Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
Ebook666 pages4 hours

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري ، كتاب في التفسير، وضح فيه المؤلف ما يلتبس من آيات القرآن الكريم، ليبرز الفوائد التي احتواها، وليكشف عن دقائق أسرار القرآن، في تعبيره الرفيع، وبيانه المعجز. يقول زكريا الأنصاري في مقدمة الكتاب: «فهذا مختصرٌ في ذكرِ آياتِ القرآنِ المتشابهاتِ، المختلفةِ بزيادةٍ أو تقديمٍ أو إبدال حرفٍ بآخر أو غيرِ ذلك، مع بيان سبب تكراره، وفي ذكر أنْموذجٍ من أسئلة القرآن العزيز وأجوبتها، صريحاً أو إشارةً، جمعتُه من كلام العلماء المحققين، ما فَتح اللَّهُ به من فيضِ فضلِهِ المتين، وسميته بـ"فتحُ الرحمن بكشف ما يَلْتبسُ في القرآن". واللهَ أسالُ أن ينفع به، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وهو حسبي ونعم الوكيل»
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJul 14, 1902
ISBN9786341040141
فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

Read more from زكريا الأنصاري

Related to فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

Related ebooks

Related categories

Reviews for فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن - زكريا الأنصاري

    الغلاف

    فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن

    زكريا الأنصاري

    926

    فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري ، كتاب في التفسير، وضح فيه المؤلف ما يلتبس من آيات القرآن الكريم، ليبرز الفوائد التي احتواها، وليكشف عن دقائق أسرار القرآن، في تعبيره الرفيع، وبيانه المعجز. يقول زكريا الأنصاري في مقدمة الكتاب: «فهذا مختصرٌ في ذكرِ آياتِ القرآنِ المتشابهاتِ، المختلفةِ بزيادةٍ أو تقديمٍ أو إبدال حرفٍ بآخر أو غيرِ ذلك، مع بيان سبب تكراره، وفي ذكر أنْموذجٍ من أسئلة القرآن العزيز وأجوبتها، صريحاً أو إشارةً، جمعتُه من كلام العلماء المحققين، ما فَتح اللَّهُ به من فيضِ فضلِهِ المتين، وسميته بـفتحُ الرحمن بكشف ما يَلْتبسُ في القرآن. واللهَ أسالُ أن ينفع به، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وهو حسبي ونعم الوكيل»

    ترجمة المؤلف زكريا الأنصاري

    هو شيخ الإسلام أبو يحيى زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي المصري الشافعي

    ولد بقرية الحلمية (سنيكة قديماً) - مركز أبوحماد - محافظة الشرقية*

    قاض، مفسر، من حفاظ الحديث.

    ولد في سنيكة (بشرقية مصر) سنة 823 هـ، وتعلم في القاهرة، وكف بصره سنة 906 هـ.

    نشأ فقيرا معدما، قيل: كان يجوع في الجامع فيخرج بالليل يلتقط قشور البطيخ فيغسلها ويأكلها.

    وكما ظهر فضله تتابعت إليه الهدايا والعطايا، بحيث كان له قبل دخوله في منصب القضاء كل يوم نحو ثلاثة آلاف درهم، فجمع نفائس الكتب وأفاد القارئين عليه علما ومالا.

    وولاه السلطان قايتباي الجركسي (826 - 901) قضاء القضاة، فلم يقبله إلا بعد مراجعة والحاح.

    ولما ولي رأى من السلطان عدولا عن الحق في بعض أعماله، فكتب إليه يزجره عن الظلم، فعزله السلطان، فعاد إلى اشتغاله بالعلم إلى أن توفي سنة 926 هـ.

    له تصانيف كثيرة، منها:

    - (فتح الرحمن) في التفسير.

    - تحفة الباري على صحيح البخاري.

    - (فتح الجليل) تعليق على تفسير البيضاوي.

    - (شرح إيساغوجي) في المنطق.

    - (شرح ألفية العراقي) في مصطلح الحديث.

    - (شرح شذور الذهب) في النحو.

    - (تحفة نجباء العصر) في التجويد.

    - (اللؤلؤ النظيم في روم التعلم والتعليم) رسالة.

    - (الدقائق المحكمة) في القراءات.

    - فتح العلام بشرح الاعلام بأحاديث الاحكام.

    - (تنقيح تحرير الباب) في الفقه.

    - (غاية الوصول) في أصول الفقه.

    - (لب الاصول) اختصره من جمع الجوامع.

    - (أسنى المطالب في شرح روض الطالب) في الفقه.

    - (الغرر البهية في شرح البهجة الوردية) في الفقه.

    - (منهج الطلاب) في الفقه.

    - (الزبدة الرائقة) رسالة في شرح البردة.

