Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الاتجاه شرقاً
الاتجاه شرقاً
الاتجاه شرقاً
Ebook586 pages4 hours

الاتجاه شرقاً

Rating: 1 out of 5 stars

1/5

()

Read preview

About this ebook

قضاء المساء في مكان موحش لا يؤنسه سوى حديث حول نار مشتعلة، مع غرباء لا يعرفون بعضهم بما فيه الكفاية.. جمعتهم الصُدفة، التي تحولت إلى مغامرة جماعية؛ للبحث عن المجهول الغامض، والحقيقة الغائبة بأسرارها الغريبة، مروراً بمدنٍ مرّت عليها العصور بكثير من الأحداث، وقد فاجأتنا بأبطالها الذين تركوا أثراً لا يُمحى على طرق حريرها، وإن حكت كتب تاريخها عن مجد سلاطين وأباطرة وفرسان، وكهنة ورهبان ومدّعي نبوة، إلا أن أسواقها وأزقتها مازالت تتشوق لقول المزيد ممّا لم تقله الأزمنة، عن حكاياتٍ وأساطير الأوليين.. علاقات وصداقات، قلّصت مساحة الاختلاف بين الثقافات، وأضافت أبعاداً إنسانية لا تُقّدر بثمن، من خلال أشخاص مختلفي الأعراق في تواصل حيوي، يجسِّد المعنى الحقيقي للتعايش والتواصل الإنساني في مناطق بعيدة، تزخر بموروث وعادات وشعوب متنوعة.. تجربة رائعة لا تتكرر، اغتنمناها بإرادة وصبر ومعاناة، وبتحدٍ وحب لاكتشاف ما وراء أبواب الحصون الموصدة، ودهاليز القلاع التاريخية المغلقة على أسرارٍ وغموض لم تُفتح أبوابه للكثيرين؛ فطرقناها...
Languageالعربية
Release dateMay 31, 2019
ISBN9789948374381
الاتجاه شرقاً
Author

عبد الله ناصر سلطان العامري

عبد الله ناصر سلطان العامري{ من مواليد دبي 1954 ميلادي؛ حاصل على شهادة: - الدكتوراه في العلوم السياسية؛ - ماجستير علوم الطيران؛ - ماجستير إدارة الكوارث؛ خدم في السلك العسكري، والسلك الدبلوماسي. له إسهامات رياضية وإنسانية متنوعة. حاصل على جائزة الشخصية الاتحادية لعام 2014 ميلادي. له عدة دراسات وأبحاث، وصدر له كتاب بعنوان: على ضفاف نهر الغانج، في عام 2016 م.

Related to الاتجاه شرقاً

Related ebooks

Reviews for الاتجاه شرقاً

Rating: 1 out of 5 stars
1/5

1 rating0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الاتجاه شرقاً - عبد الله ناصر سلطان العامري

    الإنجليزية

    نبذة عن الكاتب

    عبد الله ناصر سلطان العامري

    من مواليد دبي 1954 ميلادي؛

    حاصل على شهادة:

    - الدكتوراه في العلوم السياسية؛

    - ماجستير علوم الطيران؛

    - ماجستير إدارة الكوارث؛

    خدم في السلك العسكري، والسلك الدبلوماسي.

    له إسهامات رياضية وإنسانية متنوعة.

    حاصل على جائزة الشخصية الاتحادية لعام 2014 ميلادي.

    له عدة دراسات وأبحاث، وصدر له كتاب بعنوان: على ضفاف نهر الغانج، في عام 2016 م

    نبذة عن الكتاب على الغلاف الخلفي

    قضاء المساء في مكان موحش لا يؤنسه سوى حديث حول نار مشتعلة، مع غرباء لا يعرفون بعضهم بما فيه الكفاية.. جمعتهم الصُدفة، التي تحولت إلى مغامرة جماعية؛ للبحث عن المجهول الغامض، والحقيقة الغائبة بأسرارها الغريبة، مروراً بمدنٍ مرّت عليها العصور بكثير من الأحداث، وقد فاجأتنا بأبطالها الذين تركوا أثراً لا يُمحى على طرق حريرها، وإن حكت كتب تاريخها عن مجد سلاطين وأباطرة وفرسان، وكهنة ورهبان ومدّعي نبوة، إلا أن أسواقها وأزقتها مازالت تتشوق لقول المزيد ممّا لم تقله الأزمنة، عن حكاياتٍ وأساطير الأوليين..

    علاقات وصداقات، قلّصت مساحة الاختلاف بين الثقافات، وأضافت أبعاداً إنسانية لا تُقّدر بثمن، من خلال أشخاص مختلفي الأعراق في تواصل حيوي، يجسِّد المعنى الحقيقي للتعايش والتواصل الإنساني في مناطق بعيدة، تزخر بموروث وعادات وشعوب متنوعة..

