Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

إثبات صفة العلو - ابن قدامة
إثبات صفة العلو - ابن قدامة
إثبات صفة العلو - ابن قدامة
Ebook354 pages2 hours

إثبات صفة العلو - ابن قدامة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

إثبات صفة العلو لموفق الدين ابن قدامة المقدسي، وهو من كتب الأجزاء الحديثية، يتحدث عن إثبات صفة علو الله التي أنكرتها بعض الفرق مثل: الجهمية والمعتزلة والماتريدية، والأشاعرة، قد أورد جملةً من الأدلة المذكورة، فقد أورد بعض الآيات القرآنية الدالة على هذا المسألة، والنصوص الحديثية، وأقوال الصحابة، وأقوال الأئمة الفقهاء
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateSep 11, 1901
ISBN9786385421975
إثبات صفة العلو - ابن قدامة

Read more from ابن قدامة

Related to إثبات صفة العلو - ابن قدامة

Related ebooks

Related categories

Reviews for إثبات صفة العلو - ابن قدامة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    إثبات صفة العلو - ابن قدامة - ابن قدامة

    الغلاف

    إثبات صفة العلو - ابن قدامة

    ابن قدامة المقدسي

    620

    إثبات صفة العلو لموفق الدين ابن قدامة المقدسي، وهو من كتب الأجزاء الحديثية، يتحدث عن إثبات صفة علو الله التي أنكرتها بعض الفرق مثل: الجهمية والمعتزلة والماتريدية، والأشاعرة، قد أورد جملةً من الأدلة المذكورة، فقد أورد بعض الآيات القرآنية الدالة على هذا المسألة، والنصوص الحديثية، وأقوال الصحابة، وأقوال الأئمة الفقهاء

    ـإثبات صفة العلوـ

    المؤلف: عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة

    المحقق: أحمد بن عطية بن علي الغامدي

    الناشر: مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية

    الطبعة: الأولى، 1409هـ / 1988م

    عدد الأجزاء: 1

    [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع، وهو مذيل بالحواشي] (تنبيه): الكتاب مرتبط بنسختين مصورتين، النسخة الموافقة في الترقيم، ونسخة الدار السلفية - الكويت، تحقيق بدر بن عبد الله البدر

    المقدمة

    (رب يسر وأعن بمنك ورحمتك) (1)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله الذي علا في سمائه، وجلا باليقين قلوب أوليائه، وخار لهم في قدره وبارك لهم في قضائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مؤمن بلقائه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخاتم أنبيائه. أما بعد:

    فإن الله تعالى وصف نفسه بالعلو في السماء، ووصفه بذلك محمد خاتم الأنبياء، وأجمع على ذلك جميع العلماء من الصحابة الأتقياء والأئمة من الفقهاء، وتوارترت الأخبار بذلك على وجه حصل به اليقين، وجمع الله تعالى عليه قلوب المسلمين، وجعله مغروزا في طباع الخلق أجمعين، فتراهم عند نزول الكرب بهم يلحظون السماء بأعينهم، ويرفعون نحوها للدعاء أيديهم (2)، وينتظرون مجيء الفرج من ربهم، وينطقون بذلك بألسنتهم لا ينكر ذلك إلا مبتدع غال في بدعته، أم مفتون (بتقليده) (3) واتباعه على ضلالته، وأنا ذاكر في الجزء بعض بلغني من الأخبار في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته والأئمة (المقتدين) (4) بسنته على وجه يحصل القطع واليقين بصحة ذلك عنهم، ويعلم تواتر الرواية بوجوده منهم، ليزداد من وقف عليه (5) من المؤمنين إيمانا وينتبه من خفي عليه ذلك، حتى يصير كالمشاهد له عيانا، ويصير للمتمسك بالسنة حجة وبرهانا.

    واعلم -رحمك الله - أنه ليس من شرط صحة التواتر الذي يحصل به اليقين (1) من (هـ) و (ر) .

    (2) وهو دليل الفطرة التي سبق إيضاحه.

    (3) في (هـ) و (ر) بتقليد، وأضفت الهاء من (م) .

    (4) في (م) (المتقدمين) .

    (5) من أول الكلام إلى هنا لا يوجد في الأصل.

