Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

أسنى المطالب في شرح روض الطالب
أسنى المطالب في شرح روض الطالب
أسنى المطالب في شرح روض الطالب
Ebook1,266 pages5 hours

أسنى المطالب في شرح روض الطالب

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

أسنى المطالب شرح روض الطالب للإمام الفقيه زكريا الأنصاري الشافعي هو كتاب موسوعي في الفقه على المذهب الشافعي، وهو شرح لكتاب «روض الطالب» لابن المقرئ (ت 837هـ) الذي هو مختصر عن كتاب «روضة الطالبين» للإمام النووي ولكتاب أسنى المطالب أهمية كبيرة عند الشافعية، حتى قال بعضهم: ليس شافعياً من لم يقرأ أسنى المطالب.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJul 14, 1902
ISBN9786714284622
أسنى المطالب في شرح روض الطالب

Read more from زكريا الأنصاري

Related to أسنى المطالب في شرح روض الطالب

Related ebooks

Related categories

Reviews for أسنى المطالب في شرح روض الطالب

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    أسنى المطالب في شرح روض الطالب - زكريا الأنصاري

    الغلاف

    أسنى المطالب في شرح روض الطالب

    الجزء 11

    زكريا الأنصاري

    926

    أسنى المطالب شرح روض الطالب للإمام الفقيه زكريا الأنصاري الشافعي هو كتاب موسوعي في الفقه على المذهب الشافعي، وهو شرح لكتاب «روض الطالب» لابن المقرئ (ت 837هـ) الذي هو مختصر عن كتاب «روضة الطالبين» للإمام النووي ولكتاب أسنى المطالب أهمية كبيرة عند الشافعية، حتى قال بعضهم: ليس شافعياً من لم يقرأ أسنى المطالب.

    حاشية الرملي الكبير

    قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ قَسْمُ الْعَاصِبَ إلَى عَاصِبٍ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مَا مَرَّ آنِفًا وَعَاصِبٍ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كُلٌّ.. . إلَخْ) وَالْعَاصِبُ مَعَ غَيْرِهِ كُلُّ أُنْثَى تَصِيرُ عَصَبَةً بِاجْتِمَاعِهَا مَعَ أُخْرَى وَاعْتَرَضَ عَلَى التَّعَارِيفِ الثَّلَاثَةِ بِإِدْخَالِ كُلٍّ فِيهَا فَإِنَّ التَّعَارِيفَ مَوْضُوعَةٌ لِبَيَانِ الْمَاهِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِإِفْرَادِهَا وَالتَّعَرُّضُ لِلْكُلِّيَّةِ مُنَافٍ لِذَلِكَ وَيُعْتَرَضُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ بِأَنَّ فِيهِمَا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُعَرَّفِ وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُمْ قَصَدُوا جَعْلَهُ ضَابِطًا مُحِيطًا بِالْإِفْرَادِ فَأَدْخَلُوا كُلًّا الْمُفِيدَةَ لِلْإِحَاطَةِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ هَذَيْنِ تَعْرِيفَانِ لِمَنْ يَعْرِفُ التَّعْصِيبَ دُونَ الْعَاصِبِ بِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ.

    فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَيَجُوزُ جَعْلُهَا لِلْإِلْصَاقِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ غَيْرُهُ حَيْثُ قَالَ: الْبَاءُ فِي بِغَيْرِهِ لِلْإِلْصَاقِ وَهُوَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا عِنْدَ الْمُشَارِكِ فِي الْحُكْمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَصَبَةً بِخِلَافِ مَعَ فَإِنَّهَا لِلْقِرَانِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ الْمُشَارَكَةِ فِيهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا} [الفرقان: 35] أَيْ جَعَلْنَاهُ وَزِيرَهُ حِينَ كَانَ مُقَارِنًا لَهُ فِي النُّبُوَّةِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَصَبَةً كَمَا لَمْ يَكُنْ مُوسَى وَزِيرًا م

    فَصْل مِيرَاث ذَوَى الْأَرْحَامِ

    (قَوْلُهُ: نَعَمْ وَلَوْ لَمْ يَسْتَجْمِعْ شَرَائِطَ الْإِمَامَةِ.. . إلَخْ) اسْتَشْكَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى الْإِمَامِ الْجَائِرِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنَّ لِلْمُزَكِّي غَرَضًا صَحِيحًا فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ. الثَّانِي أَنَّ فِي التَّفْرِقَةِ كُلْفَةٌ وَمُؤْنَةٌ عَلَى الْمَالِكِ وَصَرْفُ زَمَانٍ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِخِلَافِ الْإِرْثِ.

    (عَلَى أَهْلِ الْفَرْضِ) إرْثًا لِأَنَّ الْمَالَ مَصْرُوفٌ لَهُمْ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ، وَالتَّوَقُّفُ عُرْضَةٌ لِلْفَوَاتِ (غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ) فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا إذْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ وُجِدَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ دَخَلَا فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ (فَإِنْ فُقِدُوا) أَيْ مَنْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ (صُرِفَ) الْمَالُ أَوْ بَاقِيهِ (لِذَوِي الْأَرْحَامِ) وَلَوْ أَغْنِيَاءً إرْثًا، قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّمَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْفَرْضِ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الْمُفِيدَةَ لِاسْتِحْقَاقِ الْفَرْضِ أَقْوَى.

    (فَائِدَةً) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إذَا جَارَتْ الْمُلُوكُ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ وَظَفَرَ بِهِ أَحَدٌ يَعْرِفُ الْمَصَالِحَ أَخَذَهُ وَصَرَفَهُ فِيهَا كَمَا يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَهُوَ مَأْجُورٌ عَلَى ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ.

    (فَصْلٌ لِلزَّوْجِ: النِّصْفُ)

    إنْ لَمْ تَخْلُفْ زَوْجَتُهُ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ (فَإِنْ خَلَفَتْ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ (فَالرُّبُعُ) لَهُ كَمَا مَرَّ (وَلِزَوْجَةٍ فَأَكْثَرَ نِصْفُ مَا لِلزَّوْجِ) فَلَهَا الرُّبُعُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَإِلَّا فَلَهَا الثَّمَنُ لِمَا مَرَّ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: جُعِلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الرَّجُلِ بِحَقِّ الزَّوَاجِ كَمَا فِي النَّسَبِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْأَصْلَ ذَلِكَ فِي جَانِبِ النَّسَبِ فَلَا يَضُرُّ تَسَاوِي الْأَخِ وَالْأُخْتِ لِلْأُمِّ وَلَا الشَّقِيقِ، وَأُخْتِهِ فِي الْمُشْرِكَةِ.

    فَصْلٌ مِيرَاث الْأُمِّ

    (فَصْلٌ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ) إنْ لَمْ يُوجَدْ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ وَلَا اثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ (فَإِنْ وُجِدَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ أَوْ اثْنَانِ مِنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ فَالسُّدُسُ) لَهَا كَمَا مَرَّ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْإِخْوَةِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ فِيهِ عَدَدٌ مِمَّنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَوْ مِنْ الْإِنَاثِ عَلَى التَّغْلِيبِ الشَّائِعِ، وَعَلَى أَنَّ أَقُلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ كَمَا عَلَيْهِ جَمَعٌ أَوْ ثَلَاثَةٌ كَمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لَكِنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي الِاثْنَيْنِ مَجَازًا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُمَا كَالثَّلَاثَةِ هُنَا، وَلِأَنَّهُ حَجْبٌ يَتَعَلَّقُ بِعَدَدٍ فَكَانَ الِاثْنَانِ فِيهِ كَالثَّلَاثَةِ كَمَا فِي حَجْبِ الْبَنَاتِ لِبَنَاتِ الِابْنِ وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَام عَلَى ذَلِكَ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ وَخَرَجَ بِالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ بَنُوهُمْ فَلَا يَرُدُّونَهَا إلَى السُّدُسِ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا حَجَبَهَا وَلَدُ الِابْنِ كَأَبِيهِ، وَلَمْ يَحْجُبْهَا وَلَدُ الْأَخِ كَأَبِيهِ لِإِطْلَاقِ الْوَلَدِ عَلَى وَلَدِ الِابْنِ مَجَازًا شَائِعًا بَلْ قِيلَ حَقِيقَةً بِخِلَافِ إطْلَاقِ الْأَخِ عَلَى وَلَدِهِ؛ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ أَقْوَى حَجْبًا مِنْ الْإِخْوَةِ لِحَجْبِهِ مَنْ لَا يَحْجُبُونَهُ وَلِقُصُورِهِمْ عَنْ دَرَجَةِ آبَائِهِمْ قَوِيَ الْجَدُّ عَلَى حَجْبِهِمْ دُونَ آبَائِهِمْ، وَلَوْ اجْتَمَعَ مَعَ الْأُمِّ وَلَدٌ وَاثْنَانِ مِنْ الْإِخْوَةِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ إضَافَةُ الْحَجْبِ إلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُ أَقْوَى (وَلَهَا مَعَ أَبٍ وَزَوْجَةٍ أَوْ زَوْجٍ ثُلُثُ مَا يَبْقَى) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ قَبْلَ إظْهَارِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْخِلَافِ وَلِأَنَّ كُلِّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى لَوْ انْفَرَدَا اقْتَسَمَا الْمَالَ أَثْلَاثًا فَإِذَا اجْتَمَعَا مَعَ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ اقْتَسَمَا الْفَاضِلَ كَذَلِكَ كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ فَلِلزَّوْجَةِ فِي مَسْأَلَتِهَا الرُّبُعُ وَلِلزَّوْجِ فِي مَسْأَلَتِهِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي ثُلُثُهُ لِلْأُمِّ وَثُلُثَاهُ لِلْأَبِ فِيهِمَا، فَالْأُولَى مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَالثَّانِيَةُ: مِنْ سِتَّةٍ قَالُوا وَإِنَّمَا عَبَّرُوا عَنْ حِصَّتِهَا فِيهَا بِثُلُثِ الْبَاقِي مَعَ أَنَّهَا فِي الْأُولَى الرُّبُعُ وَفِي الثَّانِيَةِ السُّدُسُ تَأَدُّبًا مَعَ لَفْظِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ: وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وَتُسَمَّى الْمَسْأَلَتَانِ بِالْعُمْرِيَّتَيْنِ وَبِغَيْرِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي.

