Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التوازن الاجتماعي
التوازن الاجتماعي
التوازن الاجتماعي
Ebook583 pages4 hours

التوازن الاجتماعي

Rating: 5 out of 5 stars

5/5

()

Read preview

About this ebook

التوازن الاجتماعي هو كتاب يقدّم إجابات سهلة ومباشرة حول الأسلوب الأمثل للتعامل مع الآخرين، يكشف الكثير من الأسرار التي تجعل أفعال الآخرين وأقوالهم منطقية، يقدّم لنا وصفة سحريّة تجعلنا قادرين على التّنبّوء بتصرّفات الآخرين المستقبليّة.وصفات المؤلّف لكشف آسرار علاقاتاتنا مع الآخرين هي وصفاته السحرية ذاتها التي قدّم فيها كتابه "التوازنات الخمس" وكتابه "حين يكون للحياة معنى" التي تعتمد على قدرته العالية على هضم المواضيع المعقّدة، واستخدام كل العلوم التي يعلمها لتقديم حلول جديدة ومثيرة.، وعلى سبيل المثال، ففي فصل الخلاف مع الآخرين قدّم المولّف طرق جديدة كليّا للخلاف، وقدّم التراجع المطوّر للانسحاب من العلاقات السيئة، واقترح التّراجع المطوّر التي تعكس قدراته على تقديم حلول غير مسبوقة في التّعامل مع العلاقات الاجتماعية.كتاب التّوازن الاجتماعي يقدّم عدسات اجتماعية ترينا أبعاد لعلاقاتنا الاجتماعية، ويقدّم المؤلّف أدواته التي ترينا تصّرفاتنا التي يراها الآخرين، ويجعل من حياتنا الاجتماعية تنزّه في حديقة غنّاء، بينما دون فهم عميق لحياتنا الاجتماعية، قد نتوه في تفسير تصرّفات الآخرين، وحين نتعرّض لغدر غادر أو خيانة قريب، قد نتوهّم أننا في غابة ليس فيها إلّا حيوانات مفترسة، وحشرات سامّة، بينما الحياة كما يصوّرها المؤلّف هي منتزه جميل نراعي في أشواك الورود، ونتعلّم كيف نتشارك مع النّحل العسل.

Languageالعربية
Release dateDec 2, 2019
ISBN9789921006834
التوازن الاجتماعي
Author

A. A. Alebraheem

Alebraheem is a philosopher, journalist, and traveler. He endeavors to answer tough questions on how man exists in various spheres of life: politics, society, philosophy, science, faith, and everyday life matters. His first work, "5 Essential Dimensions", covers the topic of how we live. In his second book, "When Life Makes Sense", he gives a straightforward answer to the question of the meaning of life as well as explaining human vision and mission. He possesses a deep knowledge of the structure of the human mind, based on 35 years of personal reading and research. Alebraheem’s writing attempts to see things from alternative angles, searching for patterns and creating successful habits for life. He draws from his life experiences that range from traveling between continents to being a column writer for the well-known Kuwaiti newspaper ALQABAS and guest speaker on Kuwait TV and US radio shows.

Read more from A. A. Alebraheem

Related to التوازن الاجتماعي

Related ebooks

Reviews for التوازن الاجتماعي

Rating: 5 out of 5 stars
5/5

1 rating0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التوازن الاجتماعي - A. A. Alebraheem