    وترجم له ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب (8 / 134 - 136) في وفيات سنة 925 هـ، وقال: (وفيها شيخ الاسلام قاضي القضاة زين الدين الحافظ زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الانصاري السنبكي ثم القاهري الازهري الشافعي.

    قال في

    النور: ولد سنة ست وعشرين وثمنمائة بسنيكة من الشرقية، ونشأ بها، وحفظ القرآن وعمدة الاحكام وبعض مختصر التبريزي، ثم تحول إلى القاهرة سنة إحدى وأربعين، فقطن في جامع الازهر وكمل حفظ المختصر ثم حفظ المنهاج الفرعي والالفية النحوية والشاطبية والرائية وبعض النهاج الاصلي ونحو النصف من ألفية الحديث ومن التسهيل إلى (كاد) وأقام بالقاهرة يسيرا، ثم رجع إلى بلده وداوم الاشتغال وجد فيه.

    وكان ممن أخذ عنه القاياني والعلم البلقيني والشرف السبكي والشموس الوفائي والحجازي والبدرشي والشهاب بن المجدي والبدر النسابة والزين البوشنجي والحافظ ابن حجر والزين رضوان في آخرين.

    وحضر دروس الشرف المناوي، وأخذ عن الكافيجي وابن الهمام ومن لا يحصى كثرة.

    ورجع إلى القاهرة، فلم ينفك عن الاشغال والاشتغال مع الطريقة الجميلة والتواضع وحسن العشرة والادب والعفة والانجماع عن أبناء الدنيا مع التقلل وشرف النفس ومزيدة العقل وسعة الباطن والاحتمال والمداراة وأذن له غير واحد من شيوخه في الافتاء والاقراء، منهم شيخ الاسلام ابن حجر، وتصدى للتدريس في حياة شيوخه، وانتفع به الفضلاء طبقة بعد طبقة، وألف ما لا يحصى كثرة فلا نطيل بذكرها، إذ هي أشهر من الشمس.

    وقصد بالفتاوى، وزاحم كثيرا من شيوخه فيها.

    ورويته أحسن من بديهته، وكتابته أمتن من عبارته، وعدم مسارعته إلى الفتاوى يعد من حسناته.

    وله الباع الطويل في كل فن، خصوصا التصوف.

    وولي تدريس عدة مدارس إلى منصب قضاء القضاة بعد امتناع كثرة، وذلك في رجب سنة ست وثمانين، واستمر قاضيا مدة ولاية الاشرف قايتباي، ثم بعد ذلك، إلى أن كف بصره فعزل بالعمر.

    ولم يزل ملازم التدريس والافتاء والتصنيف وانتفع به خلائق لا يحصون منهم ابن حجر الهيتمي، وقال في معجم مشايخه: وقدمت شيخنا زكريا لانه أجل من وقع عليه بصري من العلماء العاملين والائمة الوارثين، وأعلى

    من عنه رويت ودريت من الفقهاء الحكماء المهندسين، فهو عمدة العلماء الاعلام وحجة الله على الانام، حامل لواء المذهب الشافعي على كاهله ومحرر مشكلاته وكاشف عويصاته في بكره وأصائله، ملحق الاحفاد بالاجداد، المتفرد في زمنه بعلو الاسناد، كيف ولم يوجد في عصره إلا من أخذ عنه مشافهة أو بواسطة أو بوسائط متعددة، بل وقع لبعضهم أنه أخذ عنه مشافهة تارة وعن غيره ممن بينه نحو سبع وسائط تارة أخرى، وهذا لا نظير له في أحد اهل عصره، فنعم هذا التمييز الذي هو عند الائمة أولى به وأحرى، لانه حاز به سعة التلامذة والاتباع وكثرة الاخذين عنه ودوام الانتفاع. انتهى.

    وتوفي رحمه الله تعالى يوم الجمعة رابع ذي الحجة بالقاهرة، ودفن بالقرافة بالقرب من الإمام الشافعي رضي الله عنه.

    وجزم في الكواكب بوفاته في السنة التي بعدها، قال: (عاش مائة وثلاث سنين) انتهى.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مقدمة المحقق

    الحمدُ للهِ ربّ العالمين، الذي كشف لعباده المتقين، عن أسرار كتابه المبين، وأطلعهم على دقائقِ كنوزه، وروائعِ آياتهِ، والصَّلاةُ والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، الذي خَصَّه اللَّهُ بالمعجزةِ الخالدة معجزةِ القرآن وعلى آله وأصحابه الأبرار الأطهار، والتابعين لهم بإِحسان إلى يوم الدين.