    (وَأَمَّا الْجَدَّةُ فَتَرِثُ إنْ كَانَتْ أُمَّ أُمٍّ أَوْ أُمَّ أَبٍ ثُمَّ أُمَّهَاتِهَا الْمُدَلَّيَاتِ بِالْإِنَاثِ) كَأُمِّ أُمِّ الْأُمِّ (وَكَذَا أُمَّهَاتُ آبَاءِ الْآبَاءِ) كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ (وَأُمَّهَاتِهِنَّ) كَأُمِّ أُمِّ أَبِي الْأَبِ لِأَنَّهُنَّ جَدَّاتٌ مُدَلَّيَاتٍ بِالْوَارِثِينَ فَأَشْبَهْنَ أُمَّ أَبِي الْأَبِ فَضَابِطُ مَنْ يَرِثُ مِنْهُنَّ كُلّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِمَحْضِ الْإِنَاثِ أَوْ بِمَحْضِ الذُّكُورِ أَوْ بِمَحْضِ الْإِنَاثِ إلَى مَحْضِ الذُّكُورِ (لَا مَنْ تُدْلَى بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ) لِإِدْلَائِهَا بِمَنْ لَا يَرِثُ فَلَا تَرِثُ بِخُصُوصٍ الْقَرَابَةِ بَلْ هِيَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ (فَلِلْجَدَّةِ السُّدُسُ، وَكَذَا الْجَدَّاتُ يَشْتَرِكْنَ فِيهِ بِالسَّوِيَّةِ وَلَوْ أَدْلَتْ إحْدَاهُنَّ بِجِهَتَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ؛ وَلِأَنَّ الْجُدُودَةَ قَرَابَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ لِاخْتِلَافِ الْقَرَابَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي، وَذَلِكَ (كَمَنْ زَوَّجَتْ ابْنَ إحْدَى بِنْتَيْهَا بِنْتَ) بِنْتِهَا (الْأُخْرَى فَوُلِدَ لَهُمَا وَلَدٌ) فَهَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ، وَأُمُّ أُمِّ أُمِّهِ فَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ وَخَلَّفَ هَذِهِ وَجَدَّةً أُخْرَى هِيَ أُمُّ أَبِي أَبِيهِ لَمْ تُفَضَّلْ عَلَيْهَا، وَلَوْ نَكَحَ الْوَلَدُ فِي هَذَا الْمِثَالِ بِنْتَ بِنْتَ بِنْتِ أُخْرَى لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَوُلِدَ لَهُمَا وَلَدٌ فَهِيَ جَدَّتُهُ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ لِأَنَّهَا أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ، وَأُمُّ أُمِّ أَبِيهِ وَأُمُّ أُمِّ أَبِي أَبِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ الْجَدَّةُ عِنْدَ تَعَدُّدِ جِهَتِهَا الْمُتَّجِهِ أَنَّهُ بِأَقْوَى الْجِهَتَيْنِ لَا بِهِمَا وَلَا بِإِحْدَاهُمَا كَنَظِيرِهِ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ فِي الشَّخْصِ جِهَتَا فَرْضٍ بَلْ أَوْلَى وَذِكْرُ الْأَصْلِ فَرْعًا فِي تَنْزِيلِ الْجَدَّانِ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِظُهُورِهِ بِالتَّأَمُّلِ وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي نِهَايَةِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا.

    فَصْلٌ مِيرَاث الْأَب

    (فَصْلٌ وَلِلْأَبِ الْكُلُّ بِالتَّعْصِيبِ) إنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ (فَإِنْ وُجِدَ) مَعَهُ (ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ

    حاشية الرملي الكبير

    الثَّالِثُ مَا فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بِدَفْعِهَا إلَى الْإِمَامِ مِنْ دَفْعِ خَطَرِ الضَّمَانِ بِسَبَبِ التَّلَفِ بِالتَّأْخِيرِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ، الرَّابِعُ: أَنَّ لِلزَّكَاةِ مُسْتَحَقِّينَ مُعَيَّنِينَ بِالْأَوْصَافِ وَقَدْ يَنْحَصِرُونَ بِالْأَشْخَاصِ فَهُمْ يُطَالِبُونَ بِخِلَافِ جِهَةِ الْمَصَالِحِ فَإِنَّهُمْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَتَعَيَّنُ لِجِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَهِيَ أَقْرَبُ إلَى الضَّيَاعِ وَأَنْ لَا تَقَعَ مَوْقِعَهَا عِنْدَ عَدَمِ الِانْتِظَامِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

    فَصْلٌ مِيرَاث الزَّوْجِ

    (قَوْلُهُ: أَوْ اثْنَانِ مِنْ إخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ) قَدْ يَشْمَلُ مَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ مُلْتَذِقَيْنِ لَهُمَا رَأْسَانِ، وَأَرْبَعُ أَيْدٍ وَأَرْبَعُ أَرْجُلٍ وَفَرْجَانِ ثُمَّ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ أُمًّا وَهَذَيْنِ فَلَا يُصْرَفُ لِأُمِّهِمَا إلَّا السُّدُسُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا حُكْمُ الِاثْنَيْنِ فِي سَائِر الْأَحْكَامِ مِنْ قِصَاصٍ وَدِيَةٍ وَغَيْرِهِمَا، وَقَضِيَّةُ طَلَاقِهِ أَنَّ الْأَخَوَيْنِ يَحْجُبَانِهَا وَإِنْ لَمْ يَرِثَا، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِمَا مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ فَيَرُدُّهَا الْأَخُ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْ وَكَذَا الْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ يَرُدَّانِهَا إلَى السُّدُسِ مَعَ الْجَدِّ وَلَا يَرِثَانِ.

    ، (قَوْلُهُ: السَّابِقَةُ فِيهِ) أَيْ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ حَجْبٌ يَتَعَلَّقُ بِعَدَدٍ.. . إلَخْ) وَلِأَنَّهُ فَرْضٌ يَتَغَيَّرُ بِعَدَدٍ فَكَانَ الِاثْنَانِ فِيهِ كَالثَّلَاثَةِ م (قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ مِنْ سِتَّةٍ) هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ وَنَقَلَ الْمُتَوَلِّي الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْفَرْضِيِّينَ أَنَّهَا مِنْ اثْنَيْنِ وَجُعِلَتْ بِالضَّرْبِ مِنْ سِتَّةٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ

    (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ ابْنٌ أَوْ ابْنُ ابْنٍ.. إلَخْ) أَوْ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ مُسْتَغْرِقٌ كَابْنَتَيْنِ وَزَوْجٍ وَأُمٍّ أَوْ مُبْقًى فَالسُّدُسُ) لَهُ كَمَا مَرَّ وَالْبَاقِي لِمَنْ مَعَهُ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ فِي الْعُصُوبَةِ (وَلَهُ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ) فَأَكْثَرَ أَوْ مَعَهُمَا (السُّدُسُ فَرْضًا) لِأَنَّ آيَتَهُ لَمْ تُفَضِّلْ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ الْأَوْلَادِ (وَالْبَاقِي) بَعْدَ فَرْضِ الْبَنَاتِ (بِالتَّعْصِيبِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَقَدْ بَيَّنْتُ فَائِدَةَ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ (وَالْجَدُّ) فِي النَّسَبِ (كَالْأَبِ) فِي الْمِيرَاثِ (إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ الْأُولَى: أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ)

    وَالْأَخَوَاتِ لِغَيْرِ الْأُمِّ (كَمَا سَيَأْتِي) بَيَانُهُ (وَالْأَبُ يُسْقِطُهُمْ. الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الْأُمَّ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ الثُّلُثِ إلَى ثُلُثِ الْبَاقِي)

    بَلْ لَهَا الثُّلُثُ كَامِلًا لِأَنَّهُ لَا يُسَاوِيهَا دَرَجَةً فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَفْضُلَهَا (وَالْأَبُ يَرُدُّهَا) إلَيْهِ كَمَا مَرَّ.

