Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

بارانويا
بارانويا
بارانويا
Ebook184 pages1 hour

بارانويا

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

البارانويا حالة من الشك والريبة والخوف من الآخر نصادفها في حالات مرضية وشخصيات تشعر بالاضطهاد . الجماعات أيضا قد يصيبها البارانويا ، وعندها قد تنعزل ، أو تبدأ فى استخدام العنف والعدوان ضد جماعة خارجية ، أو كبش فداء داخلها. فى هذا الكتاب نناقش البارانويا كمرض نفسي  ، وكحالة تصيب الجماعات والمجتمع أحيانا. نقدم لها تفسيرا من وجهة نظر التحليل النفسي والعلوم الاجتماعية ، وكيف ترتبط بالعدوان والعنف ، الذي نشرح اسبابه. ونستعرض بعض حالات البارانويا المرضية ، و الشخصية البارانوية ، وظاهرة البارانويا فى المجتمعات من خلال مثال ألمانيا النازية. ونقدم رؤية للصراع العربى الإسرائيلى تفسر استمرار الريبة وعدم الثقة والخوف والعدوان بين الطرفين لمائة عام.

Languageالعربية
Release dateMar 30, 2022
ISBN9798201448226
بارانويا
Author

Sabry Fattah

د. صبري عبد الفتاح يعمل استشاري للطب النفسي في انجلترا . تدرب ومارس الطب النفسي بإنجلترا منذ عام1990 وحصل على زمالة الكلية الملكية البريطانية للأطباء النفسيين ودرس بجامعة لندن وأجري ونشرأبحاث بجامعة ادنبره باسكتلندا وهو حاليا مقيم بالمملكة المتحدة.

Read more from Sabry Fattah

Related to بارانويا

Related ebooks

Reviews for بارانويا

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    بارانويا - Sabry Fattah

    مقدمة

    ماذا يحدث حينما يصاب الفرد بالبارانويا؟

    وماذا يحدث حينما يصاب المجتمع ككل بهذه العلة؟

    الفرد البارانوي ينكر قصوره ونقصه وضعفه، ويعتقد أن العالم حوله يخفي أعداء يتربصون به، يترقبونه ويخططون ويتآمرون لإيذائه، ويريدون التخلص منه. وقد يفقد صبره فينطلق غاضبا عنيفا، وهويشعر بالتعالي والتفوق ويظن أنه إنما يُضطهد لتميزه وعظمته.

    حينما تصيب البارانويا المجتمع يصبح السائد فيه فكرة المؤامرة والتآمر، وأن الأعداء يحيطون به، يخططون لتدميره، وإعاقة مسيرته المجيدة.  ويتولى قيادة ذلك المجتمع قائد أو زعيم أكثر بارناوية من بقية الناس، يظن في نفسه العظمة، وأنه الزعيم المُلهَم، الذى أرسله القدر ليسطر اسمه في التاريخ.  ويستدعي مجد الأجداد، ويثير الجماهير بغرورهم القومي، داعيا الجميع للدفاع عن ارض الوطن الأم، وشرفه ضد من يريدون أن يدمروه ويدنسوه.

    البارانويا كلمة قديمة تعود إلى أيام الإغريق فى اليونان القديمة مع بدايات الطب، حينما كان يطلق على الجنون بشكل عام لفظ بارانويا. وهي كلمة من جزئين بارا بمعنى خارج عن ونويا بمعنى العقل، أي ما هو خارج عن العقل وهو الجنون. ولكن تلك الكلمة عادت للاستعمال في القرن التاسع عشر حينما بدأ الأطباء النفسيين فى أوروبا يستعملونها من جديد، ولكن بمعنى مختلف. أصبح استعمالها يقتصر على حالات معينة من المرض العقلي الذي يتميز بأوهام الاضطهاد والارتياب والشك والعظمة، ولكن دون تدهور حالة المريض، كما هو الحال في حالات الجنون الاخرى.

    مريض البارانويا كلامه واضح ومتماسك، ولكن افكاره خارجة عن الواقع.  وهولا يعاني من الهلاوس أو التخيلات السمعية والبصرية ولا تدهور في الشخصية مثل أصحاب مرض الفصام. بالطبع تفاصيل تلك الأفكار البارانوية تصل إلى حدود لا معقولة، حتى أننا نسميها ضلالات أو هذاءات: أي أفكار وهمية بلا أساس وخارجة عن المنطق. وهي أفكار ثابتة لا يمكن مناقشتها ولا تغييرها بالإقناع.