    أن يوجد عدد التواتر في خبر واحد، بل متى نقلت أخبار كثيرة في معنى واحد من طرق يصدق بعضها بعضا، ولم يأت ما يكذبها ويقدح فيها، حتى استقر ذلك في القلوب (واستيقنته) (1)، فقد حصل التواتر، وثبت القطع واليقين، (فإننا) (2) نتيقن جود حاتم، وإن كان لم يرد بذلك خبر واحد مرضي الإسناد، لوجود ما ذكرنا، وكذلك عدل عمر، وشجاعة علي وعلمه، وعلم عائشة وأنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة أبي بكر، وأشباه هذا، لا يشك في شيء من ذلك، ولا يكاد يوجد تواتر إلا على هذا الوجه، فحصول التواتر واليقين في مسألتنا مع صحة الأسانيد، ونقل العدول المرضيين، وكثرة الأخبار وتخريجها (فيما) (3) لا يحصى عدده، ولا يمكن حصره من دواوين الأئمة والحفاظ، وتلقي الأمة لها بالقبول (وروايتهم لها) (4) من غير معارض يعارضها، ولا منكر (ممن يسمع) (5) منه لشيء منها أولى، سيما وقد جاءت على وفق ما جاء في القرآن العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

    قال الله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش} في مواضع من كتابه (6)، وقال تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} في موضعين (7)، وقال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّب} (8)، وقال سبحانه: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ (1) في (م) (واستيقنت) .

    (2) هكذا في الأصل، وفي بقية النسخ (فإنا) .

    (3) في الأصل (ما) .

    (4) ما بين القوسين ساقط من النسخ الأخرى.

    (5) في (ر) و (هـ) (لمن يسمع) .

    (6) هذه المواضع خمسة في سورة الأعراف آية (54)، وفي سورة يونس آية (3)، وفي سورة الرعد آية (2)، وفي سورة الفرقان آية (59)، وفي سورة السجدة آية (4) .

    (7) سورة الملك آية (16-17) .

    (8) سورة فاطر آية/ 10.

    إِلَيْهِ} (1)، وقال تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه} (2)، وقال لعيسى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَي} (3)، وقال تعالى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (4)، وقال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (5)، وقال سبحانه وتعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} (6)، وأخبر عن فرعون أنه قال: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً} (7)، يعني أظن موسى كاذبا (في أن الله إلهه في السماء) (8)، والمخالف في هذه المسألة (قد أنكر هذا) (9) يزعم أن موسى كاذب في هذا بطريق (القطع) (10) واليقين، مع مخالفته لرب العالمين، وتخطئته لنبيه الصادق الأمين، وتركه منهج الصحابة والتابعين، والأئمة السابقين، وسائر الخلق أجمعين (11). نسأل الله تعالى أن يعصمنا من البدع برحمته، ويوفقنا لاتباع سنته. (1) سورة السجدة آية/ 5.

    (2) سورة المعارج آية/ 4.

    (3) سورة آل عمران آية/ 55.

    (4) سورة النساء آية/ 158.

    (5) سورة الأنعام آية/ 18.

    (6) سورة النحل آية/ 50.

    (7) سورة غافر آية/ 36-37.

    (8) هكذا في الأصل، وفي بقية النسخ (في أنه له إلها في السماء) .

    (9) ما بين القوسين لا وجود له في غير الأصل.

    (10) كلمة (القطع) لا توجد في الأصل.

    (11) يريد الإمام ابن قدامة أن التكذيب بأن الله في السماء سبق إليه فرعون حين كذب موسى عليه السلام حين دعاه إلى الإيمان بالله تعالى، وأن الله في السماء، ومن قال بقول فرعون من هذه الأمة، فقد كذب موسى عليه السلام قطعا، فضلا عن تكذيبه لرب العالمين، الذي أخبر عن نفسه بأنه في السماء بشتى الدلالات، وفيه تكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهجر لمنهج الصحابة والتابعين والأئمة السابقين، وسائر الخلق أجمعين، وهو بهذا يشير إلى ما قرره العلماء من أن الإيمان بأن الله في السماء أمر فطري، جبل عليه الخلق جميعا. وقد تقدم إيضاح دليل الفطرة الذي أشار إليه.

    وقد نسب الإمام ابن القيم من حرف نصوص العلو، من أجل أن يوافق هواه في النفي إلى فرعون، لأنه من حزبه، وهو إمامه في ذلك، وإمام كل مكابر جاحد.