    (الثَّالِثَةُ: أَنَّ الْجَدَّ لَا يُسْقِطُ أُمَّ الْأَبِ) وَإِنْ أَسْقَطَ أُمَّ نَفْسِهِ (وَالْأَبُ يُسْقِطُهَا)، لِأَنَّهَا لَمْ تُدْلَ بِالْجَدِّ بِخِلَافِهَا فِي الْأَبِ.

    (فَصْلٌ: وَالِابْنُ) إذَا انْفَرَدَ (يَحُوزُ الْجَمِيعَ) لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهُ إذَا اُجْتُمِعَ مَعَ الْبِنْتِ يَأْخُذُ ضِعْفَ مَا تَأْخُذُهُ وَهِيَ إذَا انْفَرَدَتْ تَأْخُذُ النِّصْفَ فَالِابْنُ إذَا انْفَرَدَ يَأْخُذُ ضِعْفَهُ وَهُوَ الْكُلُّ وَقِيَاسًا عَلَى الْأَخِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: 176] بَلْ أَوْلَى (وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَانِ) لِمَا مَرَّ (فَإِنْ اجْتَمَعُوا) أَيْ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ (فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) لِلْإِجْمَاعِ، وَلِآيَةِ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11]، وَلِآيَةِ {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً} [النساء: 176] وَإِنَّمَا فَضَّلَ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ قَوَّامٌ عَلَى النِّسَاءِ بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا، وَخُولِفَ هَذَا فِي الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ فَسَوَّى بَيْنَهُمْ لِآيَتِهِمْ.

    (فَرْعٌ لَا شَيْءَ لِابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ)

    لِحَجْبِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ (وَلَهُ مَا زَادَ عَنْ) بِمَعْنَى عَلَى (فَرْضِ الْبِنْتِ وَالْبَنَاتِ يَعْصِبُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ (مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ مِمَّنْ لَا فَرْضَ لَهَا) مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أُخْتُهُ أَوْ بِنْتُ عَمِّهِ أَمَّا تَعْصِيبُهُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَكَمَا فِي الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ، وَأَمَّا تَعْصِيبُهُ مَنْ هِيَ أَعْلَى مِنْهُ فَلِتَعَذُّرِ إسْقَاطِهِ فَإِنَّهُ عَصَبَةٌ ذَكَرٌ فَحِرْمَانُ مَنْ فَوْقَهُ مَعَ قُرْبِهِ وَحَوْزِهِ وَهُوَ مَعَ بُعْدِهِ بَعِيدٌ، وَلَوْ كَانَ فِي رُتْبَتِهَا لَمْ يُفْرَدْ مَعَ قُرْبِهِ فَجُعِلَ كَأَنَّهُ فِي دَرَجَتِهَا، وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَا يُعَصِّبُ مَنْ هِيَ أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَا أَعْلَى مِنْهُ إذَا أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ السُّدُسِ (وَلِبِنْتِ الِابْنِ وَبَنَاتِهِ مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ لَا) مَعَ (بَنَاتِهِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ) ؛لِأَنَّ الْبَنَاتِ لَيْسَ لَهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ، فَالْبِنْتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ أَوْلَى بِذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْنَ شَيْئًا مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ لِأَنَّهُ لَا فَرْضَ لَهُنَّ وَلَا عُصُوبَةَ (وَأَوْلَادُ الِابْنِ عِنْدَ) وُجُودِ (أَوْلَادِ ابْنِ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ أَوْلَادِ الصُّلْبِ عِنْدَهُمْ) أَيْ عِنْدَ وُجُودِهِمْ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِمْ سَوَاءٌ أَكَانُوا إخْوَةً أَمْ بَنِي أَعْمَامٍ أَمْ إخْوَةً وَبَنِي أَعْمَامٍ (وَكَذَا كُلُّ دَرَجَةٍ) عَالِيَةٍ مَعَ دَرَجَةٍ سَافِلَةٍ فَإِنَّ حُكْمَهَا مَا ذُكِرَ.

    (وَلَيْسَ) لَنَا فِي الْفَرَائِضِ (مَنْ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ، وَعَمَّتَهُ، وَعَمَّةُ أَبِيهِ وَ) عَمَّةُ (جَدِّهِ وَبَنَاتُ عَمِّهِ، وَبَنَاتُ عَمِّ أَبِيهِ وَ) بَنَاتُ عَمِّ (جَدِّهِ إلَّا الْأَسْفَلُ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ) .

    (فَصْلٌ: الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ) عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ

    (كَأَوْلَادِ الصُّلْبِ) عِنْدَ انْفِرَادِهِمْ عَنْ أَوْلَادِ الِابْنِ فَلِلذَّكَرِ الْوَاحِدِ أَوْ الْمُتَعَدِّدِ جَمِيعُ الْمَالِ أَوْ مَا بَقِيَ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَيَزِيدُ الْعَصَبَةُ مِنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَسْقُطُونَ عِنْدَ الِاسْتِغْرَاقِ بِخِلَافِ الْعَصَبَةِ مِنْ الْأَوْلَادِ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ اسْتِغْرَاقٌ.

    (وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ) عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ (كَهُمَا لِلْأَبَوَيْنِ) فِيمَا ذُكِرَ (إلَّا فِي الْمُشَرَّكَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِكَسْرِهَا عَلَى نِسْبَةِ التَّشْرِيكِ إلَيْهَا مَجَازًا، وَيُقَالُ الْمُشْتَرَكَةُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ بِتَاءٍ بَعْدَ الشِّينِ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَالْمَعْنَى: الْمُشَرَّكُ فِيهَا بَيْنَ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادِ الْأُمِّ فَإِنَّ أَوْلَادَ الْأَبَوَيْنِ يَنْقَلِبُونَ فِيهَا إلَى الْفَرْضِ، وَأَوْلَادَ الْأَبِ يَسْقُطُونَ لِمَا سَيَأْتِي.

    (وَهِيَ: زَوْجٌ وَأُمٌّ) وَمِثْلُهَا الْجَدَّةُ (وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَخٌ) فَأَكْثَرُ (لِأَبَوَيْنِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ

    حاشية الرملي الكبير

    قَدْرُ السُّدُسِ كَابْنَتَيْنِ وَأُمٍّ أَوْ أَقَلَّ كَابْنَتَيْنِ وَزَوْجٍ ف (قَوْلُهُ: وَقَدْ بَيَّنْتُ فَائِدَةَ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ.. . إلَخْ) قَالَ النَّوَوِيُّ: فَائِدَةُ وَصْفِ رَجُلٍ بِذَكَرٍ التَّنْبِيهُ عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ وَهِيَ الذُّكُورَةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْعُصُوبَةِ، وَالتَّرْجِيحُ فِي الْإِرْثِ وَلِهَذَا جَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ قَالَ: وَالْأَوْلَى هُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَحَقَّ لَخَلَا عَنْ الْفَائِدَةِ لِأَنَّا لَا نَدْرِي مَنْ هُوَ الْأَحَقُّ وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ: إنَّهُ لَمَّا كَانَ الرَّجُلُ يُطْلَقُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْأَةِ وَفِي مُقَابَلَةِ الصَّبِيِّ جَاءَتْ لِبَيَانِ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَرْأَةِ.