    وبعد:

    فإِن كتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس من القرآن لشيخ الإِسلام أبي يحيى زكريا الأنصاري، من المخطوطات النادرة، والكتب النفيسة، التي يحتاج إليها طلبة قسم الدراسات العليا فرع الكتاب والسنة وقد بذل المؤلف - رحمه الله - قُصارى جهده، لتوضيح ما يلتبس من آيات القرآن الكريم، ليبرز لنا تلك الدرر النفيسة، والكنوز الثمينة، التي احتواها هذا الكتاب المجيد، وليكشف لنا عن دقائق أسرار القرآن، في تعبيره الرفيع، وبيانه المعجز.

    وقد عثرت في المكتبة المحمودية بالمدينة المنوَّرة، على نسخةٍ مخطوطة، لهذا السِّفر القيم، كما رأيت في مكتبة جامعة أمٍ القرى بمكة المكرمة، نسخةً مخطوطة أخرى لهذا الكتاب النفيس، ولكنها قد طُمست منها بعض العبارات، وقد اعتمدت عليها في تحقيق هذه المخطوطة، وقد اتضح لي نقص بعض الصفحات فيها، فاستعنت بالنسخة المصوَّرة من إسبانيا، التي اهديت إلى جامعة أم القرى تحت رقم 1385 من الجامعة الِإسلامية، أطلعني عليها بعض الإِخوة المسئولين في قسم المخطوطات، كما اطلعت على نسخةٍ أخرى في مكتبة الحرم المكيّ الشريف، وقد ساعدتني واستفدت منها للمقارنة بين النسخ الثلاث، عند غموض بعض العبارات، أو سقوطها، وأما ما طُبع من هذا الكتاب فتح الرحمن على هامش التفسير المسمًى السراج المنير للخطيب الشربيني فلم يكن كاملاً، وإِنما هو لبعض سورٍ كريمة، من أول سورة البقرة إلى نهاية سورة التوبة، وليس فيه شي من التحقيق العلمي، الذي ينشده الباحث، ويسعى إليه المحقّق.

    وقد عملتُ عند تحقيق هذه المخطوطة، على ترقيم الآيات فيها، في كل سورةٍ من السور التي تناولتها، ليسهل على القارىء فهمُها واستيعابها، كما نبًهتُ إلى مكان الآية ورقمها في الآيات التي استشهد بها المؤلف، ووضعت بعض التعليقات الهامَّة في الحاشية، لا سيما إذا أتى المؤلف برأيٍ مرجوحٍ، أو قولٍ غريب في تفسير الآيات الكريمة، يخالف ما ذهب إليه الأئمة المحققون من أهل التفسير.

    وإنني أحمد الله عزَّ وجل أن يسر لي الطريق، وذلَّل الصعاب، لِإتمام هذا العمل المفيد، وأشكر دار القرآن الكريم لصاحبها الأخ الفاضل الأستاذ محمد بسام الأسطواني على جهودها في إخراج هذا السِّفر القيم، بهذا الرونق القشيب، كما أشكر جميع الِإخوة الذين ساعدوني في تحقيق هذه المخطوطة، ولا يفوتني أن أخصّ بالشكر الأخ الفاضل الوجيه الشيخ عبد الله أبو الحسن الذي ساهم بطباعة هذا الكتاب على نفقته الخاصة، فطبع منه خمسة آلاف نسخة وقدَّمها هدية لطلاب العلم، وأساله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصةً لوجهه الكريم، وأن يوفقنا لخدمة دينه، إنه سميع مجيب الدعاء، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

    الخامس عشر من شهر ربيع الأول 1402 هـ.

    وكتبه

    خادم الكتاب والسُّنة

    محمد علي الصابوني بسم الله الرحمن الرحيم

    مُقدّمَة المؤلفِ

    الحمد لله الذي نور قلوبَ العارفين بكتابِهِ العظيم، وأطلعهم على خبايا الزوايا بالبرهان القويم، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ الأنام، وعلى آلِه وصحبِهِ البَرَرة الكرام.

    وبعد:

    فهذا مختصرٌ في ذكرِ آياتِ القرآنِ المتشابهاتِ، المختلفةِ بزيادةٍ، أو تقديمٍ، أو إبدال حرفٍ بآخر، أو غيرِ ذلك مع بيان سبب تكراره، وفي ذكر أنْموذجٍ من أسئلة القرآن العزيز وأجوبتها، صريحاً أو إشارةً، جمعتُه من كلام العلماء المحققين، ما فَتح اللَّهُ به من فيضِ فضلِهِ المتين، وسميته بـ: فتحُ الرحمن بكشف ما يَلْتبسُ في القرآن .

    واللهَ أسالُ أن ينفع به، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وهو حسبي ونعم الوكيل.