    في حالات البارانويا تكون تلك الأفكار مركزة حول الشك، وتوهم أن الآخرين يراقبون الشخص، أو يخططون ضده ويضعون المؤامرات لإيذائه. وهم يضهدونه بلا سبب، سوى انه أفضل وأعظم منهم.  البارانوي يتخيل أنه إما أكثر ثراء فهو يمتلك الملايين والضياع، أو أكثر عبقرية فهو صاحب اختراعات واكتشافات علمية، وهو أفضل مكانة ومن أصل عريق وصفوة المجتمع أومن المشاهير، أو أنه شخص يمتلك قدرات غير عادية: أسمي من كل البشر، كأن يكون على اتصال بما وراء الطبيعة والآلهة ويعلم أسرار الكون ويحمل رسالة للبشرية.

    في الحقيقة الأفكار البارانوية تلك موجودة في حالات من البارانويا الخالصة دون هلاوس أو أعراض أخرى. وقد توجد بعض تلك الأفكار الاضطهادية ايضا عند مرضى الفصام. ومن الممكن أن تمثل البارانويا نمط للشخصية يصاحب الشخص طوال حياته، وتحدد تصرفاته وعلاقاته بمن حوله. وتلك هي الشخصية البارانوية التي تعتقد أنها موضع ظلم واضطهاد ومؤامرات وضغينة، وتظل مرتابة في نوايا الآخرين، لا تثق في احد، وتشك في أفعال الناس، وتشكو الظلم الوهمي الذي يقع عليها، فتعيش في عزلة،  متوهمة أن كل ذلك نتاج تفردها وتميزها، وذكائها وتفوقها، أو أصلها العريق ونقاء عنصرها.

    ولكن البارانويا ليست فقط مرض عقلي بل هي ظاهرة نفسية تصيب الافراد والجماعات. وقد نرى ملامحها فى العديد من الأمراض النفسية وفى العلاج النفسي، وفي أنماط من الشخصيات بدرجات متفاوتة.  في هذا الكتاب سوف نتحدث عن البارانويا كمرض يصيب الأفراد والجماعات، وكذلك كنمط للشخصية يشكل سمات النفس عند البعض من الناس، ونشرح أسبابه وجذوره النفسية حينما يصيب الجماعات والمجتمع ككل ويؤدي الى العنف والعداء والحروب.

    وقد يجد المجتمع كبش فداء لتبرير عدوانيته وبارانويته، في شكل جماعة فرعية هامشية من اقلية ضعيفة ليمثِّل بها، ويتخلص منها ويقضى على أفرادها، بدعوى انها تخطط لهدم الوطن، وتتعامل مع أعداءه، ويسقط عليها كل اسباب الفشل والهزائم.

    ونحاول في هذا الكتاب تقديم تفسير لتركيب البارانويا من وجهة نظر التحليل النفسي، وكذلك تفسير ظاهرة البارانويا في الجماعات من وجهة نظر ديناميات الجماعة والنظريات الاجتماعية.

    ونقدم هذا الكتاب أمثلة على حالات البارانويا المرضية عند الأفراد فى ثلاث حالات من البارانويا المرضية. كما نناقش كيف تظهر البارانويا حينما تصيب المجتمع من خلال مثال المجتمع الألماني تحت سيطرة النازية. وكذلك نعرض كيف لعبت البارانويا دورا مهما في الصراع العربي الإسرائيلي، وكيف أصبح اليهود، وهم ضحايا المجتمع البارانوي في ألمانيا النازية، هم أنفسهم مضطهدي أقلية أضعف في فلسطين.  ونتسأل كيف أصبح المجتمع العربي بالمثل أشد بارناوية فى تصوره عن المجتمع الاسرائيلي بعد سنوات من الهزائم أمام الحضارة الغربية، وسيطرة الاستعمار الغربي على المنطقة، وهزيمة المشروع القومي العربي.