    وَهَذَا كَمَا قَالَ عُلَمَاءُ الْمَعَانِي فِي مِثْلِ {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: 38] إنَّ اسْمَ الْجِنْسِ مُتَحَمِّلٌ لِلْفَرْدِيَّةِ وَالْجِنْسِ مَعًا وَبِالصِّفَةِ يَعْلَمُ الْمُرَادُ فَلَمَّا وُصِفَتْ الدَّابَّةُ وَالطَّائِرُ بَقِيَ الْأَرْضِ، وَيَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ لَا الْفَرْدُ م (قَوْلُهُ: وَالْجَدُّ كَالْأَبِ.. . إلَخْ) فَلَهُ الْحَالَاتُ الثَّلَاثُ فَيَرِثُ بِالْعُصُوبَةِ عِنْد عَدَمِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَبِالْفَرْضِ مَعَ الْفَرْعِ الْعَاصِبِ أَوْ إذَا اُسْتُغْرِقَ أَهْلُ الْفُرُوضِ أَوْ أَبْقُوا قَدْرَ السُّدُسِ أَوْ أَقَلَّ كَمَا سَبَقَ، وَيَرِثُ بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ مَعًا إذَا كَانَ مَعَهُ مِنْ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ أَوْ مِنْهُمَا مَا يَفْضُلُ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ، وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيهِ مَعْنَى الرَّحِمِ بِالْوِلَادَةِ وَمَعْنَى التَّعْصِيبِ بِالذُّكُورَةِ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا كَابْنِ عَمِّ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ، وَقَالُوا لَيْسَ فِي الْفَرَائِضِ مَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَالْفَرْضِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ.

    (قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَلَاث مَسَائِلَ.. . إلَخْ) أَبُو الْجَدِّ وَمَنْ فَوْقَهُ كَالْجَدِّ فِي كُلِّ ذَلِكَ لَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْجُبُ أُمَّ نَفْسِهِ وَلَا يَحْجُبُهَا مَنْ فَوْقَهُ

    فَصْلٌ مِيرَاث الِابْن

    (قَوْلُهُ: فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) إنَّمَا فُضِّلَ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالنُّصْرَةِ وَالْجِهَادِ وَتَحَمُّلِ الْعَقْلِ. وَإِنَّمَا جَعَلَ لَهَا نِصْفَ مَا لِلذَّكَرِ لِأَنَّهَا كَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ وَالذَّكَرُ لَهُ حَاجَتَانِ: حَاجَةٌ لِنَفْسِهِ وَحَاجَةٌ لِزَوْجَتِهِ، وَالْأُنْثَى حَاجَةٌ وَاحِدَةٌ لِنَفْسِهَا. بَلْ هِيَ غَالِبًا تَسْتَغْنِي بِالتَّزْوِيجِ عَنْ الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهَا وَلَكِنْ لَمَّا عَلِمَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - احْتِيَاجَهَا إلَى النَّفَقَةِ، وَأَنَّ الرَّغْبَةَ تَقِلُّ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ جَعَلَ لَهَا حَظًّا مِنْ الْإِرْثِ، وَأَبْطَلَ حِرْمَانَ الْجَاهِلِيَّةِ لَهَا (قَوْلُهُ: لِآيَتِهِمْ وَلِإِدْلَائِهِمَا بِالْأُمِّ) وَسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ فَجَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ مَعَ الْوَلَدِ.

    وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ يُشَارِكُهُمَا فِيهِ الْأَخُ أَوْ الْإِخْوَةُ لِلْأَبَوَيْنِ) لِمُشَارَكَتِهِمْ إيَّاهُمَا فِي وِلَادَةِ الْأُمِّ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُمَا ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ شَارَكَهُمَا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَإِنْ سَقَطَتْ عُصُوبَتُهُ فَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ أَوْلَى.

    وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ أَنْ كَانَ أَسْقَطَهُ فِي الْعَامِ الْمَاضِي عَلَى الْأَصْلِ فِي إسْقَاطِ الْعَصَبَةِ بِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَخٌ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ أَخَوَانِ (لَا) الْأَخُ (لِلْأَبِ) فَلَا يُشَارِكُهُمَا بَلْ يَسْقُطُ لِفَقْدِ قَرَابَةِ الْأُمِّ (وَيَتَسَاوُونَ) أَيْ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادُ الْأُمِّ فِي الثُّلُثِ ذَكَرُهُمْ كَأُنْثَاهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ فِيهَا أُخْتٌ أَوْ أُخْتَانِ فَأَكْثَرُ لِأَبٍ سَقَطْنَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْوَلِيُّ فِي كَافِيهِ.

    (وَشَرْطُ الْمُشَرَّكَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ: الْمُشْتَرَكَةِ (أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ ذَكَرًا أَوْ فِيهِمْ ذَكَرٌ وَإِنْ انْفَرَدَ الْإِنَاثُ) بِأَنْ كَانَ بَدَلُ الْأَخِ فَأَكْثَرُ لِلْأَبَوَيْنِ أُخْتٌ فَأَكْثَرُ لِلْأَبَوَيْنِ (فَرَضَ لَهُنَّ) لِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ وَلِلثِّنْتَيْنِ فَأَكْثَرُ الثُّلُثَانِ (وَعَالَتْ) مَعَ الْوَاحِدَةِ إلَى تِسْعَةٍ وَمَعَ الثِّنْتَيْنِ فَأَكْثَرُ إلَى عَشَرَةٍ (وَكَذَا) الْحُكْمُ لَوْ كَانَ بَدَلَهُمْ (الْأُخْتُ أَوْ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ فَإِنْ كَانَ لَهَا) أَيْ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ فَأَكْثَرَ (أَخٌ) أَيْضًا (سَقَطَا) إذْ لَا يُفْرَضُ لَهَا مَعَهُ وَلَا تَشْرِيكَ (وَ) شَرْطَ الْمُشَرَّكَةِ أَيْضًا (أَنْ يَكُونَ وَلَدُ الْأُمِّ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ وَاحِدًا (أَخَذَ الْعَصَبَةُ) مِنْ أَوْلَادِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَبِ (السُّدُسَ) الْبَاقِي لِأَنَّ فَرْضَ وَلَدِ الْأُمِّ حِينَئِذٍ السُّدُسُ، وَإِنْ كَانَ بَدَلُ الْعَصَبَةِ فِي الْمُشَرَّكَةِ خُنْثَى لِأَبَوَيْنِ فَبِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ هِيَ الْمُشَرَّكَةُ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ إنْ كَانَ وَلَدُ الْأُمِّ اثْنَيْنِ وَبِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ تَعُولُ إلَى تِسْعَةٍ وَبَيْنَهُمَا تَدَاخُلٌ فَيَصِحَّانِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَيُعَامَلُ بِالْأَضَرِّ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ الْأَضَرِّ فِي حَقِّ ذُكُورَتِهِ وَفِي حَقِّ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ أُنُوثَتُهُ وَيَسْتَوِي فِي حَقِّ وَلَدِي الْأُمِّ الْأَمْرَانِ فَإِذَا قَسَمْتَ فَضْلَ أَرْبَعَةٍ مَوْقُوفَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ فَإِنْ بَانَ أُنْثَى أَخَذَهَا أَوَ ذَكَرٌ أَخَذَ الزَّوْجُ ثَلَاثَةً، وَالْأُمُّ وَاحِدًا.

    (فَرْعٌ الْأُخْوَةُ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ كَأَوْلَادِ الِابْنِ مَعَ وَلَدِ الصُّلْبِ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا وَقَدْ عَرَّفَ حُكْمَهُمْ (إلَّا أَنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ لَا يُعَصِّبُهَا إلَّا مَنْ فِي دَرَجَتِهَا) بِخِلَافِ بِنْتِ الِابْنِ يُعَصِّبُهَا مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهَا أَيْضًا كَمَا مَرَّ (فَإِنْ خَلَّفَ أُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ وَأُخْتًا لِأَبٍ، وَابْنَ أَخٍ لِأَبٍ فَلَهُمَا) أَيْ لِلْأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ (الثُّلُثَانِ وَلَهُ) أَيْ لِابْنِ الْأَخِ (الْبَاقِي وَسَقَطَتْ الْأُخْتُ لِلْأَبِ) لِاسْتِغْرَاقِ الْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ وَلَا يُعَصِّبُهَا ابْنُ الْأَخِ لِأَنَّهُ لَا يُعَصِّبُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَلَا يُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ.

