المجموع شرح المهذب
By النووي
()
About this ebook
Read more from النووي
الإيجاز في شرح سنن أبي داود السجستاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتبيان في آداب حملة القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأذكار للنووي ت مستو Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأذكار للنووي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsآداب الفتوى والمفتي والمستفتي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتاوى النووي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإيضاح في مناسك الحج والعمرة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبستان العارفين للنووي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجموع شرح المهذب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتقريب والتيسير للنووي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأصول والضوابط Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsروضة الطالبين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق صلى الله عليه وسلم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsدقائق المنهاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأربعون النووية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتهذيب الأسماء واللغات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsخلاصة الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحرير ألفاظ التنبيه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرياض الصالحين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجزء فيه ذكر اعتقاد السلف في الحروف والأصوات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to المجموع شرح المهذب
Related ebooks
فتح الباري لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجموع شرح المهذب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالنشر في القراءات العشر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالثبات عند الممات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح القدير للشوكاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsدقائق المنهاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبستان الأحبار مختصر نيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنتقى شرح الموطإ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحاوي للفتاوي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرسالة العرشية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشف المشكل من حديث الصحيحين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح منتهى الإرادات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمغني لابن قدامة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسبل السلام شرح بلوغ المرام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأدب الدنيا والدين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقواعد لابن رجب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشاف القناع عن متن الإقناع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنهاج السنة النبوية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمغرب في ترتيب المعرب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلسان العرب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السندي على سنن ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمسائل السفرية Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for المجموع شرح المهذب
0 ratings0 reviews
Book preview
المجموع شرح المهذب - النووي
المجموع شرح المهذب
الجزء 11
النووي
676
شرح الإمام النووي المتن أولا بتبيين اللغات، ثم شرح الأحاديث الواردة مع بيان درجتها من حيث الصحةُ والضعفُ، ثم أتبعه بذكر المسائل الفقهية، وذِكْر الراجح منها عند الشافعية من وجوه وأقوال، ثم ترجم للصحابة والعلماء المذكورين في كلام الشيرازي
مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَحَجَّةُ نَذْرٍ
* قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا وُجُوبُ تَقْدِيمِ حَجَّةِ الاسلام وبه قال ابن عمرو عطاء وأحمد واسحق وَأَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُجْزِئُهُ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ عَنْهُمَا وَقَالَ مَالِكٌ إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ وَفَاءَ نَذْرِهِ فَهِيَ عَنْ النَّذْرِ وَعَلَيْهِ
حَجَّةُ الْإِسْلَامِ مَنْ قَابِلٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَصْلٌ فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْحَجِّ)
هَذَا الْفَصْلُ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَبَعْضًا مِنْهُ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَحَذَفَ بَعْضًا مِنْهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ فِي الْمُخْتَصَرِ هُنَا وَتُرْجَمَ لَهُ بَابًا مُسْتَقِلًّا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ وَتَابَعَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى ذِكْرِهِ هُنَا إلَّا الْمُصَنِّفُ فَأَرَدْتُ موافقة المزني والاصحاب (1) بياض بالاصل (2) كذا في الاصل وسقط منه المسألة الثانية والثالثة فليحرر فَأَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَقَاصِدَ مَا ذَكَرُوهُ مُخْتَصِرَةً قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْحَجِّ وَعَلَى الْعُمْرَةِ لِدُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِمَا كَالزَّكَاةِ وَيَجُوزُ بِالْبَذْلِ كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ والصحاب قَالُوا وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ حُجَّ عَنَى وَأُعْطِيكَ نَفَقَتَكَ أَوْ كَذَا وَكَذَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ حَيْثُ تَجُوزُ النِّيَابَةُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ فِي صُورَتَيْنِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَفِي الْمَعْضُوبِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ وَأُجْرَةُ الْحَجِّ حَلَالٌ مِنْ أَطْيَبِ الْمَكَاسِبِ
* (فَرْعٌ)
الِاسْتِئْجَارُ فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ ضَرْبَانِ
(أَحَدُهُمَا)
اسْتِئْجَارُ عَيْنِ الشَّخْصِ
(وَالثَّانِي)
إلْزَامُ ذِمَّتِهِ الْعَمَلَ مِثَالُ الْأَوَّلِ مِنْ الْحَجِّ أَنْ يَقُولَ الْمَعْضُوبُ استأجرتك أن تحج عَنْ مَيِّتِي وَلَوْ قَالَ اُحْجُجْ بِنَفْسِكَ كَانَ تَأْكِيدًا (وَمِثَالُ الثَّانِي) أَلْزَمْتُ ذِمَّتَكَ تَحْصِيلَ الْحَجِّ لِي أَوْ لَهُ وَيَفْتَرِقُ النَّوْعَانِ فِي أُمُورٍ سَتَرَاهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ لِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ شُرُوطٌ وَآثَارٌ وَأَحْكَامٌ مَوْضِعُهَا كِتَابُ الْإِجَارَةِ وَاَلَّذِي نَذْكُرُ هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ الْحَجِّ قَالَ أَصْحَابُنَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ضَرْبَيْ الْإِجَارَةِ قَدْ يُعَيَّنُ فِيهِ زَمَنُ الْعَمَلِ وَقَدْ لَا يُعَيَّنُ وَإِذَا عُيِّنَ فَقَدْ تُعَيَّنُ السَّنَةُ الْأُولَى وَقَدْ تُعَيَّنُ غَيْرُهَا فَأَمَّا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ فَإِنْ عَيَّنَّا السَّنَةَ الْأُولَى جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْخُرُوجُ وَالْحَجُّ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا مَقْدُورًا لِلْأَجِيرِ فَلَوْ كَانَ مَرِيضًا لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجَ أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ آمِنٍ أَوْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً بِحَيْثُ لَا تَنْقَطِعُ فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِلْعَجْزِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ عَيَّنَّا غَيْرَ السَّنَةِ الْأُولَى لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ كَاسْتِئْجَارِ الدَّارِ لِلشَّهْرِ الْمُسْتَقْبَلِ قَالَ أَصْحَابُنَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهَا فِي سَنَةٍ فَلَا يَضُرُّ