    عبدالله عبداللطيف الإبراهيم

    2019

    الفهرس

    التوازن الاجتماعي

    أفكار لفهم أنفسنا وفهم من حولنا 1

    عبدالله عبداللطيف الإبراهيم

    2019 1

    إهـــداء.. 1

    المــقدمة 1

    كيف نقرأ هذا الكتاب؟ 4

    الفصل الأوّل

    الدوّامة الاجتماعية 6

    ) زببت وأنت حصرم» (مثل عربي« 7

    محيط المهارات 8

    مختبراتنا الاجتماعية 9

    صندوق الواقع 9

    ما التجرد؟ 11

    تجاهل التّجرّد 14

    لِمَ الحديث عن التّجرّد؟ 15

    أهمية الحديث عن التجرد 18

    هل يمكننا أن نتجرّد من مشاعرنا ودوافعنا؟ 20

    ما الذي يمنعنا من فهم مجتمعنا وعلاقاتنا؟ 22

    الفصل الثّاني

    قراءة الآخرين 35

    البيض والسود 35

    المتلّونون 36

    الشفّافون 37

    كيف نستفيد من التعرّف على ألوان البشر؟ 38

    طباع الناس انعكاس لجيناتهم الوراثية 40

    هل نتعلّم طباع النّاس وندرسهم؟ 45

    أعضاء مجلس إدارة قراراتنا 48

    توقعاتنا تتعبنا 50

    لنتعامل مع جهلنا 51

    الألم والانزعاج والمرض 54

    هل تعلُّم المهارات الاجتماعية كافٍ لفهم من حولنا؟ 54

    هل تعلّمنا المهارات الاجتماعية وفهم مشاعر الآخرين كافيان لفهم من حولنا؟ 55

    هل تعلّمنا المهارات الاجتماعية وفهم مشاعر الآخرين ودوافعهم يكفون لفهم مَنْ حولنا؟ 55

