Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

المجموع شرح المهذب
المجموع شرح المهذب
المجموع شرح المهذب
Ebook1,246 pages6 hours

المجموع شرح المهذب

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

شرح الإمام النووي المتن أولا بتبيين اللغات، ثم شرح الأحاديث الواردة مع بيان درجتها من حيث الصحةُ والضعفُ، ثم أتبعه بذكر المسائل الفقهية، وذِكْر الراجح منها عند الشافعية من وجوه وأقوال، ثم ترجم للصحابة والعلماء المذكورين في كلام الشيرازي
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateNov 6, 1901
ISBN9786375161140
المجموع شرح المهذب

Read more from النووي

Related to المجموع شرح المهذب

Related ebooks

Related categories

Reviews for المجموع شرح المهذب

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    المجموع شرح المهذب - النووي

    الغلاف

    المجموع شرح المهذب

    الجزء 3

    النووي

    676

    شرح الإمام النووي المتن أولا بتبيين اللغات، ثم شرح الأحاديث الواردة مع بيان درجتها من حيث الصحةُ والضعفُ، ثم أتبعه بذكر المسائل الفقهية، وذِكْر الراجح منها عند الشافعية من وجوه وأقوال، ثم ترجم للصحابة والعلماء المذكورين في كلام الشيرازي

    باب ما يوجب الغسل

    )

    * يُقَالُ غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَغُسْلُ الْحَيْضِ وَغُسْلُ الْجُمُعَةِ وَغُسْلُ الْمَيِّتِ وَمَا أَشْبَهَهَا بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا لُغَتَانِ الْفَتْحُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالضَّمُّ هُوَ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ غَلِطُوا فِي الضَّمِّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ غَلِطَ هُوَ فِي إنْكَارِهِ مَا لَمْ يَعْرِفْهُ وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ وَأَشَرْتُ إلَى بَعْضِهِ فِي آخِرِ صِفَةِ الْوُضُوءِ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ * قال المصنف رحمه الله

    * [والذى يوجب الغسل ايلاج الحشفة في الفرج وخروج المني والحيض والنفاس: فأما ايلاج الحشفة فانه يوجب الغسل لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إذَا التقى

    الختانان وجب الغسل) التقاء الختانين يحصل بتغييب الحشفة في الفرج وذلك ان ختان الرجل هو الجلد الذي يبقي بعد الختان وختان المرأة جلدة كعرف الديك فوق الفرج فيقطع منها في الختان فإذا غابت الحشفة في الفرج حاذى ختانه ختانها وإذا تحاذيا فقد التقيا ولهذا يقال التقى الفارسان إذا تحاذيا وان لم يتضاما] [الشَّرْحُ] حَدِيثُ عَائِشَةَ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَجَبَ الْغُسْلُ) هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِلَفْظِهِ فِي الْمُهَذَّبِ وَإِسْنَادُهُ أَيْضًا صَحِيحٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ سَأَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي فَرْعِ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ: وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ يَحْصُلُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ إلَى آخِرِهِ فَهُوَ لَفْظُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَبَيَّنَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فَرْجَ الْمَرْأَةِ وَالْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ بَيَانًا شَافِيًا فَقَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ خِتَانُ الرَّجُلِ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُقْطَعُ مِنْهُ فِي حَالِ الْخِتَانِ وَهُوَ مَا دُونَ حُزَّةِ الْحَشَفَةِ وَأَمَّا خِتَانُ الْمَرْأَةِ فَاعْلَمْ أَنَّ مَدْخَلَ الذَّكَرِ هُوَ مَخْرَجُ الْحَيْضِ وَالْوَلَدِ وَالْمَنِيِّ وَفَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ ثَقْبٌ مِثْلُ إحْلِيلِ الرَّجُلِ هُوَ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَبَيْنَ هَذَا الثَّقْبِ وَمَدْخَلِ الذَّكَرِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ وَفَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مِثْلُ وَرَقَةٍ بَيْنَ الشَّفْرَيْنِ وَالشَّفْرَانِ تُحِيطَانِ بِالْجَمِيعِ فَتِلْكَ الْجِلْدَةُ الرَّقِيقَةُ يُقْطَعُ مِنْهَا فِي الْخِتَانِ وَهِيَ خِتَانُ الْمَرْأَةِ فَحَصَلَ أَنَّ خِتَانَ المرأة مستقل وَتَحْتَهُ مَخْرَجُ الْبَوْلِ وَتَحْتَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ مَدْخَلُ الذَّكَرِ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَخْرَجُ الْحَيْضِ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ الْوَلَدِ وَمَدْخَلُ الذَّكَرِ هُوَ خَرْقٌ لَطِيفٌ فَإِذَا اُفْتُضَّتْ الْبِكْرُ اتَّسَعَ ذَلِكَ الْخَرْقُ فَصَارَتْ ثَيِّبًا قَالَ أَصْحَابُنَا فَالْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ أَنْ تَغِيبَ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ فَإِذَا غَابَتْ فَقَدْ حَاذَى خِتَانُهُ خِتَانَهَا وَالْمُحَاذَاةُ هِيَ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ الْتِصَاقَهُمَا وَضَمَّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَوْ وَضَعَ مَوْضِعَ خِتَانِهِ عَلَى مَوْضِعِ خِتَانِهَا وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي مَدْخَلِ الذَّكَرِ لَمْ يَجِبْ غُسْلٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ هَذَا آخر كلام الشيخ أبي حامد وغيره يزيد بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ: قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَشَبَّهَ الْعُلَمَاءُ الْفَرْجَ بِعَقْدِ الْأَصَابِعِ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ فَعَقْدُ الثَّلَاثِينَ هُوَ صُورَةُ الْفَرْجِ وَعَقْدُ الْخَمْسَةِ بَعْدَهَا فِي أَسْفَلِهَا هِيَ مَدْخَلُ الذَّكَرِ وَمَخْرَجُ الْمَنِيِّ وَالْحَيْضِ وَالْوَلَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

    * أَمَّا حُكْمُ

    الْمَسْأَلَةِ فَاَلَّذِي يُوجِبُ اغْتِسَالَ الْحَيِّ أَرْبَعَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَهِيَ إيلَاجُ حَشَفَةِ الذَّكَرِ فِي فَرْجٍ وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَفِي خُرُوجِ الْوَلَدِ وَالْعَلَقَةِ والمضعة خِلَافٌ نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَرِيبًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَسَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّهُ مُنْدَرِجٌ عِنْدَهُ فِي خُرُوجِ الْمَنِيِّ لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ وَيَجِبُ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَلَهُ بَابٌ مَعْرُوفٌ وَقَدْ يَجِبُ غُسْلُ الْبَدَنِ بِعَارِضٍ بِأَنْ يُصِيبَهُ كُلَّهُ نَجَاسَةٌ أَوْ تَقَعَ فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ وَيَخْفَى مَكَانُهَا أَمَّا إيلَاجُ الْحَشَفَةِ فَيُوجِبُ الْغُسْلَ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا وَالْمُرَادُ بِإِيلَاجِهَا إدْخَالُهَا بِكَمَالِهَا فِي فَرْجِ حَيَوَانٍ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ فَيَجِبُ الْغُسْلُ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أعلم * قال المصنف رحمه الله

