Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

جريمة عاطفية
جريمة عاطفية
جريمة عاطفية
Ebook216 pages1 hour

جريمة عاطفية

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

بالتنقيب في الماضي قد يأتي يوم لا تعود الحياة بعده كما كانت، يوم تتبدل فيه الحقائق وتنقلب الموازين.
"يوسف" ابن وحيد لأسرة صغيرة فقدت صلتها بالعائلة منذ عقود، تضطره الظروف إلى البحث عن عائلته، ليكتشف كارثة مفجعة. سرعان ما تتخذ حياته من اللون الرمادي ستارًا لها، فتتخبط قراراته وتتأذى مشاعره إلى درجة تجعله غير قادر على التفرقة بين الخطأ الذي ارتكبه الآخرون بحقه، والخطأ الذي ارتكبه هو في حق نفسه.
رواية جريمة عاطفية حكاية حب تبدو بسيطة في البداية لكن الأنانية تسطو عليها حتى تُغير من ملامحها تمامًا، ويبدأ تحدي الكرامة في فرض نفسه على أصحاب الحكاية رغمًا عن أنف أصحابها.
هل ينتصر الخوف على الحب؟ وأي الأمور أكثر صدقًا، المنطق أم المشاعر؟
رحلة شاقة تعيننا على فتح أبواب الماضي لمواجهة المستقبل بنفس مطمئنة مهما كانت التضحيات.
Languageالعربية
Release dateApr 5, 2024
ISBN9789778063905
جريمة عاطفية

Related to جريمة عاطفية

Related ebooks

Reviews for جريمة عاطفية

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    جريمة عاطفية - محمد المشد

    جريمة عاطفية

    محمد المَشَد

    جريمة عاطفية

    مستوحاة من أحداث حقيقية

    رواية

    إهداء

    إلى كل شخص يمتلك القوة التي تمكِّنه من

    التراجع عن خطئه وطلب السماح.

    (١)

    يوسف

    أحمل قلبي على كفي في رحلة لطلب السماح كما يحمل الكفنَ طالبُ العفو من أهل الثأر، لم ينتبه سمعي لهمهمات الركاب وصفير القطار وقت التحرك، إن حماسي وتوتري لما أنا قادم عليه جعلا أذنَي جدارًا عازلًا للصوت؛ لا أسمع إلا ضجيج أفكاري، وانطلق القطار مودعًا ملامح القاهرة، ثم غاص في لون الحياة في خضار الحقول، فركنت رأسي على الشباك مستسلمًا للخضرة التي تقطعها أعمدة الإنارة في إيقاع بصري منتظم، وما زال عقلي يجلدني بأسئلة ليس لها إجابة: أتظن أن جدتك على قيد الحياة؟ وإن كانت فكيف يكون استقبالها لك؟ هل ستتحمل شر العائلة التي طردت أبويك؟ هل يصلح الغصن ما أفسده الجذر؟ أليس البحث عن الخير في أهل الشر دربًا من الجنون؟ ماذا لو أهانوك وضربوك! وربما يحتجزونك ويطلبون الفدية من أبويك! كيف أقنعت نفسك أن تذهب إلى الخطر بقلب آمن! وكأن الفراغ أصابك فقررت البحث عن المصائب، وكأنك لست مشغولًا إلى درجة أنك لا تجد الوقت الكافي لشراء باقي متطلبات زواجك الذي لم يتبقَ عليه سوى أسبوعين بالتمام والكمال! فهل يحضر زفافك مَن طردوك منذ خمسة عشر عامًا؟! أجننت؟!

    ***

    "يوسف" ابن وحيد لأسرة متوسطة، انفصلت أسرته عن عائلة والده وهو ابن عشر سنين، رحل مع أبويه إلى القاهرة في هجرة بلا رجعة، رحل ولم يعد في قلبه إلا الحنين، فهو يحب جدته وأعمامه وذكرياته معهم جميلة، وكلما سأل عن سبب الرحيل أخبره أبواه أن العائلة تكرههم وطردتهم، وكلما ألح في السؤال أجاباه: "لأنهم قوم شر، ولا يحق للأبناء ذكر مساوئ أهاليهم"، فنشأ على أن سبب الطرد مجهول والسؤال عنه محرم. تخطى الطفولة والمراهقة ولم يزل يسأل خاصة في المناسبات والأعياد، لكن الإجابة تحولت إلى تعنيف من أمه وعقاب من أبيه، فصار حنينه إلى دفء العائلة يشبه الوسوسة بالمحرمات، متعة لحظية في طيات الخيال سرعان ما تختفي ببزوغ شمس الواقع، فكان الفتى إذا حضر مناسبة لأحد أصدقائه لمع في عينيه دفء التجمع العائلي، لكن فور عودته إلى البيت ينسى أو يتناسى، يحاول مقاومة الذكريات والحنين، ولكن الحب يوقظ الخير الذي خبأه صدأ الأيام، ففي منتصف العشرينيات عرف قلبه الحب، وتمت الخطبة بحضور الأسرتين، ومن بعد هذا اليوم بدأ يتردد على بيت خطيبته، وبدأت المناسبات تُظهِر عائلتها، في العيد وفي حفل زفاف أحد أقاربها وعيد ميلاد ابن أخيها، وكلما حضر مناسبة تخيل وجود جدته وأعمامه وأقرانه من العائلة، استيقظ قلب الفتى بحلاوة الذكريات، إنه يتذكر بهجة المناسبات العائلية رغم أنه كان صغيرًا وقتها، يتذكر جيدًا حين اصطحبه عمه إلى صلاة العيد، يشتاق يوم الخميس عندما يصطحبه عمه إلى ملعب كرة القدم، ما زال يسمع صوت أخت جدته وهي توصيه ألا يتأخر عند البقال، يتذكر غناء جدته يوم عيد ميلاد ابن عمه، ورغم السنين التي مرت ما زال دفء عناق جدته يؤنسه، كل الذكريات استيقظت بسبب أهل خطيبته، فمنذ رحيل أسرته إلى القاهرة لأول مرة يحضر تجمعات عائلية تخصه، كل ما فات كانت تجمعات تخص أصدقاءه لكنه الآن جزء من عائلة خطيبته، وبدأ يسأل نفسه عدة أسئلة إجابتها واحدة وهي "لا يوجد شيء في الدنيا يستحق أن نضحي أمامه بأحضان العائلة!"، وصار الحلم أن يجمع شتات العائلة ويصلح النزاع المجهول.