    ما أفضل استخدام للمهارات الاجتماعية؟ 56

    الفصل الثّالث

    المهارات الاجتماعية 60

    لمَ نحتاج إلى المهارات الاجتماعية؟! 60

    سلامة تقييم الأبعاد الاجتماعية 61

    هل كتب تعليم المهارات الاجتماعية تكفي للحصول على المهارات الاجتماعية اللازمة؟ 62

    كيف نصل إلى سقف المهارات الاجتماعية الأعلى؟ 63

    كيف يعمل مركز الراحة؟ 70

    كيف يعوقنا مركز الرّاحة؟ 71

    التشكك في جدوى المهارات الاجتماعية 71

    مركز الرّاحة يعيد ترتيب الأولويات 74

    التّغلّب على قيود مركز الرّاحة 75

    الحالة الافتراضية للتعاملات الاجتماعية 82

    الحالة الافتراضية للتعامل مع الأرحام 83

    الأثافي الثلاث للحالة الافتراضية 86

    الفصل الرّابع

    الصداقة 95

    هل نحتاج إلى الأصدقاء؟ 95

    من الذي لا يحتاج إلى الصّديق؟ 96

    لنختبر أصدقاءنا 97

    متى نبحث عن الدّليل؟ 98

    كيف نحصل على الدّليل؟ 99

    موضوع الاختبار 100

    ما الذي يجب ألا يكون بين الأصدقاء؟ 102

    ما المتوقّع بين الأصدقاء؟ 102

    الحالة الافتراضية للصداقة 103

    مهارات تكوين الأصدقاء 113

    مهارات الابتعاد عن الأصدقاء غير المناسبين 116

    الفصل الخامس

    الطّريق إلى الشّفافية 118

    1 - الشّفافون يقللون من تقديرهم لذواتهم 120

    الخاتمة 135

    الفصل السادس

    المناورات الاجتماعيّة 137

    اختلاف زاوية المشاهدة 137

    اختلاف المصلحة 139

    اختلاف الأهمية 142

    اختلاف القيمة 145

    الخلاف 152

    فهم الخلاف 154

    المشاعر السيئة 154

    الخلاف هو إعلان حرب لثلاث معارك ! 155

    من أين يأتي الخلاف؟ 156

    طبيعة الخلاف 161

    كيف تعمل مشاعرنا في اتجاه الخلاف؟! 163

    أخطاء الآخرين تعلمنا حسن الخلق 165

    لنرحم من يشتمنا من الألم 167

    ما المهارات التي يجب اكتسابها في حال أخطأ الآخرون؟ 169

    أخلاقنا وأموالنا 172

    أخلاقنا ومناصبنا 172

    أثمان باهظة 173

    مساحيق الأخلاق 174

    التعبير عن مشاعر الانزعاج بطريقة مناسبة 175

    طبيعة ردّة الفعل 178

    تقييم الموقف 178

    الأضرار التي تلحق بنا 180

    ضياع أوقاتنا 183

    تضخيم المشكلة 184

    مهارات الخلاف 185

    معرفة أسباب المشكلة 185

    الخلافات هي خلافات على الحقوق 187

    عدم التأكّد من الآخرين 188

    سحر التّكرار والإصرار 189

    الصّراخ لا يجدي 190

    ليس كل مخطئ يُعاتَب 191

    لنتوقّع الأسوأ ونتعامل بمنطقية 196

    لنلعق جروحنا 196

    قلّة خياراتنا تجعل الخلاف هو الحل الأوحد 198

    أفكار للخلافات 200

    خلافاتنا مع الأقارب 200

    مراحل الخلاف 202

    مرحلة بداية الخلاف 202

    مرحلة الأضرار 203

    الخيارات غير المنطقية للخلاف 204

    كيف نعامل من أضرّ بنا؟ 206

    الخيارات المنطقية 206

    خلافات استثنائية 215

    الزوجة والأولاد 215

    الموبوءون 218

    ذوو أخلاق متدنّية 223

    تحليل طريقتنا في علاج ذي الأخلاق المتدنية 228

    التخلّص من علاقاتنا القديمة 230

    مهارات الخلافات 232

    لنظهر دوافع خلافنا 232

    العلاج 233

    إظهار المشاعر وتبريرها 236

    إخفاء المشاعر غير المبررة 239

    لنلتقط الإشارات الصادقة 239

    أخطاء الخلافات 242

    إهانة المخطئ 242

    التشدد 243

    الأذكياء يسهل تشددهم 246

    لنبتعد عن التشدد 247

    لِمَ المتشدد يتشدد؟ 248

    استخدام مركز المشاعر بالدّماغ للتعامل مع أخطاء الآخرين 248

    الأمراض النفسية 250

    أشكال التشدد 251

    التشدد في تفسير تصرّفات الآخرين وأقوالهم 251

    التشدد مع أخطاء الآخرين 252

    التشدد في حال نقد الآخرين لنا 253

    الفصل السابع

    الاعتذار 258

    فتح الجرح وتنظيفه 260

    عجلة الاعتذار 262

    لنعترف بأخطائنا 263

    تحمّل المسؤولية 264

    النّدم 266

    المديح 267

    لا تزرع أصبع ديناميت في اعتذارك 267

    العطاء 268