    * [وَإِنْ أَوْلَجَ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ مَيِّتَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِأَنَّهُ فَرْجُ آدَمِيَّةٍ فَأَشْبَهَ فَرْجَ الْحَيَّةِ وَإِنْ أَوْلَجَ فِي دُبُرِ امْرَأَةٍ أَوْ رجل أو بهيمة وجب الْغُسْلُ لِأَنَّهُ فَرْجُ حَيَوَانٍ فَأَشْبَهَ فَرْجَ الْمَرْأَةِ وَإِنْ أَوْلَجَ فِي دُبُرِ خُنْثَى مُشْكِلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَإِنْ أَوْلَجَ فِي فَرْجِهِ لَمْ يجب لجواز ان يكون ذلك عضوا زائد فلا يجب الغسل بالشك]

    * [الشَّرْحُ] هَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا عِنْدَنَا كما ذكرها المصنف ودليها ما ذكره (فرع)

    مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْفَصْلِ: إحْدَاهَا قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ إذَا أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي قُبُلِ امْرَأَةٍ أَوْ دُبُرِهَا أَوْ دُبُرِ رَجُلٍ أَوْ خُنْثَى أَوْ صَبِيٍّ أَوْ فِي قُبُلِ بَهِيمَةٍ أَوْ دُبُرِهَا وَجَبَ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُولَجُ فِيهِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مكرها مُبَاحًا كَالزَّوْجَةِ أَوْ مُحَرَّمًا وَيَجِبُ عَلَى الْمُولِجِ وَالْمَوْلَجِ فِيهِ الْمُكَلَّفَيْنِ وَعَلَى النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ وَأَمَّا الصبى إذا أولج في امْرَأَةٍ أَوْ دُبُرِ رَجُلٍ أَوْ أَوْلَجَ رَجُلٌ فِي دُبُرِهِ فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ وَكَذَا إذَا اسْتَدْخَلَتِ امْرَأَةٌ ذَكَرَ صَبِيٍّ فَعَلَيْهَا الْغُسْلُ وَيَصِيرُ الصَّبِيُّ فِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ جُنُبًا وَكَذَا الصَّبِيَّةُ إذَا أَوْلَجَ فِيهَا رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ وَكَذَا لَوْ أَوْلَجَ صَبِيٌّ فِي صَبِيٍّ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ وَإِذَا صَارَ جُنُبًا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ مَا لَمْ يَغْتَسِلْ كَمَا إذَا بَالَ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ: وَلَا يُقَالُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ كَمَا لَا يُقَالُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ بَلْ يُقَالُ صَارَ مُحْدِثًا وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْغُسْلِ إنْ كَانَ مُمَيِّزًا كَمَا يَأْمُرُهُ بِالْوُضُوءِ فَإِنْ لَمْ يَغْتَسِلْ حَتَّى بَلَغَ لَزِمَهُ الْغُسْلُ كَمَا إذَا بَالَ ثُمَّ بَلَغَ يلزمه الوضوء وَإِنْ اغْتَسَلَ وَهُوَ مُمَيِّزٌ صَحَّ غُسْلُهُ فَإِذَا بَلَغَ لَا تَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ كَمَا لَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ بَلَغَ يُصَلِّي بِذَلِكَ الْوُضُوءِ وَقَدْ سَبَقَ فِي آخِرِ بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّهُ تَجِبُ إعَادَةُ طَهَارَتِهِ إذَا بَلَغَ وَالصَّبِيَّةُ كَالصَّبِيِّ فِيمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ أَوْلَجَ مَجْنُونٌ أَوْ أُولِجَ فِيهِ صَارَ جُنُبًا فَإِذَا أَفَاقَ لَزِمَهُ الْغُسْلُ: (الثَّانِيَةُ) لَوْ اسْتَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ رَجُلٍ وجب الغسل عليه وعليها سواء كان عَالِمًا بِذَلِكَ مُخْتَارًا أَمْ نَائِمًا أَمْ مُكْرَهًا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرًا مَقْطُوعًا فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ (1) هُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهِ حَكَاهُمَا الدَّارِمِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ وَآخَرُونَ قال الدارمي ولاحد عَلَيْهَا بِلَا خِلَافٍ وَلَا مَهْرَ لَهَا لَوْ أَوْلَجَ الْمَقْطُوعَ فِيهَا رَجُلٌ: وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ مَيِّتٍ لَزِمَهَا الْغُسْلُ كَمَا لَوْ أَوْلَجَ فِي مَيِّتٍ وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ لَزِمَهَا الْغُسْلُ كَمَا لَوْ أَوْلَجَ فِي بَهِيمَةٍ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ (2) قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ نَادِرٌ قَالَ ثُمَّ فِي اعْتِبَارِ قَدْرِ الْحَشَفَةِ فِيهِ كَلَامٌ يُوَكَّلُ إلَى فِكْرِ الْفَقِيهِ: (الثَّالِثَةُ) وُجُوبُ الْغُسْلِ وَجَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجِمَاعِ يُشْتَرَطُ فِيهَا تَغْيِيبُ الحشفة بكمالها في الفرج ولا يشرط زيادة على الحشفة ولا يتعلق ببعض الحشفة وحده شئ مِنْ الْأَحْكَامِ وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ إلَّا وَجْهًا حَكَاهُ الدَّارِمِيُّ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ حِكَايَةِ ابْنِ كَجٍّ أَنَّ بَعْضَ الْحَشَفَةِ كَجَمِيعِهَا وَهَذَا فِي نِهَايَةٍ مِنْ الشُّذُوذِ وَالضَّعْفِ وَيَكْفِي فِي بُطْلَانِهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ): أَمَّا إذَا قُطِعَ بَعْضُ الذَّكَرِ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ قَدْرِ الْحَشَفَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شئ مِنْ الْأَحْكَامِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَإِنْ كَانَ قَدْرُهَا فقط تعلقت الاحكام بتغيبه كُلِّهِ دُونَ بَعْضِهِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَشَفَةِ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْمُهَذَّبِ مِنْهَا بَابُ الْخِيَارِ فِي النكاح في مسألة العنين ورجح المصنف (1) قال في البحر هما مبنيان على الوجهين في الانتقاض اه اذرعى (2) وقال بلا خلاف بينهم فيه اه اذرعى منهما أنه لَا يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِبَعْضِهِ وَلَا يَتَعَلَّقَ إلَّا بِتَغْيِيبِ جَمِيعِ الْبَاقِي وَكَذَا رَجَّحَهُ الشَّاشِيُّ وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ

    عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَرَجَّحَ الْأَكْثَرُونَ تَعَلُّقَ الْحُكْمِ بِقَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْهُ وَقَطَعَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ وَآخَرُونَ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ (الرَّابِعَةُ) إذَا كَانَ غَيْرَ مَخْتُونٍ فَأَوْلَجَ الْحَشَفَةَ لَزِمَهُمَا الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ وَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ: وَلَوْ لَفَّ عَلَى ذَكَرِهِ حرقة وَأَوْلَجَهُ بِحَيْثُ غَابَتْ الْحَشَفَةُ وَلَمْ يُنْزِلْ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّاشِيُّ فِي كِتَابَيْهِ وَالرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ الصَّحِيحُ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَيْهِمَا وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْإِيلَاجِ وَقَدْ حَصَلَ (وَالثَّانِي) لَا يَجِبُ الْغُسْلُ وَلَا الْوُضُوءُ لِأَنَّهُ أَوْلَجَ فِي خِرْقَةٍ وَلَمْ يَلْمِسْ بَشَرَةً وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ قَالَ وَهُوَ اخْتِيَارُ الحناطى (الثالث) إنْ كَانَتْ الْخِرْقَةُ غَلِيظَةً تَمْنَعُ اللَّذَّةَ لَمْ يَجِبْ وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً لَا تَمْنَعُهَا وَجَبَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْفَيَّاضِ الْبَصْرِيِّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ: وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي هَذَا الثَّالِثِ الْغَلِيظَةُ هِيَ الَّتِي تَمْنَعُ وُصُولَ بَلَلِ الْفَرْجِ إلَى الذَّكَرِ وَوُصُولَ الْحَرَارَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَالرَّقِيقَةُ مالا تَمْنَعُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَيَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ فِي إفْسَادِ الْحَجِّ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ (الْخَامِسَةُ) إذَا أُولِجَ ذَكَرٌ أَشَلُّ وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ وَحَكَى الدَّارِمِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ (السَّادِسَةُ) إذَا انْفَتَحَ لَهُ مَخْرَجٌ غَيْرُ الْأَصْلِيِّ وَحَكَمْنَا بِنَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ فَأَوْلَجَ فِيهِ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَجْهَانِ سَبَقَا فِي بَابِ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ الصَّحِيحُ لا يجب ولو أولج في الاصل وَجَبَ بِلَا خِلَافٍ (السَّابِعَةُ) لَوْ كَانَ لَهُ ذَكَرَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي مَسَائِلِ لَمْسِ الْخُنْثَى إنْ كَانَ يَبُولُ مِنْهُمَا وَجَبَ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِ أَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَ يَبُولُ بِأَحَدِهِمَا تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهِ دُونَ الْآخَرِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا فِي بَابِ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَذَكَرْتُ هُنَاكَ إيلَاجَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَالْإِيلَاجَ فِيهِ مَبْسُوطًا (الثَّامِنَةُ) إذَا أَتَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَلَا غُسْلَ مَا لَمْ تُنْزِلْ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَقَدْ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ يَخْفَى فَنَبَّهُوا عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْأَصْحَابُ لَوْ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي فَمِ الْمَرْأَةِ وَأُذُنِهَا وَإِبِطِهَا وَبَيْنَ أَلْيَتِهَا وَلَمْ يُنْزِلْ فَلَا غُسْلَ وَنَقَلَ فِيهِ ابْنُ جَرِيرٍ الْإِجْمَاعَ (التَّاسِعَةُ) ذَكَرَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ فِي الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا إيلَاجُ الْحَشَفَةِ أَوْ نُزُولُ الْمَنِيِّ لِأَنَّهُ حُكْمٌ يَتَعَلَّقُ بِالْجَنَابَةِ فَتَعَلَّقَ بِسَبَبِهِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا: وَالثَّانِي الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبْلَهُ: وَالثَّالِثُ هُوَ الصَّحِيحُ

    يَجِبُ بِالْإِيلَاجِ مَعَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ أَوْ بِالْإِنْزَالِ مَعَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ كَمَا أَنَّ النِّكَاحَ يُوجِبُ الْمِيرَاثَ عِنْدَ الْمَوْتِ والوطئ يُوجِبُ الْعِدَّةَ عِنْدَ الطَّلَاقِ وَتَقَدَّمَ مِثْلُ هَذِهِ الْأَوْجُهِ فِي مُوجِبِ الْوُضُوءِ وَبَسَطْتُ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ هَذَا كُلِّهِ بَسْطًا كَامِلًا فِي آخِرِ صِفَةِ الْوُضُوءِ (الْعَاشِرَةُ) إذَا وَطِئَ امْرَأَةً مَيِّتَةً فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ وَهَلْ يَجِبُ إعَادَةُ غُسْلِ الْمَيِّتَةِ إنْ كَانَتْ غُسِّلَتْ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا يَجِبُ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ وَإِنَّمَا يَجِبُ غُسْلُ الْمَيِّتِ تَنْظِيفًا وَإِكْرَامًا وَشَذَّ الرُّويَانِيُّ فَصَحَّحَ وُجُوبَ إعَادَتِهِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ: قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يَجِبُ بِوَطْئِهَا مَهْرٌ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ كَمَا لَا يجب بقطع يد هادية: وَفِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْوَاطِئِ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا يجب لانه وطئ مُحَرَّمٌ بِلَا شُبْهَةٍ: وَالثَّانِي لَا لِخُرُوجِهَا عَنْ الْمَظِنَّةِ: وَالثَّالِثُ وَقِيلَ إنَّهُ مَنْصُوصٌ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا فِي الْحَيَاةِ وَهِيَ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ وَالْمُشْتَرَكَةُ وَجَارِيَةُ الِابْنِ وَنَحْوُهُنَّ فَلَا حَدَّ وَإِلَّا فَيُحَدُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مطلقا: قال أصحابنا وتفسد العبادات بوطئ الْمَيِّتَةِ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ: (الْحَادِيَةَ عشرة) قال صاحب الْحَاوِي وَالْبَيَانِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ قَالَ أَصْحَابُنَا الاحكام المتعلقة بالوطئ في قبل المرأة تتعلق بالوطئ فِي دُبُرِهَا إلَّا خَمْسَةَ أَحْكَامٍ: التَّحْلِيلُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ: وَالْإِحْصَانُ وَالْخُرُوجُ مِنْ التَّعْنِينِ وَمِنْ الْإِيلَاءِ: وَالْخَامِسُ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ إذْنُ الْبِكْرِ بَلْ يبقى اذنها بالسكوت هكذا ذكراه وذكر المحاملى في اللباب سادسا وهو أن الوطئ فِي الدُّبُرِ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْقُبُلِ: وَسَابِعًا وَهُوَ أَنَّ خُرُوجَ مَنِيِّ الرَّجُلِ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ مِنْ دُبُرِهَا لَا يُوجِبُ غُسْلًا ثَانِيًا وخروجه من قبلها يوجبه على تفصيل سندكره قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: (قُلْت) وَهَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ ضَابِطٌ نَفِيسٌ يُسْتَفَادُ مِنْهُ فَوَائِدُ وَقَدْ يَخْرُجُ مِنْ الضَّابِطِ مَسَائِلُ يَسِيرَةٌ فِي بَعْضِهَا وَجْهٌ ضَعِيفٌ كَالْمُصَاهَرَةِ وَتَقْرِيرِ الْمُسَمَّى فِي الصَّدَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهَا وُجُوهٌ ضَعِيفَةٌ شَاذَّةٌ لَا تَقْدَحُ فِي الضَّابِطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