التَّأْخِيرُ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ السَّنَةُ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَا سَبَقَ (وَأَمَّا) الْإِجَارَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى الذِّمَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا السَّنَةُ الْأُولَى بَلْ يَجُوزُ تَعَيُّنُ السَّنَةِ الْأُولَى وَتَعَيُّنُ غَيْرِهَا فَإِنْ عَيَّنَ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا تَعَيَّنَتْ وَإِنْ أطلق حمل عى الْأُولَى وَلَا يَقْدَحُ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ مَرَضُ الْأَجِيرِ وَلَا خَوْفُ الطَّرِيقِ لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَلَا يَقْدَحُ فِيهَا أَيْضًا ضِيقُ الْوَقْتِ إنْ عَيَّنَ غَيْرَ السَّنَةِ الْأُولَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يَسْتَنِيبَ بِحَالٍ وَأَمَّا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَقَدْ أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ وَقَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ إنْ قَالَ أَلْزَمْتُ ذِمَّتَكَ تَحْصِيلَ حَجَّةٍ لِي جَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَإِنْ قَالَ اُحْجُجْ بِنَفْسِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَنِيبَ بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَعْيَانِ الْأُجَرَاءِ وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا الْفَصْلَ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَخَطَّأَهُ فِيهِ وَقَالَ الْإِجَارَةُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بَاطِلَةٌ لان الدينية مع الربط بالغنيمة يتاقضان كمن أسلم في ثمرة انسان مُعِينٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا إشْكَالٌ قَوِيٌّ
* (فَرْعٌ)
ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَآخَرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْقَسِمُ إلَى ضَرْبَيْنِ كَالْإِجَارَةِ (أَحَدُهُمَا) بَيْعُ عين وهو أن يبيع عينا بعينه فَيَقُول بِعْتُكَ هَذَا فَإِنْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ اقْتَضَى الصِّحَّةَ وَتَسْلِيمَ الْعَيْنِ فِي الْحَالِ فَإِنْ تَأَخَّرَ التَّسْلِيمُ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَبْطُلْ الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَ بِعُذْرٍ أَوْ بِلَا عُذْرٍ وَإِنْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ تَأْخِيرَ السَّلَمِ وَلَوْ سَاعَةً بَطَلَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يُفْتَقَرُ الْعَقْدُ إلَيْهِ وَرُبَّمَا تَلِفَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ الثَّانِي وَهُوَ بَيْعُ صِفَةٍ وَهُوَ السَّلَمُ فَإِنْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ اقْتَضَى الْحُلُولَ وَإِنْ شَرَطَ أَجَلًا صَحَّ بِخِلَافِ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ تَلَفُهُ فَلَا غَرَرَ
* (فَرْعٌ)
قَالَ أَصْحَابُنَا أَعْمَالُ الْحَجِّ مَعْرُوفَةٌ فَإِنْ عَلِمَهَا الْمُتَعَاقِدَانِ عِنْدَ الْعَقْدِ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَإِنْ جَهِلَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ تَصِحَّ بِلَا خِلَافٍ وَمِمَّنْ صرح به امام الحرمين والبغوى وَالْمُتَوَلِّي وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمِيقَاتِ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ الْأَجِيرُ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَمُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ وَنَصَّ فِي الْإِمْلَاءِ أَنَّهُ لا يشترط وللاصحاب أَرْبَعُ طُرُقٍ (أَصَحُّهَا) وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ المروزى والا كثرون وَوَافَقَ
الْمُصَنَّفُونَ عَلَى تَصْحِيحِهِ فِيهِ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَا يُشْتَرَطُ وَيُحْمَلُ عَلَى مِيقَاتِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَقَعُ عَلَى حَجٍّ شَرْعِيٍّ وَالْحَجُّ الشَّرْعِيُّ لَهُ مِيقَاتٌ مَعْقُودٌ شَرْعًا وَغَيْرُهَا فَانْصَرَفَ الْإِطْلَاقُ إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يُقَرِّرَهُ الْمُتَعَاقِدَانِ وَمَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ أَوْ الْعُرْفِ كَمَا لَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ مُطْلَقٍ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْعُرْفِ وَهُوَ النَّقْدُ الْغَالِبُ وَيَكُونُ كَمَا قَرَّرَاهُ وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى تَصْحِيحِ هَذَا الْقَوْلِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) يُشْتَرَطُ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَفَوْقَهُ وَدُونَهُ وَالْغَرَضُ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ فَوَجَبَ بَيَانُهُ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) إنْ كَانَ لِلْبَلَدِ طَرِيقَانِ مُخْتَلِفَا الْمِيقَاتِ أَوْ طَرِيقٌ يُفْضِي إلَى مِيقَاتَيْنِ كَقَرْنٍ وَذَاتِ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَكَالْجُحْفَةِ وَذِي الْحُلَيْفَةِ لِأَهْلِ الشَّامِّ فَإِنَّهُمْ تَارَةً يَمُرُّونَ بِهَذَا وَتَارَةً يَمُرُّونَ بِهَذَا اشْتَرَطَ بَيَانُهُ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا الطَّرِيقُ مَشْهُورٌ فِي طريقي الْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ (وَالثَّالِثُ) إنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَنْ حَيٍّ اُشْتُرِطَ وَإِنْ كَانَ عَنْ مَيِّتٍ فَلَا لِأَنَّ الْحَيَّ قَدْ يَتَعَلَّقُ لَهُ بِهِ غَرَضٌ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي حَقِّهِ تَحْصِيلُ الْحَجِّ وَهَذَا الطَّرِيقُ حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ وضعفه الشيخ أَبُو حَامِدٍ وَآخَرُونَ وَقَالُوا هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ ليس بشئ وَنَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ (وَالرَّابِعُ) يُشْتَرَطُ قَوْلًا وَاحِدًا حَكَاهُ الدَّارِمِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ شَرَطَا تَعْيِينَهُ فَأَهْمَلَاهُ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ لَكِنْ يَقَعُ الْحَجُّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَلَوْ عَيَّنَّا مِيقَاتًا أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ وَتَفْسُدُ الْإِجَارَةُ لَكِنْ يَصِحُّ الْحَجُّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا سَبَقَ وَلَوْ عَيَّنَّا مِيقَاتًا أَبْعَدَ عَنْ مَكَّةَ مِنْ مِيقَاتِهِ صَحَتْ الْإِجَارَةُ وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمِيقَاتُ كَمَا لَوْ نَذَرَهُ وَأَمَّا تَعْيِينُ زَمَانِ الْإِحْرَامِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ لِلْإِحْرَامِ وَقْتًا مَضْبُوطًا لَا يَجُوزُ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ فَلَوْ شُرِطَ الْإِحْرَامُ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ جَازَ وَلَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي وَعَلَى هَذَا لَوْ أَحْرَمَ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ وَأَفْسَدَهُ لَزِمَهُ فِي الْقَضَاءِ أَنْ يُحْرِمَ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ كَمَا فِي مِيقَاتِ الْمَكَانِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ اُشْتُرِطَ بِلَا خلاف بيان أنهما أفراد أَوْ تَمَتُّعٌ أَوْ قِرَانٌ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا
فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ (فَرْعٌ)