    كيف يتعامل الآخرون مع اعتذاراتنا؟! 269

    التّعامل مع كل الاحتمالات 273

    خاتمة الاعتذار 278

    الفصل الثامن

    مـــلاطــفة الغربــاء 279

    لِمَ يجب أن نلاطف الغرباء؟ 281

    الاهتمام يُقابَل بالاهتمام 281

    تَصنَّعْها لتصنعها 284

    الحالة الافتراضية للتّعامل مع الغرباء 285

    كيف نصنع الملاطفة؟ 287

    تحدّي الملاطفة 288

    تقسيم الملاطفة 289

    استخدام لغة الجسد مع الملاطفة 291

    الفصل التاسع

    كيف نتنبّأ بتصرّفات الآخرين؟ 294

    أولا: التحقق من دوافع توصلنا إلى كنوز التعامل 295

    لنبحث عن الدوافع 297

    كيف نعرف الدّوافع؟ 300

    لنجمع معلوماتنا 300

    كيف نجمع المعلومات؟ 301

    مهارة جمع المعلومات 302

    مشاعرنا واقتناعاتنا السّابقة تعيق جمع المعلومات 304

    معرفة الدّوافع تحتاج إلى كثير من الصّبر 306

    ثانيا: تخيّل ومحاكاة المشهد الذي يراه الآخرون 308

    الفصل العاشر

    النّصيحة 311

    الوقوع في حفرتنا 312

    لا تنصح وتهرب 313

    لنتحقق من مشاعرنا 314

    اختلاف بين مركز مشاهدة 315

    لنتخيّل القادم 316

    لنثبت جميل نوايانا 317

    النّصيحة للقلب والعقل وليست للأذن 318

    معرفة خبايا النّفوس 320

    مهارات حقن النّصيحة 326

    لنطرق باب النّصيحة بلطف 327

    خاتمة النصيحة 329

    الفصل الحادي عشر

    الاستثناءات 330

    كن دجاجة أو قطّة! 332

    تهديد الآخرين 333

    الكذب 336

    التلوّن 338

    التلوّن التكتيكي 339

    لنحفز مركز المنطق في أدمغتنا 342

    الفصل الثاني عشر

    متعة الحديث 344

    الحوار 344

    الإضافة 345

    تطبيق الإضافة على حواراتنا 347

    الدخول في الموضوع 350

    آفات الحوار 352

    عدم الإنصات 353

    التكرار 354

    نوعا التكرار 355

    غياب المنطق 357

    الحديث عن أمر لا يمكن شرحه 357

    عدم مراعاة الظروف 358

    لا يمكن تحويل جلسة أنس إلى درس 358

    لا يمكن أن نبقى نتحدّث والآخرون مستمعين 359

    مراعاة الوقت 360

    الإسهاب 360

    الأمراض النفسية 361

    الرّوائح غير الطيبة 362

    عدم استهداف إمتاع الآخرين 363

    نصائح للمتحدّثين 365

    كيف نتهرّب من الحديث؟ 367

    لنتعلّم التّلخيص 369

    الحديث مع الشخص الغاضب 370

    الجميع يلاحظ 371

    أسئلة وأجوبة 372

    إهـــداء..

    إلى أبي الذي ترجَّل عن فرسه، ومازالت فرسه تصهل، وفروسيته ماثلة أمامي…

    مازلت أراه الرّجلَ الشجاع الذي لم يتراجع حتى عن صغير مبادئه،

    والحكيم الذي مازالت تتقادح حكمته كلّما طرقت الأيّام فلسفته،

    والعظيم الذي لم تشغله التوافه... ولم تعكّر مزاجه المعضلات.

    هو السّهل المتواضع الذي يبتسم للفقير المُعدَم، كما يفعل للغني المستغني، يبتسم ابتسامة الصّادق، المحب..

    أهدي هذا الكتاب إلى أمي التي قَطَعَتْ عنّي مشيمتها مرّتين،

    وكان فراقها لي في المرة الثّانية ضِعفين،

    فجذوري ماتت بموتها، وجزءٌ منّى دُفِن بدفنها،

    وخسارتي بفقدها أضعاف خسارتها لنفسها...

    غادرتني ولاتزال حساباتي معها معلّقة؛

    فلي عندها كلام كان يجب أن تقوله، ولها عندي كلام كنت أود أن تسمعه، وشكوى أريد أن أبثّها، وأحداث أريدها أن تطّلع عليها، ومناسبات أريد لها أن تحضرها، وأطفال أريدها أن تراهم يكبرون...

    غابت وغيّبت معها أجمل المعاني، فما عاد لمناسباتي الكبيرة صدى، فكيف لها أن تكون كبيرة، وأمي لم تحضرها؟!

    وما عادت قصصي معبّرة، فكيف تعبّر ومن يجب أن تُحكَى لها القصّة غائبة؟! وكم هناك من قصّة حدثت لي لا تروى إلّا لها...

    المــقدمة

    قدّم خيطا وإبرة إلى شخص صحيح النظر، وانظر كم يستغرق من الوقت لإدخال الخيط في الإبرة. وقدّمهما إلى آخر ضعيف النظر، وعد إليه بعد ساعة، ستجده قد مل من المحاولة، وحين نحاول أن نعلّمه كيف يدخل الخيط في الإبرة فنحن نضيِّع وقتنا ووقته، وكان علينا أنْ نعلّمه أنْ يتوقّف عن المحاولة في هذا الاتّجاه وفحص نظره، ثمّ إحضار عدسة تريه ثقب الإبرة.