    سُورَة الفَاتِحة

    1 - قوله تعالى: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم)

    أي أبتدىءُ. وتقديرُ العامِل مؤخراً كما صنعتُ أولى من تقديمه ليفيد الاختصاص، والاهتمام بشأن المقدَّم. وإِنَّما قُدِّم في قوله اقرأ باسم ربك للاهتمام بالقرآن، لأن ذلك أوَّلُ سورةٍ نزلت.

    2 - قوله تعالى: (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

    كرره لأن الرحمة هي الِإنعامُ على المحتاج، وذكرَ في الآية الأولى المُنعِمَ دونَ المُنْعَمِ عليهم، وأعادها مع ذكرهم بقوله (رَبِّ العَاَلمينَ) الخ.

    فإِن قلتَ: الرحمنُ أبلغ من الرحيم فكيف قدَّمه؟ وعادةُ العرب في صفات المدح الترقّي من الأدنى إلى الأعلى كقولهم: فلانٌ عالمٌ نِحرير.. لأن ذكر الأعلى أوّلًا، ثم الأدنى، لم يتجدد بذكر الأدنى فائدة، بخلاف عكسه؟! قلت: إن كانا بمعنى واحدٍ كندمان ونديم، كما قال الجوهري وغيره فلا إشكال، أو بأنَّ الرحمن أبلغ كما عليه الأكثر، فإِنما قدَّمه لأنه اسمٌ خاصٌ بالله تعالى كلفظ الله .

    3 - قوله تعالى: (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)

    كرَّر (وَإِيَّاكَ) لأنه لو حذفه في الثاني لفاتت فائدة التقديم، وهي قطع الاشتراك بين العاملَيْن، إذ لو قال: إِيَّاكَ نعبدُ ونستعينُ لم يظهر أن التقدير إِيَّاكَ نعبدُ وإِيَّاكَ نستعين.. أو إِيَّاكَ نعبدُ ونستعينك!!

    فإِن قلتَ: إذا كان نستعينك مفيداً لقطع الاشتراك بين العامِلَيْن، فلِمَ عَدَلَ عنه مع أنه أخصرُ، إِلى وإِيَّاكَ نستعين ؟

    قلتُ: عَدَلَ إليه ليفيد الحصر بين العامليْن مع أنه أخصر.

    فإِن قلتَ: فلمَ قَدَّمَ العبادة على الاستعانة، مع أن الاستعانة مقدمة، لأن العبد يستعين اللَّهَ على العبادة ليُعينه عليها؟ قلتُ: الوَاوُ لا تقتضي الترتيبَ، أو المرادُ بالعبادةِ التوحيدُ وهو مقدَّم على الاستعانة على سائر العبادات.

    4 - قوله تعالى: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) .

    كرَّرَ الصراط لأنه المكان المهيَّأُ للسّلوك، فذكر في الأول المكان دون السَّالك، فأعاده مع ذكره بقوله (صراطَ الّذينَ أنعَمْتَ عليهم) الخ.. المصرَّح فيه بما يخرج اليهود وهم المغضوب عليهم، و النصارى وهم الضالُّون.

    فإِن قلتَ: المراد بالصراط المستقيم الِإسلامُ، أو القرآن، أو طريق الجنة كما قيل.. والمؤمنون مهتدون إلى ذلك، فما معنى طلب الهداية له، إذ فيه تحصيلُ الحاصل؟

    قلتُ: معناه ثبِّتْنا وأَدِمْنا عليه مع الاستقامة كما في قوله (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا باللَّهِ) .

    فإِن قلتَ: ما فائدةُ دخول لا في قوله (وَلَا الضَّالين) مع أن الكلام بدونها كافٍ في المقصود؟

    قلتُ: فائدتُه توكيدُ النفي المفاد من غير

    سورة البقرة

    1 - قوله تعالى: (الم). كُرِّرَ في أوائل ستِّ سور.

    وزاد في الأعراف صاداً لقوله بعده (فَلَا يَكُنْ في صَدْرِكَ حَرَجٌ منه. .) الآية.

    وفي الرعد راءً لقوله بعده (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّموَاتِ. .) الآية.

    واعلم أن حرف الهجاء في أوائل السور من المتشابه الذي استأثر اللهُ بعلمه، وهي سِرُّ القرآن.

    وفائدة ذكرها طلبُ الِإيمان بها.

    وقيل: هي معلوماتُ المعاني، وعليه:

    فقيل: كل حرف منها أول اسم من أسماء الله.

    فالألف من الله واللام من اللطيف والميم من المجيد والصادُ من صادق والرَّاءُ من رءوف . وقيل: هي أقسامٌ أقسم الله بها لشرفها.

    وقيل: غيرُ ذلك وأَنَّ تسميتَها حروفاً مجازٌ، وإِنما هي أسماءٌ مسمياتها الحروف المبسوطة.. وعليه فقيل: مُعْربة، وقيل: مبنيَّةٌ، وقيل: لا، ولا، وقد بيَّنت ذلك في غير هذا الكتاب.