    * (الثَّانِيَةَ عشرة) فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي الْإِيلَاجِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ الْإِيلَاجَ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَدُبُرِهَا وَدُبُرِ الرَّجُلِ وَدُبُرِ الْبَهِيمَةِ وَفَرْجِهَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَقَالَ دَاوُد لَا يَجِبُ مَا لَمْ يُنْزِلْ وَبِهِ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَلِيٌّ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ

    وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ رَجَعَ عَنْهُ إلَى مُوَافَقَةِ الْجُمْهُورِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرْجِعْ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لا يجب بالايلاج في بهيمة ولاميتة

    * وَاحْتَجَّ لِمَنْ لَمْ يُوجِبْ مُطْلَقًا بِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ عَنْ الرَّجُلِ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يُمْنِ قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَقَالَ عُثْمَانُ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ زَيْدٌ فَسَأَلْت عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وطلحة بن عبيد الله وأبي بن كعب فأمروه بذلك: وعن أبي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ (يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي) قَالَ الْبُخَارِيُّ الْغُسْلُ أَحْوَطُ وَذَاكَ الْآخِرُ إنَّمَا بَيَّنَّا اخْتِلَافَهُمْ يَعْنِي أَنَّ الْغُسْلَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَصَدْنَا بَيَانَ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ مَعَ أَنَّ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ الْغُسْلُ هَذَا كُلُّهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَبَعْضُهُ فِي مُسْلِمٍ: وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ فَقَالَ لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاك قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إذَا أَعْجَلْت أَوْ أَقْحَطْت فَلَا غُسْلَ عَلَيْك وَعَلَيْك الْوُضُوءُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَمَعْنَى أَعْجَلْت أَوْ أَقْحَطْت أَيْ جَامَعْت وَلَمْ تُنْزِلْ وَرُوِيَ أَقْحَطْتُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبِفَتْحِهَا وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَيْضًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَمَعْنَاهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ إلَّا مِنْ إنْزَالِ الْمَاءِ الدَّافِقِ وَهُوَ الْمَنِيُّ

    * وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا وَالْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَجَبَ الْغُسْلُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ) وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَبَقَ: وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إذَا قَعَدَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَأَلْزَقَ الْخِتَانَ بِالْخِتَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ (وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ) وفي رواية البيهقى (أنزل أولم يُنْزِلْ) قِيلَ الْمُرَادُ بِشُعَبِهَا رِجْلَاهَا وَشَفْرَاهَا وَقِيلَ يَدَاهَا وَرِجْلَاهَا وَقِيلَ سَاقَاهَا وَفَخْذَاهَا: وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُجَامِعُ أَهْلَهُ ثُمَّ

    يَكْسَلُ هَلْ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنِّي لَأَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا وَهَذِهِ ثُمَّ نَغْتَسِلُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ: وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سبيل حتى تغتسلوا) قَالَ وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْجِمَاعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إنْزَالٌ جَنَابَةً: وَاسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا مِنْ الْقِيَاسِ بِأَنَّهُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْجِمَاعِ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إنْزَالٌ كَالْحُدُودِ: وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي احْتَجُّوا بِهَا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ هَكَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ: وَثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى الْمَاءِ مِنْ الْمَاءِ أَيْ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالرُّؤْيَةِ فِي النَّوْمِ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ: وَأَمَّا الْآثَارُ الَّتِي عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَقَالُوهَا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُمْ النَّسْخُ: وَدَلِيلُ النَّسْخِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَأَرْسَلُوا إلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأَخْبَرَتْهُمْ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَجَهَدَهَا وَجَبَ الْغُسْلُ) فَرَجَعَ إلَى قَوْلِهَا مَنْ خَالَفَ: وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يُفْتُونَ إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ كَانَتْ رُخْصَةً رَخَّصَهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ: وَفِي رِوَايَةٍ ثُمَّ أَمَرَنَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ: وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ سَأَلْت زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنْ الرَّجُلِ يُصِيبُ أَهْلَهُ ثُمَّ يَكْسَلُ وَلَا يُنْزِلُ قَالَ يَغْتَسِلُ فَقُلْت إنَّ أُبَيًّا كَانَ لَا يَرَى الْغُسْلَ فَقَالَ زَيْدٌ إنَّ أُبَيًّا نَزَعَ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ هَذَا صَحِيحٌ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ قَوْلُهُ نَزَعَ أَيْ رَجَعَ: وَمَقْصُودِي بِذِكْرِ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ بَيَانُ أَحَادِيثِ الْمَسْأَلَةِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَإِلَّا فَالْمَسْأَلَةُ الْيَوْمَ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَمُخَالَفَةُ دَاوُد لَا تَقْدَحُ فِي الْإِجْمَاعِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

    * وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ فِي مَنْعِ الْغُسْلِ بِإِيلَاجِهِ فِي بَهِيمَةٍ وَمَيْتَةٍ بِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ اللَّذَّةَ فَلَمْ يَجِبْ كَإِيلَاجِ أُصْبُعِهِ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّهُ أَوْلَجَ ذَكَرَهُ فِي فَرْجٍ فَأَشْبَهَ قُبُلَ الْمَرْأَةِ الْحَيَّةِ: فَإِنْ قَالُوا يَنْتَقِضُ هَذَا بالمسك فَإِنَّ فِي الْبَحْرِ سَمَكَةً يُولِجُ فِيهَا سُفَهَاءُ الملاحين ببحر البصرة فالواجب مَا أَجَابَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إنْ كَانَ هَذَا هَكَذَا وَجَبَ الْغُسْلُ بِالْإِيلَاجِ فِيهَا لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ لَهُ فَرْجٌ: وَالْجَوَابُ عَنْ دَلِيلِهِمْ مِنْ وَجْهَيْنِ: أحدهما أنه منتقض بوطئ الْعَجُوزِ الشَّوْهَاءِ الْمُتَنَاهِيَةِ فِي الْقُبْحِ الْعَمْيَاءِ الْجَذْمَاءِ البرصاء المقطعة الاطراف فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ بِالِاتِّفَاقِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ لَذَّةٌ فِي الْعَادَةِ: وَالثَّانِي أَنَّ الْأُصْبُعَ لَيْسَتْ آلَةً لِلْجِمَاعِ: وَلِهَذَا لَوْ أَوْلَجَهَا فِي امْرَأَةٍ حَيَّةٍ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِخِلَافِ الذكر والله أعلم * قال المصنف رحمه الله

