Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

سلسلة التربية الإسلامية - حسن الخلق
سلسلة التربية الإسلامية - حسن الخلق
سلسلة التربية الإسلامية - حسن الخلق
Ebook166 pages1 hour

سلسلة التربية الإسلامية - حسن الخلق

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تكشف لنا هذه السلسلة عن شمولية الإسلام وسماحته.. وتتناول في أسلوب سلس جذاب كل شرائح المجتمع.. وما لها من حقوق كحق الجنين والطفل والإنسان والشباب. وتستعرض معنا بر الوالدين ونماذجه الفريدة .. وتحدثنا عن حق الجار وحسن الخلق والرفق بالحيوان، بأسلوب بيِّن بسيط يصل إلى ذهن القارئ وقلبه.
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2012
ISBN9782213790183
سلسلة التربية الإسلامية - حسن الخلق

Read more from أحمد شوقي إبراهيم

Related to سلسلة التربية الإسلامية - حسن الخلق

Related ebooks

Reviews for سلسلة التربية الإسلامية - حسن الخلق

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    سلسلة التربية الإسلامية - حسن الخلق - أحمد شوقي إبراهيم

    حسن الخلق

    لقد نوَّه الإسلام بالخلق الحسن، ودعا أتباعه إلى التحلي به، وتكرر قول الله تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ (فصلت: 34)، وقال سبحانه: ﴿ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ﴾ (الرعد: 22)، وجعل حسن الخلق من صفات المتقين المحسنين؛ فقال سبحانه: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (331) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران: 133، 134) وأكد ذلك رسول الله ﷺ فقال: «البر حسن الخلق»[4]، وقال: «إن من أقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا»[5].

    لقد احتفلت السنة النبوية احتفالاً عظيمًا بالإنسان، وكرَّمته أيَّما تكريم، فحث المصطفى ﷺ على وضع الإنسان -أيِّ إنسان- موضع التكريم لخلق الله، فلنقف معًا وقفات عند بعض قطوف السنة النبوية المطهرة، نشم عطر هذه الروضة المحمدية الندية، في تكريمها الإنسان.

    أولاً: قوله ﷺ: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَن»[6]، هذا الحديث العظيم، كل توجيهاته عامة، والمكارم التي يحث عليها يشير إلى تطبيقها مع الناس جميعًا: مسلمين وغير مسلمين.

    «اتقِ الله حيثما كنتَ»، في أي مكان تكون فيه، في مجتمع مسلم، أو في مجتمع غير مسلم.. في بيئة مسلمة، أو في بيئة غير مسلمة.. في اجتماعك مع مسلم، أو في اجتماعك مع غير مسلم.. في جوارك لمسلم، أو في جوارك لغير مسلم.. في رؤيتك مسلمة، أو في رؤيتك غير مسلمة.. أخلاقك واحدة، عنوانها: تقوى الله.. اتق الله، وراقبه، واعلم أنه يراك، وخفْ منه سِرًّا وعلانية، وفي تعاملك مع الجميع -مسلمين وغير مسلمين - اتق الله.. باختصار: اجعل تقوَى الله عنوانك في التعامل مع الله، ومع نفسك، ومع الناس جميعًا.

    «أتبع السيئة الحسنة تمحها»، نصيحة خاصة عامة، مضمونها فعل الحسنات؛ لأن هذه هي الطريقة المثلَى لمحو السيئات.. افعل الخير، وقدم الحسنة لنفسك، وللجميع؛ مسلمين وغير مسلمين، فإن من الحسنات ما يكون خاصًّا، ومنها ما يكون عامًّا، فالصلاة والصيام والحج.. كلها أمور خاصة بالفرد المسلم، أما صلة الرحم، وحسن الجوار، وحسن معاملة الزوجة والأولاد، والصدق، والودُّ، وحسن الخلُق، وأداء الأمانة، وإنظار المعسرين، والأخذ بالعلم طلبًا ومدارسة، تعليمًا وتعلُّمًا، وإفشاء السلام والعدل والرحمة، وغيرها من الأعمال، فكلها حسنات عامة، لن تتحقَّق إلا عن طريق تفاعل الفرد مع الآخرين: مسلمين وغير مسلمين. وهذا ما قصده رسول الله ﷺ حين أشار إلى فعل الحسنات، وتقديم الخير للناس جميعًا.

    «وخالق الناس بخلق حسن»، توجيه كريم المقصد، عظيم السموِّ، لم يقل: «خالق المسلمين» أو «خالق إخوانك»، وإنما قال: «خالق الناس»، كل الناس؛ لأن الإسلام يدعو إلى مكارم الأخلاق مع الجميع، وإلى حسن الخلق مع الناس جميعًا، كما قال ﷺ في حديث آخر: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»[7]، وكثيرًا ما أوصى ﷺ بأن يعامل المسلمُ الآخرين بما يحبُّ أن يعاملوه به، إنه النبيُّ الخاتم، الذي جاءت رسالته للناس كافة، و«خالق الناس بخلق حسن»؛ ذاك لأن الأخلاق في الإسلام لا تتجزأ، والحق أن الإسلام احتفل احتفالاً عظيمًا بحسن الخلق. إن الله تعالى لَمَّا شاء أن يُثني على نبيه ﷺ ثناءً جامعًا، اختار أن يثني عليه في خُلُقه، ألم يقل  عن نبيه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم: 4)؟ فكان مثلاً وقدوةً وأسوةً في حسن الخلق. وجعل ﷺ درجة حسن الخلق فوق درجات الأعمال، ولها ثواب عظيم، ألم يقل ﷺ: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حَسُنَ خُلُقُه»[8]؟ ألم يقل ﷺ: «إن المؤمنَ ليدركُ بحسن خلُقه درجة الصائم القائم»[9]؟ ألم يقلْ ﷺ: «ما مِنْ شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة مِنْ خُلُق حَسَن»[10]؟