نَقَلَ الْمُزَنِيّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْمَنْثُورِ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمَعْضُوبُ مَنْ حَجَّ عَنَى فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَحَجَّ عَنْهُ إنْسَانٌ اسْتَحَقَّ الْمِائَةَ قَالَ الْمُزَنِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِأَنَّ هَذَا إجَارَةٌ فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْأَجْرِ هَذَا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي أَوَّلِ بَابِ الْجَعَالَةِ وَلِلْأَصْحَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ (الصَّحِيحُ) وُقُوعُ الْحَجِّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ وَبِهَذَا قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ كَمَا نص عليه الشَّافِعِيُّ قَالُوا لِأَنَّهُ جَعَالَةٌ وَلَيْسَ بِإِجَارَةٍ وَالْجَعَالَةُ تَجُوزُ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ فَالْمَعْلُومُ أَوْلَى (وَالثَّانِي) وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى حَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ مُعْظَمَ الْإِصْحَابِ مَالُوا إلَى هَذَا وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ لَا تَجُوزُ الْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّهُ يمكن الاسئجار عَلَيْهِ (وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ يَفْسُدُ الْإِذْنُ وَيَقَعُ الْحَجُّ عَنْ الْأَجِيرِ لِأَنَّ الْإِذْنَ غَيْرُ مُتَوَجِّهٍ إلَى إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ وَكَّلْتُ مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي فِي بَيْعِهَا فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ اعْتِمَادًا عَلَى هَذَا التَّوْكِيلِ وَهَذَا الْوَجْهُ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَذَكَرَ امام الحرمين أن شيخ وَالِدَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ أَشَارَ إلَيْهِ فَقَالَ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَحْكُمَ بِفَسَادِ الْإِذْنِ وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ جِدًّا بَلْ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَالْمَذْهَبِ وَالدَّلِيلِ فَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ فَقَالَ مَنْ حج عنى فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَسَمِعَهُ رَجُلَانِ وَأَحْرَمَا عَنْهُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْأَصْحَابُ إنْ سَبَقَ إحْرَامُ أَحَدِهِمَا وَقَعَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْقَائِلِ وَيَسْتَحِقُّ السَّابِقُ الْمِائَةَ وَإِحْرَامُ الثَّانِي يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَإِنْ أَحْرَمَا مَعًا أَوْ شك في السبق والمعية لم يقع شئ مِنْهُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ بَلْ يَقَعُ إحْرَامُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَصَارَ كَمَنْ عَقَدَ نِكَاحَ أُخْتَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَوْ قَالَ مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ مِائَةُ دِينَارٍ فَأَحْرَمَ عَنْهُ رَجُلَانِ أحدهما بعد الآخر وقع الاحرام السَّابِقِ بِالْإِحْرَامِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْقَائِلِ وَلَهُ عَلَيْهِ الْمِائَةُ وَلَوْ أَحْرَمَا مَعًا وَقَعَ حَجُّ كُلِّ واحد منهما عن نفسه ولا شئ لَهُمَا عَلَى الْقَائِلِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أَوَّلٌ وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ مَجْهُولًا بِأَنْ قَالَ مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ أَوْ دَرَاهِمُ وَقَعَ الْحَجُّ عَنْ الْقَائِلِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
*
(فَرْعٌ)
إذَا اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِأُجْرَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ وَحَجَّ الْأَجِيرُ وَقَعَ الْحَجُّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِلَا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا وَنَقَلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ لِصِحَّةِ الْإِذْنِ قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ كَمَا لَوْ وَكُلَّهُ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ عِوَضٍ فَاسِدٍ لِلْوَكِيلِ فَالْإِذْنُ صَحِيحٌ وَالْعِوَضُ فَاسِدٌ فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ صَحَّ وَاسْتَحَقَّ أجرة الْمِثْلِ
* (فَرْعٌ)
قَالَ الرَّافِعِيُّ مُقْتَضَى كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيِّ تَجْوِيزَ تَقْدِيمِ إجَارَةِ الْعَيْنِ عَلَى وَقْتِ خُرُوجِ النَّاسِ لِلْحَجِّ وَأَنَّ لِلْأَجِيرِ انْتِظَارَ خُرُوجِهِمْ وَيَخْرُجُ مَعَ أَوَّلِ رُفْقَةٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ عَلَى اخْتِلَافِ طَبَقَاتِهِمْ يُنَازَعُ فِيهِ وَيَقْتَضِي اشْتِرَاطُ وُقُوعِ الْعَقْدِ فِي وَقْتِ خُرُوجِ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ حَتَّى قَالَ الْبَغَوِيّ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ الْعَيْنِ إلَّا فِي وَقْتِ خُرُوجِ الْقَافِلَةِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ بِحَيْثُ يَشْتَغِلْ عَقِبَ الْعَقْدِ بِالْخُرُوجِ أَوْ بِأَسْبَابِهِ مِثْلُ شِرَاءِ الزَّادِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ لَمْ يَصِحَّ قَالَ وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ بِمَكَّةَ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِالْعَمَلِ عَقِبَ الْعَقْدِ قَالَ وَعَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ لَوْ جَرَى الْعَقْدُ فِي وَقْتِ تراكم الثلوج والانداء فَوَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
يَجُوزُ وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ فِي الْوَسِيطِ لِأَنَّ تَوَقُّعَ زَوَالِهَا مَضْبُوطٌ
(وَالثَّانِي)
لَا لِتَعَذُّرِ الِاشْتِغَالِ بِالْعَمَلِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ انْتِظَارِ خُرُوجِ الرُّفْقَةِ فَإِنَّ خُرُوجَهَا فِي الْحَالِ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ هَذَا كُلُّهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ (أَمَّا) إجَارَةُ الذِّمَّةِ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْخُرُوجِ بِلَا شَكٍّ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ هَذَا النَّقْلَ عَنْ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبَغَوِيِّ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ هُوَ شُذُوذٌ مِنْ الْبَغَوِيِّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّ الَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي الشَّامِلِ والغمة وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهَا مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْخُرُوجُ وَالسَّيْرُ عَلَى الْعَادَةِ وَالِاشْتِغَالُ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ أَمَّا عَقْدُهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَيَجُوزُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لِإِمْكَانِ الْإِحْرَامِ فِي الْحَالِ هَذَا كَلَامُ أَبِي عَمْرٍو وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ إنَّمَا يَجُوزُ عَقْدُ إجَارَةِ الْعَيْنِ فِي وَقْتِ الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ وَاتِّصَالِ الْقَوَافِلِ لِأَنَّ عَلَيْهِ الِاشْتِغَالَ بِعَمَلِ الْحَجِّ عَقِيبَ الْعَقْدِ وَالِاشْتِغَالَ بشراء الزاد والتأهب للسفر منزلة منزل السَّفَرِ وَلَيْسَ
