أسنى المطالب في شرح روض الطالب
()
About this ebook
Read more from زكريا الأنصاري
غاية الوصول في شرح لب الأصول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمقصد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتداء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنهج الطلاب في فقه الإمام الشافعي رضي الله عنه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الوهاب بشرح منهج الطلاب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنفرجتان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنحة الباري بشرح صحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإعراب القرآن العظيم المنسوب لزكريا الانصارى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الباقي بشرح ألفية العراقي Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to أسنى المطالب في شرح روض الطالب
Related ebooks
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجموع شرح المهذب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسبل السلام شرح بلوغ المرام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الباري لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأحكام القرآن لابن العربي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السيوطي على سنن النسائي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح معاني الآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعون المعبود وحاشية ابن القيم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلسان العرب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتلخيص الحبير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsدقائق التفسير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجامع العلوم والحكم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصحيح الأدب المفرد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمحلى بالآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبستان الأحبار مختصر نيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتحرير والتنوير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالفتاوى الكبرى لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشف المشكل من حديث الصحيحين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعون المعبود وحاشية ابن القيم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السندي على سنن ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإتقان في علوم القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنحة الباري بشرح صحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير ابن كثير Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for أسنى المطالب في شرح روض الطالب
0 ratings0 reviews
Book preview
أسنى المطالب في شرح روض الطالب - زكريا الأنصاري
أسنى المطالب في شرح روض الطالب
الجزء 4
زكريا الأنصاري
926
أسنى المطالب شرح روض الطالب للإمام الفقيه زكريا الأنصاري الشافعي هو كتاب موسوعي في الفقه على المذهب الشافعي، وهو شرح لكتاب «روض الطالب» لابن المقرئ (ت 837هـ) الذي هو مختصر عن كتاب «روضة الطالبين» للإمام النووي ولكتاب أسنى المطالب أهمية كبيرة عند الشافعية، حتى قال بعضهم: ليس شافعياً من لم يقرأ أسنى المطالب.
حاشية الرملي الكبير
فَصْلٌ أجر الصَّلَاة عَلَى الْمَيِّت
قَوْلُهُ وَهَلْ ذَلِكَ بِقِيرَاطِ الصَّلَاةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ التَّعَدُّدُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ أَجَابَ قَاضِي حَمَاةَ الْبَارِزِيُّ) وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ نَظَرًا إلَى تَعَدُّدِ الْجِنَازَةِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ اتِّحَادُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ رَبَطَ الْقِيرَاطَ بِوَصْفٍ، وَهُوَ حَاصِلٌ فِي كُلِّ مَيِّتٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْصُلَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَدَفَعَاتٍ قَالَ السُّبْكِيُّ: الْقِيرَاطُ مِنْ الْأَجْرِ لَيْسَ عَلَى الصَّلَاةِ فَقَطْ بَلْ هُوَ مَشْرُوطٌ بِشُهُودِهَا مِنْ مَكَانِهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَحِينَئِذٍ فَمَحَلُّ التَّعَدُّدِ لِمَنْ شَهِدَهَا مِنْ مَكَانِهَا حَتَّى صَلَّى عَلَيْهَا انْتَهَى.
وَثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ اقْتَنَى كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ» الْحَدِيثَ هَلْ يَتَعَدَّدُ النَّقْصُ لَوْ تَعَدَّدَتْ الْكِلَابُ الَّتِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ لَكِنْ يَتَعَدَّدُ الْإِثْمُ فَإِنَّ اقْتِنَاءَ كُلِّ وَاحِدٍ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِالْوَاحِدِ إنَّمَا وَبِالِاثْنَيْنِ وَهَلُمَّ جَرَّا، وَلَكِنَّا لَا يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ بِعَدَدِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ الشَّارِعِ وَلَا دَلَالَةَ لِكَلَامِ الشَّارِعِ عَلَيْهِ
فَرْعٌ يُسْتَحَبّ لِمِنْ حضر دفن الْمَيِّت أَنْ يَقِف عَلَى الْقَبْر بَعْد الدّفن وَيَسْتَغْفِر اللَّه وَيَدْعُوَا لَهُ
(قَوْلُهُ وَأَنْ يُلَقِّنَ الْمَيِّتَ بَعْدَ الدَّفْنِ إلَخْ) رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أُقْبِرَ الْمَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالْآخَرِ النَّكِيرُ فَيَقُولَانِ مَا كُنْت تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُهُ فِيهِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولَانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّك تَقُولُ هَذَا ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ ثُمَّ فَيَقُولُ أَرْجِعُ إلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ فَيُقَالُ نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ» قَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِمَرَّاتٍ لِمُجَاوَبَةٍ لَهُمَا تَوَاضَعَا لَهُ (قَوْلُهُ فَسَوَّيْتُمْ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّلْقِينَ يَكُونُ بَعْدَ إهَالَةِ التُّرَابِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ نَصْرٍ الْمَقْدِسِيَّ إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ قَبْرِهِ كَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ وَأَقَرَّهُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ الْعَبْدَ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ أَنَّهُ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ فَإِذَا انْصَرَفُوا أَتَاهُ مَلَكَانِ» الْحَدِيثَ فَإِذَا أُخِّرَ التَّلْقِينُ إلَى مَا بَعْدَ الْإِهَالَةِ كَانَ أَقْرَبَ إلَى حَالَةِ سُؤَالِهِ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ إلَخْ) وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ اللَّذَيْنِ يَأْتِيَانِ الْمُؤْمِنَ فِي قَبْرٍ مُبَشِّرٌ وَبَشِيرٌ أَيْ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ لَا مُنْكِرٌ وَنَكِيرٌ أَنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ خَيْرٌ فَقَالَ يُقَالُ يَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَمَةِ اللَّهِ وَأُبْدِلَ مَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ بِالْعَهْدِ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ: وَيُسَنُّ إعَادَةُ التَّلْقِينِ ثَلَاثًا قُلْت، وَهُوَ قِيَاسُ التَّلْقِينِ عِنْدَ الْمَوْتِ. اهـ. قَالَ الْقَمُولِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَلَا يُعَارِضُ التَّلْقِينُ قَوْله تَعَالَى {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] وَقَوْلُهُ {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} [النمل: 80] «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَادَى أَهْلَ الْقَلِيبِ وَأَسْمَعَهُمْ وَقَالَ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ لَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ جَوَابًا» .
