Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

موسوعة عالم الانسان - الجزء الثانى
موسوعة عالم الانسان - الجزء الثانى
موسوعة عالم الانسان - الجزء الثانى
Ebook567 pages3 hours

موسوعة عالم الانسان - الجزء الثانى

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

فى هذا الجزء من الموسوعة التي تتناول حقائق باهرة استقر العلم على تأييدها حول الإنسان نتعرف على النفس البشرية ونوازعها والعقل وماهيته.. والنوم وأسراره.. ونشهد الإنسان في جميع أطوار حياته, وكيف يمر بمراحل مختلفة في الخلق والفكر. وهل تقف قيمته عند الجسد المادي أم الذات الإنسانية الواعية اللامادية .. تلك الذات التي لا تموت ولا ينال منها تعاقب الزمن.
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2012
ISBN9780672862618
موسوعة عالم الانسان - الجزء الثانى

Read more from أحمد شوقي إبراهيم

Related to موسوعة عالم الانسان - الجزء الثانى

Related ebooks

Reviews for موسوعة عالم الانسان - الجزء الثانى

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    موسوعة عالم الانسان - الجزء الثانى - أحمد شوقي إبراهيم

    inside-1.psd

    الجزء الثاني

    الإنسان في جميع أطوار حياته

    Arabic%20DNM%20Logo_Black.eps

    أ. د. أحمـد شوقـي إبراهيـم

    رئيس المجمع العلمي لبحوث القرآن والسُّنَّة بجمهورية مصر العربية

    رئيس مؤسسة الدكتور أحمد شوقي إبراهيم للإعجاز العلمي في القرآن والسُّنَّة ج. م. ع

    زميل كلية الأطباء الملكية بلندن وأدنبره - مستشار الأمراض الباطنية وأمراض القلب

    عضو لجنة الإعجاز العلمي بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف

    عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

    عضو اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) القاهرة

    العنوان:

    موسوعة عالم الإنسان في ضوء القرآن والسنة

    (من منظور علمي بحثي)

    الجزء الثاني «الإنسان في جميع أطوار حياته»

    أ. د. أحمد شوقي إبراهيم

    إشراف عام:

    داليا محمد إبراهيم

    جميــع الحقــوق محفـوظــة © لدار نهضة مصر للنشر

    يحظـــر طـبـــع أو نـشـــــر أو تصــويــــر أو تخـزيــــن

    أي جــزء مــن هــذا الكتــاب بأيــة وسيلــة إلكترونية أو ميكانيكية

    أو بالتصويـــر أو خــلاف ذلك إلا بإذن كتابي صريــح من الناشـــر.

    Arabic%20DNM%20Logo_Colour%20Established%20Black.eps

    تليفـون : 33466434 - 33472864 02

    فاكـــــس : 33462576 02

    الترقيم الدولي: 977-14-4457-3

    رقـــم الإيــــداع: 2011 / 21612

    الطبعة الأولــى: ينايـر 2012

    خدمة العملاء : 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    59968.png

    12 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    Basmalah%20Naskhi.eps

    تـقــديـــم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ﷺ وبعد.

    فإن الإنسان أكرم خلق الله تعالى وأحبهم إليه، والإنسان الحقيقي ليس الجسد المادي ولكنه الذات الإنسانية الواعية المدركة العاقلة اللامادية الخالدة التي لا تموت ولا يجري فيها زمن، والتي ركبها الله تعالى في ذلك الجسد المادي، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ(الانفطار (6-8)، وذلك ليستطيع نفسه، والإنسان لا يتعامل مع غيره من الناس حسب هوى نفسه بدون حدود متعارف عليها بين الناس، وبدون شرائع دينية تحكمه، وبدون قوانين وضعية تلزمه، ولكن حسب ما يمليه عليه عقله من خلال تلك الحدود والشرائع والقوانين.

    ويمر الإنسان في حياته الدنيا بمراحل مختلفة في الخلق والفكر، ولكل مرحلة حقوق وواجبات ينبغي على الإنسان أن يكون ملتزمًا بها.