    (فَرْع لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ السُّدُسُ وَلِمَا) بِمَعْنَى، وَلِمَنْ (فَوْقَهُ الثُّلُثُ وَخَالَفُوا) أَيْ أَوْلَادَ الْأُمِّ (غَيْرَهُمْ) مِنْ الْوَرَثَةِ (فِي أَنَّ ذَكَرَهُمْ كَأُنْثَاهُمْ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا لِآيَاتِهِمْ السَّابِقَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَوْلَادِ، وَالْإِخْوَةِ فَإِنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ اجْتِمَاعًا وَلِلْوَاحِدِ الْكُلُّ، وَلِلْوَاحِدَةِ النِّصْفُ، وَلِلثِّنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ الثُّلُثَانِ انْفِرَادًا كَمَا تَقَرَّرَ (وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ مَعَ مَا يَدْلُونَ بِهِ) وَهِيَ الْأُمُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ أَدْلَى بِشَخْصٍ لَا يَرِثُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا الْجَدَّةَ لِلْأَبِ فَإِنَّهَا تَرِثُ مَعَ بِنْتِهَا مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ إذَا لَمْ تَكُنْ أَبْعَدَ مِنْهَا لَكِنْ لَا مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي أَدْلَتْ إلَيْهَا بِهَا كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ مَعَ تَصْوِيرِهِ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ (وَأَنَّهُمْ يَحْجُبُونَهُ) حَجْبَ نُقْصَانٍ لِأَنَّهُمْ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُحْجَبُوا بِهَا لِإِدْلَائِهِمْ بِهَا لَا أَنْ تُحْجَبَ هِيَ بِهِمْ (وَإِنَّ ذَكَرَهُمْ يُدْلِي بِأُنْثَى وَيَرِثُ) بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فِي النَّسَبِ كَابْنِ الْبِنْتِ وَأَبِي الْأُمِّ أَمَّا فِي الْعِتْقِ فَيَرِثُ لِأَنَّ عَصَبَةَ الْمُعْتَقَةِ تُدْلِي بِأُنْثَى وَتَرِثُ.

    (فَصْلٌ بَنُو الْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَبِ كُلٌّ) مِنْهُمْ (كَأَبِيهِ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا فَلِلْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْهُمْ كُلُّ الْمَالِ أَوْ مَا فَضَلَ عَنْ الْفَرْضِ وَيُسْقِطُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ ابْنَ الْأَخِ لِلْأَبِ كَمَا يُسْقِطُ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ الْأَخَ لِلْأَبِ (لَكِنَّ الْإِخْوَةَ يَرُدُّونَ الْأُمَّ) مِنْ الثُّلُثِ (إلَى السُّدُسِ) بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ كَمَا مَرَّ (وَيُقَاسِمُونَ الْجَدَّ) بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ لِبُعْدِهِمْ وَلِأَنَّهُ فِي دَرَجَةِ الْأَخِ، وَهُوَ يَحْجُبُ ابْنَهُ فَيَحْجُبُهُ الْجَدُّ (وَيَرِثُونَ فِي الْمُشَرَّكَةِ) وَفِي نُسْخَةٍ الْمُشْتَرَكَةِ لِوُجُودِ عِلَّةِ التَّشْرِيكِ فِيهِمْ بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ، وَالْمُخَالَفَةُ فِي هَذِهِ إنَّمَا هِيَ بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِأَبَوَيْنِ وَأَبْنَائِهِمْ لَا بَيْنَ الْإِخْوَةِ لِأَبٍ وَأَبْنَائِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِيهَا (وَيُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ) لِإِرْثِهِنَّ بِخُصُوصِ الْقَرَابَةِ (بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ)

    حاشية الرملي الكبير

    فَصْلٌ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ عَنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ

    قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُمَا ابْنُ عَمٍّ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ شَارَكَهُمَا إلَخْ) أُجِيبَ عَنْ هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنَّ إخْوَةَ الْأُمِّ فِي ابْنِ الْعَمِّ جِهَةُ فَرْضٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَلِهَذَا نُعْطِيهِ بِهَا السُّدُسَ فَابْنُ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ فِيهِ جِهَةُ فَرْضٍ وَجِهَةُ تَعْصِيبٍ فَإِذَا سَقَطَتْ إحْدَاهُمَا بَقِيَتْ الْأُخْرَى، وَالْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ لَيْسَ فِيهِ جِهَةُ فَرْضٍ وَجِهَةُ تَعْصِيبٍ بَلْ تَعْصِيبٌ فَقَطْ؛ وَلِهَذَا نَقُولُ فِي ابْنَيْ عَمِّ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ لَهُ بِإِخْوَةِ الْأُمِّ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا نَقُولُ فِي أَخٍ لِأَبَوَيْنِ وَأَخٍ لِأَبٍ لِلْأَوَّلِ بِإِخْوَةِ الْأُمِّ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَعُلِمَ أَنَّ قَرَابَةَ الْأُمِّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْفَرْدِ هِيَ قَرَابَةُ الْأُمِّ الْمُنْفَرِدَةِ أَمَّا قَرَابَةُ الْأُمِّ الْمُمْتَزِجَةُ بِقَرَابَةِ الْأَبِ فَلَا تَقْتَضِي الْفَرْضَ بَلْ هُمَا جِهَةُ تَعْصِيبٍ.

    فَرْعٌ الْأُخُوَّةُ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ

    (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بِنْتِ الِابْنِ يُعَصِّبُهَا.. إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ ابْنِ الِابْنِ حَيْثُ يُعَصِّبُ عَمَّتَهُ أَنَّ ابْنَ ابْنِ الِابْنِ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ فَعَصَّبَ عَمَّتَهُ وَابْنُ الْأَخِ لَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ لِأَنَّهَا لَا تَرِثُ فَلَا يُعَصِّبُ عَمَّتَهُ وَأَيْضًا ابْنُ ابْنِ الِابْنِ يُسَمَّى ابْنًا إمَّا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا أَوْ ابْنَ الْأَخِ لَا يُسَمَّى أَخًا.

    فَرْع لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ السُّدُسُ وَلِمَنْ فَوْقَهُ الثُّلُثُ

    (قَوْلُهُ: وَخَالَفُوا غَيْرَهُمْ فِي أَنَّ ذَكَرَهُمْ كَأُنْثَاهُمْ) لِأَنَّهُمْ يُورَثُونَ بِالرَّحِمِ فَاسْتَوَوْا كَالْأَبَوَيْنِ مَعَ الِابْنِ فَإِنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي الثُّلُثِ وَبِهَذَا فَارَقُوا الْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ فَإِنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالْعُصُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّ ذَكَرَهُمْ يُدْلِي بِأُنْثَى وَيَرِثُ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ أَوْلَادَ الْأُمَّ يُخَالِفُونَ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ) كَمَا مَرَّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَاهَا الثُّلُثَ حَيْثُ لَا إخْوَةَ وَهَذَا الِاسْمُ لَا يَصْدُقُ عَلَى بَنِيهِمْ بِحَالٍ بِخِلَافِ وَلَدِ الْوَلَدِ لَا يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ لِعَدَمِ إرْثِهِنَّ وَيُخَالِفُونَهُمْ أَيْضًا فِي أَنَّ الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُونَ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ وَفِي أَنَّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ يَحْجُبُونَ بَنِي الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ وَفِي أَنَّ الْإِخْوَةِ يَرِثُونَ مَعَ الْأَخَوَاتِ إذَا كُنَّ عَصَبَاتٍ مَعَ الْبَنَاتِ بِخِلَافِ أَبْنَائِهِمْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ.

    (فَصْلٌ: الْأَخَوَاتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَلِلْأَبِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (مَعَ الْبَنَاتِ، وَبَنَاتِ الِابْنِ) اجْتِمَاعًا وَانْفِرَادًا (عَصَبَةٌ كَالْإِخْوَةِ) لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقِ إذْ فِيهِ «وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ» وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَنَاتٌ أَوْ بَنَاتُ ابْنٍ وَأَخَوَاتٌ وَأَخَذَتْ الْبَنَاتُ أَوْ بَنَاتُ الِابْنِ الثُّلُثَيْنِ فَلَوْ فَرَضْنَا لِلْأَخَوَاتِ وَأَعَلْنَا الْمَسْأَلَةَ نَقَصَ نَصِيبُ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ فَاسْتَبْعَدُوا أَنْ تُزَاحِمَ الْأَخَوَاتُ الْأَوْلَادَ، وَأَوْلَادَ الِابْنِ وَلَمْ يُمْكِنْ إسْقَاطُهُنَّ فَجُعِلْنَ عَصَبَاتٍ لِيَدْخُلَ النَّقْصُ عَلَيْهِنَّ خَاصَّةً، وَحِينَئِذٍ (يَأْخُذْنَ الْبَاقِي عَنْ فَرْضِهِنَّ) أَيْ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ (فَالْأُخْتُ لِلْأَبَوَيْنِ مَعَ الْبِنْتِ) أَوْ بِنْتِ الِابْنِ أَوْ مَعَهُمَا (تَحْجُبُ الْأَخَ لِلْأَبِ) كَمَا يَحْجُبُهُ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ لَكِنْ لَوْ خَلَّفَ بِنْتًا وَأَخًا وَأُخْتًا لِأَبَوَيْنِ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَمْ تَجْعَلْ مَعَهُ كَالْأَخِ مَعَ الْأَخِ لِئَلَّا يَلْزَمَ مُخَالَفَةُ أَصْلِ أَنَّ لِلذَّكَرِ ضِعْفُ مَا لِلْأُنْثَى؛ وَلِأَنَّ تَعْصِيبَهَا بِالْبِنْتِ إنَّمَا هُوَ لِلضَّرُورَةِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِنَا مِنْ حَظِّ نَصِيبِ الْبَنَاتِ بِالْعَوْلِ بِسَبَبِ فَرْضِ الْأُخْتِ وَتَعَسَّرَ إسْقَاطُهَا وَلَا حَاجِبَ بِخِلَافِ تَعْصِيبِهَا بِالْأَخِ (وَالْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُ الْعَمَّ لِلْأَبِ) كَالْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ يَحْجُبُ الْأَخَ لِلْأَبِ.