عَلَيْهِ الْخُرُوجُ قَبْلَ الرُّفْقَةِ وَلَوْ استأجره أَخَاهُ مِنْ قَبْلِ زَمَانِ خُرُوجِ الْقَافِلَةِ لَمْ تَنْعَقِدْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فِي زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ بَاطِلَةٌ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ بَابِ الْإِجَارَةِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحُجُّ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ التَّوَجُّهِ فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ لَمْ يَجُزْ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ اسْتِيفَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَنْ حَالِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ لَا يُدْرِكُ الْحَجَّ إلَّا أَنْ يَسِيرَ قَبْلَ أَشْهُرِهِ لَمْ يَسْتَأْجِرْ إلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَتَوَجَّهُ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ وَقْتُ الشُّرُوعِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ إلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَتَمَكَّنُ في أَفْعَالِ الْحَجِّ أَوْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي سَيْرِهِ إلَى الْحَجِّ عَقِبَ الْعَقْدِ قَالَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْبِلَادِ الَّتِي يُمْكِنُ ابْتِدَاءُ الْحَجِّ فِيهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيُدْرِكُهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى شَرْطِ تَأْخِيرِ السَّلَمِ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَحَّ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَيَأْخُذَ فِي أَفْعَالِهِ عَقِبَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَلَا يَتَأَخَّرُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عَنْ حَالِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحُجَّ إلَّا بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ جَازَ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى السَّيْرِ إلَى الْحَجِّ وَالْخُرُوجِ له من البلد ولا تجوز قَبْلَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَكَثِيرُونَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطيب في المجرد لا تجوز إجَارَةُ الْعَيْنِ إلَّا فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ الْعَمَلُ فِيهِ أَوْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى السَّبَبِ فَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ فِي بِلَادٍ قَرِيبَةٍ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيمِ السَّيْرِ عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ كَبِلَادِ الْعِرَاقِ لَمْ يَجُزْ عَقْدُهَا إلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيمِ السَّيْرِ قَبْلَ أَشْهُرِهِ كَبِلَادِ خُرَاسَانَ جَازَ تَقْدِيمُ الْعَقْدِ عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ فَأَمَّا عَقْدُهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَيَجُوزُ فِي كُلِّ مَكَان لِإِمْكَانِ الِاشْتِغَالِ بِهِ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ إذَا اسْتَأْجَرَ عَنْهُ فَإِنْ وَصَلَ الْعَقْدُ بِالرَّحِيلِ صَحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يَصِلْهُ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَجُزْ وَقَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ يَجُوزُ وَقِيلَ إنْ كَانَ بِبَلَدٍ قَرِيبٍ كَبَغْدَادَ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا جَازَ
* (فَرْعٌ)
إذَا لَمْ يَشْرُعْ فِي الْحَجِّ فِي السَّنَةِ الْأُولَى لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى
الْعَيْنِ انْفَسَخَتْ بِلَا خلاف الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يُعَيِّنَا سَنَةً فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ كَتَعْيِينِ السَّنَةِ الْأُولَى وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَكِنْ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ وَإِنْ عَيَّنَا السَّنَةَ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا وَأَخَّرَ عَنْهَا فَطَرِيقَانِ مَشْهُورَانِ (أَصَحُّهُمَا) عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي مَحِلِّهِ (أَظْهَرُهُمَا) لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ (وَالثَّانِي) يَنْفَسِخُ قَوْلًا وَاحِدًا وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَبِهِ قَطَعَ غَيْرُهُ فَإِذَا قُلْنَا لَا يَنْفَسِخُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الْمَعْضُوبُ عَنْ نَفْسِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ لِيَحُجَّ الْأَجِيرُ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَنْ مَيِّتٍ فقال المصنف وسائر أصحاب الْعِرَاقِيِّينَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا خِيَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ قَالُوا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْأُجْرَةِ إذَا فُسِخَ الْعَقْدُ وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْجَارِ غَيْرِهِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا وَجْهَ لِلْفَسْخِ وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ قَالَ وَفِيمَا ذَكَرُوهُ نَظَرٌ قَالَ وَلَا يُمْنَعُ أَنْ يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِلْوَرَثَةِ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ وَسَيُعِيدُونَ بِالْفَسْخِ اسْتِرْدَادَ الْأُجْرَةِ وَصَرْفَهَا إلَى إحْرَامٍ آخَرَ أَحْرَى بِتَحْصِيلِ الْمَقْصُودِ هَذَا كَلَامُ الْإِمَامِ وَتَابَعَهُ الْغَزَالِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَحَكَى قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ وَجَزَمَ بِهِ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَذَكَرَ احْتِمَالَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ فَإِنْ كَانَتْ فِي تَرْكِ الْفَسْخِ تَرَكَهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْفَسْخِ لِخَوْفِ إفْلَاسِ الْأَجِيرِ أَوْ هَرَبِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَفْسَخَ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ ضَمِنَ قَالَ الرَّافِعِيُّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ فَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ الْمَنْقُولُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ وَأَثْبَتَهُمَا الْأَئِمَّةُ
(أَحَدُهُمَا)
صَوَّرَ بَعْضُهُمْ الْمَنْعَ بِمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فُلَانٌ مَثَلًا وَوَجْهُهُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مستحقة الصرف إليه (والثاني) قال أبو إسحق فِي الشَّرْحِ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَنْ الْمَيِّتِ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْعَقْدَ إنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِيهِ وَأَنْ لَا يَسْتَقِلَّ بِهِ فَإِذَا نَزَلَ مَا ذَكَرُوهُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ وَإِنْ نَزَلَ عَلَى الثَّانِي هَانَ أَمْرُهُ هَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ (أَمَّا) إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ من مال نَفْسِهِ مَنْ يَحُجُّ عَنْ الْمَيِّتِ فَهُوَ كَاسْتِئْجَارِ الْمَعْضُوبِ لِنَفْسِهِ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالِاتِّفَاقِ (وَأَمَّا) إذَا اسْتَأْجَرَ الْمَعْضُوبُ لِنَفْسِهِ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فَمَاتَ الْمَعْضُوبُ وَأَخَّرَ الْأَجِيرُ الْحَجَّ عَنْ السَّنَةِ الْمُعِينَةِ فَقَالَ الرَّافِعِيُّ
لَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةً قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَارِثِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْقِيَاسُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْوَارِثِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِ هَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ إذْ لَا مِيرَاثَ فِي هَذِهِ الْأُجْرَةِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ قَدَّمَ الْأَجِيرُ عَلَى السَّنَةِ الْمُعِينَةِ جَازَ بِلَا خِلَافٍ وَقَدْ زَادَ خَيْرًا وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَجَّلَ الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبْلَ الْمَحِلِّ فَإِنَّ فِي وُجُوبِ قَبُولِهِ خلاف وتفصيل بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَأْخِيرِ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِيُحْفَظَ فِي الذِّمَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحَجِّ (فَرْعٌ)