    وفي هذا الجزء من الكتاب (الإنسان في جميع أطوار حياته) سنتناول بالبحث عددًا من الموضوعات، ورتبناها في تسعة أبواب:

    الباب الأول: الإنسان في أطوار الطفولة:

    ويبحث في الموضوعات الآتية:

    -1 الإنسان في مراحل خلق الجنين في بطن أمه.

    -2 كيفية التعامل مع الجنين المشوه.

    -3 الإنسان في مراحل الطفولة، وأطوار نموه فيها.

    الباب الثاني: النمو النفسي في الطفولة:

    ويبحث في الموضوعات الآتية:

    1 - من الطفولة الأولى إلى سن المراهقة.

    2 - مراحل النمو النفسي الجنسي في الطفولة.

    3 - دراسات في الطفولة والمراهقة.

    4 - تكوين الشخصية الدينية والخلقية والاجتماعية في مرحلتي الطفولة والمراهقة.

    5 -قصور القوانين الوضعية في حقوق الطفل، وشمولها في الشريعة الإسلامية.

    الباب الثالث: دور الوالدين في حياة الطفل:

    ويبحث في الموضوعات الآتية:

    1 - الوالدان والتوصية بإحسان الأبناء إليهما في الشريعة الإسلامية.

    2 - توصية الناس بالمحافظة على حقوق اليتامى.

    3 - رعاية اليتيم والمحافظة عليه.

    4 - حق اليتيمة في ألا تنكح إلا بإذنها.

    الباب الرابـع: حقوق الطفل:

    ويتناول الموضوعات الآتية:

    -1 الاهتمام والعناية بالطفل ذكرًا كان أو أنثى.

    -2 حق الطفل على والديه في إرضاعه.

    -3 حق الطفل في التعلم في معاهد التعليم.

    -4 حق الطفل في الحياة في أمن وسلام وكرامة.

    -5 حق الطفل على والديه في أن يعلماه أمور دينه.

    -6 حق الطفل في دعم المجتمع والدولة له.

    -7 حق الطفل الوليد في نسب شرعي.

    -8 حق الطفل الوليد في أن يكون خاليًا من الأمراض الوراثية.

    الباب الخامس: النفس البشريــة:

    ويتناول الموضوعات الآتية:

    -1 النفس البشرية ونوازعها المختلفة.

    -2 من نوازع النفس البشرية: الغيرة من الأخ أو الأخوات.

    -3 قصة غيرة أبناء النبي يعقوب من أخيهم يوسف.

    -4 متطلبات النفس البشرية.

    -5 اختلاف ميول النفس البشرية.

    -6 الاضطرابات النفسية لدى الشباب في العالم الغربي في العصر الحالي.

    -7 الالتزام والتربية الصحيحة لدى الشباب في الإسلام.

    الباب السادس: عقـل الإنســان:

    ويناقش الموضوعات الآتية:

    -1 ماهية العقل.

    -2 الحيل العقلية.

    -3 عقل الرجل والمرأة سواء.

    توضيح مفهوم الحديث النبوي (النساء ناقصات عقل ودين)

    4 - العقل بين الانضباط والانفلات في العصر الحالي.

    الباب السابع: الإنسـان فـي مرحلـة الـنـــوم:

    ويتعرض للموضوعات الآتية:

    -1 ماذا يحدث للإنسان أثناء نومه؟

    -2 ظاهرة النوم.

    -3 وظائف أعضاء الجسم أثناء النوم.

    -4 النوم في مراحل العمر المختلفة.

    -5 ضرورة النوم.

    -6 مراحل النوم الخمس.

    -7 الرؤى والأحلام.

    -8 أحلام اليقظة.

    -9 رؤية النبي محمد ﷺ في المنام.

    -10 الأرق.

    -11 التمريض أثناء النوم.

    -12 الوضع الصحيح للجسم أثناء النوم.

    الباب الثامـن: الشيخوخـــة:

    ويتناول ما يلي:

    ■ مقدمة عامة عن الشيخوخة.

    -1 شيخوخة جسم الإنسان:

    ● شيخوخة الخلية.