    (الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْعَصَبَةِ وَتَرْتِيبِهِمْ)

    (وَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ يُسْقِطُ الْأَبْعَدَ وَأَقْرَبُهُمْ الِابْنُ) لِقُوَّةِ عُصُوبَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ فُرِضَ لِلْأَبِ مَعَهُ السُّدُسُ وَأُعْطِيَ هُوَ الْبَاقِي وَلِأَنَّهُ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ بِخِلَافِ الْأَبِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِ الْأَبُ فِي صَلَاةِ الْمَيِّتِ وَالتَّزْوِيجِ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ فِيهِمَا بِالْوِلَايَةِ، وَهِيَ لِلْآبَاءِ دُونَ الْأَبْنَاءِ وَهُنَا بِقُوَّةِ التَّعْصِيبِ وَهُوَ فِي الْأَبْنَاءِ أَقْوَى (ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفُلَ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الِابْنِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ فَكَذَا فِي التَّعْصِيبِ؛ وَلِأَنَّ جِهَةَ الْبُنُوَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا، وَالْبَعِيدُ مِنْ الْجِهَةِ الْمُقَدَّمَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْ الْجِهَةِ الْمُؤَخَّرَةِ كَمَا سَيَأْتِي (ثُمَّ الْأَبُ) لِأَنَّ الْمَيِّتَ بَعْضُهُ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ وَلِإِدْلَاءِ سَائِرِ الْعَصَبَةِ بِهِ (ثُمَّ الْجَدُّ) أَبُو الْأَبِ (وَإِنْ عَلَا) كَالْأَبِ (وَفِي دَرَجَتِهِ الْإِخْوَةُ لِلْأَبَوَيْنِ وَلِلْأَبِ وَسَيَأْتِي) بَيَانُ حُكْمِهِمْ، وَإِنَّمَا كَانُوا فِي دَرَجَتِهِمْ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِدْلَاءِ إلَى الْمَيِّتِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُدْلِي إلَيْهِ بِالْأَبِ وَكَانَ الْقِيَاسُ تَقْدِيمَ الْإِخْوَةِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ أَبْنَاءُ أَبِي الْمَيِّتِ، وَالْجَدُّ أَبُو أَبِيهِ، وَالْبُنُوَّةُ أَقْوَى مِنْ الْأُبُوَّةِ وَلِأَنَّ فَرْعَهُمْ وَهُوَ ابْنُ الْأَخِ يُسْقِطُ فَرْعَ الْجَدِّ وَهُوَ الْعَمُّ وَقُوَّةُ الْفَرْعِ تَقْتَضِي قُوَّةَ الْأَصْلِ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا ذَلِكَ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُقَدِّمُونَ عَلَى الْجَدِّ فَشَرَكْنَا بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا قُدِّمَ عَلَيْهِمْ الْأَبُ لِأَنَّهُمْ أُدْلُوا بِهِ بِخِلَافِهِمْ مَعَ الْجَدِّ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ فَالْإِخْوَةُ لِلْأَبَوَيْنِ) لِخَبَرِ: «أَعْيَانِ بَنِي الْأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُونَ بَنِي الْعِلَّاتِ يَرِثُ الرَّجُلَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمُّهُ دُونَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ لَكِنْ فِي سَنَدِ الْحَارِثِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلِأَنَّهُمْ انْفَرَدُوا بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَالِانْفِرَادُ بِالْقَرَابَةِ كَالتَّقْدِيمِ بِدَرَجَةٍ، وَآخِرُ الْخَبَرِ تَفْسِيرٌ لِأَوَّلِهِ فَأَوْلَادُ الْأَعْيَانِ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ وَأَوْلَادُ الْعِلَّاتِ أَوْلَادُ الْأَبِ وَالْإِخْوَةُ ثَلَاثَةٌ بَنُو أَعْيَانٍ، وَبَنُو عِلَّاتٍ وَبَنُو أَخْيَافٍ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأُمِّ.

    وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي مَنْهَجِ الْوُصُولِ (ثُمَّ) الْإِخْوَةُ (لِلْأَبِ) لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ (ثُمَّ بَنُوهُمْ كَذَلِكَ) فَيُقَدَّمُ بَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ كَذَلِكَ (وَيَسْقُطُونَ) أَيْ بَنُو الْإِخْوَةِ (بِالْجَدِّ) وَإِنْ عَلَا إذْ لَيْسَ لَهُمْ قُوَّةُ الْإِخْوَةِ لِعَدَمِ

    حاشية الرملي الكبير

    فَصْل مِيرَاث بَنُو الْإِخْوَةِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَبِ

    قَوْلُهُ: إذَا كُنَّ عَصَبَاتٍ مَعَ الْبَنَاتِ) أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُخْتُ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: سُقُوطُ بَنِي الشَّقِيقِ بِالشَّقِيقَةِ وَأَبُوهُمْ يُعَصِّبُهَا. وَسُقُوطُ بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ بِالْأُخْتِ لِلْأَبِ وَأَبُوهُمْ يُعَصِّبُهَا أَيْضًا. وَسُقُوطُ بَنِي الشَّقِيقِ بِالْأُخْتِ لِلْأَبِ وَأَبُوهُمْ يَحْجُبُهَا. فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ صُوَرٍ يُخَالِفُونَ فِيهَا أَبَاهُمْ. وَالرَّابِعَةُ سُقُوطُ بَنِي الْأَخِ لِلْأَبِ بِالشَّقِيقَةِ، وَأَبُوهُمْ يَسْقُطُ بِهَا أَيْضًا فَلَمْ يُخَالِفُوهُ فِي هَذِهِ.

    فَصْلٌ الْأَخَوَاتُ لِلْأَبَوَيْنِ وَلِلْأَبِ مَعَ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ

    س (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقِ.. إلَخْ) وَلِأَنَّ الْأُخْتَ تَأْخُذُ الْفَاضِلَ عَنْ الزَّوْجِ فَلَمْ تَسْقُطُ مَعَ الْبِنْتِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَرِثُ بِالْفَرْضِ فَهُوَ بِالتَّعْصِيبِ، وَخَالَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجَعَلَ الْفَاضِلَ لِبَنِي الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ، وَاحْتَجَّ بِأَوْجُهٍ مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 176] الْآيَةَ فَشَرَطَ فِي إرْثِ الْأُخْتِ عَدَمَ الْوَلَدِ قُلْنَا شَرْطُهُ لِإِرْثِهَا فَرْضًا لَا مُطْلَقًا، وَمِنْهَا خَبَرُ «فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» قُلْنَا عَامٌّ وَمَا ذَكَرْنَاهُ خَاصٌّ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ، وَمِنْهَا الْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ لَسْنَ بِعَصَبَةٍ مَعَ الْبَنَاتِ فَكَذَا الْأَخَوَاتُ لِغَيْرِ الْأُمِّ قُلْنَا الْأَخَوَاتُ لِلْأُمِّ لَا يُعَصِّبْنَ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْأَخَوَاتِ لِغَيْرِ الْأُمِّ، وَمِنْهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَصَبَةً لَأَخَذَتْ الْكُلَّ إذَا انْفَرَدَتْ كَسَائِرِ الْعَصَبَاتِ، قُلْنَا لَيْسَ بِلَازِمٍ إذْ هِيَ عَصَبَةٌ مَعَ أَخِيهَا، وَلَوْ انْفَرَدَتْ لَمْ تَأْخُذْ الْكُلَّ، وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تَعْقِلُ، وَلَا تُزَوَّجُ فَكَانَتْ كَالْأُمِّ، قُلْنَا ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا عَصَبَةً بِدَلِيلِ الِابْنِ قَالَ الْإِمَامُ: وَمِمَّا يَتَعَيَّنُ التَّنْبِيهُ لَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُ بِالْعَوْلِ وَيَعُدُّ عَلَيْهِ تَعْصِيبَ الْأُخْتِ وَلَمْ يَرَ إدْخَالَ النَّقْصِ عَلَى الْبَنَاتِ فَلَمْ يُتَّجَهْ لَهُ إلَّا إسْقَاطُ الْأُخْتِ. م