    2 - قوله تعالى: (لَارَيْبَ فِيهِ) أي لا شكَّ فيه.

    فإِن قلتَ: كيف نفى الرَّيْب، وكم ضالً ارتاب فيه؟

    قلتُ: المراد أنه ليس محلًا للرَّيب، أو لا ريب فيه عند الله، ورسوله، والمؤمنين.

    أو ذلك نفيٌ بمعنى النَّهي، أي لا ترتابوا فيه لأنه من عند الله، ونظيره قوله تعالى (إِنَّ السَّاعةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فيها. .).

    فإِن قلتَ: كيف قال: (هُدَىً لِلمُتَّقِينَ) وفيه تحصيلُ الحاصل، لأن المتقين مهتدون؟

    قلتُ: إنما صاروا متَّقينَ باستفادتهم الهُدَى من الكتاب، أو المراد بالهدى الثباتُ والدوام عليه.

    أو أراد الفريقين واقتصر على المتقين، لأنهم الفائزون بمنافع الكتاب، وللِإيجاز كما في قوله تعالى (سرابيلَ تقيكم الحرَّ. .) .

    3 - قوله تعالى: (هُمْ يُوقِنُونَ) أي يعلمون. واليقينُ: العلمُ بعد أن لم يكن، ولهذا لا يُقال لعلم اللَّهِ يقينٌ.

    4 - قوله تعالى: (أُوْلَئِكَ عَلَى هُدَىً مِنْ رَبِّهِمْ) .

    فإِن قلتَ: لمَ ذَكرَ ذلك مع قوله قبلُ هُدَىً للمُتَّقِينَ ؟

    قلتُ: لأنه ذكر هنا مع هُدىً فاعِله، بخلاف ثَمَّ.

    5 - قوله تعالى: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)

    فإِن قلتَ: لِمَ حُذِفَ الواوُ هنا، وأُثْبتت في يسَ ؟

    قلتُ: لأن ما هنا جملةٌ هي خبر عن اسم إنَّ وما هناك جملةٌ عُطفت على أخرى.

    فإِن قلتَ: ما فائدةُ بعثةِ الرسل بعد قوله (سَوَاءٌ عليهم) الآية؟

    قلتُ: لئلا يكون للناس حجة، أو لأنَّ الآية نزلتْ في قومِ لا يؤمنون ولو جاءتهم كلُّ آية فبعثةُ الرسل انتفع بهَا آخرون فآمنوا.

    6 - قوله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا)

    إن قلتَ: كيف قاله، مع أن المخادعة إنما تُتصوَّر في حقّ من تخفى عليه الأمور، ليتمَّ الخداعُ من حيث لا يعلم، ولايخفى على الله شيءٌ؟

    قلت: المراد يخادعون رسول الله، إذْ معاملةُ اللَّهِ معاملة رسوله، كعكسه لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ، وقوله مَنْ يُطِعِ الرَّسولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ، أو سمَّى نفاقَهم خداعاً لشَبهِهِ بفعل المخادع.

    7 - قوله تعالى: (أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ) .

    إن قلتَ: كيف خصَّ الفساد بالمنافقين، مع أن غيرهم مفسدٌ؟

    قلتُ: المرادُ بالفسادِ الفسادُ بالنفاق، وهم كانوا مختصَين به.

    8 - قوله تعالى: (اللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ) .

    إن قلت: الاستهزاءُ من باب العَبَث والسخرية، وذلك قبيحٌ على الله تعالى ومنزَّه عنه؟

    قلتُ: سمَّى جزاء الاستهزاء استهزاءً مشاكلةً كقوله وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا والمعنى أن الله يجازيهم جزاء استهزائهم.

    9 - قوله تعالى: (أو كصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ).

    إِن قلتَ: ما فائدة قوله من السَّمَاء مع أن الصيِّبَ لا يكون إِلَّا منها؟

    قلتُ: فائدتُه أنه عرَّف السماءَ، وأضاف الصيِّب إليها، ليدلَّ على أنه من جميع آفاقِ السَّماء، لا من أُفُقٍ واحد، إِذْ كُلّ - أفُق يُسمَّى سماءً، ونظيرُ ذلك قولُه تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ في الأَرْضِ .

    10 - قوله تعالى: (يَجْعَلُونَ أَصَابهُمْ فِي آذَانِهِمْ. .) .

    عبَّر بالأصابع عن أناملها، والمرادُ بعضها لأنهم إنما جعلوا بعض أناملها.

    11 - قوله تعالى: (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي إنه لا أنداد له.

