Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

بحوث في نهج البلاغة: جهاد الانسان
بحوث في نهج البلاغة: جهاد الانسان
بحوث في نهج البلاغة: جهاد الانسان
Ebook164 pages56 minutes

بحوث في نهج البلاغة: جهاد الانسان

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

: صدر من هذه السلسلة من البحوث
١ - الفلسفة الالهية
٢ - الخلافة والخلفاء
٣ - الطبقات الاجتماعية
٤ - الرسل والرسالات
٥ - جهاد الانسان
والله ولي التوفيق

Languageالعربية
Release dateJan 29, 2018
ISBN9781370880676
بحوث في نهج البلاغة: جهاد الانسان
Author

علي الشيخ سليمان يحفوفي

جمعية العلامة الشيخ سليمان يحفوفي - قدّس سره علي الشيخ سليمان يحفوفي

Read more from علي الشيخ سليمان يحفوفي

Related to بحوث في نهج البلاغة

Related ebooks

Related categories

Reviews for بحوث في نهج البلاغة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    بحوث في نهج البلاغة - علي الشيخ سليمان يحفوفي

    Jihad.png

    بحوث في نهج البلاغة

    (٥)

    جهاد الإنسان

    علي الشّيخ سليمان يحفوفي

    النّاشر

    جمعية العلاّمة الشّيخ سليمان يحفوفي

    (قدّس سرّه)

    مقدّمة

    بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

    كان دهر لم يكن فيه سوى الله سبحانه الأزلي الأبدي المطلق، ثم ابتدأ تعالى عملية ابتداع الخلائق، فتدرّج بخلق السّماء والملائكة والأرض، وأخيراً الإنسان.

    ولن نستطرد في هذا الكتاب بعرض تفاصيل عملية الخَلق، وكيف تمّت، ومتى ومن أي شيء، وإن كان الإمام عليّ عليه السّلام قد تناول كل ذلك في نهجه، بل سيقتصر بحثنا على الإنسان. كما أن البحث حول الإنسان ليس عن أصل خلقه وزمانه وكيفيته، بل سينحصر في الهدف من خلقه وعن طبيعة وجوده على هذه الأرض. فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وجعل له هدفاً من وجوده، وهذا الهدف يمتدّ إلى ما وراء هذه الحياة الدنيا، فلا ينتهي بانتهاء وجوده على الأرض وبانتهاء مدة حياته عليها، والموت لا يشكّل خاتمة الوجود بالنسبة إليه، بل إنه بداية لحياة جديدة كانت هي الهدف الرّئيسي من خَلقه، وما حياته التي أمضاها على الأرض إلا فترة اختبار له، ليتقرّر على ضوئها منهج حياته الأخرى، إما شقاء وعذاب دائم، وإما رفاه ونعيم مستمر. فالإنسان خُلق للآخرة وليس للدنيا، والسعادة في الآخرة لا ينالها إلّا مَن طابت نفسه وصَفت سريرته وحاز مرضاة خالقه، وذلك بأن يكون قد أحرز تكامل نفسه في حياته الأولى.

    يقول الإمام عليه السّلام موضحاً هذا الأمر:

    فَإِنَّ الدُّنْيَا لَمْ تُخْلَقْ لَكُمْ دَارَ مُقَام، بَلْ خُلِقَتْ لَكُمْ مَجَازًا لِتَزَوَّدُوا مِنْهَا الأعْمَالَ إلى دَارِ الْقَرَارِ. (خطبة ١٣٢)

    من هنا كان التّكامل هو هدف الإنسان الذي يجب أن يسعى إليه في حياته الدنيوية، فكل خطوة يخطوها لها أثرها البالغ على مسيرته نحو التكامل، وكل عمل يقوم به تنعكس آثاره سلباً أو إيجاباً عليه، فإما أن يُقرِّبه من تحقيق هدفه، أو يباعده عنه ويجعل الوصول إليه مستحيلاً.

    وهدف هذا الكتاب هو بيان السّبيل لتحقيق التّكامل المنشود الذي هو الغاية والهدف، وسيتّضح من خلال البحث أن ذلك لا يتم إلّا بالجهاد الدائم والكفاح المستمر، وهو على أشكال متعدّدة أفرَدنا لكل شكل منها فصلاً مستقلاً فكان الكتاب على أربعة فصول مرتّبة كالآتي:

    الفصل الأوّل: ونتحدّث فيه عن جهاد الإنسان نحو الله سبحانه، وذلك أن تكامله لا يتمّ إلّا بجَعله تعالى هدفاً ومثلا أعلى لا بدّ من السّعي نحوه.

