Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

جامع المسانيد لابن الجوزي
جامع المسانيد لابن الجوزي
جامع المسانيد لابن الجوزي
Ebook700 pages5 hours

جامع المسانيد لابن الجوزي

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

كتاب جامع المسانيد تأليف عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي أبو الفرج، وقد استوعب فيه غالب مافي مسند أحمد رحمه الله وصحيحي البخاري ومسلم وجامع الترمذي، وهو من أتم المسانيد وأقربها إلى الاستعياب، وقد جمع مؤلفه ابن الجوزي بين أربعة من كتب الحدث، رأى أنها تحتوي على معظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن لها العلو في الإسناد فأحب أن يجعلها في كتاب واحد، وهي: مسند الإمام أحمد، وصحيحا الإمامين البخاري ومسلم، وجامع الإمام الترمذي. والكتاب يتكون من 8 أجزاء في 8 مجلدات
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateAug 19, 2001
ISBN9786408698186
جامع المسانيد لابن الجوزي

Read more from ابن الجوزي

Related to جامع المسانيد لابن الجوزي

Related ebooks

Related categories

Reviews for جامع المسانيد لابن الجوزي

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    جامع المسانيد لابن الجوزي - ابن الجوزي

    الغلاف

    جامع المسانيد لابن الجوزي

    الجزء 3

    ابن الجوزي

    597

    كتاب جامع المسانيد تأليف عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي أبو الفرج، وقد استوعب فيه غالب مافي مسند أحمد رحمه الله وصحيحي البخاري ومسلم وجامع الترمذي، وهو من أتم المسانيد وأقربها إلى الاستعياب، وقد جمع مؤلفه ابن الجوزي بين أربعة من كتب الحدث، رأى أنها تحتوي على معظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن لها العلو في الإسناد فأحب أن يجعلها في كتاب واحد، وهي: مسند الإمام أحمد، وصحيحا الإمامين البخاري ومسلم، وجامع الإمام الترمذي. والكتاب يتكون من 8 أجزاء في 8 مجلدات

    (70) مسند جُندب بن جُنادة بن كعب أبي ذَرّ الغِفاريّ

    ويقال: اسمه جُنْدب بن السَّكَن، ويقال: بُرَير، ويقال: جُنادة. والأوّل أصحّ (1).

    (1238) الحديث الأول: حديث إسلام أبي ذرّ:

    حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: حدّثنا سليمان بن المُغيرة قال: حدّثنا حُميد بن هلال عن عبد اللَّه بن صامت قال: قال أبو ذرّ:

    خرجْنا من قومنا غِفار -وكانوا يُحِلُّون الشهرَ الحرام - أنا وأخي أُنيس وأمُّنا (2)، فانطلَقْنا حتى نَزَلْنا على خالٍ لنا ذي مالٍ وذي هيئة، فأكرَمنا خالُنا وأحسنَ إلينا، فحسدَنا قومُه، فقالوا له: إنّك إذا خرجْتَ عن أهلك خلفَك اليهم أُنيس، فجاءَ خالُنا فنثا ما قيل له. قال: فقلتُ: أمّا ما مضى من معروفك فقد كدَّرْتَه، ولا جِماعَ لنا فيما بعد. قال: فقرَّبْنا صِرْمَتنا فاحتملْنا عليها، وتغَطّى خالُنا بثوبه وجعلَ يبكي. قال: فانطلقْنا حتى نزلْنا بحضرة مكّة. قال: فنافَرَ أُنيسٌ رجلًا عن صِرْمتنا وعن مثلها، فأتى الكاهنَ فخيَّرَ أُنيسًا، فأتانا بصِرمتنا ومثلها. وقد صلَّيْت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول اللَّه ثلاث سنين. قال: فقلتُ: لمن؟ قال: للَّه. قلتُ: فأين توجَّهُ؟ قال: حيث وجَّهَني اللَّهُ عزّ وجلّ. قال: وأُصلّي عشاءً حتى إذا كان آخر الليل أُلْقِيتُ كأنّي خِفاءٌ، حتى تعلُوَني الشمسُ.

    قال: فقال أُنيس: إنّ لي حاجةً بمكّة، فاكْفِني حتى آتيَك. قال: فانطلق فراثَ عليّ، ثم أتاني، فقلتُ: ما حَبَسَكَ؟ قال: لقيتُ رجلًا يَزْعُمُ أن اللَّهَ أرسلَه، على دينك. قال: قلتُ: ما يقول النّاسُ له؟ قال: يقولون: إنّه شاعر، وساحر، وكاهن، وكان أُنيس شاعرًا. (1) ينظر الطبقات 4/ 165، والآحاد 2/ 228، والاستيعاب 1/ 214، وتهذيب الكمال 3/ 2308، والسير 2/ 46، والإصابة 4/ 63.

    وجعل الحميديّ مسنده رابع المقدّمين بعد العشرة، واتّفق الشيخان على اثني عشر حديثًا، وانفرد مسلم بتسعة عشر، والبخاري باثنين. وأُسند عنه كما في التلقيح 364 - مائتان وواحد وثمانون حديثًا.

    (2) وهي رملة بنت الوقيعة، أسلمت.

    قال: فقد سَمِعْتُ قول الكاهن فما يقول بقولهم، وقد وضعْتُ قوله على أقراء الشّعر، فواللَّه ما يَلْتَئم على لسان أحد أنّه شعر. واللَّه إنّه لصادق وإنّهم لكاذبون. قال: فقلتُ له: هل أنت كافيّ حتى أنطلقَ فأنظرَ؟ قال: نعم، فكُنْ من أهل مكّة على حَذَرٍ، فإنّهم قد شَنِفوا له وتجهَّموا له.

    فانطلقْتُ حتى قَدِمْتُ مكّة، فتضَعَّفْتُ رجلًا منهم فقلت: أين هذا الرّجلُ الذي تَدْعونه الصابىء؟ قال: فأشارَ إليّ، قال: الصابىء. فمال أهلُ الوادي عليّ بكلّ مَدَرة (1) وعَظم، حتى خَرَرْتُ مغشيًّا عليَّ، فارتفعْتُ حين ارتفعتُ كأنّي نُصُب أحمرُ، فأتيْتُ زمزَمَ، فشرِبْتُ من مالْها وغسلْتُ عنّي الدّمَ، فدخلتُ بين الكعبة وأستارها، فلَبِثْتُ به يا ابن أخي ثلاثين من بين ليلة ويوم، مالي طعام إلّا ماءُ زمزم، فسَمِنْتُ حتى تكسَّر عُكَنُ (2) بطني، وما وجدْتُ على كبدي سَخْفَةَ جوع.

    قال: فبينما أهلُ مكّة في ليلة قَمْراء إضحيان (3)، فضرب اللَّه على أصمخة (4) أهل مكّة، وما يطوف بالبيت غيرُ امرأتين، فأتَتا عليّ وهما تدعوان إسافًا ونائلة، فقُلْتُ: أنْكِحوا أحدَهما الآخر، قال: فما ثناهما ذلك، فأتَتا عليّ فقلت: وَهَنٌ مثلُ الخشبة، غير أنّي لم أَكْنِ. قال: فانْطَلَقَتا تُوَلْوِلان وتقولان: لو كان هنا أحدٌ من أنفارنا. قال: فاستقبلَهما رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - وأبو بكر وهما هابطان من الجبل، فقال: مالكما؟ قالتا: الصابىء بين الكعبة وأستارِها. قال (5): ما قالَ لكما؟ قالتا: قال لنا كلمةً تملأ الفم.

    فجاء رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - هو وصاحبه حتى استلمَ الحَجَر، فطاف بالبيت ثم صلّى، قال: فأتيْتُه، فكنتُ أوّلَ من حيّاه بتحيّة الإسلام، فقال: وعليك السلامُ ورحمة اللَّه. ممّن أنت؟ قلت: من غِفار. فأهوى بيده فوضعها على جبهته، فقلتُ في نفسي: كَرِهَ أنّي انتميتُ إلى غِفار، قال: فأردْتُ أن آخذَ بيده، فقدَعني صاحبُه وكان أعلمَ به منّي، قال: متى كنتَ ها هنا؟ قال: كنتُ ها هنا منذ ثلاثين بين يوم وليلة. قال: "فمن كان (1) المدرة: الطين اليابس.

    (2) العُكن جمع عُكْنة: وهو ما يطوى وينثنّى من البطن سِمَنًا.

    (3) القمراء: المُقمرة. والإضحيان: المضيئة.

    (4) الأصمخة جمع صماخ: خرق الأذن.

    (5) في مسلم قال.

    يُطْعِمُك؟ قلتُ: ما كان لي طعامٌ إلّا ماء زمزمَ. قال: فسَمِنْتُ حتى تكسّرَ عُكَنُ بطني، وما وجدْتُ على كبدي سَخْفةَ جوع. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنّها مباركة، إنها طعام طُعم" قال أبو بكر: ائذن لي يا رسول اللَّه في إطعامه الليلة. قال: ففعل. فانطلق النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم - وانطلقْتُ معهما حتى فتح أبو بكر بابًا، فجعلَ يقبِضُ لنا من زبيب الطائف، قال: وكان ذلك أوّلَ طعام أكلْتُه بها.

    فلَبِثْتُ ما لَبِثْتُ، ثم قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنّي قد وُجِّهْتُ إلى أرض ذات نَخْلٍ، ولا أحسَبُها إلّا يثربَ، فهل أنت مُبَلِّغٌ عنّي قومَك لعلّ اللَّه عزّ وجلّ أن ينفعَهم بك ويأجُرُك فيهم؟ .

    قال: فانطلقْتُ حتى أتيتُ أخي أُنيسًا، فقال لي: ما صنعتَ؟ قلتُ: صنعْتُ أنّي أسلمْتُ وصدّقْتُ. ثم أتيْنا أُمَّنا فقالت: مالي رغبةٌ عن دينكما، وإنّي قد أسلمْتُ وصدَّقتُ. فتحمَّلْنا حتى أتيْنا قومنا غفار، فأسلم بعضُهم قبلَ أن يقدَمَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - المدينة، وقال بعضهم (1): إذا قَدِمَ رسول اللَّه أسلَمْنا. فقَدِم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - المدينة وأسلم بقيّتهم، وجاء أسلم (2) فقالوا: يا رسولَ اللَّه، إخوانُنا نُسْلِم على الذي أسلموا عليه، فأسلَموا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: غِفارٌ غَفَرَ اللَّهُ لها، وأسلمُ سالمَها اللَّه.

    انفرد بإخراجه مسلم من هذه الطّريق (3). وقد أخرجاه من حديث ابن عبّاس عن أبي ذرٍّ مختصرًا (4).

    نثا: أخبر.

    والصِّرمه: القطعة من الإبل نحو الثلاثين.

    ومعنى قوله: نافر، فاخر, فخيَّره: أي حكم بأنَّه خير.

    والخِفاء: كساء يُطرح على السِّقاء.

    وأقراء الشعر: أنواعه وطرقه.

    وقوله: فتضعّفْتُ رجلًا: أي رأيتُه ضعيفًا. (1) عبارة مسلم فأسلم نصفهم.. . وقال نصفهم.

    (2) في الأصول المخطوطة وجاءوا والمثبت هو الصواب، من المسند ومسلم.

    (3) المسند 5/ 174، ومسلم 4/ 1919 (2473) من طريق سليمان بن المغيرة. يزيد شيخ أحمد من رجال الشيخين.

    (4) البخاري 7/ 173 (3861)، ومسلم 4/ 1923 (2474).

    والنُّصُب: حجر يذبحون عليه فيحمرّ بالدّماء.

    والسَّخْفة: الخِفّة.

    والمراد بالهَن: الذَّكَر.

    والأنفار: من النّفر.

    وقَدَعني: كفّني.

    وقوله: طعام طُعم: أي يُشْبَع منه.

    وشنِفوا: أبغضوا. وتجهَّموا: تنكَّرَت وجوهُهم.

    (1239) الحديث الثاني: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وهب بن جرير قال: حدّثنا أبي قال: سمعْتُ الأعمش يحدّث عن عمرو بن مُرّة عن عبد اللَّه بن الحارث عن حبيب بن حِماز عن أبي ذرّ قال:

    أقبلْنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنزلْنا ذا الحُلَيفة، فتعجَّلَتْ رجالٌ إلى المدينة، وبات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - وبتْنا معه، فلمّا أصبح سأل عنهم، فقيل: تعجّلوا إلى المدينة، فقال: تعجّلوا إلى المدينة والنساء، أما إنّهم سيَدَعُونها أحسنَ ما كانت ثم قال: ليت شعري، متى تخرجُ نارٌ من اليمن من جبل الوِراق، تُضيءُ منها أعناقُ الإبل بُروكًا ببُصرى كضَوء النَّهار (1).

    (1240) الحديث الثالث: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا الحكم بن نافع أبو اليمان قال: حدّثنا إسماعيل بن عيّاش عن عبد اللَّه بن أبي حُسين عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غَنْم عن أبي ذرّ قال:

    كنتُ أخدِمُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم آتي المسجدَ إذا أنا فَرَغْتُ من عملي فأضطجعُ فيه، فأتاني النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم - يومًا وأنا مضطجع، فغمزَني برجله فاستويْتُ جالسًا، فقال لي: يا أبا ذَرٍّ، كيف تصنع إذا أُخْرِجْتَ منها؟ فقلت: أرجع إلى مسجد النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم - وإلى بيتي. قال: (1) المسند 5/ 144. وصحّح إسناده الحاكم من طريق الأعمش 4/ 442، ووافقه الذهبي. وصحّحه ابن حبّان 15/ 255 (6841) من طريق وهب. وقال الهيثمي - المجمع 8/ 15: رجاله رجال الصحيح غير حبيب، وهو ثقة. وقريب منه ما ذكره محقّق ابن حبّان. وقد ذكر ابن حجر حبيبًا في التعجيل 84، وأن ابن حبّان جعله في ثقات التابعين، وأن في اسم أبيه خلافًا.

    فكيف تصنعُ إذا أُخْرِجْتَ منها؟ فقلت: إذن آخذ سيفي فأضربَ به من يُخْرِجني. فجعل النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم - يدَه على منكبي فقال: غفرانًا أبا ذرٍّ -ثلاثًا - بل تنقادُ معهم حيث قادوك، وتنساقُ معهم حيث ساقوك، ولو عبدٌ أسود.

    قال أبو ذرٍّ: فلمّا نُفِيتُ إلى الرِّبَذة أقمتُ الصلاة، فتقدّمَ رجلٌ أسودُ كان فيها على نَعَم الصَّدَقة، فلمّا رآني أخذ ليرجعَ وليُقَدِّمَني. فقلتُ: كما أنت، بل أنقادُ، لأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - (1).

    * طريق آخر:

    حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا كَهْمَس بن الحسن قال: حدّثنا أبو السّليل عن أبي ذرّ قال:

    جعل رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - يتلو عليَّ هذه الآية: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا.. .} حتى فرغَ من الآية [الطلاق: 2] ثم قال: يا أبا ذرٍّ، لو أن النّاسَ كلِّهم أخذوا بها كَفَتْهم قال: فجعلَ يَتلوها ويردِّدُها عليّ حتى نَعَسْتُ. ثم قال: يا أبا ذرّ، كيف تَصْنَعُ إذا أُخْرِجْتَ من المدينة؟ قلت: إلى السَّعَة والدَّعَة، أنطلق فأكون حمامةً من حمام مكّة. قال: كيف تصنعُ إذا أُخْرِجْتَ من مكّة؟ قال: قلت: إلى السَّعة والدَّعة، إلى الشام والأرض المقدَّسة. قال: وكيف تصنعُ إذا أُخْرِجْتَ من الشّام؟ قلتُ: إذن -والذي بعثك بالحقّ - أضعُ سيفي على عاتقي. قال: أوَ خيرٌ من ذلك؟ قلت: أو خير من ذلك؟ قال: تسمعُ وتطيعُ وإن كان عبدًا حبشيًّا (2).

    * طريق لبعضه:

    حدّثنا أحمد قالَ: حدّثنا يحيى بن آدم قال: حدّثنا زهير عن مطرِّف الحارثي عن أبي (1) المسند 5/ 144، وفيه شهر بن حوشب، كثير الإرسال والأوهام. التقريب 1/ 247. وإسماعيل بن عيّاش الحمصي، ثقة في روايته عن الشاميين، مُخَلِّط في غيرهم. وعبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي حسين، مكّي. ينظر التقريب 1/ 53. وللحديث طريق أخرى ضعيفة في المسند 5/ 156، وابن حبّان 15/ 53 (6668).

