Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التوازنات الخمس
التوازنات الخمس
التوازنات الخمس
Ebook279 pages2 hours

التوازنات الخمس

Rating: 5 out of 5 stars

5/5

()

Read preview

About this ebook

الكتاب يضع الخطوط العريضة لحياتنا ، ويحاول أن يرشدنا على إتجاه ”صندوقها الذي يتقلّب بنا “ كما يحب المؤلّف أن يعبّر عنها، الكتاب يناقش مفهوم السعادة الذي نسعى للوصول إليها في كل يوم من حياتنا، ويتساءل عن وجود السعادة وإمكانية زيادة اللحظات السعيدة!

” التوازنات الخمس " هو سعيٌ نحو هدف محدد ومنضبط، فهو توازنٌ لأموالنا التي ترفّهنا، وتوازن لأجسادنا التي تحملنا، وتوازن لحبال علاقاتنا الاجتماعية التي بها نتسلّق لأعلى، وشبكتنا التي تحمينا حين نسقط، وتوازن لأفكارنا التي بداخلنا وتوازنُ لأرواحنا التي ستبقي حين تفنى أجسادنا، وحين تنضبط التوازنات الخمسة سنحصل على بعضٍ من الطمأنينة والرضى، فنكون أكثر جاهزية لاقتناص اللحظات السعيدة، وأكثر جاهزية لصد ضربات اللحظات الحزينة “.

Languageالعربية
Release dateJun 2, 2020
التوازنات الخمس
Author

A. A. Alebraheem

Alebraheem is a philosopher, journalist, and traveler. He endeavors to answer tough questions on how man exists in various spheres of life: politics, society, philosophy, science, faith, and everyday life matters. His first work, "5 Essential Dimensions", covers the topic of how we live. In his second book, "When Life Makes Sense", he gives a straightforward answer to the question of the meaning of life as well as explaining human vision and mission. He possesses a deep knowledge of the structure of the human mind, based on 35 years of personal reading and research. Alebraheem’s writing attempts to see things from alternative angles, searching for patterns and creating successful habits for life. He draws from his life experiences that range from traveling between continents to being a column writer for the well-known Kuwaiti newspaper ALQABAS and guest speaker on Kuwait TV and US radio shows.

Read more from A. A. Alebraheem

Related to التوازنات الخمس

Related ebooks

Reviews for التوازنات الخمس

Rating: 5 out of 5 stars
5/5

1 rating0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التوازنات الخمس - A. A. Alebraheem

    التوازنات الخمس

    عبد الله عبد اللّطيف الإبراهيم

    تـــــــــوازن

    لا متنـــــاهٍ

    يقول الله جلَّ وعلا:

    ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ (19) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20) وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ (21) وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَأْخِرِينَ (24)﴾ [الحجر].

    إهداء

    لوالديَّ..

    اللذين بذرا بذرتي

    وسقيا برعمي

    وأطعما أوراقي

    وحميا ساقي

    فكنت بين الأحياء شجرة

    وكتابي هذا الثمرة

    فلهما الفضل والشكر والإهداء.

    لدفء قلوب أصحابٍ رعوني

    وعلى جذوعهم وغصونهم تسلّقت غصوني

    وبدعواتهم أمطروني وسقوني

    أهديهم كتابي.

    عرفاناً بطيب مشاعرهم

    واليوم عرفت أنّ مقصّ من آلمني علمّني، ووخز من استهزأ بي أيقظني ووعّاني، وهاهي قد ذهبت آلام مقصّهم ووخزهم ، وبقي وعيي وإدراكي ففرقت بين أشواكي وبين أوراقي، وبفضل ازعاجهم عرف ساقي طريقاً لارتقائي، فلذا، أهديهم ما ينفعهم من كتابي.

    أهدي كتابي لكل مخلوق يتعلّم، فانتفاعكم بعلمي هو هديّتي لخالقي، ففي الحديث القدسي يقول جلّ من قائل: «مرضت ولم تزرني»، ثمّ يقول: «أما لو زرتني لوجدتني عنده».