إذَا انْتَهَى الْأَجِيرُ إلَى الْمِيقَاتِ الْمُتَعَيَّنِ لِلْإِحْرَامِ إمَّا بِشَرْطِهِ وَإِمَّا بالشرع إذا لم يشترط تعيينها يُحْرِمْ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ بَلْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ بِعُمْرَةٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا أَحْرَمَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ بالحج فله حَالَانِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنْ لَا يَعُودَ إلَى الْمِيقَاتِ فيصح الحج عن المستأجر للاذن ويحط شئ من الاجرة المسماة لا خلاله بِالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ الْمُلْتَزَمِ وَفِي قَدْرِ الْمَحْطُوطِ خِلَافٌ مُتَعَلِّقٌ بِأَصْلٍ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا سَارَ الْأَجِيرُ مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ وَحَجَّ فَالْأُجْرَةُ تَقَعُ عَنْ مُقَابَلَةِ أَصْلِ الْحَجِّ وَحْدَهَا أَمْ مُوَزَّعَةً عَلَى السَّيْرِ وَالْأَعْمَالِ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ سَنُوَضِّحُهُمَا قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا إذَا مَاتَ الْأَجِيرُ (أَصَحُّهُمَا) تُوَزَّعُ عَلَى الْأَعْمَالِ وَالسَّيْرِ جَمِيعًا (وَالثَّانِي) عَلَى الْأَعْمَالِ وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ إنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحُجَّ عَنِّي يُقَسَّطُ عَلَى الْأَعْمَالِ فَقَطْ وَإِنْ قَالَ لِتَحُجَّ عَنِّي مِنْ بَلَدِ كَذَا يُقَسَّطُ عَلَيْهِمَا وَحَمْلُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ فَإِنْ خَصَصْنَاهَا بِالْأَعْمَالِ وُزِّعَتْ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ عَلَى حَجَّةٍ مِنْ الْمِيقَاتِ وَحَجَّةٍ مِنْ مَكَّةَ لِأَنَّ الْمُقَابَلَ بِالْأُجْرَةِ عَلَى هَذَا هُوَ الْحَجُّ مِنْ الْمِيقَاتِ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةَ الْحَجَّةِ الْمُسَمَّاةِ مِنْ مَكَّةَ دِينَارَانِ وَالْمُسَمَّاةُ مِنْ الْمِيقَاتِ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ فَالتَّفَاوُتُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ فَيَحُطُّ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْمُسَمَّى وَإِنْ وَزَّعْنَا الْأُجْرَةَ عَلَى السَّيْرِ وَالْأَعْمَالِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَقَوْلَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا تُحْسَبُ لَهُ الْمَسَافَةُ هُنَا لِأَنَّهُ صَرَفَهَا إلَى غَرَضِ نَفْسِهِ لِإِحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْمِيقَاتِ فَعَلَى هَذَا تُوَزَّعُ عَلَى حَجَّةٍ تَنْشَأُ مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ وَيَقَعُ الْإِحْرَامُ بِهَا مِنْ الْمِيقَاتِ وَعَلَى حَجَّةٍ تَنْشَأُ مِنْ مَكَّةَ فَيَحُطُّ مِنْ الْمُسَمَّى بِنِسْبَتِهِ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ الْمُنْشَأَةِ مِنْ الْبَلَدِ مِائَةً وَالْمُنْشَأَةُ مِنْ مَكَّةَ عَشْرَةً حَطَّ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْمُسَمَّى (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) وَهُوَ الْأَصَحُّ يُحْسَبُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ إلَى الْمِيقَاتِ لِجَوَازِ أَنَّهُ قَصَدَ الْحَجَّ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ عُرِضَ لَهُ الْعُمْرَةُ فَعَلَى هَذَا تُوَزَّعُ الْمُسَمَّاةُ
عَلَى حَجَّةٍ مُنْشَأَةٍ مِنْ بَلَدِ الْإِجَارَةِ إحْرَامُهَا مِنْ الْمِيقَاتِ وَعَلَى حَجَّةٍ مُنْشَأَةٍ مِنْ الْبَلَدِ إحْرَامُهَا مِنْ مَكَّةَ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ الْأُولَى مِائَةً وَالثَّانِيَةُ تِسْعِينَ حَطَّ عُشْرَ الْمُسَمَّى فَحَصَلَ فِي الْجُمْلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (الْمَذْهَبُ) مِنْهَا هَذَا الْأَخِيرُ قَالَ أَصْحَابُنَا ثُمَّ إنَّ الْأَجِيرَ فِي مَسْأَلَتِنَا يَلْزَمُهُ دَمٌ لِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ وَسَنَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى خِلَافًا فِي غَيْرِ صُورَةِ الِاعْتِمَارِ أَنَّ إسَاءَةَ الْمُجَاوَزَةِ هَلْ تَنْجَبِرُ بِإِخْرَاجِ الدَّمِ حتى لا يحط شئ من الاجرة أم لا وذلك الخلاف يجئ هنا ذكره أبو الفضل ابن عبدان وآخرون فإذا الْخِلَافِ فِي قَدْرِ الْمَحْطُوطِ
* (فَرْعٌ)
لِلْقَوْلِ بِإِثْبَاتِ أَصْلِ الْحَطِّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ وَيُقْطَعُ بِعَدَمِ الِانْجِبَارِ هُنَا لِأَنَّهُ ارْتَفَقَ بِالْمُجَاوَزَةِ هُنَا حَيْثُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ لِنَفْسِهِ (الْحَالُ الثَّانِي) أَنْ يَعُودَ إلَى الْمِيقَاتِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ فَيُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْهُ فَهَلْ يحط شئ مِنْ الْأُجْرَةِ يُبْنَى عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ (إنْ قلنا) الاجرة موزعة الْأَعْمَالِ وَالسَّيْرِ لَمْ يُحْسَبْ السَّيْرُ لِانْصِرَافِهِ إلَى عُمْرَةٍ وَوُزِّعَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى حَجَّةٍ مُنْشَأَةٍ مِنْ بلد الاجارة إحرامها من اليمقات وَعَلَى حَجَّةٍ مُنْشَأَةٍ مِنْ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ قَطْعِ مَسَافَةٍ وَيُحَطُّ بِالنِّسْبَةِ مِنْ الْمُسَمَّى (وَإِنْ قُلْنَا) الْأُجْرَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَعْمَالِ أَوْ وَزَّعْنَاهَا عَلَيْهِ وَعَلَى السَّيْرِ وَحُسِبَتْ الْمَسَافَةُ فَلَا حَطَّ وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ كُلُّهَا وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَكَثِيرُونَ غَيْرُهُ
* (فَرْعٌ)
قَالَ الشَّافِعِيُّ الْوَاجِبُ عَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ أَوْ الشَّرْطِ فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ فَقَدْ فَعَلَ وَاجِبًا وَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَهُ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا هَذِهِ عِبَارَةُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَسَائِرِ الْأَصْحَابِ فَإِنْ جَاوَزَ الْأَجِيرُ الْمِيقَاتَ الْمُعْتَبَرَ بِالشَّرْطِ أَوْ الشَّرْعِ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَيُنْظَرُ إنْ عَادَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ فلا دم ولا يحط من الاجرة شئ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ أَوْ بَيْنَ الْمِيقَاتِ وَمَكَّةَ وَلَمْ يَعُدْ لَزِمَهُ دَمٌ لِلْإِسَاءَةِ بِالْمُجَاوَزَةِ وَهَلْ يَنْجَبِرُ بِهِ الْخَلَلُ حَتَّى لَا يحط شئ مِنْ الْأُجْرَةِ فِيهِ طَرِيقَانِ مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَالْأَصْحَابُ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ فِيهِ قَوْلَانِ
(أَحَدُهُمَا)
يَنْجَبِرُ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فَيَجِبُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ وَهَذَا ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمِ لِأَنَّهُ قَالَ يَجِبُ الدَّمُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَطَّ (وَأَصَحُّهُمَا) وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ
وَالْمُخْتَصَرِ يُحَطُّ (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) الْقَطْعُ بِالْحَطِّ وَتَأَوَّلُوا مَا قَالَهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمِ بِأَنَّهُ سَكَتَ عَنْ وُجُوبِ الْحَطِّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُكُوتِهِ عَنْهُ عَدَمُ وُجُوبِهِ مَعَ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى وُجُوبِ الْحَطِّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْأُمِّ (فَإِنْ قُلْنَا) بِالِانْجِبَارِ فَهَلْ نَعْتَبِرُ قِيمَةَ الدَّمِ وَنُقَابِلُهَا بِالتَّفَاوُتِ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ (أَصَحُّهُمَا) لَا لِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِي هَذَا الْقَوْلِ عَلَى جَبْرِ الْخَلَلِ وَقَدْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِأَنَّ الدَّمَ يَجْبُرُهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ (وَالثَّانِي) نَعَمْ فَلَا يَنْجَبِرُ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الدَّمِ فَعَلَى هَذَا تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الدَّمِ فَإِنْ كَانَ التَّفَاوُتُ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ حَصَلَ الِانْجِبَارُ وَلَا حَطَّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ وَجَبَ الزَّائِدُ هَذَا إذَا قُلْنَا بِالِانْجِبَارِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ وَهُوَ الْحَطُّ فَفِي قَدْرِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ السَّابِقِ وَهُوَ أَنَّ الاجرة في مقابلة ماذا (إن قلنا) مُقَابَلَةِ الْأَعْمَالِ فَقَطْ وَزَّعْنَا الْمُسَمَّى عَلَى حَجَّةٍ مِنْ الْمِيقَاتِ وَحَجَّةٍ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ (وَإِنْ قُلْنَا) فِي مُقَابَلَةِ الْأَعْمَالِ وَالسَّيْرِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَزَّعْنَا الْمُسَمَّى عَلَى حَجَّةٍ مِنْ بَلْدَةِ إحْرَامِهَا من الميقات على حَجَّةٍ مِنْ بَلْدَةِ إحْرَامِهَا مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ وَعَلَى هَذَا يَقِلُّ الْمَحْطُوطُ ثُمَّ حَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَمَنْ تَابَعَهُمَا وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ النَّظَرَ إلَى الْفَرَاسِخِ وَحْدَهَا أَمْ يُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ السُّهُولَةُ وَالْحُزُونَةُ (أَصَحُّهُمَا) الثَّانِي (أَمَّا) إذَا عَدَلَ الْأَجِيرُ عَنْ طَرِيقِ الْمِيقَاتِ الْمُعْتَبَرِ إلَى طَرِيقٍ آخَرَ مِيقَاتُهُ مِثْلُ الْمُعْتَبَرِ أَوْ أَقْرَبُ إلَى مَكَّةَ فَطَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَبِهِ قَطَعَ الْبَنْدَنِيجِيُّ والجمهور أنه لا شئ عليه وحكى القاضى حسين والبغوى وَغَيْرِهِمَا فِيهِ وَجْهَيْنِ (أَصَحُّهُمَا) هَذَا لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمِيقَاتِ الْمُعْتَبَرِ (وَالثَّانِي) أَنَّهُ كَمَنْ تَرَكَ الْمِيقَاتَ وَأَحْرَمَ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ بِالشَّرْطِ تَعَيَّنَ الْمَكَانُ (أَمَّا) إذَا عَيَّنَّا مَوْضِعًا آخَرَ فَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى مَكَّةَ مِنْ الشَّرْعِيِّ فَالشَّرْطُ فَاسِدٌ يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ كَمَا سَبَقَ إذْ لَا يَجُوزُ لِمُرِيدِ النُّسُكِ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ بِأَنْ عَيَّنَّا الْكُوفَةَ فَيَلْزَمُ الْأَجِيرَ الْإِحْرَامُ مِنْهَا وَفَاءٌ بِالشَّرْطِ فَلَوْ جَاوَزَهَا وَأَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ الدَّمُ فِيهِ وَجْهَانِ (الْأَصَحُّ) الْمَنْصُوصُ نَعَمْ لِأَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ الْوَاجِبَ بِالشَّرْطِ فَأَشْبَهَ مُجَاوَزَةَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ (وَالثَّانِي) لَا لِأَنَّ الدَّمَ يَجِبُ فِي مُجَاوَزَةِ الشَّرْعِيِّ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ وَجَبَ حَطُّ قِسْطٍ مِنْ الْأُجْرَةِ
قَطْعًا وَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ الدَّمَ فَفِي حُصُولِ الِانْجِبَارِ بِهِ الطَّرِيقَانِ السَّابِقَانِ (الْمَذْهَبُ) لَا يَنْجَبِرُ وَكَذَا لَوْ لَزِمَهُ الدَّمُ لِتَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ كَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْأَصْحَابُ فَإِنْ تَرَكَ نُسُكًا لَا دَمَ فِيهِ كَالْمَبِيتِ وَطَوَافِ الْوَدَاعِ إذَا قُلْنَا لا دم فيهما لزمه رد شئ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقِسْطِهِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَنْجَبِرُ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا دَمٌ يَنْجَبِرُ بِهِ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ فَإِنْ لَزِمَهُ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ كَاللُّبْسِ والقلم لم يحط شئ مِنْ الْأُجْرَةِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ شيأ مِنْ الْعَمَلِ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى التَّصْرِيحِ بِهَذَا وَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَيَجِب الدَّمُ فِي مَالِ الْأَجِيرِ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ شَرَطَ الْإِحْرَامَ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ فَأَخَّرَهُ لَزِمَهُ الدَّمُ وَفِي الِانْجِبَارِ الْخِلَافُ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَحَجَّ رَاكِبًا لِأَنَّهُ تَرْكَ مَقْصُودًا هكذا حكى المسألتين عن القاضى حسين الرافعى ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَا مُفَرِّعِينَ عَلَى أَنَّ الْمِيقَاتَ الْمَشْرُوطَ الشَّرْعِيَّ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ تَعْيِينِ الْكُوفَةِ هَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَحُجَّ مَاشِيًا فَحَجَّ رَاكِبًا (فَإِنْ قُلْنَا) الْحَجُّ رَاكِبًا أَفْضَلُ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا (وَإِنْ قُلْنَا) الْحَجُّ مَاشِيًا أَفْضَلُ فَقَدْ أَسَاءَ بِتَرْكِ الْمَشْيِ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَفِي وُجُوبِ رَدِّ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أُجْرَةِ الرَّاكِبِ وَالْمَاشِي وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى مَا سَبَقَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْمُتَوَلِّي هو الاصح
* (فرع)
قال أصحابنا إذا اتسأجره لِلْقِرَانِ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَتَارَةً يَمْتَثِلُ وَتَارَةً يَعْدِلُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَإِنْ امْتَثَلَ فَقَدْ وَجَبَ دَمُ الْقِرَانِ وَعَلَى مَنْ يَجِبُ فِيهِ وَجْهَانِ وَقِيلَ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ كَمَا لَوْ حَجَّ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي شَرَطَ الْقِرَانَ (وَالثَّانِي) عَلَى الْأَجِيرِ لِأَنَّهُ الْمُتَرَفِّهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ شَرْطَاهُ عَلَى الْأَجِيرِ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ مَجْهُولٍ وَإِجَارَةٍ لِأَنَّ الدَّمَ مَجْهُولُ الصِّفَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُعْسِرًا فَالصَّوْمُ الَّذِي هُوَ بَدَلُ الْهَدْيِ عَلَى الْأَجِيرِ لِأَنَّ بَعْضَ الصَّوْمِ وَهُوَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْحَجِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحج) وَاَلَّذِي فِي الْحَجِّ مِنْهُمَا هُوَ الْأَجِيرُ كَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي هُوَ كَالْعَاجِزِ عَنْ الْهَدْيِ وَالصَّوْمِ جَمِيعًا وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةِ بِكَمَالِهَا (فَأَمَّا) إذَا عَدَلَ فَيَنْظُرُ إنْ عَدَلَ إلَى الْإِفْرَادِ فَحَجَّ ثُمَّ اعْتَمَرَ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى
الْعَيْنِ لَزِمَهُ أَنْ يَرُدَّ مِنْ الْأُجْرَةِ حِصَّةَ الْعُمْرَةِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَنَاسِكِ الْكَبِيرِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالُوا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ عَنْ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ نَظَرَ فَإِنْ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ لِلْعُمْرَةِ فَلَا شئ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا وَلَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُقْرِنْ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَعَلَى الْأَجِيرِ دَمٌ لِمُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ لِلْعُمْرَةِ وَهَلْ يحط شئ مِنْ الْأُجْرَةِ أَمْ تَنْجَبِرُ الْإِسَاءَةُ بِالدَّمِ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ وَإِنْ عَدَلَ إلَى التَّمَتُّعِ فَقَدْ أشار المتولي إلى أنه إن كانت الاجارة عَيْنٍ لَمْ يَقَعْ الْحَجُّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ وَهَذَا هُوَ قِيَاسُ مَا سَبَقَ قَرِيبًا مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ نَظَرَ إنْ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ لِلْحَجِّ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَوَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
