سلسلة التربية الإسلامية - حقوق الانسان

By أحمد شوقي إبراهيم

هذه السلسلة تكشف لنا عن شمولية الإسلام وسماحته، وتتناول في أسلوب سلس جذاب كل شرائح المجتمع، وما لها من حقوق كحق الجنين والطفل والإنسان والشباب، وتستعرض معنا بر الوالدين ونماذجه الفريدة، وتحدثنا عن حق الجار وحسن الخلق والرفق بالحيوان . أثارت قضية حقوق الإنسان جدلا واسعا على مستوى الشعوب والدول والمنظمات وأصبحت تشغل العالم، وفي هذا الجزء يلفت الكاتب النظر إلى رقي الإسلام وسبقه لكل الدساتير الوضعية الحديثة في هذا الجانب، ويستعرض تكريم القرآن والسنة النبوية للإنسان وحقوقه

• Language: العربية
• Publisher: Nahdet Misr
• Release date: Jan 1, 2012
• ISBN: 9785668202560

Book preview

سلسلة: التربية الإسلامية

3

Shape1.psd

حقوق الإنسان

Shape1.psd

تأليف: أ.د. أحمـد شـوقي إبراهيم

رئيس المجمع العلمي لبحوث القرآن والسُّنَّة بجمهورية مصر العربية

رئيس مؤسسة الدكتور أحمد شوقي إبراهيم للإعجاز العلمي في القرآن والسُّنَّة ج.م.ع

زميل كلية الأطباء الملكية بلندن وأدنبره - مستشار الأمراض الباطنية وأمراض القلب

عضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف

عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

عضو اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) - القاهرة

إشراف عام: داليا محمد إبراهيم

جميــع الحقــوق محفـوظــة © لدار نهضة مصر للنشر

يحظـــــر طـبــــــع أو نـشـــــر أو تصــويــــر أو تخـزيــــن

أي جــزء مــن هــذا الكتــاب بأيــة وسيلــة إلكترونية أو ميكانيكية

أو بالتصويـــر أو خــلاف ذلك إلا بإذن كتابي صريــح من الناشـــر.

الترقيم الدولي: 9771444611

رقـــم الإيــــداع: 21616 / 2011

الطبعة الأولــى: ينايـر 2012

Arabic_DNM_logo_Color_f_fmt

21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

تليفـــون: 33466434 - 33472864 02

فاكـــــس: 33462576 02

خدمة العملاء: 16766

Website: www.nahdetmisr.com

E-mail: [e-mail]

تمهيد

إن الإنسان هو ذلك الكائن الحي العاقل الناطق الذي كرَّمه الخالق -عزَّ وجلَّ- وفضَّله على كثير ممن خلق تفضيلًا، قال تعالى: }وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا{ [الإسراء: 70].

هذا الإنسان هو المخلوق المفضل على هذه الأرض، لذلك كانت الشرائع الدينية هي أول من اعترف للإنسان بحقوقه وحرياته دونما تمييز في ذلك بينه وبين الآخرين من بني جنسه لاعتبار خاصٍّ بالنوع، أو الجنس، أو الدين، أو اللغة، أو العقيدة السياسية، أو أي شيء من هذا القبيل.

ونجد أيضًا أن الشرائع الدينية قد ذهبت في تكريمها لهذا الإنسان، كما قال المولى عز وجل: } مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا{ [المائدة:32]، انظروا إلى أي حد اعتبرت الشريعة الإسلامية الغراء الاعتداء على حق الإنسان في الحياة هو اعتداء على الناس جميعًا، وأن من أخذ بيد أخيه الإنسان، ووقف إلى جانبه يعتبر وكأنه قد أحيا الناس جميعًا.

ومن بين حقوق الإنسان وحرياته الأساسية حقوق لا يجوز التنازل عنها البتة، وتحت أي ظرف من الظروف، وتوصف هذه الطائفة من الحقوق والحريات بأنها من قبيل الحقوق الملازمة للشخصية أو الحقوق اللصيقة بالشخصية؛ لأنها المقومات الأساسية المادية والمعنوية لذات الإنسان، والتي يستحيل وجوده بدونها.

ومن أمثلة هذه الحقوق التي لا يجوز إلغاؤها على أي نحو كان - الحق في الحياة، والحق في سلامة الجسد، والحق في حماية الشرف والاعتبار؛ لذلك لا يلزم ولا يجوز ولا يقبل النيل من هذه الحقوق تحت أي ظرف كان، مهما تكن استثنائية الظروف، ولكن مقابل هذه الطائفة من الحقوق هناك حقوق أخرى يمكن النيل منها في ظروف استثنائية، فمثلًا لو أن هناك مجتمعًا يعيش ظروفًا غير عادية، مثل حالة حرب، وحالة نزاع داخلي، وصار عرضة للتهديدات سواء من جهة الداخل أو من جهة الخارج، هنا يجوز لسلطة ولي الأمر في هذا المجتمع أن تضع قيودًا على حرية تحرك الأفراد مثلاً، وتطلب منهم التزام منازلهم مثلًا ابتداءً من توقيت معين، وحتى توقيت معين، أو تطلب منهم على سبيل المثال تخفيض نسبة الإضاءة في منازلهم إلى غير ذلك، هذه حقوق يمكن تقييدها بصورة استثنائية استجابة للظروف الطارئة، أما الحق في الحياة، والحق في حماية الجسد ، أو المساس به على أيِّ نحو كان، والحق في حماية الشرف والاعتبار؛ فهذه لا يوجد أي ظرف يبرر النيل منها أو الخروج عليها؛ إلا إذا خرج الإنسان عن أوامر الله تعالى ورسوله، ونزعت نفسه إلى الاعتداء على نفسه والفساد في الأرض.

ومن جانب آخر، لا يجوز لأي فرد التنازل عن حقه في الحياة سواء بإقدامه هو نفسه على إزهاق روحه بانتحار مثلاً أو بالسماح لغيره - الطبيب مثلاً - بقتله تخليصًا له من الآلام التي يعانيها، والقول بعدم جواز التصرف في طائفة بذاتها من حقوق الإنسان أو التنازل عنها؛ فإنما يجد سنده في مصادر عدة، أولها: المصادر الدينية، يكفي أن أشير هنا إلى بعض الآيات القرآنية التي تؤكد وجوب احترام الحق في الحياة، هناك مثلاً الآية التي يقول فيها المولى عز وجل: }وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا { [النساء:29]، وأيضًا الآية التي يقــول فيهــا المولى عز وجل: }مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا{ [المائدة:32]، ونتـذكــر أيضًا هنـا قول الرسـول ﷺ فيما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة عز وجل فيما قال: «الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعن نفسه يطعنها في النار، والذي يقتحم - أي يرمي نفسه - يقتحم في النار»، روى الإمام أحمد عن جابر بن سمرة أن النبي ﷺ لم يصلِّ على رجل قتل نفسه، وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم