حين يكون للحياة معنى

By A. A. Alebraheem

” حين يكون للحياة معنى “ كتاب يحل اللّغز القديمٍ والمتجدد، فسؤال: ما معنى وجودنا أحياء؟ أقرب للغز منه للسؤال، وقبل أن يبهرنا المؤلّف بإجابته، يغوص في أعماق البحوث والأوراق العلمية وكتب الفلاسفة والكتب السماوية و الكثير من المصادر المتنوّعة التي أشار إليها، ثمّ يوجز لنا محاولات الحاضرين والسابقين من العلماء في العديد من التخصصات مثل: الفيزياء والتطوّر البيولوجي ، ويوجز كذلك لنا محاولات الفلاسفة قديماً وحديثاً، ليستبعد الإجابات التي لا تليق بالإجابة على هذا السؤال، ويبدع لنا نظرية جديدة كليّاً لمعنى الحياة، مستلهمة من نصوص القرآن ونصوص التّوراة ( العهد القديم ) التي هي محل اتّفاق اليهودية والنصرانيّة، ليكون هذا الكتاب هو الجواب الأسهل للفهم بعيدا عن تعقيدات الفلاسفة، والجواب الأكثر منطقية بأسلوبه الفريد والمتميّز، فلم يسبق لأحد أن قدّم إجابة سهلة وواضحة ومباشرة على هذا السؤال سواء في المحتوى العربي أو الغربي.

” حين يكون للحياة معنى “ كتاب يعيد صياغة سؤال ”ما هو معنى الحياة؟ “ ليصبح ” ما سبب وجود كل تلك المعاني في الحياة ( فأموالنا تعني لنا الكثير، وأولادنا كذلك، ونفوذنا،،، )؟ “ ومن ثمّ يقدّم لنا هذا الكتاب الإجابة مخلوطة بأسلوبه الأدبي الممتع ويلخّص لنا العلوم بمختصراتٍ فكريةٍ رائعة، ثم يُسقِط إجابته البسيطة ونظريته المبهرة على حياة كل قارئ، ليصبح القارئ بعد تلك القراءة الممتعة قادراً على أن يختار الطريق الأسلم الذي يناسب معنى حياته وسبب وجوده.

• Language: العربية
• Publisher: A. A. Alebraheem
• Release date: Dec 2, 2019
• ISBN: 9789921001617

A. A. Alebraheem

Alebraheem is a philosopher, journalist, and traveler. He endeavors to answer tough questions on how man exists in various spheres of life: politics, society, philosophy, science, faith, and everyday life matters. His first work, "5 Essential Dimensions", covers the topic of how we live. In his second book, "When Life Makes Sense", he gives a straightforward answer to the question of the meaning of life as well as explaining human vision and mission. He possesses a deep knowledge of the structure of the human mind, based on 35 years of personal reading and research. Alebraheem’s writing attempts to see things from alternative angles, searching for patterns and creating successful habits for life. He draws from his life experiences that range from traveling between continents to being a column writer for the well-known Kuwaiti newspaper ALQABAS and guest speaker on Kuwait TV and US radio shows.

Book preview

المقدمة

حينما كنت طالباً في المرحلة الثانوية، نصحني أحدُ المدرّسين قائلاً: إذا وجدت صحيفةً تتقلّب في الشارع، خذها واقرأها، لا تدري لعلها تنفعك يوماً. وهذا ما حدث؛ فلم تكن مشاهداتي لحياتي السّابقة تمر دون قراءتها والتعرّف على أسبابها، وكنت حين يتعذّر عليّ فهم موضوعٍ ما، أقوم ببحثه، وحين يصعب عليّ فهم معنى كلمةٍ ما أقف عندها وأبحثها، وجميعنا نقوم بالأمر ذاته، نذهب لمحرّكات البحث في الشبكة العنكبوتية، ونكتب الكلمة التي نجهلها ثم نضيف بعدها سؤال ما معنى؟ وحين نجد المعنى لحدث أو لكلمة ما، تصبح الأمور أكثر منطقية. اليوم نريد أن نكتب سوياً ما معنى الحياة؟ فليس من الصحيح أن نبحث عن معاني أمور في حياتنا، دون أن نعرف معنى حياتنا ذاتها، وهي الوعاء الذي يحوينا ويحوي ما نبحث عن معناه، وليس من الصحيح أن نتعرّف على معنى ما نشاهده ونسمعه، ونجعل له سياقاً منطقياً، بينما لا زلنا مرتبكين من معنى الحياة التي نحياها ولا نحاول جاهدين البحث عن سياقها المنطقي.