    والعدوانية لا تنفصل عن البارانويا. لذلك نعرض ظاهرة العدوان فى الأفراد والجماعات وعلاقتها بالبارانويا. فكل من المريض البارانوي والمجتمع البارانوي لا يرى بديل سوى الدفاع عن نفسه والقضاء على أعدائه الوهميين من خلال العنف والعدوان. وفي هذا الكتاب نناقش ونشرح طبيعة العدوان عند البشر، وأسبابه وعلاقته بالبارانويا وكيف يرتبطان. حيث لا يجد البارانوي فردا ومجتمعا مناصا أحيانا من أن يواجه أعداءه المتوهمين ويدمرهم قبل ان ينالوا منه.

    ماهي البارانويا

    يستخدم الطب النفسي اصطلاح البارانويا ليصف حالات من المرض العقلي والنفسي يسيطر فيها على عقل الشخص مجموعة من الأفكار الشاذة. تلك الأفكار تجعله يرتاب ويشك فى مواقف الآخرين منه، ويظنهم يكرهونه. فيعتقد أنهم يدبرون المكائد ضده، ويسعون للإضرار به. ويشكوانهم يظلمونه ويضطهدونه.  وأحيانا تصل تلك الأفكار الى مستوى من الشدة والرسوخ بحيث يعتنقها الفرد كحقائق لا تقبل النقاش، ولا تؤثر فيها المجادلة، ولا الإقناع، ولا المنطق، ولا الأدلة المناقضة. هنا يطلق عليها الأطباء مصطلح الهذاءات أو الضلالات البارانوية.

    وغالبا يصاحب تلك الأفكار الاضطهادية خيالات العظمة والتفوق والتميز.  أفكار العظمة تبلغ مداها حينما يتصور المريض أنه عبقري أو ملك او نجم أو رسول أو شديد الثراء الى غير ذلك. ويتخذ من ذلك سببا يفسر به كراهية واضطهاد الغير له لأنهم يعرفون أهميته ويحسدونه.

    تأتى البارانويا فى أشكال عدة، وتدخل فى أعراض أمراض عقلية واضطرابات الشخصية المختلفة. فقد نجدها خالصة فى أمراض ضلالية صرفة لا يصيب المريض من الأعراض سواها. وقد نجدها فى حالات الفصام العقلي، وهو مرض عقلي شديد يصاحب الأفكار الضلالية فيه هلاوس وتدهور فى المشاعر والانفعالات وفقدان الإرادة وحدود الذات.

    وقد يبدى مريض الإكتئاب بعض الأفكار الاضطهادية، ولكنها تكون مرتبطة بإحساس بفقدان الثقة والذنب والإدانة وفقدان حب الناس. ويظهر مريض الهوس ضلالات العظمة دون أفكار الاضطهاد، بل يظن إن الآخرين يحبونه ويعجبون به ولا يغضبه سوى معارضة الناس لرغباته. وهناك نمط للشخصية يتسم طوال حياته بشعور بالاضطهاد ويبالغ فى الشكوى، ويغضب من ظلم متخيل يقع عليه. فهولا يثق فى أحد، ويتوقع السوء من كل الناس، وغالبا يكون شديد الغيرة. تلك الشخصية البارانوية تعاني من العزلة والتوتر خوفا من الآخرين، وتميل الى الحدة والعنف والتعالي والأنفة. وسوف نتحدث عن الشخصية البارانوية بالتفصيل فيما بعد.

    اضطرابات التفكير المسماة ضلالات لها تاريخ طويل مع محاولة الإنسان التعرف على الأمراض العقلية وعلاجها.  وقد تم إحياء كلمة بارانويا في القرن الثامن عشر. المرحلة الأولى لتطور استخدامها في الطب النفسي الحديث يمكن إرجاعه لعام 1818، حينما وصف هاينروت الحالات الضلالية على أنها اضطرابات للفكر لا تشمل في الأساس القدرات العقلية الأخرى مثل المشاعر او الارادة. ولكنه أعترف إنه عادة ما يوجد بين حالات البارانويا والاضطرابات العقلية الأخرى بعض التداخل.

    ولكن الاستعمال الحديث لذلك اللفظ يعود للقرن التاسع عشر في عام 1863 حينما استعمله الطبيب النفسي الألماني كارل كالبوم (Karl Kahlbaum) ليصف

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1