    فإِن قلتَ: المشركون لم يكونوا عالمين بذلك، بل كانوا يعتقدون أنَّ له أنداداً؟

    قلتُ: المرادُ وأنتم تعلمون أن الأنداد لا تقدر على شيءٍ ممَّا مرَّ قبل ذلك، أو وأنتم تعلمون أنه ليس في التوراة والِإنجيل جوازُ اتخاذ الأنداد.

    12 - قوله تعالى: (فَأْتُوا بِسورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)

    إن قلتَ: لِمَ ذُكرت مِنْ هنا، وحُذفت في سورتَيْ يونس و هود ؟

    قلتُ: لأن مِنْ هنا للتَّبعيضِ، أو للتَّبْيينِ، أو زائدة على قول الأخفش، بتقدير رجوع الضمير في مثلِه إلى مَا في قوله: مِمَّا نَزَّلْنَا وهو الأوجه. والمعنى على الأخير: فأتوا بسورةٍ مماثلةٍ للقرآن، في البلاغة وحُسْنِ النَّظْم، وعلى الأوَّلَيْن: فأتوا بسورةٍ مما هو على صفته في البلاغة، وحُسن النَّظم، وحينئذٍ فكأنه منه، فحُسن الِإتيان بـ مِنْ الدالة على ما ذكر. بخلاف ذاكَ، فإِنه قد وصف السور بالافتراء، صريحاً في هود ، وإِشارةً في يونس فلم يَحْسُنْ الإتيان بـ مِنْ الدالَّة على ما ذُكر، لأنها حينئذٍ تُشعر بأنَّ ما بَعْدها من جنس ما قَبْلَها، فيلزم أن يكون قرآناً وهو محالٌ.

    ويجوز جعلُ مِنْ للابتداء، بتقدير رجوع الضمير في مثله إلى عبدنا أي محمد والمعنى: فأتوا بسورةٍ مبتدأةٍ من شخصٍ مثل محمد - صلى الله عليه وسلم -.

    13 - قوله تعالى: (مِنْ دُونِ اللَّهِ) .

    أي من غيره، وهو بهذا المعنى في جميع ماجاء منه في القرآن. وقد يستعمل بمعنى قبل كقولهم: المدينة دون مكة، ولا أقومُ من مجلسي دون أن تَجيء، ولا أفارفك دون أن تُعطيني حقَي.

    14 - قوله تعالى: (فَاتَّقوا النَّارَ) .

    إن قلتَ: كيف عرَّف النَّار هنا، ونكَّرها في التحريم؟

    قلت: لأن الخطاب في هذه مع المنافقين، وهم في أسفل النَّار المحيطة بهم، فعُرِّفت بلام الاستغراق، أو العهد الذهني، وفي تلك مع المؤمنين، والذي يُعذَّب من عصاتهم بالنَّار، يكون في جزءٍ من أعلاها، فناسب تنكيرها لتقليلها.

    وقيل: لأن تلك الآية نزلت قبل هذه بمكة، فلم تكن النار التي وقودُها النَّاس والحجارة معروفةً فنكَّرها ثَمَّ، وهذه نزلت بالمدينة فعُرِّفَتْ، إشارةً إلى ما عرفوه أولاً. ورُدَّ هذا بأن آية التحريم نزلت بالمدينة بعد الآية هنا.

    15 - قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ. .) .

    إن قلتَ: كيف شرَطَ في دخول المؤمنِ الجنَّة العملَ الصالح، مع أن مجرَّد الإِيمان كافٍ في دخولها! ؟

    قلتُ: المرادُ بالعمل الصالح: الإِخلاصُ في الإِيمان، أو الثبات عليه إلى الموت. (1)

    أو المرادُ بدخول الجنَّة دخولها مع الفائزين.

    16 - قوله تعالى: (إِنِّي جَاعِل فِي الَأرْضِ خَلِيفَةً. .) .

    أي قوماً يخلف بعضهم بعضاً.

    أو آدم بمعنى خليفة عني بأمري.

    أوخليفةً عن ملائكتي أو عن الجنّ.

    17 - قوله تعالى: (اسْجُدُوا لآدَمَ) أي تكرمةً لا عبادة.

    18 - قوله تعالى: (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكلاَ. .) .

    إن قلتَ: لم قال هنا وَكُلاَ بالواو، وفي الأعراف فَكُلاَ بالفاء؟

    قلتُ: لأنَّ اسْكُنْ هنا معناه استقرَّ، لكون آدم و حواء كانا في الجنة، والأكلُ يُجامع الاستقرار غالباً، فلهذا عطف بالواو الدَّالة على الجمع.

    والمعنى: اجمعا بين الاستقرار والأكل.

    وفي الأعراف: معناه أدخل لكونِهما كانا خارجين عنها، والأكل لا يكون مع الدخول عادة بل عَقِبه، فلهذا عطف بالفاء الدالة على التعقيب.. وقد بسطت الكلام على ذلك في الفتاوى.

