Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الهوية القلقة
الهوية القلقة
الهوية القلقة
Ebook151 pages1 hour

الهوية القلقة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

     لقد شجعت عوامل متنوعة على كثرة الروايات التي تتناول شخصية "اليهودي" وعلى تصاعد صورته في الرواية العربيّة المعاصرة، وأدّى ذلك إلى تصاعد العناية النقدية بهذا الموضوع، ليس فقط لأنه يُطرح في سياق سياسي معين، ولكن بسبب ما يمكن تسميته " شعرية التيمة"  حيث عملت التأثيرات الفلسفية والفكرية المعاصرة على إعادة صياغة كثير من المفاهيم، ومنها مفهوم الهوية، الذات، الآخر، الاختلاف، الحوار، التواصل... وأدّى الوعي الجديد بهذه المفاهيم إلى استثمارها في الأجناس الأدبية المختلفة "بشعرية" مفارقة للمرجع، وتُبِع ذلك الاستثمار على الصعيد النقدي بدراسات ثرية تسهم في رصد البنية الفكرية التي تؤسس لمثل ذلك التوجه وتقوي الأواصر بين عناصر تلك البنية.

      تسعى هذه الدراسة بدورها إلى مقاربة واحدة من روايات الألفية الثالثة التي انخرطت في ذلك التوجه فانتهجت لنفسها أسلوبا مختلفا في التعاطي مع الشخصية اليهودية. إنها  رواية "اليهودي الحالي"  للكاتب اليمني علي المقري، وهي رواية مثيرة للجدل، دسمة في هذا السياق، حيث الموضوع المحوري هو موضوع العلاقة مع الآخر وإشكالية القلق الهوياتي... وعلى العموم فرواية اليهودي الحالي رواية "مثقفة" تملي على قارئها وضْعَها في علاقة مع "التنوع" الذي يطبع نصوص الثقافة، ومعاملتها معاملة معرفية منتجة، بدلا من قراءتها قراءة تقليدية يهمُّها تتبع الخطايا وإصدار الأحكام.

Languageالعربية
Release dateNov 19, 2023
ISBN9798223518150
الهوية القلقة

Related to الهوية القلقة

Related ebooks

Reviews for الهوية القلقة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الهوية القلقة - Fatiha kahlouche

    ( تأملات في رواية اليهودي الحالي لعلي المقري)

    فتيحة كحلوش

    ––––––––

    Une image contenant texte Description générée automatiquement

    اسم الكاتب: فتيحة كحلوش

    ردمك:978-9931-246-65-7 

    الايداع القانوني 2023

    تدقيق: فريق دار الموج الأخضر للنشر

    إخراج: فريق دار الموج الأخضر للنشر

    جميع الحقوق محفوظة ©

    لا يسمح بنسخ أو استعمال أو إعادة إصدار أي جزء من هذا الكتاب سواء ورقيا، أو إلكترونيا، أو أية وسائط أخرى، أو تخزينه في نطاق استعادة المعلومات أو نقله بأي شكل من الأشكال، دون إذن خطي من الناشر. تستثنى منه الاقتباسات القصيرة المستخدمة في عرض الكتاب.

    الفهرس

    أما قبل .............................................................................................6

    1. الهوية / الآخر / الحب .............................................................

    2. اليهودي الحالي: التسمية و الحكاية

    3. الهوية في فضاء الحب : ضمور المعضلة و السيطرة على النسق....................

    4. الهوية و المكان : من أورشليم هزاع و رفاق الحلم إلى أورشليم سالم و رفاق الحب.....

    5. محنة الهوية في فضاء الكراهية: سلطة النسق و عذابات التّماس..........

    1.5 تمثيل كراهية العربي المسلم لليهودي...............................................

    2.5 تمثيل كراهية اليهودي للعربي......................................................

    6. نص آخر للكراهية ملحق بالرواية....................................................

    7. سيرة الهوية: هل من خلاص؟

    8. مصادر الدراسة ومراجعها...........................................................