الحياة هي الحياة، سواءٌ عرفنا حقيقتها أم لم نعرفها، فهي مثل النهر الذي سنعبره. سنعبره وسيتوقف قاربنا يوماً، وسواءٌ عرفنا كيف يسير قاربنا أم لم نعرف، فهل من أهميةٍ لمعرفة معنى وجودنا فوق ظهر هذا القارب (معنى الحياة)؟

نعم، فحينما تصطدم قواربنا بمرضٍ أو خسارةٍ مالية أو فقدانٍ لعزيز، سنكتشف أن علينا أن نعيد النّظر في مفاهيمنا للحياة، وحينها سنجد أنّ بعض مفاهيمنا لم تعد تعمل، كأن يكون معنى الحياة محصوراً في شريك حياتنا، والذي حين نفقده، ستفقد الحياة معناها. سنتساءل إلى أين يسير قاربنا، أو ما الذي يعنينا (بعد المصيبة) لننهض من فراشنا، فقد تكون الحياة حينها دون معنى، ونكون حينها في قارب لا نعلم وجهته، فوجود شريك حياتنا كان عبارة عن معنى يشغلنا عن سبب وجودنا أحياء. حينها سنتحقق من وجهة قاربنا وسنراجع مفاهيمنا للحياة ومعنى وجودنا فيها، وحينها سنعيد النظر في رؤية حياتنا ومعانيها، ومن لا يستطيع أن يعيد توجيه دفّة حياته فسينهيها لأنّ حياته أصبحت بلا معنى.

أكتبُ للمشغولين بأهدافهم التي يحققونها على ظهر قاربهم، وللمشغولين عن فهم اتّجاه قاربهم ومحطّاته. أكتبُ لمن لم يتساءلوا عن نهر الحياة كيف يحملهم؟ وأين سينتهي بهم؟

جميعنا نعلم أن نهرَ الحياة لا يمكن أن يتوقّف جريان مائه، وكما أتينا إلى الحياة سنرحل، وسيأتي غيرنا بعدنا، فقد عبرت قبلنا المليارات من البشر بقواربهم، ولربّما ستعبر المليارات ذات النهر. وحينما نعرف سببَ وجودنا في قاربٍ فوق نهر الحياة، سنعرف كيف نسير وأين نتوقّف. فإن أدركنا ذلك أدركنا احتياجاتنا وأحسنّا اختيار رفقتنا في قاربنا.

الحياة هي الحياة، بمصائبها وأفراحها وأحزانها، ونهر الحياة هو نهر الحياة، بمنعطفاته، وصخوره وشلال الموت العظيم. في هذا الكتاب سنطوّر أدواتنا ومناظيرنا لنستشرف صخوره قبل الوصول إليها، ونستعد لمنعطفات نهر الحياة الخطرة، ونجيد التعامل مع مصائب الحياة. ومن لا يتساءل عن معنى وجوده في قارب الحياة، فسيبقـى يملأُ قاربه بالطعام لأنه جاع يوما، أو يملأ قاربه بالمال لأنّه افتقر يوماً. فهل عرف هؤلاء سبب وجودهم في القارب؟