    (2) المسند 5/ 178. وأخرج ابن ماجة من طريق كهمس: إنّي لأعرف آية لو أخذ النّاس كلّهم بها لكَفَتْهم وذكر الآية. قال في الزوائد: رجاله ثقات، غير أنّه منقطع، وأبو السّليل (ضريب بن نُقير) لم يدرك أبا ذرّ. وصحّح هذا الجزء الحاكم على شرطهما. من طريق كهمس، ووافقه الذهبي 2/ 492. لم ينبّها إلى الانقطاع. وصحّحه بتمامه ابن حبّان 15/ 53 (6669). وقال الهيثمي 5/ 226: رجاله رجال الصحيح، إلّا أن أبا السليل لم يدرك أبا ذرّ. وبهذا أعلّه محقّق ابن حبّان، وضعّفه الألباني.

    الجَهم عن خالد بن وُهبان (1) عن أبي ذرٍّ قال:

    قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كيف أنت وأئمّةً من بعدي يستأثرون بهذا الفيء؟ قلت: إذنْ -والذي بعثَك بالحقِّ - أضعُ سيفي على عاتقي ثم أضربُ به حتى ألقاك أو ألحقَ بك. قال: أفلا أدُلُّك على خيرٍ من ذلك؟ تصبِرُ حتى تلقاني (2).

    (1241) الحديث الرابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو اليمان قال: حدّثنا إسماعيل ابن عيّاش عن مُعان بن رِفاعة عن أبي خلف عن أنس بن مالك عن أبي ذرٍّ:

    عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم - قال: الإسلامُ ذَلولٌ لا يُرْكَبُ إلّا ذَلولًا (3).

    (1242) الحديث الخامس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو اليمان قال: حدّثنا ابن عيّاش عن البَخْتريّ بن عُبيد بن سلمان عن أبيه عن أبي ذرٍّ:

    عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم - أنّه قال: اثنان خيرٌ من واحد، وثلاثةٌ خيرٌ من اثنين، وأربعةٌ خيرٌ من ثلاثة. فعليكم بالجماعة، فإنّ اللَّه عزّ وجلّ لن يجمعَ أُمّتي إلّا على هدى (4).

    (1243) الحديث السادس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا عبد اللَّه قال: حدّثنا ابن لَهيعة حدّثنا يزيد بن أبي حبيب أن أبا سالم الجَيشانيّ أتى إلى أبي أُميّة في منزله فقال: إنّي سمعْتُ أبا ذرٍّ يقول:

    إنّه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: إذا أحبَّ أحدُكم صاحبَه فليأتِه في منزله فلْيُخْبِرْه أنّه يُحبُّه للَّه وقد جئتُك في منزلك (5). (1) يقال بضمّ الواو وفتحها. كذا في المسند. وينظر تهذيب الكمال 2/ 371.

    (2) المسند 5/ 179. ومن طريق زهير في سنن أبي داود 4/ 241 (4759)، وضعّفه الألباني. والسنّة لابن أبي عاصم 2/ 742 (1138) وضعّف المحقّق إسناده لجهالة خالد. وحكم ابن حجر على خالد بأنه مجهول. التقريب 1/ 153.

    (3) المسند 5/ 145. وإسناده ضعيف. قال الهيثمي في المجمع 1/ 67: في إسناده أبو خلف الأعمى، منكر الحديث، وأبو خلف رماه ابن معين بالكذب. التقريب 2/ 712. كما أن فيه مُعانًا، وهو ليِّن الحديث، كثير الإرسال. التقريب 2/ 591.

    (4) المسند 5/ 145. قال الهيثمي 1/ 182: رواه أحمد، وفيه البختريّ، وهو ضعيف. والبختريّ ضعيف متروك، وأبوه عبيد مجهول. التقريب 1/ 66, 383.

    (5) المسند 5/ 145. وفي إسناده عبد اللَّه بن لهيعة. قال الهيثمي 10/ 284: رواه أحمد، وإسناده حسن. ومال الشيخ ناصر إلى تصحيحه؛ لأنه من رواية ابن المبارك عن ابن لهيعة - الصحيحة 1/ 777 (417)، 2/ 432 (797). وينظر إتحاف الخيرة 10/ 509 (10261).

    (1244) الحديث السابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن بُرْد أبي العلاء عن عُبادة بن نُسَيّ عن غُضَيف بن الحارث:

    أنّه مرّ بعمر بن الخطّاب، فقال: نعم الفتى غُضَيفٌ: فلَقِيه أبو ذَرٍّ فقال: أي أخي، استغفرْ لي. فقال: أنت صاحبُ رسولِ اللَّه وأنت أحقُّ أن تستغفر لي. فقال: إنّي سمعتُ عمر بن الخطّاب يقول: نعِم الفتى غُضَيفٌ، وقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنّ اللَّه عزّ وجلّ ضربَ بالحقِّ على لسان عمر وقلبه (1).

    (1245) الحديث الثامن: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا موسى بن داود قال: أخبرنا ابن لَهيعة عن ابن هُبيرة عن أبي تميم الجيشاني قال: سمعْتُ أبا ذرٍّ يقول:

    كنتُ مُخاصِرَ النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم - يومًا إلى منزله، فسمعْتُه يقول: غيرُ الدَّجّال أخوفُ على أُمّتي من الدَّجّال. فلمّا خشِيتُ أن يدخلَ قلتُ: يا رسول اللَّه، أيّ شيء أخوفُ على أُمّتك من الدّجّال؟ قال: الأئمةَ المُضلِّين" (2).

    (1246) الحديث التاسع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن سفيان قال: حدّثنا سليمان عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ذرّ قال:

    قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ألا أدُلُّك على كنزٍ من كُنوز الجنّة؟ لا حولَ ولا قوَّةَ إلّا باللَّه (3).