    ● شيخوخة المخ.

    ● شيخوخة شرايين الجسم (تصلب الشرايين).

    ● شيخوخة الجلد والشعر والعضلات.

    ● الشيخوخة والإنجاب.

    ● شيخوخة العظام.

    ● الخرف الشيخوخي (العته).

    ● الاكتئاب في الشيخوخة.

    -2 نظرة الإسلام إلى الشيخوخة.

    الباب التاسـع: علاقة كل من الطفولة والشباب والكهولة والشيخوخة بالزمن:

    ويتعرض بالدراسة لما يلي:

    1 - الشيخوخة والزمن.

    2 - إيقاع الزمن البيولوجي في جسم الإنسان.

    3 - لكل شيء في الكون أجل.

    4 - الزمن البيولوجي أجل وآجال.

    5 - الأزمان الأخرى التي تتزامن مع الزمن البيولوجي.

    وقد حرصت في تناول موضوعات البحث على الإيجاز في العرض؛ حتى يقبل على قراءتها الناس على اختلاف مستوياتهم العلمية والفكرية، وحتى لا تستعصي قراءتها وفهمها على الإنسان في أطوار خلقه الأولى (مراحل الطفولة والمراهقة والشباب)، وعلى عامة الناس في الكهولة والشيخوخة أيضًا. وسيعقب هذا الجزء من موسوعة عالم الإنسان أجزاء أخرى كثيرة تتناول بالبحث كل ما يتعلق بالإنسان في حياته الدنيا وحياته الآخرة أيضًا.

    وما توفيقي إلا بالله..

    أ. د. أحـمـد شوقــي إبراهـيـم

    motef.eps

    الباب الأول

    1- الإنسان في مراحل خلق الجنين في بطن أمه.

    2- كيفية التعامل مع الجنين المشوه.

    3- الإنسان في مراحل الطفولة وأطوار نموه فيها.

    72431.png72432.png

    الإنسان في أطوار الطفولة

    motef.eps

    الباب

    الأول

    1

    الإنسان في مراحل خلق الجنين في بطن أمه:

    35489.png

    الإنســان في أطـــوار الطفولـــة

    يبدأ خلق الجنين بتلقيح بويضة من المرأة بحيوان منوي من الأب، وبذلك تتكون بويضة ملقحة سرعان ما تنقسم إلى خلايا عديدة أزواجًا أزواجًا، وما إن يصل إلى تسعة أشهر رحمية حتى يكون جسمه قد وصل إلى نحو مائتي بليون خلية. ولا يزيد عدد خلايا الجسم بعد ذلك في جميع أطوار خلق الإنسان، ويتغذى الجنين من المواد الغذائية الموجودة في دم الأم، ولا يختلط دم الجنين بدم أمه، وتصل المواد الغذائية من دم الأم إلى دم الجنين عن طريق تركيب يشبه المصفاة موجود في المشيمة.

    واعتمد العلماء في دراستهم للجنين على مصادر متعددة، منها الآتي:

    1 - التقارير التي يحصلون عليها عن تحركات الجنين في بطن أمه.

    2 - تسجيل ضربات قلب الجنين بواسطة أجهزة خاصة.

    3 - الفحص المباشر لأجنة أُخرجت من بطون أمهاتها بعمليات جراحية.

    4 - دراسات أجريت على أجنة الحيوانات.

    ويولد الطفل من بطن أمه في معظم الحالات خلال تسعة أشهر، وفي جسده كل الأعضاء، كالجهاز العصبي المركزي، والجهاز الحركي، والجهاز الدوري، والجهاز التنفسي، والجهاز الهضمي، والجهاز البولي...إلخ.

    * * *

    motef.eps

    الباب

    الأول

    2

    كيفية التعامل مع الجنين المشوه:

    35794.png

    أولًا: رأي الفقهاء في إجهاض الجنين المشوه:

    للأستاذ الدكتور/ محمد رأفت عثمان

    أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة

    قال في الإجهاض: المعنى اللغوي للإجهاض هو الإسقاط، أو إلقاء الولد قبل التمام، وهذا المعنى اللغوي هو المعروف أيضًا في كتب الفقه الإسلامي، وإن كان يعبر عن ذلك أحيانًا بالإسقاط، وأحيانًا بالإلقاء، وأحيانًا بالطرح والإنزال، ومعنى جميع هذه الألفاظ واحد.