    هذا الكتاب يقدّم عدسة ترينا الأبعاد الاجتماعية... وحين نتّخذ قراراتنا اليومية نعرف أين تنتهي تلك القرارات، وفي أي الأماكن تتقاطع... سيكشف لنا عن فتحة إبرة حياتنا الاجتماعية لنراها بدقّة، وقد يكشف لنا عن فتحات اجتماعية أخرى قد لا يراها أحد. إنّها المهارات التي نحتاج إليها لندير دفّة حياتنا؛ فالحياة من دون مهارات تجعلنا عرضة للكسر، وكم هم الأشخاص المكسورون حولنا كثيرون! فهذا يكلّم نفسه، وذلك يكلّم غيره، لكنّنا لا نعرف ما الذي يقول، فهو لا يحسن التعبير. وهذا لا يستطيع أن يخرج الأفكار السلبية من رأسه، وذلك قد دمّر جسده بالعقاقير، وتلك تشك فيمن حولها، ونحن مضطرّون للتعامل معهم، ولو حصلوا على بعض المهارات التي تمكّنهم من فهم واقعهم والتعامل معه لما أصبحوا مكسورين، ولو عرفنا ما بهم لأصبحنا أكثر مهارة في التعامل معهم، ولذا أقدّم لكم الأجهزة التي يجب أن نتزوّد بها لتمنعنا من التصادم، وتنبهنا عند الاقتراب من الخطر، والتي و لن ننجح في حياتنا نجاحًا حقيقيًا إن لم نحصل على ما نحتاج إليه من تلك المهارات... ولأن الحياة أصبحت أكثر تعقيدا اليوم، فالمهارات التي تقابل تعقيدها أصبحت أكثر، وحاجتنا إلى المهارات أصبحت أكبر.

    إضاءات هذا الكتاب سوف تتجّه إلى الأبعاد الاجتماعية للموضوعات الاجتماعية. وحين تتقاطع الموضوعات الاجتماعية مع أبعاد مالية، أو نفسية، أو جسدية، أو دينية، سنكتفي بتسليط الحد الأدنى من الضوء على الأبعاد غير الاجتماعية، وعلى سبيل المثال، حين نختلف مع الآخرين على مبلغ من المال مثلا، فإنّ المشكلة ذاتها لها أبعاد اجتماعية، وأبعاد ماليّة... والوصول إلى حل فيها يمكن أن يكون من خلال تقديم بعض التنازلات الماليّة. وسوف نبتعد عن تفصيل المهارات الخاصّة بالمهارات المالية، وسنعود إلى إطار الكتاب ومضمونه وعنوانه؛ فتفصيل المفاوضات الماليّة هو بُعدٌ مالي سيخرجنا من موضوعنا، لكنّ إضاءتنا على أنّ الموضوع يعتمد على مهاراتنا في المفاوضات الماليّة ستكون وقودا كافيا للبحث عن هذا الموضوع والقراءة عنه أكثر.

    كيف نقرأ هذا الكتاب؟

    تجاوزَ عدد سكّان كوكب الأرض سبعة مليارات نسمة، أينما يممنا وجوهنا في أرجاء هذا الكوكب، وأينما ذهبنا، سنجد أحدهم في انتظارنا في أطرافه، وهذا الكتاب يقدّم لنا أفكارا يمكن لنا البدء في ممارستها، وتطوير ما يناسبنا منها مباشرة... سيجعلنا نرى تعاملات الآخرين معنا على أنّها مختبر علمي، وستصبح أفكار هذا الكتاب أدوات لفحص وتحليل وتطوير نتائج بحثنا العلمية، لا يمكننا قراءة هذا الكتاب قراءة الرّواية التي نريد أن نصل إلى منتهاها؛ فحياتنا الاجتماعية لا نهاية لها، وهي ليست قصة، بل هي قصص لا تنتهي، ولذا فعلينا التأنّي في قراءته ومراجعته، ليس علينا أن نسلّم بأن كل ما فيه صحيح، فهو إن كان صحيحا لكثير من النّاس، فإنّه ليس بالضرورة صحيحا لبعضنا.

    أحد أهداف هذا الكتاب هو أن نكشف للقارئ حجم التّعقيد الموجود في تعاملاتنا الاجتماعية، ولذا فحين يقدّم الكتاب بذورا صالحة للبذر ولا تنبت فهذا لا يعني بالضّرورة أنّها ليست بذورا صالحة، بل قد تكون التربة أو المناخ غير مناسبين، وكذلك هي حياتنا الاجتماعية، نحتاج إلى أن نجري فيها كثيرا من التّجارب التي هي عبارة عن بذور، لكنّنا يجب ألا ننسى أن كثيرين منّا لا يملكون الصّبر، ولذا نحتاج إلى أن نعطي تجاربنا محاولات أكثر قبل الحكم عليها بأنّها غير مناسبة لبيئتنا الاجتماعية.