    تجربة رائعة لا تتكرر، اغتنمناها بإرادة وصبر ومعاناة، وبتحدٍ وحب لاكتشاف ما وراء أبواب الحصون الموصدة، ودهاليز القلاع التاريخية المغلقة على أسرارٍ وغموض لم تُفتح أبوابه للكثيرين؛ فطرقناها...

    الإهـــداء

    إلى أصحاب الإرادة والعزيمة الذين لا يعرفون الهزيمة

    ولم يستسلموا أمام الصعاب

    حقوق النشر©

    عبد الله ناصر سلطان العامري (2019)

    يمتلك عبد الله ناصر سلطان العامري الحق كمؤلف لهذا العمل، وفقاً للقانون الاتحادي رقم (7) لدولة الإمارات العربية المتحدة، لسنة 2002 م، في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

    جميع الحقوق محفوظة.

    لا يحق إعادة إنتاج أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه، أو نقله، أو نسخه بأية وسيلة ممكنة؛ سواء كانت إلكترونية، أو ميكانيكية، أو نسخة تصويرية، أو تسجيلية، أو غير ذلك دون الحصول على إذن مسبق من الناشرين.

    أي شخص يرتكب أي فعل غير مصرح به في سياق المذكور أعلاه، قد يكون عرضة للمقاضاة القانونية والمطالبات المدنية بالتعويض عن الأضرار.

    الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948374381 (كتاب إلكتروني)

    رقم الطلب: MC-02-01-8188069

    التصنيف العمري:13+

    تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية التي تلائم محتوى الكتب وفقا لنظام التصنيف العمري الصادر عن المجلس الوطني للإعلام.

    اسم المطبعة:

    مسار للطباعة والنشر (ش.ذ.م.م)

    عنوان المطبعة:

    دبي، الإمارات العربية المتحدة

    الطبعة الأولى (2019)

    أوستن ماكولي للنشر م. م. ح

    مدينة الشارقة للنشر

    صندوق بريد [519201]

    الشارقة، الإمارات العربية المتحدة

    www.austinmacauley.ae

    202 95 655 971+

    شكر وتقدير

    إلى أصدقائي الطيبين الذين رافقوني في رحلات البحث عن الحقيقة

    وإلى كل الزملاء الذين اهتموا بإصدار هذا الكتاب بصورته الحالية.. لهم مني كل الشكر والتقدير.

    إضاءة

    بعد كِتابة (على ضفاف نهر الغانج)؛ يقدم الصديق عبد الله ناصر سلطان العامري كتابه المشوق الاتجاه شرقاً بأسلوب يختلف عن أسلوب الكتاب الأول، فهو هنا يبتعد عن المقالة المباشرة ليقترب إلى السرد الروائي في تجربة جديدة له، أدهشتني شخصياً؛ لدأبه الشديد على السرد، ومثابرته على وصف التفاصيل بنَفسٍ طويلٍ لا يختلف عن نَفس كُتَّابِ أدب الروايات، وقد اتخذ من الجغرافيا الهندية منطلقاً ومكاناً للسرد؛ لما للهند من سحر بتاريخها وحضارتها وتراثها وأساطيرها.

    فعبر عينٍ لاقطة؛ تنتقل كتابة الصديق عبد الله بين الأماكن وكأنها عينُ طائرٍ تنظر إلى العالم من علوٍ شاهق، فيختار بقعته المفضلة ليحطَّ فيها، متخذاً من ثقافتها وعرقيتها ودينها ولغتها، مداخلاً تفوق الوصف والحصر...

    يسير كاتبنا واثقاً في تجربته وبحثه في ظلال (الهيمالايا) كحال الكثيرين، الذين يبحثون في تلك الأماكن عن خلاص روحي، أو عن ملاذٍ آمنٍ لأفئدتهم المكسورة. يبحث الصديق عبد الله عن علاقة الأرض بالإنسان، مقتفياً آثار المجهول في الكهوف والمغارات والأديرة، ويمر بقرىً بكرٍ من قرى الفقر المنسية، وقد أغناها الريف بجمال أخاذ. كما يقف يتأمل تماثيل منحوتة تمثِّل قيم الخير، وأحياناً الشر، في بعض المعتقدات كما جاء في هذا الكتاب.

    يميل الاتجاه شرقاً نحو كتابة وصفية تقترب من عالم السرد الروائي، لكنه لا يتخذ حبكة تصاعدية شأن الروايات، بل يأخذ منحى أدب الرحلات، الذي يزخر بالتجارب الذاتية والوصف التسجيلي، ويعتمد الأسماء والتواريخ والأرقام، فلطالما أحب القراء هذا النوع من الأدب؛ ليصحبهم في رحلة تخيلية إلى الأماكن التي زارها الكاتب، فيشاركونه المتعة والحلم، ويقاسمونه التفكير الجاد، والبحث معه عن المجهول الغائب...