لَا يُجْعَلُ مُخَالِفًا لِتَقَارُبِ الْجِهَتَيْنِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ امْتَثَلَ وَفِي كَوْنِ الدَّمِ عَلَى الْأَجِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ الْوَجْهَانِ (وَأَصَحُّهُمَا) يُجْعَلُ مُخَالِفًا فَيَجِبُ الدم علي الاجير لا ساءته وفى حط شئ مِنْ الْأُجْرَةِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْأَجِيرِ إذَا أَحْرَمَ بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ (قِيلَ) يُحَطُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَالْأَصَحُّ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) يُحَطُّ (وَالثَّانِي) لَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَذَكَرَ أَصْحَابُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَجِيرَ دَمٌ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دَمٌ آخَرَ لِأَنَّ الْقِرَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَتَضَمَّنُهُ قَالَ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ
* (فَرْعٌ)
إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِلتَّمَتُّعِ فَامْتَثَلَ فَهُوَ كَمَا لو استأجره للقران فامثتل وَإِنْ أَفْرَدَ نَظَرَ إنْ قَدَّمَ الْعُمْرَةَ وَعَادَ لِإِحْرَامِ الْحَجِّ إلَى الْمِيقَاتِ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا وان أَخَّرَ الْعُمْرَةَ نَظَرْتُ فَإِنْ كَانَتْ إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ فِي الْعُمْرَةِ لِفَوَاتِ وَقْتِهَا الْمُعِينِ فَيَرُدُّ حِصَّتَهَا مِنْ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ وَعَادَ إلَى الْمِيقَاتِ لِلْعُمْرَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شئ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الْإِحْرَامِ بالعمرة من الميقات وفى حط شئ مِنْ الْأُجْرَةِ الْخِلَافُ السَّابِقُ وَإِنْ قَرَنَ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بالنسكين من الميقات وكان مامروا بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ إنْ عدد الافعال للنسكين فلا شئ عليه والا فهل يحط شئ مِنْ الْأُجْرَةِ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَفْعَالِ فِيهِ وَجْهَانِ وَكَذَا الْوَجْهَانِ فِي أَنَّ الدَّمَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أم الاجير
*
(فرع)
لو استاجر لِلْإِفْرَادِ فَامْتَثَلَ فَذَاكَ فَلَوْ قَرَنَ نُظِرَ إنْ كانت الاجارة عَلَى الْعَيْنِ فَالْعُمْرَةُ وَاقِعَةٌ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحَجِّ وَحْدَهُ فَقَرَنَ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي فَرْعٍ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَ فَصْلِ الِاسْتِئْجَارِ وَذَكَرْنَا فِيهِ قَوْلَيْنِ بِتَفْرِيعِهِمَا (الْجَدِيدُ) الْأَصَحُّ وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ عَنْ الْأَجِيرِ (وَأَمَّا) إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الذِّمَّةِ فَيَقَعَانِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَى الْأَجِيرِ الدم وهل يحط شئ مِنْ الْأُجْرَةِ لِلْخَلَلِ أَمْ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ فِيهِ الْخِلَافُ وَإِنْ تَمَتَّعَ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الْعَيْنِ وَقَدْ أَمَرَهُ بِتَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ فَقَدْ وَقَعَتْ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَيَرُدُّ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ أَمَرَهُ بِتَقْدِيمِهَا أَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى الذِّمَّةِ وَقَعَا عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَزِمَ الْأَجِيرَ دَمٌ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ لِإِحْرَامِ الحج وفى حط شئ مِنْ الْأُجْرَةِ الْخِلَافُ
* هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَقَرَنَ الْأَجِيرُ أَوْ تَمَتَّعَ وَقَعَ النُّسُكَانِ عَنْ الْمَيِّتِ بِكُلِّ حَالٍ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْأَصْحَابُ قَالُوا لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنِهِ فِي وُقُوعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَنْهُ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ فَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ صَحَّ وَوَقَعَ عَنْ فَرْضِ الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ وَلَا إذْنَ وَارِثٍ وَلَوْ قَالَ الْحَيُّ لِلْأَجِيرِ حُجَّ عَنِّي وَإِنْ تَمَتَّعْتَ أَوْ قَرَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ وَقَعَ النُّسُكَانِ (1) بِلَا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْحَجِّ فَاعْتَمَرَ أَوْ لِلْعُمْرَةِ فَحَجَّ فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِمَيِّتِ وَقَعَ عَنْ الْمَيِّتِ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَتْ عَنْ حَيٍّ وَقَعَتْ عَنْ الْأَجِيرِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي الْحَالَيْنِ
* (فَرْعٌ)
إذَا جَامَعَ الْأَجِيرُ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَسَدَ حَجُّهُ وَانْقَلَبَ الْحَجُّ إلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ فِي مَالِهِ وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ وَالْقَضَاءُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ وَتَظَاهَرَتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَنْقَلِبُ وَلَا يَفْسُدُ وَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بَلْ يَبْقَى صَحِيحًا وَاقِعًا عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَفْسُدُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَبِهَذَا الْقَوْلِ قَالَ الْمُزَنِيّ أَيْضًا وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ
* قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إنَّمَا قُلْنَا تَنْقَلِبُ الْحَجَّةُ الْفَاسِدَةُ إلَى الْأَجِيرِ وَلَا تُضَافُ بَعْدَ الْفَسَادِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ الْحَجَّةَ الْمَطْلُوبَةَ لَا تَحْصُلُ بِالْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ مَنْ ارْتَكَبَ مَحْظُورًا غَيْرَ مُفْسِدٍ وَهُوَ أَجِيرٌ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْحَجَّةِ يُعْتَدُّ بِهِ شَرْعًا فَوَقَعَ الِاعْتِدَادُ بِهِ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْحَجُّ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ
اخْتَلَفَتْ الْإِضَافَاتُ وَالْحَجَّةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُبْرِئُ الذِّمَّةَ (فَإِذَا قُلْنَا) بِالْمَذْهَبِ فَإِنْ كَانَتْ إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ وَيَكُونُ الْقَضَاءُ الَّذِي يَأْتِي بِهِ وَاقِعًا عَنْ الْأَجِيرِ وَيَرُدُّ الْأُجْرَةَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ لَمْ تَنْفَسِخْ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ فَإِذَا قَضَى فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَعَمَّنْ يَقَعُ الْقَضَاءُ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ هُمَا قَوْلَانِ
(أَحَدُهُمَا)
عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ قَضَاءُ الْأَوَّلِ وَلَوْ سَلِمَ الْأَوَّلُ مِنْ الْإِفْسَادِ لَكَانَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَكَذَا قَضَاؤُهُ (وَأَصَحُّهُمَا) عَنْ الْأَجِيرِ وَبِهِ قَطَعَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَآخَرُونَ لِأَنَّ الْأَدَاءَ الْفَاسِدَ وَقَعَ عَنْهُ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْقَضَاءِ حَجَّةٌ أُخْرَى فَيَقْضِي عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يَحُجُّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى أَوْ يَسْتَنِيبُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَإِذَا لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ خِيَارُ الْفَسْخِ لِتَأَخُّرِ الْمَقْصُودِ
* هَذَا إنْ كَانَ مَعْضُوبًا فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَنْ مَيِّتٍ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَحُجَّ الْأَجِيرُ فِي السَّنَةِ الْمُعِينَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ قَالَ الْخُرَاسَانِيُّونَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ وَمَنَعَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَقَدْ سَبَقَ تَوْجِيهُهُمَا
* (فَرْعٌ)