    الحقُّ أنَّ الإسلامَ ونبيه قد جعلاَ حُسْنَ الخلق المقياسَ لصلاح العبد المسلم؛ حديثًا وعملاً، وبيعًا وشراءً، وقضاءً واقتضاءً، وإقراضًا واستقراضًا، وتعاملاً مع الوالدين والزوجة والأولاد والأصحاب والطلاب والجيران والناس جميعًا؛ مسلمين وغير مسلمين، لابد أن يكون العنوان والشعار حُسْن الخلق، فما جاء محمد ﷺ إلا ليتمم مكارم الأخلاق.

    ثانيًا: قوله ﷺ: «ألاَ لاَ تَظْلِمُوا، ألاَ لاَ تَظْلِمُوا، ألاَ لاَ تَظْلِمُوا»[11].

    لقد كان هذا التحذير في خطبة الوداع، في أثناء حجة الوداع، لقد ودَّع رسول الله ﷺ الناس في هذه الخطبة، ولذا كانت توجيهاته فيها هي آخر ما وَضع من أسس وقواعد، إنها أسس الإسلام الثابتة التي لا تتغير، والسنن التي لا تُبْلَى ولا تُمْحَى؛ لأنها وُضعت وقِيلَتْ كآخر ما وَضَع ونصح ﷺ في خطبة جامعة.

    لم يكتفِ ﷺ بالنهي عن الظلم مرة، وإنما كرَّرَ ذلك ثلاثًا، وصدَّر كلَّ نَهْيٍ بلفظة التحذير والتنبيه والحثِّ «ألا»، ليؤكد خطورة الظُّلْم، وفداحته كجُرم. لقد وصفه ﷺ بالظلمات، قال: «اتقوا الظلم فإن الظلمَ ظلماتٌ يوم القيامة»[12]، لماذا يؤكّدُ ﷺ تَرْكَ هذا الأمر الشنيع؟ ذاك لأنّ الإنسان مكرّمٌ، كرَّمَهُ ربُّه، فحُقَّ علَى كُلِّ عبد أن يُكرِّم مَنْ كرَّمَه الله، بعدم ظلمه، وعدم الاعتداء عليه، بالعدل معه، وبالحفاظ على إنسانيتِه وآدميتِهِ. ولأنَّ الظُّلمَ حرَّمه ربُّ العالمين على نفسه، فوجب أنْ يحرِّمَه كلُّ إنسانٍ علَى نفسِهِ: (يا عبادي، إني حرمتُ الظلم على نفسي وجعلتُه بينكم محرمًا فلا تظالموا) [13].

    ثالثًا: قوله ﷺ: «أدِّ الأمانةَ إلَى مَنِ ائتمنَكَ ولا تَخُنْ مَنْ خانَكَ»[14].

    إنه توجيه نبوي كريم يتعلق بإعطاء كل ذي حق حقه، وعدم اغتصاب حقوق الآخرين؛ لأنهم آدميون، يجب الحفاظ على أماناتهم وعدم تضييعها. وأيضًا لم يحدِّد ﷺ في حديثه هذا أداء الأمانة إلى المسلمين خصوصًا، بل ذكر الأمر عامًّا، بلفظ صريح لا يحتمل اللَّبس: «أد الأمانة إلى من ائتمنك»؛ لأنه يحرِّم كل أمانات الناس: مسلمين وغير مسلمين، وطبق ذلك ﷺ عمليًّا، فلقد كان مشركو مكة يضعون عنده أماناتهم وودائعهم قبل البعثة، وطوال الفترة المكية، ثم لما أذن الله له بالهجرة، جعل عليًّا في فراشه وفي داره لأمرين اثنين:

    الأول: لكي يظن المشركون أن النبيَّ ما زال في داره ولم يخرج.

    والآخر: لكي يعطي عليٌّ كلَّ صاحب أمانة أمانتَه، وكلَّ صاحب وديعة وديعتَه.

    فعل هذا ﷺ رغم أنهم خانوه، وعذبوه، وناصبوه العداء، وطاردوه حتى طردوه من وطنه، ومن أحب البلاد إليه، ولكنه أبدًا لم يخن مَنْ خانه؛ لأنه النبيُّ المعلم الإنسان، الذي يعرف حق الإنسان، ويؤمن بأنه حق مقدس، لا يمكن أبدًا التفريط فيه، فلا بد مِنْ ردِّ الأمانة إليه؛ حتى وإنْ خانَ وظلَم، هذا هو توجيه نبيِّ الإسلام، فهل مِنْ مبارز فِي العظَمة؟!

    رابعًا: قوله ﷺ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ ويَدِهِ»[15]، توجيه نبيٍّ كريم، ووصية رسول حكيم، يوصي بمعرفة أقدار الناس، والعلم بمكانة الإنسان، الذي كرَّمه الله، فيجب أن يُصَان هذا الإنسان؛ مسلمًا كان أو غير مسلم، من الاعتداء باللسان؛ قولاً وسبًّا وغِيبةً ونميمة.. أو الاعتداء باليد؛ فعلاً

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1