    دواعي الإجهاض: تتنوع الدوافع التي تدفع المرأة إلى إجهاض نفسها، أو تدفع غيرها إلى هذا الإجهاض، وأهم هذه الدوافع ما يأتي:

    1 - الدافع الطبي؛ بأن تكون الأم من الناحية الصحية لا تتحمل أخطار الولادة، أو يكون الحمل مؤديًا إلى إضعاف صحتها بصورة ضارة لها، أو مؤثرًا في حالتها النفسية.

    2 - الخوف من الأم أو الأب، أو هما معًا، من أن يكون الجنين معرضًا للإصابة بمرض وراثي، أو عاهة جسمية، أو عيب عقلي.

    3 - الإشفاق على الطفل الرضيع إذا حدث الحمل أثناء الرضاعة.

    4 - الرغبة في التخلص من حمل غير مرغوب فيه، والحمل غير المرغوب فيه تعبير شائع في المجتمعات الغربية، وبدأ يُستعمل أيضًا في مجتمعاتنا الشرقية، ويقصد به أن الحمل جاء في توقيت غير مناسب لظروف المرأة أو الأسرة؛ كالحفاظ على قوام المرأة وتناسقه، أو لعدم توافر القدرة المالية لاستقبال مولود جديد، وقد تكون المرأة راغبة في الحمل، ثم غيرت من وسائل منع الحمل، لكن هذه الوسيلة فشلت في منعه.

    وقال أيضًا عن آراء العلماء في الإجهاض:

    يرى العلماء أن نفخ الروح في الجنين إنما يحدث بعد مرور مائة وعشرين يومًا على بدء الحمل، اعتمادًا على ما ثبت في كتب السنة من حديث رواه عبد الله بن مسعود أن رسول الله ﷺ قال: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ، فَلاَ يُزَادُ فِيهَا وَلاَ يُنْقَصُ» رواه مسلم.

    وقال: لم يختلف العلماء فيما بينهم على تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين؛ لأنه بعد نفخ الروح فيه صار إنسانًا حيًّا، فأصبح نفسًا معصومة يحرم قتلها، فلا يجوز إسقاطه، لا من قبل الحامل نفسها، ولا من قبل من يساعدها في ذلك؛ فهو جريمة يعاقب عليها الشرع.

    وأما قبل نفخ الروح أي قبل المائة والعشرين يومًا، فهذه هي الجزئية التي اختلف في إجهاض الجنين فيها.

    الرأي الأول: يحرم الإجهاض ولو قبل أربعين يومًا، وهو الرأي المعتمد في الفقه المالكي، ويراه بعض الحنفية، وهو رأي الإمام الغزالي وهو أحد فقهاء الشافعية، وأحد رأيين في الفقه الحنبلي.

    الرأي الثاني: الإباحة مطلقًا، أي سواء كان هناك عذر أو لا، وبهذا الرأي قال بعض فقهاء الحنفية وبعض فقهاء المالكية إذا لم يكمل الجنين أربعين يومًا، فإذا أكملها لا يجوز الإجهاض، وقال بعض فقهاء الشافعية لا يجوز الإجهاض ما دام الحمل نطفة أو علقة.

    رأي الزركشي -وهو من فقهاء الشافعية- الإباحة مطلقًا إذا كان الحمل من زنا، فقد نقل عنه الرملي في كتابه «نهاية المحتاج» أنه قال: نعم لو كانت النطفة من زنا فقد يتخيل الجواز، فلو تركت حتى نفخ الروح فيها فلا شك في التحريم ولعله يريد بالتخيل الظن.

    الرأي الثالث: الإباحة إذا وُجد عذر، وبهذا الرأي قال بعض فقهاء الحنفية، والعذر كأن كانت الحامل أصابها الهزال والضعف نتيجة الحمل، أو كانت ممن يَضَعْن بغير الطريق الطبيعي، بل بالجراحة المعروفة الآن بالعملية القيصرية.

