    (2) الثقات 4/ 399، وانظر: تحفة الطالب لابن كثير 1/ 206.

    (3) سنن الترمذي (1904)، وأخرجه البخاري (2699، 4251).

    (4) صحيح مسلم (983).

    (5) في الأصل: الوالدين. والجادة ما أثبتناه.

    (6) طبقات الشافعية الكبرى 10/ 315 ولفظه: عن أبي سهل قال لي يوما: عقوق الوالدين يمحوها الاستغفار، وعقوق الأستاذين لا يمحوها شيء. قلت: وهذا من الغلو. ويكفي في الرد عليه أنه مخالف لظواهر القرآن في أن عقوق الوالدين بعد الشرك. هذا من جهة، ومن جهة أخرى نقد قال الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} [الزمر: 53]. وغيرها من الآيات والأحاديث التي تدل على أن التوبة تجب ما كان قبلها.

    وفيه دليل على أن المحتضر الذي حضره الموت ولم يمت يضجع على جنبه للقبلة، وكذا بعد موته، وعلى أن الميت إذا أنزل القبر يوضع في اللحد على جنبه الأيمن للقبلة ولم أجد من استدل به على هذا (1). (1) انظر: العزيز شرح الوجيز 5/ 216، المجموع 5/ 299.

    11 -

    باب ما جاءَ في الدَّلِيل علَى أنَّ الكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ المالِ

    2876 - حدثنا مُحَمَّدُ بْن كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ، عَنِ الأعمَشِ، عَنْ أَبي وائِلٍ، عَنْ خَبّابٍ قالَ مُصْعَبُ بْن عُمَيْرٍ: قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ إِلا نَمِرَة كُنّا إِذا غَطَّيْنا بِها رَأْسَة خَرَجَتْ رِجْلاهُ وَإِذا غَطَّيْنا رِجْلَيهِ خَرَجَ رَأْسَهُ فَقالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: غَطُّوا بِها رَأْسَهُ واجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ (1).

    * * *

    باب الدليل على أن الكفن من رأس المال

    [2876] (حدثنا محمد بن كثير) العبدي (حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري (عن) سليمان (الأعمش، عن أبي وائل) شقيق بن سلمة.

    (عن خباب) بن الأرت (قال: قتل مصعب بن عمير) بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار بن قصي أحد السابقين في الإسلام (2) (قتل يوم) وقعة (أحد، ولم تكن له) شيء (إلا نمرة) لفظ مسلم: فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة (3) وهي كساء ملمع فلذلك شبهت بالنمر (4) (كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطينا) بها (رجليه خرج رأسه) وفيه ما كان فيه صدر (5) هذِه الأمة من التقلل من الدنيا، وفيه ذكر سنن السابقين ومناقب الصالحين في زهدهم في الدنيا وتقللهم منها ليعتبر بها السامعون وتقل (1) رواه البخاري (1276)، ومسلم (940).

    (2) الإصابة 6/ 123.

    (3) (940).

    (4) شرح مسلم للنووي 3/ 89.

    (5) في (ر): بياض. والمثبت من (ع).

    رغبتهم في الدنيا.

    (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: غطوا بها رأسه) وفيه دليل على أن الكفن إذا ضاق فتغطية رأس الميت أولى من رجليه؛ لأنه أفضل، وكذلك في لبس الحي، وفيه أن الموجود من مال الميت يكفن فيه وإن كان غيره أولى منه في صفته؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يكفنوه فيها وهي ملمعة من صوف، ولم يأمرهم أن يبيعوها أو يرهنوها عند من تؤخذ منه الثياب القطن الأبيض إلى أن يدفن ثم تباع وتعطى له كما يفعل في ذا الزمان كثيرًا، وقيل: إنما كفن فيها لأنه استشهد فيها يوم أحد فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يكفن فيها ليبعث بها يوم القيامة كما ورد وقد استدل به المحدثون على أن الكفن من رأس المال، وأنه مقدم على الديون؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بتكفينه في نمرة ولم يسأل هل عليه دين أم لا؟

    واستثنى أصحابنا من الديون الدين المتعلق بعين المال فيقدم على الكفن كالثوب المرتهن، وقد يستدل به على أن الواجب في الكفن ستر العورة فقط، ولا يجب استيعاب البدن عند التمكن.