    الصَّديق عبد الله لم يكن سائحاً عادياً، حمل عدسته وراح يجوب هضاب (الهيمالايا) وقراها إلى التبت وبلدان آسيا الوسطى؛ بل حمل قلمه ودوَّن وقائع رحلته، دون أن يهمل التفاصيل الصغيرة التي تُغني الكتاب، فتلك الجيدة منها لا تبخل على قارئها بالمعلومة، وهو أمر خبره المؤلف بعناية، وقد دوَّن بصيغة مبسطة وسهلة كلَّ شيء عن كل بلدة ومدينة وسهل مر عليه ببصمة الباحث، وهو يقتفي أثراً لحقيقة غائبة بأسرارها ومجاهلها الغامضة.

    تمر صفحات الكتاب على أسماء لأشخاص جاؤوا من عالم الأساطير، وبحكايات شعبية مفعمة بالسحر، وهي كثيرة في تلك البلاد، حيث تتستر خلف كل حجر قصة يتداولها الناس، وعند كل زاوية حكاية تُنقل من جيل إلى جيل، وعند كل منعطف معتقدات مقدسة لا مجال للنقاش فيها، وإن حاول كاتبنا الولوج في بعضها بحثاً عن حقيقة ما، إلا أنه احترم تلك الخصوصية العقائدية بتقاليدها الدينية والمتوارثة. لقد بذل الصديق عبد الله جهداً وهو يتتبع الحقائق، ويكاد يلامس بعضَ جوانبها.

    كتاب غني وممتع، بعمق فكري وتاريخي وأسطوري، لا تنقصه الحكمة في كثير من جوانبه الأدبية بصورٍ مختلفة، ويفتح باباً للتأمل والتفكُّر والتدبُّر، تأخذنا نحو عالم آخر من التنوع المثير، بفوائد معرفية جمَّة.

    عبد الحميد أحمد

    (1) (بابا فيرما).. اللقاء الأول

    هو حكيم زمانه، عندما التقيته على أطراف مدينة (شيملا) الجميلة عاصمة (هيماتشال براديش)؛ الواقعة على سفوح جبال (الهيمالايا) موطن الثلج، آخر الولايات في أقصى الشمال الهندي، حيث تتصل بهضبة (التبت) الكبيرة من الشرق.

    هو من سلالات عاشت قبل عهود ممالك (الموريا)، و(الكوشانا) و(الكوبتا)، وإمبراطورية (المغول)، تلك الممالك التي سادت ثم بادت، إثر الغزوات المتعددة على مر التاريخ، عاش أسلاف رجل الدين المتأمل في الطبيعة وما وراءها (بابا فيرما) بظلال الجبال البيضاء لـ (الهيمالايا)منذ آلاف السنين، كما يعتقد، وقاله بعض الأهالي في القرية الوادعة.

    (بابا فيرما) طويل القامة، له عينان زرقاوان ثاقبتان، كما لايزال قوي البنية، فهو يسير في خط مستقيم بثبات، لا يستخدم عصا لإسناد عوده، ولربما كانت عصاه التي يحملها له فيها مآرب أخرى!

    عاش هذا الرجل الغامض، الذي التقيته، بالقرب من كهوف السفوح المحفورة في الصخور؛ معظم سنيه الطويلة، ومن على مصطبته التي تحولت بفعل عوامل الزمن إلى تخت صخري، يتربع جالساً القرفصاء، بجسدٍ يكاد أن يكون عارياً، إلا بما تيسر، مادّاً بصره بالتأمل والتفكير إلى قمم الجبال، ببريق يكاد يخترق ما وراء إدراكي البسيط.. جسده معنا، وعقله هناك..

    يقول صديقي (أنيل دهان) – الذي يرافقني معظم أسفاري في ربوع الهند – إنه يعتقد بأن عُمْر (بابا) قد تجاوز المائة سنة، بينما علّق أحد سكان المنطقة الذي كان حاضراً، بأن عمر هذا (السادو) الطيب تجاوز المائتين!

    رغم اندهاشي وشكّي في ملاحظة الرجل عن عمر (بابا)، ودخوله في جدل مع (أنيل)، لكنّي آثرت السكوت، وعدم الخوض في جدل قد ينطوي على فلسفة ما، فالتريث، وربما أحياناً الصمت، عالم يجهله الكثيرون، وقد يحوي على رسالة ما.. وكما قيل: إنّ في الصمت حكمة، وإخفاءٌ للنقيصة. ولعل هناك الكثير الذي عليّ اكتشافه هذه المرة.

    عن ماذا يبحث (بابا)؟، ما فلسفته ومعتقداته؟ هذا الرجل أثار فضولي بكل صراحة.