    * [وَأَمَّا خُرُوجُ الْمَنِيِّ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ لِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ) وَرَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ (يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ قَالَ نَعَمْ إذا رأت الماء]

    * [الشَّرْحُ] حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقَيْنِ لَفْظُهُ فِيهِمَا (إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ) وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ (الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ) كما وقع في المهذب ومعناه يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ مِنْ إنْزَالِ الْمَاءِ الدَّافِقِ وهو المنى: وأما حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِلَفْظِهِ فِي الْمُهَذَّبِ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وَالدَّارِمِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ وَمِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ: وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّ الْجَمِيعَ حَضَرُوا الْقِصَّةَ فَرَوَوْهَا: وَأُمُّ سَلَمَةَ هِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَاسْمُهَا هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ حُذَيْفَةُ الْمَخْزُومِيَّةُ كَانَتْ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوْجَةً لِأَبِي سَلَمَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ وَهَاجَرَ بِهَا الْهِجْرَتَيْنِ إلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ تُوُفِّيَتْ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَلَهَا أَرْبَعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ: وَأَمَّا أُمُّ سُلَيْمٍ فَهِيَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَقَوْلُ الصَّيْدَلَانِيِّ وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيِّ وَالرُّويَانِيِّ هِيَ جَدَّةُ أَنَسٍ غَلَطٌ بِلَا شَكٍّ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ النَّقْلِ مِنْ الطَّوَائِفِ: قِيلَ اسْمُهَا سَهْلَةُ وَقِيلَ رُمَيْلَةُ وَقِيلَ رميثة وقيل أنيفة وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَهِيَ مِنْ فَاضِلَاتِ الصَّحَابِيَّاتِ وَمَشْهُورَاتهنَّ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكرمها ويكرم اختها ام حزام بِنْتَ مِلْحَانَ وَيُقِيلُ عِنْدَهُمَا وَكَانَتَا خَالَتَيْهِ وَمَحْرَمَيْنِ لَهُ: وَاسْمُ أَبِي طَلْحَةَ زَوْجِهَا زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مِنْ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ وَمَنَاقِبُهُ مَشْهُورَةٌ رضي الله عنه: وَقَوْلُهَا إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحِي مِنْ الْحَقِّ رُوِيَ يَسْتَحْيِي بِيَاءَيْنِ وَرُوِيَ يَسْتَحِي بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَصْلُ بِيَاءَيْنِ فَحُذِفَتْ إحْدَاهُمَا قَالَ الْأَخْفَشُ أَسْتَحِي بِوَاحِدَةٍ لُغَةُ تَمِيمٍ وَأَسْتَحْيِي بِيَاءَيْنِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ: وَالِاحْتِلَامُ افْتِعَالٌ مِنْ الْحُلْمِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَهُوَ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ مِنْ الْمَنَامَاتِ يُقَالُ حَلَمَ فِي مَنَامِهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَاللَّامِ وَاحْتَلَمَ وَحَلَمْتُ كَذَا وَحَلَمْتُ بِكَذَا هَذَا أَصْلُهُ ثُمَّ جُعِلَ اسْمًا لِمَا يَرَاهُ النَّائِمُ مِنْ الْجِمَاعِ فَيَحْدُثُ مَعَهُ إنْزَالُ المنى غالبا فغلب لَفْظُ الِاحْتِلَامِ فِي هَذَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنَامِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ: وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ) بَيَانٌ لِحَالَةِ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالِاحْتِلَامِ وَهِيَ إذَا كَانَ مَعَهُ إنْزَالُ الْمَنِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَقَوْلُهُ وَالْيَقَظَةُ هِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَهِيَ ضِدُّ النَّوْمِ: أَمَّا أَحْكَامُ الْفَصْلِ فَفِيهِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ خُرُوجِهِ بِجِمَاعٍ أَوْ احْتِلَامٍ أَوْ اسْتِمْنَاءٍ أَوْ نَظَرٍ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبٍ سَوَاءٌ خَرَجَ بِشَهْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَسَوَاءٌ تَلَذَّذَ بِخُرُوجِهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ خَرَجَ كَثِيرًا أَوْ يَسِيرًا وَلَوْ بَعْضُ قَطْرَةٍ وَسَوَاءٌ خَرَجَ فِي النَّوْمِ أَوْ الْيَقَظَةِ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْعَاقِلِ وَالْمَجْنُونِ فَكُلُّ ذَلِكَ يُوجِبُ الْغُسْلَ عِنْدَنَا: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ لَا يَجِبُ إلَّا إذَا خَرَجَ بِشَهْوَةٍ وَدَفْقٍ كَمَا لَا يَجِبُ بِالْمَذْيِ لِعَدَمِ الدَّفْقِ: دَلِيلُنَا الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمُطْلَقَةُ كَحَدِيثِ (الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ) وَبِالْقِيَاسِ عَلَى إيلَاجِ الْحَشَفَةِ فانه لافرق فِيهِ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُمْ عَلَى الْمَذْيِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْمَنِيِّ: وَحَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ وَلَا أَظُنُّ هَذَا يَصِحُّ عَنْهُ فَإِنْ صَحَّ عَنْهُ فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ نَقَلَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِإِنْزَالِ الْمَنِيِّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا أَمْنَى وَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ عَلَى الْقُرْبِ بَعْدَ غُسْلِهِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ ثَانِيًا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَبُولَ بَعْدَ الْمَنِيِّ أَوْ بَعْدَ بَوْلِهِ هَذَا مَذْهَبُنَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ واحمد في رواية عنه: وقال مَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَإِسْحَاقُ بْنُ راهويه لاغسل مطلقا وهي اشهر الروايات عن احمد وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ مَا بَالَ قَبْلَ الْغُسْلِ ثُمَّ خَرَجَ الْمَنِيُّ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ الَّذِي اغْتَسَلَ عَنْهُ وَإِلَّا فَيَجِبُ الْغُسْلُ ثَانِيًا وَهُوَ رواية ثالثة عن أحمد: وعن أبي حَنِيفَةَ عَكْسُ هَذَا إنْ كَانَ بَالَ لَمْ يَغْتَسِلْ لِأَنَّهُ مَنِيٌّ عَنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ وَإِلَّا وَجَبَ الْغُسْلُ لِأَنَّهُ عَنْ شَهْوَةٍ: دَلِيلُنَا عَلَى الْجَمِيعِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ) وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلِأَنَّهُ نَوْعُ حَدَثٍ فَنَقَضَ مُطْلَقًا كَالْبَوْلِ وَالْجِمَاعِ وَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ: (الثَّالِثَةُ) لو قبل امرأة فأحس بانتقال المني ونزوله فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ فِي الْحَالِ شئ وَلَا عَلِمَ خُرُوجَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً إلَّا أَحْمَدَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ يَجِبُ الْغُسْلُ قَالَ وَلَا يُتَصَوَّرُ رُجُوعُ الْمَنِيِّ: دَلِيلُنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ) وَلِأَنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحَسَّ بِالْحَدَثِ كَالْقَرْقَرَةِ وَالرِّيحِ وَلَمْ يخرج منه شئ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فَكَذَا هُنَا قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَلَوْ أَنْزَلَتْ الْمَرْأَةُ الْمَنِيَّ إلَى فَرْجِهَا فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا لَمْ يَلْزَمْهَا الْغُسْلُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ فَرْجِهَا لِأَنَّ دَاخِلَ فَرْجِهَا فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ وَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهَا تَطْهِيرُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَالْغُسْلِ فَأَشْبَهَ إحْلِيلَ الذَّكَرِ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَزِمَهَا الْغُسْلُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا تَطْهِيرُ دَاخِلِ فَرْجِهَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ فَأَشْبَهَ الْعُضْوَ الظَّاهِرَ (الرَّابِعَةُ) لَوْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَخَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ وَلَمْ يَنْزِلْ مِنْ الذَّكَرِ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الشَّاشِيُّ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هُمَا مَأْخُوذَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِخَارِجٍ مِنْ مُنْفَتِحٍ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ ثَقْبٍ فِي الذَّكَرِ غَيْرِ الْإِحْلِيلِ أَوْ مِنْ ثَقْبٍ فِي الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ الصُّلْبِ فَحَيْثُ نَقَضْنَا الْوُضُوءَ بِالْخَارِجِ مِنْهُ أَوْجَبْنَا الْغُسْلَ: وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِ الذَّكَرِ وَالصَّوَابُ تَفْصِيلُ الْمُتَوَلِّي قَالَ أَصْحَابُنَا وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْمَنِيِّ الْمُسْتَحْكِمِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَحْكِم لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ قُبُلَيْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَفِيهِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ: أَحَدُهُمَا يَجِبُ: وَالثَّانِي عَلَى وَجْهَيْنِ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَلَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ دُبُرٍ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَجْهَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا الْقَاضِي أَبُو الْفُتُوحِ بِنَاءً عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ غَيْرِ الْمَخْرَجِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