«وَقَالَ فِي الْمَيِّتِ إنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِكُمْ»، وَهَذَا يَكُونُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ (وَأَنْ يَقِفَ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ وَيَقْعُدُ (الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ) لِوُرُودِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى سَمَاعِ الْمَيِّتِ التَّلْقِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّى التَّلْقِينَ أَهْلُ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ مِنْ أَقْرِبَائِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَمِنْ غَيْرِهِمْ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا يُلَقَّنُ طِفْلٌ) وَلَوْ مُرَاهِقًا (وَنَحْوُهُ) كَمَجْنُونٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ تَكْلِيفٌ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُفْتَنَانِ فِي قَبْرَيْهِمَا أَمَّا خَبَرُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَّنَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ» فَغَرِيبٌ (وَلَيُفْرَدُ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ) حَالَةَ الِاخْتِيَارِ لِلِاتِّبَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ عِبَارَةُ الْأَصْلِ الْمُسْتَحَبُّ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ أَنْ يُدْفَنَ كُلُّ مَيِّتٍ فِي قَبْرٍ. اهـ. فَلَوْ جُمِعَ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ كَرَجُلَيْنِ وَامْرَأَتَيْنِ كُرِهَ عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ وَحَرُمَ عِنْدَ السَّرَخْسِيِّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَعَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَعِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ لَا يُدْفَنُ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْكَرَاهَةُ أَوْ نَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ.
أَمَّا التَّحْرِيمُ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ. اهـ. وَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْفَقُ لِكَلَامِ الْأَصْلِ السَّابِقِ مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَمِيلُ إلَى التَّحْرِيمِ بِقَرِينَةِ تَعْبِيرِهِ بِالْجَوَازِ فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ كَثُرُوا وَعَسِرَ) إفْرَادُ كُلِّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ (جَازَ الْجَمْعُ) بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ بِحَسَبِ الضَّرُورَةِ وَكَذَا فِي ثَوْبٍ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ فِي قَتْلَى أُحُدٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ إلَى الْقِبْلَةِ) «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْأَلُ فِي قَتْلَى أُحُدٍ عَنْ أَكْثَرِهِمْ قُرْآنًا فَيُقَدِّمُهُ إلَى اللَّحْدِ» (لَا فَرْعٌ) فَلَا يُقَدَّمُ (عَلَى أَصْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ) فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَتُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ، وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنْهَا وَتَعْبِيرُهُ بِالْأَصْلِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ (وَلَا) يُقَدَّمُ (أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ) فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى أُمِّهِ لِفَضِيلَةِ الذُّكُورَةِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهُ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ (وَ) يُقَدَّمُ (الرَّجُلُ عَلَى الصَّبِيِّ) وَالصَّبِيُّ عَلَى الْخُنْثَى وَالْخُنْثَى عَلَى الْمَرْأَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَيُمْكِنُ إدْخَالُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ بِأَنْ يُقَالَ وَلَوْ احْتِمَالًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا تَسَاوَوْا فِي الْفَضِيلَةِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، وَأَنَّهُمْ إذَا تَرَتَّبُوا لَا يُنَحَّى لِمَا سَبَقَ، وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ يَأْتِي هُنَا، وَأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْأَبِ وَالْأُمِّ يَأْتِي هُنَاكَ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُدَّةَ هُنَا مُؤَيَّدَةٌ بِخِلَافِهَا وَبِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الصَّلَاةِ الدُّعَاءُ وَالْأَفْضَلُ أَوْلَى بِهِ (وَلَا يُجْمَعُ) فِي قَبْرٍ (رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَيَحْرُمُ عِنْدَ عَدَمِهَا كَمَا فِي الْحَيَاةِ وَمَحَلِّهِ إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ أَوْ زَوْجِيَّةٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ الْجَمْعُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَقَالَ إنَّهُ حَرَامٌ حَتَّى فِي الْأُمِّ مَعَ وَلَدِهَا وَالْقِيَاسُ أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ كَالْمُحَرَّمِ بَلْ أَوْلَى، وَأَنَّ الْخُنْثَى مَعَ الْخُنْثَى أَوْ غَيْرِهِ كَالْأُنْثَى مَعَ الذَّكَرِ (وَيُحْجَزُ بَيْنَ الْمَيِّتَيْنِ بِتُرَابٍ) نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (وَلَوْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ)
(فَصْلٌ يُكْرَهُ الْجُلُوسُ وَالِاسْتِنَادُ وَالْوَطْءُ لِلْقَبْرِ) أَيْ الْجُلُوسُ وَالْوَطْءُ عَلَيْهِ وَالِاسْتِنَادُ لَهُ تَوْقِيرًا لِلْمَيِّتِ، وَأَمَّا الْجُلُوسُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتَحْرِقَ ثِيَابَهُ حَتَّى تَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» فَفَسَّرَهُ رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْجُلُوسِ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ أَيْضًا فِي مُسْنَدِهِ بِلَفْظِ «مَنْ جَلَسَ عَلَى قَبْرٍ يَبُولُ عَلَيْهِ أَوْ يَتَغَوَّطُ» اكْتَفَى الْمُصَنِّفُ بِالْإِسْنَادِ عَنْ الِاتِّكَاءِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ (إلَّا لِحَاجَةٍ بِأَنَّ حَالَ) الْقَبْرِ (دُونَ مَنْ يَزُورُهُ) وَلَوْ أَجْنَبِيًّا بِأَنْ لَا يَصِلَ إلَيْهِ إلَّا بِوَطْئِهِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى عَدَمُ
حاشية الرملي الكبير
قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَلَّى التَّلْقِينَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُلَقَّنُ طِفْلٌ وَنَحْوُهُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يُلَقَّنَ الشَّهِيدُ كَمَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الطِّفْلَ لَا يُفْتَنُ فِي قَبْرِهِ جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يُسْأَلُونَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ النَّبِيِّ يُسْأَلُ عَنْ النَّبِيِّ فَكَيْفَ يُسْأَلُ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يُفْتَنُ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ كَشَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ عِنْدَ السَّرَخْسِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ لَكِنَّ الْأَصَحَّ الْكَرَاهَةُ إلَخْ) وَخَالَفَاهُ فِي الْقُوتِ وَالْخَادِمِ وَأَلْحَقَ السُّبْكِيُّ بَحْثًا بِالنَّوْعِ الْوَاحِدِ الْمُحَرَّمِ وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ التَّصْرِيحَ بِهِ وَبِالزَّوْجِ وَنَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ أَيْضًا ثُمَّ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّأَذِّي، وَأَمَّا مَحْذُورُ الشَّهْوَةِ وَالْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ فَزَالَ بِالْمَوْتِ وَسَيَأْتِي الْإِلْحَاقُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُدَّةَ هُنَا مُؤَبَّدَةٌ بِخِلَافِهَا ثُمَّ وَبِأَنَّ الْقَصْدَ إلَخْ) وَفِيهِمَا نَظَرٌ ش (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّ الصَّغِيرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْخُنْثَى مَعَ الْخُنْثَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِفِعْلِهِ مَنْدُوبٌ
فَصْلٌ الْجُلُوسُ وَالِاسْتِنَادُ وَالْوَطْءُ لِلْقَبْرِ
(قَوْلُهُ تَوْقِيرًا لِلْمَيِّتِ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَتَيَقَّنُ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَبْقَى فِي الْقَبْرِ أَنَّهُ لَا احْتِرَامَ وَعِبَارَتُهُ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْبَلَدِ لَا تَبْقَى لَهُ حُرْمَةٌ كَرَاهَةِ الْوَطْءِ لِضَرُورَةِ الدَّفْنِ وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ عَنْ النَّصِّ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَنْ يَزُورُهُ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَبْرِ مَيِّتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْمُرَادَ قَبْرُ الْمُسْلِمِ لَا قَبْرُ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَنَحْوِهِمَا وَفِي قَبْرِ الذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ لِأَجْلِ كَفِّ الْأَذَى عَنْ أَحْيَائِهِمْ إذَا وُجِدُوا وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ الْمُكْثِ فِي مَقَابِرِهِمْ
(فَرْعٌ تُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقُبُورِ) أَيْ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ (لِلرَّجُلِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ» (وَتُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ) لِجَزَعِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهَا «لِقَوْلِ عَائِشَةَ قُلْت كَيْفَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَعْنِي إذَا زُرْت الْقُبُورَ قَالَ قُولِي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَمَّا خَبَرُ «لَعَنَ اللَّهُ زَوْرَاتِ الْقُبُورِ» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زِيَارَتُهُنَّ لِلتَّعْدِيدِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ (إلَّا قَبْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَلَا تُكْرَهُ لَهَا زِيَارَتُهُ بَلْ تُنْدَبُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْحَجّ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ أَنْ تَكُونَ قُبُورُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ (وَيَقُولُ الزَّائِرُ) نَدْبًا (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ إلَى آخِرِهِ)، وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ وَفِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ أَقْوَالٌ قِيلَ هُوَ عَلَى عَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ لِتَحْسِينِ الْكَلَامِ وَقِيلَ هُوَ عَلَى بَابِهِ رَاجِعٌ إلَى اللُّحُوقِ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لِلتَّبَرُّكِ وَامْتِثَالِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا} [الكهف: 23] {إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 24] وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ تَنْكِيرِ السَّلَامِ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْمَشْهُورُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ تَعْرِيفُهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ قَالَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي يَقُولُ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَلَا يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْخِطَابِ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ قَالَ لَهُ عَلَيْك السَّلَامُ أَنَّ عَلَيْك السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى إذَا لَقِيَ الرَّجُلُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فَلْيَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَالصَّحِيحُ مَا مَرَّ وَأُجِيبَ عَنْ الْخَبَرِ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ عَادَتِهِمْ لَا تَعْلِيمٌ لَهُمْ وَبِأَنَّ أَخْبَارَنَا أَصَحُّ وَأَكْثَرُ وَقَوْلُهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْخِطَابِ مَمْنُوعٌ فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ دُنُوَّهُ مِنْهُ حَيًّا) عِنْدَ زِيَارَتِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ مَعَهُ الْبُعْدَ وَقَدْ أَوْصَى بِالْقُرْبِ مِنْهُ قَرُبَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي الْحَيَاةِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَأَنْ يَقْرَأَ) عِنْدَهُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ (ثُمَّ يَدْعُوَ) لَهُ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الزِّيَارَةِ وَأَنْ يُكْثِرَ الْوُقُوفَ عِنْدَ قُبُورِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْفَضْلِ (وَالْأَجْرُ لَهُ) أَيْ لِلْقَارِئِ (وَالْمَيِّتُ كَالْحَاضِرِ تُرْجَى لَهُ الرَّحْمَةُ) وَالْبَرَكَةُ وَسَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ مَا يُوَضِّحُهُ
(فَرْعٌ يَحْرُمُ نَبْشُ الْقَبْرِ قَبْلَ الْبِلَى عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ) بِتِلْكَ الْأَرْضِ لِهَتْكِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ (فَإِنْ بَلِيَ الْمَيِّتُ) بِأَنْ انْمَحَقَ جِسْمُهُ وَعَظْمُهُ وَصَارَ تُرَابًا (جَازَ) نَبْشُ قَبْرِهِ وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ (وَحَرُمَ) حِينَئِذٍ (تَجْدِيدُهُ) بِأَنْ يَسْتَوِيَ تُرَابُهُ عَلَيْهِ وَيُعَمَّرَ عِمَارَةَ قَبْرٍ جَدِيدٍ (فِي) مَقْبَرَةٍ (مُسَبَّلَةٍ) ؛لِأَنَّهُ يُوهِمُ النَّاسَ أَنَّهُ جَدِيدٌ فَيَمْتَنِعُونَ مِنْ الدَّفْنِ فِيهِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مَا لَوْ كَانَ الْمَدْفُونُ صَحَابِيًّا أَوْ مِمَّنْ اشْتَهَرَتْ وِلَايَتُهُ فَلَا يَجُوزُ نَبْشُهُ عِنْدَ الِانْمِحَاقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ حَسَنٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِعِمَارَةِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لِمَا فِيهِ مِنْ إحْيَاءِ الزِّيَارَةِ وَالتَّبَرُّكِ وَالْمُرَادُ بِعِمَارَتِهَا حِفْظُهَا