    19 - قوله تعالى: (اهْبِطوا مِنْهَا. .) .

    كرَّر الأمر بالهبوط للتوكيد.

    أو لأن الهبوط الأول من الجنة، والثاني من السماء.

    أو لأن الأول إلى دار الدنيا، يتعادون فيها ولا يخلَّدون، والثاني إليها للتكليف، فمن اهتدى نجا، ومن ضلَّ هَلك.

    20 - قوله تعالى: (فَمَنْ تَبعَ هدَايَ. .) .

    وفي طه : (فَمَنِ اتّبَعَ هدَايَ. .) .

    إن قلت: لِمَ عبَّر هنا بـ تَبعَ وَثَمَّ ب اتَّبَع مع أنهما بمعنى؟

    قلت: جرياً على الأصل هنا، وموافقة لقوله يومئذٍ يتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ ثَمَّ.

    ولأن القضيَّة لما بُنيت من أول الأمر على التأكيد بقوله تعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ ناسبَ اختصاصها بالزيادة المفيدة للتأكيد.

    21 - قوله تعالى: (وَلَا تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الحَقَّ. .) .

    إن قلتَ: لا تَغَاير بينهما، فكيف عطف أحدهما على الآخر؟

    قلتُ: بل هما متغايران لفظاً كما في قوله تعالى: أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ .

    أو لفظاً ومعنى، لأن المراد بلبسهم الحقَّ بالباطل، كتابتُهم في التوراة ما ليس فيها، وبكتمانهم الحقَّ قولُهم: لا نجد في التوراة صفة محمد.

    22 - قوله تعالى: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا رَبِّهِمْ وَأنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).

    إن قلتَ: ما فائدةُ ذكرِ الثاني، مع أنَّ ما قبله يُغني عنه؟

    قلتُ: لا يُغني عنه، لأنَّ المراد بالأول: أنَّهم ملاقوا ثواب ربهم، على الصبر والصلاة.

    وبالثاني: أنّهم موقنون بالبعتْ، وبحصول الثواب على ما ذُكر.

    23 - قوله تعالى: (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ. .) .

    فإِن قلتَ: ما الحكمةُ في تقديم الشَّفاعة هنا، وعكسُه فيما يأتي؟

    قلتُ: للِإشارة هنا إلى مَنْ ميلُه إلى حبِّ نفسه أشد منه إلى حبِّ المال، وَثَمَّ إلى مَنْ هو بعكس ذلك.

    24 - قوله تعالى: (يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكمْ. .) .

    فإِن قلتَ: ما الحكمةُ في ترك العاطف هنا، وذكرِه

    في سورة إبراهيم؟ قلتُ: لأن ما هنا من كلام الله تعالى، فوقع تفسيراً لما قبله.

    وما هناك من كلام موسى وكان مأموراً بتعداد المِحَن في قوله: (وذَكِّرْهُمْ بأَيِّام اللهِ) فعدِّد المِحَن عليهم، فناسب ذكر العاطف.

    25 - قوله تعالى: (وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) .

    إن قلتَ: ما الحكمةُ في ذكر كانوا هنا وفي الأعراف، وفي حذفها في آل عمران؟

    قلتُ: لأن ما في السورتين، إخبارٌ عن قومٍ ماتوا وانقرضوا، فناسب ذكرها، وما فى آل عمران مَتل ضربه تعالى لأعمالهم بقوله مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ إلى آخره.

    26 - قوله تعالى: (وَإذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ القَرْيَةَ فَكُلُوا. .).

    فإن قلتَ: ما الحكمةُ في العطف بالفاء هنا، وفي الأعراف بالواو؟

    قلتُ: لأنه عبَّر هنا بالدخول، وهو سريعُ الانقضاء، فلا يناسبه مجامعة الأكلِ له، وإنما يناسبه تعقيبه له، فعطف بالفاء. وعَبَّر بالأعراف بالسكون، أي الاستقرار وهو ممتدٌّ يجامعه الأكلُ، فعطف بالواو.

    27 - قوله تعالى: (وَادْخُلُوا البَابَ سُجَّداً. .) .

    إن قلتَ: لمَ قدَّمه على قوله وَقُولُوا حِطَّةٌ وعَكس في الأعراف؟

    قلتُ: لأنه هنا وقع بياناً لكيفية الدخول المذكور قبله، بقوله: (وإذْ قُلْنَا ادْخلُوا هذهِ القَرْيةَ. .) بخلافه ثَمَ.