    (1247) الحديث العاشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا أبو عَوانة عن سُليمان الأعمش عن مُجاهد عن عُبيد بن عُمير الليثي عن أبي ذرّ قال:

    قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُعْطِيتُ خمسًا لم يُعْطَهُنّ أحدٌ من قبلي: بُعِثْتُ إلى الأحمر والأسود. وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا. وأُحِلَّتْ لي الغنائمُ ولم تَحِلَّ لأحدٍ كان (1) المسند 5/ 145، وفضائل الصحابة 1/ 252 (317)، وصحّح المحقّق إسناده. وقد روى ابن أبي عاصم في السنة 2/ 837 - 839 (1282 - 1285) أحاديث صحيحة فيها المرفوع من الحديث.

    (2) المسند 5/ 145. قال الهيثمي في المجمع 5/ 241: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف. وقال الألباني - الصحيحة 4/ 110 (1582): رجاله ثقات، إلّا أن ابن لهيعة سيء الحفظ، وذكر للحديث شواهد.

    (3) المسند 5/ 151. وإسناد صحيح. ورجاله ثقات رجال الشيخين. ورواه ابن ماجة 2/ 1256 (3825) من طريق وكيع عن سليمان الأعمش. وقال البوصيري: إسناد حديث أبي ذرّ صحيح، رجاله ثقات. وصحّحه الألباني. وينظر صحيح ابن حبّان 3/ 101 (820)، والمجمع 10/ 100 - 102.

    قبلي، ونُصِرْتُ بالرُّعب، فَيَرْعَبُ العدوُّ وهو منّي مسيرةَ شهر. وقيل لي: سَلْ تُعْطَه، فاختبأتُ دَعوتي شفاعةً لأمّتي، فهي نائلة منكم -إن شاء اللَّه - من لَقِي اللَّه عزّ وجلّ لا يُشرِكُ به شيئًا" (1).

    حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعقوب قال: حدّثنا أبي عن ابن إسحق عن الأعمش.. فذكره. وقال (2): كان مجاهد يرى أن الأحمرَ الإنس، والأسود الجنّ.

    قلت: والذي عليه المفَسِّرون أن الأحمرَ العجمُ، والأسودَ العربُ، والغالب على ألوان العرب السُّمْرَة، وعلى ألوان العجم البياض. وقال أبو عمرو: المراد بالأحمر الأبيض، ومنه قوله لعائشة: يا حُميراء (3).

    (1248) الحديث الحادي عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن عُبيد قال: حدّثنا الأعمش عن إبراهيم التّيمي عن أبيه عن أبي ذرٍّ قال:

    كنتُ مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - في المسجد حين وَجَبَتِ الشمس، فقال: يا أبا ذرٍّ، تدري أين تذهب الشمسُ؟ قلتُ: اللَّه ورسوله أعلم. قال: فإنّها تذهبُ حتى تسجدَ بين يدَي ربِّها عزّ وجلّ، فتستأذنَ في الرُّجوع فيُؤذَنَ لها، وكأنّها قد قيل لها: ارْجعي من حيثُ شئتِ، فترجع إلى مطلعها، فذلكَ مستقرّها ثم قرأ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38].

    أخرجاه (4). (1) المسند 5/ 148. وصحّحه ابن حبّان 14/ 375 (6462) من طريق أبي عوانة. والحاكم والذهبي على شرط الشيخين، من طريق الأعمش 2/ 424. وقال في المجمع 8/ 262: رجاله رجال الصحيح. وهو كما قال. وأخرج أبو داود 1/ 132 (489) من طريق الأعمش: جُعِلَتْ لي الأرض طهورًا ومسجدًا وصحّحه الألباني. وقد روى البوصيري في الإتحاف 9/ 62 - 64 أحاديث، وقال: أصله في الصحيحين وغيرهما.

    (2) أي الأعمش - المسند 5/ 145. فيه ابن إسحق، لكنه متابع.

    (3) ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجة 1/ 826 (2474). وقال عنه البوصيري: هذا إسناد ضعيف، لضعف علي بن زيد بن جدعان. وقال بعضهم: كلُّ حديث ورد فيه الحميراء ضعيف، واستثنى من ذلك ما أخرجه الحاكم من طريق عبد الجبار بن الورد.. .. قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ومسلم. وينظر المستدرك 3/ 119.

    (4) المسند 5/ 152. وهو في البخاري من طرق عن الأعمش - ينظر أطرافه 6/ 297 (3199). وفي مسلم 1/ 138، 139 (159) عن يونس والأعمش عن إبراهيم بن يزيد التيمي. ومحمد بن عبيد من رجال الشيخين.

    (1249) الحديث الثاني عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو كامل قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن رجل من بني تميم عن أبي ذرّ قال:

    سمعْتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: صومُ شهر الصّبر وثلاثة أيّام من كلِّ شهر صوم الدَّهر، ويُذْهِبُ مَغَلَّةَ الصَّدر قال: وقلت: وما مَغَلَّةُ الصدر؟ قال: رجس الشيطان (1).

    (1250) الحديث الثالث عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود بن عامر قال: حدّثنا إسرائيل عن عاصم بن سليمان عن أبي عثمان عن أبي ذَرّ:

    عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم - قال: من صام ثلاثة أيّام من كلّ شهرٍ فقد صام الدّهرَ كلَّه (2).

    (1251) الحديث الرابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سليمان بن داود الهاشمي قال: حدّثنا إسماعيل بن جعفر قال: أخبرني محمد بن أبي حَرملة عن عطاء بن يَسار عن أبي ذَرّ قال:

    أوصاني حِبّي بثلاثٍ لا أدَعُهنّ إن شاء اللَّه: بصلاة الضُّحى، وبالوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كلّ شهر" (3).