مِنْ الدِّرَاسَةِ لَا تَجْدِيدُ بِنَائِهَا لِمَا مَرَّ (وَإِنْ وَقَعَ فِي الْقَبْرِ خَاتَمٌ وَنَحْوُهُ) أَيْ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يُتَمَوَّلُ، وَإِنْ قَلَّ (نَبْشٌ) وَرُدَّ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ فِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُهَذَّبِ بِطَلَبِ مَالِكِهِ لَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ يُوَافِقْهُ وَعَلَيْهِ وَرَدَ بِمُوَافَقَةِ صَاحِبَيْ الِانْتِصَارِ وَالِاسْتِقْصَاءِ لَهُ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ مُوَافَقَتَهُمَا لَا تُنَافِي مَا قَالَهُ وَعَلَى الْإِطْلَاقِ يُفَارِقُ مَا يَأْتِي فِي الِابْتِلَاعِ وَفِي التَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ فِي الْمَغْصُوبِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ بَشَاعَةٌ بِشَقِّ جَوْفِ الْمَيِّتِ وَالْأَخِيرَيْنِ ضَرُورِيَّانِ لِلْمَيِّتِ فَاحْتِيطَ لَهَا بِالطَّلَبِ بِخِلَافِ هَذَا (أَوْ ابْتَلَعَ مَالَ غَيْرِهِ) وَطَلَبَهُ صَاحِبُهُ كَمَا فِي الْأَصْلِ (وَلَمْ يَضْمَنْهُ) أَيْ مِثْلَهُ
حاشية الرملي الكبير
قَوْلُهُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
فَرْعٌ زِيَارَةُ الْقُبُورِ
(قَوْلُهُ أَيْ قُبُورُ الْمُسْلِمِينَ) فَإِنْ كَانَ كَافِرًا لَمْ تُسْتَحَبَّ بَلْ تُبَاحُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: تَحْرُمُ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مَنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ إلَّا عَرَفَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ) مِثْلُهَا الْخُنْثَى (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ أَنْ تَكُونَ قُبُورُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَقُولُ الزَّائِرُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ إلَخْ) سَبَقَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ زِيَارَةُ قُبُورِ أَقَارِبِهِ الْكُفَّارِ وَالْقِيَاسُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ لَا يَجُوزَ السَّلَامُ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ بَلْ أَوْلَى ج وَقَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ) قِيلَ إنْ بِمَعْنَى إذْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ عَلَى الْإِيمَانِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَدْنُوَ مِنْهُ دُنُوَّهُ مِنْهُ حَيًّا) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَلَا يَسْتَلِمْ الْقَبْرَ وَلَا يُقَبِّلْهُ وَيَسْتَقْبِلُ وَجْهَهُ لِلسَّلَامِ وَالْقِبْلَةِ لِلدُّعَاءِ ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى الْأَصْفَهَانِيُّ قَالَ شَيْخُنَا: نَعَمْ إنْ كَانَ قَبْرَ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ عَالِمٍ وَاسْتَلَمَهُ أَوْ قَبَّلَهُ بِقَصْدِ التَّبَرُّكِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
فَرْعٌ نَبْشُ الْقَبْرِ قَبْلَ الْبِلَى
(قَوْلُهُ يَحْرُمُ نَبْشُ الْقَبْرِ قَبْلَ الْبِلَى) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَالْقَصْرِ وَبِفَتْحِهَا وَالْمَدِّ س (قَوْلُهُ فَإِنْ بَلِيَ الْمَيِّتُ جَازَ) يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ): وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ حَسَنٌ)، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْله وَرُدَّ بِمُوَافَقَةِ صَاحِبَيْ الِانْتِصَارِ وَالِاسْتِقْصَاءِ لَهُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي كَلَامِ الدَّارِمِيِّ إشَارَةٌ إلَى مُوَافَقَةٍ وَلَمْ أَرَ لِلْأَئِمَّةِ مَا يُخَالِفُهُ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي الْأَرْضِ وَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي وُجُوبِ النَّبْشِ أَوْ فِي جَوَازِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُطْلِقِينَ عَلَى الْجَوَازِ وَكَلَامُ الْمُهَذَّبِ عَلَى الْوُجُوبِ عِنْدَ الطَّلَبِ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِإِطْلَاقِهِمْ اهـ أَوْ قِيمَتَهُ (أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ) أَوْ غَيْرُهُمْ (نُبِشَ وَشُقَّ جَوْفُهُ) وَرُدَّ لِمَا مَرَّ وَتَعْبِيرُهُ بِأَحَدٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْوَرَثَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ وَنَقَلَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَا يُنْبَشُ بِحَالٍ وَيَجِبُ الْغُرْمُ فِي تَرِكَتِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّقْيِيدُ غَرِيبٌ وَالْمَشْهُورُ لِلْأَصْحَابِ إطْلَاقُ الشَّقِّ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَقَدْ حَكَى صَاحِبُ الْبَحْرِ الِاسْتِثْنَاءَ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ لَا خِلَافَ فِيهِ (لَا) إنْ ابْتَلَعَ مَالَ (نَفْسِهِ) فَلَا يُنْبَشُ وَلَا يُشَقُّ لِاسْتِهْلَاكِهِ مَالَهُ فِي حَيَاتِهِ (وَلَوْ كُفِّنَ فِي مَغْصُوبٍ أَوْ دُفِنَ فِيهِ وَشَحَّ مَالِكُهُ) بِهِ عَلَى الْمَيِّتِ مَعَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ لَا يَشِحَّ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَشِحَّ بِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ (أَوْ) دُفِنَ (فِي مَسِيلٍ) أَيْ مَكَان لَحِقَهُ بَعْدَ الدَّفْنِ فِيهِ سَيْلٌ (أَوْ) فِي أَرْضٍ ذَاتِ (نَدَاوَةٍ) .
وَهَذَا قَدْ يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ (نُبِشَ) لِيُؤْخَذَ الْكَفَنُ فِي الْأُولَى وَلِيُنْقَلَ فِي الْبَقِيَّةِ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِشُحِّ الْمَالِكِ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّبْشُ قَبْلَ طَلَبِهِ، وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْأُسْتَاذِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ مِمَّنْ يُحْتَاطُ لَهُ وَمَحَلُّ النَّبْشِ أَيْضًا فِي الْكَفَنِ الْمَغْصُوبِ إذَا وُجِدَ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ النَّبْشُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّا إذَا لَمْ نَجِدْ إلَّا ثَوْبًا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِكِهِ قَهْرًا وَلَا يُدْفَنُ عُرْيَانًا، وَهُوَ مَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيُنْبَشُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْ مَيِّتًا وَدُفِنَ وَلَمْ يَعْلَمْ كَمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَوْ شَهِدَا عَلَى شَخْصِهِ ثُمَّ دُفِنَ وَاشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ أَوْ دُفِنَتْ امْرَأَةٌ وَفِي جَوْفِهَا جَنِينٌ تُرْجَى حَيَاتُهُ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ تَدَارَكَا لِلْوَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ شَقُّ جَوْفِهَا قَبْلَ الدَّفْنِ الْكَافِرِ بِالْحَرَمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ أَوْ تَدَاعَيَاهُ فَيُنْبَشُ لِتُلْحِقَهُ الْقَافَةُ بِأَحَدِهِمَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ.
وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا دُفِنَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ يُنْبَشُ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَوْ كَفَّنَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ التَّرِكَةِ وَأَسْرَفَ فَعَلَيْهِ غُرْمُ حِصَّةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَلَوْ قَالَ أَخْرِجُوا الْمَيِّتَ وَخُذُوهُ لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُمْ نَبْشُ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ الْكَفَنُ مُرْتَفِعَ الْقِيمَةِ، وَإِنْ زَادَ فِي الْعَدَدِ فَلَهُمْ النَّبْشُ وَإِخْرَاجُ الزَّائِدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ (لَا) إنْ دُفِنَ (بِلَا كَفَنٍ أَوْ فِي حَرِيرٍ) فَلَا يُنْبَشُ لِحُصُولِ السِّتْرِ فِي الْأُولَى بِالتُّرَابِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ بِالنَّبْشِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْحَرِيرِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى (وَشَرْطٌ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيُشْتَرَطُ (عَدَمُ التَّغَيُّرِ) لِلْمَيِّتِ (فِي النَّبْشِ لِلْغُسْلِ) أَوْ التَّيَمُّمِ فَإِنْ تَغَيَّرَ وَخَشِيَ فَسَادَهُ حَرُمَ النَّبْشُ لِتَعَذُّرِ تَظْهِيرِهِ فَسَقَطَ كَمَا يَسْقُطُ وُضُوءُ الْحَيِّ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ
(فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَ فِي سَفِينَةٍ وَأَمْكَنَ) مَنْ هُنَاكَ دَفْنُهُ لِكَوْنِهِمْ قُرْبَ الْبَرِّ وَلَا مَانِعَ (لَزِمَهُمْ) التَّأْخِيرُ لِيَدْفِنُوهُ فِيهِ (وَإِلَّا جُعِلَ بَعْدَ الصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (بَيْنَ لَوْحَيْنِ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ وَأُلْقِيَ لِيَنْبِذَهُ الْبَحْرُ إلَى مَنْ) لَعَلَّهُ (يَدْفِنُهُ، وَإِنْ) لَمْ يُجْعَلْ بَيْنَ لَوْحَيْنِ بَلْ (ثُقِّلَ بِشَيْءٍ لِيَنْزِلَ) إلَى الْقَرَارِ (لَمْ يَأْثَمُوا)، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْبَرِّ مُسْلِمِينَ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ إلْقَائِهِ فِي الْبَحْرِ بَيْنَ لَوْحَيْنِ أَوْ مُثَقَّلًا بِشَيْءٍ غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَإِذَا أَلْقَوْهُ بَيْن لَوْحَيْنِ أَوْ فِي الْبَحْرِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ (وَتُسْتَحَبُّ الْمُجَاوَرَةُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ) وَنَحْوِهِمْ لِخَبَرِ ابْنِ مَظْعُونٍ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الزَّائِرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدَّمَ الْأَبُ إلَى الْقِبْلَةِ ثُمَّ الْأَسَنُّ فَالْأَسَنُّ. اهـ.
وَلَوْ قِيلَ هُنَا بِمَا قِيلَ بِهِ فِي التَّقْدِيمِ إلَى الْقِبْلَةِ فِي الْقَبْرِ كَانَ أَقْرَبَ (وَمَنْ سَبَقَ إلَى) مَحَلٍّ مِنْ (مَكَان مُسَبَّلٍ فَهُوَ أَوْلَى بِالْحَفْرِ فِيهِ) لِخَبَرِ «مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ جَيِّدَةٍ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ فَإِنْ جَاءُوا مَعًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ نَبْشُ قَبْرِ الْمَيِّتِ وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ قَبْلَ الْبِلَى (فَإِنْ حَفَرَ فَوَجَدَ عِظَامَ مَيِّتٍ) أَيْ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَفْرِ (وَجَبَ رَدُّ تُرَابِهِ عَلَيْهِ. وَإِنْ وَجَدَهَا بَعْدَ تَمَامِ الْحَفْرِ جَعَلَهَا فِي جَانِبٍ)
مِنْ الْقَبْرِ (وَجَازَ) لِمَشَقَّةِ اسْتِئْنَافِ قَبْرٍ (دَفْنُهُ) أَيْ الْآخَرِ (مَعَهُ) وَنَقَلُوهُ عَنْ النَّصِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ
حاشية الرملي الكبير
قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ): أُمِّيٌّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَقَالَ لَا خِلَافَ فِيهِ) وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ مُرَاعَاةً لِلْمَيِّتِ وَحِفْظًا لِحَقِّ الْمَالِكِ وَيَقْوَى الْجَزْمُ بِهِ حَيْثُ لَا غَرَضَ إلَّا الْمَالِيَّةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ إذَا وُجِدَ مَا يُكَفَّنُ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ) أَيْ وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ أَوْ تَدَاعَيَا لِتُلْحِقْهُ الْقَافَةُ إلَخْ) أَوْ اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي أَنَّ الْمَدْفُونَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى نُبِشَ لِيَعْلَمَ كُلٌّ مِنْ الْوَرَثَةِ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَتَظْهَرَ ثَمَرَةُ ذَلِكَ فِي الْمُنَاسَخَاتِ وَغَيْرِهَا أَوْ قَالَ إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدًا غُلَامًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا فَدُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ حَالُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْبَشَ لِقَطْعِ النِّزَاعِ أَوْ بُشِّرَ بِمَوْلُودٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ ذَكَرًا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ أُنْثَى فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَمَاتَ الْمَوْلُودُ وَدُفِنَ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنْبَشَ لِيُعْتَقَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ أَوْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بَعْدَمَا دُفِنَ أَنَّهُ امْرَأَتُهُ وَطَلَبَ الْإِرْثَ وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَطَلَبَتْ الْإِرْثَ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَيُنْبَشُ فَلَوْ وُجِدَ خُنْثَى تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ أَوْ زَعَمَ الْجَانِي شَلَلَ الْعُضْوِ وَلَوْ أُصْبُعًا نُبِشَ لِيُعْلَمَ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ وَلَوْ دُفِنَ فِي ثَوْبٍ مَرْهُونٍ وَطَلَبَ الْمُرْتَهِنُ إخْرَاجَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالْقِيَاسُ غُرْمُ الْقِيمَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ نُبِشَ وَأُخْرِجَ مَا لَمْ تَسْقُطْ قِيمَتُهُ وَقَوْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَتَغَيَّرَ صُورَتُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ عَلَى الثَّلَاثِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ عَدَمِ التَّغَيُّرِ فِي النَّبْشِ لِلْغُسْلِ) قَالَ الْغَزِّيِّ: يُسْتَثْنَى مَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ وَلَا تَيَمُّمٍ لِفَقْدِ الطَّهُورَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُنْبَشُ لِلْغُسْلِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ
فَرْعٌ لَوْ مَاتَ فِي سَفِينَةٍ وَأَمْكَنَ مَنْ هُنَاكَ دَفْنُهُ لِكَوْنِهِمْ قُرْبَ الْبَرِّ لَزِمَهُمْ التَّأْخِيرُ لِيَدْفِنُوهُ فِيهِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قِيلَ هُنَا بِمَا قِيلَ بِهِ فِي التَّقْدِيمِ إلَخْ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ حُفِرَ فَوُجِدَ عِظَامُ مَيِّتٍ) لَوْ انْهَدَمَ قَبْرُ مَيِّتٍ تَخَيَّرَ وَارِثُهُ بَيْنَ تَرْكِهِ بِحَالِهِ وَنَبْشِهِ لِإِصْلَاحِهِ وَنَقْلِهِ إلَى غَيْرِهِ وَهَذَا النَّصُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فِي قَبْرٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ خِلَافًا لِلسَّرَخْسِيِّ وَقَدْ مَرَّ (وَمَنْ مَاتَ أَقَارِبُهُ) أَوْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ (دَفْعَةً) وَأَمْكَنَهُ دَفْنُ كُلٍّ فِي قَبْرٍ (بَدَأَ بِدَفْنِ) الْأَوْلَى بِتَجْهِيزِ (مَنْ يُخْشَى تَغَيُّرُهُ ثُمَّ بِأَبِيهِ) ؛لِأَنَّهُ أَكْثَرُ حُرْمَةً (ثُمَّ أُمَّةُ) ؛لِأَنَّ لَهَا رَحِمًا (ثُمَّ الْأَقْرَبُ وَيُقَدَّمُ الْأَكْبَرُ) سِنًّا (مِنْ أَخَوَيْهِ) مَثَلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي تَقْدِيمِ الْأَكْبَرِ مُطْلَقًا نَظَرٌ إذَا كَانَ الْأَصْغَرُ أَتْقَى وَأَعْلَمَ وَأَوْرَعَ فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا (وَيُقْرَعُ بَيْنَ زَوْجِيَّتِهِ) إذْ لَا مَزِيَّةَ وَمِثْلُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ عَبْدَاهُ وَأَمَتَاهُ.
(وَلَا يُدْفَنُ مُسْلِمٌ مَعَ كُفَّارٍ) أَيْ فِي مَقْبَرَتِهِمْ (وَلَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلَعْنِ الْمُسْلِمِ وَتَأَذِّيه بِمَوَاضِعِ الْغَضَبِ وُقُوعِ الْمُسْلِمِ فِي الِاسْتِغْفَارِ لِلْكَافِرِ (وَيُسْتَحَبُّ الدَّفْنُ نَهَارًا) لِسُهُولَةِ الِاجْتِمَاعِ وَالْوَضْعِ فِي الْقَبْرِ نَعَمْ إنْ خُشِيَ تَغَيُّرُهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ لِيُدْفَنَ نَهَارًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ بِهِ (وَلَا يُكْرَهُ لَيْلًا) ؛لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «وَرَأَى نَاسٌ نَارًا فِي الْمَقْبَرَةِ فَأَتَوْهَا فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَبْرِ وَإِذَا هُوَ يَقُولُ نَاوِلُونِي صَاحِبَكُمْ وَإِذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «زَجَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إنْسَانٌ إلَى ذَلِكَ» فَالنَّهْيُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ عَنْ دَفْنِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.
(وَلَا) يُكْرَهُ (فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ) بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا هَذَا (إنْ لَمْ يَتَحَرَّهَا) وَإِلَّا كُرِهَ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «عَنْ عُقْبَةَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَإِنْ نَقْبُرَ فِيهَا مَوْتَانَا وَذَكَرَ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَاسْتِوَائِهَا وَغُرُوبِهَا» وَظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْأَوْقَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالزَّمَانِ دُونَ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْفِعْلِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ وَالْحَدِيثُ وَالْمَعْنَى يَدُلُّ لِذَلِكَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الصَّوَابُ التَّعْمِيمُ وَنَقْبُرُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ بِدَفْنٍ (وَيُكْرَهُ الْمَبِيتُ فِي الْمَقْبَرَةِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ (وَيَحْرُمُ حَمْلُهُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ) آخَرَ لِيُدْفَنَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ دَفْنِهِ الْمَأْمُورِ بِتَعْجِيلِهِ وَتَعْرِيضِهِ لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْبَلَدِ لَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ بِظَاهِرِهِ، فَإِنَّ الصَّحْرَاءَ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَيَنْتَظِمُ مِنْهَا مَعَ الْبَلَدِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ، وَهِيَ النَّقْلُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَمِنْ صَحْرَاءَ إلَى صَحْرَاءَ، وَمِنْ بَلَدٍ إلَى صَحْرَاءَ وَالْعَكْسُ وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ بِالْبَلَدَيْنِ الْمُتَّصِلَيْنِ أَوْ الْمُتَقَارِبَيْنِ لَا سِيَّمَا وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِالدَّفْنِ خَارِجَ الْبَلَدِ وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِمَسَافَةِ مَقْبَرَتِهَا (إلَّا مَنْ بِقُرْبِ) مَكَان (مِنْ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ) مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيَخْتَارُ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهِ لِفَضْلِ الدَّفْنِ فِيهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقُرْبِ بِمَسَافَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا الْمَيِّتُ قَبْلَ وُصُولِهِ وَالْمُرَادُ بِمَكَّةَ جَمِيعُ الْحَرَمِ لَا نَفْسُ الْبَلَدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَا يَنْبَغِي التَّخْصِيصُ بِالثَّلَاثَةِ بَلْ لَوْ كَانَ بِقُرْبِهِ مَقَابِرُ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ يَقْصِدُ الْجَارَ الْحَسَنَ قَالَ وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الشَّهِيدِ لِخَبَرِ جَابِرٍ قَالَ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّوا إلَى مَصَارِعِهِمْ وَكَانُوا نُقِلُوا إلَى الْمَدِينَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. اهـ. وَلَوْ تَعَارَضَ الْقُرْبُ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ وَدَفَنَهُ بَيْنَ أَهْلِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى (فَإِنْ وَصَّى بِهِ) أَيْ بِحَمْلِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ غَيْرَ الْأَمَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ (لَمْ تَنْفُذْ وَصِيَّتُهُ) بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ (وَإِنْ رُجِيَتْ حَيَاةُ جَنِينِ مَيِّتَةٍ شُقَّ جَوْفُهَا) وُجُوبًا (فِي الْقَبْرِ) نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ (وَأُخْرِجَ) مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَتَا إخْرَاجِهِ أَعْظَمُ مِنْ مَفْسَدَةِ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا وَالتَّقْيِيدُ بِالْقَبْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الشَّقَّ فِيهِ أَسْتَرُ وَأَكْثَرُ احْتِرَامًا وَأَقَلُّ كُلْفَةً قَالَ الرُّويَانِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يُشَقُّ قَبْلَهُ أَيْ
حاشية الرملي الكبير
قَوْلُهُ، وَهَذَا النَّصُّ يَدُلُّ إلَخْ) مَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ إذَا وَجَبَ رَدُّ التُّرَابِ وَحَرُمَ الدَّفْنُ فِي الشَّقِّ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا جَوَّزَهُ فِي الشَّقِّ الثَّانِي لِمَشَقَّةِ اسْتِئْنَافِ قَبْرٍ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ أَبَاحَهُ قَالَ عَقِبَ النَّصِّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ مَنَعَ مِنْ دَفْنِ الثَّانِي مَعَهُ وَقَوْلُهُ بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الدَّفْنُ نَهَارًا) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ النَّهَارِ لَا مِنْ اللَّيْلِ وَلَا شَكَّ فِي إلْحَاقِهِ بِاللَّيْلِ لِوُجُودِ الْمَعْنَى، وَهُوَ مَشَقَّةُ الِاجْتِمَاعِ بَلْ هُوَ فِي الْمَشَقَّةِ أَشَدُّ مِمَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ لَا سِيَّمَا إذَا جُهِّزَ وَحُمِلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ إلَّا الدَّفْنُ. اهـ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا شَكَّ فِي إلْحَاقِهِ بِاللَّيْلِ لِمَشَقَّةِ الِاجْتِمَاعِ يُعْكَسُ عَلَيْهِ فَيُقَالُ: لَا شَكَّ فِي إلْحَاقِهِ بِالنَّهَارِ وَتَيَسُّرِ الِاجْتِمَاعِ فَإِنَّ جَمَاعَاتِ الصُّبْحِ تَكْثُرُ فِي أَوَّلِ الْفَجْرِ وَهُمْ أَكْثَرُ فَرَاغًا مِنْ وَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُمْ إذْ ذَاكَ يَنْتَشِرُونَ فِي مَعَايِشِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الشَّمْسِ.
(قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْمُبَادَرَةِ بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ) ؛لِأَنَّ لَهُ سَبَبًا مُتَقَدِّمًا أَوْ مُقَارِنًا، وَهُوَ الْمَوْتُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ) تَحَرِّيهَا مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فَظَاهِرُهُ التَّنْزِيهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ كَمَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَقَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا: الْأَوْجَهُ تَحْرِيمُ الدَّفْنِ عِنْدَ تَحَرِّي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ، وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ الصَّلَاةُ فِيهِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ): أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ التَّعْمِيمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ حَمْلُهُ مِنْ بَلَدٍ إلَى آخَرَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ النَّقْلُ إلَى بَلَدٍ إلَّا إذَا كَانَتْ مَقْبَرَتُهُ أَبْعَدَ مِنْ مَقْبَرَةِ الْبَلَدِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَمَّا لَوْ كَانَتْ عَلَى مَسَافَتِهَا أَوْ أَقْرَبَ فَلَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْجَيْشِ مَثَلًا بِدَارٍ الْحَرْبِ وَعَلِمَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ وَعَلِمْنَا أَوْ خِفْنَا أَنَّا لَوْ دَفَنَاهُ بِهَا لَنَبَشُوهُ وَأَحْرَقُوهُ وَمَثَّلُوا بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْلُ جَزْمًا بَلْ يَتَأَكَّدُ إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى انْفِجَارِهِ وَنَحْوِهِ لِيُرَدَّ الْوَقْتُ أَوْ قُرْبِ دَارِنَا وَقَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ فِي الْبَلَدَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) وَغَيْرُهُ: (قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ رُجِيَتْ حَيَاةُ جَنِينٍ مَيِّتَةٍ) بِأَنْ يَكُونَ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ إخْرَاجِهِ إلَخْ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَمُوتُ بِضِيقِ النَّفَسِ (وَإِنْ لَمْ تُرْجَ) حَيَاتُهُ (لَمْ تُدْفَنْ) هِيَ (حَتَّى يَمُوتَ) هُوَ (وَلَوْ مَرَّ مُسَافِرُونَ بِمَيِّتٍ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ) وَكَانَ الْمَيِّتُ فِيهِمَا بِمَحَلٍّ لَا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ إلَّا نَادِرًا (فَتَرَكُوهُ) بِلَا تَجْهِيزٍ (أَثِمُوا) لِتَفْوِيتِهِمْ الْوَاجِبَ (وَعُوقِبُوا) أَيْ عَاقَبَهُمْ الْإِمَامُ لِذَلِكَ (إلَّا إنْ خَافُوا) عَدُوًّا أَوْ نَحْوَهُ لَوْ اشْتَغَلُوا بِتَجْهِيزِهِ فَلَا يَأْثَمُونَ بِتَرْكِهِ وَلَا يُعَاقَبُونَ لِلضَّرُورَةِ لَكِنْ يَخْتَارُ أَنْ يُوَارُوهُ مَا أَمْكَنَهُمْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِاسْتِثْنَاءِ الْخَوْفِ وَيَذْكُرُ الْعُقُوبَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرُورِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ خَافُوا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ خَافُوا عَدُوًّا (وَإِنْ كَانَ) الْمَيِّتُ الْمَذْكُورُ (بِجَنْبِ قَرْيَةٍ أَوْ) طَرِيقٍ (جَادَّةٍ) أَيْ تَسْلُكُهُ الْمَارَّةُ كَثِيرًا (فَمُسِيئُونَ) بِتَرْكِ تَجْهِيزِهِ وَلَا (لَا يُعَاقَبُونَ) وَعَلَى مَنْ بِقُرْبِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَفْنُهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ إنْ أَسَاءَ تَجِيءُ لِغَيْرِ التَّحْرِيمِ وَمِنْهُ خَبَرُ «فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ» وَقَدْ اسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ وَتَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ ثُمَّ (فَإِنْ وَجَدُوهُ مُكَفَّنًا مُحَنَّطًا دَفَنُوهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ وَمَنْ شَاءَ) الصَّلَاةَ عَلَيْهِ (صَلَّى بَعْدَ دَفْنِهِ) عَلَى قَبْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إلَى دَفْنِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْأُولَى عَلَيْهِ أَهَمُّ
(بَابُ التَّعْزِيَةِ) (وَهِيَ سُنَّةٌ) وَفِي نُسْخَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ تَبْكِي عَلَى صَبِيٍّ لَهَا فَقَالَ لَهَا اتَّقَى اللَّهَ وَاصْبِرِي ثُمَّ قَالَ إنَّمَا الصَّبْرُ أَيْ الْكَامِلُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا) بِأَنْ يَجْتَمِعَ أَهْلُ الْمَيِّتِ بِمَكَانٍ لِيَأْتِيَهُمْ النَّاسُ لِلتَّعْزِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مُحْدَثٌ، وَهُوَ بِدْعَةٌ؛ وَلِأَنَّهُ يُجَدِّدُ الْحُزْنَ وَيُكَلِّفُ الْمُعَزَّى، وَأَمَّا مَا ثَبَتَ «عَنْ عَائِشَةَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَاءَهُ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ» فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ جُلُوسَهُ كَانَ لِأَجْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ النَّاسُ لِيُعَزُّوهُ (وَيُعَزَّى كُلُّ أَهْلِ الْمَيِّتِ) وَلَوْ صِبْيَانًا وَنِسَاءً (لَا أَجْنَبِيٌّ شَابَّةً) فَلَا يُعَزِّيهَا إلَّا مَحَارِمُهَا وَزَوْجُهَا وَكَذَا مِنْ أُلْحِقَ بِهِمْ فِي جَوَازِ النَّظَرِ فِيمَا يَظْهَرُ وَصَرَّحَ ابْنُ خَيْرَانَ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ التَّعْزِيَةُ بِالْمَمْلُوكِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنَّهُ يُعَزِّي بِكُلِّ مَنْ يَحْصُلُ لَهُ عَلَيْهِ وَجْدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَتَّى بِالزَّوْجَةِ وَالصَّدِيقِ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْأَهْلِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (وَتَأْخِيرُهَا) أَيْ التَّعْزِيَةِ (حَتَّى يُدْفَنَ الْمَيِّتُ أَوْلَى) مِنْهَا قَبْلَهُ لِاشْتِغَالِهِمْ قَبْلَهُ بِتَجْهِيزِهِ وَلِشِدَّةِ حُزْنِهِمْ حِينَئِذٍ بِالْمُفَارَقَةِ (إلَّا إنْ أَفْرَطَ جَزَعُهُمْ) فَيَخْتَارُ تَقْدِيمَهَا لِيُصَيِّرَهُمْ (وَلَا تَعْزِيَةَ بَعْدَ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (تَقْرِيبًا) أَيْ تُكْرَهُ بَعْدَهَا إذْ الْغَرَضُ مِنْهَا تَسْكِينُ قَلْبِ الْمُصَابِ وَالْغَالِبُ سُكُونُهُ فِيهَا فَلَا يُجَدِّدْ حُزْنَهُ وَقَدْ جَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِهَايَةَ الْحُزْنِ بِقَوْلِهِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمِنْ هُنَا كَانَ ابْتِدَاءُ الثَّلَاثِ مِنْ الْمَوْتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ وَبِهِ صَرَّحَ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ أَبِي الدَّمِ وَالْغَزَالِيُّ فِي خُلَاصَتِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مِنْ الدَّفْنِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ التَّعْزِيَةِ مِنْهُ أَيْضًا لَا مِنْ الْمَوْتِ كَمَا أَفْصَحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ فَقَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ أَصْحَابُنَا وَقْتُهَا مِنْ الْمَوْتِ إلَى الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُرَادُهُ بِهِ مَا قُلْنَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا اسْتِحْبَابُهَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ انْتَهَى. وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ لِلْحَنَابِلَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا تَحْدِيدًا) تَأْكِيدٌ (إلَّا لِغَيْبَةِ مُعَزٍّ أَوْ مُعَزًّى) فَتَبْقَى التَّعْزِيَةُ لَهُ إلَى قُدُومِهِ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَالظَّاهِرُ امْتِدَادُهَا بَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَلْحَقُ بِالْغَيْبَةِ الْمَرَضُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (وَالتَّعْزِيَةُ) لُغَةً التَّصْبِيرُ لِمَنْ أُصِيبَ بِالتَّعْزِيَةِ عَلَيْهِ وَشَرْعًا (هِيَ الْحَمْلُ عَلَى الصَّبْرِ بِالْوَعْدِ بِالْأَجْرِ وَالتَّحْذِيرِ) عَنْ الْوِزْرِ بِالْجَزَعِ (وَ) أَنْ (يَدْعُوَ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ وَالدُّعَاءُ (لِلْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ فَفِي تَعْزِيَةِ كَافِرٍ بِمُسْلِمٍ وَعَكْسِهِ يَخُصُّ الْمُسْلِمَ بِالدُّعَاءِ الْأُخْرَوِيَّ) فَيَقُولُ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْلِمِ عَظَّمَ اللَّهُ أَجْرَك وَأَحْسَنَ عَزَاءَك بِالْمَدِّ أَيْ جَعَلَ صَبْرَك حَسَنًا وَغَفَرَ لِمَيِّتِك وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَهُ بِمَا وَرَدَ مِنْ تَعْزِيَةِ الْخَضِرِ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَوْتِهِ إنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ فَائِتٍ فَبِاَللَّهِ فَثِقُوا وَإِيَّاهُ فَارْجُوا فَإِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابُ وَيَقُولَ
حاشية الرملي الكبير
لِأَنَّ فِيهِ اسْتِبْقَاءَ حَيٍّ مُحْتَرَمٍ