    فأرجو أن تجدوا منفعتكم من كتابي لأجدها عند ربّي، وأجد الله عندها راضياً عنّي.

    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

    فما أعظم النجاحات التي نشهدها في عالم الأعمال، فهذه المنتجات التي تجعل الحياة سهلة، والمسافات قصيرة، والرفاهية كبيرة، فيها البساطة في التصميم، والإبداع في الاختراع، والتوفير في الإنتاج، والذكاء في التسويق.

    كنّا سابقاً نبحث عن حلولٍ لمشاكلنا، وأصبحنا الآن نهرب من كثرة المنتجات التي تلاحق مشاكلنا اليومية وتطاردنا بإعلاناتها الذكية، وتبهرنا من إتقانها وجودتها، فهذه سيارة فارهة، وتلك طائرة جبّارة، وهذا هاتف لا يمكن لعاقل أن يقاوم سحره وفتنته. نجاح منقطع النظير لكنّه نجاح في عالم الأعمال؛ الأعمال التي تؤدي للأرباح، ولأنَّ بها بريق المال، حتماً سنجد النجاح.

    لم نعد نستغرب السماع عن الاكتشافات والاختراعات الجديدة، التي تطايرت أخبارها مثل تطاير الألعاب النارية في سمائنا، وللأسف الشديد، لا زال بعضنا يقف متفرّجاً على تلك العلوم التي تنفعه، ولا ينتفع من علومنا اليوم، وما وصلت إليه الحضارة، ولا يستفيد منها على المستوى الشخصي، فهو كرجل، يعيش في كوخه، وسط الغابة، يقف خارج أسوار مطار قريته النائية بعيداً عن الحضارة، ينظر للطائرة التي تهبط قريباً من قريته، تبهره، وبعد أن ينهي مشاهدته، يحمل رمحه ويعود لمزرعته، فلا هو سأل عنها كيف تطير، ولا عرف من أين تأتي، وإلى أين ستذهب.

    ليس هناك من عيب في عدم اقتناء الأجهزة والمعدّات الحديثة، فهذا أمر شخصي، لكن العيب في الفشل أن نكون بشراً، ففي تلك العلوم الكثير من الخير لنا على المستوى الشخصي، واليوم نجد من ينتفع من تلك العلوم بما ينفع ماله، فوجهاتهم الأربعة شمال، وبوصلتهم التي تهديهم سهمها يشير فقط للمال. يعيشون وسط الحضارة. يَعْدُون للمال عَدْوَ الأسد نحو فريسته، لا يلتفتون لقرابة، ولا يقيمون وزناً لرحم، ولا يكترثون لِجارٍ، الأسد يدرك فريسته، ويأكل منها ثمَّ يعود ليلتفت لأشباله، أما هؤلاء فمقصّرون مع أبنائهم لأنهم مشغولون بجمع المال، ويهملون والديهم ولا يصلون أرحامهم لأنّهم لاهون، مشغولون عن كل شيء، فاجتماعاتهم للمال، ومقابلاتهم للمال، ويتعرّفون للمال، ويجاملون للمال، ويغضبون للمال. يسيطر عليهم الوهم، فهم يظنون المجد في رقمٍ، ولذا تخففوا من مبادئهم التي يرونها ثقيلة، وقطعوا حبال أخلاقهم المعيقة، ليهرولوا نحو المال أسرع، وبعد سنين من الهرولة، وفي يوم لم يُحسب له حساب، تركوا أموالهم وذهبوا لعالم لا ينفعهم فيه سوى دينهم وأخلاقهم ومبادئهم التي تطايرت منهم في هرولتهم.

    حزني وأسفي الشديدين على هؤلاء جعلاني أكتب هذا الكتاب، فكم يحزنني أناس، لا يعلمون أنَّ الدنيا اختبار، وأنَّ كل أسئلة الاختبار تنتهي بما نحن نختار، لكنّهم للأسف لا يختارون، اتبعوا أوّل خياراتهم في أغلب أمورهم، عملوا في أول مهنة حصلوا عليها، ولم يبحثوا، وجعلوا من يبتسم لهم صديقاً ولم يفتّشوا، وهكذا حياتهم تُدار، فأين هو الخيار، وما هي نتيجتهم في الاختبار؟!