    حالة تشوه الجنين:

    قال: إذا لم يصل إلى مرحلة دبيب الروح فيه، وهي وصوله إلى 120 يومًا، ويؤكد هذا الحكم أنه لو فرضنا أن الأم قد ولدت طفلًا مشوهًا فهل يجوز قتله لتشويهه، الجواب واضح وهو تحريم هذا الفعل.

    وهنا ننادي بأمرين:

    الأمر الأول: إجراء الاختبارات الوراثية قبل الارتباط للمقدمين والمقدمات على الزواج.

    الأمر الثاني: وضع الحوامل من بداية الحمل تحت الرعاية الصحية، والمتابعة الطبية، حتى إذا اكتشف تشويه يكون ذلك في الأيام الأولى فيعالج إذا أمكن علاجه، أو يجهض إذا كان التشويه شديدًا، ولم يقبل العلاج، ولم يصل إلى 120 يومًا، وهي مرحلة نفخ الروح فيه وبشرط أن يكون التشويه شديدًا يؤثر على الطفل، فلا يستطيع الحياة بصورة طبيعية، أو أقرب إلى الطبيعية ذهنيًّا أو وظيفيًّا.

    أما التشوهات البسيطة التي تتلاءم مع الحياة، ويعيش الطفل معها حياة طبيعية، مثل الشفة الأرنبية، أو تشوهات الأطراف أو الأصابع، أو يعيش حياة شبه طبيعية، مثل التأخر العقلي، والتضخم في بعض الأعضاء الداخلية، كالكبد، والطحال، ولكنها تتحسن جزئيًّا بالعلاج، وكل هذا إذا لم يصل إلى مائة وعشرين يومًا، وإلا فلا يجوز إجهاضه.

    انتهى كلام دكتور/ محمد رأفت عثمان

    ثانيًا: رأي الأطباء علماء الدين:

    أ.د. أحمد شوقي إبراهيم

    زميل كلية الأطباء الملكية بلندن

    رئيس المجمع العلمي لبحوث القرآن والسنة

    قال: علم الأجنة الذي يدرسه العلماء من العلوم التجريبية، أما أسرار خلق الأجنة فهي من الغيبيات التي لا يعلمها إلا الله تعالى، والحقائق الغيبية ليس لها مرجع علمي سوى مرجع واحد؛ هو الوحي الإلهي في القرآن والسُّنَّة. والعلوم التجريبية عُرضة للخطأ والصواب، ودائمًا في تغير وتعديل. أما علم الله  فهو علم مطلق، لا يتبدل ولا يتغير، وهو حق مطلق، يحيط بأسرار الخلق جملة وتفصيلًا؛ وبذلك يبدو واضحًا أن علم الإنسان مهمَا تقدم فهو علم ناقص، وأن العلم في الوحي الإلهي علم كامل مطلق. فإذا تحدث القرآن الكريم، أو الحديث النبوي الشريف في قضية علمية، فلا ينبغي على العلماء أن يجتهدوا فيها؛ لأنه لا اجتهاد مع نص، وإنما يكون الاجتهاد في حسن تطبيق النص.

    متى يبدأ الحمل؟

    هناك فرق بين بدء خلق النطفة، وبدء الحمل بالنطفة.

    يبدأ خلق النطفة من التقاء أمشاج الذكر والأنثى، وتكوُّن البويضة الملقحة، ثم تنقسم بعد ذلك إلى خليتين، والخليتان تنقسمان إلى أربع، فثمانٍ، وهكذا. وتظل النطفة الأولى فوق غشاء الرحم الداخلي ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ﴾، ويبدأ الحمل بالنطفة، بانغراس النطفة في جدار الرحم، لذلك إذا أنزلت النطفة قبل انغراسها في الرحم لا يعد ذلك إجهاضًا، وهذا ما يحدث إذا أدخل لولب في جوف الرحم، فإنه لا يمنع تكوُّن النطفة، ولكنه يمنع انغراسها.