    انظر: الصواعق المنزلة 1/107، ويقول الإمام ابن تيمية: (... وفرعون هو إمام النفاة، ولهذا صرح محققوا النفاة بأنهم على قوله، كما يصرح به الاتحادية من الجهمية النفاة، إذ هو أنكر العلو، وكذب موسى فيه، وأنكر تكليم الله لموسى). مجموع الفتاوى 5/172. وتأويلات المؤولين تحريف صريح، حقيقته النفي المحض، لمخالفته النقل والعقل معا، لأن لازم قولهم أن القرآن والسنة لم يخبرا إلا بما يفيد الضلال، وأن عقولهم أهدى لهم من وحي الله. كبرت كلمة تخرج من أفواههم.

    ((ذِكْرُ الأَحَادِيثِ الصَّرِيحَةِ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ))

    (1)

    1 - أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْمُقَرِّبِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْكَرْخِيُّ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ (يَوْمَئِذٍ) (2) [قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ السَّرَّاجُ الْقَارِيُّ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ] (3)، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ (عُبَيْدُ اللَّهِ) (4) بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَاتِمٍ السِّجْزِيُّ الْوَايِلِيُّ بِمَكَّةَ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (بْنِ مُحَمَّدٍ) (5) الْمُهَلَّبِيُّ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ بِلَالٍ الْبَزَّازُ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْهُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيثٍ سَمِعْتُهُ (مِنْ سُفْيَانَ) (6) عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ (أَبِي) (7) قَابُوسٍ مَوْلًى (1) هذا العنوان لا يوجد في الأصل.

    (2) كلمة (يومئذ) لا توجد في النسخ الأخرى.

    (3) ما بين القوسين لا يوجد في (هـ) .

    (4) في (م) و (ر) (عبد الله)، وهو خطأ.

    (5) (بن محمد) لا يوجد إلا في الأصل.

    (6) كذا في الأصل وفي (م)، وفي بقية النسخ (منه) .

    (7) في (م) (ابن) .

    لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا (أَهْلَ الأَرْضِ) (1) يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ (2) . (1) في (ر) و (هـ) (من في الأرض)، وهو لفظ الترمذي.

    (2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في الرحمة، ح (4941)، 5/231، والذهبي في العلو ص 20، وأحمد في المسند 2/160، والترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في رحمة المسلمين، ح (1904)، 4/323، وهو عندهما أتم. والحاكم في المستدرك، وصححه 4/159، والدارمي في الرد على الجهمية ص 20.

    وهذا الحديث من الأدلة الصريحة الواضحة التي تدل على علو الله تبارك وتعالى بذاته، وأنه في السماء. ومن أجل ذلك أورده المصنف.

    كما يدل على إثبات صفة الرحمة لله تبارك وتعالى، وهي من الصفات الثابتة له سبحانه بالكتاب، كما ثبتت بالسنة، قال تعالى: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً} (غافر: من الآية7)، وقوله سبحانه: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} (الأحزاب: من الآية43)، وقوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} (الأنعام: من الآية54)، وقوله: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين} (يوسف: من الآية64). ومن السنة هذا الحديث، وحديث أسامة في البخاري: ... إنما يرحم الله من عباده الرحماء فتح الباري 13/434.

    وحديث أبي هريرة المتفق عليه في اختصام الجنة والنار وفيه: ... فقال الله تعالى للجنة: أنت رحمتي، وقال للنار: أنت عذابي ... الحديث، وغيرهما من الأحاديث.

    إلا أن المتكلمين من الجهمية وأضرابهم أنكروا صفة الرحمة، وأرجعوها إلى معنى الإرادة، بحجة أن في إثباتها تشبيها للخالق بالمخلوق، لأنها في الإنسان ضعف وخور وتألم على المرحوم، وإثبات الرحمة لله يقتضي إضافة هذا المعنى بما فيه من ذم. إلا أن هذا القول باطل، لأن مذهب السلف -رضوان الله عليهم - التفريق بين محبته وغضبه ورضاه وبين إرادته، وما أوردوه غير وارد للأمور الآتية:

    1 - أن وصف الرحمة في الآدميين من الأمور الممدوحة، أما وصف الخور والضعف فهو من الأمور المذموم. قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَة} (البلد: من الآية17)، ونهى عباده عن الوهن والحزن، فقال: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (آل عمران:139)، وندبهم إلى الرحمة. وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تنزع الرحمة إلا من شقي. وقال: من لا يرحم لا يرحم. ومحال مع هذا أن يكون المراد لا ينزع الضعف والخور إلا من شقي. ولكن لما كانت الرحمة تقارن في حق كثير من الناس الضعف والخور -كما في رحمة النساء، ونحو ذلك - ظن الغالط أنها كذلك مطلقا.