    ومن هنا بداية الحكاية...

    ***

    دنت المحطة وتباطأ القطار فتباطأ معه نبضي لهول ما أنا ذاهب إليه، نزلت وسط المسافرين لأستقبل مدينة العائلة، أخرجت هاتفي فوجدت عدة اتصالات من خطيبتي وكثيرًا من الرسائل، هاتفتها ففتحت المكالمة سريعًا وهي مليئة بالقلق والعتاب والتشجيع، فاعتذرت عن ترك هاتفي صامتًا دون إخبارها، فقد كنت أريد العزلة مع نفسي والطريق، ووعدتها أن أطمئنها من وقتٍ لآخر مع الحفاظ على ترك هاتفي صامتًا، وخرجت من المحطة أسأل المارة عن كيفية الذهاب إلى عنوان جدتي، كنت متوجسًا من الناس بقدر احتياجي إلى مساعدتهم، وبقيت أتأمل الشوارع والبيوت لعلي أجد شيئًا له صورة في ذاكرتي، لقد عشت في هذه المدينة شهورًا قاربت سنة، وأخيرًا مررت جوار موقف الميكروباصات فتذكرته، إنه آخر عهدي بتلك المدينة، أتذكر جيدًا يوم الرحيل، في الفجر أيقظني أبي وفي صمت ألبستني أمي، وعندما تكلمت أشار أبي بالصمت، كان وقتًا مريبًا يشبه تجهيز عصابة لسرقة بنك، ونزلنا على السلالم في همس وخفة وكان أمام البيت سيارة أجرة في انتظارنا وفوق سقفها حقائبنا مربوطة، انطلقنا تحت جنح الظلام حتى وصلنا إلى هذا المكان، يومها تعجبت أننا ركبنا سيارة ينادي سائقها "مصر"، فكيف نذهب من مصر إلى مصر! وعندما كبرت فهمت أن معظم سكان المحافظات يسمون القاهرة بمصر، وما لخبط أفكاري يوم الرحيل، هو أن أمي كانت تسمي المنطقة التي تقطنها جدتي "مصر"، فقد كنا قبل المجيء إلى جدتي نقيم بالمملكة العربية السعودية، أيامها كانت أمي تخبرنا أننا من مصر، وأننا سنذهب في الإجازة إلى جدتي بمصر، ولما أتينا إلى جدتي وأقمنا تلك الفترة لم أكن أعرف اسمًا للمكان غير أنه مصر.