من الممكن أن نكتب ألفَ مقالٍ رائعٍ، ولكنّنا لن نصبح كُتّاباً مشهورين، وحين نلجأ لمتخصصٍ في الكتابة سيخبرنا أن تناقل مقالاتنا هو أمرٌ لا يتعلّق بماذا نكتب، بل عن من نكتب، وينصحنا أن نتعرف على من نكتب ونعرف اهتماماتهم، فهم من سينقلون مقالاتنا ويتداولونها. وحين نعرف تلك المعلومة سنكون قد وضعنا أقدامنا على الدرجة الأولى من سلّم الشهرة. لكن الدرجة الأولى من سلّم الشهرة تعنى أننا كتّاب درجة ثانية أو ثالثة، ولا تكفي للوصول لأعلى سلّم الشهرة، وهنا علينا أن نتعرّف على الدرجة التي بعدها، وعلينا أن نستهدف شريحةً كبيرةً من الناس، ومواضيعَ تلامس قلوبهم وأوجاعهم. وحين يقرأ الكثير من الناس مقالاتنا، بكل تأكيد سيقوم بعضهم بتناقلها وحينها ستنتشر.

وحين نكتب بتلك الطريقة سنين طويلة ولا نصل للشهرة، سنحتاج إلى متخصص ليراجع مقالاتنا، ويقول لنا أنّ مواضيعنا مهمّة، لكنّها جامدة، وأن قارئ الجريدة ليس هو القارئ الأكاديمي؛ فالأخير يقرأ باحثاً عن المعلومة، ولكنّه سيميل لمن يقدّم له المعلومة والترفيه ممتزجين. وسينصحنا المتخصصون أن تكون مقالاتنا أكثر إمتاعاً.

و حين نخلط المتعة مع المعلومة ولا ننجح، قد نزور أحد الكتّاب المشهورين جداً ونسأله عن سبب إخفاقنا في الصعود لأعلى سلّم الشهرة. قد يخبرنا أنه في بداياته شتم أحد المشاهير فخرج للعلن، أو دفع في وسائل التواصل الاجتماعي واشتهر، أو أن لديه مصدراً للمعلومات الخفية، وكان هو الوحيد الذي يكتب عنها. وحين نشتهر قليلاً سيأتينا من يعرّفنا كيف نشتهر كثيراً، وبعد أن نشتهر كثيراً سنحتاج المختصين ليعرّفونا كيف نستثمر شهرتنا في خدمة أهدافنا المالية أو الاجتماعية. هكذا هي كل الحياة؛ من يستطع أن يرى نقلاته القادمة يستطع أن يحققها، ومن لا يعرف نقلاته القادمة يبقَ متوقفاً على درجة سلّمه.

فهكذا معنى الحياة؛ لن نصل إليه دون أن نعرف النقلات الصحيحة، ومن يريد أن يعرف معنى الحياة دون أن يعرف نقلاته التي توصله إليها، هو مثل الشخص الذي يظن أن إجادته للقراءة والكتابة كافية لأن يصبح كاتباً مشهوراً.

إنّ أوّلَ النقلات لمعرفة معنى الحياة هي أن نتعرّف على معاني الحياة التي نتلّمسها، وهي كثيرة؛ فأموالنا التي ترفّهنا، وشركاء حياتنا، وأولادنا الذين لا نشك بحبّنا لهم وبحبّهم لنا واهتمامهم بنا، والكثير من المعاني التي تدور في أفلاكنا وتضيء لنا حياتنا، سنتعرّف عليها. وحين نضع أقدامنا على تلك الدرجة سنتعرّف على درجة ما سبب وجود تلك المعاني؟ والتي هي بعدها، ثم بعدها سنبحث عن من حاول الإجابة عن سؤال ما هو معنى الحياة؟ وسنرتقي سوياً على درجات سلّم معاني الحياة، حتى نلمس بأيدينا معاني حياتنا، ونعرف سبب إدخالها البهجة إلى قلوبنا مثل النجوم التي تدور حولنا وتضيء لنا وتزيّن حياتنا، وحينها سنتعرّف على حياتنا ومعانيها.