    2 - لو قدر أنه في حق المخلوقين مستلزمة لذلك، لم يجب أن تكون في خق الخالق مستلزمة له، كما أن جميع صفاتنا من العلم والقدرة والسمع والبصر والكلام وغير ذلك، تستلزم فينا نقصا وحاجة، يجب تنزيه الله تعالى عنها، لأن صفات الله كاملة لا نقص فيها، لأنه سبحانه بذاته وصفاته منزه عن النقائص. فصفاته لا تشبه صفات المخلوقين.

    3 - وكذلك الوجود والقيام بالنفس فينا يستلزم احتياجا إلى خالق يجعلنا موجودين، والله منزه في وجوده عما يحتاج إليه وجودنا، فنحن وصفاتنا وأفعالنا مقرونون بالحاجة إلى الغير، والحاجة لنا أمر ذاتي لا يمكن أن نخلو عنه، فهو بنفسه حي قيوم، واجب الوجود، ونحن بأنفسنا محتاجون فقراء، فإذا كانت ذاتنا وصفاتنا وأفعالنا وما اتصفنا به من الكمال من العلم، والقدرة، وغير ذلك هو مقرون بالحاجة والحدوث والإمكان، لم يجب أن يكون لله ذات ولا صفات ولا أفعال، ولا يقدر ولا يعلم، لكون ذلك ملازما للحاجة والضعف فينا. فكذلك الرحمة وغيرها إذا قدر أنها في حقنا ملازمة للحاجة والضعف لم يجب أن يكون في حق الله ملازمة لذلك.

    4 - إننا نعلم بالاضطرار أنا إذا فرضنا موجودين أحدهما يرحم غيره، فيجلب له المنفعة، ويدفع عنه المضرة، والآخر قد استوى عنده هذا وهذا، وليس عنده ما يقتضي جلب منفعة ولا دفع مضرة، كان الأول أكمل.

    انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية 6/117-118.

    وبهذا تبين أن شبهة القوم واهية، وأن صفة الرحمة ثابتة بالعقل، كما ثبتت بالنص، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الحديث: في الأرض وفي السماء أي من على الأرض، ومن على السماء، لأن في هنا بمعنى على، كما في قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْض} (التوبة: من الآية: 2)، أي على الأرض. وقوله: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} (طه: من الآية: 71)، أي عليها.

    أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ غَيْرَ مُسَلْسَلٍ (1) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو الْعَدَنِيِّ (1) التسلسل: من نعوت الأسانيد، وهو عبارة عن تتابع رجال الإسناد، وتواردهم فيه واحدا بعد واحد على صفة أو حالة واحدة. كما في إسناد هذا الحديث.

    انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 248.

    عَنْ سُفْيَانَ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) (1) .

    2 - أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ ثَنَا (حَمَدُ) (2) بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ، أَنْبَأَ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: كَانَتْ لِي غَنَمٌ بَيْنَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ (3) فِيهَا جَارِيَةٌ لِي، فَأَطْلَعْتُهَا ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّئْبُ ذَهَبَ مِنْهَا بَشَاةٍ وَأَنَا مِنْ بَنِي آدَمَ، (آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ) (4)، فَرَفَعْتُ يَدِي فَصَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ (لَهُ ذَلِكَ) (5) فَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أَعْتِقُهَا؟ قَالَ: ادْعُهَا، فَدَعَوْتُهَا. قَالَ: (فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (6) أَيْنَ اللَّهُ، قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: مَنْ أَنَا، قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ. (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) (7)، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَمَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الأَئِمَّةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (8) (1) في (م) و (ر) (وقال حديث صحيح) .

    (2) في جميع النسخ عدا الأصل (أحمد) وهو خطأ، وإنما هو كما في الأصل، وهو حمد بن أحمد

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1