    نعيش مع الكثير من مخلوقات هذا الكوكب، نتقاسم معهم الهواء والطعام والشراب ونتفوّق عليهم، ليس لأننا أقوى أو لأننا أطول أو لأننا أكثر، بل - فقط - لأننا نختار وهم لا يختارون، فإذا ما أصبحنا بلا خيارات ودون قرارات، فهذا عودة للتساوي معهم وتنازل عن التفوّق عليهم.

    أكتب لهم ولي ولكم هذا الكتاب، لنتعرّف على أبعاد قراراتنا الخمس، ولنحلّق فوق غابة (حياتنا) قبل أن نُكْمل قطع أشجارها (أيامها ولياليها)، كتابنا هذا هو اقتراح للإمساك بِزمام حياتنا، وجمع سيقان أشجارها، ونصنع سفينتنا فيها كما نشاء ونختار، ونتعلّم إدارتها وتوجيه دفّتها، فرياح الأيام القويّة ستدفعنا إلى ما لا نريد الذهاب إليه، إن لم نكن جاهزين، والأمواج ستضربنا آجلاً أم عاجلاً فلنكن مستعدّين، ولنعرف خياراتنا قبل أن نختار، فالخيار هو ميزتنا التي تجعل منّا بشراً.

    «التوازنات الخمسة» هي خمسة أبعاد لأي قرار نتخذه، وكم هي كثيرة تلك القرارات ، وعلينا أن نبقي التوازن قائماً في حياتنا، فتوازننا هو جزء من توازن هذا الكون العظيم، الذي ترينا التليسكوبات العظيمة عظمة توازنه، وترينا الميكرسكوبات الجبارة، دقة توازن جزيئاته، وحين نتعلّم سوياً التوازن، ستتوازن أموالنا التي ترفّهنا، وأجسادنا التي تحملنا، وتتوازن حبال علاقاتنا الاجتماعية التي بها نتسلّق لأعلى، وهي شبكتنا التي تحمينا حين نسقط، وتتوازن أفكارنا التي بداخلنا وتتوازنُ أرواحنا التي ستبقي حين تفنى أجسادنا، وحين تنضبط التوازنات الخمسة سنحصل على بعضٍ من الطمأنينة والرضا، و سنكون أكثر استعداداً لاقتناص اللحظات السعيدة، وأكثر استعداداً لصد ضربات اللحظات الحزينة.

    «التوازنات الخمس» هي أبنيتنا الخمسة التي نعمل على بنائها كل يوم من حياتنا، وحين تمرّ الأيام، يرتفع البنيان، وسنستمتع بالسكن والإقامة في أربعة أبنية منها، وسنمتلك قدراً طيباً من المال يرضينا، والكثير من العلاقات الاجتماعية المميزة التي تمتعنا، وعافية نحسد عليها، واتزاناً داخلياً، لكن بناءنا الروحي سيجعل خروجنا من أبنيتنا الأربعة أمراً ميسراً؛ لأنَّ هناك مبنى هيأناه في الدار الآخرة وهو التوازن الروحي.

    الشقــــــــاء

    على كرسي الانتظار، أتفرّس في وجوه الناس المارة، أراقبهم دون معرفتهم، أجمع معلومات عنهم من مراقبتي القصيرة لهم، أحلّل ما جمعته من مظهرهم وتصرفاتهم، محاولاً تحليل ما راقبته فيهم وما جمعته عنهم لأصل إلى تفاصيل شخصية عنهم.