    التقيت سابقاً عدداً لا يُستهان به من (السادوز) و(الكوروز)، وآخرين من السحَرة والمُدّعين والمغامرين والدجّالين، وحتى راقصي الثعابين، لكنّ صاحبنا هذا مختلف، هو دائم النظر إلى البعيد، وان سرقت عينيه الخجولتين الزرقاوين المتلصصتين نحونا بعض النظرات، ومن ثمّ إلى الجوار، لكن لا يلبث إلا أن يعاود التركيز والنظر إلى هناك، حيث القمم مرة أخرى! لا أعرف إن كان ينتظر أحداً سيأتي من هناك؟

    الحوار مع أمثال هؤلاء المتعبّدين يحتاج إلى كثير من التركيز والفهم، فهؤلاء الميتافيزيقيون، والذين يبحثون عن شيء ما وراء الطبيعة، قد لا يمكنهم الوصول لمرادهم مالم يعيشوا بين أحضانها، يتأملون كل شيء؛ سماء ونجوم وأقمار وكواكب، وأراضٍ وبحار وجبال وأنهار، وبشر وحيوان، حتى ثقب النملة! لا أدري ما الذي يريدون الوصول إليه؟ لكنني على يقين بأنهم يبحثون عن حقيقةً أو شيٍء ما.

    سألت صديقي (أنيل) إن كان هذا الروحاني القديم يبحث في شيٍء ما، وقد أفنى أكثر من نصف عمره متأملاً وباحثاً في رحلته الطويلة هذه (كما فهمت).. يهمهم أحياناً بكلمات متقطّعة، وأحياناً أخرى يرتّل ترانيم حزينة، لا يعرف حتى الذين معي فحواها ومعناها، كأنه يقرأ من كتاب نادر ومفقود.

    كل ما فهمته وفهمه صديقي (أنيل)؛ أن من بين الكلمات التي يرددها ويتمتم بها أحياناً أكثر من سواها، كلمة (أجنتا)، أو (أجانتا)؛ هذه تقع في (أورانك آباد)، خارج دائرة مدينة (مومباي)، وهي كهوف وأغوار يرجع تاريخها إلى ألفي عام قبل الميلاد، وتقع على بُعد أكثر من 1600 كيلومتر من أطراف مدينة (شيملا) التي نقف على مرتفعاتها.. هذه القرية الأثرية، ذات تاريخ ضارب في القدم، وقد عاش في كهوفها المحفورة في الصخور، مئات الرهبان البوذيين، وإن بقيَ منها ثلاثون كهفاً مرمَّمة، ماتزال تحتفظ بصور جدارية ملونة لم تتغير عبر الأزمنة، تبرز المعاني الإنسانية والفنية التي تجسّد حياة (بوذا)، وما جاء فيها من تعاليم فلسفية، وقيم روحية خاصة..

    البوذية ديانة نحو أكثر من 500 مليون إنسان حول العالم، وتنقسم إلى ثلاثة مذاهب: البوذية الشرقية، والبوذية الجنوبية، والبوذية الشمالية، ولكل منها فلسفة مختلفة، ولكنها تبقى في المُجمل داخل إطار تعاليم بوذا المستنير، وما تزال إلى اليوم مزاراً للمتعبدين وطالبي التوبة والغفران...

    ما حيّرني كثيراً؛ تلك العلاقة التي تخيّلتُها من كلمات وهمهمات صديقنا المتأمل، هذا الرجل الذي أحاول فهمه، الرجل اللغز الذي ينظر إلى قمم (الهيمالايا) العالية، ويهمهم بكهوف (أجانتا) ومغاورها السفلى...! ما سر هذا الرجل الهندوسي؛ بتعاليمه وأفكاره وفلسفته، والبوذية بتعاليمها وأفكارها وفلسفتها؟ لكنني لا أعلم حتى هذه اللحظة إن كان هندوسياً أو بوذياً أو شيئاً آخر، فلم أرَ أيَّة إشارات تدل على مذهب أو معتقد ما، كل ما عرفته لا يتعدى اعتقاداً بأنه شيء من هذا وشيء من ذاك! لكن.. هل لانتقال البوذية وتلاشيها التدريجي من أواسط الهند إلى جبال الـ (تبت) منذ مئات السنين، وانزوائها، بل وانكماشها في الشمال، جزء من تأمل (بابا فيرما)؟ هل له أقارب من أصول بوذية كانوا يسكنون مغارات (أجانتا)؟ هل هو من سلالة أولئك الذين رحلوا بدينهم ومعتقداتهم من الجنوب إلى الشمال، حيث البرد والثلج وصقيع رياح (الهيمالايا)؟ هل كان رحيلهم من أجل طلب الأمان والسلامة لمعتقد كان من واجبهم الحفاظ عليه من الغزاة؟ أو من دين آخر منافس، قبل أن ينكمش؟ هل هم من ممالك مجاورة، أو قادمة من وراء الحدود؟ وهل كانت هناك حدود أصلاً في تلك الأزمنة؟ هل هم غزاة من أقوام قد اندثرت أو ستُبعث مرة أخرى، كما تشير أكثر من رواية تحدثت في هذا الاتجاه بكثير من الغموض والألغاز؟ هل يمكن أن يكون هؤلاء الغزاة من البشر، كما تحدثت عنها الأديان السماوية الثلاثة بشيء من الوضوح، وبكثير من الغموض، كقوم (يأجوج ومأجوج)؟ أو هل هم شخوص أساطير، تحولت إلى مخلوقات غريبة، وربما شيطانية، يؤمن بها الكثيرون في هذه الأراضي من القارة الهندية، وأجزاء واسعة من الـ (تبت)، وأخرى من الصين، وغيرها من بلاد آسيا، وقد تحولت إلى قصص شعبية تناقلتها الأجيال، وصولاً بها إلى عصرنا هذا؟