    الفصل الأوّل

    الدوّامة الاجتماعية

    علاقاتنا مع من هم حولنا جانب اجتماعي لحياتنا، لكنّ حياتنا لها جوانب أخرى، فهناك جانب مالي يجب الحصول عليه، ومن دون القيام بأعمالنا فلن نحصل على المال، أمّا أجسادنا فهي تريد منّا العناية؛ فننام كي ترتاح، ونمارس الرّياضة لنحافظ على أجهزتها.وهناك عالمنا الدّاخلي الذي يغمرنا بالمشاعر والأفكار، وكثيرا ما يجعلنا نتوقّف عن مراقبة حياتنا الاجتماعيّة، فهذا شخص أحبطنا، شغلنا الإحباط عن عمل تحليل دقيق وسليم لتصرّفاته وأبعادها. وهذا شخص أهاننا وأزعجنا... غضبنا وانفعلنا، طُمست رؤيتنا وأصبحت نافذتنا على واقعنا ملطَّخة، وكل ما نراه سنرجع عنه بعد أن يذهب انزعاجنا، والأمثلة على تأثير عالمنا الدّاخلي فينا كثيرة. وهناك الجانب الرّوحي الذي يقدّم سبب وجودنا، ويقدّم معنى لحياتنا، والاهتمام به يجعلنا نترك كل شيء ونذهب إلى دار العبادة، ونقف بين يدي خالقنا نناجيه ونحدّثه؛ ولذا فنحن مشغولون في حياتنا عن فهم حياتنا، نجاهد للوصول إلى أهدافنا التي تشغلنا عن فهم أهدافنا، وتبقى دوّامة حياتنا دائمة ومتسارعة.

    ) زببت وأنت حصرم» (مثل عربي«

    لنرسل طفلنا ذا السنوات التسع لتقييم منزلنا القادم الذي ننوي شراءه، ولنطلب منه تقريرًا مكتوبا، أو لنرسل طفلنا إلى جارنا الغاضب ليحل مشكلتنا معه، أو لنسأله عن رأيه في مديونياتنا وكيفية مواجهتها، أو نطلب رأيه في القيمة الغذائية لوجبة طعام. قد يملك الطفل المعلومات التي نملكها حول خلافنا مع جارنا، غير أنه - بكل تأكيد - لا يملك كل المهارات التي نملكها، فهو لا يعرف كيف يمكنه امتصاص غضب الجار، والانسحاب من النّقاش وتغيير الموضوع إن أصبح شائكا، والتراجع حين يصل إلى طريق مسدود، ومعاودة المحاولة مرة أخرى في وقت يكون الآخر حالته المزاجية أفضل، وهكذا هي الحياة، تحتاج إلى كثير من المهارات للتغلب على أحداثها، والتعامل مع الأشخاص الذين يعيشونها، وكم يوجد بيننا أشخاص بالغون لكنّهم دون الحد الأدنى من مهارات الحوار والتّعامل، وحينما يختلفون فإنهم لا يعرفون المناورة والتكتيك، وتنحصر خياراتهم بين هجوم وانسحاب، ولذا فهم يخسرون كثيرا من أوقاتهم، لأنهم لا يعرفون الطّرق المختصرة للحصول على حقوقهم من الآخرين. والنّجاح في الحياة ليس بالأمر السّهل، فحتى الأشخاص النّاضجون والعارفون قد يفشلون، فكيف يمكن لمن لم ينضج أن ينجح؟! إنّهم مثل العنب الذي لايزال برعما صغيرا لم ينضج بعد (الحصرم)، لا يمكنه أن يكون »زبيبا« ناضجا؛ لأنه جُمع من أشجاره ثم تم تجفيفه من دون مهارات.

    محيط المهارات

    المهارات الاجتماعية محيط من دون شطآن، لا نستطيع أن نحصر المهارات ونقيّدها بسرد أو بحصر، وهذه المهارات هي أبواب لن يراها إلّا من يتعلّمها.

    بعض الأشخاص لديهم مهارة التعرّف على الغرباء، يستطيعون أن يفتحوا حوارا مع أشخاص غرباء عنهم، بينما أصدقاؤهم الذين يرافقونهم - ولا يملكون تلك المهارة - سينظرون إليهم نظرة استغراب، وقد يُفاجَأون بأنّ حوارا (اقتصاديا، أو سياسيا، أو اجتماعيا) من الممكن أن ينشأ مع شخص غريب وبكل أريحية، وهكذا هي جميع المهارات، فمن يستطيع أن يتعلّم مهارات أكثر، سيمتلك خيارات أكبر في التّعامل مع المواقف، ويرى أبوابا مخفية لا يراها الآخرون.