    (1252) الحديث الخامس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن عُبيد قال: حدّثنا الأعمش عن يحيى بن سامٍ عن موسى بن طَلْحَة عن أبي ذرّ قال:

    قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: مَنْ كان منكم صائمًا من الشّهر ثلاثة أيام فليصمِ الثلاث البيض (4). (1) المسند 5/ 154. ورجاله ثقات، إلّا أن الرجل التميمي مجهول، فهذا يضعّف إسناده. وقد صحّت أحاديث في هذا المعنى. ينظر في هذا الباب مجمع الزوائد 3/ 981 - 200، وإتحاف الخيرة 3/ 410 - 412. وينظر الأحاديث التالية.

    (2) المسند 5/ 145. وهو في سنن الترمذي من طريق عاصم 3/ 135 (762)، وقال: حسن صحيح، وذكر أن أبا عثمان يرويه عن أبي هريرة عن النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وهو من طريق عاصم أيضًا في سنن ابن ماجة 1/ 545 (1708)، والنسائي 4/ 219، وصحّحه الألباني فيها. ورواه النسائي أيضًا من طريق عاصم عن أبي عثمان عن رجلٍ عن أبي ذرّ. وضعّف الألباني هذه الرواية.

    (3) المسند 5/ 173. ورجاله رجال الصحيح، عدا سليمان، أخرج له أصحاب السنن، وهو ثقة. والحديث من طريق إسماعيل في النسائي 4/ 217، وصحيح ابن خزيمة 4/ 142، 227 (1083، 1221)، وصحّحه الألباني.

    (4) المسند 5/ 152. ورجاله رجال الصحيح، عدا يحيى بن سام، مقبول. التقريب 2/ 659.

    * طريق آخر:

    حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة عن سليمان عن يحيى ابن سام عن موسى بن طلحة عن أبي ذرٍّ أنّه قال:

    قال رسول للَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إذا صُمْتَ من الشّهر ثلاثًا، فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة (1).

    (1253) الحديث السادس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حُسين قال: حدّثنا يزيد [ابن عطاء عن يزيد] بن أبي زياد عن مجاهد عن رجل عن أبي ذرّ قال:

    خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - فقال: أتدرون أيُّ الأعمال أحبّ إلى اللَّه عزّ وجلّ؟ قال قائل: الصلاة والزّكاة، وقال قائل: الجهاد. قال: أحبُّ الأعمال إلى اللَّه عزّ وجلّ الحبّ في اللَّه والبُغضُ في اللَّه (2).

    (1254) الحديث السابع عشر: حدّثنا أحمد قال: قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا أيوب عن أبي قِلابة عن رجلٍ من بني عامر قال:

    كنتُ كافرًا فهداني اللَّه عزّ وجلّ للإسلام، وكنت أعزُبُ عن الماء ومعي أهلي، فتُصيبُني الجَنابةُ، فوقع ذلك في نفسي، وقد نُعِتَ لي أبو ذرٍّ، فحَجَجْتُ فدخلتُ مسجد مِنَى فعَرَفْتُه بالنَّعت، فإذا شيخ معروق آدم، عليه حِلّةُ قِطْرِي (3)، فذهبتُ حتى قُمتُ إلى جانبه وهو يُصلّي، فسلّمْتُ عليه فلم يردّ عليّ، ثم صلّى صلاة أتمّها وأحسَنَها وأطْوَلَها، فلمّا فرغ ردّ عليّ، قلت: أنت أبو ذرّ؟ قال: إنّ أهلي ليزعُمون ذلك. قلتُ: كنتُ كافرًا فهداني اللَّهُ عزّ وجلّ للإسلام، وأهَمَّني ديني، وكنتُ أعزُبُ عن الماء ومعي أهلي (1) المسند 5/ 162. وإسناده كسابقه. ومن طريق شعبة أخرجه الترمذي 3/ 134 (761)، والنسائي 4/ 222، وصحّحه ابن خزيمة 2/ 303 (2128). وقال الترمذي: حسن. وذكر أحاديث الباب. وقال الألباني: حسن صحيح. وصحّحه ابن حبّان 8/ 414 (3655) من طريق يحيى، وحسّن المحقّق إسناده، وحسّنه البغوي في شرح السنة 6/ 355 (1800).

    (2) المسند 5/ 146. وفي سنن أبي داود عن خالد بن عبد اللَّه عن يزيد بن أبي زياد 4/ 198 (4599) أفضل الأعمال الحبّ في اللَّه والبغض في اللَّه وضعّف الألباني الحديث: لضعف يزيد بن عطاء، ويزيد بن أبي زياد، وجهالة أحد رجاله - الضعيفة 3/ 476 (1310)، 42/ 314 (1823).

    (3) معروق: قليل اللحم والأدم. القطريّ: نوع من البرود، فيه حمرة.