    متى تنفخ الروح في الجنين؟

    اختلف العلماء في الوقت الذي نزل فيه الملك ونفخ الروح في الجنين بأمر الله ، وذكروا أحاديث نبوية مشرفة تحدثت عن ذلك، ولقد سكت القرآن الكريم عن هذه الحقيقة، وتركها للسنة؛ لأن السنة المشرفة تفسير للقرآن الكريم وامتداد له، يذكر الحديث النبوي الشريف ما سكت عنه القرآن في بعض الأمور كنفخ الروح، وأنصبة الزكاة وغيرهما.

    وهناك حديثان شريفان: حديث رواه أبو الطفيل، وحديث الأربعينات الذي رواه الشيخان عن ابن مسعود رضي الله عنه، وذكر الحديث الشريف الذي رواه أبو الطفيل أن الملَك الذي أُرسل إلى الجنين كان بعد تكوينه بأربعين ليلة. فقال بعض العلماء بناء على هذا الحديث الشريف: إن الروح نفخت في الجنين بعد ستة أسابيع من بدء خلقه، ونحن نرى أن ذلك ليس صحيحًا، فإن الملك الذي أرسل في ذلك الوقت لم يكلف نفخ الروح، وإنما كُلف أمورًا أخرى.

    وهذا نص الحديث الشريف: أخرج مسلم في صحيحه عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد الغفاري أن رسول الله ﷺ قال: «يَدْخُل الْمَلَك عَلَى النُّطْفَة بَعْد مَا تَسْتَقِرّ فِي الرَّحِم بِأَرْبَعِينَ، أَوْ خَمْس وَأَرْبَعِينَ لَيْلَة، فَيَقُول : يَا رَبّ، أَشَقِيّ أَمْ سَعِيد ؟ فَيَكْتُبَانِ، فَيَقُول : يَا رَبّ أَذَكَر أَمْ أُنْثَى؟ فَيَكْتُبَانِ وَيَكْتُب عَمَله، وَأَثَره، وَأَجَله، وَرِزْقه، ثُمَّ تُكْتَب الصُّحُف، فَلَا يُزَاد فِيهَا وَلَا يُنْقَص» (المعجم الكبير للطبراني).

    نلاحظ أن الملك الذي أُرسل بعد ستة أسابيع له مهمة محددة؛ هي كتابة سجل حياة ذلك الجنين، في الصحة والمرض والرزق والعمل والأجل، وليس مهمته نفخ الروح، ولا أدري لماذا أفتى بعض علماء الدين بتحريم الإجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل، على أساس أن الروح قد نفخت في الجنين، وإنما نفخت الروح بعد أربعينات ثلاثة كما جاء في صحيح الحديث، فقد أخرج البخاري عن أبي الأحوص، عن الأعمش عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله ﷺ وهو الصادق المصدوق قال: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ تُطْوَى الصُّحُفُ، فَلاَ يُزَادُ فِيهَا وَلاَ يُنْقَصُ» رواه مسلم.

    وفي رواية مسلم أن النبي ﷺ قال: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ».

    نلاحظ أن الحديث النبوي الشريف يشير إلى ثلاث أربعينات متتابعة (أي مائة وعشرين يومًا - أربعة أشهر كاملة). أما رواية مسلم فتشير إلى أن هذه الأربعينات الثلاثة قد تكون متداخلة، وهذا أمر منطقي وعلمي؛ لأن أطوار الخلق متداخلة أيضًا، وعلى هذا يكون نفخ الروح في وقت بين الثمانين يومًا، والمائة والعشرين، إلا أننا نأخذ بالأحوط، وما قاله جمهور العلماء: إن نفخ الروح في الجنين بعد تمام أربعة أشهر.

    والجنين بعد تمام الأشهر الأربعة من عمره الرحمي يكون بشرًا، له حقوق شرعية، وإذا أجهض لابد أن يُصلى عليه، ويُطلق عليه اسم، أما الجنين قبل نفخ الروح فيه فإنه مخلوق محترم أيضًا؛ لأنه إنسان باعتبار ما سيكون، ولا يصح إجهاضه بدون سبب قوي.