    فإن قيل: لم يكونوا متمكنين (1) من جميع البدن عند التمكن فجوابه أن معناه: لم يوجد مما يملك الميت إلا نمرة. ولو كان ستر جميع البدن واجبًا لوجب على الحاضرين من المسلمين تتميمه إن لم يكن له قريب تلزمه نفقته فإن كان وجب عليه (2). (1) في الأصل (ع): متوكلين. والمثبت من (ر) ومن شرح مسلم للنووي

    (2) شرح مسلم على النووي (7/ 6 و 7).

    (واجعلوا على رجليه) شيئًا (1) (من الإذخر) بكسر الهمزة وسكون الذال المعجمة، وهي حشيشة معروفة طيبة الريح يسقف بها البيوت فوق الخشب وهمزتها زائدة (2).

    وفيه أن الكفن إذا ضاق وجعل على رأس الميت وظهرت رجلاه أي: لا تترك مكشوفة بل يستر ما لم يكن عليه كفن بشيء من العشب أو الهشيم أو أوراق الأشجار العريضة ونحوها (3). (1) في الأصل: شيء.

    (2) شرح أبي داود للعيني 6/ 84.

    (3) انظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال 3/ 266، عمدة القاري 12/ 255.

    12 -

    باب ما جاءَ في الرَّجُلِ يَهَبُ ثُمَّ يوصَى لَهُ بِها أوْ يَرِثُها

    2877 - حدثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حدثنا زُهَيْرٌ، حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ أَنَّ امْرَأَة أَتَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقالَتْ كُنْتُ تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمّي بِوَلِيدَةٍ وَإِنَّها ماتَتْ وَتَرَكَتْ تِلْكَ الوَلِيدَةَ. قالَ: قَدْ وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَجَعَتْ إِلَيْكِ في المِيراثِ. قالَتْ: وَإنَّها ماتَتْ وَعَلَيْها صَوْمُ شَهْرٍ أَفيُجْزِئُ - أَوْ يَقْضي - عَنْها أَنْ أَصُومَ عَنْها؟ قالَ: نَعَمْ قالَتْ: وَإِنَّها لَمْ تَحُجَّ أَفيُجْزِئُ - أَوْ يَقْضي - عَنْها أَنْ أَحُجَّ عَنْها؟ قالَ: نَعَمْ (1).

    * * *

    باب الرجل يهب الهبة ثم يوصى له به أو يرثه

    [2877] (حدثنا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) اليربوعي (2), (حدثنا زهير، حدثنا عبد الله بن عطاء) الطائفي المكي، أخرج له ولما قبله وبعده مسلم (3). (عن عبد الله بن بريدة [عن أبيه]) (4) قاضي مرو ابن الحصيب -رضي الله عنه -، وهو ابن (5) عبد الله بن الحارث بن الأعرج الأسلمي نزل مرو (أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت:) إني (كنت تصدقت على أمي بوليدة) بفتح الواو وكسر اللام، (1) رواه مسلم (1149).

    (2) روى له الجماعة. انظر: تقريب التهذيب. (63).

    (3) انظر الكاشف (2865)، والتقريب (3469). وكذلك ما بعده روى له الجماعة. انظر: تقريب التهذيب (3227)، الكاشف (2644).

    (4) ساقطة من الأصول، والمثبت من مطبوع السنن.

    (5) في (ر) أبو. والمثبت من (ع) ومن الاستيعاب 1/ 185.

    ولفظ مسلم (1): بجارية. وهي: الأمة وإن كانت كبيرة (2). وقيل: الوليدة كناية عما ولد من الإماء التي يملكها وهي في ملكه (3).

    (وإنها ماتت وتركت تلك الوليدة) فانتقلت إلى ملكي بالإرث (فقال: قد وجب) أي ثبت (أجرك) على الله تعالى (ورجعت إليك في) لفظ مسلم (4): وردها عليك (الميراث) أي: أستقر أجرك عند الله في الصدقة حين تصدقت وردها إلى ملكك الميراث الشرعي.

    وقد يؤخذ منه: أن الولد إذا انفرد استغرق جميع إرث أمه، وفيه: أن من تصدق بشيء لله ثم ورثه أو أوصي له به أو وهب له لم يكره له أخذه والتصرف فيه، بخلاف إذا ما أراد شراءه بنفسه أو وكيله فإنه يكره؛ لحديث فرس عمر -رضي الله عنه - (5) (قالت: وإنها) أي: أمها بدليل رواية مسلم (6): (ماتت وعليها صوم شهر أفيجزي) بفتح الياء قبل الجيم أفيكفي (أو: يقضي عنها أن

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1