    فتُصيبني الجَنابة، فوقعَ ذلك في نفسي. فقال: هل تعرف أبا ذرٍّ؟ قلتُ: نعم. قال: فإنّي اجتويتُ المدينة (1) فأمر لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - بذَودٍ من إبل وغنم، فكنت أكون فيها، فكنت أعزُب عن الماء ومعي أهلي، فتُصيبني الجنابة، فوقع في نفسي أنّي قد هلكْتُ، فقعدْتُ على بعيرٍ منها، فانتهيتُ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - نصف النّهار وهو جالسٌ في ظلِّ المسجد في نفرٍ من أصحابه، فنزلتُ عن البعير ثم قلتُ: يا رسول اللَّه، هلكْتُ. قال: وما أهلَكَك فحدَّثْتُه، فضحك، فدعا إنسانًا من أهله، فجاءت جارية سوداء بعُسٍّ (2) من ماءٍ ما هو بملآنَ، إنّه لَيَتَخَضْخَضُ، فاستترتُ بالبعير، فأمرَ رسولُ اللَّه رجلًا من القوم فسَتَرني، فاغتسلْتُ ثم أتَيْتُه فقال: إنّ الصعيدَ الطيِّبَ طهور ما لم تَجِدَ الماء، ولو إلى عشر حِجَج، فإذا وجدْتَ الماءَ فأمْسِسْ بَشَرَتك (3).

    (1255) الحديث الثامن عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم قال: حدّثنا المبارك بن فُضالة عن أبي نَعامة قال: حدّثني عبد اللَّه بن الصّامت عن أبي ذرّ:

    أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - قال: يا أبا ذرّ، إنها ستكون عليكم أئمّة يؤخِّرون الصلاة، فإذا أدركْتُموهم فصلُّوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتَكم معهم نافلة.

    انفرد بإخراجه مسلم (4).

    (1256) الحديث التاسع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: أخبرنا معمر عن سعيد الجُريري عن عبد اللَّه بن بُريدة الأسلميّ عن أبي الأسود عن أبي ذرّ قال: (1) اجتوى المكان: لم يوافقه.

    (2) العُسّ: القدح.

    (3) المسند 5/ 146. وفيه العامريّ الذي لم يُسَمّ. ولكنه سُمّي في كثير من المصادر: عمرو بن بُجدان. وهو في سنن الترمذي 1/ 211 (124) من طريق خالد الحذّاء، وسُمّي الرجل، واقتصر على المسند منه فقط. قال الترمذي: حسن صحيح. وذكر أنّه روي عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر لم يُسَمّ. وهو بطوله في أبي داود 1/ 90 (332) وسُمّي العامريّ، وفي 1/ 91 (333) من طريق أيّوب ولم يُسَمّ. واقتصر النسائي 1/ 171 على المسند منه، وسمّي المجهول. وصحّحه الحاكم والذهبي 1/ 176 من طريق خالد الحذّاء عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان. وصحّحه ابن حبّان من طريقي خالد الحذّاء وأيوب عن أبي قلابة عن عمرو 4/ 135 - 140 (1311 - 1313)، والرواية الأخيرة مقصورة على المسند منه. وصحّحه المحقّق، وأطال في تخريجه. وصحّحه الشيخ ناصر.

    (4) المسند 5/ 159، ومسلم 1/ 448، 449 (648) عن أبي نعامة وغيره عن ابن الصامت. وهاشم أبو النضر من رجال الشيخين. والمبارك، من رجال السنن عدا النسائي، لا بأس به، وهو متابع.

    قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنّ أحسن ما غَيَّرْتُم به هذا الشيبَ الحِنّاءُ والكَتَم (1).

    (1257) الحديث العشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفَّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن علي بن زيد عن مُطَرِّف قال:

    قعدتَ إلى نفرٍ من قريش، فجاء رجل فجعلَ يُصلّي، يركعُ ويسجد، ثم يقوم، ثم يركع ويسجدُ لا يقعدُ. فقلتُ: واللَّه ما أرى هذا يدري: ينصرفُ على شَفْع أو على وِتْر. فقالوا: ألا تقومُ إليه فتقولَ له؟ فقمتُ فقلتُ: يا عبد اللَّه، ما أراك تدري: تنصرف على شفع أو على وتر. فقال: ولكنّ اللَّه يدري، سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: من سَجَدَ للَّه سجدةً كتبَ اللَّهُ له بها حسنة، وحطّ عنه بها خطيئةً، ورفع له بها درجة فقلت: من أنت؟ فقال: أبو ذرّ. فرجعتُ إلى أصحابي فقلتُ: جزاكم اللَّهُ من جُلساءَ شرًّا، أمرْتُموني أن أُعَلِّمَ رجلًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - (2).

    (1258) الحديث الحادي والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدّثنا الحارث بن حَصيرة قال: حدّثنا زيد بن وهب قال:

    قال أبو ذرّ: لأن أحلفَ عشر مرّات أن ابن صائدٍ هو الدَّجّال أحبُّ إليَّ من أن أحلفَ مرّة واحدة أنّه ليس به.

    قال: وقال: إنّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - بعثَني إلى أُمّه فقال: سَلْها: كم حَمَلَتْ به؟ قال فأتيتُها فسألتُها: كَم حَمَلْتِ به؟ قالت: اثني عشر شهرًا. قال: ثم أرسلَني إليها فقال: سَلْها عن صَيحته حين وقع. فرجعتُ إليها فسألْتُها، فقالت: صاحَ صَيحة الصبيِّ ابنِ شهر. ثم قال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنّي قد خَبَأْتُ لك خبيئًا قال: خبأتَ لي خَطْمَ شاةٍ (1) المسند 5/ 150. وبالإسناد نفسه في سنن أبي داود 4/ 85 (4205)، والمعجم الكبير 2/ 153 (1638)، وصحيح ابن حبّان 12/ 287 (5474). وصحّحه المحقّق، وذكر أن معمرًا سمع عن الجُريري قبل الاختلاط. وله طرق عن عبد اللَّه بن بريدة في النسائي 8/ 139، وابن ماجة 69/ 112 (3622)، والترمذي 9/ 300، 301 (3681، 3682).

    والكَتَم: نبات أحمر، يصبغ به.