    هذا رجل في منتصف الأربعينيات من عمره، قد أطال شعره وسقطت غرّته على عينيه، فحجبت بعضاً من رؤيته، فكنت أراقبه، أرمقه من بعيد، ووجدته يرفع يديه، ثمَّ يرسل شعره للخلف كما تفعل الفتيات، اأستدعيت ما تعلمته لتحليل إيماءاته وحركاته، فهذه الإشارات يطلقها عقله بشكلٍ لا إرادي وتلقائي مع حركته. ها هو واقفٌ في الطابور ينتظر دوره ليدفع ثمن قهوته، ينظر في ساعته، وقبل أن يرفع رأسه، يسترق نظرةً خجولة ليشاهد شيئاً ما في ملابس جاره. يعبث بشعره ثم يعيده للخلف مرة أخرى، يميل برأسه ليعيد شعره للخلف، يظهر جليّاً إعجابه بطوله وبنعومته، فتمريرته البطيئة بيده، واستمتاعه بإعادته للخلف واضحان، تدل على ذلك إغماضة عينيه التي تشير إلى رضاه عن تسريحته، ويتكرر هذا المشهد، فتتحفز رغبتي في تحليل تلك المعلومات التي كان بطلها ذلك الواقف في الطابور، ثم دفع ثمن القهوة وانصرف مسرعاً، وتنتهي مشاهدتي القصيرة، وأحاول تخمين سبب إصراره على أن يكون شعره بهذا الطول، وتسريحته بهذه الصورة وبتلك الطريقة، فشعره قد غزاه الشيب، وطرقات الصلع على فروة رأسه قد أحدثت أثراً من تكرارها، فنجم شبابه أفلَ لكنه مُصِرٌّ، وكنت أتساءل عن سر إصراره!

    ولأني لا أملك السبب الحقيقي وراء إصراره، أطلقت عنان مخيّلتي لتحيك قصةً يكتمِل بها هذا المشهد الذي سينتهي قريباً، أعمل عقلي في حساب احتمالات هذا السلوك الذي يتمثّل في رضاه وإعجابه بشعره الطويل الذي بوجهة نظري لا يناسب من كان في عمره، فأخمّن أن في عقله صورة قديمة لشابٍ وسيم ذي شعرٍ طويل ومنسق، وإحدى الجميلات تراقبه عن بعد، ترمقه ثم تعود للنظر إليه خلسة، لا تستطيع أن ترفع عينها عنه، ينظر إليها، وتنظر إليه، ترتبك، وتشيح بوجهها عنه، ويتكرر المشهد، إلا أنه ينتهي بابتسامة خجولة من تلك الفاتنة، فيتعرّف إليها لأنها تتردد على المقهى ذاته، ويسألها عن سر تعلّقها به، فتخبره عن إعجابها بشعره، وتنتهي قصتها معه، إلا أنّ قصة شعره لم تنته، فتلك الصورة المثالية لا يريد لها أن تفنى- لكنّها فنيت - ويريد تكرارها لكنّها لا تتكرر إلا في مخيلته، فهو في الحقيقة قد تجاوز تلك المرحلة، ذهب بريق شعره، وغابت عنه وسامته، وغزاه شيبه، غير أنه ما زال عالقاً في زمن شبابه السابق.

    هذه القصة هي مشاهدة عابرة قد تلخّص شقاء أغلب البشر، وشقاؤنا الذي لم نكترث في البحث عنه كثيراً لا يحتاج إلى دليل، فهذا غني دائم الانزعاج، وهذه امرأة تجاوزت الـ 55 عاماً، وملابسها لم تعد تناسب سنّها، وذلك لا ينفق على عياله، وذاك وتلك.

    البعض لا يحب أن يفهم الواقع على حقيقته ويعيش في مخيلاته، والبعض يسير كمن يحلّق بعيداً، ويفضّل أن يعيش على قمر مخيلته لا أراضي واقعه، لا يريد أن يهبط، فقد تكسرت مركبته التي تنقله إلى الأرض، أو ربّما كسّرها بنفسه، فهو فلا يريد العودة إلى أرضه، وإن أردت إعادته إلى واقعه بنصيحة أو تذكير لا يستمع إليك وإن استمع لا يصغي، حتى منظاره الذي يراقب به الأرض قام بكسره، فلا هو يعلم ما يحدث على أرضه ولا هو يريد أن يعلم.