    كيف نتعامل مع الجنين المشوه؟

    يصر علماء القانون، وأغلب علماء الدين، على تحريم إجهاض الجنين قبل نفخ الروح فيه، وتحريم إجهاضه بعد نفخ الروح فيه لأي سبب من الأسباب، إذا كان استمرار الحمل يضر بصحة الأم ويهدد حياتها. ولا أدري ماذا يقصدون بالإضرار بصحة الأم؟ إنهم يقصدون صحة الأم البدنية، وتناسوا صحتها النفسية التي لا تقل عن صحتها البدنية أهمية وخطرًا.

    والإنسان المصاب بالإحباط النفسي يتمنى الموت، وقد يقدم على الانتحار.

    وتناسوا ماذا ستكون الأضرار النفسية الجسيمة للأم إذا ولدت طفلًا مشوهًا كسيحًا بدون أطراف مثلًا، أو طفلًا متخلفًا عقليًّا تخلفًا شديدًا أو مختلًّا اختلالًا كبيرًا إذا خرج إلى الدنيا لا يعي شيئًا، فضلًا عن أنه لن يحقق الهدف من وجوده؛ وهو الاستخلاف في الأرض، فإن طفلًا بهذه الدرجة من التشوه سيدمر الأم نفسيًّا، ويدمر الأب نفسيًّا أيضًا، وسيحول حياتهما إلى جحيم.. أما كان من الأجدر تفادي هذا الضرر البالغ بالأب والأم، وبالطفل وبكل أسرته وعائلته جميعًا، بإجهاضه قبل ولادته؟! أليست الضرورات تبيح المحظورات - وهو مبدأ شرعي-؟ إننا مع أساتذة القانون وعلماء الدين بتحريم الإجهاض سواء قبل نفخ الروح أو بعده، إذا كان التشوه محتملًا كفقدان السمع أو فقدان البصر؛ لأن طفلًا بهذه التشوهات يمكن أن يكون عضوًا في المجتمع يقوم بشئون نفسه، وقد يصلح للخلافة في الأرض.

    إن تشوه الجنين له درجات كثيرة، منها ما هو محتمل، ومنها ما هو غير محتمل، ويكون أقرب إلى حياة النبات منه إلى الإنسان، ومنها ما يحوِّل حياة أبويه إلى جحيم، ومنها ما يمكن علاجه، ومنها ما يتحسن بالعلاج- هذه درجات كثيرة يمكن أن نقول مثلًا عشر درجات، وينبغي أن يكون لكل درجة منها فتوى أو حكم قانوني. أما أن يكون لكل هذه الدرجات قانون واحد، وفتوى واحدة، فإن هذا لا يكون صحيحًا؛ فتغير العلة يستوجب تغير الحكم، إن حكمًا أو فتوى لا تضع تغير العلة موضع الاعتبار، هو حكم أو فتوى غير مبرأة من المآخذ.

    وحتى نبين شدة وطأة الضرر النفسي نتيجة بعض أنواع الحمل، فإننا نتكلم بعيدًا عن تشوه الجنين، مثل حالة جنين غير مشوه، ولا يضر الحمل به بصحة الأم البدنية ولكنه يدمرها نفسيًّا ويدمر مستقبلها ويدمر أسرتها أيضًا، كالحمل عن طريق السفاح أو الاغتصاب، ولنا أن نتصور أسرة مؤمنة تعيش في أمن وسلام وتعرضت ابنتها التي هي في سن الزواج للاغتصاب من عدد من الرجال، وحملت بطفل، أيكون من المعقول أن نترك هذه الكارثة بالفتاة وأسرتها تستمر وتظهر نتائجها المدمرة لهم جميعًا ويخرج طفل لا يعرف له نسب، ويلطخ مستقبل أمه، ويُصيب الأسرة كلها بالعار، بل إنه نفسه إذا ولد من بطن أمه سيخرج إلى الحياة إنسانًا مدمرًا نفسيًّا. أليس من الأفضل أن ندفع هذه الأضرار البالغة عن البنت وأسرتها والطفل الوليد نفسه بإجهاض هذا الجنين؟ عملًا بالقاعدة الشرعية «لا ضرر ولا ضرار» أو قاعدة اختيار أخف الضررين وأهون المفسدتين.