    28 - قوله تعالى: (وَسَنَزِيدُ المُحْسِنِينَ) إن قلتَ: لمَ ذكرَ هنا بالواو، وفي الأعراف بدونها؟

    قلتُ: لأنَّ اتصالَه هنا أشدُّ، لِإسناد القول فيه إلى

    الله تعالى في قوله وَإذْ قُلْنَا ادْخُلُوا . بخلافه ثَمَّ، فالأليقُ به حذفُ الواو ليكون استئنافاً.

    29 - قوله تعالى: (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ. .) .

    إن قلتَ: هم لم يُبدِّلوا غير الذي قيل لهم، وإنما بدَّلوه نفسه، لأنهم قيل لهم قولوا حِطَّةٌ فقالوا: حنطة.

    قلتُ: بل بدَّلوا غير الذي قيل لهمِ، لأن معناه: فبدَّل الذين ظلموا قولًا قيل لهم، فقالوا قولاً غير الذي قيل لهم.

    وزاد في الأعراف منهم موافقةً لقوله قبله وَمِنْ قَوْمِ موسى ولقوله بعده مِنْهمُ الصَّالِحونَ وَمِنْهمْ دُوْنَ ذَلِكَ .

    30 - قوله تعالى: (فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا. .) .

    عبَّر بدله في الأعراف بقوله: (فَأَرْسَلْنَا) لأنَ لفظ الرسول و الرِّسالة كثُر ثَمَّ، فناسب التعبير بأرسلنا.

    31 - قوله تعالى: (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً. .) .

    عبَّر بدَلَه في الأعراف بقوله: (فَانْبجَسَتْ) والأول أبلغُ لأنه انصبابُ الماء بكثرة، والانبجاسُ: ظهورُ الماء، فناسب ذكر الانفجار هنا الجمعُ قبله بين الأكل والشرب، الذي هو أبلغ من الاقتصار على الأكل.

    32 - قوله تعالى: (وَلَا تَعْثَوْا في الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) .

    إن قلتَ: العثُوُّ: الفسادُ، فيصير المعنى: ولا تفسدوا في الأرض مفسدين.

    قلتُ: لا محذور فيه، غايتُه أن مُفْسِدينَ حالٌ

    من فاعل تَعْثَوْا فهي حالٌ مؤكدة كما في قوله: ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ أو حالٌ مؤسِّسَة إذ العُثُوُّ لكونه التَّمادي في الفساد، أخصُّ من الفساد. فالمعنى - كما قال الزمخشري - لا تتمادوا في الفساد في حال فسادكم. 33 - قوله تعالى: (لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ) .

    إن قلتَ: كيف قالوا: على طَعامِ واحدٍ وطعامُهم كان طعاميْن: المَنَّ و السَّلوى ؟

    قلتُ: المرادُ بالواحد ما لا يختلف ولا يتبدَّل، أو بالطَّعاميْن أنهما ضربٌ واحدٌ، لأنهما من طعام أهل التلذُّذ والتَّرف، أو أنهما كانا يؤكلان مختلطيْنِ.

    34 - قوله تعالى: (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَق) .

    عَرَّف الحقَّ هنا، ونكَّره في آل عمران و النساء !!

    لأنَّ ما هنا لكونه وقع أولاً إشارةً إلى الحقِّ الذي أذن الله أن يُقتل النَّفسُ به، وهو قوله: وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ الَّلهُ إلاَّ بالحقِّ فكان التعريف أولى، وهناك أُريد به بغير حقٍّ في معتقدهم ودينهم، فكان بالتنكير أولى.

    فإن قلتَ: قتلُ النبِّيينَ لا يكون إلّا بغير الحقِّ، فما فائد " ذلك؟ قلتُ: فائدتُه التصريحُ بصفةِ فعلهم القبيح، لأنه أبلغُ في الشناعة.

    فإن قلتَ: لمَ مكَّنَ الكافرين من قتلِ الأنبياءِ؟

    قلتُ: كرامةً لهم، وزيادةً في منازلهم، كمن يُقْتلُ في الجهادِ من المؤمنين.

    35 - قوله تعالى: (وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ. .)

    فإن قلتَ: لمَ قدَّم النَّصارى على الصَّابئين هنا، وعكَسَ في المائدة والحجِّ؟

    قلتُ: لأن النصارى مقدَّمون على الصَّابئِين في الرتبة، لأنهم أهلُ كتابٍ، فقُدِّموا في البقرة لكونها أوَّلاً. والصَّابئون مقدَّمون على النَّصارى في الزمن، فقُدّموا في الحّجِ ، ورُوعي في المائدة المعنيان، فقُدّموا في اللفظ وأُخِّروا في المعنى، إذِ التقديرُ: والصابئون كذلك كما في قول الشاعر:

    فمنْ يَكُ أمْسَى في المدينةِ رَحْلُه

    فإنّي وَقَيارٌ بهَا لَغَريبُ

    إذِ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1