    من مـنّــا يعرف مسقط رأسه

    سان جون بيرس

    أمّا قبل :

    في طفولتي، في المدرسة الثانوية كان مقررا علينا في مادة التاريخ درس القضية الفلسطينية، أذكر كيف كانت الأستاذة تروي مراحل القضية بكثير من الغضب الممزوج بالحماس، الغضب من الخذلان العربي والحماس إلى مستقبل قد يسترجع فيه العرب دورهم الرّيادي ويتمكنون من طرد اليهود من فلسطين.

    شردت طويلا واستيقظت على سؤال لم أسمعه للأستاذة النبيهة جدا التي لا يفلت من جوّها أحد، وطبعا عاتبتني/عاقبتني على شرودي بعلامة كانت حتما سيئة تسجلها يوميا وفجائيا في دفترها الخاص بمثل هذه الحالات... كان شرودي في الواقع شرودا إبداعيا – كما أُقيّمه اليوم-لقد كنت غارقة في التفكير بمسألة جادة لم أجرؤ وقتها على ذكرها للأستاذة كمبرر لعدم سماعي سؤالها : لنفرض أن العرب انتصروا، أين سيذهب اليهود؟؟ وزاد من صعوبة ذكر هذه المسألة- بوصفها سؤالا مرتبطا بالدرس - الحضور المباغت لصورة أستاذي للفلسفة وقتها، الأستاذ جودت عبد الرحمن وكان فلسطينيا مقيما بالجزائر، مُحرِج جدا مجرد التفكير بمثل هذه المسألة في وجوده...

    في بدايات الجامعة وعندما قرأت عائد إلى حيفا لغسان كنفاني شعرت أن أحدهم يطردني من بيت أبي الجميل المليء بالتاريخ والشهادات والأوسمة الخاصة به وبالذكريات والحميميات والديكورات التي أتفنن في توزيعها عبر الأرجاء، وجاءني شرود حصة التاريخ مقلوبا : هب أن اليهود انتصروا تماما، أين سيذهب الفلسطينيون؟؟..

    عاودتني، وأنا أقرأ رواية اليهودي الحالي للكاتب اليمني علي المقري، هذه السياقات التي كانت بمثابة ذكريات ثقافية عابرة  وراحت تتخذ شكل أسئلة نقدية يتعلق بعضها بالمتن الروائي ذاته وما يطرحه من قضايا نصْنصَة ذات الاختلاف ، وتأويل التاريخ، وتطبيع المختلف،  ومحاولة التهدئة من روع الهوية القلقة،  ويتعلق بعضها الآخر بالمتلقي وفعل الانكتاب عبر النصوص. فأن تقرأ رواية لمجرد المتعة أمر، وأن تقرأها وأنت بدورك ما لا حصر له من النصوص والهواجس الثقافية والقيمية والتشظيات  الفكرية والحياتية فذلك أمر آخر مختلف تماما.

    في هذه الحالة الأخيرة لن ترضى ذات التشظي فيك بالنصوص الناعمة، الجميلة أسلوبيا، الكثيفة لغويا، المنسجمة مع قناعاتك وقناعات أهلك السابقة، فهذا الوضع القرائي وضع طفولي محض لم يعد يناسب الذات التي شطرتها الثقافة عشرات المرات وبعثرتها النصوص آلاف المرات، بل تضيع هذه الذات في كتابة ذاتُ وسم خاص يرضي نزوعها المختلف. لكن في هذه الحالة الأخيرة أيضا الأمر ليس مريحا وممتعا فقط، فهذه الذات تواجه عنفا رمزيا يمارسه عليها نص له سلطته التي تجسدت عبر أنساق عصية على الاختراق، لكن مزية هذا العنف تكمن في مداعبة الحاسة الخلاّقة في الذات، فهي تبادل الاستفزاز بالاستفزاز، وتكتب ذلك المتن بينما هي تقرأه، وتعيد إليها كتابتُها أنفاسَها المتصاعدة، اللاهثة، مُرتّبة بعض الشيء، متحررة إلى حد ما، جميلة و فنّانة بما يناسب مفهومها للجمال والفن.

    ––––––––

    الهوية / الآخر / الحب :

    ما يزال موضوع الهوية حاضرا بقوة في النقاش الفكري والفلسفي المعاصر كما في الإبداعات الفنية والنصوص الأدبية، مع تفاوت كبير بين الفلاسفة والمبدعين في النظر إليه. وعلى الرغم من كثرة المعاجم والمؤلفات التي عنت بهذه المسألة، يظل مصطلح الهوية – مثل مفهومها- زئبقيا منفلتا نظرا لارتباطه بحقول معرفية متباينة، وسياقات فكرية مثيرة غالبا، واستعمالات أدبية منزاحة عن الأعراف اللغوية المتداولة. وهو ما جعل أمين معلوف – أحد أكبر المنشغلين بهذا الموضوع- يُسرّ للقارئ : علمتني حياة الكتابة أن أحذر الكلمات فتلك التي تبدو أكثرها شفافية هي في أغلب الأحيان أكثرها خيانة، أحد هؤلاء الأصدقاء المزيفين هو بالتحديد كلمة هوية، فجميعنا نعتقد معرفة ما تعنيه هذه الكلمة ونستمر بالثقة بها حتى عندما تبدأ هي بقول العكس بمكر [(1)] وهي تبدأ بقول العكس كلما تغيرت تجارب الإنسان الحياتية والثقافية واستعداداته النفسية للتّموضع المعرفي والحضاري المتغير باستمرار، بل وكلما انخرط في لغة أخرى وتعايش معها تعايشا يملي عليه –تلقائيا- بعث الحياة في علاقته  باللغة –الأم نفسها،  تلك العلاقة التي تكاد تقتلها العادة. وإعادة تأسيس العلاقة مع اللغة هو إثراء للمفهوم ومرجعياته، و تغيير للمسار في الوجود بتجديد معجم الحوار معه. بالنسبة للإنسان اليومي، الهوية مصطلح بسيط، ومفهوم قارّ ومحسوم منذ طفولته الأولى، إنها    حقيقة الشيء أو الشخص التي تميزه عن غيره وبطاقة يثبت فيها اسم الشخص وجنسيته ومولده وعمله[(2)] وهي أيضا السمات والخصائص الثقافية المميزة للناس في العنصر والعرق والقومية والجنوسية والمعتقد واستخدام هذا المصطلح يتم عن قناعة عميقة لأن حقيقة كل رجل وامرأة هي فيما هي عليه من تلك الصفات الراسخة عرقيا وعنصريا وجنوسيا وقوميا[(3)] وذلك الإنسان الذي ندعوه الإنسان اليومي هو إنسان مطمئن للمعيار، والمعجم، والمفاهيم الشائعة في دائرته الاجتماعية- الثقافية، ومن تم لا يعاني مثل هذا الإنسان مشكلات لغوية أو مفهومية. وسيستغرب قول أمين معلوف السابق، لأن الدّوال بالنسبة إليه تؤول إلى مدلولات منتهية، صافية المعنى، في النفس وفي القاموس. ومن هنا يحاصره الشعور الأخلاقي بضرورة التجنّد لحماية حرْفية المفاهيم دفاعا عن استمرارية جماعته البشرية و وحدتها الروحية وبالتالي حماية كيانها الاقتصادي –السياسي. وهذا شأن قضية/ مصطلح الهوية، ذلك المأوى الافتراضي الضامن للأمان والذي يجنّب الناس التّيه والضّياع  ويحقق التلاحم المشروط بين أفراد جماعة معينة، يقول ليفي شتراوس :

    « L’identité est une sorte de foyer virtuel auquel il nous est indispensable de nous référer pour expliquer un certain nombre de choses ,mais sans qu’il ait d’existence réelle »[(4)]

    لقد رسخت ترسانة الحدود

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1