    الفصل الثاني: ويختصّ بالكلام عن جهاد الإنسان مع نفسه، والذي تكون العبادة أظهَر أفراده، إذ ما هي إلّا تعبير عملي عن جهاد الإنسان نحو الله سبحانه، ونُثبت في هذا الفصل أن العبادة ضرورية من أجل تركيز وتنسيق سعيّ الإنسان نحو خالقه.

    الفصل الثّالث: ونتناول فيه جهاد الإنسان مع الآخرين، وهذا الجهاد يتّخذ أشكالاً وكيفيات متعدّدة، نفصّلها في محلها.

    الفصل الرّابع: ونتكلم فيه عن جهاد الإنسان مع الطبيعة ومحاولة تطويعها وتسخيرها لمصالحه وأغراضه.

    ومن خلال البحث سيتّضح لنا أن أشكال الجهاد المتقدمة ليست مستقلة ومنفصلة عن بعضها البعض، بل هي تتبادل التأثير فيما بينها. وسنستعرض بعض مواطن التأثيرات المتبادلة في نهاية الكتاب إن شاء الله تعالى.

    بيروت، ١٩٨٢

    علي الشيخ سليمان يحفوفي

    الفصل الأوّل:

    جهاد الإنسان نحو الله

    الإنسان والمُطلق

    تكامُل الإنسان هو المطلب وهو الهدف من وجوده، به جاءت الأديان ومن أجله بُعثت الرسل، والسؤال هو: لماذا يُراد التكامل وكيف يمكن تحقيقه؟

    يولد الإنسان وهو خالي الذّهن لا يملك أية فكرة عن أي شيء مما يُحيط به من مخلوقات وموجودات، فضلا عن أن يُدرك حقيقة موقعه منها، وما سيكون عليه مستقبله وإلى ما سيؤول إليه. ثم تبدأ مداركه تتفتح وآفاقه تتّسع، فيشعر بالموجودات من حوله، فينسبها إلى بعضها، ويحاول أن يقيسها على بعضها البعض ويُفاضل فيما بينها، هذا أكبر من ذاك، وذاك أجمل من هذا، وهكذا.. ثم تبدأ عنده مرحلة تقليدها ومجاراتها، إذ سرعان ما يُدرك أن كثيراً من تلك الموجودات تتّصف بمميزات يفتقدها هو نفسه، فيحاول جاهداً محاكاتها، فيكون بذلك قد جعلها مثلاً أعلى، فهو يشعر بأن وجوده ناقص إذا لم يكن يفعل ذلك، وإذا ما استطاع مجاراتها فسوف يتكامل.

    ولكن مع نمو فكره واتّساع آفاقه، يبدأ بإدراك خطئه في اتّخاذ تلك الموجودات هدفاً ونصبِها مثلاً أعلى له، إذ يرى في نفسه القدرة على مجاراتها والتفوّق عليها، وأن المميزات التي تمتلكها والتي كانت تثير في نفسه الإعجاب نحوها لم تَعُد كذلك، وأصبحت تفتقر إلى عامل السّحر الذي كان يجذبه نحوها، إذ إنه هو نفسه يمتلك ميزاتها وعنده القدرة على التحكّم بها والسيطرة عليها.

    ولكن مع ذلك يبقى الإنسان شاعراً بنقصانه، وبأن وجوده لم يكتمل بعد، فيبدأ عملية البحث في الموجودات الأخرى عن الكمال الذي يفتقر إليه، والذي لم يستطيع مَثَلُهُ الأعلى السّابق تزويده به، فيكون بذلك قد ارتقى درجة في سلّم التكامل دون أن يبلغ الغاية فيه، وهذا ما يضطره مجدداً لأن يبدأ رحلة جديدة في البحث عن المثل الأعلى الذي سوف يحقق له آماله، ويكون على مستوى طموحاته. وهكذا تستمر رحلته ويدوم بحثه إلى أن يتوصل إلى اكتشاف ما كان يبحث عنه، حيث يجده متمثّلاً بالله سبحانه، المثل المطلق الوحيد الذي لا حدّ له ولا نهاية، وهنا تبدأ مسيرة التكامل الحقيقية التي لا ينهيها الإنسان مهما تهيّأ له أن يحيا.

    ويتبين من ذلك أن

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1