تعلق عاصفي
By Green Wave and فوزية لهلال
()
About this ebook
نحن حين نكتب نرتكب فعل الوشاية في حقِّ أنفسنا، نُعرّي عواطفنا، مواقفنا، ونوبات جنوننا، ننكشف مهما تنكَّرنا.
أن تحمل القلم معناه أن تملك شجاعة الخروج بوجهك عاريًا من الأصباغ، أنت الحقيقي، أنت الأنت، فالقلم والقناع لا يلتقيان وإلّا وُلِدَتِ الحروف مشوَّهة مُعاقة.
كلُّ كاتبٍ يكتب ورقًا يشبهه، ونحن نحبُّ مِن الكُتّاب مَن له القدرة على قراءتنا وبسطنا على الورق، إنّه الّذي يُدهشنا يُبهرنا، يصدمنا، يفاجؤنا ويُبدع في قراءة خبايانا.
« أن تؤلِّفَ كتابا؛ أن يقتنيه غريب في مدينة غريبة؛ أن يقرأه ليلًا؛ أن يختلج قلبه لسطرٍ يشبه حياته -ذلك هو مجد الكتابة » يقول يوسف إدريس.
والحقيقة أنَّ كلّ كاتب يتجلّى في كتاباته.
وحين سئل العرّاب أحمد خالد توفيق عن روايته « في ممرّ الفئران » وكيف خرجت بكلِّ ذلك السَّواد، أجاب بأنَّه كتبها في ذروة التَّشاؤم والقرف واليأس.
فقد كان يمرُّ بحالة اكتئاب؛ فأتت الرّواية سوداء تشبه حالته النّفسية، لقد عالجته الكتابة غير أنّها صبغت بالسّواد نفوس قرّائه.
«كان هناك توتّر داخلي طلّعتو على الورق كنوعٍ من التطهُّر، لقد طلب منّي النّاس جرعة تفاؤل وأنا مش عارف أعمل ايه، فاقد الشّيء لا يُعطيه» يقول العرّاب. وأمّا روايته «يوتوبيا»فقد قال أنّها كانت ناتجة عن خوف شديد على المجتمع المصري.
«كتبتُها لأني بمجرّد ما أرى مخاوفي متجسّدة على الورق أحسّ أنّني قهرتُها نوعًا ما». الكتابة كانت العيادة النفسية للعرّاب، يدفن فيها أحزانه ومخاوفه وحالاته النّفسية الأشدّ قتامة وسوادًا.
وأمّا عبّاس محمود العقّاد فقد قرن الكتابة بكينونته، يوجد لأنّها توجد: « إنّي لا أتمنّى أن أصل الى سنّ المائة كما يتمنّى غيري، وإنّما أتمنّى أن تنتهي حياتي عندما تنتهي قدرتي على الكتابة والقراءة».
ورفع كافكا الحرف إلى مستوى القداسة: «الكتابة شكلٌ من أشكالِ الصّلاة» يقول. ولمحمّد الماغوط، كانت الوطن والأرض: «عالمي هو الكتابة أنا خارج دفاتري أضيع، دفاتري وطني.»
الأكيد أنّ كلّ من كتب باح وانكشف بشكلٍ أو بآخر، دخل في مبارزةٍ مع الحرف فإمّا غالبٌ أو مغلوبٌ.
والكتابة معاناة ومطاردات دونكيشوتية للأفكار التي تصلح لبناء النّص/ الحُلم، فقد تستغرِقُك الفِكْرةُ أعوامًا دون أن تنضج ويحين أوانُ قِطافِها، مخاضٌ طويلٌ لا تدري مُنتهاه.