    كنت قد كتبت في كتابي الأول (على ضفاف نهر الغانج) عن مدينة) أكارتا(، التي قد تكون عاصمة مملكة) شمبالا( أو مدينة السلام الأسطورية، التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، والتي كتب عنها الكثير من الرحّالة والفلاسفة والمكتشفين، وتساءل عنها قادة وسياسيون وصحافيون، بعضهم من القرن الماضي، والبعض لا يزال يعيش هذا العصر.

    أحاول إيجاد علاقة ما، ولكن لا سبيل إلى ذلك إلا بمعايشة )بابا فيرما( ولقائه مرات أخرى، فلعل وعسى أن أتقرّب أكثر من شخصيته الغريبة الغامضة، وأكتشف ما سيتيسر لي عنه من معرفة، وسرِّ ما يبحث عنه..

    فاجأني الرجل عندما تمتم بأماكن زياراتنا، كما خططت لها مع صديقي (أنيل)، ما أثار استغرابي، وقد بدا على (أنيل) التعجب أيضاً، وشيء من الاضطراب، خاصة عندما تمتم بأنه لربما يلتقينا في ضواحي أو شوارع المدينة!

    ولكن.. كيف عَرف هذا الرجل أننا سنقوم بجولة كنا قد خططنا لها مسبقاً بزيارة المدن والقرى العالية في جبال (الهيمالايا)، ومن ضمنها مدينة (منالي)؟ كيف عَرف أننا في طريقنا إلى وسط مدينة (شيملا) الآن؟! ثم، كيف عَرف أننا سنتسلق لاحقاً التلة التي يبلغ ارتفاعها 2455 متراً، حيث معبد (جاكهو) المكرّس للإله الهندوسي (هانومان)؟ وكيف عَرف أننا سنكون على موعد مع صديق قديم سنلتقيه في ساحة (ريدج)؛ عند تمثال السيدة الراحلة (أنديرا غاندي)، ألا وهو السيد (باندي)؟! كيف عَرف أيضاً أننا سنقوم بزيارة للمعبد القريب الذي بُني في القرن الثالث عشر، والمكرّس للإله (فايدياناثا)، ربُّ الأطباء عند الطائفتين البوذية والهندوسية، في المدينة الصغيرة التي تحمل الاسم نفسه؟ كيف عَرف تفاصيل صغيرةً أخرى كنا قد تحدثنا بها وأماكن خططنا لزيارتها قبل أكثر من شهر، وإن جاء بعضها عن طريق المصادفة!

    لقد أصابني هذا الرجل بنوع من الفضول! ربما هو فضول البحث عن الحقيقة الذي لن أتخلى عنه الآن، قد يكون هو التحدي إذاً!

    قال بعضهم: إن الإنسان يحتاج إلى فضول رجل مجرّب، ودهشة فيلسوف متأمل، وإحساس جريء لشخص مرهف، كي يلتقط خيوط اللعبة الكونية، حتى وإن لم يستطع التفسير، أو فهم أغوار أسرار هذه اللعبة الأزلية.. المهم هو المحاولة، وأنا على يقين بأنَّ الكفّ عن المحاولة، أو التخاذل في هذه المرحلة، يعنيان الفشل الحقيقي، والتراجع سيعني لي شخصيا الرجوع بخفيّ حُنين..

    سنترك الرجل الآن عند صخرته، لنتجوّل في المدينة المرتفعة، قبل الذهاب إلى الفندق، ونضع رحالنا، فلايزال الوقت مبكراً، ونحن لا نشعر بأي إرهاق بعد، رغم رحلتنا في سيارة (أنيل)، التي استغرقت أربع ساعات من (شانديغار) بالبنجاب، التي قضينا بها ليلة واحدة منذ مغادرتنا العاصمة الهندية (دلهي)، وبعد قيادة تسع ساعات متواصلة على طريق رئيسي جيد..

    السمعة السياحية الكبيرة لـ (شيملا)، والتعرّف على جمالياتها، شجّعانا على أن نبدأ رحلتنا من هذه المدينة..