    وهناك مشكلات أخرى غير الحمل عن طريق السفاح والاغتصاب، وأكثر منها إضرارًا بالطفل والأم؛ مثل فتاة وقع عليها أحد محارمها الأقربين وهو تحت تأثير الخمر، أنقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الكارثة الإنسانية، ونتمسك بنفخ الروح في الجنين أو عدم نفخها؟ إن الإسلام دين العلم والعقل، والمشكلة لها أبعاد كثيرة، فلابد أن يكون لكل بُعد منها مخرج وفتوى صحيحة، ولا نضع فتوى واحدة لمئات المشكلات المختلفة اختلافًا كبيرًا، وقانونًا واحدًا لمختلف الحالات المتباينة تباينًا تامًّا. ولا شك أن علماء الدين ليسوا في الصورة تمامًا، وليسوا على علم بأبعاد المشكلة، وليست الرؤية واضحة أمامهم كما هي واضحة أمام أهل الاختصاص، ولو وضعت الصورة بين أيديهم واضحة، ما وضعوا قانونًا محددًا واحدًا، أو فتوى واحدة.

    ومن هذه الفتاوى غير المؤسسة على الرؤية الواضحة للمشكلة ما يأتي:

    -1 (لا يجوز الإجهاض لحمل مر عليه مائة وعشرون يومًا، من أجل تشوهات مهما عظمت). وهذه فتوى لا نراها مبرأة من المآخذ.

    -2 (حتى في حالة الحمل الحرام - ما جاء عن طريق الزنا - لا يجوز إسقاطه؛ لأنه كائن إنساني حي لا ذنب له (ولا تزر وازرة وزر أخرى).

    وأتساءل: ما ذنبه أن يخرج إلى الحياة ولا يعرف له نسبًا؟ الأمر الذي يدمره نفسيًّا ويلحق به العار طوال حياته، ولسان حاله يقول: ﴿يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا(مريم: 32).

    -3 (إن حياة الجنين في نظر الشريعة الإسلامية حياة محترمة باعتباره كائنًا حيًّا يجب المحافظة عليه حتى إن الشريعة تجيز للحامل أن تفطر في رمضان، إذا خافت على حملها من الصيام).

    ونقول: إن هذا خطأ؛ لأن الجنين لا يصيبه الصيام بضرر، فهو سيحصل على غذائه من دم الأم سواء صامت أو أفطرت.

    -4(الشرع يوجب تأجيل القصاص من المرأة الحامل المحكوم عليها بالإعدام؛ حفاظًا على جنينها؛ لأن الشرع إذ جعل لولي الأمر سبيلًا على الأم، لم يجعل له سبيلًا على ما في بطنها).

    وفي رأينا أن هذه الفتوى لا علاقة لها بالموضوع، وليست محل خلاف؛ لأن تحريم الإجهاض في هذه الحالة، واستمرار الحمل لا يضر بالأم، ولا بالطفل ولا بالمجتمع، ولا يلحق بالأسرة عارًا ولا تدميرًا نفسيًّا؛ فهذه الفتوى قياس مع الفارق.

    إن الجنين المشوه، سواء قبل نفخ الروح فيه أو بعده، له درجات مختلفة، وأضرار شتى؛ لذلك لا ينبغي أن يكون لكل تلك الدرجات والأضرار حكم قانوني واحد، وفتوى شرعية واحدة.

    وتبقى كلمة لابد منها لأساتذة القانون: هناك فرق بين القانون الوضعي والقانون الإلهي، القوانين الوضعية التي توضع لحل مشكلة من المشكلات، لا تكون مناسبة لكل المجتمعات، ولا لكل الأزمان ولا لكل المتغيرات؛ لذلك يحدث أن تعقد لجان تسمى (لجان تعديل القوانين) وهل

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1