    ***

    عنوان الجدة مثل كنز مدفون في دهاليز سرية، عندما قرر يوسف أن يجمع شتات عائلته وجد أنه لا يعرف أي طريق لهم، لا توجد في ذاكرته أي معلومة مميزة لمكان أو أي اسم لشارع، كل ما كان يعرفه أنه "بيت ستو"، وأنهم في مصر، وما أصعب أن تبحث عن شيء لا تعرف مكانه أو حتى طريقًا له، إن أبويه نجحا في إخفاء أي أثر، حتى في الكلام العادي كانا حريصَين على عدم التفوه بمعلومة، فنشأ يعرف أن أصل عائلة أبيه من أطراف القاهرة دون معرفة اسم المكان، كل هذا جعل محاولة الوصول إلى العائلة صعبة، الطريق الوحيد هو أبواه اللذان يرفضان النقاش في الموضوع، فتربص يوسف حتى حانت فرصة لخروجهما معًا وانقض على البيت يفتش في كل أركانه عن أي ورقة تربط أباه بالماضي، وكان حريصًا على ألا يترك أثرًا خلفه، وأخيرًا وجد في مكتب أبيه صورة لعقد بيت باسم جدته مرفقًا معه صورة بطاقتها الشخصية، صوَّر الأوراق بجواله، ومشى على أطراف أصابعه حتى خرج من غرفة أبيه، وعندما وصل إلى غرفته تنهد وقفز كطفل فاجأه أبوه بشراء دراجة، أخرج هاتفه ليتصل بكاتمة أسراره، إنها خطيبته "شذا"، الوحيدة التي تعرف ما ينوي عليه، الوحيدة التي شجعته لأنها تدرك قيمة نعمة دفء العائلة. في بداية فترة الخطوبة عندما دعته لحضور عيد ميلاد ابن أخيها، وقف يوسف واجمًا من الدفء المحيط بالطفل، الجميع أتى لأجله محملين بهدايا بسيطة لكنها تُعد هدايا، يوسف يومها أفاض لحبيبته بكل ما اعتصر قلبه، وحكى لها عن ذكرياته الجميلة واشتياقه إلى من كانوا فيها، أخبرها أنه يتمنى وجود عائلته في حفل الزفاف، شجعته على ذلك، وباتت تسأله ليل نهار وتتابع أي جديد وتدفعه إلى الحصول على أي طرف خيط يوصله بجدته وأعمامه، واقترحت عليه أن يقدم لهم أي تنازلات ليوافقوا على حضور الزفاف ومد جسور الود لأسرته.

    ***

    "من فضلك، توقف عند هذا البيت"، قلتها لسائق التاكسي وأنا أشير إلى بيت جدتي فتوقف، لقد عرفت البيت وحدي، ما زالت تلك العمارة مطبوعة في قلبي، مكونة من خمسة طوابق، واجهتها بالطوب الأحمر، وأمام العمارة حوض من الطوب الأبيض تتوسطه ماسورة في طرفها صنبور مياه نحاسي، في طفولتي كنت منبهرًا بوجود حوض أمام البيت، فهذا لم يكن ببيتنا في السعودية، تغيرت كل المباني المحيطة ببيت جدتي وتحولت إلى أبراج، وما زال بيتها على حاله القديم لم يغيره الزمن، أعطيت السائق أجرته وحملت أكياس الفاكهة، وقفت أتأمل المكان، لولا أنني أبحث عن هذا البيت لقلت إنه يشوه صورة الشارع، ولكن مشاعري قلبت المنطق، فأنا الآن أرى أن الأبراج المحيطة شوهت صورة الذكريات؛ قد كان هذا الشارع هادئًا لأنه شارع جانبي، ولم تكن السيارات تمر منه لأن آخره مسدود ببيت مهجور حوله سور مليء بالأشجار الكثيفة، وبجوار سور البيت المهجور يوجد ممر ضيق طويل يصل شارع جدتي بشارع آخر، كنت أغمض عينَي عندما أمُر من هذا الممر بصحبة أبي أو عمي، أما الآن فقد هُدِم هذا البيت وأتيح للسيارات أن تخترق الشارع، وعمَّ الضجيج، وقفت أمام بيت جدتي فلاحظت أن صنبور المياه معطل، مددت يدي للباب وهممت بفتحه فسمعت خرير الماء آتيًا من الذكريات، نظرت إلى الصنبور فشاهدتُني طفلًا أرفع الذراع لينهمر الماء فتغسل ابنة عمي "مودة" يدها التي اتسخت من جمع التوت، تبسمتُ لذكرياتي فسقطت يدي من على الباب فانتبهت لأجده يُفتح، تراجعتُ خطوة فطلَّت من خلف الباب فتاة ملامحها مريحة وكأني أعرفها، تنحيت جانبًا لتمر لكنها ظلت واقفة، لم أتكلم، فسألتني: "هل تريد أحدًا هنا؟".

    ***

    صُدِمَ يوسف بسبب ما عرفه عن أبويه، هو لم يصدق ما سمع، ولكنه لا يستطيع تكذيبه لأن تفاصيل حياة أبويه تساعد على تصديق ما نُسب إليهما، خاصة أن جدته عجوز على كرسي متحرك وحالها يرثى له، وعمه الذي حضر عليه علامات الاحترام والصلاح، يبدو أن الجميع لطيف والشر قادم من حيث أتى، لقد أدرك يوسف يومها أنه من المستحيل مجيء العائلة إلى حفل زفافه، مع أن الجميع يرحب بقدوم أسرته ولكن بثلاثة شروط وضعتها جدته منذ رحيلهم، وقد يأتي يوم لا تعود الحياة بعده كما كانت، وكان هذا اليوم عندما فتح أبواب الماضي، إن ما عرفه عن أبويه ألجم لسانه عن الحكي، وعندما حاولت خطيبته شذا أن تعرف ما حدث، طلب ألا تفاتحه في هذا الأمر حتى يهدأ ويحكي من تلقاء نفسه، قرر أن يخوض الحرب التي بدأها، وزاد إصراره على لمِّ شمل العائلة، وأقسم أن ينفذ الشروط مهما بلغت صعوبتها التي ترقى للمستحيل، ولكنه أجَّل التفكير

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1