    على الرغم من أن ملاحظاتي تلك قد تكون بعيدة عن فكرة كتابي، إلا أن ملاحظاتي لشقائي وشقاء الناس هي الدافع خلف وجود هذا الكتاب بين أيديكم، فشقاؤنا الذي لا أستثني منه أحداً هو وطن كتابي وميلاده وهو هدفه ومقبرته، أستهدف شقائي شخصياً الذي أعرفه جيداً وشقاء من أعرفهم ومن لا أعرفهم ومن ألمحهم أو أراقبهم ومن أجالسهم. فالناس أشقياء، دون استثناء، ولو تمعنّا في أكثر الناس عقلاً سنجدهم أكثر علماً بجوانب شقائهم، بينما الأقل حكمة هم أقل معرفة بحجم شقائهم الذي يعيشون فيه. يقول الله جل في علاه: ﴿فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾ [طه: 117].

    السعادة

    رغم اختلاف توجهاتنا، إلا أننا نتوهّم السعادة، ويسيطر ذلك الوهم على عقولنا وتصرفاتنا وأفكارنا، فمنّا من يسعد بالإجتماع بالأصحاب، ولو راقبنا أفكاره لوجدناها تدور حول الترتيب للقياهم، ومن يسعده صيد البحر، سنجد أن أفكاره تدور حول مراقبة أخبار الصيادين، ومتابعة الطقس والرياح وكل ما يتعلّق بصيده، وحتى في الأوقات التي يتعذّر فيها الصيد نجد حديثه عنها ، فذكريات الصيد مرتبطة بمشاعره، أمّا منسعادتهم جمع المال، سنجدهم دائمي الانشغال، والبحث عن الفرص، ومراقبة الأرباح، ومن يسعده الخمر،سيظن سعادته في زجاجة نبيذه المفضّل، والإستعداد والترتيب لها، ولا يمل الحديث عن أنواعها ومذاقاتها، أمّا من يسعد بالعبادة، فلن يشعر بالراحة حتّى يفرش سجادته ويصلّي، ولا يقوم بأمر من أموره،إلا إذا كان متأكّداً من عدم تعارضه مع مواعيد صلاته، فلا يواعد أحداً في تلك المواقيت، مهما كانت مذاهبنا، ونحن جميعنا كذلك، نظن السعادة في إتّجاه، ونسعى له، ولنتساءل: هل السعادة التي تسيطر علينا موجودة؟

    أين هي السعادة؟

    لنسأل أي إنسان عمّا يسعده، ثم لِنُعْطِه كل ما يتمنّاه، ونزيد على طلباته ما نسيه منها، لضمان تمام مسكنه وتنقُّله وراحته ومن ثمّ متعته، وبعد سنتين، لِنَعُد إليه ونسأله، لنجد أن تلك الطلبات التي أعطيناه إياها وأسعدته في حينها لم تعد تسعده، وكذلك نحن جميعاً، فما يسعدنا صغاراً لا يسعدنا كباراً، وما يسعدنا اليوم لا يسعدنا غداً، فما السعادة التي نطاردها دون أن نعرف حقيقتها؟ وأين نجدها؟

    قام ثلاثة باحثين من جامعتي «نورث ويست» و«ماسشوتست» الأمريكيتين بإعداد دراسة عن السعادة لـ ٢٢ من الفائزين بالملايين من لعبة اليانصيب أو اللوتري، وتمت مقارنتهم بأصحاب الإعاقات، لينتهوا إلى أنَّ الفائزين بالملايين ليسوا أسعد من المعاقين، وليثبتوا أنَّ السعادة نسبية حسب كل إنسان وحالته، وليست مرتبطة بقدر من المال أو قدر من المُلْكِ أو الصحة والعافية.

    السعادة طارئة

    إذا كنت من الباحثين عن السعادة، فهناك خبرٌ لا يناسبك ولا يروق لك، وهو أن السعادة التي تعني دوام الابتهاج غير موجودة فوق هذه الأرض، وكل من يبحث عنها ويدّعي وجودها إمّا أنّه مدّعٍ يحاول التباهي أو أنّه مستفيد، فكم من أناسٍ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1