    (هيماتشال برايدش) عموماً ذات أساطير وأماكن وكهوف وبحيرات وجبال يكتنفها الغموض، كما يحكي التاريخ وترويها الروايات والأساطير.. ثقافة لها وزنها المعرفي والأسطوري، ولها من المعتقدات مالا يدركه العقل البشري، بحكايات غريبة وعجيبة.. حقيقة وخيال وتداخل لا يخطر على بال، وبتنوع فريد.. فهل سيتسنى لي أن أكون أحد متطفلي هذه الثقافة الغنية بمعرفتي البسيطة القادمة من بلاد الصحراء والرمال والشمس الحارقة، إلى بلاد الثلوج والسهول الخضراء والبرد القارس، والثقافات والديانات المتنوعة؟ هل ستسعفني معرفتي وفكري المتواضع الذي حاولت من خلاله التركيز على كل شاردة وواردة من تلك البانوراما الطبيعية، التي تتجسّد أمامي في شكل شخوص وجبال وكهوف، وصخور مغطاة بالثلوج البيضاء، وأخرى قاحلة رمادية، ونقيضها من مروج خضراء ونباتات وورود موسمية تملأ الحقول؟ يا لهذا التحدي الذي يفوق المعرفة والإدراك والحس البشري، بجمال متنوع أخّاذ، يبعث الرهبة الساكنة في نفسي!

    على أية حال، كنت قد حسمت أمري بلقاء أو لقاءين أو أكثر، حسب ما ستأتي به الظروف مع (بابا فيرما)، الذي يعيش منذ 200 سنة، كما قال أحدهم، فهذا الرجل يحتاج إلى أكثر من لقاء، وملازمات قد تطول!

    كنت قد قرأت في الميثولوجيا عن الأساطير الهندية وأثرها في المنقول الثقافي الهندي، وقد نُقل عن بعض أولئك المهتمين بأنه لا بد لدارس الميثولوجيا الهندية من أن يأخذ في الحسبان ثلاثة أوجه للمسألة، متلازمة، ولا يجوز الفصل بينها، تيسيراً للدراسة والبحث، وهي: علم الأنثروبولوجيا، وعلم النفس الاجتماعي، وعلم الاقتصاد.. لكنني سأحاول، وأنا أبعد عن معرفة هذه العلوم، التي لا تتجاوز معرفتي بها واحداً في المليون.. ألم يقولوا إن الأمور التي تعرفها تعادل في حجمها حفنة الرمل التي في يدك، أما الأمور التي لا تعرفها فتعادل في حجمها الكون!

    سألت صديقي (أنيل)، ونحن في طريقنا إلى مدينة (شيملا):

    - لماذا تختلف تقاسيم وجه ولون بشرة (بابا) عن الآخرين؟ عينا (بابا) زرقاوان، لهما بريق عجيب، بينما أغلب عيون أهل المنطقة سوداء أو عسلية هادئة، كما أن وجوه البشر هنا ذات سِحنة هندية خالصة، أو آريَّة، بينما وجه (بابا) يشابه وجوه سكان (التبت)، أو سكان إقليم (آسام) أو الصين، أو من شابههم من أقوام؟!

    - نعم، لقد لاحظت كل ما تقول، وإنني أشك بأن هذا الرجل قد يكون من (الدروبا)، أو هو مزيج من تلاقح بين (الدروبا) وقبائل (الهان) الصينية..

    - ومن هم (الدروبا) يا صديقي (أنيل)؟

    - كنت قد سمعت عن مخلوقات تشبه البشر، تحطمت مركبتهم الفضائية على هضبة (التبت)، قبل 12000عام، ولم يستطيعوا إصلاحها، فعاشوا في كهوف (التبت)، وتحت الأرض، لأن سكان (التبت) اعتبروهم غزاة، فقتلوا بعضهم، إلا أن بعض السكان فيما بعد، قد لاحظوا أن هؤلاء الهابطين إلى الأرض مسالمون ولطفاء، ولا يوجد سبب للقضاء عليهم، ونتيجة للتعايش بين السكان من قبيلة (هان) وهؤلاء القادمين الجدد (الدروبا)، نشأت علاقة تزاوج في ما بينهم، وإنني أعتقد بأن (بابا فيرما) أحد أفراد تلك السلالة، ولكن، ما رأيك أن نبحث أكثر في هذا الموضوع فيما بعد؟

    (2) إلى مدينة (شيملا)

    في طريقنا المتعرّج إلى مدينة شيملا، وعلى الرغم أن مناظرها الجميلة والساحرة التي تبدو واضحة على جانبي الطريق، إلا أن صورتها لم تشغلني كما صورة (بابا فيرما)، التي ماتزال راسخة في ذهني وعقلي الباطن، لا أستطيع التخلص منها، وأسئلتي الكثيرة تتبعثر في كل أرجاء فكري الذي شتته هذا الرجل الروحاني الغريب، الذي حاول حتماً ترك بصمة ساحرة من قدراته، لاختراق النقاط الضعيفة في جدار فكري العنيد والمتماسك بالثقة واليقين..

    هل يُعقل أن يكون صديقي (أنيل) على صواب حول قصة(الدروبا)؟!

    هل يُعقل أن هناك قوماً أتوا من الفضاء قبل بناء الأهرامات بآلاف السنين؟!