    [الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْعَصَبَةِ وَتَرْتِيبِهِمْ]

    (الْبَابُ الثَّانِي) (قَوْلُهُ: فِي الْعَصَبَةِ) الْعَصَبَةُ: مَنْ لَيْسَ لَهُ سَهْمٌ مُقَدَّرٌ حَالَ تَعْصِيبِهِ مِنْ جِهَةِ تَعْصِيبِهِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ فَرْعَهُمْ وَهُوَ ابْنُ الْأَخِ.. إلَخْ) وَلِأَنَّهُمْ يُعَصِّبُونَ الْأَخَوَاتِ كَمَا يُعَصِّبُ الْبَنُونَ، وَالْجَدُّ لَا يُعَصِّبُ الْأُخْتَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأُخُوَّةَ أَقْوَى (قَوْلُهُ: فَأَوْلَادُ الْأَعْيَانِ أَوْلَادُ الْأَبَوَيْنِ) سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مِنْ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَيْ أَبٍ وَاحِدٍ وَأُمٍّ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَادُ الْعِلَّاتِ وَأَوْلَادُ الْأَبِ) سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ عُلَّ مِنْ زَوْجَتِهِ الثَّانِيَةِ، وَالْعَلَلُ الشُّرْبُ. الثَّانِي يُقَالَ عَلَّلَ بَعْدَ نَهْلٍ وَعَلَّهُ يَعُلُّهُ وَيُعِلُّهُ إذَا سَقَاهُ السُّقْيَةَ الثَّانِيَةَ وَيُقَالَ: سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّ كُلِّ وَاحِدٍ لَمْ تَعُلَّ الْآخَرَ أَيْ لَمْ تُسْقِهِ لَبَنَهَا (قَوْلُهُ: وَبَنُو أَخْيَافٍ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأُمِّ) سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَخْلَاطِ الرِّجَالِ لَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَالْأَخْيَافُ الْأَخْلَاطُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الْخَيْفُ بِمِنًى ضَعِيفًا لِاجْتِمَاعِ أَخْلَاطِ النَّاسِ فِيهِ أَيْ مِنْهُمْ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ.

    م تَعْصِيبِهِمْ أَخَوَاتِهِمْ بِخِلَافِ الْإِخْوَةِ (ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبِ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ (ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ ثُمَّ بَنُوهُ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ (وَهَكَذَا) فَيُقَدَّمُ عَمُّ الْجَدِّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ وَهَكَذَا (فَإِنْ عَدِمُوا) أَيْ عَصَبَةُ النَّسَبِ وَالْمَيِّتُ عَتِيقٌ (فَالْمُعْتَقُ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى مُقَدَّمٌ بِالْمِيرَاثِ أَوْ بِالْبَاقِي عَنْ الْفَرْضِ لِخَبَرِ «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (ثُمَّ عَصَبَاتُهُ) لِأَنَّ الْعَتِيقَ لَوْ كَانَ رَقِيقًا لَاسْتَحَقُّوهُ فَكَذَا مِيرَاثُهُ (ثُمَّ مُعْتِقُهُ) أَيْ مُعْتِقُ الْمُعْتَقِ (ثُمَّ عَصَبَاتُهُ كَمَا فِي الْوَلَاءِ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَاتِهِ ثُمَّ مُعْتِقِ الْمُعْتَقِ ثُمَّ عَصَبَاتِهِ وَهَكَذَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهِ.

    وَإِنَّمَا قَدَّمْت عَصَبَةَ النَّسَبِ عَلَى الْمُعْتَقِ لِلْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى مِنْ الْوَلَاءِ إذْ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْوَلَاءِ كَالْمَحْرَمِيَّةِ، وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَالْمِيرَاثُ أَوْ الْبَاقِي عَنْ الْفَرْضِ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (وَالْبَعِيدُ مِنْ الْجِهَةِ الْمُقَدَّمَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْ الْجِهَةِ الْمُؤَخَّرَةِ فَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفُلَ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَبِ) وَابْنُ الْأَخِ وَإِنْ سَفُلَ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ وَإِنْ قَرُبَ (وَإِنَّ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ) دُونَ الْقُرْبِ كَابْنَيْ أَخٍ أَوْ ابْنَيْ ابْنِ أَحَدِهِمَا أَبْعَدُ مِنْ الْآخَرِ (قُدِّمَ الْأَقْرَبُ) مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ الْأَبْعَدُ أَقْوَى فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ (ثُمَّ) إنْ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ وَالْقُرْبِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ وَاخْتَلَفَا قُوَّةً وَضَعْفًا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُدْلِي إلَى الْمَيِّتِ بِالْأَبَوَيْنِ وَالْآخَرُ بِالْأَبِ قُدِّمَ (ذُو الْأَبَوَيْنِ) عَلَى ذِي الْأَبِ لِخَبَرِ «فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ، وَالْعَمُّ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى الْعَمِّ لِلْأَبِ.

    (فَرْعٌ)

    إذَا اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي جِهَةِ عُصُوبَةٍ وَاخْتُصَّ أَحَدُهُمَا بِقَرَابَةٍ أُخْرَى كَأَنْ (خَلَّفَ ابْنَيْ عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ) بِأَنْ تَعَاقَبَ أَخَوَانِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو مَثَلًا عَلَى وَطْءِ امْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ابْنًا، وَلِزَيْدٍ ابْنٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَابْنَاهُ ابْنَا عَمِّ ابْنِ عَمْرٍو، وَأَحَدُهُمَا أَخُوهُ لِأُمِّهِ فَمَاتَ ابْنُ عَمْرٍو عَنْ ابْنَيْ زَيْدٍ (لَمْ يُقَدَّمْ) الَّذِي هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ (وَلَوْ حَجَبَتْهُ بِنْتٌ) لِلْمَيِّتِ (عَنْ فَرْضِهِ) لِأَنَّ أُخُوَّةَ الْأُمِّ إنْ لَمْ تَحْجُبْ فَلَهَا فَرْضٌ وَإِلَّا صَارَتْ بِالْحَجْبِ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، فَلَمْ يُرَجَّحْ بِهَا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ ابْنُ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ عَلَى الْآخَرِ (بَلْ يُسَوَّيَانِ فِي الْعُصُوبَةِ) بَعْدَ أَخْذِهِ السُّدُسَ إنْ لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُ (كَابْنَيْ عَمِّ أَحَدِهِمَا زَوْجٌ فَيَأْخُذُ) ذُو الْفَرْضِ فِيهِمَا (الْفَرْضَ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ) الْبَاقِي بِالْعِصَابَةِ (وَيُقَدَّمُ أَحَدُ ابْنَيْ عَمِّ الْمُعْتَقِ بِالْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ) عَلَى الْآخَرِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ السَّابِقِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يَرِثُ فِي النَّسَبِ بِالْفَرْضِ فَأَمْكَنَ أَنْ يُعْطَى فَرْضُهُ، وَيُجْعَلَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْعُصُوبَةِ وَفِي الْوَلَاءِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُورَثَ بِالْفَرْضِ فَقَرَابَةُ الْأُمِّ مُعَطَّلَةٌ فَجُعِلَتْ مُرَجَّحَةً فَتَرَجَّحَتْ عُصُوبَةُ مَنْ يُدْلِي بِهَا فَأَخَذَ الْجَمِيعُ كَمَا أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ لَمَّا لَمْ يَأْخُذْ بِإِخْوَةِ الْأُمِّ شَيْئًا تَرَجَّحَتْ بِهَا عُصُوبَتُهُ حَتَّى حَجَبَ الْأَخَ لِلْأَبِ وَإِنَّمَا لَمْ تُفْرَدْ قَرَابَةُ الْأُمِّ فِي الشَّقِيقِ بِالْفَرْضِ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأَبِ وَالْأُمِّ سَبَبَانِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأُخُوَّةُ بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ وَالْعُمُومَةِ فَإِنَّهُمَا سَبَبَانِ مِنْ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ تُوجِبُ إحْدَاهُمَا الْفَرْضَ وَالْأُخْرَى التَّعْصِيبَ مُنْفَرِدَتَيْنِ فَكَذَا مُجْتَمِعَيْنِ.