    * (فَرْعٌ)

    فِي لُغَاتِ الْمَنِيِّ وَالْوَدْيِ وَالْمَذْيِ وَتَحْقِيقِ صِفَاتِهَا: أَمَّا الْمَنِيُّ فَمُشَدَّدٌ وَيُسَمَّى منيا لانه يمنى أي يصب وسميت مني لِمَا يُرَاقُ فِيهَا مِنْ الدِّمَاءِ: وَيُقَالُ أَمْنَى وَمَنَى بِالتَّخْفِيفِ وَمَنَّى بِالتَّشْدِيدِ

    ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْأُولَى أَفْصَحُ وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (أفرأيتم ما تمنون) وَفِي الْمَذْيِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ الْمَذْيُ بِإِسْكَانِ الذَّالِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَالْمَذِيُّ بِكَسْرِ الذَّالِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وهاتان مشهورتان قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ التَّخْفِيفُ أَفْصَحُ وَأَكْثَرُ: وَالثَّالِثَةُ الْمَذْيِ بِكَسْرِ الذَّالِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ حَكَاهَا أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ فِي شَرْحِ الْفَصِيحِ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: وَيُقَالُ مَذَى بِالتَّخْفِيفِ وَأَمْذَى وَمَذَّى بِالتَّشْدِيدِ وَالْأُولَى أَفْصَحُ: وَالْوَدْيُ بِإِسْكَانِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ اللُّغَةِ غَيْرُ هَذَا وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ عَنْ الْأُمَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ: وَحَكَى صَاحِبُ مطالع الانوار لغية أَنَّهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهَذَانِ شَاذَانَ: وَيُقَالُ وَدَى بتخفيف الدال وأودى وَوَدَّى بِالتَّشْدِيدِ وَالْأُولَى أَفْصَحُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ لَمْ أَسْمَعْ غَيْرَهَا: قَالَ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ يُقَالُ مَذَى وَأَمْذَى وَمَذَّى بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ الْمَذْيُ مِثَالُ الرَّمْيِ وَالْمَذَى مِثَالُ الْعَمَى وَوَدَى وَأَوْدَى وَوَدَّى وَأَمْنَى وَمَنَى وَمَنَّى قَالَ وَالْأُولَى مِنْهَا كُلِّهَا أَفْصَحُ: وَأَمَّا صِفَاتُهَا فَمِمَّا يَتَأَكَّدُ الِاعْتِنَاءُ بِهِ لِكَثْرَةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَمَنِيُّ الرجل في حال صحته ابيض ثحين يَتَدَفَّقُ فِي خُرُوجِهِ دَفْعَةً بَعْدَ دَفْعَةٍ وَيَخْرُجُ بِشَهْوَةٍ وَيُتَلَذَّذُ بِخُرُوجِهِ ثُمَّ إذَا خَرَجَ يَعْقُبُهُ فُتُورٌ وَرَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ طَلْعِ النَّخْلِ قَرِيبَةٌ مِنْ رَائِحَةِ الْعَجِينِ وَإِذَا يَبِسَ كَانَتْ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الْبَيْضِ هَذِهِ صِفَاتُهُ وَقَدْ يُفْقَدُ بَعْضُهَا مَعَ أَنَّهُ مَنِيٌّ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ بِأَنْ يَرِقَّ وَيَصْفَرَّ لِمَرَضٍ أَوْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَلَا لَذَّةٍ لِاسْتِرْخَاءِ وِعَائِهِ أَوْ يَحْمَرَّ لِكَثْرَةِ الْجِمَاعِ وَيَصِيرَ كَمَاءِ اللَّحْمِ وَرُبَّمَا خَرَجَ دَمًا عَبِيطًا وَيَكُونُ طَاهِرًا مُوجِبًا لِلْغُسْلِ: وَفِي تَعْلِيقِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَصْبَهَانِيِّ أَنَّهُ فِي الشِّتَاءِ أَبْيَضُ ثَخِينٌ وَفِي الصَّيْفِ رَقِيقٌ: ثُمَّ إنَّ مِنْ صِفَاتِهِ مَا يشاركه فيها غيره كالثخانة والبياض يشاركه فيهما الودى ومنها مالا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ وَهِيَ خَوَاصُّهُ الَّتِي عَلَيْهَا الِاعْتِمَادُ فِي مَعْرِفَتِهِ وَهِيَ ثَلَاثٌ إحْدَاهَا الْخُرُوجُ بِشَهْوَةٍ مَعَ الْفُتُورِ عَقِيبَهُ: وَالثَّانِيَةُ الرَّائِحَةُ الَّتِي تشبه الطلع والعجين كما سبق: الثالثة الْخُرُوجُ بِتَزْرِيقٍ وَدَفْقٍ فِي دَفَعَاتٍ فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَافِيَةً فِي كَوْنِهِ مَنِيًّا وَلَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا شئ لَمْ يُحْكَمْ بِكَوْنِهِ مَنِيًّا: وَأَمَّا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ فَأَصْفَرُ رَقِيقٌ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَقَدْ يَبْيَضُّ لِفَضْلِ قُوَّتِهَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَلَا خَاصِّيَّةَ لَهُ إلَّا التَّلَذُّذُ وَفُتُورُ شَهْوَتِهَا عَقِيبَ خُرُوجِهِ

    وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِذَلِكَ: وَقَالَ الرُّويَانِيُّ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ مَنِيِّ الرَّجُلِ فَعَلَى هَذَا لَهُ خَاصِّيَّتَانِ يُعْرَفُ بِإِحْدَاهُمَا وَقَالَ الْبَغَوِيّ خُرُوجُ مَنِيِّهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا يُوجِبُ الْغُسْلَ كَمَنِيِّ الرَّجُلِ وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ الْأَكْثَرِينَ قَالُوا تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا يَطَّرِدُ فِي مَنِيِّهَا الْخَوَاصُّ الثَّلَاثُ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ وَقَالَ هَذَا الَّذِي ادَّعَاهُ لَيْسَ كَمَا قَالَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَأَمَّا الْمَذْيُ فَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ لَزِجٌ يَخْرُجَ عِنْدَ شَهْوَةٍ لَا بِشَهْوَةٍ وَلَا دَفْقٍ وَلَا يَعْقُبُهُ فُتُورٌ وَرُبَّمَا لَا يَحُسُّ بِخُرُوجِهِ وَيَشْتَرِك الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِيهِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَإِذَا هَاجَتْ الْمَرْأَةُ خَرَجَ مِنْهَا الْمَذْيُ قَالَ وَهُوَ أُغْلَبُ فِيهِنَّ مِنْهُ فِي الرِّجَالِ: وَأَمَّا الْوَدْيُ فَمَاءٌ أَبْيَضُ كَدِرٌ ثَخِينٌ يُشْبِهُ الْمَنِيَّ فِي الثَّخَانَةِ وَيُخَالِفُهُ فِي الْكُدُورَةِ وَلَا رَائِحَةَ لَهُ وَيَخْرُجُ عَقِيبَ الْبَوْلِ إذَا كَانَتْ الطَّبِيعَةُ مُسْتَمْسِكَةً وعند حمل شئ ثَقِيلٍ وَيَخْرُجْ قَطْرَةً أَوْ قَطْرَتَيْنِ وَنَحْوَهُمَا: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ: وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ عَلَى أَيِّ حَالٍ وَلَوْ كَانَ دَمًا عَبِيطًا وَيَكُونُ حِينَئِذٍ طَاهِرًا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْأَصْحَابُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَجْهًا شَاذًّا أَنَّهُ إذَا كَانَ كَلَوْنِ الدَّمِ لَمْ يَجِبْ الغسل وليس بشئ والله أعلم * قال المصنف رحمه الله

    * [فان احتلم ولم ير المنى أو شك هل خرج منه المني لم يلزمه الغسل وان رأى المنى ولم يذكر احتلاما لزمه الغسل لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الرجل يجد البلل ولا يذكر الاحتلام قال يغتسل وعن الرجل يرى انه احتلم ولا يجد البلل قال لا غسل عليه) ]

    * [الشَّرْحُ] حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا مَشْهُورٌ رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ لَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عند أهل العلم لا يحتج بروايته ويعنى عَنْهُ حَدِيثُ أُمِّ سُلَيْمٍ الْمُتَقَدِّمُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جَمِيعِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ هَذَا وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الِاحْتِلَامِ وَهَذَا الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ونقل ابن المنذر الاجماع أَنَّهُ إذَا رَأَى فِي مَنَامِهِ أَنَّهُ احْتَلَمَ أَوْ جَامَعَ وَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا فَلَا غُسْلَ عليه والله أعلم * قال المصنف رحمه الله

    * [وان رأي المني في فراش ينام فيه هو وغيره لم يلزمه الغسل لان الغسل لا يجب بالشك والاولى أنه يغتسل وان كان لا ينام فيه غيره لزمه الغسل واعادة الصلاة من آخر نوم نام فيه]

    * [الشَّرْحُ] هُنَا مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا رَأَى مَنِيًّا فِي فِرَاشٍ يَنَامُ فِيهِ هُوَ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ أَنْ يُمْنِي فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ صَاحِبِهِ وَلَا يَجِبُ على صاحبه لاحتمال أنه من الآخر ولايجوز أَنْ يُصَلِّيَ أَحَدُهُمَا خَلْفَ الْآخَرِ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ وَالْمُسْتَحَبُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَغْتَسِلَ (الثَّانِيَةُ) رَأَى الْمَنِيَّ فِي فِرَاشٍ يَنَامُ فِيهِ وَلَا يَنَامُ فِيهِ غَيْرُهُ أَوْ ثَوْبِهِ الَّذِي يَلْبَسُهُ وَلَا يَلْبَسُهُ غَيْرُهُ أَوْ يَنَامُ فِيهِ وَيَلْبَسُهُ صَبِيٌّ لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ إنْزَالِ الْمَنِيِّ فَيَلْزَمُهُ الْغُسْلُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأُمِّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَّا وَجْهًا شَاذًّا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ (1) أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَيْسَ بشئ وَالصَّوَابُ الْوُجُوبُ فَعَلَى هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا لَا يُحْتَمَلُ حُدُوثُ الْمَنِيِّ بَعْدَهَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعِيدَ كُلَّ صَلَاةٍ يَجُوزُ أَنَّ الْمَنِيَّ كَانَ مَوْجُودًا فِيهَا: ثُمَّ إنَّ الشَّافِعِيَّ وَالْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا الْمَسْأَلَةَ وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي هَذَا إذَا رَأَى الْمَنِيَّ فِي بَاطِنِ الثَّوْبِ فَإِنْ رَآهُ فِي ظَاهِرِهِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَصَابَهُ مِنْ غَيْرِهِ والله أعلم * قال المصنف رحمه الله [وَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ الْمَذْيِ وَهُوَ الْمَاءُ الذي يخرج بأدني شهوة والدليل عليه ماروى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (كُنْت رَجُلًا مَذَّاءً فَجَعَلْتُ أَغْتَسِلُ فِي الشِّتَاءِ حَتَّى تَشَقَّقَ ظَهْرِي فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ إذَا رَأَيْت الْمَذْيَ فَاغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ وُضُوءَك لِلصَّلَاةِ فَإِذَا فَضَخْتَ الْمَاءَ فَاغْتَسِلْ) وَلَا مِنْ الودى وهو ما يقطر عِنْدَ الْبَوْلِ لِأَنَّ الْإِيجَابَ بِالشَّرْعِ وَلَمْ يَرِدْ الشرع الا في المنى]