    لا أعلم.. ولكن باتت الثقة بالنفس ضرورية لأواجه الغموض الذي يحتاج إلى تفسير.. وما عليّ إلا حُسن التصرف بمسؤولية وتناغم بين فكري ومشاعري وتصرفاتي الذاتية، دون تأثير من خارجي المادي، وما على (بابا فيرما) سوى انتظار زياراتي المقبلة، وإزالته من فكري، لأتمتع بطبيعة المكان حولي، خاصة أن صديقي (أنيل) يتحدث عن مدينة (شيملا) وتاريخها، ولا أريده أن يلاحظ شرودي وسرحاني وعدم انتباهي!

    مدينة (شيملا) التي تقع شمالي الهند على جبال (الهيمالايا)؛ هي عاصمة ولاية (هيماتشال براديش)، وتُعرف سابقا باسم (مملكة هال)، التي جاء اسمها في الأدبيات الدينية والتاريخية، وتعتبر من المحطات الأكثر شهرة في الهند، حيث يقصدها السياح في فصل الصيف لجوها المعتدل، ولكثافة ثلوجها في فصل الشتاء لممارسة رياضة التزلج، ولطبيعتها الجميلة والخلابة على وجه العموم.

    عُرفت المدينة، كغابة كثيفة وكبيرة المساحة من القرن الثامن عشر، حيث تزدحم بيوتها وربما معظمها حول معبد (جاكهو)؛ المكان الحضاري ذي التاريخ القديم.

    وكما ذُكر عن المدينة بأنها خضعت لملك النيبال بعد غزوها والسيطرة عليها عام 1806م، ثم وقعت لاحقاً تحت سيطرة شركة الهند الشرقية البريطانية، وفقاً لمعاهدة (ساجولي) بعد الحرب الأنجلو-نيبالية..

    أصبحت (شيملا) محطة تشتهر بإقامة الحفلات والمهرجانات، تحت حكم البريطانيين الذين اتخذوها مكاناً محبباً لإقامتهم، وبحلول عام 1830م، غدت المدينة مركزاً للمسرح والفن والمعارض، ولاتزال العروض والمهرجانات تقام حتى هذا اليوم في ساحتها الشهيرة، مع امتداد طريق (ريدج)، وعلى طول طريق (مول)، في قلب مدينة (شيملا)، وهو محور جميع الأنشطة الثقافية، وأصبح اليوم مركز تسوق شهير..

    التقيت بصديق (أنيل)؛ السيد (يوكيش باندي)، الذي سيرافقنا لمعظم جولاتنا اللاحقة في عموم القارة الكبيرة، ورغم جديته الظاهرة ووقاره، إلا أنه صاحب فكاهة محببة، ويحتفظ بقصص متنوعة وجميلة، كما أنه واسع الاطلاع في علوم الروحانيات، وهذا ماكنت أبحث عنه شخصياً، ولديّ أسئلة كثيرة له، وها أنا أرى في شخص (باندي) الرفيق المفيد، وبنكَ معلومات متنقل..

    في دكان القبعات، كنا قد اشترينا ثلاث قبعات من التراث الذي يلبسه أهالي (هيماتشال) بروبيات قليلة، والتي تُعرف باسم رامبوري، وهي من الصناعات اليدوية الجميلة، والمطرزة بعناية من الصوف؛ الذي يشتهر أهلها بحياكته.

    لم أستطع الاحتفاظ بهذه القبعة الجميلة على رأسي سوى ساعتين حتى أضعتها، ولربما تركتها في مكان ما خلال تجوالنا في المدينة.. لا أعرف بالضبط إن كنت قد أضعتها في المطعم، أو تلك الكنيسة التي دخلناها، أو في بيت الفضيحة كما يُسَمى هذا البيت، أو في الشارع، أو عند بائع فاكهة الكاكا!

    لا أعرف، المهم أنني أضعتها ولم أعد أبحث عنها، ولم أعِر الموضوع أي اهتمام.

    في ساحة (ريدج)، حيث يلتقي السياح والزوار، دخلنا كنيسة القديس (مايكل)؛ التي بنيت عام 1886 م، والتي تعتبر أول كنيسة على الطراز القوطي الفرنسي تم بناؤها في المناطق الجبلية من (الهيمالايا)، وتطل على منظر بديع للمدينة في الأسفل.

    وكما قيل؛ إنه في عام 1863م، قرر نائب الملك البريطاني في الهند (جون لورانس) أن تكون (شيملا) هي العاصمة الصيفية للحكم البريطاني، ثم جاء (اللورد ليتون)، نائب ملك الهند في 1876م، ليقوم بتخطيط المدينة من جديد ويعيد بناءها وتطويرها، بما يلائم أن يكون مصيفاً ومركزاً ثقافياً للإمبراطورية..

    توقفنا عند بيت الفضيحة، هذا المكان المبني في ساحة (ريدج)، ورغم أن لهذا الاسم مدلولات تاريخية معينة ومسجلة، إلا أنه يحمل في طياته الكثير من الغموض والألغاز!