    (2) المسند 5/ 148. وذكر الهيثمي في المجمع بعض الروايات وقال: وبعضها رجاله رجال الصحيح 2/ 251. وفي تلخيص الحبير 2/ 516 قال ابن حجر: وعلي بن زيد ضعيف. قال: ولكن رواه أحمد والبيهقي من طريق الأحنف بن قيس نحوه. وهذه الطريق في المسند 5/ 164 بإسناد صحيح. وفي الترغيب 1/ 326 (2557): وهو بمجموع طرقه حسن أو صحيح.

    عفراءَ والدُّخان. قال: فأراد أن يقول: والدُّخان، فلم يستطع، فقال الدّخّ الدّخّ. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أخْسَأ، فلن تَعْدُوَ قَدْرَك (1).

    وخطم الشاة: خطامها. والعفراء: البيضاء.

    والمعنى: أضمرتَ في نفسك ذلك.

    (1259) الحديث الثاني والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا شُعبة قال: أخبرني حُميد بن هلال سمع عبد اللَّه بن الصّامت عن أبي ذرّ قال:

    قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: يقطع صلاةَ الرجل إذا لم يكن بين يدَيه كآخرة الرَّحل: المرأةُ، والحمارُ، والكلبُ الأسود. قلت: ما بالُ الأسود من الأحمر؟ قال: ابن أخي، سألتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - كما سألْتَني، فقال: الكلبُ الأسودُ شيطان".

    انفرد بإخراجه مسلم (2).

    (1260) الحديث الثالث والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مرحوم، قال: حدّثني أبو عمران الجَوني عن عبد اللَّه بن الصّامت عن أبي ذرّ قال:

    ركب رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - حِمارًا وأردَفَني خلفَه، وقال: يا أبا ذرّ، إنْ (3) أصابَ النّاسَ جوعٌ شديد لا تستطيع أن تقومَ من فراشك إلى مسجدك، كيف تصنع؟ قلتُ: اللَّهُ ورسوله أعلم. فقال: "تَعَفَّفْ.

    يا أبا ذرّ، أرأيتَ إنْ أصابَ النّاسَ موتٌ شديد، يكون البيت فيه بالعبد -يعني القبر - كيف تصنعُ؟ قلتُ: اللَّه ورسولُه أعلم. قال: اصبر.

    يا أبا ذرّ. أرأيْتَ إن قتلَ النّاسُ بعضُهم بعضًا حتى تغرقَ حجارةُ الزّيت (4) من الدّماء، (1) المسند 5/ 148. وشرح مشكل الآثار 7/ 288، 289 (2859، 2860). قال الهيثمي 8/ 5: رجاله رجال الصحيح، غير الحارث بن حصيرة، وهو ثقة.

    والحارث صدوق يخطىء، رمي بالرفض. التقريب 1/ 97. قال العقيلي - الضعفاء 1/ 271 في ترجمة الحارث: ولا يتابع الحارث على هذا، وله غير حديث منكر. ثم أشار إلى أن أصل حديث الدجّال في الصحيحين.

    (2) المسند 5/ 149، ومسلم 1/ 365 من طرق عن شعبة وغيره عن حُميد بن هلال.

    (3) في المسند أرأيت إن.. . .

    (4) فسّرها ابن حبّان: موضع بالمدينة.

    كيف تصنع؟ قلتُ: اللَّهُ ورسولُه أعلم. قال: اقْعُدْ في بيتك، وأَغْلِق عليك بابَك قلتُ: فإن لم أُتْرَكْ. قال: فأْتِ من أنت منهم فكن فيهم قلت. فآخذ سلاحي؟ قال: إذن تشاركَهم فيما هم فيه. ولكن إن خشيتَ أن يروعَك شعاعُ السيف، فأَلْقِ طرفَ ردائك على وجهك كي يبوءَ بإثمه وإثمك" (1).

    (1261) الحديث الرابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد العزيز بن عبد الصمد قال: حدّثنا أبو عمران الجَوني عن عبد اللَّه بن الصّامت عن أبي ذرّ:

    أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - قال: يا أبا ذرٍّ، إذا طبخْتَ فأكثِرِ المَرَق، وتعاهدْ جيرانَك. أو اقْسِم بين جيرانك.

    انفرد بإخراجه مسلم (2).

    (1262) الحديث الخامس والعشرون: وبالإسناد عن أبي ذرّ قال:

    قلتُ: يا رسولَ اللَّه، ما آنيةُ الحوض؟ قال: والذي نفسي بيده، لآنيتُه أكثرُ من عدد نجوم السماء وكواكبها في الليلة المُظلمة المُصْحِية. آنيةُ الجنّة من شرب منها لا يظمأ آخرَ ما عليه، يَشخُبُ (3) فيه مِيزابان من الجنّة، من شَرِبَ منه لم يظمأْ، عَرضُه مثلُ طوله، ما بين عمَان إلى أيلةَ. ماؤه أشدُّ بياضًا من اللبن، وأحلى من العَسل.

    انفرد بإخراجه مسلم (4).

    (1263) الحديث السادس والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن فُضيل قال: حدّثني فُلَيت العامريّ عن جَسرة العامريّة عن أبي ذرٍّ قال:

    صلّى رسول اللَّه ليلةً فقرأ آية حتى أصبح، يركع بها، ويسجد بها: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] فلمّا أصبح قلتُ: يا رسول اللَّه، ما زِلْتَ تقرأُ هذه الآية حتى أصبَحْتَ، تركعُ بها، وتسجدُ بها. قال: "إنّي سألتُ ربّي (1) المسند 5/ 149. ورجاله رجال الصحيح. وقد صحّحه ابن حبان 15/ 79 (6685)، ووافقه المحقّق. وينظر المستدرك 2/ 156، 4/ 423.

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1