    * [الشَّرْحُ] حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَحِيحٌ روه أبو داود والنسائي والبيهقي بلفظه في المذهب إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ ذُكِرَ لَهُ: وَرَوَاهُ البخاري ومسلم في صحيحهما عَنْ عَلِيٍّ قَالَ (كُنْت رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْت الْمِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَك) وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا فَأَمَرْت رَجُلًا وَفِي رواية للنسائي فأمرت عمار بن يسار وفى رواية لمسلم (توضأ وانضح (1) حكاه في البيان عن صاحب الفروع وأبي المحاسن وهو ما أجاب به أبو حاتم القزويني في كتابه تجريد التجريد للمحاملي حيث قال ولو وجد في ثوبه منيا لم يلزمه الاغتسال سواء كان على ظاهره أو باطنه أو في ثوب لا يلبسه غيره أو يلبسه ما لم يتيقن انه خرج منه اه اذرعى فَرْجَك) وَفِي رِوَايَةٍ (مِنْهُ الْوُضُوءُ) وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُهَذَّبِ فَإِذَا نَضَحْتَ الْمَاءَ فَاغْتَسِلْ بِالنُّونِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي بَعْضِهَا فَضَخْتَ بِالْفَاءِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَمَعْنَاهُمَا دَفَقْتَ: وَقَوْلُهُ كُنْتُ مَذَّاءً هو

    بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الذَّالِ وَبِالْمَدِّ وَمَعْنَاهُ كَثِيرُ الْمَذْيِ كَضَرَّابٍ: وَقَوْلُهُ أَمَرْت الْمِقْدَادَ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَمَّارًا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَمَرَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ أَمَرَ الْآخَرَ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ صَاحِبِ الْكِتَابِ وَمَنْ وَافَقَهُ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي امرت من ذكركما جاء في معظم الرويات: وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَاسْتَحْيَيْت أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَانِ ابْنَتِهِ فَأَمَرْت رَجُلًا فَسَأَلَهُ وَمَعْنَى اسْتَحْيَيْت لِمَكَانِ ابْنَتِهِ أَنَّ الْمَذْيَ يَكُونُ غَالِبًا لِمُدَاعَبَةِ الزَّوْجَةِ وَقُبْلَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْأَدَبُ أَنْ لَا يَذْكُرَ الرَّجُلُ مَعَ أَصْهَارِهِ مَا يَتَضَمَّنُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ والله أعلم: أما حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ: فَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمَذْيَ وَالْوَدْيَ لَا يُوجِبَانِ الْغُسْلَ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هذا وبيان حقيقة المذى والودى ولغاتهما قَرِيبًا: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْإِيجَابَ بِالشَّرْعِ إلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الْأَحْكَامَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالشَّرْعِ وَأَنَّ الْعَقْلَ لَا يُوجِبُ شَيْئًا وَلَا يُحَسِّنُهُ وَلَا يُقَبِّحُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

    * (فَرْعٌ)

    فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا فَوَائِدُ: مِنْهَا أَنَّ الْمَذْيَ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَأَنَّهُ نَجَسٌ وَأَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ وَأَنَّ الْخَارِجَ مِنْ السَّبِيلِ إذَا كَانَ نَادِرًا لَا يَكْفِي فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْهُ الْحَجَرُ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْمَاءُ وَأَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ الْمَنِيِّ وَأَنَّ الْمَذْيَ وَغَيْرَهُ مِنْ النَّادِرَاتِ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَأَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الِاسْتِفْتَاءِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالظَّنِّ وَهُوَ خَبَرُ الْوَاحِدِ هُنَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ بِالْمُشَافَهَةِ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مُجَامَلَةُ الْأَصْهَارِ وَالتَّأَدُّبُ مَعَهُمْ بِتَرْكِ الْكَلَامِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمُعَاشَرَةِ النِّسَاءِ أَوْ يَتَضَمَّنُهُ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الِاحْتِيَاطُ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَقْصُودِ وَلِهَذَا أَمَرَ بِغَسْلِ الذَّكَرِ وَالْوَاجِبُ مِنْهُ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ فَقَطْ هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ: وَعَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ كُلِّ الذَّكَرِ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ يجب غسل الذكر والانثيين: دليلنا ماروى سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (كُنْت أَلْقَى مِنْ الْمَذْيِ شِدَّةً وَعَنَاءً فَكُنْت أُكْثِرُ مِنْ الْغُسْلِ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (إنَّمَا يُجْزِئُك مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ: وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مِنْ الْمَذْيِ الْوُضُوءُ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ: وَأَمَّا الْأَمْرُ بِغَسْلِ الذَّكَرِ فِي حَدِيثِ الْمِقْدَادِ فَعَلَى الِاسْتِحْبَابِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بَعْضُ الذَّكَرِ وَهُوَ مَا أَصَابَهُ الْمَذْيُ:

    وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يُوجِبُ الْغُسْلَ وَعَنْ الْمَاءِ يَكُونُ بَعْدَ الْمَاءِ فَقَالَ ذَلِكَ الْمَذْيُ وَكُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجَك وَأُنْثَيَيْك وَتَوَضَّأْ وُضُوءَك لِلصَّلَاةِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَصَابَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ أَوْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِاحْتِمَالِ إصَابَةِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أعلم * قال المصنف رحمه الله

    * [فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ مَا يُشْبِهُ الْمَنِيَّ وَالْمَذْيَ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ لَهُ فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ مِنْهُ لِأَنَّ وُجُوبَ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ مُسْتَيْقَنٌ وَمَا زَادَ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَشْكُوكٌ فِي وُجُوبِهِ فَلَا يَجِبُ بِالشَّكِّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهُ مَنِيًّا فَيَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ وَبَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهُ مَذْيًا فَيَجِبُ الْوُضُوءُ وَغَسْلُ الثَّوْبِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ احْتِمَالًا وَاحِدًا وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَحْسَنَ اللَّهُ تَوْفِيقَهُ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَتَوَضَّأَ مُرَتِّبًا وَيَغْسِلَ سَائِرَ بَدَنِهِ وَيَغْسِلَ الثَّوْبَ مِنْهُ (1) لِأَنَّا إنْ جَعَلْنَاهُ منيا أو جبنا عَلَيْهِ غَسْلَ مَا زَادَ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِالشَّكِّ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ مَذْيًا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ غَسْلَ الثَّوْبِ وَالتَّرْتِيبَ فِي الْوُضُوءِ بِالشَّكِّ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَلَيْسَ أَحَدُ الْأَصْلَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إسْقَاطِ حُكْمِهِمَا لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ اشْتَغَلَتْ بِفَرْضِ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1