    تقول الرواية إنه في عام 1892 م، قام مهراجا (باتيالا) الهندي (بهوبندرا سينغ) بخطف ابنة الحاكم الإنجليزي اللورد (كتشنر) الجميلة، وفرّ بها إلى قرية (تشيل) القريبة من (شيملا)..

    الروايات متعددة، تلك التي سمعناها هنا، أو قرأنا عنها لاحقاً، فيما إذا كان ما قام به المهراجا اختطافاً، أو أنه تم برضا ابنة الحاكم الإنجليزي!

    روايات متعددة، وافتراضات مختلفة، وكُتّاب كُثر؛ أشبعوا الموضوع تمحيصاً.

    المهم أنها قصة حقيقية، ولكن ظروف حدوثها، والاستنتاجات والحقائق حولها قد تكون مختلفة ومتنوعة، فهل يمكن لـ (بابا فيرما) أن يخبرنا بالحقيقة إذا ما التقينا به لاحقاً؟ فإن كان عمر (بابا فيرما) كما يقولون 200 سنة! والقصة حدثت قبل 125 سنة، فهذا يعني أن عُمر (بابا فيرما) ذلك الوقت كان 75 سنة! سأفكر في الأمر، فذلك الرجل لا يزال في رأسي!

    معبد (جاكهو)؛ هو معبدٌ قديم مكرّس للـ إله الهندوسي (هانومان)، ويقع فوق تل (جاكهو)على بُعد 2،5 كم؛ إلى الشرق من (ريدج)، على ارتفاع 2455 متراً فوق سطح البحر، ومن هناك يمكن رؤية منظر بانورامي رائع، لمناطق وقرى متعددة بعيدة، كما يمكن مشاهدة كل الأماكن في (شيملا) وما جاورها..

    في السنوات الأخيرة 2010 م؛ تم بناء تمثال ضخم لـ (هانومان)، يبلغ طوله نحو 108أقدام، والذي يمثل للهندوس مكانة دينية رفيعة، كما جاء ذكره في ملحمة (رامايانا) الأسطورية..

    الصعود إلى أعلى القمة يستحق المحاولة، والنظر إلى المدينة من هذا الارتفاع، تجربة رائعة، كل شيء يصبح صغيراً؛ البشر، السيارات، البيوت، الأشجار، حتى المساحات والغابات، أصبحت في متناول اليد، وعند أقدام تمثال (هانو مان) الذي يحرس المدينة الوادعة من هذا الارتفاع، تصبح القصص والأساطير حقيقة وواقع ديني مُعاش لملايين المؤمنين الهندوس، وربما آخرين..

    تصادف أحياناً بعض البوذيين المتدينين، يحملون في أيديهم عجلات الصلاة المعروفة باسم (دارما)، أو عجلة القانون؛ يديرونها بشكل مستمر مشياً أو وقوفاً. هي أسطوانات بمختلف الأحجام، مصنوعة من الخشب والمعادن، نقشت عليها كتابات وأدعية على سطحها الخارجي، كما تحوي داخلها على أسفار الصلاة والأدعية في شكل لفافات ورقية.

    من المهم أن تظل العجلة تدور كل الوقت، أو معظمه، للحصول على (الكارما) الخيّرة، و(الكارما) تعني؛ مجموعة الأعمال الطيبة التي يقوم بها الإنسان للتقرب من (بوذا). وتأخذ (الكارما) شكل ثمارٍ تنمو، وبمجرد أن تنضج، تسقط على صاحبها، حيث يُثاب أو يعاقب! إن عملية نضج الثمار تعتمد على فترة حياة الإنسان، بعدها يتحدد العقاب الذي يستحقه عند انبعاثه مرة أخرى.. إن أي عملٍ كان، خيراً أو شراً، وأيّاً كان مصدره، من فعل أو قول، أو حتى مجرد نية، لا بد أن يترتب عليه حسابٌ ما.. لقد اشتريت واحدة من هذه الدواليب كتذكارِ رحلة.

    لم أنتبه لذلك الرجل الذي تصادف وجوده في الطريق، وهو يدير عجلة في يده، يشبه كثيراً (بابا فيرما)، إلا حين لفت نظري صديقي (أنيل) باستغراب!

    - هل يمكن أن يكون هو أو قريباً له؟

    - لا أعلم، كل ما أعلمه أنني مُتعَب بعد نهاية يوم طويل وبارد، وأودّ الوصول إلى الفندق، والذي اخترته شخصياً من بين مجموعة الفنادق في وسط المدينة، وقد صُدمت فيما بعد لبعده عن المدينة، ووقوعه في غابة على إحدى التلال العالية!

    بعكس ما ظننت.. الصور التي رأيناها في الحاسوب وشاهدناها مع رفيقيَ مختلفة مائة وثمانين درجة، فوسائل التدفئة في الأكواخ المتفرقة في أدنى درجاتها؛ وتكاد أن تكون معدومة، والبرد قارص، ولا شيء في الغرف

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1