هل تُصَدِّقُ أنَّ الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا أمضى 15 سنة قبل أن تكتمل في رأسه فكرة روايته «مائة عام من العزلة» ، وقضى 30 سنة مطاردًا لفكرة روايته «وقائع موت معلن،» قبل أن تصبح في كامل بهائها وتغريه ليجسِّدها عى الورق ويقتسمها مع القارئ؟
وأنا اذ أقف الآن بين أيدي هؤلاء العظماء الّذين تورّطوا عشقًا في الكتابة، أضع بين أيديكم إصداري الأول هذا وأنتظر.
من يدري؟!
فقد يأتي يوم أسمع فيه أنّ أحدهم «اختلج قلبه لسطرٍ يشبه حياته»؛ فأعيش مجد الكتابة على طريقة يوسف إدريس.
فوزية لهلال
لافال 2020
Read more from Green Wave
التسكع مع الشيطان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبين البوح والكتمان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحرب وأشواق Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقد يُنبِت الصخر زهرة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكورونا بين قلبين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإسلام وواقع الأمة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعدالةُ لوتيسيا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأَرْسِيلْيَا الفِرْدَوْسِ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرحلة كفيف إلى أمريكا Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsطائفة أصحاب اليمين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحملة النعش Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقصص بناني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsانتظار امرأة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلأجلك نكتب Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to تعلق عاصفي
Related ebooks
تَعَلُّق عاصِفيّ Rating: 5 out of 5 stars5/5الشعار الرجيم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالباب المرصود Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأحزان فرتر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsغربان على صنم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرابطة الأدب الإسلامي: الكنتي: مجموعة قصصية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحكايه رجل عجوز: كلما حلم بمدينة.. مات فيها Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسَوَانِحُ عَابِرَة إلى نُفُوسٍ حَائِرَة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعزيزي فلان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجوسلين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأنطولوجيا السرد التعبيري 2017: أنطولوجيا السرد التعبيري, #2 Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفي سبيل التاج: مصطفى لطفي المنفلوطي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمذكرات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجوسلين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمياسين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsضمير الغائب: الشاهد الأخير على اغتيال مدن البحر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمختارات من الشعر الفارسي الحديث Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالفضيلة: بول وفرجيني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsوعطرك يبقى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأحزان فرتر: يوهان فولفجانج جوته Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمولانا كشمير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمصر ياولاد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالكائن الثاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقلب لا يمتلئ بالذهب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمعنى الكلام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأنور غني الموسوي، الأعمال الشعرية العربية الكاملة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsابتسامات ودموع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsاولاد الأبالسة: محمد شعبان عبد الله Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأقوى من الحب: صلاح الدين ذهني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالشعلة الزرقاء رسائل حب إلى مي زيادة Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Reviews for تعلق عاصفي
0 ratings0 reviews
Book preview
تعلق عاصفي - Green Wave
إهداء
اليك فريدة..
والى تاغيث ..
القرية والرمز
الفهرس
إهداء
تَعَلُّق عاصِفِيّ
شَهْوَة مِنْ طَرَف وَاحِد
مَن أطْلَقَ الرَّصاص على حياة؟
عالم ما وراء الغول
العاشقَة ذاتُ الضَّفيرتيْن
الفرجة على الحياة والموت
ناتالي وترف الاكتئاب
صديقي المثقف، كن بسيطًا لأقرأك!
المقدمة
نحن حين نكتب نرتكب فعل الوشاية في حقِّ أنفسنا، نُعرّي عواطفنا، مواقفنا، ونوبات جنوننا، ننكشف مهما تنكَّرنا.
أن تحمل القلم معناه أن تملك شجاعة الخروج بوجهك عاريًا من الأصباغ، أنت الحقيقي، أنت الأنت، فالقلم والقناع لا يلتقيان وإلّا وُلِدَتِ الحروف مشوَّهة مُعاقة.
كلُّ كاتبٍ يكتب ورقًا يشبهه، ونحن نحبُّ مِن الكُتّاب مَن له القدرة على قراءتنا وبسطنا على الورق، إنّه الّذي يُدهشنا يُبهرنا، يصدمنا، يفاجؤنا ويُبدع في قراءة خبايانا.
« أن تؤلِّفَ كتابا؛ أن يقتنيه غريب في مدينة غريبة؛ أن يقرأه ليلًا؛ أن يختلج قلبه لسطرٍ يشبه حياته -ذلك هو مجد الكتابة » يقول يوسف إدريس.
والحقيقة أنَّ كلّ كاتب يتجلّى في كتاباته.
وحين سئل العرّاب أحمد خالد توفيق عن روايته « في ممرّ الفئران » وكيف خرجت بكلِّ ذلك السَّواد، أجاب بأنَّه كتبها في ذروة التَّشاؤم والقرف واليأس.
فقد كان يمرُّ بحالة اكتئاب؛ فأتت الرّواية سوداء تشبه حالته النّفسية، لقد عالجته الكتابة غير أنّها صبغت بالسّواد نفوس قرّائه.
«كان هناك توتّر داخلي طلّعتو على الورق كنوعٍ من التطهُّر، لقد طلب منّي النّاس جرعة تفاؤل وأنا مش عارف أعمل ايه، فاقد الشّيء لا يُعطيه» يقول العرّاب. وأمّا روايته «يوتوبيا»فقد قال أنّها كانت ناتجة عن خوف شديد على المجتمع المصري.
«كتبتُها لأني بمجرّد ما أرى مخاوفي متجسّدة على الورق أحسّ أنّني قهرتُها نوعًا ما». الكتابة كانت العيادة النفسية للعرّاب، يدفن فيها أحزانه ومخاوفه وحالاته النّفسية الأشدّ قتامة وسوادًا.
وأمّا عبّاس محمود العقّاد فقد قرن الكتابة بكينونته، يوجد لأنّها توجد: « إنّي لا أتمنّى أن أصل الى سنّ المائة كما يتمنّى غيري، وإنّما أتمنّى أن تنتهي حياتي عندما تنتهي قدرتي على الكتابة والقراءة».
ورفع كافكا الحرف إلى مستوى القداسة: «الكتابة شكلٌ من أشكالِ الصّلاة» يقول. ولمحمّد الماغوط، كانت الوطن والأرض: «عالمي هو الكتابة أنا خارج دفاتري أضيع، دفاتري وطني.»
الأكيد أنّ كلّ من كتب باح وانكشف بشكلٍ أو بآخر، دخل في مبارزةٍ مع الحرف فإمّا غالبٌ أو مغلوبٌ.
والكتابة معاناة ومطاردات دونكيشوتية للأفكار التي تصلح لبناء النّص/ الحُلم، فقد تستغرِقُك الفِكْرةُ أعوامًا دون أن تنضج ويحين أوانُ قِطافِها، مخاضٌ طويلٌ لا تدري مُنتهاه.
هل تُصَدِّقُ أنَّ الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا أمضى 15 سنة قبل أن تكتمل في رأسه فكرة روايته «مائة عام من العزلة» ، وقضى 30 سنة مطاردًا لفكرة روايته «وقائع موت معلن،» قبل أن تصبح في كامل بهائها وتغريه ليجسِّدها عى الورق ويقتسمها مع القارئ؟
وأما رواية «ذاكرة أدريان» للكاتبة الفرنسيّة مارغريت يورسنار، فقد استنزفت صاحبتها 20 سنة تمزيقًا، وإعادة، قبل أن تنظر إليها بعين الرّضا وتسلّمها للناشرين.
وبين صفحات تحفته الأدبية «مدام بوفاري» أقام غوستاف فلوبير طيلة سنوات خمسٍ، تستهلكه الصّفحة الواحدة أيّامًا وأحيانا أسابيع طويلة قبل أن يغادر أعتابها راضيًا. يكتب وظهره للنّافذة في صمت مطلق وإعراض تامّ عن أي منظر قد يشتّت تركيزه، وغالبًا ما