إذَا أَحْرَمَ الْأَجِيرُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ صَرَفَ الْإِحْرَامَ إلَى نَفْسِهِ ظَنَّا مِنْهُ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ وَأَتَمَّ الْحَجَّ عَلَى هَذَا الظَّنِّ فَلَا يَنْصَرِفُ الْحَجُّ إلَى الْأَجِيرِ بَلْ يَبْقَى لِلْمُسْتَأْجِرِ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ (2) وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَإِذَا انْعَقَدَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْأَجِيرِ الْأُجْرَةَ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ فِي الطَّرِيقَيْنِ
(أحدهما)
لا يستحق شيئا (1) كذا بالاصل
*
* (2) بياض بالاصل فحرر لِإِعْرَاضِهِ عَنْهَا وَلِأَنَّهُ عَمِلَ لِنَفْسِهِ فِيمَا يَعْتَقِدُ (وَأَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْأَصْحَابِ فِي الطَّرِيقَيْنِ يَسْتَحِقُّ لِحُصُولِ غَرَضِ الْمُسْتَأْجِرِ وَكَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَبْنِيَ لَهُ حَائِطًا فَبَنَاهُ الْأَجِيرُ ظَانًّا أَنَّ الْحَائِطَ لَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِلَا خِلَافٍ وَقَدْ سَبَقَ هَذَا وَسَبَقَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجِيرِ فِي الْحَجِّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَجِيرَ فِي الْبِنَاءِ لَمْ يَجُرْ وَلَا خَالَفَ وَفِي الْحَجِّ جَارٍ وَخَالَفَ فَإِنْ قُلْنَا يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ فِي الْحَجِّ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى أَمْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فيه وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ (أَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَفْسُدْ فَبَقِيَ الْمُسَمَّى
(وَالثَّانِي)
أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْعَقْدَ بِنِيَّتِهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ نَقْلًا وَدَلِيلًا قَالَ إمَامُ
الْحَرَمَيْنِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ بَنَاهُمَا الْأَئِمَّةُ عَلَى مَا إذَا دَفَعَ ثَوْبًا إلَى صَبَّاغٍ لِيَصْبِغَهُ بِأُجْرَةٍ فَجَحَدَ الثَّوْبَ وَأَصَرَّ عَلَى أَخْذِهِ لِنَفْسِهِ ثُمَّ صَبَغَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ نَدِمَ وَرَدَّهُ عَلَى مَالِكِهِ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى مَالِكِ الثَّوْبِ فِيهِ قَوْلَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (فَرْعٌ)
إذَا مَاتَ الْحَاجُّ عَنْ نَفْسِهِ فِي أثنائه هل تجوز النيابة عَلَى حَجِّهِ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ (الْأَصَحُّ) الْجَدِيدُ لَا يَجُوزُ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (وَالْقَدِيمُ) يَجُوزُ لِدُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِ فَعَلَى الْجَدِيدِ يَبْطُلُ الْمَأْتِيُّ بِهِ إلَّا فِي الثَّوَابِ وَيَجِب الْإِحْجَاجُ عَنْهُ مِنْ تِرْكَتِهِ إنْ كَانَ قَدْ اسْتَقَرَّ الْحَجُّ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ تَطَوَّعَا أَوْ لَمْ يَسْتَطِعْ إلَّا هَذِهِ السَّنَةَ لَمْ يَجِبْ وَعَلَى الْقَدِيمِ قَدْ يَمُوتُ وَقَدْ بَقِيَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ وَقَدْ يَمُوتُ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِ فَإِنْ بَقِيَ أَحْرَمَ النَّائِبُ بِالْحَجِّ وَيَقِفُ بِعَرَفَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ وَقَفَ وَلَا يَقِفُ إنْ كَانَ وَقَفَ وَيَأْتِي بِبَاقِي الْأَعْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِوُقُوعِ إحْرَامِ النَّائِبِ دَاخِلِ الْمِيقَاتِ لِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى إحْرَامٍ أُنْشِئَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَقْتُ الْإِحْرَامِ فَبِمَ يُحْرِمُ بِهِ النَّائِبُ وَجْهَانِ
(أَحَدُهُمَا)
وَبِهِ قال أبو إسحق يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى فَيُجْزِئَانِهِ عَنْ طَوَافِ الْحَجِّ وَسَعْيِهِ وَلَا يَبِيتُ وَلَا يَرْمِي لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْعُمْرَةِ وَلَكِنْ يُجْبَرَانِ بِالدَّمِ (وَأَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَدِيمِ أَنَّهُ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَيَأْتِي بِبَقِيَّةِ الْأَعْمَالِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ إنْشَاءِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ أَشْهُرِ الْحَجِّ إذَا ابْتَدَأَهُ وَهَذَا لَيْسَ مُبْتَدَأً بَلْ مَبْنِيٌّ عَلَى إحْرَامٍ قَدْ وَقَعَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَعَلَى هَذَا إذَا مَاتَ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ أَحْرَمَ إحْرَامًا لَا يُحَرِّمُ اللُّبْسَ وَالْقَلْمَ وَإِنَّمَا يُحَرِّمُ النِّسَاءَ كَمَا لَوْ بَقِيَ الْمَيِّتُ هَذَا كُلُّهُ إذًا مَاتَ قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُمَا لَمْ تَجُزْ النِّيَابَةُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ جَبْرُ الْبَاقِي بِالدَّمِ
* قَالَ الرَّافِعِيُّ وَأَوْهَمَ بَعْضُهُمْ إجْرَاءَ الْخِلَافِ وَهَذَا غَلَطٌ
* (فَرْعٌ)
إذَا مَاتَ الْأَجِيرُ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ فَلَهُ أَحْوَالٌ (أَحَدُهَا) يَمُوتُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْأَرْكَانِ وَقَبْلَ فَرَاغِهَا فَهَلْ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ (أَحَدُهُمَا)
لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ دِينَارٌ فَرَدَّهُ إلَى بَابِ الدَّارِ ثُمَّ هَرَبَ أَوْ مَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا (وَأَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ يَسْتَحِقُّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ لِأَنَّهُ عَمِلَ بَعْضَ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ فَوَجَبَ لَهُ قِسْطُهُ كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِبِنَاءِ عَشْرَةِ أَذْرُعِ فَبَنَى بَعْضَهَا ثُمَّ مَاتَ
فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِقِسْطِهِ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَقْدًا لَازِمًا إنَّمَا هِيَ الْتِزَامٌ بِشَرْطٍ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الشرط بكماله لا يلزمه شئ كَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْأَصْحَابُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ نَصُّهُ فِي الْقَدِيمِ وَالثَّانِي الْأَصَحُّ هُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَالْإِمْلَاءِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَسَوَاءٌ مَاتَ بَعْدِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ أَوْ قَبْلَهُ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ (وَقِيلَ) يَسْتَحِقُّ بَعْدَهُ قَطْعًا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ شاذ ضعيف فإذا قلنا يستحق فهل يسقط عَلَى الْأَعْمَالِ فَقَطْ أَمْ عَلَيْهَا وَعَلَى قَطْعِ الْمَسَافَةِ جَمِيعًا فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَقَدْ ذَكَرُهُمَا الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَسَبَقَ بَيَانُهُمَا قَرِيبًا (فَأَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَطَائِفَةٍ عَلَى الْأَعْمَالِ فَقَطْ (وَأَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَلَى الْأَعْمَالِ وَالْمَسَافَةِ جَمِيعًا مِمَّنْ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَآخَرُونَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقٌ آخَرُ قَدَّمْنَاهُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ إنْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحُجَّ عَنِّي قُسِّطَ عَلَى الْعَمَلِ فَقَطْ وَإِنْ قَالَ لِتَحُجَّ مِنْ بَلَدِ كَذَا قُسِطَ عَلَيْهِمَا وَحَمْلُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* ثُمَّ هَلْ يَجُوزُ الْبِنَاءُ عَلَى فِعْلِ الْأَجِيرِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ وَلَا بِنَاءَ لِوَرَثَةِ الْأَجِيرِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَبْنِيَ فِيهِ الْقَوْلَانِ السَّابِقَانِ