    مختبراتنا الاجتماعية

    لا يمكن لمصانع السيّارات تسويق سيّاراتهم في الأسواق الأوروبية والأمريكية قبل فحصها، وفحص السيّارات يتضمّن مجموعة من النّقاط التي تبين مدى سلامة قيادة تلك السيّارات قبل تسويقها، في أحد الاختبارات التي يقومون بها، يتم وضع السيارة على سكة لتسير بسرعة عالية، وتوضع في داخلها دمية ذات صلابة تشبه صلابة عظامنا البشرية، ثمّ تنطلق هذه السيّارة لتصطدم بحائط، من دون تخفيف السرعة، وبعدها تفحص أضرار الدميّة، ويتم التغاضي عن بعض الإصابات الخفيفة... مشكلاتنا الاجتماعية هي حادث تصادم في مختبر مهاراتنا الاجتماعية، وكما أن الأضرار في غرفة الفحص متحققة، كذلك فإن صدامنا مع الآخرين سينتهي بمجموعة من الأضرار، وحين نتعلّم من تلك الأخطاء، فنحن نصنع مختبرنا الذي نطوّر فيه مهاراتنا الاجتماعية، أمّا إذا كنا نعيش التجربة ونتأثّر بها من دون أن نتعلّم منها، فنحن نتعلّم مهارات من دون أن ندخلها المختبر ونتأكد من سلامتها.

    صندوق الواقع

    المهارات الاجتماعية لها جانب نظري يجب أن نتدارسه، لكنّ ملاءمة تلك المهارات لواقعنا أمر مختلف، لنتذكّر معا اللعبة التي نشتريها لأطفالنا الرضّع لتنمية قدراتهم العقلية،علينا أن نحاول إيجاد طريقة لاستخدام ما تعلّمناه في واقعنا؛ فالواقع الاجتماعي مختلف جدا عن أي شيء يمكن لنا تعلّمه عنه، وهو أقرب إلى صندوق لعبة الأطفال التي في الصورة، فعلى الرغم من أن الأشكال تبدو متشابهة فإن إدخال الشكل المناسب في الصندوق يحتاج إلى كثير من الجهد والمحاولة لعملية إدخال ناجحة.

    استخدام العلوم والمهارات الاجتماعية يحتاج إلى القدر ذاته من التعلّم عن واقعنا، والقدر ذاته من المحاولات لطفل رضيع يحاول أن يدخل الشكل المناسب في فتحته بالصندوق، وعلينا أن نتحلّى بالثّقة، بأنّ أي مشكلة، لها قطعة من العلوم الاجتماعية والمهارة الاجتماعية تناسبها، وعلينا تكرار التّعلم وتكرار محاولة استخدام أكثر من مهارة اجتماعية للوصول إلى نتائج أفضل مع بعض الأشخاص.

    كل ما سنتعلّمه من جميع الكتب الاجتماعية سيكون عديم الفائدة لو لم نتجرّد، التجرّد هو التخلّي عن اقتناعاتنا السّابقة عن أي موضوع قبل تعلّمه، وهو أيضا التخلّي عن مشاعرنا ودوافعنا التي تدفعنا لنضفي تجاربنا الشخصيّة على طريقتنا في التعلّم، فلو أنني شخص سريع الغضب، وقرأت عن مهارات ضبط النّفس، فيمكن لنا أن نتجاهل كل تلك المهارات لأننا أشخاص غير متجرّدين، وحينما نقرأ مقالا ينصحنا بأن نعد من واحد إلى خمسة قبل أن نتكلّم، فيمكننا ألا نتجرّد من مشاعرنا حين نتذكّر آخر شخص انفعلنا ثمّ صرخنا في وجهه، ونقول إنّه شخص وقح، ويستحق كل ما قمنا به من تصرّفات أو ألفاظ تجاهه، فلدينا الدافع كي تبقى صورتنا عن أنفسنا جميلة، أمّا حين نتخلّص من دوافعنا التي تريد أن تجعل من كل تصرّفاتنا أمرا سليما ومقبولا، فحينها سوف نرى أنّ صراخنا عليه أمر غير مقبول، وتجعلنا نرى مقال ضبط النّفس بطريقة مختلفة، ونحاول الوصول إلى استهداف تطوير أنفسنا.