    (فَصْلٌ وَإِنْ فُقِدَ الْمُعْتَقُ فَالْمُسْتَحِقُّ) لِلْإِرْثِ (عَصَبَاتُهُ الذُّكُورُ) مِنْ النَّسَبِ وَهُمْ الْمُتَعَصِّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ كَابْنِهِ وَأَخِيهِ دُونَ عَصَبَاتِهِ بِغَيْرِهِ وَمَعَ غَيْرِهِ كَبِنْتِهِ وَبِنْتِ ابْنِهِ وَأُخْتِهِ مَعَ مُعَصَّبِهِنَّ وَكَأُخْتِهِ مَعَ بِنْتِهِ أَوْ بِنْتِ ابْنِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ أَضْعَفُ مِنْ النَّسَبِ الْمُتَرَاخِي وَإِذَا تَرَاخَى النَّسَبُ وَرِثَ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ أَلَا تَرَى أَنَّ بَنِي الْأَخِ وَالْعَمِّ يَرِثُونَ دُونَ أَخَوَاتِهِمْ فَإِذَا لَمْ يَرِثْنَ بِهِ فَبِالْوَلَاءِ أَوْلَى، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ بِقَوْلِهِ: (فَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا مِنْ عَتِيقِهَا أَوْ) مِنْ (الْمُنْتَمِي إلَيْهِ بِنَسَبٍ) كَابْنِهِ (أَوْ وَلَاءٍ) كَعَتِيقَةٍ فَإِنَّهَا تَرِثُ بِالْوَلَاءِ مِنْهُمْ وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهَا لَا تَرِثُ بِوَلَاءٍ إلَّا مِمَّنْ أَعْتَقَتْهُ أَوْ أَعْتَقَهُ مَنْ أَعْتَقَتْهُ أَوْ جَرَّ الْوَلَاءَ إلَيْهَا مَنْ أَعْتَقَتْهُ (وَتَرْتِيبُهُمْ) أَيْ عَصَبَاتُ الْمُعْتَقِ الذُّكُورُ (فِي الْوَلَاءِ كَالنَّسَبِ) أَيْ فِي الْإِرْثِ بِهِمَا فَيُقَدَّمُ الِابْنُ وَإِنْ سَفُلَ ثُمَّ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ وَإِنْ عَلَا (إلَّا أَنَّ هُنَا يُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ، وَالْعَمُّ وَابْنُهُ عَلَى أَبِي الْجَدِّ بِخِلَافِ النَّسَبِ) جَرْيًا هُنَا عَلَى الْقِيَاسِ فِي أَنَّ الْبُنُوَّةَ أَقْوَى مِنْ الْأُبُوَّةِ وَإِنَّمَا خُولِفَ فِي النَّسَبِ لِلْإِجْمَاعِ كَمَا مَرَّ. وَذِكْرُ ابْنِ الْعَمِّ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَذَكَرَ الْأَصْلَ مَعَ ذَلِكَ ابْنَيْ عَمٍّ لِمُعْتَقِ: أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ بِخِلَافِهِ فِي النَّسَبِ، وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ.

    الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ مِيرَاثِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ

    حاشية الرملي الكبير

    قَوْلُهُ: فَالْمُعْتِقُ) فَلَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ كَافِرًا فَلَحِقَ الْعَتِيقُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَاسْتُرِقَّ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْآخَرُ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ الْمُعْتَقُ حَيًّا وَلَكِنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ كَقَتْلٍ أَوْ كُفْرٍ فَإِنَّ الْمَالَ يَنْتَقِلُ لِعَصَبَتِهِ فِي حَيَاتِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ اخْتِلَافِ الدِّينِ فِي الْأُمِّ وَخَالَفَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فَجَعَلَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ مَعَ وُجُودِ الْمُعْتِقِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَمُقْتَضَى إلْحَاقِ الْوَلَاءِ بِالنَّسَبِ وَكَانَ الْمُعْتِقُ لَمَّا أَعْتَقَ هَذَا الرَّقِيقَ ثَبَتَ الْوَلَاءُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَتِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا الَّذِي تَرَتَّبَ الصَّرْفُ لِلْمِيرَاثِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ وَلَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ وَأَخٌ كَبِيرٌ فَنَقَلَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا الْأَخُ وَلَيْسَ بِالْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدِ بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَخَ يُزَوِّجُ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَلَاءَ هَلْ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكُلِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ لَا يَثْبُتُ لِلثَّانِي إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَهُوَ يُشْبِهُ الْخِلَافَ فِي الْوَقْفِ فِي تَلَقِّي الْبُطُونِ وَالْأَصَحُّ فِيهَا أَنَّ التَّلَقِّيَ يَثْبُتُ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا الَّذِي تَرَتَّبَ الصَّرْفُ فِي الْوِرَاثَاتِ وَشُرُوطِ الْوَاقِفِ.

    فَرْعٌ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي جِهَةِ عُصُوبَةٍ وَاخْتُصَّ أَحَدُهُمَا بِقَرَابَةٍ أُخْرَى

    (قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ أَحَدُ ابْنَيْ عَمِّ الْمُعْتِقِ بِالْإِخْوَةِ مِنْ الْأُمِّ) وَكَذَا فِي ابْنَيْ عَمٍّ لِأَبِ أَحَدِهِمَا أَخٌ لِأُمٍّ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ خَطِيرٌ جِدًّا وَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - تَتَوَقَّى الْكَلَامَ فِيهِ جِدًّا (فَالْجَدُّ لَا يُسْقِطُهُمْ) لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ وَلِأَنَّهُمْ يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ فَلَا يَسْقُطُونَ بِالْجَدِّ كَالْأَبْنَاءِ؛ وَلِأَنَّ وَلَدَ الْأَبِ يُدْلِي بِالْأَبِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْجَدِّ كَأُمِّ الْأَبِ (فَإِنْ انْفَرَدُوا) عَنْ ذِي فَرْضٍ (فَلَهُ الْأَغْبَطُ مِنْ الثُّلُثِ وَ) مِنْ (الْمُقَاسَمَةِ) أَمَّا الثُّلُثُ فَلِأَنَّ لَهُ مَعَ الْأُمِّ مِثْلَيْ مَا لَهَا وَالْإِخْوَةُ لَا يُنْقِصُونَهَا عَنْ السُّدُسِ فَلَا يُنْقِصُونَهُ عَنْ مِثْلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْإِخْوَةَ لَا يُنْقِصُونَ أَوْلَادَ الْأُمِّ عَنْ الثُّلُثِ فَبِالْأَوْلَى الْجَدُّ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُمْ، وَأَمَّا الْمُقَاسَمَةُ فَلِأَنَّهُ كَالْأَخِ فِي إدْلَائِهِ بِالْأَبِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ أَخَذَ الثُّلُثَ فَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ قَاسَمَ كَانَ (كَأَحَدِهِمْ) وَإِنَّمَا أُعْطِيَ الْأَغْبَطُ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهِ جِهَتَا الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ فَأُعْطِيَ أَغْبَطُهُمَا (وَالْمُقَاسَمَة أَغْبَطُ) لَهُ (مَا لَمْ يَكُنْ) مَعَهُ (أَخَوَانِ أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ) أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ فَأَكْثَرُ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ أَوْ أَخٌ وَأُخْتٌ أَوْ أُخْتَانِ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ فَقَطْ فَيَسْتَوِي لَهُ الْأَمْرَانِ.

    وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ وَلَا تَنْحَصِرُ صُوَرُهُ فَالثُّلُثُ أَغْبَطُ لَهُ (وَضَابِطُهُ أَنَّ الْأَخَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ أَنَّ الْإِخْوَةَ (وَالْأَخَوَاتِ إذَا كَانُوا مِثْلَيْهِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ أَخَوَاتٍ فَهُمَا) أَيْ الثُّلُثُ وَالْمُقَاسَمَةُ (سَوَاءٌ) فِي الْحُكْمِ لَكِنْ الْفَرْضِيُّونَ (يَقُولُونَ لَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ) عَمَلًا مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَلِوُرُودِ النَّصِّ بِهِ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ وِلَادَةٌ وَهِيَ الْأُمُّ دُونَ الْمُقَاسَمَةِ، قَالَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا: وَلِأَنَّهُ مَهْمَا أَمْكَنَ الْأَخْذُ بِالْفَرْضِ كَانَ أَوْلَى لِقُوَّتِهِ وَتَقْدِيمُ صَاحِبِهِ عَلَى الْعَصَبَة وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ حِينَئِذٍ فَرْضًا وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْهَائِمِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الرَّافِعِي أَنْ يَأْخُذَهُ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1