هل تجيد الرقص؟

في بدايات مشواري في الكتابة، كنت أكتب في مدوّنتي ثمّ في الصحف ومن بعدها كتبت كتابي الأوّل. ولحين كتابته، لم أكن أستمتع بالكتابة، فقد كتبت لأنّي كنت مضطراً لكتابته. لقد خشيت أن أموت ويموت علمي معي، فالكتابة لم تكن تستهويني، لكنّي كرهت أن أموت مثل حشرةٍ ضارّة. لم أكن أرغب أن تكون حياتي حياة سوسة الخشب، أو عثّة الثياب¹. كنت أعلم أنّ قلمي جيّد، وأنّ لديّ أموراً يجب إخبار الآخرين بها، وكنت أعلم أنني أستطيع أن أختار دوري فوق هذه الأرض، لذا اخترت أن يكون دوري هو الدور النافع. أحببت أن أكون نحلة تطعم نفسها وتطعم النّاس معها وتشافي أمراضهم. لم أكن أرغب أن يبقى علمي حبيس عقلي. كما أنّ الربح ليس هدفي أيضاً؛ فهذا كتابي الرّابع² بين يديكم، ولا زال تحقيقُ الأرباح أمراً مستبعداً في هذه الأيّام.

كشفتُ بعض مخفيّاتي لأقايضها بشرطٍ أريدُ أن أشترطه عليك وعلى كلِّ قارئٍ لكتابي، فالمثل المصري يقول: الأمر الذي في بدايته شرط، سيكون في نهايته نور، وهذا ما سوف أفعله بالضبط؛ سأشترط على القارئ أن يترك القراءة كلّما شعر بالضجر منّى أو من كلامي. فلنبتدئ باتّفاق، عسانا أن ننتهي بفائدة ونرى النّور في نهاية هذا الكتاب.

ولأنّي أريد من القارئ الكريم أن يلتزم بشرطي، لذا قدّمت بعض أسراري كتنازلٍ منّي، عسى أن يقبل شرطي منّى، وإن كان شرطي بسيطاً، فترك قراءة الكتاب حين الضّجر ليس بالأمر العسير، وهناك الكثير من الحديث بيننا، وأود أن تكون الفائدة هي الإطار الذي لا يخرج منه حديثنا.

أنا أعمل في الرقابة الماليّة، وأكتب بعد نهاية عملي، وفي نهاية الأسبوع، وفي إجازاتي من عملي. بينما يحاول أغلبُ أصدقائي أن يقضوا وقتاً سعيداً بعد أسبوعٍ من العمل، أحمل جهاز الحاسب الآلي، وأبدأ الكتابة. لم أزر مزرعتي منذ سبعة أشهر، ولم أتمتّع بحوض السباحة المهيَّأ هناك، صحيحٌ أنّ الكتابة لم تكن تمتعني قديماً، لكنّ شعوري اليوم بدأ بالتحسّن تجاه الكتابة، حين وجدت أثراً وصدى ونتيجةً لما أكتبه. فأنا أكتب لإحداث أثر، وهذا الأثر حين وجدته جعلني أشعر بشعورٍ أفضل لأكتب المزيد.

عندما أدخل في أي نقاش، عادتي أن أجمع إشاراتٍ عن إصغاء من يناقشني، وعندما يتوقّف الإصغاء بالسرحان أو تشتت الانتباه، فغالباً ما تكون هذه نهاية الحديث، وتغيير الموضوع؛ فليس من المنطقي أن أرسل لمن أطفأ جهاز استقباله عنّي، ولن أطعم عقلاً يشعر بالشبع.

هذا هو لبُّ الاتفاق بيننا، فحديثنا سوياً في هذا الكتاب سيكون مثل الرّقص، سأتقدّم بينما أنت تتراجع عن الحديث وتتراجع عن التفكير وتعطيني أذنك. و حينما تفكّر في كلامي سأتراجع بينما تفكيرك يتقدّم، ولا نوقف التراجع والتقدّم؛ فالوقوف جامدين لا يمكن أن يسمّى رقصاً، ولن يوصلنا إلى فوائد الكتاب. فإن ضجر أحدنا من حديث الآخر ستتوقّف الفائدة. لنتّفق أن رحلتنا يجب أن تكون ممتعة في كل مراحلها.

إن لم تغمرك متعة فضول المعرفة، وتتذوّق طعماً جديداً للمعرفة في كل صفحة من صفحات كتابي، فلن تشعر بالاهتزاز. وإن لم تشعر بالاهتزاز فأرجوك لا تكمل الرقص على أنغام