    عدم التجرّد هو الطريق السريع لعدم التعلّم؛ فالتجرّد هو الأمر الوحيد الذي يجعلنا نعترف بأننا أخطأنا، وحين لا نعترف بأخطائنا فنحن كاملون ومن دون أخطاء، وليس هناك أيّ أمر يمكن تحقيقه على مستوى سلوكنا أو شخصيّاتنا أو مهاراتنا.

    ما التجرد؟

    تصوّر أنك عالم كيمياء متخصص، وتعمل بالتّدريس في الجامعة، وبعد أن بدأت أبحاثك لتطوير بطّاريات خفيفة الوزن، يدخل ابنك فيغيّر في المواد والمقادير وأنت لاتدري، تعيد التجربة فيعاود أطفالك الدّخول وإدخال تغيير آخر على التجربة، هل تتوقّع أن تصل إلى أيّ نتائج علمية إن استمر الوضع بهذه الطريقة؟

    عقولنا هي أغلى ما نملك، ومركز المنطق هو مختبرنا الذي يوصلنا إلى النتائج العلمية، بينما مركز المشاعر والرغبات في الوصول إلى نتائج بطريقة سريعة، والوصول بأقل تكلفة هي أطفالنا الذين يعبثون بنتائج مختبرنا!

    التجرّد هو الابتعاد عن كل ما يؤثّر في قراراتنا، وهو التخلّص من آثار المشاعر والدّوافع عند قراءة الأحداث وتحليلها، ومن ثمّ الوصول إلى نتائج سليمة مبنية على حقائق، من دون تدخّل من مشاعرنا أو رغباتنا لتوجيه النتائج إلى ما نرغب، أو الوصول إلى نتائج في التوقيت الذي نريده.

    حين نشتكي من أعراض طفح جلدي، وندخل المستشفى، ويطلب منّا الطّبيب أن نظل في المستشفى لإجراء مجموعة كبيرة من الفحوص؛ للاشتباه في مرض معدٍّ، فستكون لدينا الدّوافع لأن نخرج من عنده ونبحث عن طبيب آخر يصف لنا دواء ناجعا. هذه هي الدّوافع التي تجعلنا نختصر الوقت، ونقلل الفواتير، ونعود إلى حياتنا السّابقة، وهي ستجعلنا نشكك في تشخيصه، وعلى الرّغم من أننا لا نملك العلم ولا المعرفة اللذين يمكّناننا من تقييم أقواله، وعلى الرّغم من أنّه حريص على صحّتنا، وعلى الرّغم من أنّه يحسن ما يقوم به، فإننا نهمل كل ذلك؛ لأننا لا نريد أن ننام في المستشفى... هذا الدّافع يجعلنا نصل إلى نتائج خاطئة.

    لنتصوّر حجم القرارات التي نتّخذها من دون تجرّد، قد نعتقد أن هذه اللّقمة الإضافية لا تضر،على الرّغم من أنّها تضر بالفعل، لكن الطّعم الرّائع واللذيذ يجعل نتيجة تفكيرنا خاطئة.

    قد نقول لأحد الأشخاص «ملابسك مقززة»، ثمّ نقول لأنفسنا: الكلمة ليست فيها إهانة له.نحن لم نخالف الحقيقة عندما نقول له ذلك، لكن الكلمة تحمل «استهزاء» بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لكنّ الدّافع لنعبّر عن مشاعر سلبية كبير، والدّافع لنكون أشخاصا طيبين هو دافع أكبر، ولا نريد أن تكون صورتنا صورة شخص قليل أدب.

    التّجرّد يدمّر حياتنا الاجتماعيّة تدميرا كلّيا وشاملا، وكلّما قلّ التّجرّد قلت قدرتنا على الوصول إلى نتائج جيّدة مع الآخرين، سنربّي أطفالنا بطريقة خاطئة لأنّهم لا يفهمون، لدينا الدّافع الذي يمنعنا من قراءة الكتب التربوية، فوقت

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1